موسوعة المحكمه الاداريه العليا

حزب الشريعه – رفض

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

( دائرة الأحزاب السياسية )

—————————

 

       بالجلسة المنعقدة علناً يوم السبت الموافق 7/2/2004م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار / د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز

                                           رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

وعـضويــة الســـادة الأسـتاتـذة المستشاريـن / السـيد محمد السـيد الطحـان و يحيى خضري نوبي محمد و د. محمد ماجد محمود أحمد و أحمد عبد الحميد حسن عبود.                                     نواب رئيس مجلس الدولة

       وبحضور السادة الأساتذة الشخصيات العامة : أ. د/ حامد طاهر حـسانين فـؤاد و أ. د/ محـمد أمين المفتى و أ. د/ صالح علي بسيوني بدير  و. د/ هاني محمد عز الدين الناظر و السفير / رخا أحمد حسن .

بحضور السيد الأستاذ المستشار / فريد نزيه حكيم تناغو  .

                                      نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة 

وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس .

                                                                  سكرتير المحكمة

 

أصدرت الحكم الآتي

في الطعن رقم 1785 لسنة 46 القضائية عليا

 

المقام من /

                            ممدوح أحمد إسماعيل أحمد

بصفته وكيلاً عن طالبي تأسيس ” حزب الشريعة”
 

 

 

 

 

 

 

ضــــــد /
  • رئيس مجلس الشورى بصفته

” رئيساً للجنة شئون الأحزاب السياسية “

                     2- رئيس مجلس الوزراء

3- وزير الداخلية

4- وزير العدل

 

” الإجراءات “

—————

 

في يوم الأربعاء الموافق 5/1/2000 أودع الأستاذ الدكتور / محمد عصفور المحامي بصفتـه وكـيلاً عـن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها العمومي تحت رقم 1785  لسنة 46 ق.عليا في القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية بتاريخ 7/12/1999 بالاعتراض على الطلب المقـدم مـن الطاعـن بتأسيس حـزب سياسي جديد باسم ” حزب الشريعة ” .

 وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على تأسيس حزب الشريعة وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعي عليهم المصروفات والأتعاب .

وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو الثابت بالأوراق.

وجرى تحضير الطعن بهيئة مفوضي الدولة لدى هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر جلسات التحضير حيث أودع محامي الدولة حافظة مستندات طويت على قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية المطعون فيه والبرنامج السياسي للحزب ولائحته الداخلية ومحضر لجنة شئون الأحزاب السياسية يوم الأربعاء الموافق 1/12/1999م وكشف بأسماء المؤسسين للحزب (24 فئات – 31 عمالاً وفلاحين ) .

كما أودع محامي الدولة مذكرة بدفاع المطعون ضدهم بصفاتهم اختتمت بطلب الحكم :-

 أولاً : برفض الدفع بعدم دستورية قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 وتعديلاته .

ثانيا : بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضدهم من الثاني للأخير .

ثالثا : برفض الطعن موضوعاً ، مع إلزام الطاعن بصفته المصروفات .

وقد قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم :-

أولاً : بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضدهم من الثاني حتى الأخير .

ثانيا : بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه ، مع إلزام الطاعن المصروفات .

وقد نظر الطعن أمام هذه المحكمة على النحو الموضح بمحاضر الجلسات حيث قدم محامي الدولة مذكرة تكميلية بدفاع المطعون ضدهم وبجلسة 8/11/2003 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 7/2/2004 مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء في شهر ، ومضى الأجل المصرح به دون إيداع أية مذكرات .

وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .

 

” المحكمــــة “

    ————-

 

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.

من حيث إن البين من الأوراق أن قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية المطعون فيه صدر بتاريخ 7/12/1999 ، وأودع تقرير الطعن فيه قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا في 5/1/2000 ، أي خلال الميعاد المنصوص عليه في المادة 8 من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية ، وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية الأخرى فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً .

 

ومن حيث إنه عن موضوع الطعن ، فإن الثابت من الأوراق أن الطاعن تقدم بتاريخ 3/10/1999 بصفته وكيلاً عن المؤسسين لحزب الشريعة بطلب إلى المطعون ضده الأول للموافقة على تأسيس حزب جديد هو ” حزب الشريعة ” فأرفق بطلبه برنامج الحزب وتوكيلات عن المؤسسين بلغت 65 توكيلاً منها 24 للفئات ، 31 للعمال والفلاحين وقد عرض هذا الطلب على لجنة شئون الأحزاب السياسية والتي أصدرت بجلستها المنعقدة في 5/12/1999 ، قرارها المطعون فيه بالاعتراض على تأسيس الحزب بعد ذكر الأسباب التي أقامت عليها قرارها وقد شيدت قرارها المطعون فيه بعد استعراض برنامج الحزب تفصيلاً بداءة من المبادئ العامة التي ينطلق منها الحزب وهي :

1/ الـشريعــة الإسلامـيـة هـي الــمصـدر الـرئـيسـي للنـهـضـة والـتـشـريــع 2/ الإيمان بالتعددية السياسية وبحق التعبير 3/ إعادة الاعتبار لدور الأمة وللوحدة الوطنية بين عناصرها .

وكذا ما جاء في برنامج الحزب من قضايا المجتمع المصري الاقتصادية والاجتماعية وموقف الحزب بالنسبة للأزمة الاقتصادية وكذا علاج العنف السياسي والاجتماعي والعمل الثقافي والتعليم والثقافة والإعلام والسياحة والأسرة والشباب والزراعة ،وكذا رؤية الحزب في العلاقات الخارجية وفي مواجهة قضية الصراع العربي الإسرائيلي ،على أساس أن برنامج حزب الشريعة ” تحت التأسيس ” لم يتضمن أي جديد يكسبه ملامح الشخصية الحزبية المتميزة والتي تشكل إضافة جادة للعمل السياسي وتميزه تميزاً ظاهراً عن برنامج الأحزاب القائمة حيث جاء هذا البرنامج في جملته ترديداً لبرامج وخطط وسياسات قائمة أو يجرى تنفيذها فعلاً وتناول مجالات لا جديد فيها مطروحة سلفاً على الساحة أو تعرضت لها برامج الأحزاب القائمة ، فضلاً عن أن الأغلب العام من الموضوعات التي وردت بالبرنامج جاءت في عبارات عامة مرسلة لا تحمل أي سياسة واضحة ومحددة وحيث إنه ترتيباً على ذلك فإن الحزب المطلوب تأسيسه يكون غير جدير بالانضمام إلى حلبة النضال السياسي مع باقي الأحزاب القائمة بحسبان أنه لا تتوافر فيه الشروط التي يتطلبها البند ثانياً من المادة الرابعة من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية ، الأمر الذي يتعين معه عدم إجازة عمله في الساحة السياسية وبالتالي الاعتراض على تأسيسه .

       وإذ لم يلق القرار المشار إليه قبولاً من الطاعن ، فقد أودع تقرير طعنه المبني على الأسباب الآتية : 1/ أن برنامج الحزب يتميز تميزاً واضحاً عن برامج الأحزاب القائمة بما فيها برنامج الحزب الحاكم إلا أن لجنة الأحزاب لجأت إلى العبارات الانشائية في نفي هذا التميز ولجأت إلى أسلوب المصادرة فى الإشارة إلى أحزاب قائمة تثبت واحداً من الموضوعات الأسياسية فى فهم جديد وأسلوب جديد وكأن التميز في نظر هذه اللجنة يعني ابتكار أو ابتداع موضوعات برنامج خيالي منقطع الصلة بواقع المشكلات العامة المثارة في الحياة السياسية العامة .

2/ أنه ينازع في الشرعية الدستورية لقانون الأحزاب بأكمله وإن طعنه ينصرف إلى جوهر القانون نفسه من وجهين : الوجه الأول : أن القانون يستهدف إلغاء حرية تكوين الأحزاب و الوجه الثاني : أنه جعل قيام الأحزاب رهناً بإرادة لجنة حكومية ، غير أنه يطعن بعدم دستورية نصوص محددة ، وهي نصوص تمثل قيوداً شديدة على حرية تكوين الأحزاب منها شرط التميز المنصوص عليه بالمادة الرابعة الذي استندت لجنة شئون الأحزاب إلى تخلفه بالنسبة لحزبه مما يعتبر عقبة تحول دون تكوين الأحزاب ووجه عدم الدستورية أنه يعهد إلى لجنة إدارية أو حكومية بأن تتحكم بسلطة تقديرية مطلقة فيما إذا كان التميز موجوداً أو متخلفاً وليس هناك أي معيار منضبط .

3/ أن الجانب الإجرائي في قانون الأحزاب هو الأخطر من حيث عدم الدستورية وعدم الشرعية لأن هذا القانون نص على تشكيل لجنة حكومية حزبية حيث إن رئيسها وأعضاءها يمثلون القيادة السياسية في الحزب الحاكم وهذه اللجنة تتحكم في قيام الحزب أورفضه ، فضلاً عن أن الطعن في قرار اللجنة يكون أمام المحكمة الإدارية العليا بتشكيلها القضائي الذي ينضم إليه عدد من غير القضاة من الشخصيات العامة الذين تتحكم وزارة العدل في اختيارهم ويكفي أن يستقطب هؤلاء أحد المستشارين لتكون معهم الأغلبية التي تصدر الحكم .

 

       ومن حيث أنه بالنسبة للدفع الذي أثاره الطاعن بعدم دستورية القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية على النحو الوارد بتقرير طعنه وأشار فيه إلى أنه ينازع في الشرعية الدستورية لقانون الأحزاب بأكمله وأنه غير مقتنع برد هذه المحكمة على هذا الدفع بحكمها الصادر في الطعن رقم 2583 لسنة 42 ق.عليا بجلسة 6/2/1999 فإنه مردود عليه ، ذلك أنه لم يأت بجديد يساند ادعاءه يمكن إجابته إليه وجاء دفعه مجهلاً ، فضلاً عن مخالفته لحكم المادة 30 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 والتي تنص على أنه : ( يجب أن يتضمن القرار الصادر بالإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها وفقاً لحكم المادة السابقة ، بيان النص التشريعي المطعون بعدم دستوريته،والنص الدستوري المدعى بمخالفته وأوجه المخالفة . )

ومؤدى هذا النص ومفاده أنه ينبغي أن تكون هناك نصوص بعينها يحددها الدفع بعدم الدستورية وأوجه هذه المخالفة بالنسبة لكل نص على حدة ، وعلى ذلك فإذا كان الطاعن يبغي من دفعه عدم دستورية نصوص قانون الأحزاب جميعها  فقد كان يتعين عليه أن يبين وجه المخالفة بالنسبة لكل نص على حدة ، فإذا لم يقم بهذا الالتزام كان دفعه غير متسم بالجدية مما يتعين معه رفض طلبه  كما إنه لا وجه لما ذهب إليه الطاعن من وجود نصوص في القانون المذكور تمثل قيوداً شديدة على حرية تكوين الأحزاب فبداءة أن تلك الحرية شأنها شأن أي حرية أخرى كفلها الدستور ليست مطلقة ولا تستعصى على التنظيم الذي يقتضيه صالح المجتمع ، حيث إنه يجوز تنظيمها على أسس موضوعية بما لا يحد منها أو يهدر كيانها أو يضيق نطاقها تقديراً بأن الأصل هو إطلاقها إلا إذا قيدها الدستور بضوابط تحد منها إلا أن لازم ذلك امتناع تقييد حرية تكوين الأحزاب إلا وفق القانون وفي الحدود التي تقبلها النظم الديمقراطية وترتضيها القيم التي تدعو إليها .

 

       ومن حيث إن الطاعن يبغي بدفعه بعدم دستورية نصوص محددة ذكرها في تقرير طعنه أولها نص المادة الرابعة من القانون سالف الذكر فيما تضمنته من شرط التميز والذي اعتبره الطعن عقبة تحول دون تكوين الأحزاب ومن ثم يكون مخالفاً للدستور فإنه مردود عليه بما قضت به المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 44 لسنة 7ق.دستورية بجلسة 7/5/1988 بأن هذا الشرط دستوري بحسبانه ضماناً للحرية وحتى يكون للحزب قاعدة جماهيرية حقيقية تسانده ، وأن يكون وجود الحزب إضافة جديدة للعمل السياسي ببرنامج وسياسات متميزة عن الأحزاب الأخرى إثراء للعمل الوطني ودعماً للممارسة الديمقراطية تبعاً لاختلاف البرامج والاتجاهات المتعلقة بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتوسعة لنطاق المفاضلة بينها واختيار أصلح الحلول وأنسبها لها الأمر الذي يجعل الدفع المبدى في هذا الشأن حقيقاً بالرفض .

       وكذلك الحال بالنسبة لما دفع به الطاعن بعدم دستورية لجنة الأحزاب السياسية المنصوص على تشكيلها بالمادة الثامنة من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية فإنه لا وجه لهذا الدفع ذلك أنه سبق أن قضت هذه المحكمة بأن القانون رقم 40 لسنة 1977 آنف الذكر لم يرد فيه نص صريح بشأن عدم انتماء رئيس لجنة الأحزاب أو الأعضاء المحددين بصفاتهم الوظيفية إلى أي حزب سياسي قائم أو إنه يتعين عليه أو على الأعضاء التنحي عن صفتهم الحزبية عند تشكيل اللجنة وذلك أمر لم يكن المشرع غافلاً عنه بدليل وضعه هذا القيد بالنسبة لأعضاء اللجنة من رؤساء الهيئات القضائية السابقين – كما أن اللجنة بحسب تكوينها واختصاصاتها وسلطاتها في البحث والتقصي- هي في حقيقتها لجنة إدارية وما يصدر عنها من قرارات بالاعتراض على تأسيس الحزب لا يعدو في حقيقة تكييفه الصحيح أن يكون قراراً إدارياً شكلاً وموضوعاً وأنه خاضع للرقابة القضائية بالطعن عليه أمام المحكمة المختصة ومن ثم لا يسري بشأن أعضاء هذه اللجنة ما هو مقرر بشأن القضاة من شروط تتعلق بالحيدة والتنحي والمنع في إصدار القرار باعتبار أن من أسباب الطعن على القرار الإداري عامة الإنحراف بالسلطة أو إساءة استعمالها .

 

       ومن حيث إنه بالنسبة للدفع بعدم دستورية المادة 8 من قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 التي نصت على انضمام غير القضاة من الشخصيات العامة لتشكيل الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا والتي أناط بها المشرع الفصل في الطعن بالإلغاء على قرار الاعتراض على تأسيس الحزب فإن المادة 170 من الدستور تنص على أن يساهم الشعب في إقامة العدالة وفي الحدود المبينة في القانون – وإذ أجاز القانون انضمام عدد مساو من الشخصيات العامة لتشكيل الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا والتي يرأسها رئيس مجلس الدولة وهؤلاء بحكم عدم انتمائهم السياسي اختيارهم من المشهود لهم بالكفاءة وحسن السمعة ، لذا تطلب القانون أداءهم اليمين القانونية ضماناً لحيدتهم وجعلهم شأن القضاة غير قابلين للعزل حتى لا يكونوا تحت مؤثرات معينة ويسري في شأنهم الأحكام الأخرى كالرد والمخاصمة وكل ما يتحقق به حياد القاضي كما تطبق أمامه جميع إجراءات التقاضي ولهم مساهمة فعلية في تكوين عقيدة المحكمة الأمر الذي لا يخرج في مضمونه عن عمل القاضي الطبيعي ولا يخل بالمبدأ الأصلي من لجوء المواطن لقاضيه المختص مما يجعل الدفع المبدى في هذا الشأن لا يقوم على سند من القانون ويتعين لذلك رفضه .

 

       ومن حيث إن القانون رقم 40 لسنة 1977 في شأن نظام الأحزاب السياسية قد نظم الأحكام الخاصة بشروط تأسيس الأحزاب واستمرارها وحلها وطريقة وصولها كحزب سياسي إلى الساحة السياسية وذلك بعد تحديد الأسس والمبادئ الأساسية لتنظيم الأحزاب السياسية التي تبناها المشرع ونصت عليها المواد 4 و7 و 8 من القانون المذكور . وحيث إنه بمقتضى هذه النصوص فإن المشرع أناط بلجنة شئون الأحزاب السياسية الاختصاص بفحص ودراسة إخطارات تأسيس الأحزاب طبقاً لأحكام ذلك القانون بحيث تكون مهمة اللجنة وسلطاتها إزاء تأسيس الأحزاب تتحدد في ضوء المبادئ الدستورية والقانونية سالفة الذكر ، فلها أن تتأكد من مدى توافر الشروط التي حددها الدستور ووردت تفاصيلها في القانون ولها أن تعترض على قيام الحزب قانوناً إذا ما تخلف في حقه شرط أو أكثر من الشروط – وفي هذه الحالة عليها أن تصدر قراراً مسبباً بعد سماع الإيضاحات اللازمة من ذوي الشأن – ويخضع ما تقرره اللجنة للرقابة القضائية من هذه المحكمة التي شكلها المشرع بتشكيل خاص يكفل لها إعمال هذه الرقابة .

       ولما كان من بين الشروط والضوابط التي أوردها القانون رقم 40 لسنة 1977 المشار إليه ما ورد في البند ( ثانيا ) من المادة الرابعة .. تميز برنامج الحزب وسياساته وأسـاليبه في تحـقيق هـذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب ، وفي هذا جرى قضاء هذه المحكمة على أنه يتعين توافر هذا الشرط في كل حزب ضماناً للجدية التي تمثل مبدأ أساسياً من النظام العام السياسي والدستوري في تطبيق مبدأ تعدد الأحزاب وحتى يكون للحزب قاعدة جماهيرية حقيقية للعمل السياسي تضفي إثراء للعمل ودعماً للممارسة الديمقراطية وأن الهدف من التميز المطلوب قانوناً في حكم الفقرة الثانية من المادة الرابعة المشار إليها لا يمكن أن يكون المقصود به الانفصال التام في برامج الحزب واساليبه وسياساته عن برامج وأساليب الأحزاب الأخرى جميعها ، فليس في عبارة النص أو دلالته ما يوحي بذلك الاختلاف أو التباين الكامل حتى يكون للحزب تميزه – وإنما يكمن هذا التميز – صدقاً وعدلاً – في تلك المقولات والتعبيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ترد في برنامج الحزب واساليبه وسياساته التي ارتضاها لتكوين ملامح حزبية متميزة تعبر عن توجيه فكري معين في مواجهة المشاكل العامة واختيار الحلول لها من بين البدائل المتعددة بحيث يعرف بها الحزب بحيث لا يكون نسخة ثانية مقلدة من البرامج والسياسات التي يتبناها حزب قائم فعلاً .

 

       ومن حيث إنه بالاطلاع على برنامج الحزب تحت التأسيس تبين تضمنه أربعة أقسام ، خصص القسم الأول منها لبيان المبادئ العامة لبرنامج الحزب وحصرها في الآتي : 1/ الشريعة الإسلامية في المصدر الرئيسي للنهضة والتشريع . 2/ الإيمان بالتعددية السياسية وبحق التعبير . 3/ إعادة الاعتبار لدور الأمة وللوحدة الوطنية بين عناصرها .

       كما تضمن القسم الثاني قضايا المجتمع المصري ورؤية الحزب بشأنها وهي حسبمـا وردت في برنامجـه :1/ الأزمة الأقتصاديـة – دور انتشار الـفساد المالي والاقتـصادي 2/ العـنـف السيـاسـي والاجتـماعـي 3/ العـمل النـقـابـي 4/ التعليــم 5/ الثقافة والإعلام 6/ السياحة 7/ الأسرة 8/ الشبــاب 9/ الزراعة .

       واشتمل برنامج الحزب في القسم الثالث منه رؤيته في العلاقات الخارجية كما تناول في القسم الرابع منه رؤيته في مواجهة قضية الصراع العربي الإسرائيلي .

 

       ومن حيث إن برنامج الحزب تحت التأسيس طبقاً لما هو مبين سلفاً وطبقاً لما هـو وارد بمحضر اجتمـاع لجـنة شـئون الأحزاب السياسية بتـاريخ 1/12/1999 للاستماع إلى إيضاحات وكيل طالبي تأسيس حزب الشريعة مثار النزاع الماثل والتي اعتبرها عناصر مميزة لحزبه لم تطرح فكراً جديداً يكسبه ملامح الشخصية الحزبية المتميزة والتي من شأنها أن تشكل إضافة جادة للعمل السياسي أو تميزه تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب القائمة ، حيث إن ما يدعو إليه هذا الحزب ليس إلا ترديداً لما ورد في برامج الأحزاب القائمة أو ما هو منظم وفقاً لأحكام الدستور والقوانين واللوائح أو ما يجرى تطبيقه فعلاً بموجب السياسات التي تنتهجها الحكومة القائمة مما لا يعد جديداً ويكشف عن منهاج حزبي متباين ومختلف ومنفرد عن أي حزب قائم ويتوفر به طابع الجدية في شأن البرنامج أو أهدافه أو أساليبه ومن ثم يكون ما انتهت إليه لجنة شئون الأحزاب السياسية من افتقاد برنامج الحزب لشرط التميز المنصوص عليه في البند ثانياً  من المادة الرابعة من قانون نظام الأحزاب السياسية واعتراضها بالتالي على الطلب المقدم من الطاعن وكيل مؤسس حزب الشريعة للأسباب الواردة تفصيلاً بقرارها الطعين قائما على سبب صحيح ويكون الطعن عليه غير قائم على أساس سليم من القانون خليقاً بالرفض .

 

       ومن حيث إنه لا وجه لما ذهب إليه الطاعن في تقرير طعنه من تميز برنامج حزبه تميزاً واضحاً عن برامج الأحزاب الأخرى وأن التميز في نظر لجنة شئون الأحزاب السياسية يعني ابتكار أو ابتداع موضوعات برنامج خيالي منقطع الصلة بواقع المشكلات العامة المثارة في الحياة السياسية العامة ذلك إن ما ردده الطاعن في هذا الخصوص مجرد أقوال مرسلة غير مؤيدة بأي دليل يساندها ، فضلاً عن أن الطاعن لم ينازع تلك اللجنة فيما قررته في اعتراضها على تأسيس حزب الشريعة بعد أن استعرضت برنامجه وأساليبه تفصيلياً ومقارنته في نطاق برامج الأحزاب السياسية الأخرى القائمة على الساحة السياسية وقد استبان لها أن برنامج الحزب لم يأت بجديد وأن ذات الأفكار والأهداف والمبادئ والأساليب التي يدعو إليها هذا الحزب قد وردت في برامج الأحزاب السياسية القائمة وفقاً لبيان أرقام الصفحات التي أشارت إليها حيث خلا تقرير الطعن عن أى أوجه نعي على القرار الطعين في أي منحى من مناحيه كما لم يقدم مذكرة بالدفاع يتناول فيها عناصر التميز التي ينفرد بها حزبه رغم تداول الطعن بالعديد من الجلسات سواء أثناء تحضيره أمام هيئة مفوضي الدولة لدى هذه المحكمة أو أمامها وبالتالي لا يوجد في البرنامج الخاص بهذا الحزب سمة أو بصمة أو كينونة ذاتية مستقلة ينفرد بها عن الأحزاب القائمة على الساحة السياسية للبلاد وليس له تعبير عن توجه محدد الملامح في مواجهة المشاكل في الداخل والخارج بكافة العناصر والمقومات واختيار الحلول والبدائل الممكنة للتغلب عليها ومواجهتها بحيث يعرف بها الحزب ولا يعتبر نسخة مكررة بل مشوهة من برامج وسياسات قائمة فعلاً وتعمل من أجلها أو تدعو لها الأحزاب القائمة .

 

       ومن حيث إن من يخـسر الطعن ، يـلـزم بمصروفـاتـه عـملاً بحـكم المادة 184 من قانون المرافعات .

 

 

فلهـــذه الأسباب

—————–

حكت المحكمة :

————–

 

       أولا  : بقبول الطعن شكلاً

       ثانيا : برفض الدفع بعدم دستورية قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 على نحو مطلق وكذا بعدم دستورية المادتين 4 و 8 من القانون المذكور وذلك على النحو المبين بالأسباب .

       ثالثا : برفض الطعن  موضوعا وألزمت الطاعن المصروفات

 

 

سكرتــــير المحكمـة                                          رئيــــس المحكمـة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

———

.. هبه ..

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى