مبادئ و احكـاممجلس الدولة

فتاوى مجلس الدولة – رقم 190 بتاريخ 12/3/2007

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مجلس الدولة

 

رقم التبليغ :

 

الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع

 

بتاريــــــخ  :

99 / 99 / 2007

 

ملف رقم  :

47

/

1

/

239

         

السيدة   / وزير القوى العاملة والهجرة

 

                   تحية طيبة وبعد

 

      فقد اطلعنا على كتابكم رقم 610 المؤرخ 12/4/2007 فى شأن إعادة عرض موضوع مدى خضوع كل من شركة ممفيس للأدوية والصناعات الكيماوية، والبنك التجارى الدولى، لأحكام المادتين (133) و (134) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع. 

 

      و حاصل الواقعات _ حسبما يبين من الأوراق _ أنه سبق عرض الموضوع المشار إليه على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة بتاريخ 21/2/2007، فانتهت فيه إلى عدم التزام كل من الشركة والبنك المذكورين بأداء النسبة المنصوص عليها بالمادة ( 134/1) من قانون العمل المشار إليه، وذلك تأكيداً لما سبق  أن خلصت إليه الجمعية العمومية فى هذا الشأن، إلا أن وزارة القوى العاملة والهجرة ترى أن من مقتضى تطبيق هذه الفتوى تعطيل إعمال بعض أحكام قانون العمل لمجرد التحجج بوجود تدريب داخلى لدى منشأة بعينها، إذا ما أخذ فى الاعتبار ما أتت به المادة ( 137 ) من قانون العمل، من إلزام الجهات المرخص لها بالتدريب المهنى بعرض البرامج التدريبية التى تضعها على الأجهزة المعنية بالوزارة لاعتمادها، والتحقق من مدى كفاية البرامج التدريبية ومستويات المتدربين ومستوى المهارة التى يكتسبها المتدرب، كما أن مقتضى تطبيقها إهدار لمبدأ المساواة والعدالة أمام تطبيق نص المادة ( 134) من قانون العمل. إذ أن المنشأة يمكنها التنصل من إلتزام صريح وقتما تريد بإدعاء قدرتها على تدريب العاملين لديها، فى حين تلتزم منشآت أخرى بالسداد، فضلاً عن أن النسبة المفروضة على أرباح الشركات والمنشآت لصالح تمويل صندوق التمويل والتدريب لا تعدو أن تكون فريضة مالية ذات هدف خاص، وهو أمـــر

 

( 2 )

تابع الفتوى رقم  :

47

/

1

/

239

 

 

 

 

 

 

 

معروف فى فقه المالية العامة، مثل رسوم تنمية الموارد الصادر بشأنها القانون رقم 147 لسنة 1984، والتى تحصل دون أن يقابل أدائها الحصول على خدمة بعينها، وبناء عليه طلبتم إعادة عرض الموضوع على الجمعية العمومية.

 

           ونفيد أن الموضوع عـرض على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة بتاريخ 20 من يونيه سنة 2007م، الموافق 5 من جمادى الآخر  سنة 1428هـ، فاستعرضت فتواها رقم 190 بتاريخ 12/3/2007، المنتهية إلى عدم التزام كل من شركة ممفيس للأدوية والصناعات الكيماوية ، والبنك التجارى الدولى بأداء النسبة المنصوص  عليها فى المادة      ( 134/1)  من قانون العمل، وذلك على سند مما استبان لها، من استعراض النصوص القانونية الحاكمة للموضوع، من أن المشرع بعد أن قرر فى المادة (48) من قانون شركات قطاع الأعمال العام المشار إليه، سريان الأحكام الواردة بقانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، والمقابلة للأحكام التى كان يتضمنها كل من الفصل الثالث من الباب الرابع، والباب الخامس من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981[الملغى]، على العاملين بشركات قطاع الأعمال العام، جعل مناط سريان باقى أحكام ذلك القانون على العاملين بهذه الشركات، خلو قانون قطاع الأعمال العام واللوائح الصادرة تنفيذاً له من تنظيم أو نص حاكم، فإذا وجد هذا التنظيم أو النص فإنه يحجب ما يقابله من أحكام يتضمنها قانون العمل.

 

      ولما كانت لائحة العاملين بشركة ممفيس للأدوية والصناعات الكيماوية، المعروض حالتها، كإحدى شركات قطاع الأعمال العام، تندرج فى عداد اللوائح الصادرة تنفيذاً لقانون شركات قطاع الأعمال العام، التزاماً بالوصف الذى أطلقه المشرع فى هذا القانون على هذه اللوائح، بحسبانها توضع إعمالاً للمادة (42) منه. وكانت هذه اللائحة قد تضمنت تنظيماً لتدريب العاملين بها، وتنمية مهاراتهم لأداء واجباتهم، فإن هذا التنظيم يحجب سريان أحكام قانون العمل المقابلة على العاملين بتلك الشركة، ومن ذلك، حكم المادة (134/1) منه، التى تقرر أداء نسبة 1% من صافى أرباح الشركة لصندوق تمويل التدريب والتأهيل، مما لاوجه معه لإلزام هذه الشركة بأداء هذه النسبة.

 

      كما استندت الجمعية العمومية فى فتواها آنفة الذكر، إلى ما هو مقرر من أن إلغاء التشريع قد

( 3 )

تابع الفتوى رقم  :

47

/

1

/

239

 

 

 

 

 

 

 

يكون صريحاً وقد يكون ضمنياًً، ويتحقق الإلغاء الصريح بوجود نص فى التشريع اللاحق يقضى صراحة بإلغاء العمل بالتشريع السابق، أما الإلغاء الضمنى للقاعدة القانونية فله صورتان: أولاهما، صدور قانون جديد ينظم الموضوع الذى سبق أن قرر قواعده التشريع السابق. وثانيتهما، وجود حكم مخالف بالتشريع اللاحق لحكم فى التشريع السابق بحيث لا يمكن التوفيق بينهما إلا بإلغاء أحدهما، وعندئذ يعتبر اللاحق ناسخاً والسابق منسوخاً، غير أنه يشترط فى هذه الصورة من صور الإلغاء الضمنى أن يكون الحكمان المتعارضان من طبيعة واحدة من حيث العموم أو الخصوصية، فإذا كان الحكم السابق عاماً والحكم اللاحق خاصاً، حينئذ يعتبر اللاحق ناسخاً للحكم السابق عليه.

 

      وبناء عليه، وباعتبار أن أحكام قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 أحكام عامة تنظم علاقات العمل بين عموم المنشآت القائمة فى مصر، فى الحدود المبينة به والعاملين بهذه المنشآت، فى حين أن أحكام قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003، والذى تلتزم به البنوك العاملة فى مصر، ومن بينها البنك التجارى الدولى المعروض حالته، أحكام خاصة، صدرت لاحقة على سريان قانون العمل، لتنظيم شأن بعض من المنشآت التى يسرى عليها هذا القانون. الأمر الذى تكون معه أحكام قانون العمل، صارت مقيدة بما ينص عليه قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد آنف البيان. وإذ قرر المشرع بهذا القانون، إنشاء معهد مصرفى للتدريب ولتنمية المهارات فى الأعمال المصرفية والمالية والنقدية ومكافحة غسل الأموال للعاملين بالبنك المركزى والبنوك والجهات العاملة فى هذه المجالات، وذلك لترسيخ قواعد العمل المصرفى. وجعل من بين موارد هذا المعهد المبالغ التى تؤديها البنوك والجهات المختلفة مقابل تدريب العاملين بها، كما قرر إنشاء صندوق لتحديث العمل ببنوك القطاع العام وتنمية مهارات وقدرات العاملين فيها وتغطية نفقات إلحاقهم بالبرامج التدريبية المحلية والعالمية، والذى من بين موارده نسبة لا تزيد على 5% من صافى الأرباح السنوية القابلة للتوزيع لبنوك القطاع العام،ومن ثم فإن هذه الأحكام فيما يتعلق بعمليات التدريب المهنى، تكون هى الواجبة التطبيق فى هذا المجال على البنك التجارى الدولى، دون غيرها من أحكام قانون العمل، مما لا مجال معه لإلزام ذلك البنك بأداء النسبة المنصوص عليها فى المادة (134/1) من هذا القانون.

 

  ولما كان ما تقدم، و كانت فتوى الجمعية العمومية محل طلب إعادة العرض، والحالة هذه، صدرت قائمة على صحيح سندها قانوناً، طبقاً لما سبق بيانه، وأنها لم تتخذ من طبيعة الفريضة المالية المنصوص

( 4 )

تابع الفتوى رقم  :

47

/

1

/

239

 

 

 

 

 

 

 

عليها فى المادة ( 134/1 ) من قانون العمل سنداً لها، كما أنها لم تعلق فى أسبابها سريان أحكام المادتين  (133) و( 134) من قانون العمل المشار إليه على إرادة الشركة بما تضعه من نظام للتدريب، وإنما أقامت إفتاءها فى هذا الشأن على أساس مغاير، يتمثل، طبقاً لما تقدم، فى أن سريان الأحكام الواردة بهذا القانون، المقابلة للأحكام التى كان ينتظمها كل من الفصل الثالث من الباب الرابع، والباب الخامس من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981[الملغى]، ومن ذلك حكم المادة (134/1)، رهين بخلو قانون شركات قطاع الاعمال العام واللوائح الصادرة تنفيذاً له من نص حاكم للتدريب، الأمر غير الحاصل فى الشركة المعروض حالتها. وباعتبار أن سند الرأى بالنسبة إلى البنك المعروض حالته، هو وجود تنظيم قانونى خاص يسرى على البنك، يقيد التنظيم العام الذى يسرى على عموم المنشآت والشركات، وليس مرد الأمر إلى نص لائحة العاملين بالبنك، وكان من المستقر عليه قانوناً أن النص الخاص اللاحق يقيد النص العام السابق.

 

      وبناء عليه، وبالنظر إلى أن كتاب طلب إعادة العرض سالف الذكر لم يأت بجديد، حيث سبق عرض باقى الاعتبارات التى ساقها على الجمعية العمومية لدى إصدارها فتواها آنفة البيان.

لـــــــــــــذلــــــــــــك

انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى عدم التزام كل من شركة ممفيس للأدوية والصناعات الكيماوية، والبنك التجارى الدولى، بأداء النسبة المنصوص عليها بالمادة  ( 134/1) من قانون العمل المشار إليه، وذلك تأكيداً لما سبق أن خلصت إليه الجمعية العمومية فى هذا الشأن.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام

 

تحريراً فى    /     / 2007

 

 

م//

رئيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع

 

 

المستشار / نبيل ميرهم

النائب الأول لرئيس مجلس الدولة

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى