موسوعة المحكمه الاداريه العليا

مبارك النهضة – رفض

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

الدائرة الأولى

————————-

 

بالجلسة المنعقدة علناً في يوم السبت الموافق12/4/2003م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز

                                                          رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة 

 

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / على فكرى حسن صالح و يحيى خضري نوبي محمد و د. محمد ماجد محمود أحمد وأحمد عبد الحميد حسن عبود

 

                                                                       نواب رئيس مجلس الدولة

وحضور السيد الأستاذ المستشار / فريد نزيه حكيم تناغو                  

                                                                     مفوض الدولة

 

وبحضــور الســـادة الأساتــذة الشخصيـات العامـة وهم :  أ. د/ محمـد عـادل أحمـد يحيـى ، أ. د/ طـه محمـد عبـد المنعـم لبيـب ، أ/ محمـود عبـد الرحمن الشاعر ، أ/  محمد فتحـي أحـمـد حـسن ، أ/ محمد عوني عبد المجيد عجور .

 

وبحضور السيد / كمال نجيب مرسيس                          سكرتير المحكمة

 

أصدرت الحكم الآتي في

 

الطعن رقم 4420 لسنة 45ق عليا

 

 المقـــــام من

 

                نبيل عبد العليم السيد فودة عن نفسه

           وبصفته وكيلاً عن طالبي تأسيس حزب

                     ” مبارك النهضة ”

                       

    ضـــــــد

                        رئيس مجلس الشورى بصفته رئيس

                                 لجنة شئون الأحزاب

 

            وذلك في القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية

                                بجلسة 24/3/1999

 

الإجــــــــــــــراءات

—————–

 

بتاريخ 22/4/1999 أودع الأستاذ / حامد محمد محمود المحامى المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 4420 لسنة 45 ق.ع في قرار لجنة شئون الأحزاب المتضمن الاعتراض على تأسيس حزب سياسى جديد باسم ” حزب مبارك النهضة ” .

 

        وطـلب الطاعـن للأسـباب الـواردة بـتـقرير الطعن : أولاً : قبول الطعن شكلاً وثانياً : وفي الموضوع بإلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية المتضمن الاعتراض على تأسيس حزب مبارك النهضة واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده المصاريف والأتعاب .

        وقد جرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ، ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات .

 

وقد عين لنظر الطعن أمام المحكمة جلسة 5/8/2000 و تدوول نظره على النحو المبين تفصيلاً بمحاضر الجلسات ، وبجلسة 9/11/ 2002 قررت المحكمة إصدار حكمها بجلسة 11/1/2003 ومذكرات في شهر حيث أودع الطاعن مذكرة بدفاعه صمم فيها على الطلبات كما أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها طلبت في ختامها رفض الطعن وبجلسة 8/3/2003 قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم ، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به ..

 

المـحـكـمــة

—————

 

بعد الاطلاع على الأوراق و سماع الإيضاحات وبعد المداولة.

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً .

ومن حـيث إن عناصر المـنازعة تخلص – حسـبما يـبين من الأوراق –  فـي أن الطاعن بصفته وكيلاً عن مؤسسي حزب ” مبارك النهضة ” تقدم بتاريخ 22/11/1998 بإخطار كتابي إلى رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية يطلب منه الموافقة على تأسيس الحزب المشار إليه ، وأرفق بالإخطار بيانات بأسماء الأعضاء المؤسسين لـه ويبلغ عددهم 54 عضواً منهم 21 عضو فئات ، 33 عضو عمال وفلاحين ، كما أرفق بالإخطار مشروعاً بتأسيس الحزب يضم مبادئه وأهدافه وبرنامجه ولائحته الداخلية ، وتداولت لجنة شئون الأحزاب نظر هذا الإخطار – على النحو المبين بمحاضـر جلساتهــا – وبجلســة 22/3/1999 استدعت اللجنة وكيل المؤسسين حيث عرض برنامج الحزب وشرح ما تضمنه من أفكار ومبادئ ووسائل تطبيقها وما يعتبره تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب القائمة ، واختتم وكيل المؤسسين عرضه باستعداده للتنازل عن كثير مما ورد بالبرنامج ويخالف توجيهات السيد رئيس الجمهورية حيث يمكن الاستغناء عنها وحذفها من برنامج الحزب وكذلك ما ترى القيادة السياسية ضمه للحزب لتميزه فمقبول ضمه ومن تعترض عليه القيادة أو المشروع القومي من المؤسسين ينحى ومن تريد تطعيمه تطعيم بأشخاص أقدر وأكفأ مننا لحزب مبارك فأيضاً الباب مفتوح وأيديهم مفتوحة لتكريم السيد الرئيس وإنشاء حزب باسمه .

 

وبجلسة 24/3/1999 أصدرت اللجنة قرارها المطعون فيه .

وشيدت اللجنة قرارها المطعون فيه تأسيساً على أنه بالاطلاع على برنامج حزب  “مبارك النهضة ” تبين مطابقته تماماً لبرنامج حزب ” النهضة ” بل يعتبر نسخة طبق الأصل منه ، وقد سبق للجنة أن قررت في 10/10/1993 الاعتراض على تأسيس هذا الحزب وتأيد هذا القرار بحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 255/40ق ، وأن طالبي تأسيس حزب ” مبارك النهضة ” لم يضيفوا أي جديد في برنامجهم أو أسقطوا منه ما يتعارض مع مبادئ ثورة يوليو 1952 ومايو 1971 حتى يمكن القول بأنه تضمن فكراً أو وسيلة أو رأيا أو مبادئ تغاير ما ورد في برنامج حزب ” النهضة ” ومن ثم لا تتوافر قرينة الشروط اللازمة لقيام حزب سياسي والانضمام مع باقي الأحزاب القائمة إلى قائمة العمل السياسي لافتقاره إلى ملامح الشخصية الحزبية المتميزة التي تشكل إضافة جادة للعمل السياسي .

 

        وقد عرضت اللجنة لما قرره وكيل المؤسسين بجلسة 22/3/1999 لدى عرضه برنامج الحزب بأنه يقبل ما قد يرى إدخاله من تعديلات على برنامج الحزب سواء بالحذف أو الإضافة إذا ما تقرر قبول تأسيس الحزب بما يكشف بوضوح عن عدم إيمانه بالبرنامج والتمسك به والذي قدر أن يخوض به معترك العمل السياسي ، وانتهت اللجنة إلى قرارها سالف الذكر .

 

وإذ لم يصادف هذا القرار قبولاً لدى الطاعن فقد أقام طعنه الماثل للأسباب الآتية:

أولاً : قصور القرار المطعون فيه عن إدراك شرط التميز كما تطلبه المشرع .

على سند من القول بأنه يبين من استعراض التطور التاريخي لحركة الأحزاب السياسية في مصر أن الأصل هو حرية تكوين الأحزاب السياسية باعتبار ذلك من الحريات العامة، وإنه حين يتدخل المشرع لتنظيم هذه الحرية فإنه يتعين ألا يتجاوز حدود ذلك التنظيم إلى تقييد مباشرة الأصل ، كما يتعين تفسير النصوص المنظمة على هدى ذلك بحيث لا يتوسع في تفسيرها على نحو يتطاول معه على ذلك الأصل الذي يستند إليه في قيامه ، وقد استوجب المشرع في قانون الأحزاب السياسية لنشأة الحزب ضرورة تميز برامجه وأساليبه وسياساته عن الأحزاب الأخرى القائمة ، وقد أثار هذا الشرط جدلاً واسعاً فانتقد الفقه ذلك الشرط لوروده في عبارات عامة غير جامعة وغير مانعة لا تفصح عن مراد الشارع ، وقد عهد القانون للجنة شئون الأحزاب ببحث توافر هذا الشرط من عدمه ، مما دعا إلى الطعن أمام المحكمة الدستورية العليا في عدم دستورية هذا الشرط إلا أن المحكمة قد رفضت الطعن على سند أنه لازم لبيان جدية الأحزاب ، وأن المحكمة الإدارية العليا قد خففت في أحكامها من هذا الحكم وذلك فيما اعتنقته من مفهوم واسع لهذا الشرط وأضاف الطاعن أن لجنة شئون الأحزاب يغلب على تشكيلها أحد الأحزاب القائمة بما يصعب معه تصور أن تقر تميز برنامج حزب مستحدث لأنها تعتنق فكراً ضيقاَ هو أنه أن من شأن ذلك الإقرار بهذا التميز إسناد القصور إلى الحزب الذي تنتمي إليه ، أي أن اللجنة خلطت بين التميز في إجراء المقارنة بين برنامج الحزب وبرنامج الحكومة القائمة بالمخالفة لصراحة عبارات النص وهو خلط متعمد في تظاهرة سياسية تنبري فيها للدفاع عن الحكومة القائمة رغم أن قيام حزب جديد إنما يركن إلى التعددية التي تساير النظام الديمقراطي ، ولا يمثل اتهاماً لحزب قائم بذاته، فضلاً عن أن عبارات النص قد جاءت واضحة في أن التميز إنما ينظر إليه في ضوء برامج الأحزاب بعضها بعضاً ، لا بين برامج حزب وسياسة حكومة ، فلا يتصور بحكم اللزوم أن يتصدى حزب وليد بما تقوم به الحكومات بما تضمه من أجهزة للدراسات الفنية والعلمية والأبحاث الاقتصادية والإدارية والاجتماعية وغيرها ليتسنى قبول تأسيسه لأن ذلك تعجيز لهذه الأحزاب وينتهي إلى حظر غير دستوري لقيام أحزاب جديدة، يضاف إلى ذلك أن اللجنة فهمت شرط التميز فهماً يغاير مقصود المشرع حين تعمل سلطتها القانونية في رقابة الشرائط التي تطلبها القانون وذلك بما استنته من النظر إلى برنامج الحزب المعروض بالنظر إلى كافة الأحزاب القائمة فهي تتخير ما يروق لها وتشير إلى توافره في برنامج بعض الأحزاب القائمة ثم تتخير غيره وتشير إلى توافره في أحزاب أخرى ، دون أن تخلص منها إلى الاتفاق الكامل أو التطابق التام مع حزب معين منه ، بل تعتد بأوجه من التطابق أو التشابه أو التقارب في المبادئ العامة التي استلزم القانون فيها ضرورة ذلك التطابق والتشابه ، وهي في هذا وذاك يفوتها أن المقارنة إنما يتعين أن ينظر إليها في الملامح الفكرية للحزب بالمقارنة مع الأحزاب الأخرى التي تقاربها في الأيدلوجية الفكرية دون سواها فهي تجري مقارنة بين برنامج الحزب ذاته وبالتالي فإن شرط التميز المتطلب لا يمكن أن يكون مقصوداً به الانفصال التام في برنامج الحزب وأساليبه وسياساته عن برنامج وأساليب وسياسات الأحزاب الأخرى ، فهي ليست أحزاباً متصادمة متحاربة ، وإنما تنبع جميعاً من نسيج مصري ، لذلك لم يتطلب المشرع تفرد برنامج الحزب عن كافة الأحزاب القائمة فالأخذ بهذا التفسير تسليم إلى حظر قيام الأحزاب ويفرض قيداً هو أقرب إلى التحريم بالمخالفة للمادة الخامسة من الدستور ، فلا وجه للمقارنة مثلاً بين حزب مبارك النهضة وبين أحزاب التجمع و الأحرار والناصري ومصر الفتاة والعمل الاشتراكي و الأمة والعربي الديمقراطي كما ورد بقرار اللجنة لما بينه وبين هذه الأحزاب من اختلاف في الأيدلوجية التي ينطلق منها وإن اتفق معها فيما يوجبه القانون فهذه الأحزاب تقوم على الاشتراكية التقليدية كأيدلوجية لها وهي تختلف في فلسفتها العامة عن المفاهيم الليبرالية التي يعتنقها حزب مبارك النهضة .

 

وأضاف أن مفاد ما تقدم فإن حزب مبارك النهضة يختلف عن الأحزاب التي تأخذ بمبدأ الاقتصاد الموجه كالتجمع والعمل ومصر الفتاة وغيرها بما يميزه عنها أيدلوجياً، كما يختلف مع الأحزاب التي تنادي بالاقتصاد الحر كالحزب الوطني وحزب الوفد في أساليب الاقتصاد الحر ، إذ يميل الحزب إلى التوسع في هذا الاتجاه بحيث يعتبر أقصى اليمين من الحزبين المشار إليهما ، وعلى نحو كان يتعين معه حصر بيان التميز من عدمه بين هذه الأحزاب وحزب مبارك النهضة دون سواهما من الأحزاب الأخرى القائمة التي يسهل التمييز بينها وبين هذا الحزب .

 

ثانياً : فساد القرار المطعون فيه واستناده على غير سند من الأوراق  .

 

حيث إن القرار المطعون فيه قد انتهى إلى أن برنامج الحزب قد خالف المبادئ التي قامت عليها ثورة 23 يوليو 1952 فيما نص عليه من إطلاق حرية تملك الأراضي الزراعية وذلك ينطوي على فساد في الاستدلال وانتزاع لما لا يؤدي إليه البرنامج, فالثابت أن برنامج الحزب ص 113 لم تشر إلى إطلاق حرية التملك بل تضمن ضرورة تحقيق التجمع الزراعي الكفء في ظل تفتت الملكية الزراعية الحالية وذلك بتجميع الحيازات الصغيرة في حوض واحد لا تقل مساحته عن خمسمائة فدان وذلك عن طريق التعاونيات والشركات المساهمة بما يتوافق مع الوسائل والأساليب الزراعية الحديثة مع بقاء هذه الحيازات على ملكية أصحابها ، وعلى نحو يكون معه فهم اللجنة لهذه العبارات فإنها دعوة إلى إطلاق حرية التملك لا سند له ، ذلك أن هناك فارقاً واضحاً بين ضم الحيازات في حوض واحد مع بقاء الملكية على أصل مالكيها استجابة للاعتبارات العلمية الحديثة وبين إطلاق حرية التملك .

 

ثالثاً : قصور أسباب القرار المطعون فيه  .

 تضمن القرار المطعون فيه أن برنامج حزب مبارك النهضة هو صورة طبق الأصل من برنامج حزب النهضة الذي سبق للجنة الاعتراض على قيامه وأيدها في ذلك حكم المحكمة الإدارية العليا ، إلا أن اللجنة لم تجهد نفسها عناء مراجعة برنامج حزب مبـارك النهضــة و اتخذت من تماثل اسمه مع برنامج حزب النهضة لتخلص إلى قرارها المطعون فيه فـالـثابت أن حزب مبارك النهضة يختلف عن برنامج حزب النهضة اختلافاً بيناً فيما يأتي:-

 

1– المفاهيم العامة التي توضح أهداف الحزب وأسلوبه (ص3)  : وتضمن البرنامج وضع سياسات محددة ضمن رؤية استراتيجية يتبناها المجتمع وهي رؤية أوضحها الحزب بأنها تعني الحزمة المترابطة من السياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تحقق التنمية البشرية والاقتصادية الشاملة .

 

2– الركائز الأساسية لتحقيق النهضة (ص6)  : تضمن برنامج الحزب في تحقيقه للنهضة على منظومة متكاملة ترتكز على محاور محددة هي الإطارات الثقافية والاقتصادية والتشريعية والثقافية وفصل البرنامج هذه الإطارات بما لا يتوافر في غيره من الأحزاب .

 

3– بالنسبة للسلطات العامة (ص11)  : أورد البرنامج أنه بالنسبة لمجلس الشورى يتعين أن يكون لـه وظيفة تشريعية ورقابية ، وأن يعهد إليه برقابة التزام الحكومة في أدائها بما ورد في برنامج حزبها الذي نالت به ثقة الناخبين ، وبالنسبة لمجلس الشعب اعتنق الحزب ضماناً لعدم الانحراف التشريعي بعدم الإحالة في هذه التشريعات إلى اللوائح إلا للضرورة  وخص البرنامج السلطة القضائية بجانب مما تميز به بالتفصيل الوارد (ص18), كما أفرد جانباً للإصلاح التشريعي .

 

4- بالنسبة للثقافة و الإعلام  : تميز برنامج الحزب باعتناقه فكراً يقوم على ضرورة إعادة تشكيل وصيانة منظومة القيم التي تحكم المجتمع لتعديل أنماط السلوك واتساق  التفكير مما يوفر المناخ القيمي والسلوكي والفكري لتقبل واستيعاب الحضارات المعاصرة والتفاعل معها ، وتوفير المناخ المناسب لتدعيم الديمقراطية ونظام السوق وإشاعة الوعي العام بين العامة .

 

5- التعليم  :  الفصل بين الوظيفة والاستمرار فيها ، وضرورة التأصل المستمر بالتعليم والتدريب واكتساب المهارات في الوظيفة . 

كما يتعين التحرر من القوالب الجامدة وإزالة عقبة المدد الدراسية أمام الموهوبين دون شرط القيد الزمني وهو ما يتطلب تعدد مستويات التعليم والتدريب لتتناسب مع القدرات المتفاوتة للطلبة والاهتمام بالمتخلفين والمتعثرين وإتاحة فرص التعليم أمامهم حسب قدراتهم دون السماح لهم بالتسرب من التعليم النظامي ، وعارض البرنامج الربط بين التعليم العالي وفرص العلم بحسبان أن التعليم مطلوب لذاته وجعل محو الأمية شرط لمزاولة المهن .

 

6- إستراتيجية جديدة لإدارة المجتمع  :  استحدث البرنامج تغيير نظم الإدارة وتطوير أسلوبها في تفصيل عرض له واستهدف به إنهاء أسلوب التفكير البيروقراطي الذي لا يجد لمشكلته حلاً إلا بإنشاء وزارة أو جهاز جديد لها (ص38) ، ورفض البرنامج خلق فرص العمل لتشغيل العاطلين بما يؤدي إلى تضخيم الهيكل الإداري وهو ما يؤثر بالتبعية على عدم إنجاز الأعمال الإدارية في سهولة ويسر .

 

7- في المجال الاقتصادي  :  عدم الأخذ بمبدأ مضاعفة الربحية في تقديم الشركات التي يتم خصخصتها لعدم قيامه على نظريات اقتصادية أو أساس سليم حيث يتأثر التقويم بسعر الفائدة الحالي وهو مغالى فيه .

 

8- عرض المشاكل العامة وبيان الطرق المثلى لحلها  :  تعرض برنامج الحزب للمشاكل المزمنة وأقترح الحلول الناجحة لكل مشكلة ، كما أقترح الأساليب التي تكفل القضاء عليها ، من ذلك مشكلة الديون الخارجية ، مشكلة المرور ، مشكلة القاهرة الكبرى واقترح إنشاء ملحق لها بالصحراء تنتقل إليه بعض الوزارات والأجهزة الحكومية والعاملين بها, ومشكلة البطالة .

وبناء عليه خلص الطاعن إلى طلباته سالفة الذكر .

 

ومن حيث إن هذه المحكمة بتشكيلها الخاص الذي حددته المادة الثامنة من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بـنظام الأحزاب السـياسـية الـمعـدل بالـقانـونين رقـمي 144 لسنة 1980 و114 لسنة 1983 إنما تلتزم في إعمال رقابتها على القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على تأسيس الحزب بأحكام الدستور والقانون.

 

ومن حيث إن المادة (5) من الدستور بعد تعديلها بالاستفتاء الشعبي الذي تـم فـي 22/5/1980 جرى نصها على أن ” يقوم النظام السياسي في جمهورية مصر العربية على أساس تعدد الأحزاب وذلك في إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور” .

وينظم القانون الأحزاب السياسية.

 

        ومن حيث إن القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية المشار إليه قد نص في مادته الأولى على أن ” للمصريين حق تكوين الأحزاب السياسية ولكل مصري الحق في الانتماء لأي حزب سياسي وذلك طبقاً لأحكام هذا القانون ” .

 

        وتنص المادة الثانية من ذات القانون على أنه ” يقصد بالحزب السياسي كل جماعة تؤسس طبقاً لأحكام هذا القانون وتقوم على مبادئ وأهداف مشتركة وتعمل بالوسائل السياسية والديمقراطية لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة وذلك عن طريق المشاركة في مسئوليات الحكم “.

 

        وحددت المادة الثالثة من ذات القانــون دور الأحزاب السياسيـــة فنصــت علـى أن ” تسهم الأحزاب التي تؤسس طبقاً لأحكام القانون في تحقيق التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي للوطن على أساس الوحدة الوطنية ، وتحالف قوى الشعب العاملة والسلام الاجتماعي والاشتراكية والديمقراطية “

 

        ومن حيث إن المادة (4) من القانون تنص على أن يشترط لتأسيس أو استمرار أي حزب سياسي ما يلي :

أولاً : عدم تعارض مقومات الحزب أو مبادئه أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه في ممارسة نشاطه مع :

  • مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع .
  • مبادئ ثورتي 23 يوليو 1952 ، 15مايو 1971 .
  • الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية .

ثانياً : تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى ……

        وقد أنشأ القانون المذكور لجنة خاصة لشئون الأحزاب (م8) تقدم إليها طلبات تأسيس الأحزاب ويكون لها حق الاعتراض عليها بقرار مسبب إذا كان قيامها يتعارض مع أحكام القانون .

 

            ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن دستور جمهورية مصر العربية الصادر عام 1971 وبعد الاستفتاء على تعديله عام 1980 أخذ بنظام تعدد الأحزاب في إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع والتي اشتمل عليها الدستور, وترك الدستور للقانون تنظيم كافة الأمور المتعلقة بالأحزاب السياسية , وأتى قانون تنظيم الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 بما لحقه من التعديلات المشار إليها مؤكداً على هذا الحق المقرر دستورياً للمصريين, ومعرفاً الحزب السياسي في المادة (2) بأنه كل جماعة تؤسس طبقاً لأحكامه وتقوم على مبادئ وأهداف مشتركة, وتعمل بالوسائل السياسية والديمقراطية على تحقيق برامجها, ولكي ينشأ هذا الحزب لا بد من توافر الشروط التي تطلبها قانون الأحزاب السياسية بحيث إذا تخلفت هذه الشروط لا تكون بصدد حزب سياسي في مفهوم هذا القانون, وبينت المادة (4) شروط تأسيس الحزب واستمراره, ومن بين هذه الشروط شرط التميز, بأن يتميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى , وقد سبق للمحكمة الدستورية العليا أن قضت بدستورية هذا الشرط بحسبانه ضمانا للجدية وحتى يكون للحزب قاعدة جماهيرية حقيقية تسانده وأن يكون في وجود الحزب إضافة جدية للعمل السياسي ببرامج وسياسات متميزة عن الأحزاب الأخرى إثراء للعمل الوطني ودعماً للممارسة الديمقراطية تبعاً لاختلاف البرامج والاتجاهات المتعلقة بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتوسعة لنطاق المفاضلة بينها واختيار أصلح الحلول وأنسبها لتحقيق المصالح العامة للشعب ( حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 7/5/1988 في القضية رقم 44 لسنة 7 ق. دستورية )

 

ومن حيث إنه يتعين الإشارة إلى أن الأحزاب السياسية القائمة أو التي تطلب التأسيس تلتزم أساساً باحترام المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور والتي نظمها في الباب الثاني منه متمثلة في المقومات الاجتماعية والخلقية الواردة في الفصل الأول , من المقومات الاقتصادية الواردة في الفصل الثاني من الباب المذكور, وتلتزم تلك الأحزاب بألا تتعارض في مقوماتها أو مبادئها أو أهدافها أو برامجها أو سياساتها أو أساليب ممارستها لنشاطها مع مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع, ومبادئ ثورتي 23يوليو 1952 و 15 مايو 1971 , كما تلتزم بالحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية على النحو المنصوص عليه في القانون رقم 40 لسنة 1977, ومقتضى ذلك أن الدستور ومن بعده القانون المشار إليه قد تطلب لزاماً اتفاق الأحزاب في أمور غير مسموح في شأنها الاختلاف أو التميز دستوراً و قانوناً سواء في المبادئ والمقومات أو في الأساليب والسياسات , ومن ثم فإن دائرة التميز المطلوب كشرط لتأسيس الحزب المزمع قيامه سوف يكون دائماً خارج إطار تلك المبادئ والأهداف الأمر الذي يؤدى إلى أن التماثل الذي قد يقترب من التطابق مفترض حتماً في تلك المبادئ والأهداف الأساسية التي تقوم عليها الأحزاب, ولذلك فإن عدم التميز أو التباين في هذا المجال الوطني والقومي لا يمكن أن يكون حائلاً دون تأسيس آي حزب, كذلك فإن التميز المطلوب قانوناً في حكم الفقرة الثانية من المادة الرابعة المشار إليها سلفاً, لا يمكن أن يكون مقصوداً به الانفصام التام في برامج الحزب وأساليبه عن برامج وأساليب الأحزاب الأخرى مجتمعة فليس في عبارة النص المشار إليه – أو دلالته ومقتضاه – ما يوحى بأن التميز يجب أن ينظر إليه بالمقارنة بما ورد ببرامج وسياسات الأحزاب الأخرى جميعها ذلك أن الأخذ بمنطق هذا التفسير إلى منتهاه يفرض قيداً هو أقرب إلى تحريم تكوين أى حزب جديد ومصادرة حقه في ممارسة الحياة السياسية منه إلى تنظيم هذا الحق ومن ثم فليس المطلوب في التميز لبرنامج الحزب وسياساته أن يكون هناك اختلاف وتباين تام وكامل بينه وبين جميع الأحزاب الأخرى, على أن هذا التميز يظل قائماً ومنتجاً لآثاره القانونية والدستورية ولو وجدت بعض أوجه التشابه بين برامجه أو أساليبه أو اتجاهاته مع الأحزاب الأخرى فذلك أمر منطقي وطبيعي, مرده إلى أن جميع الأحزاب تخضع لحكم عام واحد يمثل جانباً من النظام العام السياسي والدستوري للبلاد, يلزمهم جميعاً وفقاً للمبدأ الأساسي لالتزام الأحزاب بالمقومات الأساسية للمجتمع المصري التي تواضعت عليها الإرادة الشعبية واكتسبتها وتمسكت بها من خلال تجاربها على مر العصور التي انصهرت في بوتقة التاريخ, وكونت لها شخصيتها المصرية المتميزة المتعارف عليها بين الدول, فكل حزب يتكون في مصر لا بد أن يحمل على كاهله وهو يعد برامجه وسياساته تراث آلاف السنين وتجارب المصريين في صراعهم المستمر في سبيل الحياة وفى سبيل الحرية والتقدم وبناء مجتمع يتمتع بالقوة والرفاهية , وهذه التجارب والقيم الناتجة عنها قد أصبحت جزء لا يتجزأ من الشخصية المصرية عند التعامل مع الأحداث والنوازل, ووضع الحلول اللازمة للمشاكل التي يواجهها المجتمع مما يفرض فوراً وحتماً عديداً من أوجه التشابه بين جميع الأحزاب المصرية حتى في وضعها للسياسيات والبرامج الخاصة بكل منها وتنظيم مباشرة  جهدها وقدرتها على مواجهة المشاكل, دون أن ينفى ذلك عن كل حزب شخصيته المتميزة التي تشكل منه إضافة لا تتكرر للحياة السياسية المصرية.

 

ومن ثم فإن التميز يكمن في تلك المقولات والتعبيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ترد في برامج الحزب وأساليبه وسياساته التي ارتضاها لنفسه ليكون ملامح شخصية حزبية متميزة وتعبر عن توجه فكرى مميز في مواجهة المشاكل العامة واختيار الحلول لها من البدائل المتعددة في ظروف الحياة الواقعية السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمواطنين المصريين يتفرد به على باقي الأحزاب, ويعرف بينها بحيث لا يكون نسخة ثانية مقلدة من البرامج والسياسات التي يتبناها ويتميز بها حزب قائم بالفعل أو صورة مطابقة له.

 

فالمحظور ضد التطابق التام بين الحزب تحت التأسيس وأي من الأحزاب القائمة إذ أن السماح لمثل هذا الحزب الذي يطابق غيره بالظهور على الساحة السياسية لا يشكل أي جدوى أو إضافة جديدة تثرى العمل الوطني .

 

 وبناء على ما سلف جميعه فإن التميز بهذه المثابة يختلف عن الانفراد وعن الامتياز والأفضلية عن باقي الأحزاب, فالتميز الظاهر وهو مناط ومبرر شرعية وجود حزب جديد ولو توافرت باقي الشروط التي حتم توافرها الدستور والقانون, يعنى ظهور ملامح الشخصية المتميزة للحزب تحت التأسيس وتفردها عن باقي الأحزاب الأخرى بينما الانفراد يعنى عدم تماثل أي أمر من أمور الحزب تحت التأسيس مع أي من الأحزاب القائمة وهو أمر مستحيل في ظل الدستور وقانون الأحزاب الحاليين وذلك لأن الأهداف والغايات الأساسية للمجتمع والأسس التي تمثل النظام العام الدستوري المصري يلتزم بها أي حزب وتنعكس بالتالي هذه الوحدة في النظام الجوهري للأسـس المبدئية لأي من الأحزاب المصرية على أية برامج أو سياسات تضعها بما يحتم توفر قدر من الشبه أو التماثل في بعض هذه البرامج والسياسيات دون بلوغ درجة التطابق أو الشبه أو التماثل الكامل أو شبه الكامل الذي يفقد معه الحزب تحت التأسيس شخصيته المتميزة, والتميز الظاهر الذي يبرر جدوى وجدية أهدافه وغاياته ويبرر وجوده في الحياة الدستورية والسياسية المصرية – ولما كان الامتياز والأفضلية لحزب على غيره إنما تقوم على مدى قدرة الحزب على تحقيق برامجه وسياساته وأن ينقل أفكاره من دائرة العقل والشعور إلى ميدان التطبيق الواقعي في حياة أعضائه وغيرهم من المواطنين بأبسط السبل وأيسرها, والامتياز بهذا المعنى يدخل في نطاق الرقابة على الممارسة والأداء ويخرج عن نطاق الرقابة في النشوء المبتدأ الذي يقتصر على توفر الجدية والجدوى من برامج وسياسات الحزب المتميزة ظاهرياً فالامتياز يدخل في نطاق الرقابة الشعبية التي يكون لها وحدها الحق في المفاضلة بين الأحزاب القائمة لترى أيهما أقدر سياسياً وحزبياً وأهدى سبيلاً إلى تحقيق آمالها وأحلامها على أرض الواقع, ومن ثم يخرج عن نطاق الرقابة على تأسيس الحزب السياسي مهمة التأكد من مدى قدرة الحزب طالب التأسيس على الامتياز على غـيـره في نـشاطـه وممارسـته في الـساحة الـسياسية لتحـقـيق البـرامج التي يـطرحها بنجاح – فكل برنامج قابل للنجاح أو الفشل بدرجات متباينة, ولا يمكن أن يتأكد ذلك إلا في ساحة العمل والممارسة الحزبية والنضال السياسي- ومن ثم يكفى ليكون الحزب جاداً فيما قدمه من برامج أن تكون جدية ومتميزة وبها عناصر متعددة جديدة, ويتحقق ذلك بأن تكون الأساليب التي أوردها الحزب بحسب الثابت من عيون الأوراق لتحقيق سياسات وبرامج منطقية وممكنة عقلاً ومؤدية بطريقة معقولة وواقعية إلى النتائج التي انتهى إليها, ولا يكفى لطرح الثقة بهذه البرامج الادعاء بأنها مغرقة في الخيالات والأوهام, ما دام الحزب قد قدم في الأوراق تصوراً محدداً للخطوات التنفيذية المنطقية والعملية التي يجدها فورية لتحقيق برامجه, ما لم يتأكد فنياً وعلى أساس علمي ومنطقي دحض هذه الآراء واستحالة تنفيذها ، وبعبارة أخرى إذا تأكد انفصال هذه الآراء عن واقع الحياة وعن قدرات الشعب ومكانته الاجتماعية والاقتصادية وغيرها بحيث تغدو تلك الآراء مجرد تطلعات وأماني يتمناها الجميع ويفتقرون إلى القدرة على تحقيقها، وعلى أن يتقرر على سند علمي, ولا يكفى لتحقيق صالحه في نطاقها ومجالها في المحافل العلمية – إلا أنها لا ترتكن إلى أساليب ووسائل ارتأها الحزب في برنامجه الوسيلة الناجحة للوصول إلى أفضل الحلول لمشاكل الجماهير في ضوء دراسة متأنية ومتعقلة لهذه المشاكل ويتم ذلك كله على نحو يجعل من الحزب شعاراً ظاهراً , وبصمة غير مكررة, وتجعل من هذه السياسات والوسائل علماً على الحزب من أجلها تلتف حوله الجماهير, فإذا اقتصر أمر القائمين على الحزب تحت التأسيس على مجرد طرح هذه النظريات دون إبراز الحلول غير التقليديــة للمشاكل فإنــه لا يصلح والحالة هذه للدخول في حلبة الصراع السياسي وإن صلح لدراسته في مقاعد العلم.

 

ومن حيث إنه يجدر الإشارة في هذا المقام إلى أن الطاعن سبق وأن تقدم لرئيس لجنـة شئـون الأحـزاب السياسيـة بطلـب في 6/6/1993 للموافقة على تأسيس حزب باسم  النهضة ”  وقد عرض الطلب على اللجنة التي قررت في 10/10/1993 الاعتراض علـى هذا الطلب, فتقدم الطاعن بطعن على القرار أمام المحكمة الإداريـة العليـا ” دائرة الأحـزاب السياسيــة ” وقيــد الطعــن بجدولهــا تحـت رقــم 255 /40 ق. عليـا وبجلســة 6/6/1998 قضت المحكمة برفض الطعن على أساس أن البرنامج المقدم من الحزب يفتقر إلى ملامح الشخصية المتميزة التي تشكل إضافة جادة للعمل السياسي, فضلاً عن مخالفته لمبادئ ثورة 23 يوليو.

 

ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم من تحديد لشرط التميز على برنامج حزب مبارك النهضة وبعد استعراض كامل للبرنامج وللقرار المطعون فيه والذي طرحته اللجنة والإيضاحات التي حددها الطاعن فى مذكراته أمام المحكمة أن عناصر التميز في نظر الطاعن أنه الحزب الوحيد الذي اعتبر المصرية قومية سيادية قائمة بذاتها وهو في هذا يختلف عن كافة الأحزاب وهذا الذي أثاره الطاعن فضلاً عن كونه فكر لا يتناسق مع فكرة القومية العربية التي نادت بها ثورة يوليو والتي يترتب عليها الدخول في التنظيمات الكبيرة وهو الاتجاه العالمي الجديد فإنه يدعو إلى الانعزالية والانفرادية وهو فكر لا شك متطرف ولا يؤدى إلى صالح الوطن في زمن لا مكان فيه إلا للتكتلات الكبيرة.

 

ومن حيث إنه عما جاء ببرنامج الحزب من اهتمام الحزب لتحقيق النهضة من خلال الاقتراب بنمط النظم والقواعد والقوانين عندنا من نمط وأسلوب الحياة والإنتاج الغربي الآخذ بالمنهج الغربي في إدارة المجتمع, والنسق التركيبي الليبرالي في أساليبه, واستقلال ميزانيات جميع وحدات النشاط الإنتاجية و الخدمية بالمجتمع, وذلك خلاف جميع الأحزاب التي تنادى بعكس ذلك.

 

وهذا القول يدعو للفكر الليبرالي المتطرف ( أقصى اليمين ) وهى نظم لا تتسق مع مجتمعنا الذي كان اشتراكياً ثم أصبح نظاماً مختلطاً ، فالانتقال بالمجتمع من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين لا بد وأن يحدث هزة شديدة في قيم المجتمع سواء من الناحية الاجتماعية أو الاقتصادية ، وهو وضع لا يتواءم مع مجتمعنا الإسلامي الذي يقوم على الجماعية مع الحـفاظ على الملـكية وإعـطاء دور للـدولة ودور للـقطاع الخاص في مجابهة قضايا المجتمع ، أما موقف الحزب من السلطات الثلاث فإنه بالنسبة للسلطة التشريعية يرى أن مجلس الشورى أورد البرنامج مختلفاً عما ورد ببرنامج حزب النهضة بأن يكون له وظيفة تشريعية إضافة إلى وظيفته الرقابية وهي أفكار نادت بها أحزاب قائمة مثل حزب الخضر ص17 ، حزب التكافل ص 9 ، حزب الأمة ص16 ، حزب مصر الفتاة ص5 ، حزب مصر العربي الاشتراكي ص153 ، حزب العدالة الاجتماعية ص70 ، مما لا يعتبر فيه تميزاً .

 

وبالنسبة لمجلس الشعب يرى الحزب لضمان عدم الانحراف بالتشريع عدم الإحالة في تشريعات القوانين إلى اللوائح التنفيذية والقرارات الإدارية إلا في أضيق الحدود وبإلزام الحكومة بعرض مشروعات القوانين واللوائح على قسم التشريع بمجلس الدولة ، فإن ما جاء بالبرنامج في هذا الصدد يعد خلطاً بين القوانين والقرارات الإدارية اللائحية أو لوائح الضرورة وهي مسائل منظمة بقوانين وتعرض على مجلس الشعب طبقاً لأحكام الدستور للموافقة عليها أو رفضها ، وبالنسبة للقرارات الإدارية فهي معصومة من الرقابة القضائية.

        أما ما يدعو إليه الحزب في مجال التعليم من إعادة النظر في شعار مجانية التعليم حيث تكلفة العملية التعليمية تدفع بالكامل من الميزانية العامة ووضع الحزب نظام للتمويل يعتمد على المجتمع ويتحملها الأفراد ، والأخذ بنظام المقررات الاختيارية والساعات المعتمدة والتحرر من القوالب التقليدية في مدد الدراسة فهو كلام مرسل ويعتمد على الأيدلوجية التي تتبعها الدولة في مجال الارتقاء بالتعليم ومحو الأمية وهي مسائل هامة يجب أن يتيحها المجتمع لأفراده وقد بدأت الدولة بالفعل في إنشاء المدارس والجامعات الخاصة ليشارك القطاع الخاص في العملية التعليمية للقادرين مع وجود المدارس والجامعات الحكومية وهو نظام موجود في معظم دول العالم وأن الأخذ بالخصخصة الكاملة في هذا المجال ربما يؤدي إلى انتشار الجهل وهو بلا شك نتيجة سيئة تؤخذ على أي حكومة في دولة ما ، أما في مجال السلطة القضائية ورؤية الحزب في الأخذ بنظام القضاء الشعبي وإنشاء النيابات المدنية ، فهي نظم يأخذ المجتمع بما يراه مناسباً له وأن السلطة القضائية منظمة بحيث تخدم أغراضها ، وأن ما جاء من مقترحات للحزب في شأن مجلس الدولة والطعون الضريبية ما هو إلا ترديد لما ورد بالدستور خاصة المادة 172 في شأن مجلس الدولة واعتباره هيئة قضائية مستقلة وهي مسائل وردت في معظم برامج الأحزاب القائمة .

 

        أما فيما يتعلق ببرنامج الحزب فيما يتعلق بالإصلاح الاقتصادي فهو ذاته ما ورد في برنامج حزب النهضة الصادر الحكم برفضه بحسبان أن ما ورد في البرنامجين يدور في فلك وفكر واحد مع تغيير طفيف في ترتيب الأفكار فيما أورده البرنامج تحت بند معالجة الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد المصري ص58 في برنامج حزب النهضة ، وما ورد فيما يتعلق بتهيئة المناخ الملائم للاستثمار في حزب مبارك النهضة ص 277 .

 

        وحيث إن ما جاء ببرنامج الحزب في المجال الاقتصادي هو مجرد طرح للمشكلة والأمل والآمال في حل نموذجي لها على نحو يفصله عن واقع الحال ، ويتتبع كل ما طرحه و افاض فيه إبرازا للتميز لا يخرج به الأمر أما عن طرح للمشكلة وتجسيدها إبرازها على نحو لافت وفي ذات الوقت طرح الحلول التي يراها لها من واقع النظريات والأفكار أو كتابات الكتاب ، وقد يقتصر الأمر عنده على مجرد الآمال والطموحات دون تلمس كيفية تحقيق الأهداف .

 

        ومن حيت إنه عما طرحه الحزب من حلول لمشاكل السكن بالعاصمة وإفراد باب لحل أزمة المرور والوسائل الناجحة لحلها فهو لا يعدو أن يكون ترديداً لما ورد بحزب النهضة في خصوص ذات المشكلة .

 

ومن حيث إنه لما تقدم ، وكان القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية قد تطلب في البند ثانياً من المادة الرابعة من ضرورة تميز برنامج الحزب طالب التأسيس حتى تكتمل لـه مقومات الحزب السياسي ، وإذا كان البين من العرض المتقدم أن البرنامج المقدم من الطاعن ليس به ثمة تميز يجعله يرقى إلى المستوى الذي يؤهله ليكون حزباً سياسياً يدخل الساحة السياسية فالأفكار التي وردت به إما أيدلوجيات لا تصلح للمجتمع المصري أو ترديد لأفكار نظرية وسرد لمشاكل دون إيجاد حلول عملية لها ، وإما حلول واردة في برامج أحزاب أخرى ، وليس بالبرنامج إضافة جديدة للعمل السياسي وإثراء للعمل الوطني ودعماً للممارسة الديمقراطية تبعاً لاختلاف البرامج والاتجاهات المتعلقة بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتوسعة لنطاق المفاضلة بينها واختيار أصلح الحلول وأنسبها .

 

        ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم ، ولما كان برنامج حزب ” مبارك النهضة ” لم يتضمن فكراً أو وسيلة أو رأياً أو مبادئ تغاير ما جاء ببرنامج حزب “النهضة” الامر الذي لا تتوافر معه الشروط اللازمة لقيام حزب سياسي .

 

        ومن حـيـث إنـه مما يجـدر الإشارة إلـيه فـي هـذا الـمجـال أن وكـيـل الـمؤسـسيـن – الطاعن – بجلسة 22/3/1999 ولدى عرض برنامج الحزب على لجنة شئون الأحزاب قد قرر استعداده للتنازل عن كثير مما جاء ببرنامج الحزب ويخالف توجيهات رئيس الجمهورية حيث يمكن الاستغناء عنها وحذفها من برنامج الحزب ، مما ينبئ عن عدم إيمانه ببرنامج الحزب والأفكار الواردة به وتمسكه بها .

        وبالتالي فإن قرار لجنة شئون الأحزاب المطعون عليه بالاعتراض على تأسيس حزب ” مبارك النهضة ” يكون قد صدر صحيحاً قائماً على أسبابه لعدم اكتمال شروط تأسيس الحزب ولعدم جدية الحزب في طرح برنامجه والتمسك به ، وبالتالي يضحى الطعن الماثل في غير محله لعدم قيامه على أسس سليمة جرياً بالرفض .

 

        ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته إعمالاً لحكم المادة 184 مرافعات.

 

” فلهــــــــــــذه الأسبـــــــــاب”

——————————

حكمت المحكمة :

—————-

 

بقبول الطعن شكلاً ، ورفضه موضوعاً, وإلزام الطاعن المصروفات.

 

 

 سـكرتـير المحكمـــــة                                              رئيـــس المحكمـــــــة

 

 

 

 

 

————-

منى / هبة …

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى