موسوعة المحكمه الاداريه العليا

في الطعن رقم 4581 لسنة 45 القضائية عليا

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

الدائرة الأولى

*************

 بالجلسة المنعقدة علناً في يوم السبت الموافق 14/6/2003

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز

                                                        رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة 

 

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / على فكري حسن صالح و يحيي خضري نوبي محمد وأحمد عبد الحميد حســـــن عبود و أحمد حلمي محمد أحمد حلمي .                                                  

                                                                    نواب رئيس مجلس الدولة

 

وبحضور السيد الأستاذ المستشار / حتة محمود حتة               ومفوض الدولة                  

                                                              

                                                                      

 

وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس                          سكرتير المحكمة

 

***********************

أصدرت الحكم الآتي

في الطعن رقم 4581 لسنة 45 القضائية عليا

المقـــام من

1- وزيــر الإعلام   ” بصفته “

2- رئيس الوزراء  ” بصفته “

 

ضـــــــد

فايز عبد المجيد عبد الحفيظ زايد

*************

عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري ” الدائرة الأولى “

في الدعوى  رقم 4061 لسنة 52 ق بجلسة 6/4/1999

 

**************

 

 

 

الإجـــــــــــــراءات :

****************

                                        في يوم الإثنين الموافق 24/5/ 1999 أودع الأستاذ/ فتحي إبراهيم عبد الله المستشار المساعد بهيئة قضايا الدولة نائباً عن الطاعنين بصفتيهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها العمومي تحت رقم 5481 لسنة 45ق.عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري ” الدائرة الأولى ” في الدعوى رقم 4061 لسنة 52 ق بجلسة 6/4/1999 والقاضي منطوقه : ” برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من منع طبع وتوزيع جريدة البرلمان وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقريراً بالرأي القانونــــي في طــلب الإلغاء ” .

 

وطلب الطاعنان بصفتيهما – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم  بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون عليه ، مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي .

 

وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق

 

وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم  بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد ، مع إلزام المطعون ضده المصروفات .

 

وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 3/7/2000م وبجلسة 7/1/2002 قررت تلك الدائــرة إحالــة الطعـــن إلى المحكمة الإداريــــة العليا ( الدائرة الأولى – موضوع ) وحددت لنظره أمامها جلسة 26/1/2002 وبعد تداوله بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها قررت المحكمة بجلسة 15/3/2003 إصدار الحكم بجلسة 14/6/2003 مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء في شهر .

 

 

وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .

 

المحكمـــــــــــــــــــة

*************

 

بعــــد الاطــلاع علـــى الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولـــة قانوناً .

 

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.

ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 4061 لسنة 52ق أمام محكمة القضاء الإداري ” الدائرة الأولى ” بموجب عريضة مودعـــة قلم كتابها بتاريخ 9/3/1998 بطلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي المطعون عليه الصادر من وزير الإعلام بصفته بما يترتب على ذلك من آثار و بإلزام جهاز المطبوعات والصحافة بوزارة الإعلام التابع للمطعون ضده بإعادة واستمرار الموافقة على طبع وتوزيع جريدة أخبار البرلمان في مصر مثل المئات من الصحف الأخرى المماثلة وفي الموضوع بإلغاء القرار السلبي المطعون عليه الصادر من وزير الإعلام بصفته بما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المطعون ضده بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة مع حفظ حقه في الرجوع مستقبلاً بالتعويض المناسب بحكم مشمول بالنفاذ المعجل وبلا كفالة بالمسودة وبدون إعلان على سند من القول أنه عضو نقابة الصحفيين ورئيس تحرير جريدة أخبار البرلمان التي تصدر وتوزع أسبوعياً كل يوم سبت في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية منذ عامين ، ويتم التوزيع من خلال الإدارة العامة للتوزيع بمؤسسة الأهرام بموافقة جهاز المطبوعات والصحافة التابع لوزير الإعلام ، حتى فوجئ بتوقف مؤسسة الأهرام عن توزيع جريدة ” أخبار البرلمان ” بناء على تعليمات صادرة من وزير الإعلام بوقف طبع وتوزيع العديد من الصحف ومنها الجريدة المذكورة ثم تم بعد ذلك إعادة طبع وتوزيع هذه الصحف دون جريدة ” أخبار البرلمان ” مما حدا به إلى التقدم بطلب لوزير الإعلام مؤرخ في 2/11/1997 صادر برقم 9492 بشأن إعادة طبع وتوزيع جريدة ” أخبار البرلمان ” مثل الصحف الأخرى إلا إنه لم يستجب فوجه إليه إنذاراً رسمياً على يد محضر برقم 10115 بتاريخ 8/10/1997 للاستعلام عن أسباب قرار وقف طبع وتوزيع جريدة ” أخبار البرلمان ” فأفاده جهاز المطبوعات والصحافة بطلب استكمال و استيفاء بعض المستندات ومنها ترخيص جريدة ” أخبار البرلمان ” فقام على الفور باستيفاء المطلوب في 18و 29/12/1997 إلا أن الجهاز المذكور لم يرد ولم يبت في أمر تلك الجريدة فاضطر إلى التقدم بطلبات أخرى في 3و 9/1/1998 باستعجال وإلغاء قرار وقف توزيع جريدة ” أخبار البرلمان ” إلا أن الجهاز المذكور استمر في تجاهله في الرد على هذه الطلبات ، مما يجعل تصرف المطعون ضده بصفته ممثلاً لجهاز المطبوعات والصحافة برفض الإجابة على طلباته المقدمة إليه ملتمساً فيها إلغاء قرار الجهاز بوقف طبع وتوزيع جريدة ” أخبار البرلمان ” التي يمثلها – بالرغم من سابق موافقة الجهاز المذكور على توزيع الجريدة في مؤسسة الأهرام وبالرغم من استيفائه لكافة المستندات والشروط المطلوبة – يشكل قراراً سلبياً بالامتناع عن صدور موافقة باستمرار طبع وتوزيع جريدة ” أخبار البرلمان ” ، ناعياً على هذا القرار بأنه قد صدر معيباً بعيب إساءة استعمال السلطة ومخالفة القانون و الدستور وبجلسة 6/4/1999 أصدرت محكمة القضاء الإداري ” الدائرة الأولى ” حكمها المطعون فيه .

 

وأقامت المحكمة قضاءها برفض الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري بما هو ثابت في الأوراق من وجود مذكرة من جهاز المطبوعات والصحافة للعرض على وزير الإعلام بشأن الصحف و المجلات التي تطبع فـــي المناطق الحرة فأشر عليهــــا بمنع هـــذه الصحف من التداول داخل البلاد فـــي 14/10/1997 وضمت قائمة هذه الصحف عدد 40 صحيفة – والصحيفة رقم 40 في القائمة هي أخبار صحيفة ” أخبار البرلمان ” .

 

وشيدت قضاءها بالنسبة لطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه – بعد استعراض نص المادتين 47, 48 من الدســــتور على أن الثابت من ظاهــــــر الأوراق أن جريدة ” أخبار البرلمان ” موضوع الدعوى – التي تصدر أسبوعياً – ظلت تطبع بالمناطق الحرة لمدة سنتين بمقتضى ترخيص صادر لها بذلك – وكانت ترد لجهاز المطبوعات والصحافة التابع لوزارة الأعلام عن طريق مؤسسة الأهرام ، وتتم مراجعتها و السماح بتداولها داخل البلاد إلا أنه بتاريخ 29/9/1997 طلب جهاز المطبوعات والصحافة من المدعي ( المطعون ضده ) – رئيس تحرير الجريدة المذكورة – موافاة الجهاز بصورة من الترخيص الخاص بالجريدة حتى يمكن السماح بطباعتها في المنطقة الحرة  وقدم المدعي صورة الترخيص إلا أن الجهة الإدارية ظلت على موقفها من منع طبع وتوزيع الجريدة استناداً إلى صدور قرار هيئة الاستثمار بمنع طبع الصحف بالمناطق الحرة وهو القرار رقم 175 لسنة 1998 والذي تقضي مادته الأولى بأن يحظر على جميع مشروعات المطابع التي تعمل بنظام المناطق الحرة في مصر طباعة الجرائد و المجلات من أي نوع وبأي لغة وإذ صدر حكم من المحكمة المذكورة بإلغاء هذا القرار في الدعوى رقم 4934 لسنة 52ق بجلسة 2/8/1998 ، وهو ما يتضح منه أنه لم يكن ثمة ما يحول دون طبع جريدة البرلمان بالمنطقة الحرة إعمالاً للترخيص الصادر لها ، فضلاً عن أن المدعي قد أبرم عقداً مع دار أخبار اليوم بطباعة الجريدة ، تم عرضها على جهاز المطبوعات والصحافة عن طريق مؤسسة الأهرام ، كما كان عليه الحال قبل صدور القرار المطعون فيه بمنع طبع وتوزيع جريدة البرلمان ، والذي لا يستند – بحسب الظاهر من الأوراق – إلى ما يبرره ، مما يتوافر معه ركن الجدية ، فضلاً عن توافر ركن الاستعجال لحظر أحد الأنشطة التي تمثل جانباً من حريات التعبير عن الرأي و الصحافة والطباعة و النشر وهو ما يترتب على استمرار تنفيذه حرمان من مزاولة عمله في إصدار الصحيفة وما يستتبعه من آثار يتعذر تداركها .

 

ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه و تأويله لأسباب حاصلها أن المطعون ضده قام بإصدار جريدة أخبار البرلمان دون الحصول على ترخيص بذلك من الجهة الإدارية المختصة فضلاً عن قيامه بطبعها و توزيعها بالمخالفة للأحكام المقررة في القانون ودون العرض على الجهاز المختص بمراجعة الجريدة ومدى مطابقتها لأحكام القانون و اللوائح ، فضلاً عن عدم توافر شروط إصدار الجريدة والشروط المتطلبة في صاحبها و رئيس تحريرها ومحرريها .

 

واستطردت الجهة الطاعنة قائلة أنه لا ينال من مشروعية القرار المطعون فيه استناد محكمة أول درجة إلى أن الجهة الإدارية أصدرت القرار الطعين بسبب قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار رقم 255 لسنة 1998 والذي يقضي بعدم السماح بطبع هذه الجرائد بالمناطق الحرة – المقضي بإلغائه ومن ثم يزول سبب القرار المطعون فيه فإن ما ذهب إليه الحكـــم الطعين يخالف القانون كما يخالف الثابت بالأوراق , فالقرار المشار إليه هو أحد أسباب القرار المطعون فيه إلا أنه ليس سبب القرار الوحيد وإنما توجد أسباب أخرى يكفي أحدها لحمله وجعله مشروعاً وتتمثل كما سلف البيان في عدم توافر الشروط المتطلبة قانوناً في إصدار الجريدة وتوزيعها ولم يقم الحكم الطعين بتحقيق هذه الأسباب التي قام عليها القرار واكتفى بسبب وحيد منها .

 

ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بمذكرة دفاعها المودعة أمام هذه المحكمة بجلسة 9/11/2002 بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد القانوني تأسيساً على أن وزير الإعلام أصدر القرار المطعون فيه بمنع طبع وتوزيع جريدة أخبار البرلمان بتاريخ 14/10/1997 وكان المدعي قد وجه إنذاراً على يد محضر أعلن قانوناً إلى وزير الإعلام في 7/10/1997 بطلب إعادة طبع وتوزيع الجريدة بعد أن فوجئ يوم 4/10/1997 برفض توزيع الجريدة ، وأعقبه بتظلم لوزير الإعلام في 2/11/1997 م بذات الطلب وعلى ذلك فإنه اعتباراً من هذين التاريخين يتحقق علمه بالقرار الطعين وبمضمونه علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً وإذ أقام دعواه في 9/3/1998 أي بعد فوات الميعاد المقرر بنص المادة 24 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 فإن ذلك مردود عليه بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن وإن كان فوات ستين يوماً على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة يعتبر بمثابة رفضه إلا أنه إذا تبين أن السلطات الإدارية قد اتخذت مسلكاً إيجابيا واضحاً في سبيل الاستجابة للطلب موضوع التظلم فإن ميعاد بحث التظلم في هذه الحالة يمتد حتى يصدر من الجهة الإدارية ما ينبئ عن عدولها عن هذا المسلك ويعلم به صاحب الشأن .

 

ومن حيث إن الثابت من مطالعة الأوراق أن المطعون ضده وآخر قد أسسا شركة تضامن بموجب عقد محرر في 1/3/1997 بغرض إصدار جريدة ” أخبار البرلمان ” ومدة هذه الشركة تبدأ من 1/3/1997 وتنتهي في 1/3/2002 قابلة للتجديد لمدد أخرى مماثلة ، وبتاريخ 1/4/1997 تحرر عقد توزيع بين المطعون ضده بصفته رئيس تحرير الجريدة ومؤسسة الأهرام الصحفية متضمناً أن يقوم الطرف الأول بإصدار جريدة “أخبار البرلمان” وهى جريدة قبرصية تصدر أسبوعياً – كل يوم سبت على أن يقوم الطرف الثانى بتوزيع هذه الجريدة داخل جمهورية مصر العربية .

 

وحصل المطعون ضده على بطاقة ضريبية صادرة في تاريخ 29/4/1997 م برقم 6967 وملف ضريبي برقم 192/24/1024/5 من مأموريـــــة ضـــــرائب مدينة نصر – بالقاهرة عن نشاط توزيع جريدة أخبار البرلمان لمعاملتها ضريبياً كما قيد هذا النشاط بالسجل التجاري – بمصلحــــة السجـــل التجاري بالقاهرة برقم 79769 بتاريخ 7/6/1998 كما حصل المطعون ضده على ترخيص بإصدار هذه الجريدة من بريطانيا طبقاً لأحكام قانون الشركات سنة 1985 في المملكة المتحدة صادر من مصلحة الشركات البريطانية برقم 3137524- في 9/12/1997 وقد تضمن هذا الترخيص أن شركة صوت الحرية المحدودة وهى شركة خاصة محدودة بالأسهم تخضع لقانون الشركات في المملكة المتحدة – قررت إصدار صحيفة يومية باسم جريدة ” أخبار البرلمان ” وذلك من مبان الشركة في لندن وسوف تصدر الصحيفة المشار إليها باللغة العربية 000 وسوف يكون السيد فايز عبد المجيد عبد الحفيظ زايد (المطعون ضده) هو صاحب الامتياز كما سوف تكون له كافة الصلاحيات لإدارة الصحيفة واختيار رئيس تحريرها و إعطاء هذا الامتياز لأي شخص أو جهة وسوف يكون له كذلك الحق في طباعة الصحيفة وتوزيعها في أي مكان فى العالم , كما أن له حق فى التحدث باسم الصحيفة مع السلطات المسئولة والمؤسسات والتعامل مع البنوك و الأشخاص بصفته المسئول عن الصحيفة .

 

وقد أقرت الجهة الإدارية بمذكرة دفاعها المودعة أمام محكمة أول درجـــة بتاريخ 3/11/1998 أن المدعي ( المطعون ضده ) أصدر جريدة “أخبار البرلمان ” وقام بطباعتها بالمنطقة الحرة ببورسعيد وكانت ترد لجهاز المطبوعات و الصحافة – التابع لوزارة الإعلام – عن طريق مؤسسة الأهرام ويتم مراجعتها و السماح بتداولها داخل البلاد – وكانت غير حاصلة على ترخيص أجنبي أو إذن من المجلس الأعلى للصحافة .

 

وإذ ثبت إنه بتاريخ 25/9/1997م أخطر جهاز المطبوعات و الصحافة التابع لوزارة الإعلام المطعون ضده بإيقاف طبع وتوزيع جريدة أخبار البرلمان كما أعد جهاز المطبوعات والصحافة مذكرة للعرض على وزير الإعلام بشأن الصحف والمجلات التي تطبع في المناطق الحرة ومرفقــــاً بها قائمـــة بأسمـــاء هذه الصحف بعــــدد 40 صحيفة – والصحيفـــة رقم 40 في هذه القائمة صحيفة أخبار البرلمان فأشر عليها بتاريخ 14/10/1997 بمنع هذه الصحف من التداول داخل البلاد .

 

ومن حيث إنه بناء على ذلك وطبقاً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن لمحاكم مجلس الدولة الهيمنة على تكييف الدعوى وتحديد حقيقة ما يستهدفه الخصوم من طلباتهم فيها وفقاً لأحكام الدستور و القانون فالعبرة بالمقاصد و المعاني وليس بالألفاظ و المباني ولما كانت حقيقة تكييف الدعوى التي أقامها المطعون ضده أمام محكمة القضاء الإداري في ضوء ما يستهدفه من طلباته طعناً بالإلغاء في قرار إيجابي صريح طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه بمنع طبع وتوزيع جريدة أخبار البرلمان ومن ثم لا يوجد ثمة قرار سلبي بالمعنى القانوني الصحيح هو موضوع الطعن في تلك الدعوى كما ذهب المطعون ضده في عريضة دعواه ومذكرات دفاعه .

 

ومن حيث إن المطعون ضده تقدم بتظلم لوزير الإعلام مؤرخ في 26/9/1997 طالباً إعادة طبع وتوزيع جريدة أخبار البرلمان ثم أعقبه بتوجيه إنذار رسمي على يد محضر أعلن قانوناً لوزير الإعلام في 7/10/1997 طالباً من المنذر إليهما الإفراج عن العدد رقم 33 من جريدة أخبار البرلمان الصادر بتاريخ 4/10/1997 وكذلك الموافقة على توزيع جميع الأعداد التالية من الجريدة داخل جمهورية مصر العربية تأسيساً على سبق موافقة جهاز المطبوعات و الصحافة التابع لوزارة الإعلام المصرية على توزيع الجريدة المذكورة عن طريق جريدة الأهرام من يوم 1/3/1997 منذ صدور العدد الأول حتى يـــــوم 3/10/1997 وتعتبر تلك الموافقـــة بمثابة ترخيص بالتوزيع ثم تقدم بتاريخ 2/11/1997 بالتماس لوزير الإعلام للموافقة على إعادة توزيع جريدة أخبار البرلمان عن طريق الإدارة العامة للتوزيع بمؤسسة الأهرام أسوة بما تم مع صحف :

(1) صوت حلوان (2) صوت العروبة (3) الراية الدولية (4) شباب مصر (5) صوت بني سويف (6) حديث العرب (7) أخبار المحافظات المصرية (8) مطروح المستقبل

كما أبرم المطعون ضده عقد اتفاق عن طبع جريدة عن مؤسسة أخبار اليوم محــرر في 6/1/1998 بشأن طبع جريدة أخبار البرلمان بمطابعها وإذ ثبت من الأوراق أن جهة الإدارة لم تهمل التظلم المقدم من المطعون ضده وإنما سلكت مسلكاً إيجابياً نحو الاستجابة لتظلمه وتجلى ذلك واضحاً من خطاباتها المتعاقبة الموجهة إلى المطعون ضده بدءاً بخطابها رقم 4262 المؤرخ في 29/12/1997 بمطالبة المطعون ضده موافاتها بصورة من الترخيص الأجنبي الخاص بالجريدة موثقاً من السفارة المصرية حتى يمكن السماح بطباعتها في المنطقة الحرة ثم أعقبته بخطابها رقم 4397 في 7/10/1997 بمطالبته بسرعة موافاتها بالترخيص الخاص بالجريدة وذلك أسوة بكل الصحف التي تطبع في المناطق الحرة داخل البلاد وذلك حتى تستكمل المستندات الخاصة بملف الجريدة وكذا بخطابها رقم 5080 المؤرخ في 19/11/1997 تطالبه تمهيداً للنظر في إجابته لما يطالب به موافاتها بشهادة من نقابة الصحفيين تتضمن قيده في جدولها ورقم القيد وكذا ترخيص بإصدار الصحيفة صادرة من دولة أجنبية وذلك حتى يتحقق للصحيفة صفة المطبوعات الأجنبية التي ترد من الخارج ورداً على هذه المكاتبات قام المطعون ضده باستيفاء المستندات المطلوبة وتقدم بها إلى جهاز المطبوعات و الصحافة المشار إليه بتاريخ 18و 29/12/1997 وهو ما لم تنكره جهة الإدارة في ردها على الدعوى .

 

وإذ تربص المطعون ضده حتى تحدد جهة الإدارة موقفها من تظلمه والأمل يحدوه في أنها بسبيل الاستجابة إلى طلباته ومستمراً في طبع الجريدة ومتقدماً بعده التماسات لجهاز المطبوعات والصحافة بشأن مراجعة الجريدة والإفراج عنا لتوزيعها داخل مصر وفي العالم العربي والمرفق صورها بحافظة مستندات المطعون ضده المودعة أمام محكمة أول درجة بجلسة 7/6/1998 إلا أن الأوراق لم تفصح عن إخطار المطعون ضده برفض تظلمه صراحة ، كما أنه لا توجد في الأوراق على مدى الفترة التالية لتقديم المطعون ضده تظلمه في 26/9/1997 حتى تاريخ إقامة دعواه بتاريخ 9/3/1998 ما يكشف نية جهة الإدارة نهائياً في عدم الاستجابة لتظلمه أو ما يوحي بعدول جهة الإدارة عن مسلكها الجدي ومن ثم فإنه لا تثريب على مسلك المطعون ضده إن هو انتظر قدر ما وسعه صدره طيلة فترة بحث جهة الإدارة لتظلمه منذ أن اتخذت مسلكاً إيجابياً نحو الاستجابة له وحتى تكشف له اتجاه جهة الإدارة إلى عدم الاستجابة لتظلمه بعد أن كانت المقدمات تنبئ بغير ذلك وعلى هذا الأساس فإنه لما كان المدعي قد أودع عريضة دعواه قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 9/3/1998 فإنه يكون قد راعى المواعيد القانونية وعلى ذلك فإن دعواه – والحال هذه – يكون قد رفعت في الميعاد ومن ثم يكون هذا الدفع في غير محله جديراً بالرفض .

 

ومن حيث إنه لا وجه كما أثارته جهة الإدارة في هذا الشأن من أن الصحيفة المذكورة لم يصدر لها ترخيص من المجلس الأعلى للصحافة ، وأن الشركة الإنجليزية التي أصدرت ترخيص الجريدة المذكورة قد تم حلها ، فضلاً عن أن ما ساقته جهة الإدارة في هذا الخصوص منبت الصلة تماماً بالأسباب التي بنى عليها القرار المتظلم منه ، كما أنه لا أثر لذلك على كيان الدعوى موضوع الطعن الماثل ، فإنه لا خلاف بين أطراف الخصومة أن جريدة أخبار البرلمان مثار النزاع الماثل مطبوع أجنبي ومن ثم لا تخضع لأحكام القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة ، وإنما مخاطبة بأحكام المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 1936 بشأن المطبوعات ، وبالإضافة لما تقدم فإن المطعون ضده جحد صور المستندات المقدمة من جهة الإدارة بشأن حل وإلغاء ترخيص شركة صوت الحرية ليمتد المحدودة الصادر عنها ترخيص جريدة أخبار البرلمان ذاكرًا أن تراخيص الصحف التى تصدرها بريطانيا لا يتم إلغاؤها طبقا ًلأحكام الدستور و القانون البريطانى و هذه الواقعة لم تجحدها جهة الإدارة كما لم تقدم أصول تلك المستندات فإن الثابت من مطالعة المستندات المشار إليها سلفاً أن الشركة سالفة الذكر قد تم دمجها ولم يتم حلها و تصفيتها و حيث إن هذا الترخيص قائم علي اعتبار شخصى و من ثم فإن هذا الإدماج لا يؤثر على حق المطعون ضده – مالك هذا الترخيص- فى استعمال امتياز إصدار هذه الجريدة بطبعها وتوزيعها فى أي مكان في العالم أو إعطاء هذا الامتياز لأي شخص.

 

ومن حيث إنه من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن مناط الحكم بوقف تنفيذ القرار الإداري هو توافر ركنين أساسيين أولهما : ركن الجدية ومؤداه أن يبنى الطلب على أساس يرجح معها بحسب الظاهر من الأوراق الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه ودون التقصي العميق في عناصر الموضوع أو التغلغل في تحقيق الوقائع التي يتكون منها على نحو يقتضي الفصل بأحكام قاطعة والثاني ركن الاستعجال بأن يكون من شأن تنفيذ القرار ترتيب نتائج يتعذر تداركها فيما لو تراخى القضاء بإلغائه , وإنه يتعين أن يتوافر هذين الركنين معاً ويظلا قائمين حتى الفصل في الطلب العاجل من الدعوى والاستجابة إلى طلب وقف التنفيذ .

 

ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن المادة 47 من دستور جمهورية مصر العربية تنص على أن : ( حرية الرأي مكفولة ، ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون ، والنقد الذاتي والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطني ) .

 

كما تنص المادة 48 من ذات القانون على أن : ( حرية الصحافة و الطباعة و النشر ووسائل الإعلام مكفولة . والرقابة على الصحف محظورة وإنذارها أو وقفها أو إلغاؤها بالطريق الإداري محظور ، ويجوز استثناء في حالة إعلان الطوارئ أو زمن الحرب أن يفرض على الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلام رقابة محدودة في الأمور التي تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومي وذلك كله وفقاً للقانون ) .

 

وتنص المادة 7 من المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 1936 بشأن المطبوعات المعدل بالقانونين رقمي 375 لسنة 1956و199 لسنة 1983 على أن : ( لا يجوز لأحد أن يتولى بيع أو توزيع مطبوعات في الطريق العام أو في أي محل عمومي آخر , ولو كان ذلك بصفة عارضة أو مؤقتة إلا بعد الحصول على رخصة بذلك من وزارة الداخلية ) .

 

كما تنص المادة 9 من ذات القانون على أنه : ( يجوز محافظة على النظام العام أن تمنع مطبوعات صادرة في الخارج من الدخول و التداول في مصر ويكون هذا المنع بقرار خاص من مجلس الوزراء ) .

 

ويترتب على ذلك منع إعادة طبع هذه المطبوعات ونشرها وتداولها في داخل البلاد وتنص المادة 10 من القانون سالف الذكر على أنه : ( يجوز لمجلس الوزراء أن يمنع أيضاً من التداول في مصر المطبوعات المثيرة للشهوات وكذلك المطبوعات التي تتعرض للأديان تعرضاً من شأنه تكدير السلم العام ) .

 

وتنص المادة 21 من القانون المشار إليه على أن : ( يجوز محافظة على النظام العام أن يمنع عدد معين من جريدة تصدر في الخارج من الدخول و التداول في مصر وذلك بقرار من وزير الداخلية ) .

 

وتنص المادة 26 من القانون المذكور على أنه : ( كل مخالفة لأحكام المواد 11 و 12 و 13 و 14 و 17  تكون عقوبتها الحبس لمدة لا تتجاوز ستة أشهر والغرامة 20 جنيهاً إلى 200 جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين فقط .

 

وتكون المعاقبة على دخول المطبوعات والجرائد أو تداولها أو نشرها خلافاً لأحكام المواد 9 و 10 و 21 و 22 بنفس العقوبات السابقة .

 

ويجوز أن يقضي أيضاً الحكم الصادر بالعقوبة بتعطيل الجريدة لمدة 15 يوماً إذا كانت تصدر ثلاث مرات أو أكثر في الأسبوع أو لمدة شهر إذا كانت تصدر أسبوعياً أو لمدة سنة في الأحوال الأخرى .

 

وتنص المادة 27 من القانون سالف الذكر على أن : ( يعاقب بنفس العقوبات المتقدمة رئيس التحرير و المحررون المسئولون وصاحب الجريدة و الطابع والناشر عند وجوده إذا ما استمروا على إظهار الجريدة  باسمها أو باسم آخر بعد صدور القرار بتعطيلها ) .

 

ويجب أن يقضي أيضاً في هذه الحالة بتعطيل الجريدة لمدة تعادل ضعفي المدد المنصوص عليها في المادة المتقدمة وتضاف إلى مدة التعطيل السابقة وأخيراً تنص المادة 30 من القانون آنف الذكر على أن : ( في حالة مخالفة أحكام المواد 9و 10 و 21و 22 تضبط المطبوعات أو أعداد الجريدة بصفة إدارية ) .

 

وفي حالة مخالفة أحكام المادتين 9و 10 يضبط أيضاً ما استعمل في الطباعة من قوالب و أصول ” كليشيهات ”

 

ويقضى الحكم الصادر بالعقوبة بمصادرة المطبوعات المذكورة أو أعداد الجريدة أو القوالب أو الأصول ” الكليشيهات ”

 

ومن حيث إنه قد صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 283 لسنة 1956 بإدخال بعض التعديلات علـــــى التشريعات القائمة ناصاً فــــي مادته الأولى على أنـــه: ( يستبدل بعبارتي ” رئيس مجلس الوزراء ” و ” مجلس الوزراء ” في جميع القوانين وغيرها من التشريعات القائمة عبارة ” رئيس الجمهــــورية ” وكذلك يســــتبدل بعبـــارة ” رياسة مجلس الوزراء ” عبارة ” رياسة الجمهورية ” .

 

وبتاريخ 9/10/1983 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 402 لسنة 1983 بتفويض وزير الدولة للإعلام في بعض الاختصاصات ناصاً فى مادته الأولى على أن: ( يفوض وزير الدولة للإعلام فى مباشرة اختصاصات رئيس الجمهورية الواردة في المادتين 9و 10 من المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 1936 المشار إليه ) .

 

ومن حيث إن البادي من مجمل هذه النصوص وبالقدر اللازم للفصل في الشق العاجل من الدعوى دون مساس بأصل طلب الإلغاء – أن ضمان الدستور لحرية التعبير عن الآراء والتمكين من عرضها ونشرها سواء بالقول أو بالتصوير أو بطباعتها أو بتدوينها وغير ذلك من وسائل التعبير – على نحو ما جاء بنص المادة 47 منه قد تقرر بوصفها الحرية الأصل التي لا يتم الحوار المفتوح إلا في نطاقها وعلى ذلك فإن هذه الحرية لا تنفصل الديمقراطية عنها فحاجة المجتمع الديمقراطي إلى تلك الحرية تشكل القاعدة في كل تنظيم ديمقراطي لا يقوم إلا بها وتقود تقدمه وتنير طريق نموه وتقوي بنيانه وعلى ذلك فإن ما توخاه الدستور من خلال ضمان حرية التعبير  وهو أن يكون التماس الآراء والأفكار وتلقيها عن الغير ونقلها إليه غير مقيد بالحدود الإقليمية على اختلافها , ولا تنحصر في مصادر بذواتها تعد من قنواتها – بل قصد أن تترامى آفاقها وأن تتعدد مواردها وأدواتها سعياً لتعدد الآراء وابتغاء إرسائها على قاعدة من حيدة المعلومات – ليكون ضوء الحقيقة مناراً لكل عمل ومحوراً لكل اتجاه .

 

كما أن الدستور بعد أن أرسى القاعدة العامة التي تقوم عليها حرية التعبير حرص على إكمالها بإحدى الحريات المتولدة عنها كإحدى صورها الأكثر أهمية والأكثر أثراً في المجتمع وهي حرية الصحافة ، حيث حرص على الارتقاء بهذه الحرية إلى مصاف الحقوق و الحريات العامة وحمايتها وصونها ليحول دون التدخل في شئونها من خلال القيود التي ترهق رسالتها أو تعطل خدماتها ودورها في بناء المجتمع وتطويره  وباعتبارها من أفضل المنابع التي تكفل تدفق الأنباء والآراء و الأفكار ونقلها إلى قطاع عريض من المواطنين ، وخاصة دورها البناء والفعال في تطوير المجتمع وتدعيم الحريات فيه من خلال دورها في النقد الموضوعي البناء لمختلف جوانب الحياة في المجتمع سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية وبيان نواحي التقصير فيها وتقويم اعوجاجها وطرح وسائل علاجها .

 

ومن حيث إنه من المقرر أن الحريات و الحقوق العامة التي كفلها الدستور ومنها حرية الطباعة والنشر بوصفها أحد مظاهر حرية التعبير عن الرأي – فإنها ليست حريات وحقوقاً مطلقة ، وإنما يجوز تنظيمها تشريعياً بما لا ينال من محتواها إلا بالقدر وفي الحدود التي ينص عليها الدستور .

 

ومن ثم فإن القيود التي يفرضها المشرع على تلك الحرية تمثل استثناء من الأصل الدستوري المقرر بكفالة وضمان حرية التعبير عن الآراء , كما يجب أن تكون في أضيق الحدود بحيث لا تستهدف الانتقاص من تلك الحرية أو تتضمن تضيقاً للدائرة التي تعمل من خلالها أو تنال من محتواها ، كما يجب أن تكون تلك القيود بقدر الضرورة التي تستدعيها المصالح العليا محل الحماية التي تبغيها ، وبما يكفل عدم تجاوز هذه الحرية – في الوقت ذاته – لأطرها الدستورية و القانونية المقررة بما يضمن عدم إخلالها بما اعتبره الدستور من مقومات المجتمع الأساسية ، ومساسها بما تضمنه من حقوق وحريات وواجبات عامة .

 

ومن حيث إنه بالرجوع إلى القواعد الحاكمة لتداول المطبوعات التي تصدر في الخارج – ومنها الجرائد التي تطبع في خارج البلاد سواء كانت مملوكة لأجانب أو مصريين وتسويقها في مصر – وهي تلك الواردة بقانون المطبوعات رقم 20 لسنة 1936 والذي بقى سارياً وممتداً المجال الزمني لسريان أحكامه حتى الآن وما أدخله المشرع من تعديلات على هذا القانون بعد صدور الدستور الدائم لجمهورية مصر العربية – يبين أن المشرع لم يحظر بحسب الأصل دخول تلك المطبوعات وتوزيعها داخل البلاد , وإنما نظم المشرع مسألة تداول المطبوعات الأجنبية بمصر بهدف إثراء الإعلام على المستوى المحلى وأوجب حصول موزع هذه المطبوعات على رخصة من وزارة الداخلية قبل عرضها للبيع سواء في الطريق العام أو في أي محل عمومي آخر وأجاز – بقرار خاص يصدر من مجلس الوزراء – منع مطبوعات صادرة في الخارج من الدخول و التداول في مصر نزولاً على مقتضيات المحافظة على النظام العام ، كما أجاز لمجلس الوزراء أن  يمنع من التداول في مصر المطبوعات المثيرة للشهوات محافظة على الآداب العامة وكذلك المطبوعات التي تتعرض للأديان تعرضاً من شأنه تكدير السلم العام في المجتمع على نحو ما جاء بنص المادتين 9، 10 من القانون رقم 20 لسنة 1936 سالف الذكر ثم نقل هذا الاختصاص إلى رئيس الجمهورية طبقاً للقرار بقانون رقم 283 لسنة 1956 المشار إليه سلفاً ثم آل هذا الاختصاص تفويضاً لوزارة الإعلام بموجب القرار الجمهوري رقم 402 لسنة 1983 آنف الذكر – كما أجاز المشرع لوزير الداخلية منع عدد معين من جريدة تصدر في الخارج من الدخول والتداول في مصر محافظة على النظام العام بمقتضى نص المادة 21 من القانون رقم 20 لسنة 1936 .

 

ومن حيث أن مؤدى ما تقدم أن وزارة الإعلام تتمتع بسلطة تقديرية في أمر تداول المطبوعات التي تصدر في الخارج من أجل المحافظة على سلامة المجتمع حيث وضع المشرع ثلاثة قيود تحول دون تسويق تلك المطبوعات في مصر تنحصر فى ألا تكون مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة , وألا تتعرض لثوابت الأديان تعرضاً من شأنه تكدير السلم العام , وصارت بذلك تلك الجهة متخصصة في مراقبة هذه المطبوعات مما يقتضي منها التأكد من صدور هذه المطبوعات في الخارج ومباشرة رقابة دائمة وفعالة – تقوم على أسس موضوعية – على تلك المطبوعات , وهي رقابة سابقة على توزيع المطبوع الأجنبي , وفي ذات الوقت رقابة فنية تنصب على الأعمال والمواد الصحفية المنشورة في ذلك المطبوع ومتابعة وتقييم المادة الصحفية ، وتتمتع في سبيل تحقيق غايتها بكافة السلطات الرقابية اللازمة وفي مقدمتها الاطلاع على أعداد المطبوعات الأجنبية محل الرقابة ، ونتيجة هذا العمل الرقابي تقتصر فقط – في حالة المخالفة – على منع الأعداد المخالفة من الدخول و التوزيع في مصر فقط ولا يمتد إلى المنع الكلى للمطبوع الأجنبي ذاته من التوزيع مستقبلاً وإلا كان في ذلك انتقاصاً من حرية الطباعة والنشر بغير سند من القانون .

 

فضلاً عن أن هذا الجزاء الإداري ينصب على أعداد المطبوعات المخالفة فقط ولا شأن له بالجريدة الأجنبية وهي التي تصدر بصفة دورية كمية من مطبوع باسمها بعدد محدد من الصفحات بمواصفات معينة , سواء في مواعيد منتظمة أو غير منتظمة طبقاً لتعريف المشرع بمصطلح الجريدة على النحو الوارد بنص المادة الأولى من القانون رقم 20 لسنة 1936 ومن ثم لا تملك الجهة الرقابية المذكورة سلفاً منع تداول الجريدة التي تصدر في الخارج كلياً لمجرد إصدارها عدداً أو أعداد مخالفة طبقاً لما سلف بيانه لأن ذلك خلاف مراد الشارع  بالنسبة للجرائد التي تطبع في الخارج , الذي لم يقدر الوصول بهذا الجزاء إلى مرحلة الأمر بمنع تداول الجريدة بصفة كلية في الخطر الكلي على بيوع مطبوعات الجريدة الأجنبية التي تصدرها دورياً وعدم استيرادها يعتبر تقييداً لحرية التعبير والصحافة والطباعة والنشر بغير مسوغ قانوني مشروع  .

 

ومن حيث إنه – مما يؤكد ما تقدم – إنه في ضوء نصوص التجريم والعقاب عن المخالفات التي تقترفها تلك المطبوعات التي تصدر في الخارج لأحكام القانون رقم 20 لسنة 1936 بشأن المطبوعات  لم تتضمن هذه النصوص ما يجيز للقاضي الجنائي سلطة منع تداول المطبوع الأجنبي كليةً، وإنما تعطيل هذا المطبوع بصفة مؤقتة لمدة محددة ، جوازياً أحياناً ووجوبياً في أحيان أخرى فضلاً عن أحوال مصادرة هذه المطبوعات أو أعداد الجريدة المخالفة وكذلك الأدوات التي استعملت في الطباعة ، وذلك على النحو الوارد تفصيلاً في المواد 26 و 27 و 29 و 30 و 31 و 33و 34 من القانون المذكور , وبذلك حافظ المشرع  على حماية حرية الطباعة والنشر و الصحافة والتعبير عن الرأي وضمان استمرارها دون حظر أو إلغاء ، كما حفظ للسلطة القضائية سلطانها على المطبوعات الأجنبية التي ترد إلى البلاد ، والتي تسئ استعمال هذه الحرية بما ترتكبه من جرائم صحفية منصوص عليها في القانون رقم 20 لسنة 1936 وبما حدده من جزاءات عليها دون مصادرة كلية لهذه الحرية .

 

ومن حيث إنه فضلاً عما سبق فإن نصوص القانون رقم 20 لسنة 1936 قد خلت تماماً من ثمة نص يلزم صاحب المطبوع الأجنبي الحصول على ترخيص مسبق قبل السماح بتداول مطبوعة داخل البلاد وإنما اشترط المشرع فقط حصول موزع المطبوعات – سواء كانت محلية أم أجنبية – على رخصة من وزارة الداخلية قبل عرضها للبيع – ولم يثار بين طرفي الطعن ثمة نزاع بشأن هذه الرخصة – كما أناط المشرع بوزارة الإعلام مراجعة المطبوعات الأجنبية – قبل السماح بتداولها داخل البلاد طبقاً لما سلف بيانه ، وقد أجدبت الأوراق عن ثمة دليل – سواء ورد في قواعد تنظيمية عامة أصدرتها وزارة الإعلام – بحسبانها الجهة الرقابية المختصة قانوناً أو في أي نص قانوني آخر – يستلزم حصول صاحب المطبوع الأجنبي على رخصة أو موافقة مسبقة – سواء من وزارة الإعلام أو أية جهة إدارية أخرى على طبع وتوزيع الجريدة داخل جمهورية مصر العربية وإنما كل ما ذكرته الجهة المذكورة – في ردها على الدعوى – وجوب أن ترد المطبوعات الأجنبية إلى جهاز المطبوعات والصحافة التابع لوزارة الإعلام عن طريق مؤسسة صحفية قومية لتقوم بمراجعتها ثم السماح بتداولها عن طريق تلك المؤسسة .

 

ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم – على واقعة النزاع – فإنه لما كان البادي من ظاهر الأوراق – وعلى نحو ما أقرت به جهة الإدارة جريدة أخبار البرلمان موضوع النزاع الماثل – مطبوع أجنبي يصدر باللغة العربية ، ويملكها مصريون وتطبع في الخارج وهي جريدة أسبوعية متخصصة في نشر أخبار جلسات مجلسي الشعب و الشورى ولجانهما وكان يتم طباعة هذه الجريدة بالمنطقة الحرة ببورسعيد وكانت وزارة الإعلام ممثلة في جهاز المطبوعات والصحافة تقوم بمراجعة أعداد هذه الصحيفة التي ترد إليها عن طريق مؤسسة الأهرام ، وتلك المراجعة مرهونة بالمادة الصحفية المنشورة نتاج العمل الصحفي الذي يباشره رئيس التحرير والمحررون المسئولين والصحفيون بغض النظر عن جهة تأسيسها أو المانحة لها ترخيص بمزاولة هذا النشاط والسماح بتداولها داخل البلاد عن طريق مؤسسة الأهرام إلا أنه بتاريخ 14/10/1997 صدر قرار وزير الإعلام المطعون فيه متضمناً منع هذه الصحيفة من التداول داخل البلاد ، كما استبان من الأوراق أن جهة الإدارة قد أفصحت عن السبب الذي بني عليه القرار الطعين متمثلاً في أن الصحيفة المذكورة ضمن الصحف التي خرجت على أحكام القوانين واللوائح المنظمة لطبعها في المناطق الحرة وأنها كانت تطبع خارج تلك المناطق في حين وإن قانون المطبوعات الخارجية يحتم طبع مثل هذه الصحف والمحلات في المناطق الحرة وسريان الإجراءات الجمركية على هذه الصحف والمجلات عند السماح لها بدخول البلاد ، مما أدى إلى تهرب تلك الصحف من دفع الضرائب المفروضة عليها والإخلال بأحكام قانون المطبوعات الخارجية .

 

ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك ، وكان البادي منيأأأأ    أأأأأأأأأأأا ظاهر الأوراق عدم معرفة الجهة الرقابية المذكورة مكان طبع أعداد الجريدة المذكورة ، فإنه بافتراض مسئولية صاحب الجريدة المذكورة عن تلك المخالفة ، فإن هذه المخالفة لا تبرر منع تداول تلك الجريدة داخل البلاد منعاً نهائياً ،ففضلاً عن أن هذا العقاب لم ينص عليه قانون المطبوعات سالف الذكر ، فإن هذه المخالفة – بغرض ثبوتها – يسأل عنها مرتكبها أي صاحب الجريدة إعمالاً للمبدأ الدستوري بشخصية العقوبة ، ولا عقاب إلا على مرتكب الجريمة ومن ثم لا يجوز أن يمتد العقاب إلى الصحيفة ذاتها المملوكة كشركة لها كيان قانوني مستقل وقائم بذاته ولها شخصيتها ومساهميها وعمالها والذين يمتد إليهم ويطولهم عقاب حظر تداول الجريدة المذكورة وما تصدره من أعداد بصفة دورية في مواعيد منتظمة حظراً كلياً بغير سند أو مبرر ومن ثم يضحى القرار المطعون فيه – بحسب الظاهر من الأوراق – فاقداً سنده و أساسه من صحيح حكم القانون ، الأمر الذي يتوافر معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه ، فضلاً عن توافر ركن الاستعجال ، طبقاً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن أي مساس أو انتقاص لحق من الحقوق الدستورية يتمثل به وفيه ركن الاستعجال دائماً .

 

وحيث إنه لما كان البادي من مطالعة الأوراق أنه لا يوجد قانوناً ما يحول دون طبع الجريدة المذكورة بالمناطق الحرة أو بمطابع إحدى المؤسسات الصحفية القومية ، فضلاً عن مطالبة رئيس مجلس الشعب باستمرار تداول الصحيفة المذكورة لكونها متخصصة في نقل أخبار مجلسي الشعب و الشورى , حيث إن القرار المطعون فيه مستمراً في إنتاج آثاره القانونية المراد تفادي النتائج المترتبة عليها ومن ثم يتوافر ركن الاستعجال اللازم قيامه عند الفصل في الشق المستعجل من طلب وقف التنفيذ .

 

وإذ استقام طلب وقف التنفيذ على ركنيه الجدية و الاستعجال مما يتعين معه القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما يتضمنه من منع طبع وتداول جريدة أخبار البرلمان داخل البلاد مع ما يترتب على ذلك من آثار .

 

وإذ انتهى الحكم المطعون فيه – إلى هذه النتيجة – للأسباب التي قام عليها فإنه يكون قد أصاب وجه الحق و القانون ، ومن ثم يكون الطعن على هذا في غير محله وعلى غير أساس سليم من القانون ، مما يتعين معه القضاء برفضه .

 

 

 

 

 

ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بالمصروفات عمـــلاً بحكم المــادة 184 مرافعات .

 

 

 

” فلهــــــــــذه الأسبـــــــــاب”

 

**********

حكمت المحكمة :

     

 

 بقبول الطعن شكلاً , وبرفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات .

                                                                                                                                                                         

 

 

سكرتير المحكمـــــة                                                                             رئيس المحكمـــــــة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى