موسوعة المحكمه الاداريه العليا

في الدعوى رقم 15896 لسنة 56 قضائية

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

محكمة القضاء الإداري

الدائرة السادسة (عقود وتعويضات)

بالجلسة المنعقدة علنًا في يوم الأحد الموافق 22/10/2006.

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/              عبد الفتاح صبري أبو الليل                  نائب رئيس مجلس الدولة

ورئيس المحكمة

وعضوية السيد الأستاذ المستشار/                    سعيد حسين محمد النادي                     نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السيد الأستاذ المستشار/                    سعيد مصطفى عبد الغني                         وكيل بمجلس الدولة

وحضور السيد الأستاذ المستشار/                     ثروت محمد                                         مفوض الدولة

وسكرتارية السيد /                                     طارق عبد العليم تركي                       أمين السر

أصدرت الحكم الأتي

في الدعوى رقم 15896 لسنة 56 قضائية

المقامة من/

أحمد جلال زكي عبد الله

ضد السيد/

وزير الداخلية…………..”بصفته”.

الوقائع: –

أقام المدعي هذه الدعوى بصحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 20/6/2002 طالب  في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بأحقيته في استرداد المبلغ الذي دفعة للوزارة بدون وجه حق فضلا على فوائدة القانونية بنسبة 4% من تاريخ المطالبة القضائية.

وقال المدعي شرحا لدعوه أنه تخرج من كلية الشرطة عام 1999، وعين ضابطا بهيئة الشرطة، وتقدم للتعين في الوظائف القضائية إلا أن وزارة الداخلية اشترطت لقبول استقالته أخلاء طرفه أن يدفع مبلغا مقداره 46602 جنيه.

بمقولة أن ذلك يمثل النفقات الدراسية التي تكبدتها أكاديمية الشرطة مما أضطره إلى دفع المبلغ حتى لا تضيع فرصة الالتحاق بالهيئة القضائية وبناء عليه قبلت استقالته.

ونعى المدعي على مسلك الجهة الإدارية مخالفته للقانون والدستور إذ لا يسوغ إجباره على سداد المبلغ المطالب به بمناسبة ممارسة حقه الدستوري في العمل، كما أن الوزارة سبق وأن أعفت زملاء له من المصروفات بل وقد أعفت دفعات بالكامل من المصروفات لمن التحق بأحدي الهيئات القضائية، وأن جهة الإدارة لم تجد معها المطالبة الودية كما أنه لجأ إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات طبقا للقانون رقم (7) لسنة 2000.

وقد جرى تحضير الدعوى لدى هيئة مفوضي الدولة على النحو المبين بمحاضر الجلسات وفيها مثل المدعي بوكيل محام وقدم حافظتي مستندات اطلعت عليهما المحكمة وأحاطت بما جاء فيهما وتقرر حجز الدعوى للتقرير.

وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الدعوى رأت فيه لأسباب الحكم بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بإلزام المدعي عليه بصفته بأن يؤدي إلى المدعي مبلغ 46602 جنيه السابق تحصيله منه كمصروفات دراسية وإلزامه المصروفات.

قد حددت المحكمة جلسة 5/9/2002 لنظر الدعوى، وتدوول نظرها على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وفيها مثل المدعي بوكيل محام وقدم حافظتي مستندات أطلعت عليهما المحكمة وأحاطت بما جاء ومثل محامي الحكومة وقدم مذكرتين بالرد على الدعوى. وبجلسة 16/4/2006 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 5/9/2006 مع مذكرات في أجل ضربته انقضى دون إيداع وبها مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وبها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

– المحكمة –

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.

 

تابع الدعوى رقم 15896 لسنة 56 ق

 

من حيث إن المدعي يهدف من هذه الدعوى الحكم بقبولها شكلا وفي الموضوع بإلزام المدعي عليه بصفته بأن يرد له مبلغا مقداره ستة وأربعون ألف وستمائة وأثنين جنيه.

ومن حيث إنه عن شكل الدعوى فإن المدعي لجأ إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات بالطلب رقم 11314 لسنة 2002 وأوصت اللجنة برفض الطلب ، وإذ استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية الأخرى المقررة قانونا، فهي مقبولة شكلا.

ومن حيث إنه عن موضوع الدعوى فإن من المقرر أن للمحكمة السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في النزاع المطروح عليها وتقدير ما يقدم فيها من الأدلة والبيانات، والقاضي الإداري بما له من هيمنة إيجابية على الدعوى الإدارية يملك التعرف على حقيقة الوقائع فيها مما يقدمه الطرفان من دفاع ومستندات ثم يستظهر طبيعة النزاع ويسبغ عليه الوصف الحق والتكييف القانوني الصحيح ويرد ما حصله من فهم للواقع إلى حكم القانون فيبسط رقابته عليه، ويعمل في شأنه حكم القانون حسبما للنزاع القائم بشأنه.

ومن حيث إنه لما كان ذلك وكان الثابت من أوراق النزاع الماثل وفقا للتكييف القانوني الصحيح له – هو منازعة تتعلق بعقد إداري وتدور حول تنفيذ أحد الحقوق والالتزامات الناشئة عنه، ذلك أن المدعي – لدى التحاقه بكلية الشرطة وقع على تعهد يلتزم فيه بعدم ترك الخدمة بوزارة الداخلية قبل عشر سنوات من تاريخ التخرج، وأنه إذا ترك الخدمة قبل انقضاء هذه المدة – التزم بدفع ضعف النفقات الدراسية عن المدة التي قضاها بالكلية – ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة – على ما قضت به دائرة توحيد المبادئ المنصوص عليها في المادة (54) مكررا من قانون مجلس الدولة رقم (47) لسنة 1972 المضافة بالقانون رقم (136) لسنة 1984 في الطعن رقم (7) لسنة 1 ق0عليا بجلسة 15/12/1985 – أن التعهد بخدمة موفق عام.

لمدة محددة مع التزام المتعهد برد ما أنفقة المرفق على تدريبه علميا وعمليا في حالة إخلاله بالتزاماته هو عقد إداري تتوافر فيه خصائص ومميزات هذا العقد وأن الأصل في تفسير العقود – أدراية كانت أو  مدنية – وهو التعرف على النية المشتركة للمتعاقدين حسبما تفصح عنها عبارات العقد، فإن كانت واضحة تكشف بذاتها عن هذه النية فلا وجه للحيد عنها أو مخالفتها أو الاجتهاد في تفسيرها بما ينأى عن صراحتها وعن وضوح عباراتها ومقتضى دلالتها، ومتى ثبت أن هذه النية واضحة في الالتزام بخدمة مرفق عام مدة محددة سلفا، مع التزام المتعهد في حالة إخلاله بهذا الالتزام برد ما أنفق على تدريبه علميا وعمليا، فإن مفاد ذلك قيام التزام أصلي يقع على عاتق المتعاقد مع المرفق محلة أداء الخدمة للمدة المتفق عليها والتزام بديل محله دفع ما أنفق عليه لتدريبه علميا وعمليا ويحل الالتزام البديل فور الإخلال بالالتزام الأصلي بعدم أداء الخدمة كامل المدة المتفق عليها ولا تبرأ ذمة المتعاقد من التزامة إلا بأداء كامل الالتزام البديل وهو كامل النفقات التي أنفقت عليه.

ولما كان الثابت من الأوراق أن المدعي تخرج من كلية الشرطة وعين ضابطا بهيئة الشرطة بوزارة الداخلية وترك الخدمة بها بسبب يرجع إليه قبل انقضاء المدة المنصوص عليها بالتعهد المشار إليه حيث قدم استقالته فإنه يكون قد أخل بالتزامه الأصلي بالخدمة في الوزارة المدة المتفق عليها وبالتالي بأن يؤدي لها الالتزام البديل وهو ضعف النفقات الدراسية التي أنفقت عليه مدة دراسته وإذ تبين للوزارة أن قيمة هذه النفقات هي مبلغ 46602 جنيه فألزمته بسداده قبل نقله إلى الجهة المذكورة فإن تصرفها يكون صحيحا ويجد سند مشروعيته في العقد الإداري سالف الذكر.

ومن حيث إن المدعي لا يجادل في التزامه بسداد هذه النفقات طبقا للتعهد المذكور وإنما يدور الخلاف بينه وبين الوزارة حول مدى أحقيته في الاستفادة مما سبق أن قرره وزير الداخلية عام 1996 بإعفاء الضباط المنقولين إلى الهيئات القضائية من أي التزام مالي نظير نقلهم من هيئة الشرطة بمقولة توافر الضوابط الواردة به في شأنه وبالتالي لا يجوز للوزارة أن تلزمه بهذه النفقات على سند مما قرره وزير الداخلية عام 1998 بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة بتاريخ 28/10/1998 بإلزام الضباط المنقولين إلى أية جهة حكومية ( هيئات قضائية أو …..) بتحديد المبالغ المستحقة عليهم لعدم تمضيتهم عشر سنوات بالخدمة مع استنزال نسبة عشر المبلغ عن كل سنة خدمة إعمالا لنص المادة (33) من قانون أكاديمية الشرطة (91) لسنة 1975 لأن الوزارة بذلك تكون قد خالفت القانون وعطلت حكمة وألغت السلطة التقديرية التي منحها لها المشرع بالنص سالف الذكر الذي يجيز لوزير الداخلية بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة إعفاء الضابط المنقول إلى أي جهة حكومية من هذه النفقات أو جزء منها فذلك القول مردود بأن ما صدر عن وزارة الداخلية سواء عام 1996 أو عام 1998 لا ينطوي على مخالفة للقانون أو خروجا على أحكامه بحسبان أن الالتزام بسداد هذه النفقات هو التزام  عقدي على ما سلف بيانه وما يصدر عن الوزارة في شأن تنفيذه ليس من قبيل القرارات الإدارية بمعناه المقرر فقها وقضاء وإنما هو إجراء

 

تابع الدعوى رقم 15896 لسنة 56 ق

 

عقدي أتخذ في أطار علاقة عقدية وإن كان قد صدر طبقا للرخصة المقررة في المادة (33) من أكاديمية هيئة الشرطة المشار إليه باعتبار أن هذا النص قد اندمج في أحكام التعاقد وبالتالي فلا تثريب على الوزارة أن عدلت عما وضعته عام 1996 من ضوابط وشروط للإعفاء الكلي من هذا الالتزام ووضعت ضوابط أخرى عام 1998 قررت فيه الإعفاء الجزئي من هذه النفقات وهي في الحالتين استخدمت حقا مقرر إليها وهي بصدد تنفيذ العقد وليس ثمة مخالفة إذا قدرت في فترة زمنية معينة الإعفاء من هذه النفقات وفق ضوابط وشروط محددة ثم عدلت عنها في فترة زمنية لاحقه فوضعت غيرها بعد أن قدرت تغيرا في المعطيات والظروف التي كانت محلا لتقديرها الأول ولا مجال حينئذ للقول بانحرافها في استعمال سلطتها أو إخلالها بمبدأ المساواة بين ذوي المراكز القانونية المتماثلة لما هو مقرر من أن الالتزامات التي تترتب على العقد الإداري هي التزامات شخصية أو ذاتية ولا تبرأ ذمة المتعاقد مع الإدارة منها إلا بالوفاء بها كما لا تسأل الإدارة في نطاقها إلا عن خطئها العقدي  حين تخل بالتزام عقدي كان يتعين عليها القيام به ولم تفعل – إذا ترتب على ذلك إلحاق ضرر بالطرف الأخر، ولا وجه للقول بأن ذلك يمثل إخلاله بمبدأ المساواة وألا تحول هذا المبدأ من ضابط يحقق العدالة إلى سد حائل دون مسايرة تغير الظروف والأحوال ومقتضيات حاجات المرفق.

ومن حيث إنه لما كان ما تقدم فإن اقتضاء وزارة الداخلية للمبلغ المشار إليه من المدعي نتيجة إخلاله بالتزامه الأصلي هو إجراء سليم يتفق مع التعهد المشار إليه – فضلا عن موافقته للضوابط التي قررتها الوزارة عام 1998.

وبذلك تكون دعوى المدعي قد أقيمت على غير أساس صحيح من القانون مما يتعين معه الحكم برفضها.

وحيث إنه عن المصاريف شاملة في ذلك أتعاب المحاماة، فأن المحكمة تلزم بها المدعي خاسر الدعوى عملا بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: قبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعا، وألزمت المدعي المصروفات.

سكرتيرالمحكمة                                                                رئيس المحكمة

 

 

 

 

 

 

 

إبراهيم / ….

روجع / محمد علام

 

 

 

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى