موسوعة المحكمه الاداريه العليا

في الدعوى رقم / 14384 – لسنة56ق

 

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

محكمة القضاء الادارى

الدائرة السادسة

بالجلسة المنعقدة علنا يوم الأحد  الموافق 19/6/2005

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ الدكتور / عبد الفتاح صبري أبو الليل              نائب رئيس مجلس الدولة

                                                                                                    ورئيس المحكمة

وعضوية السيد ين الأستاذين المستشارين سعيد حسين المهدي النادي            نائب رئيس مجلس الدولة

                و / ناصر حسين معلا                                                        مستشار بمجلس الدولة

وحضور السيد الأستاذ المستشار/                                                         مفوض الدولـــــــة

وسكرتارية السيد                / طارق عبد العليم تركي                                 أمين الســــــــر

أصدرت الحكم الاتى

في الدعوى رقم / 14384 – لسنة56ق

المقامة من:

محمود رجب محمود محمد

ضـــد

وزير الداخلية ( بصفة )

الوقائع /

—–  أقام المدعي هذه الدعوى  بصحيفة أودعت  قلم كتاب  هذه المحكمة بتاريخ 2/6/2002 طالباً في ختامها الحكم وفي الموضوع بإلزام المدعي عليه بصفته  بأن يؤدي له التعويض المنسب عما لحقه من اضرار مادية والأدبية جراء قرارات اعتقاله خلال الفترة من 14/2/1988 حتى تاريخ الفصل في الدعوى وإلزامه المصروفات.

وأورد المدعى شارحا لدعواه أنه تم أعتقله خلال الفترة من 14/2/1988 ولا يزال رهن الاعتقال

ونعي المدعى على قرار اعتقاله أنه صدرً معيبا مخالفة  القانون والانحراف بالسلطة وانعدام  سببه لعدم اقترافه ثمة ما يبرر اعتقاله وليس من المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام  0

وأضاف المدعي بأنه قد لحقته من جراء اعتقاله أضرار أدبية ومادية تتمثل في حرمانه من حريته ومعاناته ألام السجن دون ذنب أو تحقيق ومحاكمة عادلة وأهدار كرامته من حياته الأسرية والأجتماعية ومن أرسته ولعدم الرعاية الصحية بالسجن مما أدي لأصابته بالأمراض وتلويث سمعته بين أهله وذويه وافتقاره للشعور بالأمان وحرمانه من كسب رزقه ومن أعالة اسرته واستدانته وتكبده نفقات زيارات أسرته له بالسجن وأتعاب المحامين للأفراج عنه 0

واستطرد بأنه سبق وأن تقدم للجنة التوفيق في بعض المنازعات بموجب الطلب رقم 8703 لسنة 2001 حيث أوصت اللجنة بجلستها المنعقدة بتاريخ 5/11/2001 برفض الطلب

وقد جرى تحضير الدعوى لدى  هيئة مفوضي الدولة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات التحضير حيث قدم الحاضر عن المدعى شهادة من مكتب النائب العام تفيد اعتقاله بتاريخ 13/3/95 لفترات متكررة ولا يزال رهن الأعتقال حتى تاريخ ورود كتاب وزارة الداخلية المؤرخ 29/2/2004.

وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه  الحكم بقبول الدعوى شكلا , وفي الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدى المدعى المبلغ الذي تقدره المحكمة على سبيل التعويض عن للإضرار المادية والأدبية التي إصابته من جراء اعتقاله.

وتحدد لنظر الدعوى أمام المحكمة جلسة 12/1/2003 حيث قدم الحاضر عن المدعى عليه بصفته مذكرة دفاع طلب في ختامها الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات  وقدم الحاضر عن المدعى مذكرة دفاع  عدل فيها طلباته  بجلسة 7/11/2004 باستبعاد الفترة من 13/3/95 حتى 10/9/2001 لسبق

 

الحكم بها والحكم له بالتعويض عن الفترة من 11/9/2001 حتى 29/2/2004 وفقا لأخر شهادة مقدمة 0 وبجلسة 30/1/2005 قررت المحكمة حجز الدعوى لأصدار الحكم بجلسة  اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة  على أسبابه ومنطوقه0

المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق, وسماع الإيضاحات,  وبعد المداولة قانونا

وحيث أن المدعى بطلب الحكم  بقبول الدعوى شكلا في الموضوع بإلزام المدعي عليه بصفته أن يؤدى له التعويض المناسب عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به جراء قرارات اعتقاله خلال الفترة من 11/9/2001 حتي 29/2/2004 وإلزامه بالمصروفات 0

ومن حيث أن الدعوى الماثلة تعد من دعاوى القضاء الكامل التي لا تتقيد بمواعيد وأجراءات دعوى اللغاء 0 0 .

و من حيث أن الثابت بالأوراق إن المدعى قد سبق وأن تقدم اللجنة التوفيق  في بعض المنازعات بموجب الطلب رقم 8703 لسنة 2001 حيث قررت اللجنة بجلسة 5/11/2001رفض الطلب .

وحيث أن الدعوى قد استوفت سائر أوضاعها الشكلية ومن ثم فهي مقبولة  شكلا 0

ومن حيث أنه عن موضوع الدعوى فقد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارىء متضمنا تخويل رئيس الجمهورية سلطة إعلان حالة الطوارىء بقرار جمهوري وقد صدرت القرارات المتعاقبة بأعلان حالة الطوارىء بجميع انحاء البلاد بصورة شبه مستمره لمدة فاهزت نصف قرن من الزمان ، وقد نصت المادة الثالثة من هذا القرار بقانون على تخويل رئيس الجمهورية سلطة اتخاذ إجراءات استثنائية شاملة لكافة مناح الحياة العامة ويأتي في مقدمتها ما نصت عليه الفقرة ( 1) من تخويل رئيس الجمهورية سلطة وضع قيود على حرية الأشخاص في الأجتماع  والنتقال والأقامة والمرور في اماكن او أوقات معينة والقبض على المشتبة فيهم او الخطرين على الأمن والنظام العام واعتقالهم والترخيص في تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون  الأجراءات الجنائية الذي كفل الضمانات الأساسية للأفراد في حالة توجيه التهام بارتكاب جريمة 0

كما  نصت المادة (3مكررا ) من ذات القرار بقانون المعدلة بالقانون رقم 27 لسنة 1972 والمستبدلة بالقانون رقم 50 لسنة 1982 على أن يبلغ فورا كل من يقبض عليه أو يعتقل وفقا للمادة السابقة بأسباب القبض عليه أو اعتقاله ويكون له حق الاتصال بمن يرى ابلاغة بما وقع والاستعانة بمحام ويعامل المعتقل معاملة المحبوس احتياطيا 0

وقد صدر قرار رئيس الجمهورية بتفويض وزير الداخلية في اختصاصاته المنصوص عليها بالفقرة ( 1من المادة 3) سالفة الذكر 0

وقد جرى قضاء المحكمة الإدارية العليا أن سلطة الحكومة في الاعتقال ليست سلطة مطلقة من كل قيد بل تخضع لأصول وضوابط تتمثل في قيام حالة واقعية أو قانونية تدفع الإدارة للتدخل بقرارها ، ويجب أن يكون هذا الأجراء لازما لمواجهة هذه الحالة بوصفه الوسيلة الوحيدة لعلاج هذا الموقف وان يكون رائد الادارة  في هذا التصرف هو ابتغاء مصلحة عامة ، وتخضع هذه الأجراءات والتصرفات لرقابة القضاء لاستظهار مدي مشروعيتها على اساس الضوابط التي سلف ذكرها ، ومن المستقر عليه ايضا أن وصم الشخص بالخطورة على المن ولالنظام العام لايعتبر من الملائمات المتروكة للإدارة وانما يعتبر مسألة قانونية تخضع الإدارة في ممارستها لرقابة القضاء للتحقق من قيام ركن السبب الذي استلزمه القانون لمشروعية قرار الأعتقال 0

ومؤدى ما تقدم في ضوء نص المادة الثالثة مكرر أن قرار الاعتقال يجب أن يكون مسببا وأن تكون هذه السباب حقيقية لا ظنية او افتراضية وتقوم على أساس من الواقع والحقيقة الثابتة التي تؤدى منطقا وعقلا  إلى وصم المعتقل بوصف الخطورة على الأمن والنظام العام بأعتبارها ركن السبب في قرار العتقال مما يقتضي ثبوت أن ثمة وقائع جدية مستمدة من أصول ثابته بالأوراق ومنتجة الدلالة على توافر معني الخطورة على الأمن والنظام العام وأن تؤدى هذه الوقائع بحسب الفهم المنطقي السائغ للأمور إلى وصم الشخص بهذه الخطورة أو الأشتباه ومن المقرر أن سبق العتقال لايعتبر في ذاتع سببا سائفا لاعتقاله مرة اخرى دون توافر الأسباب الثابتة والمقبولة التي تسوغ اعتقاله 0

 

وإذا صدر قرار الاعتقال مجردا من أسبابه وعلى خلاف الضوابط السابقة أو اعتصمت الأدارة بالامتناع عن طرح هذه الأسباب أو نكلت عن تقديم الأدلة المشتبة لوجودها او قدمت اسبابا تفتقر إلى أدلة صحتها ومنزوعة الأساس من حيث الواقع أو قدمت اسبابا لاتنتج وصف الخطورة على الأمن والنظام العام أو قاصرة على الوصف المسوغ للاعتقال كان قرارها باظلا وقامت مسئوليتها بالتعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي يثبت دليلها 0

ومن حيث أن الثابت بالأوراق أن المدعى قد جرى اعتقاله بتاريخ 13/3/95 ولا يزال رهن الاعتقال حتى أو شهادة لوزارة الداخلية في 29/3/2004 وقد سبق وان حصل المدعى على تعويض عن الفترة من 13/3/95 حتى 10/9/2001 بموجب الحكم الصادر بجلسة 24/2/2004 في الدعوى رقم 2145 لسنة 56ق إداري وبناء على ذلك عدل المدعى طلباته رفض طلب التعويض عن الفترة التالية اللاحقة لصدور الحكم اعتبارا من 11/9/2001 حتى تاريخ آخر شهادة اعتقال في 29/2/2004 0 وكان الثابت أن الأسباب التي  ركنت إليها الإدارة كمبرر للأعتقال لاتقوم على أى أسباب حقيقة أو لها ظل من الواقع أو سند من الأوراق ولاتتمخض الا عن أقوال مرسلة لاتنهض دليلا على انخراط المدعى بأحدى الجماعات الأرهابية أو المخظورة قانونا أو أعتقاله فكرا متطرفا أو كان من المشبوهين أو يشكل خطرا على الأمن والنظام العام ، ولو كان ما تدعية وزارة الداخلية صحيحا بشأن انضمام المدعى لمثل هذه الجامعة المحظورة لكانت قد قدمته للمحاكمة الجنائية طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 86 مكررا من قانون العقوبات والتي تعاقب بالسجن مدة لاتزيد على خمس سنوات لكل من يتضم إلى احدى هذه الجماعات  0

ومؤدى ما تقدم ان قرار اعتقال المدعى يعتبر صادرا في غير الأحوال التي نص عليها القانون ومتجردا من أسبابه الواقعية وعملا مخالفا للقانون ينحدر به إلى الخطأ الجسيم الذي يوجب مسؤلية وزارة الداخلية عن جميع الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بالمدعى من جراء هذا القرار 0

ومن حيث أنه عن ركن الضرر فإن الاعتقال دون وجه حق هو عين الضرر ذاته الذي يحول بين الأنسان وحقه في الحياة الأجتماعية الكريمة بين اهله وذوية ويجرده من حريته وكرامته وحقه في الاستمتاع بنعم الحاية وحقه في العمل والكسب والتنقل والأسهام في الحياة العامة وممارسة حقوقه الدستورية في الأنتخاب والترشيح وحرمان أسرته من اعالته لهم وتكبدها مشقة ونفقات زياراته وأتعاب المحامين للأفراج عنه 0

أن العتقال دون وجه حق هو عدوان على حرية الأنسان ويعتبر جريمة ضد انسانية الأنسان وحقه في الحياة ولا يوجد تعويض- أيا كان مداه وقيمته – يجبر هذه الضرار المعنوية لاستحالة إعادة الحال على ما كانت عليه ولذلك فإن التعويض عن الأضرار المعنوية والأدبية هو تعويض رمزي في جميع الأحوال وترى المحكمة تقدير مبلغ –ر7500 جنية ( فقط سبعة ألاف وخمسمائة جنية تعويضا شاملا لكافة عناصر الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بالمدعى من جراء قرارات اعتقاله خلال الفترة من 11/9/2001 حتى 29/2/2004 0

ومن حيث أنه عن مصروفات الدعوى فتلزم بها جهة الإدارة بحسبانها خاسر الدعوى عملا بنص المادة 184 من قانون المرافعات

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة :- بقبول الدعوى شكلا , وفي الموضوع بإلزام المدعي عليه بصفته بأن يؤدي للمدعى مبلغا مقداره – ر7500ج ( سبعة ألاف وخمسمائة جنيه) وإلزام الجهة  الإدارية بالمصروفات .

سكرتير المحكمة                                                                       رئيس المحكمة

 

 

 

 

 

هدى/0000

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى