موسوعة المحكمه الاداريه العليا

في الطعن رقم 7943 لسنة 46 القضائية عليا

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

( الدائرة الأولى موضوع )

—————————

 

       بالجلسة المنعقدة علناً يوم السبت الموافق 27/3/2004م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار / د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز

      رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

وعـضويــة الســـادة الأسـاتـذة المستشاريـن / السـيد محمد السـيد الطحـان ويحيى خضري نوبي محمد ود.محمد ماجد محمود أحمد ومحمد أحمد محمود محمد  0 

                     نواب رئيس مجلس الدولة

بحضور السيد الأستاذ المستشار / رضا محمد عثمان  .

                                        مفوض الدولة 

وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس .

                                    سكرتير المحكمة

 

أصدرت الحكم الآتي

في الطعن رقم 7943 لسنة 46 القضائية عليا

 

المقام من /

  • رئيس الجمهورية .

                            2- وزير الداخلية . 

 

 ضـــــد /

  1- جميلة جاد الحق سيد أحمد .

   2- أحلام أنيس جاد الحق .

  3- عبد العظيم عبد مناف محمد .

 

       في الحكمين الصادرين من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة

       في الدعوى رقم 8 لسنة 36ق بجلستي 22/12/1981و11/2/1982

         إجراءات الطعن

         ————–

 

في يوم السبت الموافق 20/3/1982 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين ، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن – قيد برقم 649 لسنة 28 قضائية عليا – في الحكمين الصادريـن مـن محـكمة القـضاء الإداري ( دائـرة منـازعـات الأفـراد والهـيئـات ) بجـلسـة 22/12/1981 وبجـلسـة 11/2/1982 في الدعوى رقم 8 لسنة 36ق ، والذي قضى أولهما : برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة وباختصاصها وقضى ثانيهما – أولاً : برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها . وثانياً : بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام الحكومة المصروفات .

       وطلب الطاعنان للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بوقف تنفيذ الحكمين المطعون فيهما وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكمين المطعون فيهما والحكم أصلياً : بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى . واحتياطياً : أولاً بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعيتين الأولى والثانية . وثانياً : برفض طلب وقف التنفيذ مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات .

       وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم برفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ، وبقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعنين بالمصروفات .

       ونظرت دائرة فحص الطعون الطعن على النحو المبين بمحاضر جلساتها  وبجلسة 20/5/1985 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 5/10/1985 .

       ونـظرت المحـكمة الطعـن بجـلسـات المرافعـة ، حيـث قررت بجلسة 13/12/1986 وقف الطعن لحين الفصل في دعوى التنازع رقم 14 لسنة 8ق المرفوعة أمام المحكمة الدستورية العليا من قبل جهة الإدارة في نزاع مماثل  وإذ قضت المحكمة الدستورية العليا في تلك الدعوى باختصاص محكمة القيم بالفصل في النزاع ، فقد أعيد تداول الطعن أمام هذه المحكمة ، حيث قضت بجلسة 27/6/1993 بقبول الطعن شكلاً وبعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى ، وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة القيم وأبقت الفصل في المصروفات .

       ونفاذاً للحكم المذكور أحيلت الدعوى إلى محكمة القيم وقيدت بجدولها العام برقم 19 لسنة 14ق ، ونظرت محكمة القيم الدعوى على النحو الوارد بمحاضر جلساتها ، حيث دفع المدعون بعدم دستورية القانون رقم 154 لسنة 1981 الذي خص محكمة القيم بالفصل في التظلم من الإجراءات التي تتخذ وفقاً للمادة 74 من الدستور ، وبناء على تصريح من المحكمة أقام المدعون الدعوى الدستورية رقم 15 لسنة 18ق ، والتي قضى فيها بجلسة 2/1/1999 بعدم دستورية القانون رقم 154 لسنة 1981 المشار إليه ، وتبع ذلك صدور حكم محكمة القيم بجلسة 15/4/2000 بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا ، حيث وردت الدعوى (الطعن) إلى هذه المحكمة وقيدت بجدولها العام برقم 7943 لسنة 46 قضائية عليا .

       ونظرت المحكمة الطعن مجدداً بجلسات المرافعة على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات ، وبجلسة 13/12/2003 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 13/3/2004 وصرحت بتقديم مذكرات في شهر ، ومضى هذا الأجل دون أن يقدم أي من الطرفين أية مذكرات .

       وبجلسة 13/3/2004 قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة ، وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به .

” المحكمــــة “

    ————-

 

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.

مـن حيث إنـه سبق للمحكمة أن قضت بحكمهـا الصادر في الطعـن بجـلسة 27/6/1993 بقبوله شكلاً ، مما لا وجه معه للتصدي لشكل الطعن .

 

ومن حيث إن وقائع النزاع تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 3/10/1981 أقام المطعون ضدهم الدعوى رقم 8 لسنة 36 ق (المطعون على حكميها) أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ، طالبين الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 494 لسنة 1981 فيما تضمنه من إلغاء الترخيص الممنوح لدار الموقف العربي والتحفظ على أموالها ومقارها ومن بينها المكتبة التابعة لها مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات ، وذلك للأسباب المبينة تفصيلاً بصحيفة الدعوى .

وبجلسة 22/12/1981 قضت المحكمة برفض الدفع بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وباختصاصها ، وذلك على أساس أن القرار المطعون فيه هو قرار بإلغاء الترخيص للصحيفة والتحفظ على أموالها ومقارها ، وهو قرار ذو طبيعة إدارية بحتة لأنه يصدر عن السلطة التنفيذية في مجال تنفيذها للقوانين المنظمة لذلك .

كما قضت المحكمة بجلسة 11/2/1982 برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها ، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه ، وشيدت المحكمة قضاءها برفض الدفع المشار إليه على وجود مصلحة شخصية ومباشرة للمدعيتين الأولى والثانية باعتبارهما شريكتين في الدار الصادر بشأنها القرار المطعون فيه ، كما شيدت المحكمة قضاءها بالنسبة لطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه على أن هذا القرار صدر بالاستناد إلى نص المادة (74) من الدستور الذي وضع لمواجهة الظروف المفاجئة التي تهدد الشعب في وحدته الوطنية أو تهدد سلامة الوطن أو تعوق مؤسسات الدولة في أداء دورها الدستوري ، وهو ما يعد صورة من حالات الضرورة التي تخضع في جميع الأحوال لرقابة القضاء لتقرير مدى قيام الضرورة بأركانها حتى يتسنى الحكم على مدى مشروعية العمل الصادر في شأنها ، وأنه يبين من خطاب رئيس الجمهورية في 5 من سبتمبر 1981 سلطات الأمن قد احتوت الأحداث التي وقعت في الزاوية الحمراء وسيطرت عليها وصانت الأمن العام وذلك في شهر يونيه 1981 ، ومن ثم فلا توجد حالة الضرورة التي تستلزم اتخاذ القرار المطعون فيه ، وأنه بالنسبة للتحفظ على الدار فإن ذلك يعد من قبيل فرض الحراسة ، وهو ما يخالف المادة 34 من الدستور لأن القضاء وحده هو صاحب الاختصاص بفرض الحراسة ، أما إلغاء ترخيص المجلة فإنه طبقاً للمادتين 48و 208 من الدستور لا يجوز بحال إلغاء الترخيص حتى لو كان ذلك في حالة الطوارئ أو زمن الحرب ، مما يتوفر معه في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ركن الجدية ، إذ لا توجد ضرورة قائمة وقت صدوره بحسب الظاهر من الأوراق ، بالإضافة إلى توافر ركن الاستعجال المتمثل في الضرر الجسيم الذي سيصيب أصحاب الشأن من جراء القرار المطعون فيه بتجميد نشاط الدار .

بيد أن الجهة الطاعنة لم ترتض الحكم المذكور فأقامت طعنها الماثل تنعي فيه الحكم مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه للأسباب الآتية :-

1- أخطأ الحكم المطعون فيه الصادر بجلسة 22/12/1981 حين قضى برفض الدفع بعدم الاختصاص ، إذ إن القرار المطعون فيه صدر من رئيس الجمهورية بصفته رئيساً الدولة استناداً إلى نصي المادتين 73 و 74 من الدستور ، ولا تعد قراراته في هذه الحالة قرارات إدارية ، وبالتالي تخرج عن اختصاص محكمة القضاء الإداري باعتبارها من أعمال السيادة .

2- خالف الحكم المطعون فيه القانون حين قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعيتين الأولى والثانية لانتفاء الصفة ، إذ الثابت أن دار الموقف العربي هي شركة توصية بسيطة وأن الشريك المتضامن في هذه الشركة هو المدعي الثالث وأن المدعيتين المذكورتين هما شريكتان موصيتان ولا صفة لهما في تمثيل الشركة أو إدارتها .

3- أن رئيس الجمهورية هو الذي يقرر توافر الشروط الملجئة إلى المادة 74 من الدستور ، كما أن كل السلطات تنتقل إليه ويجوز له اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمواجهة الموقف والعمل بهذه المادة متروك لتقديره ولا يجوز تطبيق قواعد المشروعية العادية على الإجراءات المتخذة وإنما تطبق عليها قواعد المشروعية الاستثنائية التي تعطي لجهة الإدارة حرية ومرونة أكبر .

4- المجلة التي كانت تصدرها الدار المذكورة كانت تصدر بغير ترخيص ، كما أنه لا يتوافر ركن الاستعجال في الدعوى ، لأن الآثار المالية المترتبة على القرار المطعون فيه يجوز التعويض عنها .

       ومن حيث إنه عن الوجه الأول من الطعن والمتعلق بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى لتعلقها بعمل من أعمال السيادة : فإن الثابت من الاطلاع على الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 14 لسنة 8 قضائية بجلسة 7 من مارس 1992 تنازع – والتي انصب موضوعها على الطعن في أحد القرارات الصادرة من رئيس الجمهورية بمناسبة أحداث الزاوية الحمراء عام 1981 إعمالاً لسلطته المقررة في المادة 74 من الدستور، وهو القرار رقم 492 لسنة 1981 الصادر بحل عدد من الجمعيات المشهرة وفقاً لأحكام القانون رقم 32 لسنة 1964 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة – أن المحكمة الدستورية العليا قد ذهبت إلى أن هذا القرار لا يعدو أن يكون قراراً إدارياً شأنه في ذلك شأن القرار الذي يصدر من وزير الشئون الاجتماعية بحل الجمعيات الخاضعة لأحكام القانون المذكور إذا ثبت ارتكابها لمخالفة جسيمة للقانون أو خروجها على النظام العام والآداب ، فالقراران كلاهما يتوخيان إنهاء الوجود القانوني للجمعية لخروجها على حكم القانون بمعناه العام وكلاهما يتمخص عن إرادة ملزمة مصدرها القانون ، ويراد بالإفصاح عنها إحداث مركز قانوني معين يعتبر في ذاته ممكناً وجائزاً قانوناً والباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة مثلما هو الشأن في القرارات الإدارية جميعها ، ولا يحول الاستفتاء الشعبي دون الطعن على هذا القرار أو تطهيره من العيوب التي شابته ، إذ ليس من شأن هذا الاستفتاء أن يرد قراراً معدوماً إلى الحياة ولاإسباغ الصحة على قرار ولد باطلاً ، ولا أن يغير من طبيعته فيلحقه بأعمال السيادة ، ذلك أن العبرة في تحديد التكييف القانوني لأي عمل تجريه السلطة التنفيذية لمعرفة ما إذا كان عملاً إدارياً أم من أعمال السيادة هي بطبيعة العمل ذاته .

       ولما كان البين من الأوراق أن القرار موضوع النزاع الماثل – وهو قرار رئيس الجمهورية رقم 494 لسنة 1981 بإلغاء تراخيص الصحف والمطبوعات الصادرة لبعض الجرائد والمجلات والتحفظ على أموالها ومقارها ومنها دار الموقف العربي – قد صدر في ذات التوقيت والظروف التي صدر فيها قرار رئيس الجمهورية رقم 492 لسنة 1981 المنوه به ، والذي ذهبت المحكمة الدستورية العليا في قضائها سالف الذكر إلى أنه قرار ذو طبيعة إدارية ولا يعد عملاً من أعمال السيادة ، الأمر الذي مفاده اختصاص المحاكم القضائية بنظر الطعن على القرارات الصادرة من رئيس الجمهورية بمناسبة الأحداث التي وقعت في الزاوية الحمراء عام 1981 دون التحدي بفكرة أعمال السيادة ، وإلا لما كان ثمة وجه لأن تتصدى المحكمة الدستورية العليا للتنازع على الاختصاص بين محكمة القضاء الإداري ومحكمة القيم بشأن نظر الطعن في هذه القرارات ، وتقضي بحكمها المشار إليه باختصاص محكمة القيم .

       ومن ثم وإذ قضت المحكمة الدستورية العليا لاحقاً في القضية رقم 15 لسنة 18 قضائية دستورية بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 154 لسنة 1981 الذي عقد الاختصاص لمحكمة القيم بنظر التظلم من الإجراءات التي تتخذ وفقاً للمادة 74 من الدستور ، وهذا القضاء مؤداه عودة الاختصاص في هذا المجال إلى القضاء الإداري بوصفه صاحب الولاية العامة بنظر دعاوي الإلغاء والمنازعات الإدارية ، فإن الدفع المبدى من الجهة الإدارية الطاعنة بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى يضحى والحالة هذه على غير سند من القانون جديراً بالرفض ، وبذلك يغدو هذا الوجه من الطعن غير سديد ولا يعول عليه قانوناً .

 

       ومن حيث إنه عن الوجه الثاني من الطعن والقائم على عدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعيتين الأولى والثانية لانتفاء صفتيهما كشريكتين موصيتين في تمثيل الشركة صاحبة الصحيفة أو إدارتها : فإن هذا الدفع مردود بأن المعول عليه في هذا الصدد هو قيام المصلحة المبررة لرفع دعوى الإلغاء بأن يكون المدعي في حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار المطعون فيه من شأنها أن تجعله مؤثراً تأثيراً مباشراً في مصلحة شخصية له ، وأن قيام المصلحة بهذا المعنى يفيد توافر الصفة أيضاً في صاحب الشأن وذلك لاندماج الصفة والمصلحة معاً في دعوى الإلغاء ، ولا جدال أن لكل من المدعيتين المذكورتين مصلحة شخصية مباشرة في الطعن على القرار الصادر بإلغاء ترخيص صحيفة دار الموقف العربي والتحفظ على أموالها ومقرها (القرار المطعون فيه ) بوصفهما شريكتين في الشركة المالكة للصحيفة ، وعليه يضحى هذا الوجه من الطعن غير قائم بدوره على أساس من القانون متعيناً الرفض .

 

 ومن حيث إنه عن الوجه الثالث من الطعن والمتعلق بسلطة رئيس الجمهورية في تطبيق المادة 74 من الدستور : فإنه بالاطلاع على نص هذه المادة يبين أنها قد خولت رئيس الجمهورية سلطة اتخاذ الإجراءات السريعة لمواجهة الخطر الذي قد يحدق بالبلاد ، لكنها لم تجعل سلطته في هذا المجال مطلقة من كل قيد وإنما قيدتهـا بـأن يكـون ثمة خطـر يهـدد الوحـدة الـوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستوري ، وأن تكون هذه الإجراءات لازمة وضرورية لمواجهة هذا الخطر ، فإذا لم يوجد الخطر أصلاً أو وجد ثم زال قبل أن يستخدم رئيس الجمهورية السلطة المخولة له في هذا الشأن ، فإن ما يتخذه من قرارات استناداً إلى تلك المادة يضحى مخالفاً لأحكام الدستور والقانون مما يستعدي ولاية الإلغاء التي يمارسها القضاء الإداري على القرارات الإدارية غير المشروعة .

وترتيباً على ذلك ولما كان البادي من ظاهر الأوراق أن القرار المطعون فيه وهو قرار رئيس الجمهورية رقم 494 لسنة 1981 المتضمن إلغاء ترخيص بعض الصحف والمجلات والتحفظ على أموالها ومقارها ومن بينها مجلة دار الموقف العربي محل النزاع – قد صدر استناداً إلى المادة 74 من الدستور بمناسبة أحداث الزاوية الحمراء التي وقعت في يونية عام 1981 وذلك بعد أن كان قد تم احتواء هذه الأحداث والسيطرة عليها حسبما يتضح من بيان رئيس الجمهورية إلى الشعب المصري وخطابه الذي وجهه في الاجتماع غير العادي والمشترك لمجلسي الشعب والشورى في سبتمبر عام 1981 ، وبعد أن كان قد مضى على هذه الأحداث حتى تاريخ صدور القرار في 3 من سبتمبر 1981 ما يقرب من شهرين ونصف الشهر ، الأمر الذي يفيد أن وصف الخطر الذي يبيح استخدام السلطات المنصوص عليها في المادة 74 من الدستور لم يكن متحققاً وقت صدور القرار المطعون فيه ، وبالتالي ما كان يسوغ اتخاذ الإجراء الوارد بهذا القرار ، لا سيما أن الدستور قد كفل في المادة 48 منه حريـة الصحافـة وحـظر الـرقـابـة عليها أو إنـذارها أو وقفها أو إلغاءها بالطريق الإداري ، كما حظر في المادة 36 المصادرة العامة للأموال أو المصادرة الخاصة لها إلا بحكم قضائي ، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون والحالة هذه قد خرج – بحسب الظاهر من الأوراق ودون المساس بأصل طلب الإلغاء – على أحكام الدستور والقانون وجاء مشوباً بالتعسف في استعمال السلطة ، وهو ما يتحقق معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه فضلاً عن توافر ركن الاستعجال لما يترتب على استمرار تنفيذه من حرمان المطعون ضدهم من ممارسة حقهم الدستوري في متابعة إصدار المجلة موضوع النزاع وكذلك حرمانهم من الانتفاع بأملاكهم المتحفظ عليها دون سند أو مبرر قانوني وهي نتائج يتعذر تداركها بفوات الوقت ، وبالتالي فإن طلب وقف التنفيذ وقد استقام على ركنيه الجدية والاستعجال فإنه يتعين إجابة المدعين إليه .

وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإنه يكون قد أصاب وجه الحق وصدر متفقاً وصحيح حكم القانون ، مما يستوجب القضاء برفض الطعن الماثل عليه .

وغني عن الذكر أنه لا وجه للقول بأن المجلة محل النزاع كانت تصدر بغير ترخيص من الجهة الإدارية حسبما جاء ذلك بأسباب الطعن ، إذ لو صح أن هذه المجلة كانت تصدر بغير ترخيص لما كان ثمة وجه لإلغاء ترخيصها بموجب القرار المطعون فيه .

 

ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات .

 

فلهـــذه الأسباب

—————–

حكمت المحكمة :

————–

       برفض الطعن وألزمت الطاعنين المصروفات .     

 

سكرتــــير المحكمـة                                          رئيــــس المحكمـة

 

 

——–

.. هبه ..

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى