ادوات المحامى

بحث في التقادم

مقــــــد مــــــــــه
ماهيه التقادم والحكمه منه
 ماهيـــــة التقادم :-
التقادم هو زوال الأثر القانونى لفعل أو إجراء معين بمضى المده . ويطبق القانون فكره التقادم على الحقوق والدعاوى ، سواء فى مجال القانون العام أو المدنى أو الجنائى والتقادم فى المجال الجنائى على نوعين :- تقادم للدعــــوى وتقادم للعقـــــــــــــوبه .
وتقادم الدعوى الجنائيه معناه مضى مده معينه على وقوع الجريمة دون اتخاذ السلطه المختصه أى إجراء يؤدى إلى تحريك الدعوى الجنائيه قبل المتهم . ويؤدى هذا الموقف السلبى إلى أنقضاء الدعوى ، وبالتالى أنقضاء حق الدوله فى محاكمه الجانى وعقابه . أما تقادم العقوبه فيقصد به مرور مده زمنيه معينه على صدور حكم بات بالعقوبه دون تنفيذه على المحكوم عليه مما يؤدى إلى أنقضاء الحق فى تنفيذ العقوبه قبله . ( 1 )
• الحكمه من التقادم :-
الحكمه من تقريرنظام التقادم كسبب يؤدى الى انقضاء الدعوى الجنائيه رغم أختلاف الأراء حوله ترجع إلى عده أعتبارات تتفق مع السياسه الجنائيه الراميه إلى أقتضاء المجتمع لحقه فى العقاب من الجانى وإلى أصلاحه عن طريق تنفيذ العقاب فيه . وهذه الأعتبارات هى :-
– نسيان الجريمة :- ذهب البعض إلى أن مضى المده يؤدى الى نسيان الجريمة مما يفقد الرأى العام حساسيته المترتبه على وقوعها فمن المصلحه إسدال الستار عليها وعدم تجديد ذكرياتها الأليمة ضد الجانى ( 2 ) .
وقد تعرضت هذه النظريه للأنتقاد فهى تفترض النسيان بادىء ذى بدء بناء على أنقضاء مواعيد وضعها الشارع بصفه تحكميه فقد تقع جريمة جسيمه بغض النظر عن وصفها لا يمكن ان يمحى اثرها من اذهان الرأى العام مهما طال على وقوعها زمن طويل ( 3 ) .
ــــ ضيـــــــاع الأدلــه :- فمرور فتره من الزمن على أقتراف الجانى لجريمته يؤدى الى طمس معالمها وضعف ذاكره الشهود فيصعب بالتالى أثباتها ضد الجانى إذ أن الأطمئنان الى ذاكره ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الدكتور / محمد أبو العلا عقيده ( شرح قانون الإجراءات الجنائيه ) طـ 2 ، 2001 ، دار النهضه العربيه – ص 213 ، 214
(2) الدكتور / أحمد فتحى سرور ( الوسيط فى شرح قانون الإجراءات الجنائيه ) طـ 7 ، 1969 دار النهضه العربيه ص 145
الشهود بعد مضى مده طويله مخاطره كبرى قد تؤدى الى تردى القضاء فى الزلل وكيف يترك باب
الدعوى الجنائيه مفتوحاً على مصرعيه خلال زمن غير محدود حتى إذا ما ترأى للنيابه العامه أن تباشر الدعوى بعد زمن طويل لاقت صعوبات فى التدليل على توافر المسؤليه الجنائيه أو أثبات توافر أركان الجريمة فهو عبء يقع على عاتقها الأمر الذى يسهل على المتهم فرصه الحصول على حكم سريع بالبراءه ولا شك انه والحال كذلك يكون من الأفضل لصالح النظام العام الإجتماعى وحرصاً على هيبه السلطات العامه أن تقرر الدوله نفسها تقادم الدعوى الجنائيه بدلاً من تمكين المتهم بسهوله من الحصول على حكم بالبراءه (1) .

– الأستقـــــرار القانونى :- يرجع بعض الفقه نظام التقادم ألى مبدأ الأستقرار القانونى الذى يملى على المشرع الجنائى التسليم بفكره التقادم حتى لا يظل سيف العقاب مسلطاً على المتهم وهدم قرينه البراءه المفترضه فيه (2) .

– الأهمــــــــــــــال :- يعلل البعض التقادم بفكره الأهمال فى استعمال الدعوى الجنائيه وبهذا الرأى أخذ القانون الفرنسى القديم (3) .0
فضلاً عما تقدم فإن الهدف من العقاب هو إصلاح الجانى وردعه ولن يتحقق ذلك إلا باتخاذ الإجراءات وتحريك الدعوى الجنائيه ضده عقب وقوع الجريمه ، فإذا تقادم العهد على الجريمة تضاءل الغرض المقصود من العقاب وهو إصلاح الجانى فلن يكون مجدياً بعد ذلك أتخاذ الإجراءات قبله والحكم بأدانته .

(1) الدكتور / محمد عوض الأحول ، أنقضاء سلطه العقاب بالتقادم ، رساله دكتوراه جامعه القاهره 1959 ، ص – 39
(2) الدكتور / محمد أبو العلا عقيده – ص 214 ، الدكتور / محمد عوض الأحول – ص 49 وما بعدها .
(3) قانون 3 برومير السنه الرابعه ( الماده العاشره ) فقد أحتسب بدء التقادم من تاريخ علم النيابه العامه بوقوع الجريمة وبشرط أن تستطيع أستعمال الدعوى . راجع الدكتور / أحمد فتحى سرور – ص 145
الفصل الأول
الجرائم المستثناه من نظام التقادم
***
رغم أن معظم التشريعات أخذت بنظام التقادم ومنها التشريع المصرى إلا أنه مع ذلك تستثنى بعض الجرائم من الخضوع لهذا النظام وهو أمر مردود إلى الخطوره الشديدة لهذه الجرائم والتى تستدعى ملاحقه المجرم مهما طال الزمن على الجريمة التى أرتكبها ، وبالنظر الى القانون المصرى يظهر جلياً أنه قد أستثنى من الخضوع لنظام التقادم عدد من الجرائم أشار إلى طبيعتها بصفه عامه دستور عام 1971 وعنى المشرع بتحديد هذه الجرائم فى القوانين اللاحقه .

المبحث الأول
الجرائم المستثناه من نظام التقادم بنص الدستور
***
تنص الماده 57 من الدستور على أن :- ” كل أعتداء على الحريه الشخصيه أو حرمه الحياه الخاصه بالمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامه التى يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائيه ولا المدنيه الناشئه عنها بالتقادم ”
وقد جاء نص الماده 57 من الدستور محوراً لطائفتين من الجرائم يتسم العدوان على المحل القانونى للجريمة فيها ” الحقوق والحريات العامه وحرمه الحياه الخاصه ” بالخطوره الشديده لذلك فإن الدستور حرص على إخراجها من طائفه الجرائم التى تنقضى الدعوى الجنائيه فيها بالتقادم . ولم يحدد الدستور هذه الجرائم وأنما أكتفى بالأشاره إلى طبيعه هذه الجرائم بصفه عامه تاركاً أمر تحديدها لقوانين اللاحقه (1)

المبحـــــــــث الثانى
الجرائـــــــــــــــم المستثناه بنص القانـــــــــــون
***
– الجرائم المستثناه بنص القانون رقم (37) لسنه 1972 :-

تطبيقاً لحكم الماده ( 57 ) من الدستور أضاف القانون رقم ( 37 ) لسنه 1972 إلى قانون الإجراءات الجنائيه الفقرة الثانيه من الماده ( 15 ) منه محدداً فيها الجرائم التى لا تخضع فيها الدعوى الجنائيه لنظام التقادم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الدكتور / محمد أبو العلا عقيدة – ص 216
وذلــــــــــك علـــــــــى النحـــــــــــو التالـــــــــــــى :-
” أما الجرائم المنصوص عليها فى المواد 117 ، 126 ، 127 ، 282 ، 309 مكرر والتى تقع بعد تاريخ العمل بهذا القانون فلا تنقضى الدعوى الجنائيه الناشئه عنها بمضى المده ” .
والجرائم المستثناه وفقاً لهذا النص من نظام التقادم هــــــــــــــى كالأتــــــــــــــــــــى :-
– الجنايه المنصوص عليها فى الماده 117 من قانون العقوبات :- أستخدام الموظف العمومى العمال سخرة فى عمل للدوله أو إحدى الهيئات العامه أو أحتجاز أجورهم .
– الجنايه المنصوص عليها فى الماده 126 ع :- تعذيب المتهم بناء على أمر صادر من موظف عام ، أو قيامه بالتعذيب بنفسه وذلك لحمله على الأعتراف .
– الجنايه المنصوص عليها فى الماده 127 ع :- التى تعاقب الموظف العام أو المكلف بخدمه عامه الذى أمر بعقاب المحكوم عليه أو عاقبه بنفسه بأشد من العقوبه المحكوم عليه قانوناً بها أو بعقوبه لم يحكم بها .
– الجنايه المنصوص عليها فى الماده 282 ع :- التى تعاقب على القبض على أى شخص أو حبسه أو حجزه بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك ، وفى غايه الأحوال المصرح بها ، او القبض على شخص بدون وجه حق وتهديده بالقتل او تعذيبه بدنياً .
– الجنحه المنصوص عليها فى الماده 309 مكرر ع :- التى تعاقب على الإعتداء على حرمه الحياه الخاصه للمواطنين بواسطه أستراق السمع أو تسجيل أو نقل الأحاديث التى تجرى فى مكان خاص أو عن طريق التليفون أو ألتقاط صوره شخص فى مكان خاص وذلك فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو بغير رضاء المجنى عليه .
– الجنحه المنصوص عليها فى الماده 309 /1 مكرر(أ) ع :- التى تعاقب كل من أزاع أو سهل أذاعه أو استعمل ولو فى غير علانيه تسجيل أو مستند متحصلاً عليه بأحدى الطرق المبينه فى الماده 309 مكرر ع وكان ذلك بغير رضاء المجنى عليه .
– الجنايه المنصوص عليها فى الماده 309 /2 مكرر (أ) ع :- التى تعاقب كل من هدد بأفشاء أمر من الأمور التى تم التحصل عليها بأحدى الطرق المشار اليها فى الماده 309/1 مكرر (أ) لحمل شخص على القيام بعمل أو الأمتناع عنه .
وتجدر الإشاره ان هذا القانون “37” لسنه 1972 قد حدد الجرائم التى لا تسقط بالتقادم طبقاً للماده 57 من الدستور فالحدود الدستوريه غير صالحه للتطبيق مباشرة بواسطة القاضى لأن نطاقها يحتاج الى تحديد من القانون فى حدود الدستور ذلك أن الدستور قد نص عن أن الأعتداء على الحريات العامه يعتبر جريمة وهو مالا يكفى وحده مالم يقرر القانون له عقاباً بأعتبار أن الفعل لا يعتبر جريمة مالم يتقرر له عقاب وهو ما يكشف عن أن الأثر الدستورى للماده 57 فى التقادم لا يترتب إلا بواسطة القانون
ولـــــــــــــــــــذلـــــــــــــــــك
فإن الجرائم التى سقطت دعواها الجنائيه بالتقادم قبل العمل بالقانون رقم 37 لسنه 1972 لا يجوز بعثها من جديد طالما أن الماده 57 من الدستور غير صالحه للتطبيق مباشرة (1) .
– الجرائم المستثناه من التقادم بمقتضى القانون رقم97 لسنه 1992 :-
أستثنى القانون رقم 97 لسنه 1992 جرائم الأرهاب من تطبيق نظام تقادم الدعوى الجنائيه فأضاف إلى نص الماده 15 فقره 2 من قانون الإجراءات الجنائيه هذا النوع من الجرائم وذلك بقوله ” الجرائم المنصوص عليها القسم الأول من الباب الثانى من الكتاب الثانى من قانون العقوبات ” ويتضمن هذا القسم النصوص المتعلقه بجرائم الأرهاب ( المواد 186 ألى 189 ع )
الجرائم المستثناه من التقادم بمقتضى القانون رقم182 لسنه1960 والمعدل بالقانون رقم 40 لسنه 1966والقانون رقم 16 لسنه 1973 فى شأن مكافحه المخدرات وتنظيم أستعمالها والأتجار فيها :-
حيث تنص الماده 46 مكرر (أ) الفقره الأولى منه على أنه :- ” لا تنقضى بمضى المده الدعوى الجنائيه فى الجنايات المنصوص عليها فى هذا القانون والتى تقع بعد العمل به على الجنايه المنصوص عليها فى الماده 37 من هذا القانون .

(1) الدكتور / أحمد فتحى سرور ، المرجع السابق – ص 149

الفصـــــــــــــل الثانـــــــــــى
تحــــــــــــــديد مدد التقـــــــــــــــــــادم
***
المبحـــــــــــــــث الأول
توقـــف مده التقادم على نوع الجريمـــــــة
***

لا تعرف التشريعات الجنائيه ميعاداً واحداً للتقادم يسرى على جميع الجرائم بمختلف أنواعها وأنما تقرر تدرجه وتباينه تبعاً لنوع الجريمة وقد أخذ المشرع المصرى والفرنسى والبلجيكى بمبدأ تدرج ميعاد التقادم وفقاً لنوع الجريمة محدد لكل من الجنايات والجنح والمخالفات ميعاداً خاصاً تنقضى به الجريمة .
وهناك بعض التشريعات لم تقتصر على تحديد ميعاد التقادم وفقاً لنوع الجريمة فحسب وأنما ذهبت الى تصنيفه تبعاً لجسامه الجريمة ذاتها . مثال ذلك قانون العقوبات الألمانى لسنه 1870 إذ نصت الماده 67 منه المعدله بقانون 4 أغسطس سنه 1953 على أن الجنايات المعاقب عليها بالأشغال الشاقه المؤبده يحدد ميعاد التقادم لها بعشرين عاماً فإذا تعلق الأمر بجنايات معاقب عليها بعقوبه مقيده للحريه يتجاوز حدها الأقصى عشر سنوات يكون ميعاد التقادم لها خمس عشر سنه فإذا كانت العقوبه أقل من ذلك يكون ميعاد التقادم عشر سنوات وفى الجنح يقدم ميعاد التقادم بخمس سنوات إذا كانت العقوبه المقرره قانوناً للجنحه هى الحبس الذى يتجاوز حده الأقصى ثلاث شهور وبالنسبه لباقى الجنح يقدر ميعاد التقادم بثلاث سنوات . أما بالنسبه للمخالفات فميعاد تقادمها يقدر بثلاثه شهور .
ومثل ذلك أيضاً قانون العقوبات النمساوى سنه 1852 وقانون العقوبات الأثيوبى 1957 وقانون العقوبات الأيطالى سنه 1930 إذ حددت هذه الشريعات مواعيد مختلفه للتقادم وفقاً لجسامه العقوبه المقرره للجنايات والجنح ولم تحدد لها ميعاد موحد وفقاً لنوع الجريمة (1)
أما بالنسبه للمشرع المصرى فقد أعتنق مبدأ تدرج مواعيد التقادم وفقاً لطبيعة الجرائم فنص على أن تنقضى الدعوى الجنائيه فى مواد الجنايات بمضى عشر سنوات من يوم وقوع الجريمة وفى مواد الجنح بثلاث سنوات وفى مواد المخالفات بمضى سنه مالم ينص القانون على خلاف ذلك ( ماده 15 إ. ج ) وقد أعتنق قانون الأحكام العسكريه أيضاً هذا المبدأ فنص عليه فى الماده 64 على نحو يطابق الماده 15 المذكورة (2).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الدكتور / محمد عوض الأحول – ص 103 ، 104
(2) الدكتور / أحمد فتحى سرور – ص 148 – الدكتور / محمد أبو العلا عقيده ص 217
وقد حدد القانون لتقادم الدعوى الجنائيه فى بعض الجرائم مدد تختلف عن المدد المبينه فى قانون الإجراءات الجنائيه ومثال ذلك ما نصت عليه الماده 50 من القانون رقم 73 لسنه 1956 فى شأن مباشره الحقوق السياسيه على أن تقادم الدعويين العموميه والمدنيه فى الجرائم المنصوص عليها فى القانون المذكور يكون بمضى سته أشهر من يوم إعلان نتيجة الأنتخاب أو الأستفتاء أو من يوم أخر عمل متعلق بالتحقيق كذلك ما كان ينص عليه القانون رقم 66 لسنه 1955 الخاص بنظام المجالس البلديه فى الماده 76 منه على أن الدعويين العموميه والمدنيه فى جرائم الأنتخاب تسقط بمضى ثلاث شهور من يوم إعلان نتيجة الأنتخاب أو من تاريخ أخر إجراء متعلق بالتحقيق فيما عدا الجرائم المنصوص عليها فى البندين أولاً وثانياً من الماده 70 والبند خامساً من الماده 72 (1)

وتكون العبره فى تحديد مدة التقادم اللازمه لأنقضاء الدعوى الجنائيه بالوصف الحقيقى للواقعه لا بالوصف الذى قد تعطيه لها خطأ النيابه العامه أو المدعى المدنى .

وتحسب هذه المده بالتقويم الميلادى وذلك تطبيقاً للماده 560 من قانون الإجراءات الجنائيه التـــــــــى تنــــــــــــــــص علــــــــــــى أن :-
” جميع المدد المبينه فى هذا القانون تحسب بالتقويم الميلادى ”
ويلاحظ أن مده تقادم الدعوى بصفه عامه أقصر من مده سقوط العقوبه بالتقادم وعله ذلك أن تقادم العقوبه لا يكون إلا بعد الحكم البات بالأدانه وبهذا الحكم يكون حق المجتمع فى العقاب قد تأكد بعد أن كان متنازعاً فيه كما أن من شأن صدوره أن يوجه نظر الجمهور إلى الجريمة فيتطلب لنسيانها حينئذ وقت أطول مما تستلزمه لو لم يصدر حكم فى الدعوى . ( 2 )
وقدثار التساؤل حول تحديد نوع الجريمة إذا أقترن بها عذر قانونى أو ظرف قضائى مشدد أو مخفف وهذه المسأله خلافيه فى الفقه :-
فقــــد ذهــــب رأياً أول إلى أن التقسيم الثلاثى للجرائم يقوم أصلاً على العقوبه التى يفرضها القانون للجريمة وأنه يجب الوقوف عندها لتحديد الوصف القانونى للجريمة وأن العقوبه المخففه سواء أكانت نتيجة لعذر قانونى أو ظرف قضائى مخفف أنما هى عقوبه قضائيه وليست العقوبه التى حـــــــــددها القانون للجريمة ولذا يجب أن تبقى دون أدنى تأثير على ميعاد التقادم ويضيف هذا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1) الدكتور / عمر السعيد رمضان ( شرح قانون الإجراءات الجنائيه الجزء الأول دار النهضه العربيه 1988 ص 173
(3) الدكتور / عمر السعيد رمضان – المرجع السابق – ص 174 .
الرأى أنه عن الجسامه الإجتماعية للفعل وبين التجريم الشخصى الذى يعبر عن درجه أثم الجانى وأن التقادم يجب ان يرتبط بالتجريم الموضوع بالفعل أى توقف على العقوبه التى يقررها القانون ضد الفعل ذاته .
ويترتب على ذلك أن الفعل إذا كان معاقباً عليه فى الأصل بعقوبه جنايه فأنه يبقى جنايه ولو خفضت العقوبه الى عقوبه الجنحه سواء اكان هذا التخفيض راجعاً الى عذر قانونى او كان راجعاً إلى وجود ظرف مخفف ذلك أن الأعذار والظروف المخففه أنما تقرر بالنظر إلى شخص الجانى والشارع فى تقسيم الجرائم الى جنايات وجنح ومخالفات لا ينظر الى أشخاص المجرمين وأنما إلى أفعالهم فهذه الأفعال لا تتغير فى جميع حالات سواء من حيث جسامتها الماديه او خطورتها الأجتماعيه وليس تخفيض العقوبه إلا لعامل شخصى بحت لا يؤثر فى الطبيعه الماديه للفعل ذاته فيبقى جنايه فى جميع الأحوال (1) .
وقد أعتبر بعض الشراح القائلين بهذا الرأى العذر القانونى مجرد ظرف لأنه لا يغير وصف الجناية (2) ذلك لأن الأحوال التى تغير من وصف الجريمة أو من طبيعتها تعد من أركان الجريمة ، لأن الجريمة مقترنه بها تختلف عن الجريمة بدونها أما الظروف وهى التى لا تغير من الجريمة أو طبيعتها فيقتصر تأثيرها على تغيير فى العقوبه بالتخفيف أو بالتشديد دون أن تعتبر من أركان الجريمة . وقد رجح هذا الرأى فى القضاء المصرى ( 3 )
وذهـــــــــــب رأ ى ثانـــــــــــــى ألى أن العقوبه يحددها المشرع لكى تطبق لا بالنظر إلى الفعل مجرداً أو الإجرام الموضوعى ، وأنما بناء على الجريمة التى تقع من شخص معين ، أى وفقاً للعناصر الموضوعيه والشخصيه التى تحدد التجريم فالجريمة ذات العذر أو الظرف المخفف معاقباً عليها بواسطة القوانين بعقوبه مخففه ، وهذه العقوبه التى يحكم بها القاضى طبقاً لنص القانون لا تكون إلا عقوبه قانونيه بقدر ماهي عقوبه قضائيه .
وفقـــــاً لهذا الرأى تتحول الجريمة من جنايه الى جنحه فى حاله ثبوت عذر قانونى من ظرف مخفف وفى حاله أستبعاد الظروف المشدده وتكون مده التقادم هى المقرره للجنحه وهى ثلاث سنوات لأنها تقدر تبعاً للعقوبه التى يحكم بها القاضى وفقاً لما يظهر أمامه فى نهايه المرافعات وهذه العقوبه هى التى يجب أن تكون أساس فى تحديد ميعاد التقادم (4) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1) الدكتور / السعيد مصطفى السعيد ، الأحكام العامه فى قانون العقوبات الطبعه الرابعه 1962 ص 50
(2) الدكتور / محمد عوض الأحول ، المرجع السابق ص 125
(3) نقض 20/3/1933 ، 7/3/1938 ، 13/12/1943 مشار إليها فى الدكتور / السعيد مصطفى السعيد ، المرجع السابق هامش 6 ص 50
(4) الدكتور / محمد عوض الأحول ، المرجع السابق ص 126
و ذهـــــــــــب رأى ثالـــــــــــث :- إلى أن التفرقه بين العذر القانونى والظرف القضائى المخفف .
فبالنسبه للظروف القضائيه المخففه :- فلا تؤثر على طبيعه الجريمة ولا تقريبها من الجنايه الى الجنحه ، لأن العبرة هى بنص القانون لا بما يحكم القاضى كما أن هذه الظروف متروك تقديرها للقاضى تركاً كلياً يأخذ بها أو لا يأخذ بها ، ولا يمكن أفتراض الأخذ بها مقدماً مع أن الدعوى فحسب الأصل لا تكون قد رفعت الى القضاء بعد .(1) .
وإذا أقترن بالجريمة بظرف مشدد وجوبى يطلب من الجنحه إلى الجناية فتحسب مده تقادم الدعوى على أساس الجنايه لا الجنحه أما إذا توافر ظرف مشدد جوازى فيتحدد نوع الجريمة بالوصف الأشد فتتقادم بالتالى الدعوى الناشئه عنها بمضى عشر سنوات (2) (3).
أما بالنسبـــــــه للأعــــــــــذار القانونيه :- فإذن حكمها يختلف من عذر إلى أخر بحسب طبيعته وقد قضى بأن عذر الأستفزاز المستمد من قتل الزوجه الزانيه متلبسه فى الزنا هى وشريكها هو عذر قانونى ملزم يطلب الواقعه من جنايه إلى جنحه وبالتالى يخضع مده السقوط فى الجنح (4) .
كما قضى بالنسبه لعذر تجاوز حدود حق الدفاع الشرعى بنيه سليمه بأن الواقعه متى كانت جنايه تيقى جنايه ولا تلزم إلى جنحه لأن الشارع نص على عقوبه الحبس بصفه أختياريه (5) .
وفيما يتعلق بالعود فإنه ظرف قانونى مشدد يسمح أحياناً بتوقيع عقوبه الجنايه على واقعه كانت تعد بحسب الأصل جنح وقد أعتبرت محكمه النقض جريمة العائد عندما تسمح بتوقيع عقوبه جنايه قلقه النوع تعد جنايه أو جنحه بحسب الحكم الصادر فيه (6) .
ويرى جانب من الفقه انه فى الواقع يحسن أن يعالج كل هذه الأحوال بنصوص صريحه لفرض ما أثار من وجود خلاف متعدده ولأن الحلول فيها لاتزال حتى الأن مبعثره مضطربه رغم خطوره نتائجها فى العمل فمصير المتهم فى أمور كثيره تتوقف على أعتبار الواقعه جنايه أو جنحه بوجه خاص بما يتعلق بأحكام التقادم فى صورتيه تقادم الدعوى وتقادم العقوبه (7) .
ويؤدى بعض الظروف المشدده العينيه الأكراه فى السرقه ( ماده 314 ) عقوبات والشخصيه كصفه الطبيب أو الجراح أو الصيدلى أو القابله فى أسقاط الحوامل ( ماده 263 )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1) الدكتور / رء وف عبيد ، مبادىء الإجراءات الجنائيه فى القانون المصرى ، الطبعه الخامسه عشر 1983 ص 143
(2) الدكتور / محمد أبو العلا عقيده المرجع السابق ص 218 .
(3) نقض 14/2/1955 مجموعه أحكام النقض ، س 16 – رقم 13 – ص 521 .
(4) نقض 13/12/1943 مشار أليه فى الدكتور / رءوف عبيد . المرجع السابق هامش (1) ص 144
(5) نقض 5/2/1945 مشار اليه فى الدكتور / رءوف عبيد . المرجع السابق هامش (2) ص 144
(6) نقض 1/2/1933 س 3 – رقم 96 ص 63
(7) الدكتور / رءوف عبيد المرجع السابق – ص 145
عقوبات إلى تقرير عقوبه الجنايه للواقعه بدلاً من عقوبه الجنحه وتعتبر الواقعه عندئذ الجنايه بإجماع الأراء فى شأن أحكام قانون العقوبات فضلاً عن قانون الإجراءات الجنائيه وتعامل على هذا النحو فى شأن تقادم الدعوى والعقوبه معاً (1) .

رأى الباحـــــــــــث :- نرى مع ما ذهب اليه سياده الدكتور / رؤوف عبيد من أن هناك أضطراب وتناقض يحتاج الى تدخل تشريعى لمعالجه هذا التناقض بأحكام صريحه خاصه وأن هذه الأمور تتعلق كما ذكر سيادته بمصير المتهم فى أمور كثيره وحتى يتم التدخل التشريعى فإن للرأى الثالث وجاهته ذلك أن التكييف القانونى يتحدد وفقاً لأراده المشرع فإذا نص القانون فى بعض الجرائم على وجود التخفيف دل ذلك على إراده المشرع فى تخصيص العقوبه المخففه وحدها لهذه الجرائم وبالتالى يتعين أرساء التكييف القانونى وفقاً لهذه العقوبه أما إذا أقتصر المشرع على مجرد أجازة التخفيف فإن ذلك لا يدل على أن المشرع قد أفرض العقوبه المخففه وحدها فى بعض الجرائم مما لا يجيز بناء على ذلك تغير تكييف القانونى لها ولا يحول دون ذلك أن تقضى المحكمه بعقوبه مخففه فى حدود سلطتها التقديريه لأن المعول عليه فى تكييف الجريمة هو أراده المشرع لا أراده القاضى .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1) الدكتور / رؤوف عبيد المرجع السابق ص 145 .
المبحث الثانى
كيفيــــــــــــه حساب مده التقــــــــــــــــادم
***

الأصـــــــل أن تبدأ مدة التقادم من تاريخ وقوع الجريمة ولا يؤثر فى ذلك جهل المجنى عليه بوقوعهــــــــــا (1)
وكما قضت محكمه النقض فإن إعتبار يوم ظهور الجريمة تاريخاً لوقوعها محله إلا يكون قد قام الدليل على وقوعها فى تاريخ سابق وتعيين هذا التاريخ أمر تستقل به محكمه الموضوع (2)
فإذا أنقطع التقادم فإن سريان المده يبدأ من تاريخ أخر إجراء من الإجراءات التى قطعت التقادم (م 17 /2 ) إجراءات .
ولا يحتسب يوم وقع الجريمة من مده التقادم بل تبدأ المده من اليوم التالى ذلك أن الحق فى الدعوى الجنائيه ينشأ من ذلك اليوم ولا يمكن أحتساب الفتره التى أنقضت على عدم أستعماله إلا من تاريخ لاحق عليه وهو اليوم التالى لنشوء هذا الحق هذا فضلاً عن أن القانون قد عبر ( بيوم وقوع الجريمة ) ولم يقل بلحظة تاريخ وقوع الجريمة مما يفيد أنه يعتمد فى أحتسابها على الأيام لا لا الساعات ولا يتصور البدء بأحتساب يوم كامل إلا من اليوم اللاحق على أرتكاب الجريمة (3) .
ورغم تأييد غالبيه الفقه للرأى القائل ببدء ميعاد التقادم من اليوم التالى إلا أن هناك بعض الفقه (4) يقول بدخول اليوم الأول الذى تقع فيه الجريمة فى الميعاد المحدد بالتقادم وذلــــــــك بنـــــــاء على الأسانــــــــــيد الأتيــــــــــــــه :-
– الأصـــــــــل أن التقادم يبدأ من لحظة وقوع الجريمة إلا أنه لما كان من المتعذر عملاً معرفه هذا
الوقت بالتحديد فإن التقادم لا يحسب بالساعات وأنا من أيام فلماذا لا يحسب اليوم الأول ؟
– أن سلطه الدوله فى العقاب تنشأ منذ وقت وقوع الجريمة التقادم ما هو إلا أنقضاء لهذه السلطة فيجب ان يحسب الميعاد من وقت نشوءها والقانون إذ قال أن التقادم يحسب من يوم وقوع الجريمة يؤكد أن الميعاد يجب ان يحسب من يوم نشوء هذه السلطة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الدكتور / أحمد فتحى سرور – المرجع السابق – ص 148 .
(2) نقض 19/1/1975 – مشار إليه الدكتور / أحمد فتحى سرور المرجع السابق – ص 148
(3) الدكتور / أحمد فتحى سرور – هامش ص 149 ويرى سيادته أنه لا حاجه لتأييد الأسستناد إلى الماده 15 مرافعات التى نصت على أنه إذا كان الميعاد مما يجب أنقضاءه قبل الإجراء فلا يجوز حصول الإجراء إلا بعد أنقضاء اليوم الأخير من الميعاد ذلك لأن التقادم ليس إجراء وأنما هو أثر قانونى لواقعه سريان المده دون أستعمال الدعوى الجنائيه .
(4) الدكتور / محمد عوض الأحول ، المرجع السابق – ص 142
– يتعلق التقادم بالقانون العقابى فإذا قيل بأن القاعدة المنصوص عليها فى الماده 20 من قانون المرافعات تطبق على المواعيد فى قانون الإجراءات الجنائيه فهذا القول لا يصدق إلا على المواعيد الإجرائيه وحدها ولما كانت القاعده التى تنص على مواعيد التقادم ليست قاعده إجرائيه فمن ثم لا يسرى عليها القاعده الإجرائيه سالفه الذكر المنصوص عليها فى قانون المرافعات يضاف إلى ذلك أن رأياً فى الفقه قد ذهب إلى أن سن المجنى عليه فى جريمة هتك العرض يحسب بالتاريخ الهجرى بناء على أن القانون لم ينص على أى التقويمين يتبع فإن التقويم الهجرى أصلح للمتهم ولا شك أن هذا الرأى لم يذهب إلى الأخذ بالتقويم الميلادى الذى يحكم المواعيد الإجرائيه بالنظر إلى أن المواعيد التى تقتضيها القواعد العقابيه تقتضى حكماً مختلفاً عما تقتضيه القواعد الإجرائيه .
– أن سلطه الدوله فى العقاب تنشأ منذ وقت أرتكاب الجريمة ولما كان التقادم فى حقيقته ليس إلا أنقضاء لهذه السلطه فى العقاب فإنه يتعين أحتسابه من تاريخ نشوءها أى من تاريخ وقوع الجريمة القول بغير ذلك يؤدى الى مفارقه لا يمكن قبولها إذ يصح فى القانون أن تستعمل النيابه العامه سلطتها الجنائيه من يوم وقوع الجريمة وذلك بأتخاذ إجراءات التحقيق والأتهام فإذا كنا بصدد أنقضاء هذه السلطه قيل بأحتساب الميعاد منذ اليوم التالى فكيف يتأتى أن يكيد القانون بكيلين والأتى أن يكون هذا الكيل أضراراً بصالح المتهم مع أنه مقررعند غموض النص أتباع التفسير الأصلح للمتهم .
– يترتب على أحتساب ميعاد التقادم منذ اليوم التالى من وقوع الجريمة زياده هذا الميعاد ولو لبضع ساعات فلماذا لا تقبل أنقاص بعض الساعات لصالح المتهم وتقبل زيادته ضد صالحه .
وبحث مسأله تحديد تاريخ وقوع الجريمة لمعرفه التاريخ الذى سيبدأ فيه سريان تقادم الدعوى الجنائيه يقتضى ان نعالج ذلك بالنسبه للجرائم الوقتيه والمتتابعه الأفعال والمستمره وجرائم الأعتياد :-
1- الجريمـــــــــــــــة الوقتيــــــــــــــــــه :-
هى الجريمة التى تقع بمجرد أنتهاء الفعل المكون لها وعادة لا يستغرق تنفيذها إلا فتره زمنيه وجيزة . ومن أمثله الجريمة الوقتيه القتل والضرب والسرقه والحريق وخيانه الأمانه . ويبدأ سريان مده التقادم فى الجريمة الوقتيه من اليوم التالى لتمامها .
وقد تكون الجريمة الوقتيه من جرائم السلوك المحض ( الجريمة الشكليه ) أومن الجرائم ذات النتيجه الضاره ( الجريمة الماديه ) ففى النوع الأول منها يبدأ سريان التقادم من تاريخ أرتكاب السلوك الإجرامى بينما يبدأ التقادم فى الجرائم ذات النتيجه من تاريخ تحقيق هذه النتيجة ، ففى هذا التاريخ يكتمل وقوع الجريمة وهو التاريخ المحدد لبدء تقادم الدعوى المتعلقه بها (1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1) الدكتور / أحمد فتحى سرور – المرجع السابق – ص 150 ، 151 ، الدكتور / محمد عوض المرجع السبق – ص 139
فإذا وقع أعتداء عمدى من شخص على أخر ثم تراخت لحظة وفاته مدة من الزمن فلا يبدأ سريان تقادم الدعوى الجنائيه المتعلقه بالقتل العمد أو بالضرب المفضى الى الموت إلا من تاريخ تحقيق الوفاه بأعتبار أنه التاريخ الذى أكتملت فيه الجريمة . ( 1 )
وقد يصعب أحياناً تحديد تاريخ وقوع الجريمة الوقتيه ، كما هو الحال فى جريمة خيانه الأمانه لأن الجريمة تتم بمجرد تغير الحاجز للشىء نيته من حائز حيازة ناقصه الى حائز حيازة كامله ، والظهور عليه بمظهر المالك .
فإذا لم يقم الدليل على هذا التاريخ ، فقد جرى قضاء النقض على أن التقادم يبدأ من تاريخ طلب الشىء فيمتنع المتهم أو يعجز عن رده (2 ) .
2- الجريمة المتتابعه الأفعــــــــال :-
هى التى يتكون فيها النشاط الإجرامى من عده أفعال متتابعه ، يصلح كل منها ليكون جريمة مستقله . ومثا ل الجريمة المتتابعه الأفعال قيام الجانى بسرقه محتويات منزل على دفعات خلال عدة أيام ومن المنطقى أن يعتبر كل فعل أختلاس جريمة قائمه بذاتها تنشأ عنه دعوى الجنائيه وتقادم من اليوم التالى لوقوع الأختلاس ، لأن الجريمة المتتابعه الأفعال هى فى الواقع تمثل مجموعه من الجرائم الوقتيه . ومع ذلك فقد أستقر الفقه والقضاء على أعتبار تعدد الأفعال جريمة واحده ينتظمها مشروع إجرامى واحد تحقيقا ً لغرض واحد يقع أعتداء على حق واحد ، فى فتره زمنيه متقاربه ومن ثم لا يبدأ التقادم إلا من اليوم التالى لأخر فعل وقع من الجانى تنفيذاً لمشروعه الإجرامى (3 ) .
3- الجريمــــــــة المستمــــــــــرة :-
وهى الجريمة التى تتكون من سلوك إجرامى واحد يمتد لفتره من الزمن يتم خلالها الأعتداء المستمر بلا أنقطاع على الحق أو المصلحه المشمولين بالحمايه الجنائيه والجريمة المستمره تختلف عن الجريمة الوقتيه المتتابعه الأفعال فى أنها تتكون من سلوك إجرامى واحد بينما الثانيه تتكون من عده أفعال إجرامية . فضلاً عن أن النشاط الإجرامى فى الجريمة المستمره يستغرق وقتاً من الزمن أطول نسبياً من الزمن اللازم لتحقيق الجريمة المتتابعه الأفعال وتتعدد الأمثله على الجريمة المستمره منها أخفاء الأشياء المسروقه أو المتحصله من جنايه أو جنحه ( م 44 مكرر ع ) وحبس الأشخاص دون حق (م 282 وما بعدها ع ) وأستعمال المحرر المزور ( م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1) نقض 30/1/1977 مجموعه احكام النقض س 28 ، رقم 32 – ص 148
(2) نقض 8 يونيو 1942 مجموعه القواعد القانونيه – جـ 5 – رقم 424 – ص 677
(3) الدكتور / محمد أبو العلا عقيده – المرجع السابق – ص 222
214 ، 214 مكررا ، 215 ع ) ، وإحراز السلاح بدون ترخيص .
ولا يبدأ سريان تقادم الدعوى بالنسبه للجريمة المستمره إلا بعد توقف النشاط الإجرامى المؤدى إلى حالة الأستمرار الجنائيه ، وتطبيقاً لذلك لا يبدأ التقادم فى جريمة إخفاء الأشياء المسروقه إلا بتصرف المتهم فى الشىء تصرفاً مادياً أو قانونياً (1) .
يبدأ التقادم فىى جريمة الحبس بغير حق من اليوم التالى لأنتهاء حالة الحبس سواء بفرار المحبوس أو بإطلاق سراحه ، ويبجأ التقادم فى جريمة أستعمال المحرر المزور من تاريخ توقف استعماله سواء بتحقق الغرض من استعماله ، بتوقف الجانى عن الأحتجاج به ووتقادم جريمة إحراز السرح بدون ترخيص ، بأنتهاء الحيازة طوعاً أو كرها .(2)
والجريمة المستمره تختلف عما يسمى ” الجريمة المستمره أستمراراً ثابتاً ” لأن الأولى تقتضى استمرار الحاله الجنائيه مع تجدد النشاط الإجرامى بأستمرار، بعكس التأثير التى يرتكب فيها النشاط الإجرامى فى فتره زكمية وجيزة ، ولا تربطة حاله الأستمرار بتجديد هذا النشاط الإجرامى الذى أنتهى . لذا فقد استقر الفقه على أنها جريمة وقتيه ذات أثر مستمر0 (3) .
وتؤكد محكمه النقض هذا المعنى بالنسبه لجريمة البناء خارج خط التنظيم كنموذج لهذه الجريمة وكذلك بقولها أنه ” إذا كان الواقعه هى أن المتهم قد أقام بدون ترخيص بناء خارجا عن خط التنظيم فإن الفعل المسند اليه يكون قد تم وإنتهى من جهته بإقامة هذا البناء ، مما لا يمكن معه تصور حصول تدخل جديد من جانبه فى هذا الفعل ذاته ، فتكون الجريمة التى تكونها هذه الواقعه وقتيه ، ولا يؤثر فى هذا النظر ماقد تسفر عنه هذه الجريمة من أثار تبقى وتستمر ، إذ لا يعتد بأثر الفعل قى تكييفه قانونا ، وإذن فإذا كان قد انقضى على تاريخ وقوع تلك الواقعه قبل رفع الدعوى بها ثلاث سنوات فيكون الحق فى إقامة الدعوى قد سقط (4) .
4- جريمــــــــــــة الإعـتــــــــــــــياد :-
هى الجريمة التى يستلزم القانون لوقوعها تكرار الفعل الصادر عن الجانى فى أوقات مختلفه والمثال الواضح لجريمة الإعتياد ” الإعتياد على الإقراض بالربا الفاحش ” فهى تستلزم لاكتمالها عقد قرضين فى وقتين مختلفين بفائده تزيد عن الحد الأقصى للفائده التى يمكن الأتفاق عليهـــــــــــا قانوناً ، فكل قرض فى ذاته معزول عن القروض الأخرى لا تقه به الجريمة ، وإنما تتم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1) نقض 30 أبريل 1977 – مشار اليه فى الدكتور / محمد أبو العلا عقيده – هامش 1 – ص 221
(2) الدكتور / محمد أبو العلا عقيده – المرجع السابق – ص 223
(3) الدكتور / رءوف عبيد ، المرجع السابق ،ص 147
(4) نقض 14/3/1950 مشار إليه فى الدكتور / محمد أبو العلا عقيده – هامش 4 ص 223
بالاعتياد على الإقراض الذى يحققه وجود قرضين ربويين على الأقل . ولا يبدأ تقادم الدعوى الجنائيه الناشــــــىء عن جريمة الإعتياد إلا من اليوم التالى لوقوع الفعل الذى يكشف هذا الإعتياد ،
أى القرض فى جريمة الأقراض بالربا الفاحش والعبره هى بتاريخ الأقتراض ، وليست بتاريــــــــــخ أقتضاء الفوائد (1) .
وقد أضافت محكمه النقض الى شروط وقوع الجريمة إلا يكون هناك فاصل زمنى يزيد عن الثلاث سنوات بين الفعلين اللازمين للكشف عن الأعتياد (2) .
الفصل الثالث
وقــــــف التقــــــــــــــادم

***
مفهــــــــــوم وقــــــــــــف التقادم :-
المقصود بوقف التقادم هوعدم سريان مدته أبتداءاً أو أيقاف سريانها إذا كانت قد بدأت بسبب وجود مانع مادى أو قانونى يحول دون أستمرار سريان المده فإذا زال هذا المانع عاد التقادم إلى السريان من تاريخ زوال المانع مع أحتساب المده السابقه على المانع وأضافتها ألى المده التاليه (3) فإذا حدث فإذا حدث مانع مادى يمنع من تحريك النيابه العامه للدعوى الجنائيه أو من الأستمرار فيها كغزو أجنبى لأقليم معين من أقليم البلاد أو مانع قانونى كجنون المتهم عقب أرتكاب الجريمة فهل يؤدى هذا المانع إلى توقف سريان تقادم الدعوى الجنائيه ؟ يقتضى الأمر بحث المسأله فى القانون المقارن والقانون المصرى .
وقف التقادم فى القانون المقارن :-
أختلفت التشريعات فى تحديد أثر الوقف على تقادم الدعوى الجنائيه فمنها ما يوقف الدعوى الجنائيه لوجود سبب قانونى فقانون العقوبات الإيطالى (4) .
ومن التشريعات من حظر صراحة أيقاف الدعوى الجنائيه لآى سبب كان كالتشريع المصرى على نحو ما سنرى ومنها من أتخذ موقف الصمت إزاء مسأله الأيقاف فلم يجزها ولم يحظرها كالتشريع الفرنسى ، فأختلف الفقه بشأن أباحة أو حظر أيقاف تقادم الدعوى الجنائيه والرأى ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الدكتور / أحمد فتحى سرور – المرجع السابق – ص 154 .
(2) نقض 15/3/1956 – مشار اليه الدكتور / محمد أبو العلا عقيده ص 224 .

(3) وبهذا يفترق وقف التقادم عن أنقطاعه حيث لا تضاف المده السابقه فى حاله الأنقطاع .
(4) الدكتور محمد عوض – المرجع السابق – هامش 1 – ص 157 .
الفرنسى يسير فى ثلاثه أتجاهات الرأى الأول يرى أيقاف تقادم الدعوى الجنائيه كلما وجد مانع يحول دون سريان المده سواء أكان المانع مادياً أم قانونياً والأتجاه الثانى يفرق بين الموانع المادية والموانع القانونيه فأجيز أيقاف التقادم حينما يوجد مانع قانونى كالجنون ويحظره إذا وجد مانع مادى فتعطيل المحاكم بسبب غزو البلاد أما الرأى الثالث فيرى أن سريان مده التقادم لا يمكن أيقافه أى كان السبب ويرى هذا الفريق أن التقادم فى المسائل الجنائيه مبنى على نسيان الواقعه بمرور الزمن وليس على تقصير النيابه العامه أو تنازلها عن تحريك الدعوى الجنائيه . بينما فى القانون المدنى أساسه قرينه تنازل صاحب الحق عنه بعدم مطالبته به طوال مده التقادم فمن يعجز عن المطالبه لأى سبب كان لا تسرى فى مواجهته مده التقادم لأنتفاء قرينه النزول عن الحق ةهذه القرينه غير قائمه بالنسبه للنيابه التى لا تملك التنازل عن الدعــــــــــــوى الجنائيه (1)
وقــــف التقـــادم فى التشريــــع المصــــرى :-
لم ينص قانون تحقيق الجنايات الصادر سنه 1883 على أيقاف سريان مدة التقادم وأمام عدم النص أخذت محكمه النقض فى حكم قديم لها بنظام وقف التقادم حيث قررت بأنه إذا أوقفت المحكمه الجنائيه النظر فى الدعوى الجنائيه إلى أن تفصل المحكمه المدنيه فى دعوى مدنيه خاصه بها ومضى أكثر من ثلاث سنوات على الأيقاف فإن الدعوى الجنائيه تسقط بمضى المده حيث ان الدعوى المدنيه لا تعتبر الإجراءات الخاصه بها متعلقه بدعوى الجنحه ولا يكون قيامها قاطعاً لسريان المده القانونيه المنصوص عليها فى قانون تحقيق الجنايات (2) .
وقد أستبعد قانون الإجراءات الجنائيه المطبق حالياً نظام أيقاف مدة تقادم الدعوى الجنائيه بالنص فى الماده 16 منه على أنه ( لا يوقف سريان المده التى تسقط بها الدعوى الجنائيه لأى سبب كان ) .
وإذا كان المشرع قد أستبعد أيقاف تقادم الدعوى ، فلم يرتب أثراً إلا أنه على العكس قد أعتد بأيقاف تقادم العقوبه فى الماده 532 إجراءات التى تنص على أنه ( يوقف سريان المده كل مانع يحول دون مباشره التنفيذ سواء كان قانونياً أم مادياً ويعتبر وجود المحكوم عليه بالخارج مانعاً يوقف سريان المده ) .
وقد يفسر أختلاف سياسه المشرع فى شأن عدم أيقاف التقادم فى الدعوى الجنائيه والإعتداد به فى تقادم العقوبه أن حق المجتمع فى عقاب الجانى قد ثبت بصوره قطعية بصدور حكم
بات بإدانته فلا يجوز أن يفتح أمامه أى باب يجعله يفلت من تنفيذ العقوبه بينما يبقى أصل البراءه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الدكتور/ محمد أبو العلا عقيده – المرجع السابق – ص225.
(2) نقض 1 مايو 1923 مشار اليه فى الدكتور / محمد أبو العلا – هامش 2 – ص 225.
مفترضاً فى حق المتهم فيفسر بالتالى رغبه من رغبه المشرع فى عدم إطاله أمد تحريك الدعوى الجنائيه بشأن جريمة بأن تثبت بعد ضده (1).
على أن هذه القاعدة قد لحقها أستثناء واحد بالقانون رقم 69 لسنه 1953 الصادر فى 19 فبراير سنه 1953 والذى أضاف الماده 119 ع مكررة على باب أختلاس الأموال العامه والغذر ونصها ( لا تبدأ المده المسقطه للدعوى العموميه المذكورة فى هذا الباب إلا من تاريخ أنتهاء الوظيفه مالم يبدأ التحقيق فيها قبل ذلك وقد رددت نفس المعنى الماده 15 /3 من التقنين الإجرائى معدله بالقانون رقم 63 لسنه 1975 وهى تقضى مثلها بأن المده المسقطه للدعوى فى هذه الجرائم لا تبدأ إلا من تاريخ أنتهاء الخدمه أو زوال الوظيفه مالم يبدأ التحقيق فيها قبل ذلك .
والحكمه من هذا النص أن هذه الجريمة قد يتأخر أكتشافها بسبب أن الموظف مقارف الجسسريمة يكون عادة لا يزال قائماً بأعمال وظيفته فلذا أوقف القانون سريان التقادم حتى وقت خروجه من الوظيفه وذلك إلا إذا كانت الواقعه قد أكتشفت وأجرت النيابه فيها تحقيقاً لأنتهاء حكمه الإيقاف وعندئذ يبدأ التقادم من تاريخ أنتهاء هذا التحقيق ولأنه بطبيعته قاطعاً للتقادم (2) .

الفصل الرابع
أنقطـــــاع التقــــــــــــــادم

***
أنقطاع مدة التقادم مقتضاه وضياع الوقت الذى مضى منها نتتيجة أتخاذ أى إجراء فى الدعوى مما يبينه القانون فلا يحتسب فيها بل تبدأ المده من جديد منذ تاريخ الأنقطاع وقد تتجدد لذلك مدة التقادم كلما أنقطعت بإجراء قاطع لها وذلك طبقاً للماده 17 أجراءات فى وضعها الحالى بعد تعديلها بقانون 340 لسنه 1952 .
وأنقطاع التقادم عينى يتمتد أثره لى جميع المتهمين ، أى إلى جميع المشتركين فى الواقعه ولولا لم يكون طرفاً فى تلك الإجراءات ( م 18 ) إجراءات جنائيه وسواء أعلموا بها أم جهلوها فسؤال المجنى عليه مثلاً يقطع التقادم بالنسبه الى المتهمين جميعاً ولولم يكن قد سئل أحد منهم بعد التحقيق .
وينقطع التقادم بالنسبه للواقعه التى أتخذ الإجراء القاطع بالنسبه لها وكذلك بالنسبه الى الوقائع المرتبطة به لذا حكم بأن تحقيق نيابه اشمون فى جريمة أستعمال محرر مزور بقطع التقادم فى جريمة تزوير هذا المحرر وكانت قد وقعت بالقاهره (3). أنما يسشترط أن يكون هذا الأرتباط مع وحدة الغرض
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الدكتور / محمد أبو العلا عقيده – المرجع السابق – ص 226.
(2) الدكتور / رؤوف عبيد المرجع السابق ص 149
(3) نقض 4/11/1942 – رقم 1860 – س 17 ق
الذى لا يقبل التجزئة ( م32/2ع ) فلا يغنى عن ذلك الأرتباط (1) .
وإذا نظرنا إلى الأسباب الوارده فى القانون لإنقطاع التقادم وهى إجراءات الأستدلال والتحقيق والأتهام والأمر الجنائى والمحاكمه لوضحت الحكمه من الأخذ بالنظام انقطاع التقادم حيث تعيد هذه
الإجراءات الجريمة وذكراها إلى أذهان فينهدم الأعتبار الأساسى للتقادم وهو نسيان الجريمة وقد عبرت عن ذلك محكمه النقض فى قولها أن الإجراءات القاطعه للتقادم ” تنبه الأذهان الى الجريمة التى أنقطع التحقيق فيها ” (2) .
• الإجراءات القاطعه للتقادم : –
حدد المشرع على سبيل الحصر الإجراءات التى تؤدى الى قطع التقادم فى الماده 17 من قانون إجراءات الجنائيه التى تنص على أن ” تنقطع المده بأجراءات التحقيق أو الأتهام أو المحاكمه وكذلك بالأمر الجنائى أو بأجراءات الأستدلال أذا اتخذت فى مواجهه أو إذا أخطر بها بوجه رسمى وتسرى المده من جديد أبتداءاً من يوم الأنقطاع ” وسنتناول هذه الإجراءات القاطعه للتقادم بشىء من التفصيل
1- إجراءات الأتهام :-
هى الإجراءات التى يترتب على أتخاذها تحريك الدعوى الجنائيه أو مباشرتها ومن هذه الإجراءات تحريك الدعوى الجنائيه بواسطه النيابه العامه عن طريق تكليف المتهم بالحضور أمام محكمه الجنح والمخالفات ، بناء على محضر جمع الأستدلالات وتحريك الدعوى عن طريق محكمه النقض أو محكمه الجنايات فى بعض الحالات أو تحريكها من قبل جميع المحاكم فى جرائم الجلسات ، أو تحريكها من المدعى بالحقوق المدنيه عن طريق الأدعاء المباشر ، كذلك طلب النيابه ندب قاض للتحقيق والطعن فى قراراته ، ومرافعه النيابه فى جلسات المحاكمه فضلاً عن الطعن الذى ستقدم به فى الإحكام الصادره ولا يعد من إجراءات القاطعه للتقادم تقديم الشكوى من المجنى عليه الى النيابه العامه (3) . ولا رفع دعواه المدنيه أمام المحكمه المدنيه (4) .
إجــــــــــــراءات التحقيــــــــــــق :-
يقصد بإجراءات التحقيق تلك الصادره عن السلطه المختصه بالتحقيق بهدف التوصل إلى معرفه الحقيقه حول أثبات الجريمة ضد المتهم أو نفيها ويعد من إجراءات التحقيق التى تقطع التقادم تلك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الدكتور / رؤوف عبيد المرجع السابق ص 150
(2) نقض 5 أبريل 1955 مجموعه أحكام النقض ، س 6 ، رقم 242 ، ص 744
(3) نقض 29 مارس 1919 – مشار اليه الدكتور / محمد أبو العلا عقيده – المرجع السابق – ص 228
(4) نقض أول مايو 1923 مشار اليه فى الدكتور / محمد أبو العلا عقيده – المرجع السابق ص 228
المتعلقه بالضبط والإحضار(1). والقبض والحبس الإحتياطى (2). والتكليف بالحضور سواء أتم بمعرفه النيابه العامه أم قاضى التحقيق أم المستشار المنتدب للتحقيق فى أحوال التصدى وسواء أجرت فى مواجه المتهم فى غيبته وكذلك أوامر التصرف فى التحقيق سواء بأن لا وجه لإقامة الدعوى أو للأحاله ألى محكمه الجنايات.
إجـــــــــــراءات المحاكمــــــــــه :-
يقصد بإجـــــراءات المحاكمه تلك التى تتخذها المحكمه أو تأمر بأتخاذها منذ رفع الدعوى إليها الى حين صدور الحكم فيه سواء أكانت هذه الإجراءات متعلقه بتداول الدعوى امامها ام بتحقيقها أم بالحكم فيها (3). ويشترط فى إجراءات المحاكمه التى يترتب عليها قطع التقادم أن تكون صحيحه فإن كان الإجراء باطلاً فإنه لا يكون له أثر على التقادم (4). ولا يشترط مواجهه المتهم بإجراءات المحاكمه التى تقطع المده المسقطه للدعوى مادامت متصله بسير الدعوى أمام القضاء (5).
ويعد من قبيل إجراءات المحاكمه سماع الشهود وإجراءات المعاينه وتعيين الخبراء والندب للتحقيق وتأجيل نظر الدعوى والقرارات والأحكام التى تفصل أو لا تفصل فى موضوع الدعوى والحكم الذى يصدر عن المحكمه ويقطع التقادم هو الحكم غير البات وأن الحكم البات ما يقطع التقادم بل يعد أحد أسباب أنقضاء الدعوى الجنائيه.
ويستوى فى الحكم غير البات القاطع للتقادم أن يكون بالإدانه أو بالبراءه أو يكون حضورياً أو غيابياً وقد أستثنى المشرع الماده 394 إجراءات من الأحكام الغيابيه تلك الصادره من محكمه الجنايات فى جنايه تنص على أنه :-
” ما يسقط الحكم الصادر غيابياً من محكمه الجنايات فى جنايه بمضى المده أنما تسقط العقوبه المحكوم بها و يصبح الحكم نهائياً بسقوطها ”
ولتطبيـــق هذا النص يجب توافر شرطين الأول أن يكون الحكم الصادر من محكمه الجنايات فى جناية ، أما الأحكام الصادره عنها فى الجنح فلا تقطع تقادم الدعوى والثانى عدم حضور المحكوم عليه أو القبض عليه قبل أنقضاء العقوبه بمضى المده فإذا حضر أو قبض عليه زال الأثر المترتب على الحكم وبدء تقادم جديد للدعوى الجنائيه (6).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نقض 22 / 5 / 1961 – مشار اليه فى الدكتور / رؤوف عبيد المرجع السابق – هامش 2 ص 150
(2) نقض 11/1 / 1934 – القواعد القانونيه – جـ 2 – رقم 182 – ص 248
(3) الدكتور / محمد أبو العلا عقيده – المرجع السابق – ص 229
(4) نقض 20 يناير 2000 ، الطعن رقم 6632 لسنه 66 ق ” لم ينشر بعد ” مشار اليه فى الدكتور / محمد أبو العقيده – المرجع السابق – هامش 2 – ص 229
(5) الدكتور / محمد أبو العلا عقيده – ص 229 (6) الدكتور / محمد أبو العلا – ص 229
إجـــــــــــــراءات الأستــــــــــــدلال :-
يقصد بها تلك التى يباشرها مأمور الضبط القضائى بالبحث عن الأدله المتعلقه بوقوع الجريمة والكشف عن المساهمين فيه تمهيداً لبدء الإجراءات فى الدعوى الجنائيه (1). والأصل أن إجراءات الأستدلال يجب الا تكون قاطعه لتقادم الدعوى الجنائيه ، لأنها سابقه على بدء الإجراءات المتعلقه بها (2). ونظراً لأن الحق فى الدعوى ينشأ من يوم وقوع الجريمة ولأهميه هذه الإجراءات ولزومها فى الدعوى فقد رأى المشرع أعتبارها من الإجراءات القاطعه للتقادم بشرطين الأول أن تتخذ فى مواجهه المتهم والثانى أن يخطر بها على وجه رسمى (3) . ومن أمثله إجراءات أستدلال القاطعه بالتقادم سماع الشهود وإجراءات المعاينه .
الأمــــــــــــــر الجنائــــــــــــــــــى :-
الأمر الجنائى هو قرار يصدر من قاضى المحكمه الجزئيه المختصه بنظر الدعوى بنا على طلب النيابه العامه بتوقيع العقوبه على المتهم بناء على محضر جمع الأستدلالات أو أدله الأثبات الأخرى بدون إجراء تحقيق أو سماع مرافعه تنص الماده 323 من قانون الإجراءات الجنائيه على أنه ” للنيابه العامه فى مواد الجنح التى لا يوجب القانون الحكم فيها عقوبه الحبس أو الغرامه التى يزيد حدها الأدنى عن الف جنيه إذا رأت الجريمة حسب ظروفها تكفى فيها عقوبه الغرامة التى لا تحاوز ألف جنيه فضلاً عن عقوبات التكميلية والتضمينات وما يجب رده والمصاريف وأن تطلب من قاضى المحكمه الجزئيه التى من اختصاصها نظر الدعوى ان يوقع العقوبه على المتهم بأمر يصدره بناء على محضر جمع الأستدلالات أو أدله الأثبات الأخرى بغير إجراء تحقيق أو سماع مرافعه ” .
ويجوز للنيابه العامه أن تصدر الأمر الجنائى فى الجرائم التى حددها القانون على سبيل الحصر فقد جرى نص الماده 325 مكرر إ. ج ” ولكل عضو النيابه من درجه وكيل النائب العام على الأقل بالمحكمه التى من أختصاصها نظر الدعوى أصدار الأمر الجنائى الجنح التى لا يوجب القانون الحكم فيها بالحبس أو بالغرامه التى يزيد حدها الأدنى عن خمسمائه جنيه فضلاً عن العقوبات التكميلية والتضمينات وما يجب رده والمصاريف ويكون أصدار الأمر الجنائى وجوبياً فى مخالفات التى لا يرى حفظها ولا يجوز أن يأمر بغير الغرامه التى لا تزيد عن خمسمائه جنيه والعقوبات التكميلية والتضمينات وما يجب رده والمصاريف وللمحامى العام ورئيس النيابه حسب الأحوال أن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نقض 4 نوفمبر 1968 مجموعه الأحكام س 19 ، ص 899
(2) نقض 5 فبراير 1968 مجموعه أحكام النقض س 19 – رقم 128 – ص 126
(3) نقض 18 ديسمبر 1956 – مجموعه أحكام النقض س 7 – رقم 350 – ص 1268
يلغى الأمر الخطأ فى تطبيق القانون فى ظرف عشره أيام من تاريخ صدوره ويترتب على ذلك أعتبار الأمر كأن لم يكن ووجوب السير فى الدعوى بالطرق العاديه “.
ويعد قاطعاً للتقادم الطلب الذى تتقدم به النيابه العامه للقاضى المختص لإصدار الأمر ، لأن هذا الطلب بمثابه إجراء من إجراءات الأتهام المحركه للدعوى الجنائيه كذلك ينقطع التقادم بصدور الأمر الجنائى من القضاء أو من النيابه فإذا أصبح الأمر الجنائى نهائياً أنقضت به الدعوى الجنائيه كالحكم البات الأمر الجنائى يقطع تقادم الدعوى الجنائيه أبتداءاً وينهى الخصومه فتنقضى به الدعوى نهائياً (1) .
وقد ثار التساؤل أن يتم الأمر الجنائى فى مواجهه المتهم أو يخطر به على نحو رسمى كما هو الحال بالنسبه لإجراءات الأستدلال وقد حدث خلاف فقهى عند الإجابه على هذا التساؤل : وأساس هذا الخلاف فى الرأى هو صياغه الماده 17 أ.ج فبعد أن عدد الإجراءات القاطعه للتقادم أضافت أليها عبارة “وكذلك الأمر الجنائى أو بأجراءات الأستدلال أذا أتخذت فى مواجهه المتهم “.
وقد ذهب بعض الفقهاء الى أن الشرطين الواردين فى عجز الفقره الأولى من الماده يتسعان ليشملا الأمر الجنائى وإجراءات الأستدلال وبناء عليه فلا ينقطع التقادم بصدور الأمر الجنائى إلا أذا اتخذت فى مواجهه المتهم أو أخطر بها رسمياً بينما يذهب رأياً أخر فى الفقه إلى أن الأمر الجنائى يقطع التقادم دون أستلزام أتخاذه فى مواجهه المتهم أو أخطاره به رسمياً لأن الصياغه اللغوية للعباره المذكورة تفيد هذا المعنى حيث أن ” التاء ” فى الفعل أتخذت تنصرف فحسب الى جميع الأستدلالات بأعتبارها أقرب مذكور دون ان تنصرف الى الأمر الجنائى (2) .
ومن ناحية أخرى فالأمر الجنائى أحد إجراءات الدعوى الجنائيه فليس فى حاجه لكى يقطع تقادمها الى أى شروط أخرى بعكس الحال فى اجراءات الأستدلال الخارجه عن نطاق الدوى الجنائيه فأستلزام المشرع لهذين الشرطين أمراً منطقى . فضلاً عن ذلك قد جرى قضاء محكمه النقض على أن المشرع لم يستلزم مواجهه المتهم بالإجراء إلا بالنسبه لأجراءات الأستدلال دون غيرها (3). وأخيراً فقد وضع مشروع قانون الإجراءات الجنائيه حداً لهذا الخلاف وحسم الأمر لصالح الرأى الراجح فى الفقه وذلك بأعاده صياغة العبارة مثار الخلاف فى الماده 17 من القانون الحالى على نحو يجعل الأمر الجنائى قاطعاً بالتقادم دون أستلزام أى شرط أخر كما هو الحال بالنسبه لجمع الأستدلالات وجاء نص الماده 22 منه على النحو التالى ” تنقطع المده التى تنقضى بها الدعوى الجنائيه بإجراءات التحقيق أو الأتهام أو المحاكمه أو بالأمر الجنائى وكذلك تنقطع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الدكتور / محمد أبو العلا عقيده – ص 231
(2) الدكتور / مأمون سلامه – شرح قانون الإجراءات الجنائيه 1992 – ص 292
(3) نقض 24/3/1960 – مجموعه أحكام النقض س 11 – رقم 94 – ص 498
بإجراءات الأستدلال التى تتخذ فى مواجهه المتهم ويشترط فى الإجراء الذى يقطع مده التقادم أن يكون قضائياً بمعنى أن يكون صادراً من جهه مختصه بتحريك مباشره الدعوى الجنائيه لذا لا يقطع التقادم تحقيق إدارى مع موظف ولو أدركه النيابه الإداريه (1). ويشترط أيضاً أن يكون التحقيق جنائياً لا مدنياً ولذا لا يقطع التقادم أى تحقيق قد تجريه المحكمه الجنائيه يعد مطعون عليه بالتزوير (2) .
كما يشترط فيه أن يقع صحيحاً فى ذلك فإذا كان الإجراء باطلاً لعدم الولايه أو لعدم تحقق شرط من شروطه الجوهريه فى الموضوع أو فى الشكل كان الإجراءا كأن لم يكن ولا يكون له أثراً فى أنقطاع التقادم لذا لا ينقطع التقادم لتحقيق تجرية النيابه العامه فى الجريمة تلزم فيها شكوى أو طلب اذا جرى التحقيق بدونهما أو بأمر ندب للتحقيق لم يستوف شرط صحته مثل صدوره شفويا أو الى غير من يجوز ندبه أو بإجراء تحقيق أو أتهام أو محاكمه خارج نطاق قواعد الأختصاص المتعلق بالنظام العام ، أو بأمر ضبط وأحضار باطل لنقص فى البيانات الجوهريه التى يتطلبها فيه القانون أو بتفتيش باطل لأنعدام مبرراته أو لعيب فى إجراءاته وهكذا (3).
– الإجراءات الغير قاطعه لمده التقادم :-
لا يقطع التقادم الإجراء الباطل على النحو السابق تجليته ولا يقطعه مجرد البلاغ الذى يقدمه أحد الناس أو أحد ما/ور الضبط القضائى فى شأن الحادث أو الشكوى التى قد يقدمها المجنى عليه ولو أدع فيها بالحق المدنى وكذلك تحويل شكوى أداريه من النيابه الى قسم الشرطة لفحصها إذ أن هذا التحويل لا يمنح رجل الشرطة سلطه التحقيق مالم يصدر أمر صريح بأنتداب أحد رجال الضبط القضائى للتحقيق (4) . وكذلك قيد الشكوى بدفتر الشكاوى الإداريه لأنه إجراء معناه أن النيابه رأت عدم البت فى موضوعها لسبب من الأسباب كما قضى أيضاً بأن مجرد التأشير لوكيل النيابه العامه لتقديم القضيه الى المحكمه يعد أمراً أدارياً فلا أثرله فى قطع التقادم لأن الدعوى لا تعتبر مرفوعه بمجرد التأشير بل بالأعلان الصحيح الذى هو من إجراءات الأتهام القاطعه للتقادم (5).
وفى الجمله لا يقطع التقادم إلا كل ما يصح وصفه بأنه من إجراءات التحقيق أو الأتهام أو المحاكمه كما لا يقطعه الإجراءا الصادر من نفس المتهم قد طعن فى الحكم بمعرفته بأنه لا يضار بتصرفه .
وكذلك كل إجراء متصل بالدعوى المدنيه وحدها سواء أكانت مقامه أمام القضاء المدنى أم الجنائى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الدكتور / رؤوف عبيد – المرجع السابق – ص 153
(2) نقض 1/5/1933 – مجموعه الأحكام – س 25 – ص 113
(3) الدكتور / رؤوف عبيد – المرجع السابق – ص 153 ، 154
(4) نقض 4/1/1932 القواعد القانونيه جـ 2 رقم 313 ص 410
(5) نقض 13/2/1968 أحكام النقض س 19 – رقم 37 – ص 211
فجميع تصرفات المدعى بالحق المدنى المسؤول عنه لا تقطع التقادم بالنسبه للدعوى الجنائيه لأنها تنصب على الدعوى المدنيه وحدها (1) .
أثـــــــــــر أنقطاع مدة التقادم :-
ثار التساؤل عن أثر أنقطاع التقادم بالنسبه للمدة السابقه على بدء سريانه وكذلك عن أثره فى حالة تعدد الإجراءات المتهمين أو الدعاوى الجنائيه بالنسبه للمده السابقه على أتخاذ الإجراء القاطع للتقادم فأنها تسقط كامله ويجب أن تبدأ من جديد مده تقادم كامله من اليوم التالى من هذا الإجراء وإذا تعددت الإجراءات التى تقطع مدة التقادم فإن سريان المده يبدأ من تاريخ أخر إجراء . ( م 17 / 2 أ . ج ، م 22 /2 من المشروع )
وإذا تعدد المتهمون فقد نصت الماده 18 من قانون الإجراءات على أن أنقطاع المده بالنسبه لأحدهم يترتب عليه أنقطاعها بالنسبه للباقيين ولو لم تكن قد أتخذت قبلهم إجراءات قاطعه للمده . ويوضح هذا النص أن أنقطاع مدة التقادم ذات طابع عينى لا شخصى .
وإذا تعددت الدعاوى الجنائيه فالأصل أن يقتصر أثر الإجراء القاطع للتقادم على تقادم الدعوى التى بوشر الإجراء بشأنها . فإذا كانت هذه الدعاوى ناشئه عن جرائم مرتبطة ببعضها أرتباطاً لا يقبل التجزئه فقد ذهبت محكمه النقض إلى أمتداد أثر التقادم الى الدعاوى الأخرى لوجود أرتباط بينها نتيجه للأرتباط بين الجرائم . وأعمالاً للأثر العينى للتقادم وبناء على ذلك فإن أنقطاع التقادم فى جريمة السرقه يمتد ليشمل الدعوى الناشئه عن جريمة أخفاء الأشياء المتحصله من السرقه .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الدكتور / رؤوف عبيد – المرجع السابق – ص 155
الفصل الخـــــــــــــــــامس
أثــــــــــــــــــــــــــار التقــــــــــــــــــــادم
***
يؤدى التقـــــادم الى أنقضـــــاء الدعــــوى الجنائيه وبالتــــالى سقوط الخصومه الجنائيـــه بينما لا تأثير له على ســــير الدعـــــوى المدنيه وذلك على التفصـــــيل التالـــــى :-
(1) أثر التقادم على الدعوى الجنائيه :-
يترتب على أكتمال مدة تقادم الدعوى الجنائيه دون أنقطاعها أنقضاء هذه الدعوى وبالتالى سقوط حق الوله فى عقاب الجانى وينبنى على سقوط الدعوى الجنائيه للتقادم عدم جواز أتخاذ أى إجراء فيها فإذا لم يكن قد تم تحريكها فيجب الأمتناع عن تحريكها وإذا تم تحريكها قبل ذلك فيجب على النيابه العامه أن تصدر قراراً بأن لا وجه لأقامتها لأنقضائها بالتقادم وإذا وصلت الإجراءات الى مرحله المحاكمه فيجب على المحكمه أن تصدر حكمها بعدم قبول الدعوى(1) .
ونظراً لأن التقادم متصل بالنظام العام لأتصاله بالدعوى الجنائيه ولكون أساسه يسترد أيضاً إلى المصلحه العامه ، فإنه لا يجوزالتنازل عن الدفع به ويمكن أثاره هذا الدفع فى أيه حاله كانت عليها الدعوى وإذا رفضت المحكمه هذا الدفع لأنقطاع التقادم فيجب عليها ان تبين ذلك فى حكمها وإلا كان حكمها معيباً قابلاً للطعن فيه فضلاً عن ذلك يجوز للقاضى أن يقرر من تلقاء نفسه أنقضاء الدعوى الجنائيه بالتقادم .
(2) لا أثـــــــــــر للتقادم على الدعوى المدنيه :-
الأصل أن لا تأثير لتقادم الدعوى الجنائيه على الدعوى المدنيه الناشئه عن الجريمة حيث تتقادم بالمدد المنصوص عليها فى القانون المدنى .
وقد نصت الماده 259 من قانون الإجراءات على ذلك بقولها ” تنقضى الدعوى المدنيه بمضى المده المقرره فى القانون المدنى ” وقد حددت الماده 172 من القانون المدنى المدد الخاصه بتقادم الدعوى المدنيه فى قولها ” تسقط بالتقادم دعوى العويض الناشئه عن العمل غير المشروع بأنقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذى علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسؤل عنه .
وتسقط هذه الدعوى فى كل حال بأنقضاء خمسه عشر سنه من يوم وقوع العمل غير المشروع ”
ينبنى على ما تقدم أن الدعو المدنيه إذا رفعت مع الدعوى الجنائيه ، ثم أنقضت الدعوى الجنائيه بالتقادم ، فلا يؤثر ذلك على سير الدعوى المدنيه ويجب على المحكمه الجنائيه أن تستمر فى نظرها ( م 259 /2 أ . ج ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1) الدكتوره / فوزيه عبد الستار – شرح قانون الإجراءات الجنائيه . دار النهضة العربية – ص 159

وقد قرر المشرع فى حاله معينه خلافاً للأصل السابق أستمرار نظر الدعوى المدنيه رغم تقادمها إذا كانت الدعوى الجنائيه لم تتقادم ، وذلك بمقتضى نص الماده 172/2 من القانون المدنى
علــــــــــى أنــــــــــه :- ” إذا كانت هذه الدعوى ( المدنيه ) ناشئه عن جريمة وكانت الدعوى الجنائيه لم تسقط بعد أنقضاء المواعيد المذكوره فى الفقرة السابقه فإن دعوى التعويض لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائيه ” .
وقــــد أكد مشــــروع قانون الإجراءات الجنائيه هذا الحكم فى الماده 45 منه فى قولهـــــــا :- ” تنقضى الدعوى المدنيه المرفوعه أمام المحكمه الجنائيه بمضى المده المقرره فى القانون المدنى ، إلا إذا كانت الدعوى الجنائيه لازالت قائمه فلا تنقضى الدعوى المدنيه إلا بأنقضائها “.

الخاتمــــــــــــــــه
***
أستعرضنا فيما تقدم التقادم كسبب من الأسباب العامه لأنقضاء الدعوى الجنائيه .
وأستعرضنا النظريات التى قيل بها لتبرير التقادم ومنها ما برر التقادم بنسيــــان الجريمة ، وأخرى بررت التقادم بالأهمال فى استعمال الدعوى الجنائيه ومنها ما بررته بضياع الأدله ومنها ما بررته بالأستقرار القانونى .
ونرى أن الأقرب الى الصــــــــواب هو تبرير التقادم بفكرة الأستقرار القانونى والتى تدعوا الى الا تكون الجريمة سيفا مسلطـــــاً على رقبـــــه المتهــــــم طيله حياته .
ثم استعرضنا الجرائم التى استثناها المشرع من نظام التقادم وبالنظره المتعمقه الى هذه الجرائم نجد خطورة هذه الجرائم لتعلقه بالحريات العامه وحرمه الحياه الخاصه لذلك بأن المشرع كان حصيفاً فى استثناء هذه الجرائم من الخضوع للتقادم .
ثم أستعرضنــــا مدد التقادم فى التشريعات المختلفه ورأينا أنها تختلف من تشريع إلى أخر فمن التشريعات ما يحدد مدد التقادم متبعاً لنوع الجريمة كالتشريع المصرى والفرنسى ومنها مالم يقتصر على تحديد مده التقادم وفقاً لنوع الجريمة فحسب وأنما ذهب الى تصنيفه تبعاً لجسامه الجريمة ثم تناولنا ما ثار حول تحديد نوع الجريمة إذا أقترن بها عذر قانونى أو ظرف قضائى مشدد أو مخفف وأستعرضنا الأراء التى قيل بها فى هذا الصدد ثم تناولنا كيفيه حساب التقادم وما ثار من خلاف حول أحتساب اليوم الأول من مده التقادم أم تبدأ الـــمده من اليوم التـــــــــــالى من وقــــــــــوع الجريمة .
ثم تناولنا وقـــــــــف التقـــــــــــادم ورأينا أن المشرع المصرى لم يأخذ بوقف التقادم إلا أنه قد أورد أستثناءاً يتعلق بجريمة اختلاس الأموال العامه فنص على عدم مده التقادم إلا من تاريخ أنتهـــــــاء وظيفـــــــــــــــة مالم يبدأ التحقيـــــــــــــق قبــــــــــــل ذلك .
ثم تناولنـــــــــــــا أنقطــــــــــــاع التقــــــــادم وأخيراً تنــــــــــاولنا أثار التقـــــــــــــادم ســــواء بالنسبــــــــــه للدعــــــــوى المدنيـــــــــــه والدعـــــــــــــوى الجنائيــــــــــــــــه .
والله ولــــــــــى التوفيـــــــــــق ،،،

المراجــــــــــــــــع
***
– الدكتوراه أحمد فتحى سرور ( الوسيط فى شرح قانون الإجراءات الجنائيه – دار النهضه العربيـة – الطبعه السابقــه 1969 ) .
– الدكتور / محمد أبـــــــو العــــــلا عقيده – شرح قانون الإجراءات الجنائيه – دار النهضه العربيـــــــــــــة- الطبعـــــه الثانيـــه 2001 ) .
– الدكتور / محمد عوض الأحــــول – أنقضاء سلطة العقاب بالتقادم ، رساله دكتوراه جامعــــــــــــــــــه القاهـــــــــــــره 1959 ) .
– الدكتور – عمـــــــــر سعــــــيد رمضــــــان ( شــــــــــرح قانــــــــون الإجراءات الجنائيــــه – دار النهضــــــــــه العربيــــــــــــة 1988 ) .
– الدكتور / سعــــــــيد مصطفــــــى السعيد – الأحكـــــــــــام العامـــــــــه فى قانــــــــون العقوبات – الطبعه الرابعــــــه 1962 ) .
– الدكتور / رؤوف عبيــــــــــــــــد مبـــــــــادىء الإجراءات الجنائيه فى القانون المصرى الطبعه الخامســـــــه عشـــــــــر 1983 ) .
– الدكتور / مأمـــــــــون ســـــلامة شرح قانون الإجراءات الجنائيه 1992 دار الفكر العربى .
– الدكتوره / فـــــــوزيه عبد الستـــــــــــــــار – شـــــــرح قانـــــــون الإجـــــــــراءات الجنائيـــــــــه دار النهضـــــة العربيــــه .

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى