مذكرات طعن بالنقض جنائيموسوعة عدنان

نقض زنا

السبب الأول: – الخطأ في تطبيق القانون وقصوره في التسبيب.

لما كان من المقرر بنص المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية أنه ” لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجني عليه، أو من وكيله الخاص، إلى النيابة العامة، أو إلى أحد مأموري الضبط القضائي في الجرائم المنصوص عليها في المواد 185 و274 و277 و279 و292 و293 و303 و306 و307 و308 من قانون العقوبات، وكذلك في الأحوال الأخرى التي ينص عليها القانون.

ولا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة وبمرتكبها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.”

وقد قضى بأن المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية بعد أن علقت رفع الدعوى الجنائية في جريمة الزنا المنصوص عليها في المادتين 274 و275 من قانون العقوبات على شكوى الزوج، نصت في فقرتها الأخيرة على أنه “لا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة وبمرتكبها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك”. وجريمة الزنا، جريمة الأصل فيها أن تكون وقتية لأن الركن المادي المكون لها وهو الوطء فعل مؤقت، على أنها قد تكون متتابعة الأفعال كما إذا ارتبط الزوج امرأة أجنبية يزني بها، أو ارتبط أجنبي الزوجة لغرض الزنا، وحينئذ تكون أفعال الزنا المتتابعة في رباط زمني متصل جريمة واحدة في نظر الشارع كما هو المستفاد من نص المادة 218 من قانون الإجراءات الجنائية اعتباراً بأنها وإن نفذت بأفعال متلاحقة كل منها يصدق عليه في القانون وصف الجريمة إلا أنه وقد انتظمها وحدة المشروع الإجرامي ووحدة الجاني والحق المعتدي عليه كانت جريمة واحدة هي الجريمة الوقتية المتتابعة. ولما كان القانون قد أجرى ميعاد السقوط من تاريخ العلم بالجريمة، فإن مدة الثلاثة الأشهر تسري حتماً من يوم العلم بمبدأ العلاقة الآثمة لا من يوم انتهاء أفعال التتابع إذ لا يصح الخلط بين بدء سريان التقادم الذي يحتسب من انتهاء النشاط الإجرامي وبين بدء ميعاد سقوط الحق في الشكوى الذي يرتد إلى العلم بوقوع الفعل المؤثم لأن مدة السقوط أجراها الشارع في نصوصه بعامة من وقت قيام موجب الشكوى بصرف النظر عن تتابع الأفعال الجنائية. ولا شك في أن علم المجني عليه بالعلاقة الآثمة من بدايتها يوفر له العلم الكافي بالجريمة وبمرتكبها ويتيح له فرصة الالتجاء إلى القضاء ولا يضيف اطراد العلاقة إلى علمه اليقيني جديداً ولا يتوقف حقه في الشكوى على إرادة الجاني في اطراد تلك العلاقة. والقول بغير ذلك يخالف قصد الشارع الذي جعل من مضي ثلاثة أشهر من تاريخ العلم بالجريمة وبمرتكبها قرينة قانونية لا تقل إثبات العكس على التنازل لما قدره من أن سكوت المجني عليه طوال هذه المدة يعد بمثابة نزول عن الشكوى لأسباب ارتآها، حتى لا يتخذ من حق الشكوى إذا استمر أو تأبد سلاحاً للتهديد أو الابتزاز أو النكاية. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت – بغير معقب – علم الزوج علماً يقينياً بالعلاقة الآثمة التي نشأت واطردت بين المطعون ضدهما في تاريخ معين هو يوم 29 أكتوبر سنة 1959 وأنه سكت عن التبليغ مدة تزيد على ثلاثة أشهر من تاريخ ذلك العلم اليقيني مما لا تنازع فيه الطاعنة، وأجرى على ذلك لازمه من سقوط حق الزوج في الشكوى، فإنه يكون قد طبق القانون على واقعة الدعوى تطبيقاً صحيحاً ويتعين لذلك رفض الطعن

[الطعن رقم 1452 – لسنة 36 جلسة 27 / 2 / 1967 – مكتب فني 18 ج 1- ص 270]

كما قضى بأنه لما كانت المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية بعد أن علقت رفع الدعوى الجنائية في جريمة الزنا المنصوص عليها في المادتين 274، 275 من قانون العقوبات على شكوى الزوج، نصت في فقرتها الأخيرة على أنه “لا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة وبمرتكبها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك” وجريمة الزنا الأصل فيها أن تكون وقتية لأن الركن المادي المكون لها وهو الوطء فعل مؤقت على أنها قد تكون متتابعة الأفعال كما إذا ارتبط الزوج بامرأة أجنبية يزني بها أو ارتباط أجنبي بالزوجة لغرض الزنا وحينئذ تكون أفعال الزنا المتتابعة في رباط زمني ومتصل جريمة واحدة في نظر الشارع ما دام قد انتظمها وحدة المشروع الإجرامي ووحدة الجاني والحق المعتدى عليه. ولما كان القانون قد أجرى ميعاد السقوط من تاريخ العلم بالجريمة فإن مدة الثلاثة أشهر تسري حتماً من يوم العلم بمبدأ العلاقة الآثمة لا من يوم انتهاء أفعال التتابع

[الطعن رقم 884 – لسنة 55 -جلسة 9 / 5 / 1985 – مكتب فني 36 -ج 1-ص 631]

كما أنه من المقرر فقهًا أنه “يفترض القانون أن سكوت المجني عليه مدة ثلاثة أشهر يفيد معني تنازله عن حقه في الشكوى، ولذلك لا تقبل الشكوى إذا قدمت بعد فوات هذه المدة، والعلم المقصود هنا هو العلم الحقيقي لا العلم المفترض بالوقائع التي تجعل من الفعل جريمة يتوقف تحريك الدعوى الجنائية عنها على شكوى من المجني عليه، وبشخص مرتكب الجريمة أي الصفات التي يمكن معها تحديد شخصيته فلا يشترط العلم باسمه.

والعلم بالفعل يراد به المعلومات الكافية عن الفعل الإجرامي التي تجعل منه جريمة، بحيث تكون لديه الفرصة الكافية لأن يقدر ظروف هذا الفعل وما إذا كان يتقدم بشكوى بشأنه أم لا يتقدم بها أي يشترط أن يعلم المجني عليه بالوقائع كلها التي تجعل من الفعل جريمة من جرائم الشكوى.

(د/ عبد الرؤف مهدي، شرح القواعد العامة للإجراءات الجنائية، طبعة 2017 دار النهضة العربية، ص 888 وما بعدها)

لما كان ما تقدم وهديًا به وكانت الطاعنة قد تمسكت بدفاعها بسقوط حق المجني عليه في الشكوى لمضى أكثر من ثلاثة أشهر من تاريخ علمه اليقيني بارتكاب الجريمة وشخص مرتكبيها إذ علم بها بتاريخ 20/3/2019 ولم يبلغ إلا في تاريخ 21/12/2019 أي بعد مضى الثلاثة أشهر إلا أن الحكم المطعون فيه  قد رد على هذا الدفع قائلا “وعن الدفع بسقوط حق الزوج في شكواه لمضى أكثر من ثلاثة أشهر وفقًا لنص المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية فمن المقرر بنص المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية أن المدة المقررة لقبول الشكوى هي من يوم اتصال علم المتهم بالواقعة لا من تاريخ إيهامه بوجود واقعة أخرى والواقعة محل البلاغ بمحضر جمع الاستدلالات مؤرخة في 21/12/2019 واتصل علم المتهم بالواقعة قبل يومين من تاريخ إبلاغه كما هو وارد بالمحضر أنف البيان كما ان تأخر المجني عليه في الإبلاغ عن الحادث لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته وأنها كانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها، ذلك ان تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وكل جدل يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولًا لتعلقه بالموضوع لا بالقانون وعليه يكون الدفع المبدئ من دفاع المتهمة غير سديد وتلتفت عنه المحكمة بالكلية. “

ومهما يكن من أمر فأن رد الحكم المطعون فيه على هذا الدفع المبدئ من الطاعنة على النحو أنف البيان قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في البيان، إذ أن الطاعنة قد دللت على صحة هذا الدفع بوجود تسجيل صوتي بين المجني عليه والمتهم الثاني بتاريخ  20/3/2019 -بين التسجيلات المقدمة رفقة البلاغ من المجني عليه- وكذا وجود طلب مقدم من المجني عليه عن طريق وكيله – بالتوكيل رقم 5479/ب لسنة 2019 شربين والمحرر بتاريخ 23/4/2019- إلى النيابة العامة في الجناية رقم 11072 لسنة 2019 جنايات قسم أول المنصورة -والمتعلقة بتهديد المتهم الثاني-في القضية الماثلة- للطاعنة -بوصفها مجنيًا عليها في الجناية أنفة البيان- بنشر التسجيلات المزعومة أنفة البيان وقضى فيها بإدانته – بالادعاء المدني قبل المتهم الثاني وقد تأشر عليه من السيد وكيل النيابة المختص بطلب المعلومات-مرفق صورته بحوافظ مستندات الطاعنة المقدمة أمام المحكمة – كما طلب المجني عليه حال نظر الجناية أنفة البيان بجلسة 17/9/2019 عن نفسه وبصفته ولى طبيعي على أبنائه بطلب الادعاء المدني قبل المتهم الثاني بما يفيد علمه اليقيني بالواقعة قبل مضى أكثر من ثلاثة أشهر من تاريخ الإبلاغ وأن سكوته عن الإبلاغ حتي تاريخ 21/12/2019 يعد تنازلًا منه عن الحق في الشكوى، بيد أن الحكم المطعون فيه لم يفطن إلى تلك الأدلة الجازمة على ثبوت العلم ولم يتعرض لها بالفحص والتمحيص، فلم تبادر المحكمة إلى سماع التسجيل الصوتي بين المجني عليه والمتهم الثاني -والذى علم من خلاله المجني عليه بالجريمة- لبيان مضمونه وما إذا في مضمونه ما يفيد علم المجني عليه بالجريمة من عدمه، وكذا بيان تاريخ حدوث هذا التسجيل سواء من مضمون التسجيل أو عن طريق أحدى الجهات الفنية لتحديد ما إذا كان تاريخ هذا التسجيل قد تم بالفعل في يوم 20/3/2019 وفق ما تمسكت به الطاعنة في دفاعها بما يكون معه قد مضى بينه وبين إبلاغ المجني عليه بالجريمة أكثر من ثلاثة أشهر من عدمه، كما أن المجني عليه قد استند في بلاغه أنه علم بالجريمة من انتشار محادثات وصور لزوجته الطاعنة مع المتهم الثاني على مواقع التواصل الاجتماعي يستخلص منها ارتكابها لجريمة الزنا وكانت تلك المحادثات والصور هي ذات المحادثات والصور محل الجناية رقم 11072 لسنة 2019 جنايات قسم أول المنصورة  والتي ثبت علم  المجني عليه بمضمون تلك الصور والمحادثات أخذًا من قيامه بتحرير التوكيل رقم 5479 /ب لسنة 2019 توثيق شربين عن نفسه وبصفته ولى طبيعى على أبنائه -من الطاعنة- لمحاميه في تاريخ 23/4/2019أي قبل إبلاغه في المحضر الماثل بأكثر من ثلاثة أشهر وكان تحرير هذا التوكيل قد تم بعد قيام الطاعنة بتحرير بلاغها في الجناية رقم 11072 لسنة 2019 جنايات قسم أول المنصورة متهمة المتهم الثاني-في القضية الماثلة- بابتزازها للحصول على مبلغ مالي مستندة في ذلك على ذات المحادثات والصور والتسجيلات موضوع القضية الماثلة، وقيام وكيل المجني عليه بناء على طلب الأخير وبموجب هذا التوكيل بالتقدم بطلب الادعاء المدني قبل المتهم-مرفق صورته- في هذه الجناية عن نفسه وبصفته ولى طبيعي على أبنائه تأسيسًا على ما لحقهم من ضرر نتج عن الجريمة، بل وإصراره على تكليف محاميه بالمثول بجلسة 17/9/2019 أمام محكمة الجنايات في الجناية أنفة البيان للادعاء مدنيًا قبل المتهم فيها، بما يقطع بعلمه اليقيني بالواقعة، لا سيما وأنه استند في بلاغه في القضية الماثلة على ذات الصور والمحادثات والتسجيلات محل الجناية أنفة البيان، وهو ما يتنافى مع ما أورده الحكم بمدوناته من أن المجني عليه كان موهمًا بوجود واقعة أخرى، إلا أن الحكم الطعين لم يفطن لتلك الدلائل الجازمة بعلم المجني عليه اليقيني  بالجريمة قبل بلاغه بأكثر من ثلاثة أشهر، ورفع لواء التأييد لقالة المجني عليه بمحضر جمع الاستدلالات بأنه علم بالواقعة قبل يومين من تحرير البلاغ دون الفهم الصحيح لدفاع الطاعنة وأدلتها الجازمة على صحة هذا الدفع، مخالفًا قصد الشارع الذي جعل من مضي ثلاثة أشهر من تاريخ العلم بالجريمة وبمرتكبها قرينة قانونية لا تقل إثبات العكس على التنازل لما قدره من أن سكوت المجني عليه طوال هذه المدة يعد بمثابة نزول عن الشكوى لأسباب ارتآها، حتى لا يتخذ من حق الشكوى إذا استمر أو تأبد سلاحاً للتهديد أو الابتزاز أو النكاية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون مشوبًا بعيب الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب مما يبطله، ويوجب نقضه.

 

 

السبب الثاني: – إخلال الحكم المطعون فيه بحق الدفاع وفساده في الاستدلال ومخالفته الثابت بالأوراق.

لما كان من المقرر بنص المادة 57 من الدستور المصري الصادر عام 2014 أن “للحياة الخاصة حرمة، وهي مصونة لا تمس. وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة، وفي الأحوال التي يبينها القانون.

كما تلتزم الدولة بحماية حق المواطنين في استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها، ولا يجوز تعطيلها أو وقفها أو حرمان المواطنين منها، بشكل تعسفي، وينظم القانون ذلك.”

كما نصت المادة 309 مكررًا من قانون العقوبات على أنه “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن وذلك بأن ارتكب أحد الأفعال الآتية في غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو بغير رضاء المجني عليه:

(أ)استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة أياً كان نوعه محادثات جرت في مكان خاص أو عن طريق التليفون…………)

وقد قضى بأن ” لما كان تحقيق الحرية لإنسانية المصري هدفا أساسيا تضمنته وثيقة إعلان دستور جمهورية مصر العربية ، وكانت مراقبة وتسجيل المحادثات السلكية واللاسلكية والأحاديث الشخصية إجراء مرذولا يعتبر انتهاكا لحرمة الحياة الخاصة انتقاصا من الأصل في الحرية الشخصية التي سجلها الدستور في المادة 41 منه باعتبارها حقا طبيعيا للإنسان لا يجوز به أو تقييده بالمخالفة لأحكامه ، وكان الدستور إذ كفل في صلبه حرمة الحياة الخاصة بما تشتمله من حرمة الحديث ضد تسجيله قد قرنها بضمانات إجرائية توازن بين حق الفرد في الحرية من ناحية وحق الجماعة في الدفاع عن مصالحها الأساسية من ناحية أخرى ، وليوفر لها الحماية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية ، بما نص عليه في المادة 45 منه أن (لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة وسريتها مكفولة ، ولا يجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة ووفقا لأحكام القانون) وإنفاذا للضمانات الدستورية فإن قانون الإجراءات الجنائية في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 206 منه المستبدلة بالقانون رقم 37 لسنه 1972 بتعديل بعض النصوص المتعلقة بضمان حريات المواطنين في القوانين القائمة لم يجز هذا الإجراء إلا إذا كانت هناك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقبا عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر وأن يكون بناء على أمر مسبب من القاضي الجزائي ولمدة محددة ، ومفاد ذلك ألا يسمح بهذا الإجراء لمجرد البلاغ أو الظنون والشكوك أو البحث عن الأدلة وإنما عند توافر أدلة جادة تقتضى تدعيمها بنتائج هذا الإجراء ، وليحول المشرع بهذه الضمانات المتكاملة دون اتخاذ هذا الإجراء لدوافع وهمية أو إساءة استعماله فلا يكون إلا لضرورة تفرضها فاعلية العدالة الجنائية وما تقتضيه من تأكيد الأدلة المتوافرة بضبط ما يفيد في كشف الحقيقة في الجرائم ، وعلى تقدير أن القضاء إذ يقدر توافر هذه الأدلة وتلك الضرورة هو الحارس الطبيعي للحريات والحرمات في مواجهة كل صور التحكم والتسلط والتحامل والعاصم لها دون أي تعد عليها أو عبث بها أو جموح ينال منها

[الطعن رقم 6852 – لسنة 59 – تاريخ الجلسة 14 / 1 / 1996 – مكتب فني 47 رقم الجزء 1 –  رقم الصفحة 72 ]

 كما قضى بأنه من المسلم أنه لا يجوز أن تبنى إدانة صحيحة على دليل باطل في القانون. كما أنه من المبادئ الأساسية في الإجراءات الجنائية أن كل متهم يتمتع بقرينة البراءة إلى أن يحكم بإدانته بحكم نهائي وأنه إلى أن يصدر هذا الحكم له الحرية الكاملة في اختيار وسائل دفاعه بقدر ما يسعفه مركزه في الدعوى وما يحيط نفسه من عوامل الخوف والحرص والحذر وغيرها من العوارض الطبيعية لضعف النفوس البشرية, وقد قام على هدي هذه المبادئ حق المتهم في الدفاع عن نفسه وأصبح حقاً مقدساً يعلو على حقوق الهيئة الاجتماعية التي لا يضيرها تبرئة مذنب بقدر ما يؤذيها ويؤذي العدالة معاً إدانة بريء, وليس أدل على ذلك ما نصت عليه المادة 96 من قانون الإجراءات من أنه “لا يجوز لقاضي التحقيق أن يضبط لدى المدافع عن المتهم أو الخبير الاستشاري الأوراق والمستندات التي سلمها المتهم لهما لأداء المهمة التي عهد إليهما بها ولا المراسلات المتبادلة بينهما في القضية”

[الطعن رقم 1209 – لسنة 34 – تاريخ الجلسة 25 / 1 / 1965 – مكتب فني 16 رقم الجزء 1 –  رقم الصفحة 87 ] –

وقضى أيضًا بإنه يشترط في دليل الإدانة أن يكون مشروعاً، إذ لا يجوز أن تبنى إدانة صحيحة على دليل باطل في القانون، إلا أن المشروعية ليست بشرط واجب في دليل البراءة، ذلك بأنه من المبادئ الأساسية في الإجراءات الجنائية أن كل متهم يتمتع بقرينة البراءة إلى أن يحكم بإدانته بحكم بات، وأنه إلى أن يصدر هذا الحكم له الحرية الكاملة في اختيار وسائل دفاعه بقدر ما يسعفه مركزه في الدعوى وما تحيط نفسه من عوامل الخوف والحرص والحذر وغيرها من العوارض الطبيعية لضعف النفوس البشرية، وقد قام على هدي هذه المبادئ حق المتهم في الدفاع عن نفسه وأصبح حقاً مقدساً يعلو على حقوق الهيئة الاجتماعية التي لا يضيرها تبرئة مذنب بقدر ما يؤذيها ويؤذي العدالة معاً، إدانة برئ، هذا إلى ما هو مقرر من أن القانون – فيما عدا ما استلزمه من وسائل خاصة للإثبات – فتح بابه أمام القاضي الجنائي على مصراعيه يختار من كل طرقه ما يراه موصلاً إلى الكشف عن الحقيقة ويزن قوة الإثبات المستمدة من كل عنصر، مع حرية مطلقة في تقدير ما يعرض عليه ووزن قوته التدليلية في كل حالة حسبما يستفاد من وقائع الدعوى وظروفها، مما لا يقبل معه تقييد حرية المحكمة في دليل البراءة باشتراط مماثل لما هو مطلوب في دليل الإدانة، وبالتالي يكون منعى الطاعنين في هذا الصدد، على غير سند

[الطعن رقم 6097 – لسنة 53 – تاريخ الجلسة 15 / 2 / 1984 – مكتب فني 35 رقم الجزء 1 –  رقم الصفحة 153 ]

كما أنه من المقرر فقهًا أنه “وإذا كانت مشروعية الدليل يحددها القانون نسبة إلى شروط يجب توافرها في إجراءات الإثبات فإن نزاهة الدليل شرط واجب للاقتناع بعدم الانحراف في استعمال السلطة للوصول إليه، وهى تعني وجوب تطبيق النصوص التي تقوم عليها المشروعية، لا في حروفها فحسب وإنما في روحها أيضًا فالمشروعية الصورية لا ثقة فيها ولا يمكن الاطمئنان إلى نتيجتها ، والمشروعية غير النزيهة التي تثمر عن انحراف في استعمال السلطة هي ثمرة مسمومة وهدر لا يعول عليه، كما أن الدليل الذى يستمد من عمل غير مشروع يباشره أحد الأفراد ولو لم يكن وليد إجراء جنائي، وخاصة إذا كان يقع تحت طائل التجريم لا يمكن أن يصلح دليلًا للإدانة مثال ذلك التسجيلات التليفونية التي يسجلها أحد الأفراد ضد آخر بقصد إدانته.

(د/ أحمد فتحي سرور، الوسيط في شرح قانون العقوبات القسم الخاص، سنة 2016، دار النهضة العربية، ص 597)

كما انه من المقرر أن (يشترط لكي يمكن للقاضي الاعتماد على دليل معين أن يكون قد تم الحصول عليه بطريقة مشروعة فالقاضي ليس حرًا في تكوين عقيدته من أي دليل تم الحصول عليه بطريقة غير مشروعة ولو كان صادقًا كما لو كان الدليل بناء على أقوال ناتجة من محادثة تليفونية تمت خلسة)

(د/ عبد الرؤف مهدي، شرح القواعد العامة للإجراءات الجنائية، طبعة 2017 دار النهضة العربية، ص 1674)

لما كان ما تقدم وهديًا به وكانت الطاعنة قد تمسكت بدفاعها -الشفوي والمكتوب- ببطلان وعدم مشروعية التسجيلات الصوتية المقدمة والمنسوب صدورها لها كونها متحصلة من جريمة وأن تلك التسجيلات كانت أداة استخدمت ضد الطاعنة في الجناية رقم 11072 لسنة 2019 جنايات قسم أول المنصورة -والمتعلقة بتهديد المتهم الثاني-في القضية الماثلة- للطاعنة -بوصفها مجنيًا عليها في الجناية أنفة البيان- بنشر التسجيلات المزعومة أنفة البيان وقضى فيها بإدانته، ومصادرة تلك التسجيلات المضبوطة، وبدلًا من أن يقسط الحكم المطعون فيه هذا الدفاع الجوهري حقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه  سكت عنه إيراداً له ورداً عليه، بل وعول على تلك التسجيلات المتولدة من إجراء غير مشروع متخذًا منها عمادًا لقضائه إذ ذهب في مدوناته إلى القول بأنه “ثبت للمحكمة الراهنة من مطالعتها لأوراق الدعوى من بلاغ المدعي بالحق المدني والمتضرر من زوجته المتهمة لرتكابها جريمة الزنا مع آخر وتأكد للمحكمة حدوث الوطء أخذًا بما ثبت من التسجيلات الصوتية المرسلة من المتهم للمجني عليه وعددها خمسة تسجيلات فيما بين المتهم والمتهمة واستعمت عليها المحكمة وثبت بتسجيل صوتي مدته ثلاث وعشرون دقيقة وأربعون ثانية به إقرار المتهمة بترددها على مسكن المتهم وحملها منه بقولها (إنت عايزني أقول إني حامل منك) وتسجيل صوتي آخر مدته ثلاثة عشر دقيقة وأربع وخمسون ثانية يفيد إجهاضها لذلك الطفل بقول المتهم فيه (إنتي عارفة اللى نزل ده مين ده أبني وترد عليه المتهمة إن شاء الله ربنا يعوضنا ) كما ثبت تركها سهوا حليها الذهبي بمسكنه ”  

لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه بتعويله على تلك التسجيلات في قضائه بإدانة الطاعنة على هذا النحو يكون فضلًا عن إخلاله بحق الدفاع بعدم إيراده لهذا الدفاع للطاعنة والرد عليه قبولًا أو رفضا وهو دفاع جوهري من شأنه  لو صح لتغيير به وجه الرأي في الدعوى، مشوبًا بالفساد في الاستدلال بتعويله في إدانة الطاعنة على دليل باطلًا وغير مشروع ومستمدًا -على فرض نسبة تلك التسجيلات للطاعنة- من جريمة استراق السمع المؤثمة بالمادة 309 مكررًا من قانون العقوبات، بما كان يتعين معه على الحكم المطعون فيه أن ينأى بنفسه عن الاستدلال بتلك التسجيلات والتعويل عليها في قضائه بإدانة الطاعنة، إذ أن الاستدلال الصحيح لا يمكن أن يبني على أدلة فاسدة مبعث فسادها هو بطلان الدليل الذى تاباه المشروعية الدستورية والإجرائية، ولا يرفع هذا العيب أن يكون الحكم المطعون فيه قد استند في أدانة الطاعنة على أدلة أخرى ذلك أن الأدلة الجنائية في المواد الجنائية متساندة والمحكمة تكون عقيدتها منها مجتمعة بحيث إذا أسقط أحدها أو استبعد تعذر الوقوف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.

بل والأدهى والآمر أنه ورغم تمسك الطاعن ببطلان وعدم مشروعية تلك التسجيلات سواء بدفاعها الشفوى أو المكتوب-لا سيما المذكرة المقدمة منها- فقد أورد الحكم بمدوناته بعد استعراضه لمؤدى التسجيلات -وفي مخالفة صارخة للثابت بالأوراق وبمذكرة دفاع الطاعنة – قائلا ” كما ثبت تركها سهوًا لحليها الذهبي بمسكنه وهو ما أكده دفاع المتهمة بمذكرة دفاعه والتي طالعتها المحكمة وألمت بما حوته وذلك دون إنكار المتهمة)!!!!!!!! ولما كان الثابت بمذكرة دفاع الطاعنة -على خلاف ما أورده الحكم الطعين أنه قد ورد بها صراحة التمسك ببطلان وعدم مشروعية تلك التسجيلات ولم تتضمن الباتة تأكيد -كما زعم الحكم- بتركها لحليها الذهبي بمسكن المتهم الثاني، كما أنه لا يُفهم أي إنكار يقصده الحكم المطعون فيه وقد تمسكت الطاعنة بدفاعها صراحة وعلى نحو جازم ببطلان تلك التسجيلات وعدم مشروعيتها كونها متحصلة من جريمة، وقدمت سندًا لدفاعها صورة رسمية من أوراق الجناية رقم 11072 لسنة 2019 جنايات قسم أول المنصورة والحكم الصادر فيها، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبًا بعيب الإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق مما يبطله، بما يوجب نقضه.

السبب الثالث: – إخلالًا آخر بحق الدفاع.

قضت محكمة النقض أنه (وحيث أنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة 14 / 6 / 2015 والذى صدر فيه الحكم المطعون فيه حضور الطاعن ومنازعته فى صحة الصور المحملة على الهاتف المضبوط وأنه تم تركيب رأسه على جسد شخص آخر كما أن المحامي الحاضر معه طلب احتياطياً إرسال الحرز لمبنى الإذاعة والتلفزيون لفصحه وكان الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الشطر من الدفاع بقوله ” وأما عن طلب الدفاع إرسال محتوى الحرز الفلاشة للإذاعة والتلفزيون لفحصها وندب لجنة فنية من اتحاد الاذاعة والتلفزيون لتفريغ المكاتبات والصور الموجودة على الهاتف الجوال محتوى الحرز المرفق بملف الدعوى فإن المحكمة الراهنة أطرحته جانباً ولم تعول عليه وكانت المحكمة الراهنة في سبيل التيقن والجزم قد ارتكنت في حكمها وقبلها الحكم القضائي المطعون عليه إلى الدليل الفني المرفق بالأوراق والمثبت بصدده الصورة الملتقطة من قبل الهاتف الجوال للمتهم رفقة زوجة المجنى عليه في أوضاع حميمة تنبئ عن وقوع فعل الزنا وكونه لا يوجد من الشواهد الفنية ما يشير إلى وجود ثمة اختلاف أو اصطناع لتلك الصور والمحادثات النصية المرسلة من قبل المشكو فى حقه لزوجة المدعي بالحق المدني إذ ثبت بتحقيقات النيابة العامة تطابق رقم الهاتف الجوال الخاص بالمتهم والرقيم برقم 01143929076 بالحساب بالمسجل على الهاتف المملوك لزوجة الشاكي باسم حبيبي ووجود رسائل نصية ومحادثات جنسية متبادلة فيما بينهما على تطبيق الرسائل المجانية المتبادلة ” واتس أب” وجاءت تلك القالة المساقة من المشكو فى حقه باختلاف تلك الصور واصطنعها من قبيل الجدل الموضوعي دونما سند أو دليل بالأوراق يؤيدها وكانت المحكمة الراهنة بما لديها من سلطة تقديرية وبصفتها الخبير الأعلى فى الدعوى ، لتقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة قد اطمأنت لما ثبت بالصور المثبتة على الهاتف الجوال المقدم من قبل المدعي بالحق المدني والخاص بزوجة الاخير وجاءت تلك الصور الملتقطة عن طريق الهاتف الجوال والمرسلة من قبل المتهم على الحساب الخاص بزوجة المدعي بالحق المدني واضحة وجلية لا يشوبها شائبة الاصطناع أو الاختلاف أو التركيب مما يضحى معه ذلك ، الطلب المساق من قبل وكيل المتهم بغية إحالة أمر التقاضي دونما جدوى ويتعين معه رفضه ” وكان الحكم قد استند من بين ما استند إليه في إدانة الطاعن إلى تلك الصور والرسائل النصية المحملة على الهاتف المضبوط دون أن يعنى بتحقيق هذا الدفاع الجوهري عن طريق المختص فنياً فإن التفات الحكم عن هذا الإجراء يخل بدفاع الطاعن ولا يرفع هذا العوار ما تعلل به الحكم من رد قاصر ذلك ، بأنه إذا كان الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث وهى الخبير الأعلى في كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها إلا أن هذا مشروط بأن تكون المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحتة التى لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء رأى فيها كما هو الحال فى الدعوى المطروحة ولا يرفع هذا العيب أن يكون الحكم قد استند في إدانة الطاعن إلى أدلة أخرى ذلك، أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها البعض الأخر فتتكون عقيدة القاضي منها مجتمعة بحيث إذا سقط احداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذى كان للدليل الباطل في الرأي الذى انتهت إليه المحكمة أو الوقوف على ما كانت تنتهى إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم . لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى)

            (الطعن رقم 38607 لسنة 85 ق – جلسة 1 / 9 / 2016)

كما قضى بأن (لما كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن قد أثار أن كل ما سجل ليس بصوت الطاعن، و كان الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الشطر من الدفاع بقوله ” و أياً كان وجه الرأي في التسجيل أو ما يوجه إليه من مطاعن فإنه لا يوجد ما يمنع المحكمة من اعتباره عنصراً من عناصر الاستدلال في الدعوى تطمئن إليه المحكمة مؤيداً للأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة و أخذت بها قوماً لقضائها ” ، و كان الحكم قد استند من بين ما استند إليه في إدانة الطاعن إلى التسجيلات الصوتية و نسبتها إلى الطاعن ، دون أن يعنى بتحقيق هذا الدفاع الجوهري عن طريق المختص فنياً فإن التفات الحكم عن هذا الإجراء يخل بدفاع الطاعن ، و لا يقدح في هذا أن يسكت الدفاع عن طلب أهل الفن صراحة ، ذلك بأن إثارة هذا الدفاع في خصوص الواقعة المطروحة يتضمن في ذاته المطالبة الجازمة بتحقيقه أو بالرد عليه بما يفنده ، و لا يرفع هذا العوار ما تعلل به الحكم من رد قاصر ، ذلك بأنه إذا كان الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث وهي الخبير الأعلى في كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها ، إلا أن هذا مشروط بأن تكون المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحت التي لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء رأى فيها – كما هو الحال في هذه الدعوى – و لا يرفع هذا العيب أن يكون الحكم قد استند في إدانة الطاعن إلى أدلة أخرى ، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها البعض الآخر فتتكون عقيدة القاضي منها مجتمعة بحيث إذا سقط إحداهما أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذى كان للدليل الباطل في الرأي الذى انتهت إليه المحكمة أو الوقوف على ما كانت تنتهى إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه.

(الطعن رقم ٤٧٢ لسنة ٦٠ قضائية، جلسة 6/6/1991، قاعدة 125، ص 913، س42)

لما كان ما تقدم وهديًا به وكانت الطاعنة قد تمسكت بدفاعها-الشفوى والمكتوب- لفظًا-كما ورد بمذكرة دفاعها بتزوير التسجيلات الصوتية بقيام المتهم الثاني بقص ولصق وتقطيع أجزاء مكالمات منسوب صدورها بينه وبين الطاعنة مستميتًا في إظهار فكرة كون الصوت هو صوت الطاعنة، كما تمسكت بأن الصور المقدمة في الدعوى تم إدخال تعديلات عليها من المتهم الثاني عليها وطلب عرض التسجيلات على جهة فنية لفحصها، بيد أن الحكم المطعون فيه  وقد عول على تلك التسجيلات في قضائه بإدانة الطاعن على النحو سالف البيان فقد أمسك عن إيراد دفاع الطاعنة الجوهري أو الرد عليه قبولًا أو رفضًا ودون تحقيق هذا الدفاع عن طريق المختص فنياً إذ أن المحكمة ملزمة -ولو لم تطلب الطاعنة أهل الخبرة صراحة- حال طرح مسألة فنية بحتة عليها لا تستطيع بنفسها أن تشق طريقها لإبداء رأى فيها – كما هو الحال في هذه الدعوى- ذلك بأن إثارة هذا الدفاع- في خصوص الواقعة المطروحة – يتضمن في ذاته المطالبة الجازمة بتحقيقه أو بالرد عليه بما يفنده، ولا يرفع هذا العوار القول بأن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث وهي الخبير الأعلى في كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها، إذ أن هذا مشروط بأن تكون المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحت التي لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء رأى فيها، ولا يرفع هذا العيب أن يكون الحكم قد استند في إدانة الطاعن إلى أدلة أخرى ، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها البعض الآخر فتتكون عقيدة القاضي منها مجتمعة بحيث إذا سقط إحداهما أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذى كان للدليل الباطل في الرأي الذى انتهت إليه المحكمة أو الوقوف على ما كانت تنتهى إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه.

السبب الرابع: – قصور آخر في التسبيب.

من المستقر عليه في قضاء محكمة النقض أن القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ومؤدى تلك الأدلة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وأن يشير الحكم إلى نص القانون الذي حكم بموجبه وهو بيان جوهري اقتضته شرعية الجرائم والعقاب وإلا كان الحكم قاصراً وباطلاً. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيان وإثبات وقوع الجريمة التي دان الطاعن وآخرين بها على القول: “ومن حيث إن النيابة العامة أسندت إلى المتهمين القيد والوصف الواردين وطلبت عقابهم بمواد الاتهام، ومن حيث إن الدعوى تخلص في أن المتهم الأول ــ الطاعن ــ قد سلم بضاعة على خلاف ما تعاقد عليه وأن المتهمين الثاني والثالث حازا بضاعة مغشوشة وذلك على النحو المبين بالأوراق، ومن حيث إن المتهم الأول والثالث أعلنا ولم يحضر المتهم وحضر المتهم الثاني بوكيله ولم يدفع الاتهام بدفاع تقبله المحكمة الأمر الذي يتعين معه إنزال العقاب المناسب وذلك عملاً بمواد الاتهام”. واقتصر الحكم المطعون فيه على تأييد الحكم الابتدائي لأسبابه مع إيراد مبررات تعديل العقوبة. وذلك دون أن يبين أيهما ــ الواقعة المستوجبة للعقوبة أو يورد الأدلة التي استخلصت منها ثبوت الواقعة أو نص القانون الذي أنزل بموجبه العقاب على الطاعن فإن الحكم يكون مشوباً بعيب القصور في التسبيب والبطلان”

[الطعن رقم 15461 – لسنة 64-جلسة 2 / 10 / 2000 – مكتب فني 51 ص 588 ]

كما قضى بأنه لما كان يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن أورد الوصف الذي أقيمت به الدعوى الجنائية اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى والتدليل على ثبوتها في حق الطاعن على قوله “حيث أن واقعات الدعوى تتلخص فيما أثبت بالمحضر من أن المتهم قام بارتكاب تلك الأفعال المبينة بذلك المحضر ثم خلص مباشرة إلى إدانة الطاعن في قوله” وحيث أن التهمة ثابتة في حق المتهم ثبوتاً كافياً فضلاً عن أنه لم يدفع عنه التهمة بثمة دفاع مقبول ومن ثم يتعين عقابه بمواد الاتهام عملاً بالمادة 304/أ. ج. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن يورد مؤدى تلك الأدلة، حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة المأخذ وإلا كان قاصراً. وأيضا يجب أن يشير الحكم إلى نص القانون الذي حكم بموجبه، وهو بيان جوهري اقتضته قاعدة شرعية الجرائم والعقاب. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا تماماً من بيان واقعة الدعوى واكتفى في بيان الدليل بالإحالة إلى محضر ضبط الواقعة، دون أن يبين مضمون ذلك، المحضر، فإنه يكون مشوباً بالقصور في استظهار أركان الجريمة التي دان الطاعن بها، الأمر الذي يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى كما صار إثباتها في الحكم، فضلاً عن بطلان الحكم المطعون فيه لتأييده الحكم الابتدائي لأسبابه مع إغفاله ذكر نص القانون الذي أنزل بموجبه العقاب على الطاعن، فإنه يكون باطلاً. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة

[الطعن رقم 3358 – لسنة 66 – تاريخ الجلسة 10 / 3 / 2005 – مكتب فني 56 رقم الصفحة 203 ]

وقضى بأنه لما كان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلا والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبني هو عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان مفصل جلي بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم.

[الطعن رقم 3610 – لسنة 65 – تاريخ الجلسة 26 / 2 / 2001 – مكتب فني 52 رقم الصفحة 305]

لما كان ما تقدم وهديًا به وكان الثابت من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه قد اكتفى في شأن بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بالإحالة إلى الحكم المستأنف إذ أورد بمدوناته “وحيث أن المقرر قانونًا وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض أنه يجوز للمحكمة الاستئنافية أن تحيل إلى الحكم المطعون فيه في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة سواء كان حكمها بتأييد الحكم المطعون فيه أو بإلغائه أو تعديله وتوجز المحكمة الواقعات بالقدر اللازم لربط أوصالها وبما يكفي لحمل هذا القضاء والذي تحيل إليه منعًا للتكرار”

لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي “المحرر على نموذج مطبوع” والذي أحال إليه الحكم المطعون فيه في شأن بيان الواقعات قد خلا من بيان الواقعة المستوجبة للعقاب إذ أورد القول: “وحيث تخلص الواقعة……..”(ولم يورد أي واقعات)

لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا تماماً من بيان واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة واكتفى في بيانها بالإحالة إلى الحكم الابتدائي، وكان الحكم الأخير قد خلا أيضًا من بيان واقعات الدعوى المستوجبة للعقوبة بما لا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام، فإنه يكون مشوباً بالقصور في بيان الواقعات المستوجبة لعقاب بما يخالف نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، الأمر الذي يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى كما صار إثباتها في الحكم، مما يوجب نقضه.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى