اسباب الطعن بالنقض – فساد فى حكم الاستدلال
السبـــــــب الأول
فساد الحكم فى الأستلال
وقصوره فى التسبيب
على ما يبين من مطالعة الحكم الطعين أنه قد اعرض ونأى بجانبه عن ما أثاره الطاعن من دفاع جوهرى جازم تمسك به بين يديه ببطلان الاعتراف المعزو به إلى الطاعن لكونه وليد أكراه معنوى مبدياً نحو ذلك رداً غير سائغ أو مقبول لدحض هذا الدفاع الجوهرى بزعمه بمدونات قضائه اطمئنانه إلى هذا الأعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع لا لشىء سوى أنه لدى أستجوابه من قبل النيابة العامة لم تكن به أصابات ظاهرة ,فجاء تقريره بهذا الشأن غير سائغ لكون الدفاع قد تمسك بكون الأكراه الواقع على الطاعن معنوى وليس مادى ومن ثم فقد أهدر هذا الدفاع الجوهرى من قبل الحكم المطعون فيه بما لا يصلح للرد عليه بالركون إلى أنعدام مظاهر الأكراه المادى الذى لم يتطرق إليه دفاع الطاعن أصلاً دون بحث الأكراه المعنوى من جانب الحكم المطعون فيه باعتبار أن ذلك واجب المحكمة وصولاً لغاية الأمر فيه ولكان الحكم المطعون فيه قد تأني وأحتاط في الأخذ بالاعتراف ضمن أدلة الثبوت لما أثاره الدفاع بشأنه من أنه أنه وليد هذا الأكراه المعنوى ولكون الأعتراف يتناقض مع حقيقة محاولة أى متهم الإفلات من تبعة جريمته وفقا لما فطن إليه الفقه من قديم من أنه :-
من أن من القواعد المقررة أن الاعتراف – بالنسبة لصاحبه – سيد الأدلة ، فإنه من المقرر أيضاً أنه دليل محاط بالريب والظنون ، يدعو لأول وهله إلى الشك والارتياب لأنه مخالف للطبيعة البشرية التي تنأى بنفسها بالفطره عن العقاب بما فيه من أيجاع وإيلام .. ومن هذا تواتر النظر الصحيح – فقها و قضاءاً – على اشتراط ما يعزز الاعتراف ويسنده ويؤكده من أدله . حتى بات مستقراً أن الاعتراف وحده لا يكفى .
( الدكتور محمود مصطفى – شرح قانون الإجراءات الجنائية – ط 11 ( 1976 ) – ص ( 474 )
و قيل أيضا أنه :-
لا محيص في تقييمه عن البحث ضمن عناصره عن الدافع الذي ألجًأ المقر إليه ، ثم مراعاة التيقن من قيام الانسجام بين هذا الإقرار وبين الأدلة الأخرى في الدعوى ، بما يعنى أنه لابد في الدعوى من أدلة أخرى تواكب الاعتراف وتؤيده وتسنده كما يؤخذ به صاحبه ناهيك بغيره .
ومن المقرر فى هذا الصدد أن الأعتراف متى صدر وليد الإكراه المادى والمعغنوى يكون باطلاً ولا يجوز الإستناد أليه كدليل للإدانه سواء فى جانب المتهم المعترف او غيره من المتهمين الذين انصب عليهم ذلك الإعتراف – وإن على المحكمه ان عرض فى حكمها للدفع ببطلان الإعتراف للإكراه أيراداً له ورداً عليه وإلا كان حكمها معيباً لقصوره مادامت قد اتخذت منه دليلاً ضد المتهم المعترف او غيره من المتهمين الآخرين .
نقض 13/11/1973 – س 24 – ص 999 – رقم 208 – طعن 848 لسنه 43 ق
( المرجع السابق – أ . ج – محمود مصطفى ص 740 )
وقضــى أنــه :-
إن تحقيق الأدلة في المواد الجنائية هو واجب المحكمة في المقام الأول وواجب على المحكمة تحقيق الدليل مادام تحقيقه ممكناً وبغض النظر عن مسلك المتهم في شأن هذا الدليل لأن تحقيق أدلة الإدانة في المواد الجنائية لا يصح أن يكون رهن بمشيئة المتهم أو المدافع عنه
(نقض 9 / 10 / 1986 – 37 – 138 – 728)
(نقض 30 / 12 1981 – س 32 – 2898 – 1220)
(نقض 20 / 2 / 1972 – س 23 – 53 –214)
(نقض 25 / 11 / 1984 – س 35 – 185 – 821)
وقضى كذلك بشأن كنهة الاكراه المعول عليه بأنه :
” الأكراه المبطل للاعتراف هو ما يستطيل بالإذى مادياً أم معنوياً الى المعترف فيؤثر فى ارادته ويحمله على الادلاء بما ادلى به
( نقض 7/1/81 – س 32 – 1 – 23 )
من المقرر ان الاعتراف لا يعول عليه – ولو كان صادقا – متى كان وليد اكراه كائناً ما كان قدره ”
( نقض 23/2/1983 – س 34 – 53 – 274 ، نقض 16/2/1983 – س 34 – 46 – 46 – 244 ) ،
وبشأن بيان صور الأكراه المعنوى المبطل للأعتراف ومظاهره أفصحت عنه محكمة النقض بالأتى :
” الوعد أو الاغراء يعد قرين الاكراه والتهديد لأن له تأثير على حرية المتهم فى الاختيار بين الانكار والاعتراف ، ويؤدى الى حمله على الاعتقاد بأنه قد يجنى من وراء الاعتراف فائده او يتجنب ضرراً .
( نقض 2/6/1983 – س 34 – 146 – 730 )
وحكمت بأنه :-
من المقرر ان الاعتراف الذى يعول عليه كدليل فى الأثبات يجب ان يكون اختيارياً صادراً عن ارادة حرة فلا يصح التعويل على الاعتراف – ولو كان صادقاً – متى كان وليد اكراه كائنا ما كان قدره – ولما كان الوعد او الاغراء يعد قرين الاكراه او التهديد لأن له تأثير فى حرية المتهم فى الأختيار بين الانكار والاعتراف ويؤدى الى الاعتقاد بأنه قد يجنى من وراء الاعتراف فائده او يتجنب ضرراً
( نقض 25/12/1972 – س 23 – 330- 1472 ، نقض 15/10/1972 – س 23 – 234 – 1049 )
كما قضت بأنه:-
لا يصح تأثيم أنسان ولو بناء على اعترافه بلسانه أو بكتابته متى كان ذلك مخالفا لحقيقه الواقع ”
( نقض 20/5/1968 – س 19 – 111 – 562 ، نقض 20/12/1965 – س 16 – 1801 – 945 )
كما قضت تتويجاً لتلك المبادىء المستقرة بأنه :-
” الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الأكراه جوهرى يتعين على المحكمه ان تعرض له بالمناقشة للوقوف على وجه الحق فيه فاذا اطرحت تعين ان تقيم ذلك على اسباب سائغة
( نقض 25/1/76 – س 27 – 19 – 90، نقض 11/6/1972 – س 23 – 203 – 906 )
فإذا ما تقرر ذلك وكان الحكم المطعون فيه فى معرض رده على ما قرره دفاع الطاعن من كون الأعتراف الصادر عنه بين يدى النيابة العامة وليد عن أكراه معنوى وقد أتى رد الحكم على هذا الدفاع الجوهرى مفتقداً للمنطق القانونى السديد حين ركن لدحض هذا الدفاع إلى خلو الطاعن من الأصابات لدى أستجوابه من النيابة العامة فخلط بذلك بين الأكراه المادى وبين الأكراه المعنوى وشتان الفارق بينهما وبهذا الأستدلال الفاسد حجب نفسه عن تحقيق أوجه الأكراه المعنوى التى أدعى بها الطاعن بين يديه وصولاً لغاية الأمر فيه بأعتباره دفاعاً جوهرياً لو صح لربما تغير به وجه الرأى فى الدعوى بإطلاق مع تعذر معرفة مبلغ أثر هذا الأعتراف فى تكوين عقيدته بالأدانة سيما وأنه لم يفطن لوجه مطعن الطاعن الصحيح عليه بالبطلان بما يصمه بالفساد فى الأستدلال والقصور فى التسبيب ويوجب نقضه .