من اسباب الطعن بالنقض – قصور فى التسبيب
قصور آخر في التسبيب و أخلال بحق الدفاع
ذلك أن دفاع الطاعن قد قدم بين يدي محكمة الموضوع شهادة طبية معتمدة صادرة عن مستشفى الدكتور/ جمال ماضي أبو العزايم ثابت من خلالها أن الطاعن لديه مرض نفسي يعدم إرادته الحرة و يؤثر على وعيه و إدراكه وشخصت حالته على أنها اضطراب وجداني ثنائي القطبية الأمر الذي تنعدم معه مسئوليته الجنائية عن الأفعال المنسوبة إليه .
بيد أن محكمة الموضوع قد أعرضت عن هذا الدفاع ومستنداته الجازمة المقدمة تأييداً له ولم تقم بما يستوجبه القانون من تحقيق لهذا الدفاع المتعلق بالمسئولية الجنائية وقوامها العقل و الادارك باعتبار أن أي فعل مؤثم قانونا يصدر عن شخص غير كامل العقل لا يمكن معاقبته عنه وقد نصت المادة 62 / عقوبات مصري على أنه :-
” لا عقاب على من يكون فاقد الشعور ( أي التمييز ) أو الاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل أما لجنون أو عاهة في العقل – ( وتعبير ” عاهة في العقل ” أوسع من الجنون )
فالقانون الوضعي لا يعتد إلا بالإرادة العاقلة المدركة المختارة ، وليس المراد بفقد الشعور والاختيار ، زوال التمييز أو الاختيار تماماً ، ويكفى لسقوط التكليف الانتقاص منهما إلى حد يجعلها غير كافيين لاعتداد القانون بالإرادة ، فتمتنع المسؤولية على الرغم من بقاء قدر من التمييز أو الاختيار دون الحد الذي يتطلبه القانون للاعتداد بالإرادة . ( د. محمود نجيب حسنى – القسم العام – ط 5 – 1982 – رقم 579 ص 515 ) .
ويلا حظ أن المشرع في صياغته لنص المادة / 62 عقوبات لم يقتصر لفظ ” الجنون ” مقدراً أن له دلاله فنيه تجعله قاصراً عن شمول كل حالات اضطراب القوى الذهنية التي يزول فيها التمييز أو حرية الاختيار على نحو يستوجب امتناع المسؤولية ، فأضاف إليه تعبير ” عاهة العقل ” وقد عبر الشارع بذلك عن أرادته الإحاطة بكل حالات الاضطراب الذهني دون تقيد بمدلول طبي محدد ، والشمول الذي أراده الشارع يجعل الفقيه أو القاضي في غنى عن البحث في القواعد الطبية لتحديد الأمراض العقلية واستقصاء أنواعها ، إذ يكفيه التحقق من أنه بصدد حاله غير عاديه زال فيها التمييز أو حرية الاختيار ولو لم تكن مرضاً ، بل أنه ليس بشرط أن تتعلق هذه الحالة بالمخ ، فقد تكون متعلقة بالجهاز العصبي أو خاصة بالصحة النفسية .
الدكتور محمود نجيب حسنى – المرجع السابق – رقم 575 ص 511
الدكتور محمود مصطفى – القسم العام – ط 10 – 1983 – رقم 339 ص 493
الدكتور / محمد مصطفى القللي – المسئولية الجنائية – ط 1948 – ص 347
الدكتور السعيد مصطفى السعيد – القسم العام – ص 458
وقد قضت محكمه النقض بأن :-
” المرض النفسي – ناهيك بالمرض العقلي – من الأمراض المؤثرة على التمييز وعلى قدره المتهم في الدفاع من نفسه “.
نقض 4/6/1978 – س 29 – 153 – 546
كما قضت محكمه النقض بأن :-
” لا يطلب القانون في عاهة العقل أو يفقد المصاب الإدراك والتمييز ، وإنما تتوافر بفقد إحداهما به ”
نقض 7/3/1971 – س 22 – 48 – 119
نقض 23/5/1966 – س 17 – 123 – 674
وفى حكمها الصادر 4/3/1981 ( س 32 – 35 – 218 ) – قضت محكمه النقض بأن :- ” تقدير حاله المتهم العقلية وإن كان في الأصل من المسائل الموضوعية التي تختص محكمه الموضوع بالفصل فيها ، – إلا أنه يتعين عليها ليكون قضاءها سليماً أن تعين خبيراً للبت في هذه الحالة وجوداً وعدماً لما يترتب عليها من قيام مسئولية المتهم عن الجريمة أو انتفائها “.
أيضاً – نقض 15/12/1988 – الطعن 5583/ 58 ق
نقض 1/10/1978 – س 29 – 126 – 649
نقض 20/11/1961 – س 12 – 188 – 921
نقض 3/1/1991 – الطعن 61328 / 59 ق – س 42 – 4 – 21
وتنص المادة / 338 أ.ج على أنه :- ” إذا دعا الأمر إلى فحص حاله المتهم العقلية يجوز لقاضى التحقيق أو للقاضي الجزئي ……… أو للمحكمة المنظورة أمامها الدعوى على حسب الأحوال أن يأمر بوضع المتهم إذا كان محبوساً احتياطيا تحت الملاحظة في أحد المحال الحكومية المخصصة لذلك لمده أو لمدة لا يزيد مجموعها على خمسه وأربعين يوماً ، بعد سماع أقوال النيابة ألعامه والمدافع عن المتهم إن كان له مدافع ، ……… ويجوز إذا لم يكن المتهم محبوساً احتياطيا أن يأمر بوضعه تحت الملاحظة في أي مكان آخر .
كما تنص المادة 339 أ . ج على أنه :- إذا ثبت أن المتهم غير قادر على الدفاع عن نفسه بسبب عاهة في عقله طرأت بعد وقوع الجريمة ( ومن باب أولى إذا كانت قائمه قبلها ) ، يوقف رفع الدعوى عليه أو محاكمته حتى يعود إليه رشده ” .
ولما كان الحكم الطعين لم يتصدى بالرد على الدفع القائم على هذا المستند بانعدام إرادة الطاعن وعقله لإصابته بآفة عقلية تحول دون مسألته قانوناً باعتبار أن ذلك متعلق بمسألة فنية يتعين معها استدعاء المختصين فنياً بغض النظر عن مسلك الدفاع بطلبه استدعاء خبير فني من عدمه و ذلك لفحص أوراق علاج الطاعن وفحصه لبيان تاريخه المرضى و ما إذا كانت حالته العقلية تؤثر على مسئوليته الجنائية من عدمه أما و أن الحكم الطعين قد التفت عن هذا الدفاع فأنه يعد قاصراً في البيان مخلاً بحق الدفاع .