من اسباب الطعن – خطا الحكم فى تطبيق القانون وتاويله
خطأ الحكم فى تطبيق القانون وتـأويله
على ما يبين من مطالعة مدونات الحكم الطعين أنه قد شابه الخطأ فى تطبيق القانون حين دان الطاعن عن جريمة التهريب بالرغم من إنعدام أركان جريمة التهريب فى الدعوى فى حق الطاعن وفقاً للوقائع الثابت بالأوراق بأعتبار أن الجريمة لم يتم ركنها المادى.
ذلك أن الثابت من محضر الضبط كون الرسالة موضوع الجريمة قد جرى ضبطها خارج الدائرة الجمركية و هى لا زالت فى المخازن ومن ثم فان جريمة التهريب لم تتوافر أركانها القانونية/ حال كون ما نسب إلى الطاعن وباقى المتهمين أن صح لا يعد سوى شروعاً فيها.
ولا ينال من هذا النظر ان المشرع يعاقب على تقديم مستندات مزورة لتسهيل التهريب حكماً بإعتباره تهريباً بإعتبار أن مناط أكتمال أركان الجريمة على هذا الوصف لا يكون إلا بعد تقديم المستند المزور إلى الجهات الرسمية .
ولما كان الثابت من محضر الضبط أن المستند محل جريمة التزوير – على فرض جدلى بوجود هذا التزوير- قد جرى ضبطه حال ضبط جريمة الرشوة ولم يقدم إلى الجهات الرسمية فإن الركن المادى لجريمة التهريب على أى من أوحهها المعتبرة قانوناً لم يتوافر فى الدعوى الراهنة وفقاً للقمرر بقضاء النقض من انه :
إن النص فى المادة 121 من قانون الجمارك المشار إليه على أن ” يعتبر تهريباً إدخال البضائع من أى نوع إلى الجمهورية أو إخراجها منها بطرق غير مشروعة بدون أداء الضرائب الجمركية كلها أو بعضها ، أو بالمخالفة للنظم المعمول بها فى شأن البضائع الممنوعة ” يدل على أنه إذا أنصب التهريب على بضائع ممنوعة تحققت الجريمة بمجرد إدخال هذه البضائع إلى البلاد أو إخراجها منها بالمخالفة للنظم المعمول بها ، بينما إشترط لتوافر الجريمة بالنسبة إلى غير الممنوع من البضائع أن يكون إدخالها إلى البلاد أو إخراجها منها مصحوباً بطرق غير مشروعة
طعن رقم 3172 لسنة 57 مكتب فنى 35 صفحة رقم 1
بتاريخ 24-2-1988
وقد قضى أيضاً بأنه :
المراد بإخفاء البضاعة فى معنى التهريب الجمركى هو حجبها من المهرب لها – فاعلاً كان أو شريكاً – عن أعين الموظفين الذين ناط بهم قانون الجمارك إقتضاء الرسم أو مباشرة المنع . يزيد هذا المعنى وضوحاً أن المادة الثانية من لائحة الجمارك قد أتت بقاعدة عامة هى أن يجوز فيما وراء حدود الرقابة الجمركية نقل البضائع بحرية و ذلك إفتراضاً من الشارع أن البضائع الموجودة خارج هذه الدائرة تعتبر حيازتها ممن لا صلة له بتهريبها أمراً مباحاً . و إذ كان القانون قد أقام هذه القرينة فى حق من قد يكون هو المهرب للبضاعة حتى يثبت العكس فذلك على تقدير أنه لا يؤثم فعل الحائز أو المخفى للبضاعة وراء الدائرة الجمركية و لا يخاطبه بأحكامه . و لما كان ما نسب إلى المطعون ضده أنه أخفى السبائك الذهبية بطريق حيازتها لبيعها لحساب المهرب دون أن يشترك معه فيما نسب إليه من تهريب ، فإن فعله يخرج حتماً من نطاق التأثيم و العقاب .
الطعن رقم 1290 لسنة 36 مكتب فنى 18 صفحة رقم 334
بتاريخ 7-3-1967
كما قضت محكمة النقض بأنه :
جرى قضاء محكمة النقض فى تفسير المادة 121 من القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك على أن المراد بالتهرب الجمركى هو إدخال البضاعة فى إقليم الجمهورية أو إخراجها منه على خلاف القانون و هو لا يقع فعلاً أو حكماً إلا عند إجتياز البضاعة للدائرة الجمركية ، و على ذلك فإن حيازة السلعة فيما وراء هذه الدائرة – من غير المهرب لها فاعلاً كان أو شريكاً – لا يعد فى القانون تهريباً ، كما لا يعد إخفاء لأشياء متحصلة من جريمة فى حكم المادة 44 مكرراً من قانون العقوبات ، لأن البين من نص المادة المذكورة و من مذكرتها التفسيرية و أصلها التشريعى أنها تفترض وقوع جريمة سابقة على مال تنتزع حيازته من صاحبه ، فيكون المال المنتزع حصيلة للجريمة ، و لا كذلك جريمة التهريب . و من ثم فإن حيازة البضاعة مجردة وراء الدائرة الجمركية لا جريمة فيه و لا عقاب عليه .
الطعن رقم 1286 لسنة 37 مكتب فنى 18 صفحة رقم 1043
بتاريخ 30-10-1967
فإذا ما تقرر ذلك وكان الحكم الطعين لم يفطن لكون جريمة التهريب لم تتوافر أركانها القانونية لوجود البضائع خارج الدائرة الجمركية و عدم تقديم المستند المقال بتزويره إلى الجهات المختصة بما لا يقوم به ركن الجريمة المادى و من ثم فأن أنتهاء الحكم الطعين لإدانة الطاعن عن جريمة التهريب على عمل لا يعد سوى شروع فيها لا يعاقب عليه القانون بثمة نص عقابى
وحاصل القول بهذا الشأن أن المشرع قد أفصح فى وضوح تام لا لبس فيه ولا أبهام بنص المادة 47 من قانون العقوبات على وجوب النص فى مواد الجنح على الجرائم المعاقب على الشروع فيها وكذلك عقوبة هذا الشروع ، أعمالاً للمبدأ القانونى المستقر عليه بأنه لاجريمة ولا عقوبة إلا بنص وعلى ذلك فقد أورد المشرع عدداً من النصوص التى يعاقب بها عن الشروع فى بعض الجرائم التى تعد جنح من الناحية القانونية ومنها على سبيل المثال جريمتى ” السرقة و النصب” وفيما عدا الجرائم التى ورد فيها نص قانونى صريح فلا عقاب عن الشروع كما أفصح عن ذلك المشرع بنص المادة أنفة البيان .
ولما كان ذلك وكانت المادة 41 من لائحة القواعد المنفذة لأحكام قانون الإستيراد والتصدير رقم 118لسنة 1975 الصــادرة بالقـــرار الوزارى رقم 770 لسنة 2005 قد نصت على أنه ” يكون تصدير المنتجات البترولية ” البوتجاز ” ” البنزين ” ” النافتا ” ( وقود النفاثات – زيوت التزييت – الكيروسين – السولار – الديزل – المازوت – الأسفلت ) بموافقة الهيئة المصرية العامة للبترول.
وكانت مادة العقاب عن هذه المخالفة التى دين بموجبها الطاعن والتى تحمل رقم 16 من القانون رقم 118 لسنة 1975 قد نصت على أنه ” مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أى قانون أخر يعاقب بغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد عن ألف جنيه كل
( ا) خالف أحكام هذا القانون عدا المادة (1) منه أو القرارات المنفذه له ………….” .
ومفاد ما سبق أن المشرع قد اشترط لأعمال العقاب عن هذه الجريمة تمام وقوع المخالفة لأحكام القانون ومقتضاها فى دعوانا الراهنة تمام فعل التصدير للمنتج المحظور بنص المادة 41 من لائحة دون موافقة الهيئة المصرية العامة للبترول كيفما أفصح عن ذلك النص صراحة دون الشروع فى التصدير بأى فعل كان لأنحسار النص العقابى عن الشروع فى أرتكاب تلك الجريمة وعدم الأفصاح عنه خلاله وهو الأمر الذى يستلزم نص تشريعى صريح يقنن به العقاب عن الشروع فى الفعل بأعتبار أنها جنحة كما ورد بالمادة 47 من قانون العقوبات ويترتب على ذلك أن الفعل المعزو به إلى الطاعن لا يندرج ضمن الفعل المؤثم بنص العقاب الذى دين بموجبه الطاعن
ولما كان ذلك وكان المقرر أن الوظيفة الرئيسية لمحكمة النقض هى الرقابة على تطبيق القانون وتأويله تطبيقاً صحيحاً ولها فى سبيل ذلك وفقاً لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن بالنقض فى فقرتها الثانية أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها فى عدة حالات ومنها حالة ما إذا شابه الخطأ فى تطبيق القانون أو تأويله فإذا ما ترتب على تصديها لتصحيح العيب فى القانون الذى شابه الحكم نفى الجريمة من الأوراق أو خروج الفعل من حيز النصوص العقابية فإن المحكمة تقضى بتبرئة المتهم لكونها ضمان سلامة تطبيق القانون.
وقد قضى فى ذلك بأنه :-
ولما كان ما يطلبه القانون للعقاب على شهادة الزور هو أنه يقرر الشاهد أمام المحكمة بعد حلف اليمين أقوالاً يعلم أنها تخالف الحقيقة بقصد تضليل العدالة ، ولما كان ذلك فإذا ثبت للمحكمة أن الشهادة المسندة إلى الطاعنين لم تحصل منه أمام القضاء وإنما أدلى بها فى تحقيقات النيابة العامة فإن الواقعة على هذا النحو لا تتوافر فيها العناصر القانونية لجريمة شهادة الزور ، وإذا كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه قد أخطأ فى تطبيق القانون . وإذا كانت المادة 3/2 من القانون رقم 57 لسنة1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة – النقض- تجيز للمحكمة أن تنقض لمصلحة المتهم – من تلقاء نفسها إذ تبين لها مما هو ثابت فيه أنه بنى على خطأ من تطبيق القانون فإنه يتعين دقة الحكم المطعون فيه هذا الخطأ أن نقضى المحكمة بنقضه وببراءة الطاعنين ورفض الدعوى المدنية قياسهم
( نقــض جـــنائى س 36 ص 863 ) .
وقضى كذلك:-
وأن لما كان تجريف الأرض الزراعية ونقل الأتربة منها لأغراض تحسينها زراعياً أو المحافظة على خصوبتها فى نطاق ما يحدده وزير الزراعة بقرار منه يتفق والعرف الزراعى الذى غدا غير مؤثم عملاً بحكم المادة 150س قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 116 لسنة 1983 الذى وقع الفعل فى ظله- كما وأنه لا يقتضى ترخيصاً مما كانت تستلزمه المادة 71 مكرراً من قانون الزراعة المذكور المعدل بالقانون رقم 59 لسنة 1973 وكان الحكم قد أستند فى قضائه بالأدانة إلى أن تسوية الأرض لأصلاحها يحتاج إلى تصريح من الجهة المختصة- فإنه يكون مشوباً بالخطأ فى تطبيق القانون متعيناً نقضه
(نقض جنائى س36 ص928)
فإذا ما تقرر ذلك وكان الحكم الطعين قد وقع فى خطأ ظاهر وملموس فى تطبيق القانون وتأويله حين دان الطاعن عن جريمة التهريب بالرغم من عدم إكتمال ركنها المادى و إنما وفقاً للأوراق لم تكن سوى فى طور الشروع فى الجريمة حال كون المشرع لم يورد ثمة نص عقابى بشأن الشروع فيها ولم يجد الحكم من سبيل للوصول إلى الأدانة القائمة فى خياله سوى تطويع نص العقاب على غير مؤداه معاقباً الطاعن بموجبها الأمر الذى وصمه بالخطأ فى تطبيق القانون وتأويلة.