تطور نظام الشهر العقارى فى مصر
تطور نظام الشهر العقارى فى مصر
نظام الشهر بوجه عام : الحق العينى بطبيعة نافذ فى حق الكافة ، فكان الواجب شهره أى إيجاد طريقة تسير لذى المصلحة من المتعاملين العلم بوجوده مادام هذا الحق نافذاً فى حقه ، حتى يعتد به ويدخله فى حسابه عند التعامل . فإذا إشترى عيناً ، سهل عليه قبل أن يقدم على شرائها أن يعرف الحقوق العينية المتعلقة بهذه العين والتى هى نافذة فى حقه ، فلو كانت العين مرهونة مثلاً استنزل مقدار الدين المضمون بالرهن من الثمن ، أو كانت مملوكة لشخص آخر غير البائع لم يقدم على الشراء أصلاً .
وشهر الحقوق العينية يكون بإثبات التصرفات القانونية التى هى مصدر لها فى سجلات يمكن للناس كافة الإطلاع على ما جاء فيها من البيانات وأخذ شهادات بها . ويكون إثبات هذه التصرفات أما بطريقة التسجيل ، وهى إثبات حرفى للمحررات المشتملة على التصرفات حتى يتيسر لذى المصلحة معرفة جميع ما ورد فى التصرف ، وهذه الطريقة ضرورية فى الحقوق العينية الكاملة . وأما بطريقة القيد وتقتصر على إثبات البيانات الجوهرية الواردة فى التصرف ، وهى البيانات التى يهم ذا المصلحة العلم بها . وهذه الطريقة كافية فى الحقوق العينية أى التأمينات العينية ، وهى الرهون وحق الاختصاص وحقوق الامتياز ، فيكفى إثبات مبلغ الدين والعقار المثقل بالتأمين واسمى الدائن والمدين وما إلى ذلك من البيانات الجوهرية .
ويخلص مما قدمناه أن نظام الشهر لا يتسع إلا للتصرفات القانونية الواقعة على عقار . لا يتسع نظام الشهر للوقائع المادية ، لأن هذه الوقائع لا تثبت عادة فى محررات حتى يمكن شهرها ، هذا إلى أن أكثر الوقائع المادية لها علامات ظاهرة محسوسة تراها الناس فتعلم بها . ومع ذلك فهناك واقعة مادية هى الموت وما يرتبه من حق الارث يمكن أن تخضع لنظام الشهر – وقد أخضعت فعلا لهذا النظام فى قانون تنظيم الشهر العقارى لسنه 1946 – لأهميتها ولسهولة إثباتها فى محرر يكون صالحاً للشهر . ولا يتسع نظام الشهر للتصرفات الواقعة على منقول ، فالمنقول ليس له حيز ثابت مستقر كالعقار ، فلا يمكن تركيز الشهر فى مكان معين . ومع ذلك فمن المنقولات ما يجرى فيه نظام الشهر لاستقرار مكانه أو لا مكان تركيز شهره فى مكان معين ، وذلك كالمتاجر والسفن . وتقوم الحيازة فى المنقول مقام الشهر فى حماية الغير حسن النية . على أن هناك حقوقاً شخصية تشبه الحقوق العينية من حيث صلاحيتها للشهر ، أهمها الحقوق الناشئة من عقد الايجار الواقع على عقار ، فعقود الايجار والمخالصات بالأجرة وحوالتها إذا زادت على مدة معينة تتكون هى أيضا خاضعة لنظام الشهر .
وفى الحدود التى تكون الحقوق فيها صالحة لنظام الشهر يبدو هذا النظام ضرورياً للتعامل فى العقارات وللائتمان العقارى . فمن يريد التعامل فى عقار يعينه بطبيعة الحال أن يعرف ما يثقل هذا العقار من الحقوق حتى يكون على بصيرة من أمره ، فلا يقدم على التعامل إلا وهو عارف بحالته . ومن يقدم على أقراض الغير فى مقابل رهن يأخذه على عقاره يعينه أن يعرف أن كان هذا العقار مملوكاً فعلا للمدين حتى يكون حق رهنه مأموناً ، ويعينه أيضاً أن يعرف هل ثقل العقار قبل ذلك بحقوق عينيه تسبق حقه حتى يعرف مرتبته بين الدائنين المقيدين .
لذلك لم يخل بلد متحضر من نظام للشهر ، بل أن نظم الشهر قديمة إلى حد أن المؤرخين يرجعونها إلى عهد الحضارة المصرية القديمة . وهناك نوعان لنظام الشهر : نوع متأخر وهو نظام الشهر الشخصى ، ونوع متقدم وهو نظام الشهر العينى أو السجل العقارى ذلك أن نظام الشهر ، حتى يكون نظاماً سديداً ، يجب أن يكون محكماً فى ترتيبه وفى حجيته . أما فى ترتيبه ، فينبغى أن يكون من شأن الترتيب الذى يضعه لتسجيل التصرفات وقيدها أن يسير لذوى الشأن معرفة ما تهمهم معرفته من هذه التصرفات . وأما فى حجيته ، فينبغى أن يكون لشهر التصرفات حجية قاطعة بحيث لا يشهر تصرف إلا بعد التحرى من صحته فإذا ما شهر كانت صحته مقطوعاً بها ، فيكون للشهر هذه الحجية المطلقة .
ونظام الشهر الشخصى معيب من هاتين الناحيتين . فهو معيب من ناحية الترتيب ، إذ التسجيل فيه أو القيد يكون وفقاً لأسماء الأشخاص ، ومن هنا كان نظاماً شخصياً . فصاحب المصلحة لا يعرف من سجلاته إلا الشخص الذى تصرف فى العقار ، ولا يفيد هذا حتما كل مواقع على عقار معين من تصرفات . فقد يتصرف شخص فى عقار غير مملوك له فيسجل التصرف باسمه ، ثم يتصرف المالك الحقيقى فى العقار فيسجل التصرف باسم هذا المالك ، ويكون التصرفات متفرقين فى موضعين متباعدين تحت اسمين مختلفين . ومن ثم كان من الممكن أن يتعامل الشخص مع المشترى من المالك ، إذ يجد التصرف الصادر للمشترى من المالك مسجلاً تحت اسم المالك ، فيكون التعامل سليماً . كما أنه من الممكن أن يتعامل مع المشترى من غير المالك دون أن يعلم ، إذ يجد التصرف الصادر للمشترى من غير المالك مسجلاً تحت اسم هذا الأخير ، فيكون التعامل معيباً . ولهذا لا يحقق نظام الشهر الشخصى الغرض الذى وضع من أجله . ثم أن هذا النظام معيب من ناحية الحجية ، فإن التصرفات التى تشهر فى هذا النظام لا يتحرى عادة عن صحتها ، بل تشهر كما هى ، فإن كانت صحيحة بقيت صحيحة ، وإن كانت معيبة لسبب من أسباب البطلان أو كانت مزورة بقيت على حالتها معيبة أو مزورة . فالشهر فى هذا النظام لا يبطل عقداً صحيحاً ، ولا يصحح عقداً باطلاً . بل هو طريق العلانية لمعرفة التصرف كما هو ، صحيحاً كان أو باطلاً ، سليماً كان أو معيباً . وهذا النظام الشخصى للشهر يسود العالم اللاتينى ، فهو النظام القائم فى فرنسا وفى بلجيكا وفى إيطاليا وفى كثير من البلاد اللاتينية . وهو النظام الذى لا يزال قائماً فى مصر ، بعد أن تخفف من بعض عيوبه كما سنرى .
أما نظام الشهر العينى أو السجل العقارى فهو نظام محكم من الناحيتين ، ناحية الترتيب وناحية الحجية . فمن ناحية الترتيب لا تشهر التصرفات وفقاً لأسماء الأشخاص ، بل وفقاً للعقار ذاته ومن هنا كان نظاماً عينياً . فلكل عقار مكان خاص فى السجل العقارى ، ويثبت فى هذا المكان كل ما يقع على هذا العقار من التصرفات وما يثقله من الحقوق . فإذا أراد شخص أن يتعامل فى عقار ، أمكنه بالرجوع إلى السجل العقارى أن يعرف حالة العقار على خير ما يمكن من الدقة . يعرف مالك العقار ، والتصرفات التى وقعت منه فى عقاره ، وما يثقل هذا العقار من الحقوق والتكاليف ، فيقدم على التعامل وهو مطمئن . ثم أن نظام الشهر العينى محكم من ناحية الحجية . فالتصرفات التى تشهر لا يتم شهرها إلا بعد التحرى عن صحتها تحرياً بالغاً فيستقضى عن موقع العقار وحدوده ومساحته ، ثم عن أسماء من وقع منهم التصرف وعن أهليتهم ، ثم عن التصرف نفسه هل صدر من مالك ، وهل هو صحيح فيشهر أو معيب فيمتنع شهره . ويشرف على هذا كله قاض هو الذى يأمر بعد الفحص الدقيق بإجراء التسجيل . والنتيجة المترتبة على هذا التحرى أن التصرف الذى يشهر فى السجل العقارى تكون له حجية كاملة ، فينتقل الحق العينى إلى المتصرف له لا بناء على التصرف الصادر بل بناء على شهر الحق . فالشهر لا التصرف هو الذى ينقل الحق ، ومهمة التسجيل فى نظام الشهر العينى هو نقل الحق العينى لا مجرد إعلان التصرف . وقد يكون التصرف معيباً فى الحالات القليلة التى لا يكشف فيها هذا العيب بعد التحرى الدقيق الذى أسلفنا ذكره ، ومع ذلك إذا شهر هذا التصرف المعيب انتقل الحق بالشهر لا بالتصرف كما قدمنا ، وصحح الشهر عيوب التصرف . وهذه هى أهم ميزة للسجل العقارى . ويواجه هذا النظام التصرفات المعيبة التى يصححها الشهر ، وما يستتبع ذلك من الأضرار بأصحاب الحقوق الثابتة ، عن طريق تعويض أصحاب هذه الحقوق ، ويقتضى هذا التعويض من رسوم الشهر ذاتها ، فكان فى هذه الرسوم جزءاً هو بمثابة تأمين للمنتفعين بالسجل العقارى . والذى يمنع من الأخذ بهذا النظام مع مزاياه الظاهرة هو ما يقتضيه من جهود ونفقات بالغة فى مسح جميع الأراضى قبل إدخاله ، وتحقيق صحة الحقوق العينية المتعلقة بكل أرض منها ، تمهيداً لاثبات كل ذلك فى السجل العقارى . وتزيد الصعوبات إذا أكثرت الملكيات الصغيرة ، واشتبكت الحقوق القائمة عليها ، كما هى الحال فى مصر حيث شرع فى إدخال النظام منذ أكثر من ثلاثين عاماً ، وبذلت جهود كبيرة ونفقات جسيمة لا تزال متواصلة حتى اليوم ولما يتم تعميم هذا النظام فى مصر رغم صدور قانون السجل العينى رقم 142 لسنه 1964 كما سيرد ذكره فيما بعد . وإنما يسهل نسبياً إدخال نظام السجل العقارى فى بلد بكر لم تتجزأ فيها الملكيات ولم تتفتت إلى حد أن تنتشر الملكيات الصغيرة وتكون هى الأصل الغالب . وهذا هو السبب فى أن النظام طبق أولاً فى استراليا حيث الظروف مواتية له على النحو المتقدم ، وضعه روبرت تورنس فسمى التشريع الذى أدخل النظام بتشريع تورنس ثم أدخل الفرنسيون النظام فى تونس فى سنة 1885 ، وفى كثير من مستعمراتهم . وأخذت به ألمانيا وسويسرا . وأخذت الدولة العثمانية أيضا بهذا النظام ، وعرف باسم ” الطابو ” ، وبقى النظام فى البلاد العربية التى كانت جزءاً من الدولة العثمانية ، فلا يزال نظام الطابو قائماً فى العراق وفى سورية وفى لبنان ، وقد عدلته تشريعات كثيرة بعد أن استقلت هذه البلاد وبخاصة فى سورية ولبنان حيث أصدر الفرنسيون فى عهد الانتداب تشريعاً عقارياً شاملاً بهذا النظام .
وقد أصدر المشرع المصرى القانون رقم 142 لسنة 1964 بالاخذ بنظام السجل العينى على أن يطبق تدريجياً على كل منطقة يتم مسحها مساحة حديثة وقد صدرت لائحته التنفيذية برقم 825 لسنة 1975 بتاريخ 22 يونية سنة 1975 ، كما أصدر وزير العدل عدة قرارات وزارية بتحديد المناطق التى يجرى مسحها مسحاً حديثاً وتطبيق قانون السجل العينى فيها . وقد أدخلت تعديلات على القانون المشار إليه بالقانون رقم 25 لسنة 1976 كما عدلت لائحة التنفيذية بقرار وزير العدل رقم 948 لسنة 1976 بتاريخ 24 يونية سنة 1976 .
ومقدر للانتهاء من مسح مناطق جمهورية مصر العربية مسحاً حديثاً لتطبيق وتعميم نظام السجل العينى مدة تجاوز ثلاثين عاماً ، يستمر خلالها العمل بنظام الشهر الشخصى الصادر به قانون الشهر العقارى رقم 114 لسنه 1946 .
والآن وقد ألممنا بنظام الشهر العقارى ، ننظر كيف تطور هذا فى مصر .
عهود أربعة : قبل أن يصدر قانون تنظيم الشهر العقارى فى سنة 1946 ليعمل به ابتداء من أول يناير سنة 1947 ، كان نظام الشهر العقارى قائماً بموجب نصوص قانون التسجيل الصادر فى سنة 1923 وقد عمل به ابتداء من أو يناير سنة 1924 . وكان نظام الشهر قبل قانون التسجيل قائماً بموجب نصوص التقنين المدنى القديم . أما قبل هذا التقنين ، فلم يكن فى مصر نظام للشهر .
فتستعرض إذن عهوداً أربعة :
- العهد السابق على التقنين المدنى القديم .
- نظام الشهر فى التقنين المدنى القديم .
- نظام الشهر فى قانون التسجيل الصادر فى سنة 1923 .
- نظام الشهر فى قانون تنظيم الشهر العقارى الصادر فى سنة 1946 وهو النظام القائم فى الوقت الحاضر .
هذا بالإضافة إلى نظام السجل العينى الجارى تطبيقه تدريجياً فى المناطق التى يتم مسحها مسحاً حديثاً بالتطبيق لأحكام القانون رقم 142 لسنه 1964 بشأن نظام السجل العينى .
المرحلة الأولى – العهد السابق على التقنين المدنى القديم
لم يوجد نظام للشهر فى ذلك العهد : قبل صدور التقنين المدنى القديم – التقنين المدنى المختلط فى سنة 1875 والتقنين المدنى الوطنى فى سنة 1883 – لم يكن هناك فى مصر نظام معروف لشهر الحقوق العينية . وقد كانت الشريعة الاسلامية هى المعمول بها فى ذلك العهد مع تشريعات خاصة أكثرها تجارية ، ولم يصدر أى تشريع نظاماً للشهر .
نظام المكلفات الإدارية : على أنه مما خفف من عيوب تنظيم شهر الحقوق العينية نظام إدارى وضع لجبى الضرائب العقارية عرف بنظام المكلفات . فقد كانت الأراضى فى عهد محمد على تملكها الدولة ، ولم يكن للإفراد إلا حق الانتفاع بها انتفاعاً مؤقتاً فى نظير جعل سنوى يقابل الضريبة العقارية . وكان حق الانتفاع هذا ينتهى حتماً بالموت ، ولا يستطيع صاحبه أن ينزل عنه إلى آخر فى حال حياته . ثم أبيح بعد ذلك للأفراد النزول عن حق الانتفاع ، وفى سنة 1858 أصدر سعيد باشا لائحته المعروفة وجعل للزراع الحق فى التصرف فى أراضيهم بالبيع والرهن وغير ذلك من التصرفات ، كما جعل الأرض تنتقل بالميراث إلى ورثة صاحب الحق فيها . ويتم نقل الحقوق على الأرض فى حال الحياة بحجة رسمية يحررها القاضى الشرعى ، بحضور شهود ، وبعد ترخيص من المديرية . وكان القاضى الشرعى قبل أن يحرر الحجة بنقل الحق يتحقق من صحة الحجج السابقة التى صدرت للبائع ، ثم يحرر الحجة بعد ذلك فى دفتر أعد لتقييد التصرفات . ثم يتلو بعد ذلك عملية تسجيل فى سجل خاص بالمديرية ، والغرض من هذه العملية إثبات كل تغيير فى شخص الملتزم بالضريبة العقارية فى المكلفات . فكان هذا النظام ، الذى وضع فى الأصل لتنظيم جبى الضريبة العقارية بواسطة المكلفات وإثبات الأشخاص المتعاقبين الذين يلتزمون بدفع هذه الضريبة ، يستخدم فى الوقت ذاته كطريق لشهر الحقوق العينية ، إذ كان السجل الخاص بكل مديرية علينا يستطيع ذوو الشأن الاطلاع عليه لمعرفة الحقوق التى ترتبت على الأراضى .
ويخلص من ذلك أن التصرف كان شكلياً لابد من تحريره فى حجة رسمية بواسطة القاضى الشرعى . بل يبدو أن الحق كان لا ينتقل إلى المتصرف إليه إلا بعد تسجيله فى سجل المديرية ، فلو مات المتصرف له قبل هذا التسجيل لا ينتقل حقه إلى ورثته ، أما إذا تم التسجيل قبل وفاته فإن الحق ينتقل إلى الورثة .
نظام الشهر فى التقنين المدنى السابق
اقتباس نظام الشهر الفرنسى : وفى عهد الاصلاح الفضائى ، عند صدور تقنيات المحاكم المختلطة والمحاكم الوطنية ، أدخل المشرع المصرى نظاماً لشهر الحقوق العينية اقتبسه من النظام الفرنسى الذى كان قد أدخل فى فرنسا قبل ذلك بقانون 23 مارس سنة 1855 ، وهو نظام شهر شخصى فيه العيوب التى قدمناها .
ولا تزال نصوص هذا التقنين المدنى السابق معمولاً بها فى حالة المحررات التى لها تاريخ ثابت قبل أول يناير سنة 1924 – وهذا هو تاريخ العمل بقانون التسجيل الذى سيأتى الكلام فيه – فتسرى عليها أحكام القوانين التى كانت سارية عليها ، وهى بالذات نصوص التقنين المدنى السابق . وتنص المادة 54 من قانون تنظيم الشهر العقارى المعمول به اليوم فى هذا المعنى على أنه ” لا يسرى هذا القانون على المحررات التى ثبت تاريخها ثبوتاً رسمياً قبل أول يناير سنة 1924 ولا على الأحكام التى صدرت قبل هذا التاريخ ، بل تظل هذه المحررات والأحكام خاضعة من حيث الآثار التى تترتب عليها لأحكام القوانين التى كانت سارية عليها ” .
من أجل هذا يكون من المهم أن نورد أهم نصوص التقنين المدنى السابق الخاصة بنظام شهر الحقوق العينية ، ثم نبين بعد ذلك ما شاب هذا النظام من العيوب .
نصوص التقنين المدنى السابق الخاصة بنظام الشهر : النصوص الرئيسية التى تضع نظام الشهر العقارى فى التقنين المدنى السابق هى :
أولاً : نص يقرر بصفة عامة أن الملكية والحقوق العينية تنتقل فيما بين المتعاقدين بالعقد دون حاجة إلى تسجيل . وهذا هو نص المادة 606/732 ، وتجرى على الوجه الآتى : ” فى جميع المواد تثبت الملكية أو الحقوق العينية فى حق مالكها السابق بعقد انتقال الملكية أو الحق العينى أو بأى شئ يترتب عليه هذا الانتقال قانوناً ” .
ثانياً : نصوص أخرى كثيرة تقرر أن الملكية والحقوق العينية وبعض الحقوق الشخصية لا تنتقل بالنسبة إلى الغير إلا بتسجيل التصرفات القانونية التى هى مصدر لها ، دون الوقائع المادية كالميراث . فتنص المادة 609/735 على ما يأتى : ” وفى مواد العقار تثبت الحقوق العينية بالنسبة لغير المتعاقدين على حسب القواعد الآتية ” . وهذه القواعد منصوص عليها فى المواد 610/736 – 613/740 ، وتجرى هذه النصوص على الوجه الآتى : م 610/637 – ” ملكية العقار والحقوق المتفرعة عنها إذا كانت آيلة بالارث تثبت فى حق كل إنسان بثبوت الوارثة ” – م 611/737 – ” الحقوق بين الأحياء الآيلة من عقود انتقال الملكية أو الحقوق العينية القابلة للرهن أو من العقود المثبتة لحقوق الارتفاق والاستعمال والسكنى والرهن العقارى أو المشتملة على ترك هذه الحقوق تثبت فى حق غير المتعاقدين ممن يدعى حقاً عينياً بتسجيل تلك العقود فى قلم كتاب المحكمة التابع لها مركز العقار أو فى المحكمة الشرعية ” . م 612/738 – 739 – ” الأحكام المتضمنة لبيان الحقوق التى من هذا القبيل أو المؤسسة لها يلزم تسجيلها أيضا ، وكذلك الأحكام الصادرة بالبيع الحاصل بالمزاد والعقود المشتملة على قسمة عين العقار ” . م 613/740 – ” وكذلك يلزم تسجيل عقود الايجار الذى تزيد مدته على تسع سنين وسندات الأجرة المعجلة الزائدة عن ثلاث سنين لأجل أن تكون حجة على غير المتعاقدين ” .
ثم تنص المادتان 615/742 – 616/743 على الجزاء المترتب على عدم التسجيل ، وتجريان على الوجه الآتى : م 615/742 – ” فى حالة عدم وجود التسجيل عند لزومه تكون الحقوق السالف ذكرها كأنها لم تكن بالنسبة للأشخاص الذين لهم حقوق عينية على العقار وحفظوها بموافقتهم للقانون ” . م 616/743 – ” ومع ذلك فلهؤلاء الاشخاص الحق فقط فى أن يتحصلوا على تنزيل مدة الايجار إلى تسع سنين إذا كانت مدته زائدة عليها ، وفى إرجاع ما دفع مقدماً زيادة عن أجر الثلاث سنين ” .
تتأيد النصوص المتقدمة الذكر بنصين آخرين ، أحدهما ورد فى أسباب الملكية والحقوق العينية ، هو نص المادة 47/69 وتجرى على الوجه الآتى : ” أما الأموال الثابتة فالملكية والحقوق العينية فيها لا تثبت بالنسبة لغير المتعاقدين إلا إذا صار تسجيلها على الوجه المبين فى القانون ” .والنص الثانى ورد فى نصوص البيع ، وهو نص المادة 270/341 وتجرى على الوجه الآتى : ” لا تنتقل ملكية العقار بالنسبة لغير المتعاقدين من ذوى الفائدة فيه إلا بتسجيل عقد البيع كما سيذكر لا يعلمون ما يضر بها ” .
ثالثاً : نصوص تزد استثناء من القاعدة المتقدمة التى تقضى بأن الحقوق العينية لا تنتقل بالنسبة إلى الغير إلى بالتسجيل ، وهى المواد 617/744 – 619/746 ، وتجرى على الوجه الآتى :
م 617/744 : ” ويستثنى من الأصول السالف ذكرها الموهوب له والموصى له بشئ معين ، فإنهما لا يجوز لهما الاحتجاج بعدم التسجيل على من حاز بمقابل ملكية حق قابل للرهن أو حق انتفاع بالاستعمال أو السكنى بعقد ذى تاريخ صحيح سابق على تسجيلها ” .
م 618/745 : ” وإنما يجوز هذا الاحتجاج لمن حاز الحق بمقابل من الموهوب له أو الموصى له إذا سجل عقده أو حقه بالأولوية ” .
م 619/746 : فىحالة تعدد عقود الملكية بين عدة ملاك متوالين يكتفى بتسجيل العقد الأخير منها .
رابعاً : نصوص تقرر نظام القيد فى الحقوق العينية التبعية الواقعة على عفار ليجوز الاحتجاج بها على الغير ، وذلك فيما عدا الرهن الحيازى العقارى فقد رأينا أنه كان خاضعاً لنظام التسجيل لا لنظام القيد ونكتفى بالاشارة إلى هذه النصوص المتفرقة ، فهى فى الرهن الرسمى المواد 565/689 – 566/690 ، وفى حق الاختصاص المواد 596/722 – 600/726 ، وفى حقوق الامتياز العقارية المادة 614/741 . وكان يكتفى فى حفظ حق امتياز بائع العقار بتسجيل عقد البيع ذاته دون حاجة لقيد حق الامتياز ( م 601 سابعاً / 727 سادساً ) .
خامساً : نصوص تنظيم عملية التسجيل ودفاتره ، ونكتفى بالاشارة إليها وهى المواد 622/750 – 641/774 .
ما يستخلص من النصوص المتقدمة : ويستخلص من النصوص المتقدمة الذكر أن نظام الشهر فى التقنين المدنى السابق كان يخضع الحقوق العينية الأصلية لنظام التسجيل ، ويخضع الحقوق العينية التبعية لنظام القيد ، باستثناء الرهن الحيازى العقارى وحق إمتياز بائع العقار ، فإن الحق الأول كان يخضع لنظام التسجيل والحق الثانى كان يجوز حفظه بتسجيل عقد البيع . وغنى البيان أن القيد فى الحقوق العينية التبعية كان ضرورياً لامكان الاحتجاج بالحق على الغير . وفى التسجيل كان نظام الشهر يقرر تمييزاً جوهرياً : فالحقوق العينية الأصلية كانت تنتقل فيما بين المتعدين دون حاجة إلى التسجيل ، أما بالنسبة إلى الغير فكانت لا تنتقل إلا بالتسجيل .
عيوب نظام الشهر فى التقنين المدنى السابق : قدمنا أن عيوب نظام الشهر فى التقنين المدنى السابق هى عيوب نظام الشهر الشخصى من ناحية الترتيب ومن ناحية الحجية . ونزيد هنا ناحية ثالثة هى ناحية الحصر ، فليست كل التصرفات التى ينبغى شهرها واجبة الشهر فى هذا النظام .
ونجمل الكلام فى هذه العيوب فيما يأتى :
أولاً – من ناحية الترتيب – تعدد جهات الشهر : الشهر فى هذا النظام يتم وفقا لأسماء الأشخاص ، ويزيد هذا العيب جسامة أن الشهر ليس مركزاً فى جهة واحدة بل هو موزع على جهات ثلاث .
فأما أن الشهر يتم وفقاً لأسماء الأشخاص ، فهذا هو المقوم الرئيسى لنظام الشهر الشخصى ، وهو العيب البارز فيه . وقد قدمنا أن صاحب المصلحة لا يستطيع أن يعرف فى هذا النظام كل ما وقع على عقار معين بالذات من تصرفات وهذا هو الذى يعينه ، بل أن ما يعرفه هو كل ما صدر من شخص معين من التصرفات وهذا قد يفى بحاجته وقد لا يفى .
وأما الشهر ليس مركزاً فى جهة واحدة ، فذلك راجع إلى النظام القضائى الذى كان قائماً فى ذلك العهد . فقد كانت جهات الشهر فى ذلك الوقت ثلاثة : المحاكم المختلطة والمحاكم الشرعية والمحاكم الوطنية ، وكان الشهر يصح قانوناً فى أية جهة من هذه الجهات الثلاث ، ولكن لا يكون نافذاً فى حق الأجانب إلا إذا تم فى المحاكم المختلطة . ولذلك كان الشهر أكثر ما يتم فى قلم كتاب هذه المحاكم ، إذ يكون نافذا فى حق المصريين والأجانب جميعاً . ولكن بقيت المحاكم الشرعية جهة الشهر الطبيعية فى التصرفات غير المعروفة فى المحاكم المختلطة وهى الوقف . واستمرت أقلام الكتاب بالمحاكم الوطنية تقيد حقوق الأختصاص من تلقاء نفسها إذ القانون يوجب ذلك ، وكذلك أحكام الشفعة ونزع الملكية . فكان ذو المصلحة إذا احتاط لأمره يبحث فى كل من المحاكم المختلطة والمحاكم الشرعية والمحاكم الوطنية ، ليستوثق من أنه استقصى جميع ما شهر من التصرفات التى تعنيه .
ثانياً : من ناحية الحجية : ولم يكن لنظام الشهر فى التقنين المدنى السابق حجية كاملة كالحجية التى تقترن بنظام الشهر العينى أو السجل العقارى . فإن الشهر بموجب نظام التقنين السابق ليس إلا تسجيل التصرف أو قيده كما هو على علاقة وبجميع ما ينطوى عليه من عيوب . فإذا كان التصرف صحيحاً قبل الشهر صحيحاً بعده ، وإذا كان باطلاً أو قابلاً للأبطال أو مشوباً بأى عيب آخر ظل بعد الشهر مشوباً بهذا العيب . فالشهر لا يصحح عقداً باطلاً ولا يبطل عقداً صحيحاً ، كما قدمنا . فإذا صدر بيع مثلا من غير مالك ، وسجل عقد البيع ، ظل هذا البيع بعد التسجيل كما كان قبل التسجيل عقداً قابلاً للأبطال ، وهو على كل حال ينقل الملكية إلى المشترى ولو بعد أن يسجل . أما فى نظام الشهر العينى فإن هذا البيع متى سجل ينقل الملكية إلى المشترى بحكم التسجيل ذاته لا بحكم البيع ، ويأخذ المالك الحقيقى الذى سلب ملكه على هذا الوجه تعويضاً عما أصابة من الضرر من خزانة الجهة القائمة على الشهر .
وزاد من جسامة هذا العيب أن المحررات التى كانت تقدم الشهر كانت تقبل كما هى ، دون فحص أو تحر للاستيثاق من صحتها . وكان الناس يلجأون فى تحرير تصرفاتهم إلى الكتابة العرفية لتجنيب نفقات التوثيق ، وكثيراً ما كانت تأتى هذه التصرفات غير محكمة التحرير ، سواء فى تعيين شخصية المتعاقدين أو فى وصف العقار وتحديده . بل أنه لم يكن هناك ضمان أن التوقيع على هذه المحررات ليس مزوراً ، إذ لم يكن يطلب التصديق على امضاء المتعاقدين ، فكثر من أجل ذلك شهر التصرفات المزورة .
ثالثاً : من ناحية الحصر : ولم تكن كل التصرفات التى ينبغى شهرها واجبة الشهر طبقاً لنظام التقنين المدنى السابق ، فلم يحصر هذا النظام التصرفات حصراً دقيقاً يشملها جميعاً . وقد شاع القصور فى شهر التصرفات ، ويرجع ذلك إلى أسباب أربعة :
- لم يكن التسجيل ضرورياً لنقل الحقوق العينية فيما بين المتعاقدين ، بل كان العقد وحده كافياً لذلك ، وهذا مبدأ جوهرى من مبادئ نظام الشهر فى التقنين المدنى السابق أخذه عن نظام الشهر الفرنسى كما قدمنا . وترتب على ذلك من الناحية العملية أن كثيراً من المتعاملين كانوا لا يلجأون إلى شهر تصرفاتهم ، ويقنعون بأن الحق قد انتقل إليهم بموجب التصرف غير المسجل فيما بينهم وبين المتعاملين معهم . وهذا الاطمئنان الذى لا مبرر له كانت العادة تثبته ، وتشجع عليه الرغبة فى تجنب إجراءات الشهر ونفقاته . فكان من ذلك أن يبقى التصرف دون أن يتناوله الشهر ، فلا يكون حجة على الغير ، وكثيراً ما يلجأ المتصرف الأول إلى التصرف مرة أخرى فى العقار غشاً منه . فكان كثير من المتعاملين يضارون أبلغ الضرر من جراء ذلك ، كما كان كثير من التصرفات الواجبة الشهر لا تشهر فعلاً مما زعزع أسس نظام الشهر ذاتها .
- وبفرض أن التسجيل تناول كل التصرفات الواجب شهرها ، فإن القانون نفسه كان يخرج بعض الوقائع الهامة من منطقة الشهر . فهو لا يدخل فى هذه المنطقة إلا التصرفات فيما بين الأحياء . ويترتب على ذلك أنه لم يكن خاضعاً للشهر سبب هام من أسباب نقل الملكية ، وهو الميراث ، لنه ينقل الملكية بالموت ، بل أنه ليس بتصرف قانونى . وقد نصت المادة 610/736 من التقنين المدنى السابق على هذا الحكم صراحة كما رأينا ، إذ تقول : ” ملكية العقار والحقوق المتفرعة عنها إذا كانت آيلة بالارث تثبت فى حق كل إنسان بثبوت الوارثة ” . فلا يخضع الميراث لنظام الشهر ، مع أنه سبب من أكثر السباب شيوعاً فى نقل الحقوق . وكذلك الوصية لم تكن تخضع لنظام الشهر ، لأنها لا تدخل فى نطاق التصرفات فيما بين الأحياء إذ هى تصرف لما بعد الموت . وقد نجم عن ذلك أن ثغرة واسعة قد انفرجت فى بناء الشهر ، وأصبح من الصعب متابعة تسلسل انتقال الملكية فى العقار ، وقامت مشاكل معقدة من جراء ذلك .
- وفوق ذلك قد ترك نظام الشهر ثغرة أخرى فى التصرفات ما بين الأحياء ذاتها . فالمشروع قد ذكر فى المادة 611/737 الحقوق الخاضعة لنظام الشهر وهى ” الحقوق بين الأحياء الآيلة من عقود انتقال الملكية أو الحقوق العينية القابلة للرهن أو من العقود المثبتة لحقوق الارتفاق والاستعمال والسكنى والرهن العقارى أو المشتملة على ترك هذه الحقوق ” . فلم يذكر التصرفات الكاشفة عن الحقوق العينية ، فهذه تصرفات هامة لم تكن خاضعة لنظام الشهر كما وضعه التقنين المدنى السابق .
- وأخيراً لم يكن نظام الشهر فى التقنين المدنى السابق دقيقاً فى فصل الحقوق العينية الأصلية التى تخضع لنظام التسجيل والحقوق العينية التبعية التى تخضع لنظام القيد . فقد أدخل بعض حالات الحقوق العينية التبعية فى نظام التسجيل مع أن نظام القيد هو النظام الصالح لها .
فعل ذلك فى حالتين : ( الحالة الأولى ) هى الرهن الحيازى العقارى ، فقد أخضعه كما رأينا لنظام التسجيل دون نظام القيد فى غير مبرر . ( والحالة الثانية ) هى حالة امتياز بائع العقار ، فقد جاء فى المادة 601- سابعاً / 727 سادساً كما رأينا ما يأتى : ” فإذا كان المبيع عقاراً كان ثمنه ممتازاً أيضاً إذا كان تسجيل البيع حصل على الوجه الصحيح ” . وهذا النص يحفظ حق امتياز البائع على العقار ، حتى لو اكتفى البائع بتسجيل البيع وذكر فيه أن الثمن أو جزءاً منه لا يزال مستحقاً فى ذمة المشترى ، دون حاجة إلى قيد حق الامتياز ذاته . وكان المتعاملون فيه يكتفون فعلا بذلك ، إذ كانت عقود البيع تسجل ، وفى تسجيلها شهر للعقد ذاته وفى الوقت نفسه حفظ لحق الأمتياز .
نظام الشهر فى قانون التسجيل الصادر سنة 1923
محاولات الاصلاح السابقة على صدور قانون التسجيل : هذه العيوب التى بسطناها فيما تقدم جعلت نظام الشهر كما كان قائماً فى التقنين المدنى السابق نظاماً غير صالح ، واجتمعت الكلمة على ضرورة إدخال نظام الشهر العينى أو السجل العقارى فى مصر ، سداً لهذه الثغرات وتلافياً لهذه العيوب .
وقد بدأت حركة الاصلاح هذه بمشروعين قدمتها الحكومة فى سنة 1902 إلى اللجنة التشريعية الدولية . وأول هذين المشروعين كان الغرض منه توحيد جهات الشهر وتركيزها جميعاً فى جهة واحدة . وكان الغرض من المشروع الثانى إدخال نظام السجل العقارى فى مصر . وقد فرغت اللجنة التشريعية الدولية من دراسة المشروعين ، وأقرتهما معا فى سنة 1904 . ولكن هذه المحاولة لم يعقبها تنفيذ ، بل بقيت الأمور كما كانت من قبل ، وبقى المشروعان اللذان أقرتهما اللجنة التشريعية الدولية على حالتيهما إلى سنة 1920 ، إذ شكلت لجنة لبحث موضوع إدخال السجل العقارى فى مصر ، فأعادت هذه اللجنة بحث المشروعين السالفى الذكر وانتهت إلى إقراراهما مرة أخرى . وقد وافق مجلس الوزراء فى 25 أبريل سنة 1922 على تقرير هذه اللجنة الذى يقر المشروعين السابقين ، وشكل لجنة جديدة مهمتها دراسة الوسائل العملية وتعيين الطرق المناسبة للوصول إلى تحقيق الاصلاح المرجو . وقد رأت هذه اللجنة ، بعد دراسة عملية ، إرجاء إدخال نظام السجل العقارى حتى يتم التمهيد له باصلاحات ضرورية تجعل تنفيذه أمراً ميسوراً . واقترحت تحقيقاً لهذا الغرض مشروع قانون يدخل اصلاحات جوهرية فى نظام الشهر ، تمهيداً لإدخال نظام السجل العقارى . وعرض مشروع القانون على الجمعية التشريعية المختلطة ليكون نافذاً على الأجانب ، فوافقت عليه فى 30 مارس سنة 1923 .
فصدر بناء على كل ذلك قانون التسجيل فى 23 يونيه سنة 1923 ، وهو قانونان يشتملان على نصوص واحدة ، أحدهما قانون رقم 18 لسنه 1923 ويسرى على المحاكم الوطنية ، والآخر قانون رقم 19 لسنة 1929 ويسرى على المحاكم المختلطة . وقد جعل مبدأ سريان قانون التسجيل أول يناير سنة 1924 . أما المحررات الثابتة التاريخ قبل أول يناير سنة 1924 فتخضع فى شهرها لنصوص التقنين المدنى السابق كما قدمنا .
ولا تزال نصوص قانون التسجيل معمولاً بها فى شأن جميع المحررات التى تم شهرها قبل أول يناير سنة 1947 ، وهو تاريخ نفاذ قانون تنظيم الشهر العقارى الذى تلى قانون التسجيل ، فإن المادة 56 من القانون الأخير تنص على أن ” جميع المحررات التى تم شهرها فى جهة من الجهات المختصة وفقا للقواعد السارية قبل العمل بأحكام هذا القانون تكون حجة على الكافة من وقت العمل بهذه الأحكام ” . من أجل ذلك يكون متعينا هنا أيضا أن نورد أهم النصوص التى اشتمل عليها قانون التسجيل ، ونبين بعد ذلك ما عالجه هذا القانون من عيوب فى نظام التقنين المدنى السابق وما بقى قائما من هذه العيوب .
أهم نصوص قانون التسجيل : يتناول قانون التسجيل المحررات التى يجب شهرها ، ثم ينص على ما يجب القيام به لتحرى الدقة فى هذه المحررات .
أولاً – المحررات التى يجب شهرها : أما المحررات التى يجب شهرها فبعضها يخضع لنظام القيد ، وهى المحررات المتعلقة بالرهن الرسمى وحق الاختصاص وحقوق الامتياز ، وهذه تركها لنصوص القنين المدنى السابق وقد تقدم ذكرها . أما ما يخضع منها لنظام التسجيل فقد تناولها على الوجه الآتى :
- تناولت المادتان الأولى والثانية العقود المنشئة للحقوق العينية العقارية أو الناقلة أو لمعيرة أو الزيلة لها والأحكام المثبتة لهذه العقود ، وكذلك العقود والأحكام الكاشفة عن الحقوق العينية العقارية وعقود الايجار والمخالصات بالأجرة . ورتبت على عدم التسجيل فى الطائفة الأولى عدم انتاج الأثر بالنسبة إلى الغير وفيما بين المتعاقدين ، وفى الطائفة الأخرى عدم انتاج الأثر بالنسبة إلى الغير فقط .
فنصت المادة الأولى على أن ” جميع العقود الصادرة الأحياء بعوض أو بغير عوض ، والتى من شأنها حق الملكية أو حق عينى عقارى آخر أو نقله أو تغييره أو زوالة ، كذلك الأحكام النهائية التى يترتب عليها شئ من ذلك ، يجب اشهارها بواسطة تسجيلها فى قلم كتاب المحكمة الابتدائية الكائن فى دائرتها العقار أو فى المحكمة الشرعية ، وذلك مع مراعاة النصوص المعمول بها الآن فى مواد الامتياز والرهن العقارى والاختصاصات العقارية . ويترتب على عدم التسجيل أن الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنقل ولا تتغير ولا تزول ، ولا بين المتعاقدين ولا بالنسبة لغيرهم . ولا يكون للعقود غير المسجلة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين المتعاقدين . وتعتبر أحكام هذه المادة مقيدة للنصوص الخاصة بانتقال الملكية والحقوق العينية العقارية الأخرى بمجرد الايجاب والقبول بين المتعاقدين ” .
ونصت المادة الثانية على أنه ” يجب أيضا تسجيل ما يأتى : أولاً – العقود والأحكام النهائية المقررة لحقوق العينية العقارية الأخرى المشار إليها فى المادة السابقة بما فيها القسمة العقارية ثانياً – الأجارات التى تريد مدتها عن تسع سنوات والمخالصات بأكثر من أجرة ثلاث سنوات مقدماً . فإذا لم تسجل هذه الأحكام والسندات فلا تكون حجة على الغير ، كما أنها لا تكون حجة كذلك ولو كانت مسجلة إذا داخلها التدليس . غير أنه فيما يتعلق بالعقود المشار إليها فى الفقرة الثانية من هذه المادة ، لا يكون للغير سوى حق تخفيض الاجارة إلى تسع سنوات إذا زادت مدتها عن ذلك ، وعدا عدم اعتماد ما دفع مقدما زائدا عن أجرة ثلاث سنين .
- وتناولت المواد 7 و 10 و 12 دعاوى البطلان والفسخ والالغاء والرجوع المقدمة ضد العقود واجبة التسجيل ، وهى العقود التى تقدم ذكرها فى المادتين الأولى والثانية ، لأنها دعاوى من شأنها أن تزيل أثر هذه العقود ، فوجب شهرها أما بالتأشير على هامش تسجيل العقد إذا كان العقد قد سجل ، وأما بتسجيل صحيفة الدعوى إذا كان العقد لم يسجل . وكذلك تناولت هذه المواد دعوى استحقاق أى حق من الحقوق العينية ، لأنها دعوى قد تكون نتيجتها الكشف عن أن صاحب الحق العينى هو غير الشخص المعروف للناس ، فوجب شهرها هى أيضا أما بالتأشير على هامش تسجيل المحرر الذى يثبت الحق للمدعى عليه إذا كان هذا المحرر موجوداً وسبق تسجيله ، وأما بتسجيل صحيفة دعوى الاستحقاق إذا كان المحرر غير موجود كما فى الحيازة أو كان موجوداً ولم يسبق تسجيله . ونصت هذه المواد أيضا على وجوب التأشير بمنطوق الحكم الذى يصدر فى دعاوى البطلان والفسخ والالغاء والرجوع والاستحقاق ، أما فى ذيل التأشير بالدعوى إذا كانت صحيفة الدعوى قد أشر بها على هامش تسجيل المحرر ، وأما فى هامش تسجيلها إذا كانت صحيفة الدعوى قد سجلت على النحو الذى قدمناه . ونصت أخيراً على أثر تسجيل صحيفة الدعوى أو التأشير بها فى الدعاوى المتقدمة الذكر والتأشير بالحكم الصادر فى هذه الدعوى ، فجعلت الحق العينى حجة على الغير من تاريخ تسجيل الدعوى أو التأشير بها لا من تاريخ التأشير بالحكم فحسب .
ونورد هذه النصوص : نصت المادة 7 من قانون التسجيل على أنه ” يجب التأشير على هامش سجل المحررات واجبة التسجيل بما يقدم ضدها من دعاوى البطلان أو الفسخ أو الالغاء أو الرجوع فيها ، فإذا كان المحرر الأصلى لم يسجل فتسجل تلك الدعوى . وكذلك دعاوى استحقاق أى حق من الحقوق العينية العقارية يجب تسجيلها أو التأشير بها كما ذكر ” . ونصت المادة 10 من قانون التسجيل على أن ” يؤشر بمنطوق الحكم الصادر فى الدعاوى المبينة بالمادة السابعة فى ذيل التأشير بالدعوى أو فى هامش تسجيلها ” . ونصت المادة 12 على أنه ” يترتب على تسجيل الدعاوى المذكورة بالمادة السابعة أو التأشير بها أن حق المدعى ، إذا تقرر بحكم مؤشر به طبق القانون ، يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق وأصحاب الديون العقارية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعوى أو التأشير بها . وتبقى حقوق الغير المكتسبة قبل التسجيل أو التأشير المشار إليهما خاضعة للنصوص والمبادئ السارية وقت اكتسابها .
- ولم يقتصر قانون التسجيل على تنظيم شهر الحقوق العينية ومعها عقود الايجار والمخالصات ، بل نظم أيضا شهر الحقوق الشخصية إذا كانت مضمونة بتأمينات عينية عقارية كرهن أو امتياز ، لأن انتقال الحق الشخصى فى هذه الحالة من دائن إلى دائن يقتضى انتقال التأمين العينى معه ، فيجب شهر انتقال التأمين العينى حتى يمكن الاحتجاج به على الغير . ويتم الشهر عن طريق التأشير بهامش القيد الأصلى للتأمين .
وهذا ما تكلفت به المادة 13 من قانون التسجيل ، فنصت على أنه ” لا يصح التمسك فى وجه الغير بتحويل دين مضمون برهن عقارى أو بامتياز عقارى ، ولا التمسك بالحق الناشئ من حلول شخص محل الدائن فى هذه الحقوق بحكم القانون أو بالاتفاق ، ولا التمسك كذلك بالتنازل عن ترتيب الرهن العقارى ، إلا إذا حصل التأشير بذلك بهامش التسجيل الأصلى . ويتم التأشير بناء على طلب المحول إليه أو الدائن المرتهن أو الذى حل محل الدائن السابق ، ويشتمل التأشير : أولاً – على تاريخ السند وصفته . ثانياً – على أسماء الطرفين وألقابهم وصناعتهم ومحل إقامتهم . ثالثاً – على بيان التسجيل الأصلى مع نمرته المسلسلة وتاريخ ورقم صفحة السجل ” .
ثانياً : ما يجب القيام به لتحرى الدقة فى المحررات واجبة الشهر :
وقد توخى قانون التسجيل تحرى الدقة فى المحررات واجبة الشهر ، حتى تكون خالية من العيوب بقدر الامكان قبل تسجيلها .
فنصت المادة 3 من قانون التسجيل على أنه ” يجب أن تشمل المحررات المقدمة للتسجيل خلاف البيانات الخاصة بموضوعها جميع البيانات اللازمة أو المفيدة فى الدلالة على شخصية الطرفين وتعيين العقار بالذات ، وعلى الأخص : (أ) أسماء الطرفين وأسماء آبائهم وأجدادهم لآبائهم وكذلك محل إقامة الطرفين . (ب) بيان الناحية واسم ونمرة الحوض ونمر القطع إذا كانت وارد فى قوائم فك الزمام ، وكذلك حدود ومساحة القطع بأدق بيان مستطاع . ويجب فى عقود البيع والبدل ذكر أصل الملكية واسم المالك السابق وكذلك تاريخ ونمرة تسجيل عقده إذا كان مسجلاً ” .
ونصت المادة 4 من قانون التسجيل على أن ” المحررات العرفية التى لا تشتمل على البيانات الموضحة بالمادة السابقة لا يمكن تسجيلها إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من قاضى الأمور الوقتية . وعلى كل حال تأخذ هذه المحررات فى دفتر العرائض نمراً مسلسلة تحفظ لها دورها حتى يصدر أمر القاضى ، ويجب تقديم الطلب إليه فى مدة لا تتجاوز ثلاثين يوماً ” .
ونصت المادة 5 من قانون التسجيل على أنه ” تسهيلاً لمراعاة ما ورد فى المادة الثالثة تقدم الحكومة لأرباب الشأن نماذج مطبوعة لأهم العقود التى يقضى القانون بتسجيلها ” .
ونصت المادة 6 من قانون التسجيل على أنه ” يجب التصديق على امضاءات وأختام الطرفين الموقع بها على المحررات العرفية المقدمة للتسجيل . ويكون التصديق بمعرفة أحد الموظفين أو المأمورين العموميين الذين يعينون بالقرارات المنصوص عنها فى المادة السابعة عشرة ” .
فيتلخص إذن ما يجب القيام به لتحرى الدقة فى المحررات واجبة الشهر فى الأمور الآتية :
- الدقة والتعريف بشخصية المتعاقدين .
- الدقة فى تحديد ذاتية العقار وأصل ملكية البائع له .
- التصديق على امضاءات وأختام المتعاقدين .
ما عالجه قانون التسجيل من وجوه النقض فى نظام الشهر السابق عليه :
ونرى مما تقدم أن قانون التسجيل عالج بعض وجوه النقض التى كانت بارزة فى نظام الشهر الذى وضعه التقنين السابق . وأهم وجوه النقض التى عالجها هى :
أولاً : جعل التسجيل لازماً فى نقل الحقوق العينية ، لا بالنسبة إلى الغير فحسب ، بل أيضا فيما بين المتعاقدين . فدفع الناس بذلك إلى أن يحرصوا على تسجيل العقود أكثر مما كانوا يفعلون فى عهد التقنين المدنى السابق ، حيث كان الحق العينى ينتقل دون تسجيل فيما بين المتعاقدين مما كان يغرى بالاكتفاء بهذا الأثر . على أن ظاهرة الأهمال فى تسجيل العقود لم تختف بالرغم من ذلك فى عهد قانون التسجيل .وقد جعل هذا القانون تسجيل العقد بعوض ضرورياً حتى فى مواجهة الموهوب له الذى سجل عقده قبل تسجيل المعاوضة ، وقد رأينا أن التقنين المدنى السابق يقدم المشترى الذى لم يسجل عقده على الموهوب له الذى سجل الهبة .
ثانياً : تناول قانون التسجيل فى وضوح العقود والأحكام الكاشفة عن الحقوق العينية ، كالقسمة والصلح ، فأوجب تسجيلها ليجوز الاحتجاج بها على الغير .
ثالثاً : تناول قانون التسجيل دعاوى البطلان والفسخ والالغاء والرجوع فى العقد ودعوى الاستحقاق ، فأوجب شهرها ، وجعل الاحتجاج على الغير بالأحكام التى تصدر فى هذه الدعاوى من تاريخ شهر صحيفة الدعوى لا من تاريخ شهر الحكم فحسب .
رابعاً : تناول قانون التسجيل الحقوق الشخصية المضمونة بتأمين عينى عقارى ، فأوجب شهر حوالتها أو رهنها أو حلول دائن جديد فيها محل الدائن الأصلى فى الحق أو فى المرتبة ، ليجوز الاحتجاج بذلك كله على الغير .
خامساً : اتخذ قانون التسجيل إجراءات حاسمة أوجب القيام بها لتحرى الدقة فى تحرير العقود واجبة الشهر ، فخطا بذلك خطوة جدية نحو إدخال نظام السجل العقارى وما يتطلبة هذا النظام من الدقة التامة فى ذلك . ففرض كما رأينا تحديد شخصية المتعاقدين وذاتية العقار وأصل ملكية البائع له ، وأوجب التصديق على الامضاءات والأختام توقيا للتزوير .
ما تركه قانون التسجيل دون علاج من عيوب نظام الشهر السابق عليه :
وإذا كان قانون التسجيل قد قطع مرحلة فى التمهيد لإدخال نظام السجل العقارى فى مصر تحقيقاً للغرض الذى سن من أجلة كما جاء فى ديباجته ، فإنه لم يقطع الطريق إلى نهايته ، بل ترك دون علاج كثيراً من عيوب نظام الشهر الذى قرره التقنين المدنى السابق . وأهم هذه العيوب التى بقيت لاصقة بنظام الشهر فى عهد قانون التسجيل هى :
أولاً : بقى نظام الشهر نظاماً شخصياً وفقا للأسماء لا تبعا للعقار ، وقد قدمنا أنه لا يتحول إلى نظام عينى إلا بإدخال نظام السجل العقارى .
ثانياً : بقى الشهر لا حجية له فى ذاته ، فالعقد يشهر على علاته ، فإن كان باطلاً ، وإن كان لا ينقل الحق العينى فهو لا ينقله حتى بعد الشهر . وقد قدمنا أن الحجية الكاملة المترتبة على الشهر فى ذاته لا تكون إلا بإدخال نظام السجل العقارى .
ثالثاً : بقيت جهات الشهر متعددة ، وبقى الشهر جائزاً فى المحاكم المختلطة والمحاكم الشرعية والمحاكم الوطنية ، كما كان الأمر فى عهد التقنين المدنى السابق .
هذه هى العيوب الرئيسية الثلاث التى لم يعالجها قانون التسجيل ، وكان من المتعذر عليه معالجتها قبل إلغاء الامتيازات الأجنبية أو التخفف منها بالنسبة إلى تعدد جهات الشهر ، وقبل إدخال نظام السجل العقارى بالنسبة إلى النظام الشخصى وإلى الحجية غير الكاملة للشهر .
يضاف إلى هذه العيوب الرئيسية عيبان آخران ، كان فى استطاعة المشرع أن يعالجهما فى قانون التسجيل لو أنه توخى مزيدا من العناية ، وهذان العيبان هما :
أولاً : لم يستقض قانون التسجيل استقصاء تاماً المحررات التى يجب شهرها . فهو قد اقتصر فى التصرفات القانونية على العقود ما بين الأحياء ، فترك التصرفات الصادرة من جانب واحد كالوقف إذ بقى شهره مقصوراً على المحاكم الشرعية ، وترك التصرفات والوقائع التى تنقل الملك بسبب الموت وهى الوصية والأرث ، وعدم شهرهما ثغرة واسعة فى نظام الشهر الذى قرره التقنين المدنى السابق ، فبقى ثغرة واسعة فى نظام الشهر الذى قرره التسجيل . وترك أيضا دون شهر القرارات الإدارية التى تنقل الملك كمرسوم نزع الملكية وكأذن الحكومة فى أحياء الأرض الموات وكفرار وزير المالية فى توزيع طرح البحر . ولم ينص صراحة على شهر دعوى صحة التعاقد مع أهمية النص على ذلك ، وإن كانت محكمة النقض أدخلت هذه الدعوى فى شئ من التجاوز ضمن دعاوى الاستحقاق .
ثانياً : لم يجمع قانون التسجيل نظام القيد إلى نظام التسجيل ، بل فرق بينهما ، فتكفل هو بنظام التسجيل وترك نظام القيد كما كان منصوصاً عليه فى التقنين المدنى السابق . وهذا عيب استحدثه قانون التسجيل إذ لم يكن موجوداً فى التقنين المدنى السابق ، فقد كان هذا التقنين يشتمل على النظامين معاً وإن تناثرت النصوص فى أماكن متفرقة متباعدة . وكان الخير أن يجتمع التسجيل والقيد فى نظام واحد ، وأن يلتئم شتات النصوص المتفرقة التى تعرض لكل من الأمرين . ولو فعل قانون التسجيل ذلك ، لأمكن تدارك عيب وقع فيه التقنين المدنى السابق ، وهو إبقاء بعض الحقوق العينية التبعية – رهن الحيازة العقارى وامتياز بائع العقار – خاضعة لنظام التسجيل دون نظام القيد الذى كان من الواجب أن تخضع له كل الحقوق العينية التبعية .