موسوعة المحكمه الاداريه العليا

فى دعوى البطلان الأصلية  رقم 388 لسنة 42 القضائية عليا

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

الدائرة الأولى

********

بالجلسة المنعقدة علناً فى يوم السبت الموافق 12/1/2002

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز

رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / على فكرى حسن صالح و يحيى خضرى نوبى محمد ود . محمد ماجد محمود أحمد وأحمد عبد الحميد حسن عبود

   نــواب رئيس مجلس الدولة

وحضور السيد الأستاذ المستشارالمساعد / فريد نزيه حكيم تناغو

                                                                               مفـــوض الدولة

وبحضور السيد / كمال نجيب مرسيس

                                                                             سكرتير المحكمة

 

************

 

أصدرت الحكم الآتى

فى دعوى البطلان الأصلية  رقم 388 لسنة 42 القضائية عليا

المقام من / صموئيل مشرقى رزق بصفته راعياً

لكنيسة الله الإنجيلية الخمسينية

ضــــــــــد

  • يوسف طانيوس . (2) المجلس الملى الأنجيلى .

 

*************

فى الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا

” دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات “

فى الطعن رقم 4390 لسنة 37 ق . عليا بجلسة 11/12/1994

 

**************

 

 

 

 

 

 

الإجــــــراءات :

***********

فى يوم الأربعاء الموافق 8/11/1995 أودع الأستاذ / نبيل عزيز المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن بصفته , قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بدعوى البطلان الأصلية , قيد بجدولها العمومى تحت رقم 388 لسنة 42 القضائية عليا فى الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا ” دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات ” فى الطعن رقم 4390 لسنة 37 القضائية عليا بجلسة 11/12/1994 , والقاضى فى منطوقة ” حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات ”

 

وطلب الطاعن – للأسباب الواردة فى تقرير دعوى البطلان الأصلية – الحكم بقبولها شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء قرار السحب الصادر من الجهــــة الإدارية بتاريــــخ 19/2/1975 والخاص بالقرار الصادر للطــــاعن بتاريخ 10/5/1972 بإشرافه على كنيسة الله الخمسينية الكائنة بشارع مالك ببندر المنيا وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجات التقاضى الثلاثة .

 

وقد أعلنت عريضة الدعوى على النحو الثابت بالأوراق .

 

وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الدعوى ارتأت فيه  الحكم / بعدم قبول دعوى البطلان الأصلية , وإلزام المدعى المصروفات .

 

وقد نظرت الدعــــوى أمـــــام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمــــة وبجلســـة 17/7/2000 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الأولى – موضوع ) وحددت لنظره أمامها جلسة 29/10/2000 , وتداولت نظره على النحو المبين بمحاضر الجلسات , وبجلسة 3/11/2001 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 12/1/2002 مع التصريح بمذكرات لمن يشاء خلال شهر , وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .

 

 

 

المحكمــــــــــــــــة

 

*********

بعد الاطلاع على الأوراق , وسماع الإيضاحات , وبعد المداولة .

 

 

 

 

من حيث إن الطاعن يطلب الحكم ببطلان حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 4390 لسنة 37 القضــــائية عليا الصادر بجلســـة 11/12/1994 والقضاء مجدداً فى طلباته الواردة بالطعن المذكور , وقد خلا القانون من تحديد ميعــــاد معين لإقامــــة دعــوى البطلان الأصلية فى أحكام المحكمة الإدارية العليا , ومن ثم يكون الطعن مقبولاً شكلاً , إذ استوفى أوضاعه الشكلية .

 

ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – فى أن المطعون ضده الأول ( يوسف طانيوس ) أقام ابتداء الدعوى رقم 175 لسنة 1983 – أمام محكمة بندر المنيا – طالباًً الحكم بتمكينه من تسليم الكنيسة الرسولية بالمنيا من المدعى عليه ( الطاعن ) بكافة متعلقاتها تنفيذاً لقرار المجلس الملى فى 19/12/1975 والذى تأيد بحكم مجلس الدولة فى 30/12/1980 على سند من القول أنه تقدم بشكوى إلى وكيل نيابة بندر المنيا طالباً الأمر بتنفيذ قرار المجلس الملى الإنجيلي الصادر ضد ( القس صموئيل رزق ) بتسليم الكنيسة المشار إليها إلى لجنة برئاسة القس يوسف طانيوس لإدارتها وإقامة الشعائر بها , إلا أن النيابة العامة أصدرت قراراً بالحفظ مما حدا به إقامة دعواه للحكم بطلباته سالفه البيان وبجلسة 29/3/1984 قضت محكمة بندر المنيا بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى محكمة المنيا الابتدائية التى قضت بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بأسيوط وبعد أن وردت الدعوى إلى المحكمة الإدارية بأسيوط ونظرتها قضت بعدم اختصاصها وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة حيث قيدت بجدولها برقم 5783 لسنة 39 القضائية . وأثناء نظر الدعوى طلبت المحكمة من المدعى تصحيح شكل دعواه واختصام الجهة الإدارية صاحبة الصفة فى الدعوى , فقام المدعى باختصام المجلس الملى الانجيلى بموجب عريضة تصحيح أعلنت للمدعى عليه , كما طلب فى ختام العريضة الحكم له بإلزام المدعى عليه بسداد مبلغ 15 ألف جنيه كتعويض عن عــــدم تسليمه لمقر الكنيســـة محل النزاع وبجلســة 26/10/1989 قررت محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة إحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى بأسيوط حيث قيدت بجدولها برقم 2568 لسنة 1 القضـــائية وبجلسة 31/7/1991 قضت محكمة القضاء الإدارى بأسيوط بإلزام المدعى عليه بتسليم الكنيسة محل النزاع إلى المدعى – مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمته المصروفات .

 

وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة للدفع بعدم جواز نظر الدعوى السابقة الفصل فيها على أن الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بالمنيا – المؤيد استئنافياً يتعلق بملكية مساحة 94.12 مترا من أرض الكنيسة محل النزاع , فى حين أن الدعوى الراهنة تتعلق بتنفيذ قـــــرار المجلس الملى بتسليم الكنيســـة كمكان دينى لإدارته وأقامه الشعائر

 

 

 

 

الدينية به ومن ثم تختلف الدعويان من حيث السبب والمحل مما يتعين معه رفض الدفع المشار إليه .

 

وفى الموضوع أقامت المحكمة قضاءها على أن المجلس الملى الإنجيلي – اســـتنادا على السلطـــة المخولــة لــــه بمقتضى نصوص الأمر العــالى الصــــادر فى 1/3/1902 – أصدر قراراً فى 10/5/1972 بتفويض المدعى عليه فى الأشراف على الكنيسة الرسولية بالمنيا – ثم عاد وأصدر قراراً فى 19/2/1975 بسحب قراره السابق استنادا إلى ثمة مخالفات نسبت ضد المدعى عليه مما بات يهدد الكنيسة بالتدهور ولذلك قرر المجلس الملى الأشراف على هذه الكنيسة عن طريق لجنة يرأسها المدعى , مما يجعل هذا القرار صادراً من سلطة مختصة بإصداره وقائماً على أسباب صحيحة ومستخلصة من الأوراق ومن ثم يتعين إجابة المدعى إلى طلبه الخاص بتسليم الكنيسة محل النزاع وعن طلب التعويض قضت المحكمة بأن خير تعويض للمدعى هو الحكم بتسليمه الكنيسة وإدارته لها .

 

بيد أن الطاعن لم يرتض هذا الحكم فطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 4390 لسنة 37 القضائية عليا بدعوى مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله لأسباب حاصلها أن المحكمة لم تقم ببحث المستندات التى قدمها والتى تثبت أحقيته فى إدارة الكنيسة مثار النزاع , كما أن القرار الصادر من المجلس الملى الإنجيلي بتاريخ 12/5/1972 باستلام الطاعن للكنيسة لم ينشئ مركزا قانونياً بل جاء كاشفا عن ذلك المركز والذى تحدد باستفتاء شعب الكنيسة المذكورة فى الاندماج فى كنيسة الله الخمسينية التى يرعاها الطاعن وعلى ذلك فإن المجلس الملى لم ينشئ قراراً – حتى يمكن أن يسحبه أو يلغيه وبذلك يكون قراره بإقصائه عن الإشراف على الكنيســـة فى 19/2/1975 غير صحيح وبجلسة 11/12/1994 أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكمها المطعون فيه مؤيداً ذلك الحكم الصادر من محكمــة القضاء الإدارى , مشيداً قضـاءه – بعد استعراض نصوص المــواد 4 , 9 , 21 من الأمر العالى الصـــادر فى 1/3/1902 بشأن الإنجيلين الوطنيين – على أساس أن الثابت من الأوراق أن المجلس الملى الإنجيلي استناداً إلى السلطـــة المنوطة به – أصدر قراراً فى 10/5/1972 بتفويض الطاعن فى الأشراف على الكنيسة الرسولية ببندر المنيا – إلا أنه بعد فوات ثلاث سنوات فقد لاحظ المجلس أن ثمة انقساماً حدث فى الكنيسة التى يشرف عليها الطاعن ترتب عليه عدم قدرة الكنيسة على أداء دورها الدينى كما أن الطاعن لم يلتزم باتباع التعليمات التى يصدرها المجلس الملى – مما بات يهدد الكنيسة بالتدهور الكامل وأنه لذلك قرر المجلس إعفاء الطاعن من الأشراف على الكنيسة المذكورة وإسناد الأشراف عليها لى لجنة ملية تشكل برئاسة المطعون ضده الأول وعلى ذلك فإن المجلس حينما أصدر قراره فى عام 1972 بإسناد الأشراف على الكنيسة محل النزاع إلى الطاعن ثم عاد وأصدر قراراً فى عام 1975 بإعفائه من ذلك وإسناد الأشــــراف عليها

 

 

إلى لجنة برئاسة المطعون ضده الأول , فإنه يكون بذلك قد باشر اختصاصاً مسنداً إليه بمقتضى الأمر العالى الصادر فى سنة 1902 , وهو فى مباشرته لهذا الاختصاص قد استند إلى أسباب سائغة مستخلصة استخلاصا ســــائغاً من الأوراق ولم يقـــدم الطاعن ما يدحضها أو يثبت عكسها وأنه ترتيباً على ما تقدم فإنه كان يتعين على الطاعن أن يقوم بتسليم الكنيسة وعهدتها وكافة متعلقاتها إلى اللجنة المذكورة وأضافت المحكمة أنه لا وجه لما أثاره الطاعن من أنه ما كان يجوز للمجلس الملى أن يصدر قرار فى عام 1975 بسحب قراره الصادر فى عام 1972 بعد تحصنه ذلك أن ما صدر من المجلس الملى فى عام 1972 لم يكن قراراً فردياً , ينشئ مركزا قانونياً مكتسباً بل هو من قبيل القرارات التى تصدر من الجهة المنوط بها الأشراف على الأمور الدينية والإدارية للكنائس الخاضعة لها , وهى فى ذلك تراعى ما يتفق وصالح أبناء الطائفة الإنجيلية وحسن إدارة الكنائس الإنجيلية , تجريه وفقاً لما تراه مناسباً طالما كانت بعيدة عن الهوى والانحراف , فإذا ما قدر المجلس الملى الإنجيلي أن الطاعن لم يكن جديراً بالأشراف على الكنيسة التى اسند إليه الإشراف عليها . للأسباب التى استند إليها – فأصدر قراراً بإسناد الأشراف إلى لجنة برئاسة المطعون ضده , فلا يجوز حينئذ للطاعن أن يحتج بتحصن القرار الذى صدر متضمناً إشرافه على الكنيسة .

 

ومن حيث إن مبنى الطعن على حكم المحكمة الإدارية العليا – المطعون عليه بدعوى البطلان الأصلية أنه أخطأ فى تطبيق القانون وصدر مخالفاً لما استقر عليه القضاء الإدارى والفقه الإدارى بخصوص سحب القرار الإدارى من أنه لا يجوز لجهة الإدارة إعادة النظر فى قراراتها الإدارية السليمة مستخدمة فى ذلك سلطتها التقديرية وأن سلطتها فى السحب قاصرة على القرارات الإدارية التى يعتورها عيب عدم المشروعيــــة وفى خلال المدة المحددة لذلك ( وقدرها ستون يوماً ) وعلى ذلك لا يجوز سحب القرار السليم وكذا القرار المعيب إذا تحصن بمضى المدة وإذا أغفل الحكم الطعين عن تحديد طبيعة القرار الإدارى الصادر لــه بتاريخ 12/5/1972 بالأشراف على الكنيسة الرسولية وذلك طبقاً للقانون والواقع والحقيقة وكذا طبقاً لمركزه القانونى فى الكنيسة الإنجيلية المصرية وأيضاً طبقاً لصفته كراعى لكنيسة الله الإنجيلية الخمسينية .. وتعامل مع القرار المطعون فيه كقرار إدارى مجرد . مشيراً إلى أن القرار الساحب قد صدر استناداً إلى ثمة مخالفات نسبت ضد المدعى عليه ( الطاعن ) دون الإشارة إلى هذه المخالفات التى رمى بها الطاعن حتى يتمكن من الرد على تلك المخالفات ولم يقترب من تحديد طبيعة القرار المسحوب الصادر بإشراف الطاعن على الكنيسة مثار النزاع باعتباره كان قراراً كاشفاً لا منشئاً للمركز القانونى للطاعن حيث صدر بناء على نتيجة الاستفتاء الذى أجرى لشعب هذه الكنيسة والذى عبر عن رغبته فى الانضمام للمذهب الانجيلى الخمسينى الذى يرعاه الطاعن ومن ثم فإن المركز القانونى للطاعن – طبقاً لهذه الحقائق – أمام المجلس الملى الإنجيلي هو مركز قانونى مركب وإن القرار الصــادر للطـــاعن من المجلس الملى المذكــــور بتاريخ 10/5/1972 بالأشراف على

 

 

الكنيسة المذكورة يعد قراراً سليماً , وعلى ذلك فقد أخطأ الحكم المطعون فيه بقضائه بسحب القرار المذكور دون أن يلتفت إلى المركز القانونى للطاعن فى الكنيسة المصرية الإنجيلية ورئاسته لمجمع الله الخمسينى .

 

وأضاف الطاعن سبباً أخيراً لبطلان الحكم المطعون فيه هو إخلاله بحق الدفاع حيث أودع حافظة مستندات أمام المحكمة المطعون فى حكمها تنطوى على مستندات رسمية تؤكد صفته ومركزه القانونى فى الكنيسة المصرية الإنجيلية ومن هذه المستندات شهادة برقم 11529 صادرة من المجلس الملى الإنجيلي ثابت بها أن الطاعن راع ومعتمد من رعاة كنيسة الله الخمسينية وقرار صادر من وزير العدل بتاريخ 7/6/1959 بتعيينه موثقاً لطائفة الإنجيليين الوطنيين – وشهــــادة برقم 2865 صـادرة من المجــلس الملى الإنجيلي بتاريخ 28/6/1968 تفيد أنه الممثل القانونى لكنيسة الله الخمسينية . وشهادة صادرة برقم 3543 بتاريخ 25/11/1972 من المجلس الملى الإنجيلي تقر بأن الطاعن هو رئيس مجمع الله الخمسينى ”  وأنه بالرغم من هذه المستندات فأن الحكم المطعون فيه لم يشر إلى هذه المستندات مما يعد إخلالاً بحق الدفاع .

 

ومن حيث إن المسلم به أن الحكم القضائى متى صـــدر صحيحاً يظل منتجاً لأثاره , فيمتنع بحث أسباب العوار التى تلحقه إلا عن طريق الطعن فيه بطرق الطعن التى حددها القانون على سبيل الحصر , فإذا كان الطعن غير جائز أو كان قد استغلق فلا سبيل لإهداره بدعوى أصلية لمساس ذلك بحجيته , وإنه وإن كان قد أجيز – استثناء من هذا الأصل – الطعن بدعوى بطلان أصلية فى الأحكام الصادرة بصفة انتهائية , إلا أن هذا الاستثناء – فى غير الحالات التى نص عليها المشرع , كما فعل فىا المادة 147 مرافعات – يقف عند الحالات التى تنطوى على عيب جوهرى جسيم يصيب كيانه , ويفقده صفته كحكم , وذلك بفقدان أحد أركانه الأساسية والتى حاصلها أن يصدر من محكمة تتبع جهة قضائية , وأن يصدر بما لها من سلطة قضائية فى خصومة وأن يكون مكتوباً .

 

ومن حيث قضاء هذه المحكمة جرى على أنه من المستقر عليه أن المحكمة الإدارية العليا – بما وسد لها من اختصاص فى الرقابة على أحكام مجلس الدولة – تحقيقاً للشرعية وسيادة القانون , وبما تحمله من أمانة القضاء وعظيم رسالته بغير معقب على أحكامها – تستوى على القمة فى مدارج التنظيم القضائى لمجلس الدولة فلا يكون من سبيل إلى إهدار أحكامها إلا استثناء محضاً بدعوى البطلان الأصلية , وهى دعوى لها طبيعة خاصة توجه إلى الأحكام الصادرة بصفة إنتهائية وطريق طعن استثنائي , وفى غير حالات البطلان المنصوص عليها فى قانون المرافعات المدنية والتجارية يجب أن تقف هذه الدعوى عند الحالات التى تنطوى على عيب جسيم يمثل إهدار للعدالة على نحو يفقد معها الحكم وظيفتــــــــه , وبه تتزعزع قرينـــة الصحة التى

 

 

تلازمه , أما إذا قام الطعن على أسبـــاب موضوعية تندرج كلها تحت احتمالات الخطأ والصواب فى تفسير القانون وتأويله , فإن هذه الأسباب لا تمثل إهدار للعدالة يفقد معها الحكم وظيفته . وبالتالى لا تصمه بأى عيب ينحدر به إلى درجة الانعدام وهى مناط قبول دعوى البطلان الأصلية .

 

ومن حيث إنه متى كان ما تقدم وكان الحكم المطعون عليه قد صدر صحيحاً ومطابقاً للأوضاع والإجراءات الشكلية الجوهرية والموضوعية المنصوص عليها قانوناً ولم يعتوره أى سبب يفقده صفته كحكم , أو يفقده أحد أركانه الأساسية , ومن ثم يكون ذلك الحكم صحيحاً ومطابقاً للقانون , ولا محل للطعن فيه بدعوى البطلان الأصلية .

 

ومن حيث إنه لا وجه لما أثاره الطاعن – كسبب لدعـــواه وأساس لنعية – من ترديده لذات أوجه النعى التى ساقها على حكم محكمة أول درجة للنفى على حكم المحكمة الإدارية العليا محل دعوى البطلان الراهنة بخصوص النعى على القرار الساحب المطعون فيه لصدوره بعد تحصن القرار المسحوب على النحو السالف الذكر , ذلك أن كل ما ساقه الطاعن من أوجه نعى فى تقرير الطعن فى هذا الخصوص لا يصلح فى ذاته سبباً وأساساً لدعوى البطلان الأصلية لكونه , إن صح جدلاً , من الأسباب الموضوعية التى تندرج تحت احتمـــالات الخطأ والصواب فى تحصيل الواقع وتفسير القانون وتأويله , وهو ما لا يشكل بذاته , إهداراً للعدالة من شأنه أن يفقد معه الحكم وظيفته , كما لا يصم الحكم المطعون فيه بالانعدام الذى هو مناط قبول دعوى البطلان الأصلية , فمن المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أن دعوى البطلان الأصلية ليست , ولا يجب أن تكون , مجالاً أو مناسبة لمعاودة المجادلة فيما قضى به الحكم الصادر من ( المحكمة الإدارية العليا التى تستوى على القمة فى مدارج التنظيم القضائى لمجلس الدولة باعتباره قاضى المشروعية الناطق بكلمة الحق والقانون .

 

ومن حيث إنه لا وجه لما ذهب إليه الطاعن من أن الحكم المطعون فيه أغفل الإشارة إلى المستندات الرسمية التى انطوت عليها حافظة مستنداته التى تقدم بها إلى المحكمة والتى تثبت صفته القانونية ومركزه القانونى فى الكنيسة الإنجيلية مما يعد إخلالاً بحق الدفاع , ذلك أنه لما كان البين من الأوراق أن الطاعن أودع أمام محكمة أول درجة حافظة مستندات انطوت على المستندات المشار إليها وقد قضت تلك المحكمة بحكمها سالف الذكر , وقد طعن على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا , فأنه يترتب على طعنه على هذا الحكم نقل الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا بما سبق أن أبداه الطاعن المذكور أمام محكمة القضاء الإدارى من دفوع وأوجه دفاع وتعتبر مطروحة أمام محكمة الطعن للفصل فيها بمجرد رفع الطعن وعلى محكمة الطعن أن تفصل فيها مادام أن الطاعن لم يتنازل عن التمسك بشئ فيها صراحة أو ضمنا , وإذا كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه ومن الأوراق أن الطـــــاعن أشار فى تقرير

 

 

طعنه على حكم محكمة أول درجة إلى عدم بحث تلك المستندات , وقد أورد الحكم المطعون فيه فى أسبابه الآتى : ( ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله ذلك أن المحكمة لم تقم ببحث المستندات التى قدمها الطاعن والتى تثبت أحقيته فى إدارة كنيسة الله الخمســــينية , ومن بين هذه المســـتندات قرار رئيس الجمهورية رقم 1633 لسنة 1973 بإقامة كنيسة الله الخمسينية الإنجيلية – بروض الفرج بالقـــاهرة وأن الطاعن هو راع لها , وقرار وزير العــــدل الصادر فى 7/6/1959 بتعيين الطاعن موثقاً للطائفة الإنجيلية الوطنية , وشهادات صادرة من المجلس الملى الانجيلى العام تفيد صفة الطاعن ) .

 

ومن ثم فإن المستندات التى تقدم بها الطاعن أمام المحكمة المطعون فى حكمها – والتى سبق أن تقدم ببعضها أمام محكمة القضاء الإدارى وأشار إليها الحكم المطعون فيه فى أسبابه كانت تحت بصر الحكم , ومن ثم فلا وجه للقول بأن المحكمة قد أغفلت هذه المستندات , فضلاً عن أن تلك المستندات غير مؤثرة فى الدعوى , وليس من شأنها أن تحول دون إصـــدار القرار المطعـــون فيه , وتمسك الطاعن بدلالتها لا يفيده لانقطاع صلتها بالنزاع الماثل والذى يتعلق بإدارة كنيسة إنجيلية محل النزاع , وهذه المسألة تدخل فى اختصاص المجلس الملى للإنجيليين المختص بإدارة الكنائس طبقــاً للأمر العــــالى الصــــادر فى 1/3/1902 بشأن الإنجيليين الوطنيين – كما ذهب الحكم الطعين – والمجلس الملى المذكور هو الذى قرر إعفاء الطاعن من الأشراف على إدارة الكنيسة المذكورة وإصدار قراره المطعـــون فيه – ولم يثبت أن زاحمه آخرين وأختار المجلس الملى المذكور غيره – وعلى ذلك فإن الأمر غير متعلق بالترجيح بين قساوسة يتساوون فى مراكز قانونية متشابهة ومن ثم فإن المستندات التى أرتكن إليها الطاعن غير مؤثرة ولا تتعلق بالقرار المطعون فيه ومن ثم فإن عدم أشارة الحكم الطعين إلى هذه المستندات والتفاته عن التحدث عنها لا يعد إخلالاً بحق الدفاع , حيث إن المحكمة غير ملزمة بتتبع أوجه دفوع ومناحى دفاع الخصوم فى كل جزئياتها ومستنداتهم والرد عليها استقلالا وإنما يكون لها الحق فى تحصيل فهم الواقــع فى النزاع وتقدير ما يقدم إليها من مستندات وأدلة . والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه واستخلاص الحقيقة منها على أن يصدر حكمها مسبباً بأسباب كافية لحمل قضائه , على نحو يرتبط معه منطوق الحكم بالأسباب المحددة الواضحة التى تحمل هذا المنطوق وتبرره من حيث الواقع والقانون .

 

ومن حيث إنه – متى استبان ما تقدم , وكان الثابت , على نحو ما سلف بيانه – أنه لم تتوفر فى دعوى البطلان الأصلية الماثلة موجبات قبولها , إذ لم يثبت أن الحكم المطعون فيه قد انطوى على عيب جسيم يمثل إهداراً للعدالة ينحدر به إلى درجة الانعدام , ومن ثم تكون تلك الدعوى غير قائمة على سند صحيح من الواقع والقانون مما يتعين معه القضاء برفضها .

 

 

ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصــروفاته عملاً بحكم المادة 184 مرافعات .

 

” فلهـــــــــــذه الأســــــــباب “

 

***********

        حكمت المحكمة :

 

برفض الدعوى ببطلان الحكم الصادر من هذه المحكمة فى الطعن رقم 4390 لسنة 37 القضائية عليا , وألزمت الطاعن المصروفات .

 

  

سكرتير المحكمــــــــة                                        رئيس المحكمـــــــــــة       

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى