موسوعة المحكمه الاداريه العليا

انتخابات عمد ومشايخ مجلس

(ب) القانون رقم 73 لسنة 1956 م بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية – القيد في جداول الانتخاب يتم قانوناً لكل مصري ومصرية بلغ ثمان عشرة سنة  ميلادية وهذا القيد هو سند للأهلية السياسية – القانون حرص على أن يحكم تنظيم أمر القيد بجداول الانتخاب وحدد على سبيل الحصر الحالات التي يسقط فيها القيد أو يوقف

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد أمين المهدى ومحمود عبد المنعم موافى نواب رئيس المجلس الدولة

 

* إجراءات الطعن

 

فى يوم الأربعاء الموافق 21 من نوفمبر سنة 1990 أودع الأستاذ/ محمد ضبع أبو قفة المحامى بصفته وكيلا عن السيد/ على سنوسى اسماعيل، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، قيد بجدولها تحت رقم 163 لسنة 37 القضائية، فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بأسيوط بجلسة 18 من نوفمبر سنة 1990 فى الدعوى رقم 180 لسنة 2 القضائية القاضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات والأمر بتنفيذ الحكم بموجب مسودته وبغير إعلان. وطلب الطاعن للأسباب المبينة تفصيلاً بتقرير الطعن، الحكم أولا: بقبول الطعن شكلاً، وثانيا: بإيقاف الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى – دائرة أسيوط – بجلسة 18 من نوفمبر سنة 1990 فى الدعوى رقم 180 لسنة 2 القضائية فى شقه المستعجل والقاضى بوقف تنفيذ القرار الصادر من لجنة قبول الطعون والاعتراضات بمحافظة المنيا بإدراج اسم على سنوسى إسماعيل كمرشح لعضوية مجلس الشعب عن عام 1990 عن دائرة مركز المنيا (فئات) وذلك نظراً لتوافر شروط الجدية والاستعجال وحتى لا يتعذر تدارك الأمر فضلا عن توافر المشروعية ذلك أن الانتخابات محدد لإجرائها يوم 29 من نوفمبر سنة 1990، وثالثا: تنفيذ الحكم الصادر بالإيقاف بموجب مسودته بغير إعلان للأسباب الواردة بالعريضة.

وقد أعلن الطعن للجهة الإدارية، المطعون ضدها، قانوناً. وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى مسبباً فى الطعن ارتأت فيه الحكم بعدم قبول الطعن وإلزام الطاعن المصروفات.

وقد تحد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 24 من نوفمبر سنة 1990 وبها أقام السيد/ محمد محمود (المدعى بالدعوى رقم 180 لسنة 2 القضائية) بالتدخل فى خصومة الطعن. وقد نظرت الدائرة الطعن على النحو الثابت بالمحاضر وقررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) وحددت لنظره جلسة 25 من نوفمبر سنة 1990، وبها استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات على النحو الثابت تفصيلاً بالمحاضر، وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وبها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

 

* المحكمة

 

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.

من حيث أن عناصر المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق،  فى أنه بتاريخ 14 من نوفمبر سنة 1990 أقام السيد/ محمد محمود مصطفى الدعوى رقم 180 لسنة 2 القضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بأسيوط ضد السيد وزير الداخلية، طالباً الحكم أولاً: بإلغاء قرار لجنة الطعون بمحافظة المنيا والأمر برفض شطب اسم السيد/ على سنوسى إسماعيل من قائمة مرشحى مجلس الشعب مع إلزام المطعون ضده المصروفات وثانيا: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار لجنة قبول طلبات الترشيح لعضوية مجلس الشعب عن دائرة مركز المنيا باعتبار السيد / على سنوسى إسماعيل مرشحاً لعضوية مجلس الشعب عن دائرة مركز المنيا مع إلزام المطعون ضده المصروفات. وأقام المدعى دعواهع على سند من القول بأن  القرار الصادر بجلسة 10 من نوفمبر سنة 1990 من لجنة الطعون برفض الطعن على قبول ترشيح السيد/ على سنوسى  إسماعيل لعضوية مجلس الشعب وذلك للأسباب الآتية: أولا: الخطأ فى تطبيق القانون، وأساس ذلك أن المادة السادسة من القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب المعدلة بالقانون رقم 201 لسنة 1990 نصت على وجوب أن ترفق بطلب الترشيح المستندات التى يحددها وزير الداخلية بقرار منه، ومنها، حسب التحديد الذى صدر به قرار وزير الداخلية المؤرخ 14 من أكتوبر سنة 1990، شهادة الانتخاب التى تدل على القيد بأحد جداول الانتخاب أو شهادة رسمية من المأمور المختص بأن المرشح مقيد بأحد هذه الجداول، والثابت من أوراق ترشيح السيد/ على سنوسى إسماعيل المقدمة إلى لجنة فحص الطلبات إقراره بأنه غير مقيد بجداول انتخاب دائرة المركز. وثانيا: الفساد فى الاستدلال ذلك أن استناد لجنة تلقى الطلبات فى قبول ترشيح السيد المذكور على واقعة سابقة عضويته بالمجلس المحلى لمحافظة المنيا سنة 1975، لا تنهض بديلا عن وجوب ثبوت قيد اسمه فى كشوف الناخبين، وعلى ذلك وإذ أيدت لجنة الطعون قرار لجنة تلقى الطلبات فإنها تكون بذلك قد سايرت هذه اللجنة الأخيرة فى الاستدلال الفاسد والمخالف للثابت بالأوراق وانتهى المدعى إلى الطلبات المشار إليها.

وقد نظرت محكمة القضاء الإدارى بأسيوط الدعوى بجلسة 17من نوفمبر سنة 1990 وبها حضر المدعى والجهة الإدارية بمحامين وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 18 من نوفمبر سنة 1990، وبها أصدرت الحكم المطعون فيه، وأقامت قضاءها، فى مجال استظهار ركن الجدية، على أن المستفاد من أحكام التشريعات المنظمة للترشيح لعضوية مجلس الشعب أنه يشترط لقبول أوراق الترشيح تقديم مستندات منها شهادة انتخاب تدل على أن المرشح مقيد بأحد الجداول الانتخابية أو شهادة من المأمور المختص تفيد قيدهـ، فإذا كان ذلك وكان البادى من ظاهر الأوراق والمستندات المقدمة ضمن حافظة مستندات الجهة الإدارية أن الطلب المقدم من السيد/ على سنوسى إسماعيل للترشيح قد خلا من بيان رقم قيده فى جدول الانتخاب بالجهة المقيد اسمه فيها وهى تله مركز المنيا، كما وأن شيخ الناحية قد أفاد بأنه بالبحث بدفاتر قيد الناخبين تبين عدم قيد اسمه وقد خلت الأوراق من دليل يفيد قيده فى جداول الانتخابات فى الناحية التى رشح نفسه بها أو فى أية ناحية أخرى وكان ترشيحه لانتخابات المجلس المحلى عام 1975 وفوزه بعضويته يقوم قرينة على قيده بجدول الانتخاب إلا أن هذه القرينة الضمنية تدحضها الشهادة المقدمة من شيخ الناحية الموجودة بعهدته دفاتر القيد، فإنه بالترتيب على ذلك يكون إدراج اسم السيد/ على سنوسى إسماعيل عامر كمرشح لعضوية مجلس الشعب، بحسب الظاهر، قد تم على خلاف حكم القانون. وانتهى الحكم المطعون فيه إلى القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المحكمة الجهة الإدارية المصروفات وأمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته وبغير إعلان.

ومن حيث انه عن مدى جواز قبول الطعن الماثل شكلاً، فالثابت من الأوراق أن الطاعن (السيد/ على سنوسى إسماعيل) لم يكن ممثلا فى الدعوى رقم 180 لسنة 2 القضائية التى صدر بشأنها الحكم المطعون فيه. وإنه ولئن كان للدائرة المنصوص عليها فى المادة (54) مكرراً من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 والمعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1984 قضاء مفاده أن طعن الخارج عن الخصومة فى الحكم الصادر فى المنازعة الإدارية بكافة أنواعها ومنها دعوى الإلغاء وأيا كان الحكم الصادر سواء بالالغاء أو بغير ذلك فى دعوى الإلغاء  وغيرها من أنواع المنازعات الإدارية وكذلك المنازعات التأديبية إلى محكمة الطعن يكون غير جائز قانوناً سواء كان الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا فيما يُطعن فيه أمامها من أحكام أو أمام محكمة القضاء الإدارى فيما يُطعن فيه أمامها فى أحكام طبقاً للقانون. (الحكم الصادر بجلسة 12 من أبريل سنة 1987 فى الطعنين رقمى 3382 و 3387 لسنة 29 القضائية)، إلا أن هذا القضاء الذى يرسى الإطار الإجرائى العام الذى يحكم المنازعات الإدارية والتأديبية عموماً ليس فيه ما يقيد المحكمة الإدارية العليا فى الطعن الماثل فلا جدال فى أن هذه المحكمة بذاتها، من قبل ومن بعد، قاضى المشروعية الأول والحامية لحمى الحقوق الدستورية العامة للمواطنين والأمنية على الالتزام بمبدأ الشرعية وسيادة القانون ولها أن تنزل حكم الدستور والقانون على ما يعرض أمامها من طعون تتعلق أساساً بالمنع أو الانتقاص أو التقييد لحق من الحقوق العامة الدستورية للمواطنين والتى تلحق وتتصل بالمواطن فلا يزايله أى من هذه الحقوق إلا على النحو الذى يحكم الدستور – أو القانون تنظيمه وبيانه فالمنازعات المتعلقة بحق من الحقوق الدستورية العامة، وفى مقدمتها حق الانتخاب والترشيح، ومهما اصطبغت مثل هذه الطعون، بحكم اللزوم. بالصبغة الخاصة بالمنازعات الإدارية بحسبانها فى ظاهرها منازعة تمثل الجهة الإدارية أحد أطرافها، فإنها فى حقيقتها، متى قامت فى أساسها واستقام كيانها على طلب دفع عدوان يتمثل فى انتقاص أو تقييد أو حرمان مواطن مصرى من حقوق عامة مقررة له بالدستور، تتمخض خصومة يكون هذا المواطن هو صاحب المصلحة والشأن الأول كإنسان مصرى فيها، فلا تقوم المنازعة صحيحة ولا تستوى فى الواقع والقانون إلا متى كان مختصماً وماثلاً فيها، حاضراً بها، وإن تخلف بعد صحيح إعلانه بإجراءاتها، وإلا كان فى تنحيته عنها، سواء تم ذلك بفعل الخصوم أو بإهمالهم، ما يشكل عدواناً صارخاً على حقوق الدستورية العامة دون إتاحة الفرصة له لمباشرة حقه الدستورى فى الدفاع عن هذه الحقوق وهذا العدوان والذود عن المراكز القانونية والحقوق المقررة له كمواطن أو إنسان.

وحيث انه فى خصوصية المنازعة الماثلة فالثابت من الأوراق أن السيد/ محمد محمود مصطفى (المتدخل فى الطعن الماثل) قد أقام الدعوى رقم 280 لسنة 2 القضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بأسيوط كمدع طالباً وقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بقبول أوراق ترشيح السيد/ على سنوسى إسماعيل لعضوية مجلس الشعب ومن ثم فإن محل هذه الدعوى هو حق المواطن المذكور فى الترشيح لمجلس الشعب وهو الحق الذى قضت المادة (62) من الدستور بشأنه أن “للمواطن حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأى فى الاستفتاء وفقا لأحكام القانون ومساهمته فى الحياة العامة واجب وطنى”، وقد اقتصر المدعى المذكور على اختصام وزير الداخلية وحده بتلك الدعوى رغم أن الأمر يتعلق أساساً ومباشرة بحق السيد / على السنوسى إسماعيل فى مباشرة حقه الدستورى فى الترشيح لمجلس الشعب، وهو حق لم تنازع فيه الجهة الإدارية بعد إذ قررت اللجان المُشكلة بالتطبيق للأحكام التشريعية المنظمة لعملية الترشيح، قبول أوراق ترشيحه فى الطعن الذى نظرته وكان مقدماً منه للجنة المختصة ومثل أمامها المتدخل فى الطعن الماثل.

ومن حيث انه نتيجة لقبول أوراق ترشيحه تكون الجهة الإدارية، عن طريق الهيئات الإدارية ذات الاختصاص القضائى، قد استنفدت الاختصاص المقرر لها فى شأن قبول طلب الترشيح، كما يكون السيد/ على سنوسى إسماعيل قد استقر له مركز قانونى ذاتى فى مواجهة المتدخل فى هذا الطعن فى شأنه قبول ترشيحه فلا يكون من ثم من السائغ المساس نتخاب كمواطن مصرى يكون مستغلقاً عليه ومتمنعاً عنه. وأساس ذلك، على ما سبق بيانه، أن المنازعة الماثلة، وإن اصطبغت بالسمة العامة للمنازعة الإدارية إلا أنها فى حقيقتها وجوهرها خلف بين شخصين حول مدى أحقية مواطن مصرى فى ممارسة حقوقه الدستورية العامة، فلا يكون التداعى بشأن هذا الخلف أو الفصل فيه دون أن يختصم ويحتل قانوناً ذو الشأن صاحب الصفة والمصلحة الأولى وإلا كان فى ذلك مخالفة للنظام العام الدستورى وللنظام العام القضائى المصرى، وغنى عن البيان أن الجهة الإدارية، فى المنازعة الماثلة، ليست هى صاحبة المصلحة الوحيدة أو الأولى فى وجه الفصل فى هذا الخلف بل إن ما صدر فى شأنه تقرير أحقية السيد/ على سنوسى إسماعيل فى الترشيح لعضوية مجلس الشعب إنما صدر من لجان إدارية ذات اختصاص قضائى مشكلة تشكيلاً خاصاً برئاسة أحد المستشارين أعضاء الهيئات القضائية، فى منازعة بين شخصين محددين بذاتيهما، ومن ثم فإن الطابع الإدارى للمنازعة يتوارى خلف طبيعة المنازعة بين الشخصين، مراعاة للطبيعة المتميزة والهامة للحقوق الدستورية العامة التى يقررها الدستور وينظمها القانون للمواطن (وهو فى واقعة المنازعة الماثلة الطاعن بالطعن الماثل)، وبهذه المنازعة فإن النعى على الحكم المطعون فيه يكون جائزاً ومقبولاً من صاحب الشأن إعمالاً لحكم المادة (44) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 والتى تجرى عبارتها بأن “ميعاد رفع الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ستون يوماً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه. ويقدم الطعن من ذوى الشأن بتقرير يودع قلم كتاب المحكمة ….”، السيد/ على سنوسى إسماعيل هو صاحب شأن، بل صاحب الشأن الأول، إن لم يكن الأوحد، فى الطعن على الحكم المطعون فيه.

ومن حيث انه لا وجه للدفع بأن تقرير الطعن قد شابه البطلان، لعدم تضمنه طلب إلغاء الحكم المطعون فيه إلى جانب ما ورد به من صريح طلب وقف تنفيذه، ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن العبرة فى الطلب هى بحقيقته وليست بعباراته وألفاظه وأنه على المحكمة أن تنزل على الطلبات فى الدعوى أو الطعن، صحيح تكييفها القانونى حسبما تستظهره من نية الخصوم واتجاه إرادتهم الحقيقية بشأنها، فالأصل أن العبرة بالمقاصد والمعانى وليس بالالفاظ والمبانى، فإذا كان ذلك وكان الطاعن قد صدر تقرير الطعن بعبارة “يستند الدفاع إلى أسباب قانونية وواقعية تؤدى إلى انعدام الحكم المطعون فيه وفساد أسبابه..” فإن هذه العبارة تكشف بما لا شك ولا مراء فيه عن انصراف نية الطاعن لا إلى إلغاء الحكم المطعون فيه وحسب، بل إلى تقرير انعدامه أصلاً. فإذا كان ذلك وكان قد أورد الطاعن فى طلباته أنه يطلب الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، فإنه يكون قد كشف عن حقيقة قصده واتجاه نيته وإرادته إلى طلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه جميعا.

ومن حيث انه بناء على ذلك يكون الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية مما يتعين معه الحكم بقبوله شكلاً.

ومن حيث أن تدخل السيد/ محمد محمود مصطفى فى الطعن الماثل قد تم على نحو ما يقرره القانون فإنه يتعين الحكم بقبول تدخله.

ومن حيث انه عن موضوع المنازعة، وبالقدر اللازم للفصل فى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفى الحدود التى يصل فيها  الحكم الطعين، فالثابت من الأوراق أن السيد/ على سنوسى اسماعيل عامر كان قد تقدم لرئيس لجنة تلقى طلبات الترشيح لعضوية مجلس الشعب بمحافظة قنا طالباً إصدار القرار بقبول أوراق ترشيحه، وبتاريخ 31 من أكتوبر سنة 1990 قررت اللجنة الموافقة على قبول ترشيحه تأسيساً على أنه وإن لم يستطع الحصول على رقم قيده فى الجدول رغم اشتراط  ذلك قانوناً إلا أنه ولما كان القيد المشترط للترشيح لا يستوجب قيداً فى أحد الجداول التى أعدت فى تاريخ محدد، وإنما أطلق ذلك بغير تحديد، وأنه لما كانت الجداول الانتخابية متصلة لا ينقطع القديم منها بالحديث من ثم فإذا ثبت قيام القيد بأى منها عُد ذلك قيداً يعول عليه ويؤخذ به، ولما كان ذلك وكان طالب الترشيح سبق أن تقدم للمجلس الشعبى المحلى لمحافظة المنيا وشرط التقدم لهذا الترشيح هو أيضا ثبوت القيد بالجداول الانتخابية ولم يقم فى حقه أى سبب من أسباب سقوط القيد. ومن ثم فقد بات ثابتاً أن طالب الترشيح كان مقيداً بالجدول الانتخابى ولا يقوم فى حقه ولا يقلل منه تلف الجداول أو عدم الحفاظ عليها أو عدم صحة ضبطها. وبتاريخ 5 من نوفمبر سنة 1990 تقدم السيد/ محمد محمود مصطفى (المتدخل فى الطعن الماثل) إلى لجنة فحص الطعون الانتخابية لمرشحى مجلس الشعب عن محافظة المنيا طاعنا فى قرار قبول ترشيح السيد/ على سنوسى اسماعيل كمرشح مستقل عن دائرة مركز المنيا “فئات” تأسيساً على أن أوراق ترشيحه قبلت رغم عدم استكمالها الشكل القانونى ودلل على ذلك بأن هذه الأوراق خلت مما يفيد قيده بجداول الانتخاب بالدائرة التى رشح فيها أو فى غيرها واستعاض عنها بشهادة صادرة من السيد/ رئيس المجلس المحلى لمحافظة المنيا تفيد عضويته بالمجلس المشار إليه خلال دورة سنة 1975، مما يخالف حكم قانون مجلس الشعب وتعليمات وزارة الداخلية الصادرة فى شأن تنفيذه. وبتاريخ 10 من نوفمبر سنة 1990 انعقدت لجنة الطعون برئاسة المستشار/ أحمد رفعت وعضوية الأستاذ/ الأمير فياض الرئيس بالمحكمة والعميد محمد عباس عن مديرية الأمن، وقد حضر الخصمان (السيدان/ محمد محمود مصطفى، وعلى سنوسى إسماعيل) بتلك الجلسة وبعد سماع أقوالهما قررت اللجنة قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه وإدراج اسم على سنوسى إسماعيل عامر كمرشح لعضوية مجلس الشعب عن عام 1990 بصفة “فئات” وفقاً لطلب الترشيح المقدم منه المؤرخ 31 من أكتوبر سنة 1990 بدائرة مركز المنيا بمحافظة المنيا. وقد أقامت تلك اللجنة قرارها، على نحو ما جاء بأسبابه، على أنه طبقا للمادة (4) من القانون رقم 73لسنة 1956 الخاص بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية  المعدل بالقوانين أرقام 23 لسنة 1972، 76 لسنة 1976 و 41 لسنة 1979، فإنه يجب أن يقيد فى جداول الانتخاب كل من له مباشرة الحقوق السياسية من الذكور والإناث، وإنه ولما كان الثابت أن السيد/ على سنوسى قد رشح فى سنة 1975 لعضوية المجلس الشعبى لمحافظة المنيا وفاز بعضوية ذلك المجلس بما مفاده ضمناً قيده بجداول الانتخاب ذلك لأن القيد شرط مفترض وسابق على الترشيح، خاصة وأنه من المقرر أن القيد يستمر فى حق المقيد طالما لم يلحق به سبب من أسباب المنع من مباشرة الحقوق السياسية أو وقفها قانوناً على نحو ما ينظمه القانون المشار إليه. واستطردت اللجنة بيان أنها لا تعول على ما جاء بأقوال الطاعن بمذكرته المرفقة بالأوراق لأنها جاءت وسيلة بلا دليل عليها كما لا تعول على أقوال رجل الإدارة شيخ ناحية تله مركز المنيا لأن المرشح ليس مهيمناً على كشوف القيد وليس مسئولاً عن إهمال القائمين عليها، وكفاه إثبات قيد اسمه فى تلك الجداول الانتخابية وفقاً لما سلف بيانه.

ومن حيث أنه بالاطلاع على القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية يبين أن المادة (1) من القانون تفرض على كل مصرى ومصرية بلغ ثمانى عشرة سنة أن يباشر بنفسه الحقوق السياسية على النحو وبالشروط المبينة بالقانون. وتنظم المادتان (2)، (3) من القانون حالات الحرمان من مباشرة الحقوق السياسية وحالات وقف مباشرة تلك الحقوق بينما تنص المادة (4) على أنه “يجب أن يقيد فى جداول الانتخاب كل من له مباشرة الحقوق السياسية من الذكور والإناث مع ذلك لا يقيد من اكتسب الجنسية المصرية بطريق التجنس إلا إذا كانت قد مضت خمس سنوات على الأقل على اكتسابه إياها “وتجرى عبارة المادة (5) بأن “تنشأ جداول انتخاب يقيد فيها أسماء الأشخاص الذين تتوافر فيهم شروط الناخب فى أول ديسمبر من كل سنة ولم يلحق بهم أى مانع من موانع مباشرة الحقوق السياسية ..” وتنص المادة (7) على أن “تقوم النيابة العامة بإبلاغ وزارة الداخلية بالأحكام النهائية التى يترتب عليها الحرمان من مباشرة الحقوق السياسية أو وقفها، وفى حالة فضل العاملين فى الدولة أو النظام العام لأسباب مخلة بالشرف تقوم الجهة التى كان يتبعها العامل بهذا الإبلاغ ويجب أن يتم الإبلاغ فى جميع الحالات خلال خمسة عشر يوماً من التاريخ الذى يصبح فيه الحكم أو القرار نهائياً وتنص المادة (15) على أنه “لكل من أهمل قيد اسمه فى جداول الانتخاب بغير حق أو حدث خطأ فى البيانات الخاصة بقيده أو توافرت فيه شروط الناخب أو زالت عنه الموانع بعد تحرير الجداول أن يطلب قيد اسمه أو تصحيح البيانات الخاصة بالقيد. ولكل ناخب مقيد اسمه فى جداول الانتخاب أن يطلب قيد اسم من أهمل بغير حق أو حذف اسم من قيد من غير حق أو تصحيح البيانات الخاصة بالقيد..”.

ومن حيث أن مفاد النصوص السابقة أن القيد فى جداول الانتخاب يتم قانوناً بالنسبة لكل مصرى ومصرية بلغ أو بلغت ثمانى عشرة سنة ميلادية، وهذا القيد هو سند ودليل للأهلية السياسية التى يقررها القانون وتتيح ممارسة المواطن لحقوقه وواجباته السياسية العامة، فبدون هذه الأهلية السياسية يصبح منبتاً عن الحياة السياسية العامة بمنأى عن أداء دور فيها. ومن ثم فقد حرص القانون، تنفيذا لحكم الدستور القاضىت بأن السيادة للشعب وحده، وهو بعد مجموع المواطنين ذوى الأهلية السياسية، يمارسها ويحميها ويصون الوحدة الوطنية على الوجه المبين بالدستور، على أن يحكم تنظيم أمر القيد بجداول الانتخاب فجعل هذا القيد واجباً بالنسبة لكل مصرى ومصرية بلغ أو بلغت ثمانى عشرة سنة ميلادية، كما حدد على سبيل الحصر الحالات التى يسقط فيها القيد أو يوقف، وكلها حالات استثنائية ترد على أصل عام هو الحق فى القيد، وطالما تم القيد صحيحاً فقد ثبت قيامه ودلالته على توفر الأهلية السياسية للمواطن المصرى مهما استطالت مدته، ما لم يقم سبب من الأسباب المحددة على سبيل الحصر والتى تجيز الحرمان من مباشرة الحقوق السياسية أو وقفها. وبالترتيب على ذلك، فإنه وفى خصوصية المنازعة الماثلة، وإذ كان البادى من ظاهر الأوراق أن الطاعن قد سبق أن انتخب بالمجلس المحلى لمحافظة المنيا سنة 1975، الأمر الذى لا يجادل فيه الخصوم، فإن هذا الانتخاب يكشف بذاته عن سابقة قيده بجداول الانتخاب باعتبار ذلك شرطاً لازماً لقبول ترشيحه وانتخابه بالمجلس المحلى المشار إليه. وبناء على ذلك، وطالما لم يثبت توافر سبب من أسباب الحرمان من الحقوق السياسية أو وقفها فى حق الطاعن، الأمر الذى لا يفترض ما لم يقم عليه دليل جدى وحاسم لوروده على خلاف أصل عام ولمساسه بحق من الحقوق الدستورية العامة للمصريين وإذا كان ذلك كذلك، فإنه لا يكون مقبولاً أن ينال – ما قد يكون من خطأ أو إهمال قام فى حق ا لجهة الإدارية القائمة على حفظ كشوف القيد، بفرض توافر هذا الخطأ أو الإهمال – من حق دستورى أساسى لمواطن مصرى فى الانتخاب وفى الترشيح لعضوية مجلس الشعب، بما مؤداه إهدار أحكام مباشرة حقوقه السياسية دون ما سند من الدستور أو القانون، بما يترتب على ذلك من حرمانه من الاسهام بدوره كناخب أو مرشح فى إقامة صرح الديمقراطية الذى لا يتأتى إقامته إلا بالإسهام الإيجابى لمجموع المواطنين فى الحياة السياسية العامة فى ظل التعددية الحزبية التى نص عليها صراحة الدستور، وإذا كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بغير هذا النظر فإنه يكون قد جانب صحيح حكم القانون وتعين القضاء بإلغائه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه لعدم قيامه، بحسب الظاهر، على أساس من صحيح الواقع وحقيق القانون.

ومن حيث أن من يخسر الدعوى يلزم مصروفاتها إعمالاً لحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

 

* فلهذه الأسباب

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبقبول تدخل السيد/ محمد محمود مصطفى فى الطعن، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعى المصروفات عن الدرجتين وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان.

 

 

 

نص المادة 21 من القانون رقم 95 تسنه 1980 بإصدار قانون حماية القيم من العيب – على انه يتعين على الجهات المختصة بالاشراف على الانتخابات لعضوية المجالس الشعبية المحلية أو لرياسة أو عضوية مجالس إدارة التنظيمات النقابية أو اتحادات الأندية أو الهيئة أو الشركات العامة أو المؤسسات المصرفية أو الجمعيات ..اخطار المدعى العام الاشتراكى باسماء المرشحين فور اقفال باب الترشيح على أن يتم تحديد موعد الانتخابات بعد شهر على الأقل من تاريخ اخطاره – رتب القانون جزاء البطلان عن كل عملية انتخاب تتم بالمخالفات لما تقدم – الرقابة الاجتماعية التى يتولاها المدعى العام الاشتراكى على العمليات الانتخابية تتحقق أيضا وبصورة متعادلة أن تمت بعد الانتهاء من عملية الانتخاب وفرز الأصوات وإعلان نتيجة الانتخاب واخطار الجهات المسئولة عنها لاعتمادها – تعتبر الاجازة اللاحقة متعادلة مع الموافقة السابقة متى تحققت الغاية من الإجراء فى الحالتين على نحو متعادل ولا سيما إذا كان الإجراء الشكلى الذى أوجبه القانون وتمت مخالفته غير مقصود بذاته وكانت الغاية منه قد تحققت – أساس ذلك – تطبيق.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف ابراهيم الشناوى رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد وعزيز بشاى سيدهم والدكتور حسين توفيق وحسن حسنين على. المستشارين.

 

* إجراءات الطعن

 

فى يوم الأحد الموافق 5/4/1981 أودع الوكيل عن رئيس مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد فى جدول المحكمة برقم 700 لسنة 27 ق ضد المهندس وفاء حامد حجازى فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة منازعات الأفراد والهيئات بجلسة 3/3/1981 فى الدعوى رقم 466 لسنة 35 ق والذى قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات. وطلب الطاعن للأسباب الواردة فى تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبالغائه فيما قضى به من وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعى بالمصروفات. وقد أعلن تقرير الطعن فى 25/4/1981. وعقبت هيئة مفوضى الدولة على الطعن بتقرير بالرأى القانونى مسببا ارتأت به الحكم بقبول الطعن شكلا وبرفضه بشقية موضوعا وإلزام الطاعن بالمصروفات. وتحدد لنظر الطعن جلسة 1/2/1982 أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التى تداولته بالجلسات على على النحو الثابت فى المحاضر وبجلسة 17/5/1982 قررت احالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الأولى ) وحددت لنظره جلسة 19/6/1982 وتأجل نظر الطعن اداريا لجلسة 6/11/1982 وفيها قررت المحكمة ارجاء إصدار الحكم فى الطعن لجلسة اليوم، وقد صدر الحكم بجلسة اليوم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

 

* المحكمة

 

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.

من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه القانونية.

ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن فى ان المهندس وفاء حامد حجازى أقام الدعوى رقم 466 لسنة 35 ق أمام محكمة القضاء الإدارى وطلب فى ختامها الحكم بقبولها شكلا وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر بنتيجة انتخابات رئيس وأعضاء مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية التى أجريت فى 12/11/1980وفى الموضوع بإلغاء ذلك القرار واعتباره كأن لم يكن وإلزام رئيس مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية المدعى عليه بالمصروفات والاتعاب وقال المدعى فى شرح الدعوى ان اتحاد الصناعات تشكيل يتكون من الغرف الصناعية والغرض منه هو رعاية مصالح القائمين بالصناعة المصرية. له جمعية عمومية ومجلس إدارة. وقد أصدرت وزارة الصناعة والثروة المعدنية القرار الوزارى رقم 261 لسنة 1980 بشأن القواعد والإجراءات التنظيمية الواجب مراعاتها فى انتخابات أعضاء مجالس إدارة الغرف الصناعية ومجلس إدارة اتحاد الصناعات. والمدعى عضو فى اتحاد الصناعات المصرية. وقد تسلم اخطارا فى 23/10/1980 من رئيس مجلس إدارة اتحاد الصناعات بأنه تحدد يوم الأحد الموافق 2/11/1980 لانتخابات ثلثى أعضاء مجلس إدارة اتحاد الصناعات من بين قائمة المرشحين وعددهم أربعة عشر مرشحا وتم الانتخاب فى اليوم المحدد وأعلنت نتيجة الا ان هذه الانتخابات باطلة فى جميع إجراءاتها الأمر الذى يجب معه إلغاءها واعتبارها كأن لم تكن واهدار قرارات مجلس إدارة الاتحاد الذى تكون نتيجة هذه الانتخابات الباطلة ذلك أن القانون رقم 95 لسنة 1980 بإصدار قانون حماية القيم من العيب أوجب فى المادة 21 منه على الجهات المختصة بالاشراف على الانتخابات لعضوية المجالس الشعبية المحلية أو لرئاسة وعضوية مجالس إدارة الاتحادات والروابط والاندية والشركات والهيئات والجمعيات وغيرها اخطار المدعى الاشتراكى بأسماء المرشحين فور اقفال باب الترشيح على أن يتم تحديد موعد الانتخابات بعد شهر على الأقل من تاريخ اخطاره. وللمدعى العام الاشتراكى أن يعترض على الترشيح مع تحديد ميعاد الانتخابات بعد شهر على الأقل من تاريخ اخطاره، هذا الإجراء لم يتبع فى انتخاب مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية الأمر الذى يؤدى إلى بطلان الانتخاب ونتيجته بالنسبة إلى أعضاء ورئيس مجلس الإدارة. يضاف إلى ذلك ان القرار يفتح باب الترشيح لمجالس إدارة الغرف الصناعية ومجلس إدارة الصناعات واجماع الجمعية العمومية – الصادر من رئيس مجلس إدارة اتحاد الصناعات هو قرار باطل لأن مدة رئاسته انتهت فى 8/8/1980وانه كان يتعين فتح باب الترشيح لمجلس إدارة الاتحاد المبين قبل نهاية مدة المجلس بشهرين على الأقل. ولما كان المجلس الذى فتح باب الترشيح وأجرى الانتخابات قد انتهت مدته فى 8/8/1980 فانه لا تكون له صفة فى فتح باب الترشيح فى أكتوبر سنة 1980 وفى إجراء الانتخابات فى 2/11/1980 — ولكل ذلك تكون جميع إجراءات فتح باب الترشيح وإجراء الانتخابات قد تمت باطلة وبالمخالفة لأحكام القانون. هذا كما ان الانتخابات قد تمت علنا ودون التأكد من شخصية الناخب الأمر الذى يجعلها باطلة قانونا. والمدعى عضو فى مجلس إدارة غرفة الصناعات الهندسية وله صفة ومصلحة مباشرة فى الطعن على صحة الانتخابات التى تمت يوم 2/11/1980 وما سبقها من انتخابات أعضاء مجالس الغرف الصناعية ومن حقه إقامة الدعوى بالطلبات السابق بيانها.

وعقب اتحاد الصناعات على الدعوى بقوله ان وزير الصناعة اعتمد نتيجة انتخابات رئيس وأعضاء مجلس إدارة هيئة الصناعات بقراره رقم 20 لسنة 1981 فى 12/1/1981 وذلك بعد أخذ موافقة المدعى العام الاشتراكى على أسماء الفائزين برئاسة وعضوية مجلس إدارة اتحاد الصناعات المنتخبون والمعينون على السواء فى 4/1/1981. ودفعت الهيئة بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة اذ ليس للمدعى صفة فى رفع الدعوى لأنه ليس له مصلحة قانونية أو شخصية مباشرة تؤيد مطالبه لأنه سبق له ترشيح نفسه لعضوية مجلس إدارة الاتحاد ثم تنازل عن هذا الترشيح. أما عن اجازة المدعى العام الاشتراكى لأسماء الفائزين بعضوية مجلس إدارة الاتحاد فانها تساوى اجازته لأسماء المرشحين لعضوية مجلس الإدارة، فالاجازة اللاحقة تتضمن تنازله عن حقه فى الاعتراض. واتحاد الصناعات لا يخضع لحكم المادة 21 من قانون حماية القيم من العيب رقم 95 لسنة 1980 لأن المؤسسات العامة لا تخضع لحكم المادة 21 سالفة الذكر التى توجب عرض أسماء المرشحين لرئاسة وعضوية مجالس الإدارة على المدعى العام الاشتراكى. وطلب الاتحاد احتياطيا الحكم برفض الدعوى.

وعقب المدعى على رد الاتحاد بأنه يمثل غرفة الصناعات الهندسية فهو عضو فى الجمعية العمومية لاتحاد الصناعات المصرية. وبالتالى له الحق فى ترشيح نفسه لمجلس إدارة اتحاد الصناعات. فالمدعى بوصفه عضو فى الجمعية العمومية لاتحاد الصناعات صاحب مصلحة فى الطعن على انتخابات مجلس إدارة الاتحاد. وموافقة المدعى العام الاشتراكى اللاحقة على أسماء الفائزين فى الانتخابات ليس من شأنها تصحيح اجازة الإجراء الباطل الذى تم بالمخالفة لحكم المادة 21 من القانون رقم 95 لسنة 1980. وبجلسة 3/3/1980 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها فى الشق المستعجل من الدعوى برفض الدفع بعدم القبول القبول وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الإدارة بالمصروفات. وأقامت المحكمة هذا القضاء على أساس ان صفة التقاضى فى قضاء الإلغاء تندمج فى المصلحة فيكفى لقبول طلب إلغاء القرار  الإدارى توافر شروط المصلحة المباشرة فى الدعوى مهما تكن صفة رافع الدعوى. وتتحقق المصلحة متى كان المدى فى مركز قانونى خاص مباشر بالنسبة للقرار المطعون فيه. ولا خلاف حول عضوية المدعى فى الجمعية العمومية المنوط بها انتخاب أعضاء مجلس إدارة اتحاد الصناعات. وهو بذلك فى مركز قانونى يتأثر بالقرار المطعون فيه. وخلصت المحكمة من ذلك إلى القضاء برفض الدفع بعدم القبول. وعن طلب وقف التنفيذ استعرضت المحكمة حكم المادة21 من قانون حماية القيم من العيب رقم 95 لسنة 1980. وخلصت إلى ان المشرع أوجب اخطار المدعى العام الاشتراكى بأسماء المرشحين لرئاسة وعضوية مجالس ادارات الجهات المشار اليها فيه ومن بينها الاتحادات وذلك قبل إجراء الانتخابات واعتبر المشرع اعتراضه على أى من المرشحين بمثابة قرار باستبعاده من قوائم الترشيح وقضى ببطلان كل انتخاب يتم بالمخالفة لهذه الأحكام. وقد جرت الانتخابات فى المنازعة المعروضة فى 2/11/1980 دون ابلاغ المدعى العام الاشتراكى بأسماء المرشحين لعضوية مجلس إدارة اتحاد الصناعات فور اقفال باب الترشيح وقبل إجراء الانتخابات. ولذلك تكون هذه الانتخابات باطلة ولا اعتداد بنتائجها أما موافقة المدعى العام الاشتراكى على الفائزين فقد وردت على انتخابات باطلة بحكم القانون من لحظة اجرائها، وهى لذلك لا تحدث أثرا ولا ترتب أية نتائج ولا تصحح ما اعتور الانتخابات من بطلان. وتخضع انتخابات اتحاد الصناعة باعتباره مؤسسة عامة لحكم المادة 21 من القانون رقم 95 لسنة 1980 بوصفه اتحادا. كما أن عضوية الاتحاد بمكتب العمل الدولى لا يستتبع عدم خضوعه لأحكام القوانين المصرية الداخلية.

ويقوم الطعن على أساس ان المحكمة لم يثبت استنادها فى قضائها على وجود قرار إدارى نهائى يمكن الحكم بوقف تنفيذه . والبطلان المنصوص عليه فى المادة 21 من القانون رقم 95  لسنة 1980. ليس من النظام العام. والرأى مستقر ان الاجازة اللاحقة تعادل الموافقة السابقة وموافقة المدعى العام الاشتراكى على أسماء الفائزين فى الانتخاب تتضمن تنازلا منه عن حقه فى الاعتراض على أسماء المرشحين قبل إجراء الانتخاب. وأخيرا فان ركن الاستعجال غير متوافر لعدم وجود ضرر لا يمكن تداركه فى قيام الأعضاء المنتخبين فى مزاولة أعمالهم حتى يصدر حكم فى الدعوى الموضوعية، والعكس هو الصحيح ذلك أن تنفيذ حكم وقف تنفيذ القرار المطعون فيه يعطل استمرارية الإدارة كمرفق عام مهنى يخدم الصناعة ويرعى المصالح المشتركة لأعضائه طبقا لقانون انشائه حتى يصدر الحكم فى الدعوى الموضوعية.

ومن حيث ان المادة 28 من القانون رقم 21 لسنة 1958 فى شأن تنظيم الصناعة وتشجيعها فى مصر تقضى بأن تنشأ هيئة اتحاد الصناعات وتكون لها الشخصية الاعتبارية وتعتبر من المؤسسات العامة ويقضى القرار الجمهورى بتنظيم اتحاد الصناعات الصادر فى 24/5/1958 فى المادة التاسعة منه بأن يتكون مجلس إدارة اتحاد الصناعات من 21 عضوا وتنتخب الجمعية العمومية ثلثى الأعضاء ويصدر قرار من وزير الصناعة بتعيين الثلث الباقى منهم عن وزارة الصناعة وتكون مدة العضوية ثلاث سنوات قابلة للتجديد. وفى 3/11/1980 اخطر رئيس مجلس إدارة اتحاد الصناعات وزير الصناعة والثروة المعدنية انه قد تمت دعوة الجمعية العمومية لاتحاد الصناعات فى يوم الأحد 2/11/1980 لانتخاب ثلثى أعضاء مجلس إدارة اتحاد الصناعات وقد أجريت الانتخابات طبقا للقواعد التى حددها قرار وزير الصناعة رقم 261 لسنة 1980 الخاص بقواعد وإجراءات انتخابات مجالس إدارة الغرف الصناعية ومجلس إدارة اتحاد الصناعات، ويتضمن كتاب اتحاد الصناعات النتائج التفصيلية للانتخابات بالنسبة للغرف الصناعية واتحاد الصناعات. وفى 12/1/1980 أصدر وزير الصناعة القرار رقم 20 لسنة 81 بتعيين ثلث أعضاء مجلس إدارة اتحاد الصناعات. وفى 9/2/1981 أخطر المدعى العام الاشتراكى رئيس مجلس إدارة اتحاد الصناعات بأن أعضاء مجلس إدارة الاتحاد المنتخبين والواردة أسماؤهم فى كتاب المدعى العام الاشتراكى وعددهم أربعة عشر عضوا قد أخطر عنهم وزير الصناعة بكتابى المدعى العام الاشتراكى المؤرخين 4/1/1981 و 15/1/1981 بأنه ليس لدى جهاز المدعى العام الاشتراكى مانع عن تعيينهم ( بالانتخاب ) أعضاؤه فى مجلس إدارة اتحاد الصناعات.

ومن حيث ان القانون رقم95 لسنة 1980 بإصدار قانون حماية القيم من العيب ينص فى المادة 21 منه على انه يتعين على الجهات المختصة بالاشراف الانتخابات لعضوية المجالس الشعبية المحلية أو لرئاسة أو عضوية مجالس إدارة التنظيمات النقابية أو الاتحادات أو الاندية او الهيئات أو الشركات العامة أو المؤسسات المصرفية أو الجمعيات بجميع حدودها بما فيها الجمعيات التعاونية والروابط – اخطار المدعى العام الاشتراكى بأسماء المرشحين فور اقفال باب الترشيح على ان يتم تحديد موعد الانتخابات بعد شهر على الأقل من تاريخ اخطاره. وللمدعى العام الاشتراكى ان يعترض على الترشيح فى الأحوال ووفقا للإجراءات المنصوص عليها فى المادة 3 من القانون رقم 33 لسنة 1978 المشار اليه وذلك خلال عشرة أيام من تاريخ اخطاره ويعتبر اعتراضه قرارا منه باستبعاد اسم المرشح من قوائم الترشيح تلتزم به الجهات المشار اليها فى الفقرة السابقة. ويقع باطلا كل انتخاب تم بالمخالفة لأحكام الفقرتين السابقتين ويبين مما تقدم بحسب الظاهر وبالقدر اللازم لمراجعته صحة تطبيق القانون بالنسبة لطلب وقف تنفيذ قرار وزير الصناعة باعتماد نتيجة انتخاب رئيس وأعضاء مجلس إدارة اتحاد الصناعات ان القانون رقم 95 لسنة 80 بإصدار قانون حماية القيم من العيب قد استهدف أن يضع رقابة اجتماعية يقوم عليها وتقع فى ولاية المدعى العام الاشتراكى على عمليات الانتخاب لرئاسة وعضوية مجالس إدارة النقابات والاتحادات والأندية والهيئات والشركات والجمعيات والروابط والمؤسسات المصرفية ولعضوية المجالس الشعبية المحلية وتتحقق هذه الرقابة باخطار المدعى العام الاشتراكى بأسماء المرشحين فور اقفال باب الترشيح وقبل إجراء عملية الانتخاب. ويمارس المدعى العام الاشتراكى ولاية الرقابة على الانتخابات المذكورة فى صورة الموافقة أو الاعتراضات على الترشيح، ويعتبر اعتراضه على المرشح بمثابة قرار باستبعاد اسمه من قوائم الترشيح تلتزم به الجهات سالفة الذكر. ورتب القانون جزاء البطلان على كل عملية انتخابات تتم بالمخالفة للأحكام المتقدمة. الا أنه ليس من ريب ان الرقابة الاجتماعية التى يتولاها المدعى العام الاشتراكى على العمليات الانتخابية تتحقق أيضا وبصورة متعادلة ان تمت بعد الانتهاء من عملية الانتخاب وفرز الأصوات وإعلان نتيجة الانتخابات واخطار الجهات المسئولية عنها لاعتمادها، اذ تعتبر الاجازة اللاحقة متعادلة مع الموافقة السابقة متى تحققت الغاية من الإجراء فى الحالتين على نحو متعادل ولاسيما إذا كان الإجراء الشكلى الذى أوجبه القانون وتمت مخالفته غير مقصود لذاته وكانت الغاية منه قد تحققت. وعلى ذلك فلئن كان الأصل هو اخطار المدعى العام الاشتراكى بأسماء المرشحين فور اقفال باب الترشيح. وقبل إجراء الانتخاب، الا انه متى كان المدعى العام الاشتراكى قد مارس رقابته على الفائزين فى الانتخاب بعد اجرائه وإعلان نتيجته – كما هو الحال فى وقائع هذه الخصومة، فان البطلان الذى اعتور الانتخاب الذى أجرى دون مراعاة إجراء اخطار المدعى العام الاشتراكى قبل الانتخاب يزول ويتصحح قانونا بتحقق الغاية منه برقابة المدعى العام الاشتراكى على نتيجة الانتخاب بعد إعلانها ومتى كان المدعى العام الاشتراكى فى مرافعات هذه الخصومة قد أعلن موافقته على اسماء جميع الأعضاء الفائزين فى الانتخاب لعضوية مجلس إدارة اتحاد الصناعة التى تمت يوم 2/11/1980 وذلك بعد الانتهاء من العملية الانتخابية وإعلان نتائجها – فان الغاية من اخطار المدعى العام الاشتراكى بأسماء المرشحين فى الانتخابات لرئاسة وعضوية مجالس إدارة الاتحادات والهيئات المبينة فى المادة 21 من القانون رقم 95 لسنة 1980 تكون قد تحققت من خلال موافقته على أسماء الفائزين فى الانتخابات لرئاسة وعضوية اتحاد الصناعات ويكون طعن المدعى على قرار وزير الصناعة باعتماد نتيجة انتخاب رئيس وأعضاء مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية فى غير محله وعلى غير أساس سليم من القانون بحسب الظاهر من الأمر. واذ قضى الحكم المطعون فيه بوقف تنفيذ قرار وزير الصناعة باعتماد نتيجة الانتخاب المذكورة، فانه – أى الحكم المطعون فيه – يكون قد جاء معيبا فى القانون بما يوجب الحكم بالغائه وبرفض طلب وقف تنفيذ قرار وزير الصناعة باعتماد انتخاب رئيس وأعضاء مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية.

ومن حيث انه لما تقدم فانه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من وقف تنفيذ به من وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وبرفض طلب وقف التنفيذ، وإلزام المدعى بمصروفات هذا الطلب.

 

* فلهذه الأسباب

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعى بالمصروفات.

 

 

(ب) المراحل التي تمر بها – تحديد مفهوم المرشح الوحيد أن مفهوم المرشح الواحد طبقاً للمادة 75 من قانون العمد و المشايخ الصادر بالقانون رقم 59 لسنة 1964 يتحدد بكشف المرشحين النهائي فإذا لم يتضمن سوى أسم مرشح واحد فإنه يصبح كذلك و تحال الأوراق إلى لجنة العمد أما إذا تضمن أكثر من أسم فلا مفر من إجراء الانتخابات لاختيار أحدهم – تطبيق .

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صالح الساكت نائب رئيس مجلس الدولة و عضوية السادة الأساتذة يوسف شلبي يوسف و محمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي و محمد يسري زين العابدين و الدكتور محمد عبد السلام مخلص المستشارين.

 

* إجراءات الطعن

 

بتاريخ 18 من مايو سنة 1982 أودع الأستاذ المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1042 لسنة 28 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري ( الدائرة الاستئنافية ) بجلسة 31 من مارس سنة 1982 في الطعنين رقم 883 و رقم 929 لسنة 13 ق.س المقام أولهما من وزير الداخلية ضد أبو الفضل خاطر خليفة و ثانيهما من عمر مختار محمود عبد الرحمن ضد أبو الفضل خاطر خليفة ووزير الداخلية و الذي قضى :

أولاً  : بعدم قبول تدخل عمر مختار محمود عبد الرحمن لانتفاء شرط المصلحة و إلزامه مصروفات التدخل .

ثانياً  : بقبول الطعن رقم 833 لسنة 13 ق.س شكلاً و في الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه و برفض دعوى المطعون ضده و إلزامه المصروفات عن درجتي التقاضي – و طلبت الهيئة الطاعنة – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً و في الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه و بتعيين أبو الفضل خاطر خليفة عمدة لناحية الجبيرات مركز طهطا محافظة سوهاج باعتباره المرشح الوحيد مع ما يترتب على ذلك من آثار.

و قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً و في الموضوع برفضه .

و عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 27 من فبراير سنة 1984 و فيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الثانية ) حيث تحدد لنظره أمامها جلسة أول أبريل سنة 1983 ، و بعد تداول الطعن على النحو الموضح بمحاضر الجلسات و سماع ما رأت المحكمة لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر و أودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.

 

* المحكمة

 

بعد الإطلاع على الأوراق و سماع الإيضاحات و بعد المداولة .

من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية .

و من حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل – على ما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 6 من يونيه سنة 1978 أقام أبو الفضل خاطر خليفة الدعوى رقم 141 لسنة 35 القضائية أمام المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية ضد وزير الداخلية طالباً الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار وزير الداخلية السلبي بعدم تعيينه عمدة لناحية الجبيرات بطهطا محافظة سوهاج و في الموضوع بإلغاء القرار المذكور و إلزام المطعون ضده المصروفات و مقابل أتعاب المحاماة – و قال شرحاً للدعوى أنه خلت وظيفة عمدية ناحية الجبيرات مركز طهطا محافظة سوهاج فتقدم هو و أبو حنيف حسن أحمد لشغل هذه الوظيفة و أسفرت عملية الانتخاب عن فوز أبو حنيف حسن أحمد ، فقدم المدعي طعناً في علمية الانتخاب و أثناء نظر الطعن و قبل الفصل فيه توفى المرشح الفائز في الانتخاب مما حدا بوزارة الداخلية إلى استطلاع رأي الفتوى لوزارة الداخلية و التي ارتأت حفظ الطعن المقدم من المدعي و النظر في تعيينه عمدة للناحية المذكورة على أساس أنه مرشح وحيد و لا مجال لإعادة فتح باب الترشيح من جديد لأن ذلك يتطلب أن تكون العمدية قد تم التعيين فيها ثم خلت لأي سبب من الأسباب ، و أشار المدعي إلى أنه كان يتعين على وزارة الداخلية أن تستجيب لأعمال هذه الفتوى إلا أنها وقفت موقفاً سلبياً و لم تصدر القرار الذي كان القانون يحتم عليها إصداره . و نظراً لأنه تظلم من القرار السلبي في 8 من مايو سنة 1978 إلا أن الجهة الإدارية لم تحرك ساكناً الأمر الذي يشكل مخالفة للقانون و ينزل به أضراراً مادية و أدبية يتعذر تداركها ، و لهذا أقام دعواه للحكم بما سلف بيانه .

و بموجب عريضة معلنة إلى وزارة الداخلية في 19 من نوفمبر سنة 1978 أضاف المدعي طلباً جديداً هو الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من وزير الداخلية في 31 من مايو سنة 1978 بفتح باب الترشيح للعمدية المذكورة و في الموضوع بإلغاء هذا القرار .

و بجلسة 23 من سبتمبر سنة 1979 حكمت المحكمة :

أولاً  : برفض الدفع المبدى من الحكومة بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى بعد تعيد المدعي طلباته و باختصاصها .

ثانياً  : برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لعدم سابقة التظلم و بقبولها .

ثالثاً  : برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه الصادر بتاريخ 31 من يوليو سنة 1978 و إلزام المدعي مصروفات هذا الشق و مبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة .

رابعاً : بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر في 31 من يوليو سنة 1978 و تعيين المدعي عمدة لناحية الجبيرات مركز طهطا باعتباره المرشح الوحيد مع ما يترتب على ذلك من آثار و إلزام المدعي عليه مصروفات هذا الشق و مبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة .

و بتاريخ 20 من نوفمبر سنة 1979 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير الداخلية قلم كتاب محكمة القضاء الإداري ( الدائرة الاستئنافية ) تقريراً بالطعن في الحكم سالف الذكر قيد بجدولها برقم 15 لسنة 12 ق.س طالبة الحكم بقبول الطعن شكلاً و في الموضوع بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه و في الموضوع بإلغائه و القضاء أصلياً : بعدم اختصاص المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية محلياً بنظر الدعوى و إحالتها إلى المحكمة الإدارية لمدينة أسيوط و احتياطياً : برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات و مقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي .

و أثناء نظر الطعن و بموجب عريضة معلنة في 14 من فبراير سنة 1980 تدخل كل من أحمد ناصر عبد الرحمن و عمر مختار محمود عبد الرحمن تدخلا إنضمامياً إلى جانب وزير الداخلية .

و بجلسة 5 من مارس سنة 1980 قرر الحاضر عن طالي التدخل ترك الخصومة بالنسبة لتدخل أحمد ناصر عبد الرحمن و الاستمرار فيها بالنسبة لتدخل عمر مختار محمود عبد الرحمن .

و بجلسة 9 من أبريل سنة 1980 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً و في الموضوع :

أولاً  : بإثبات ترك الخصومة بالنسبة لطالب التدخل أحمد ناصر عبد الرحمن و إلزامه مصروفات التدخل .

ثانياً  : بعدم قبول تدخل عمر مختار محمود عبد الرحمن لانتفاء شرط المصلحة و إلزامه مصروفات التدخل .

ثالثاً  : بإلغاء الحكم المطعون فيه و إحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة الإدارية بمدينة أسيوط و أبقت الفصل في المصروفات .

ووردت الدعوى إلى المحكمة الإدارية بمدينة أسيوط حيث قيدت بجدولها برقم 229 لسنة 7 القضائية ، و أثناء نظرها بجلسة 7 من فبراير سنة 1981 طلب الأستاذ مهاب كامل المحامي بصفته وكيلاً عن عمر مختار محمود عبد الرحمن بقبوله خصماً منضماً في الدعوى إلى جانب وزارة الداخلية .

و بجلسة 30 من يونيه سنة 1981 أصدرت المحكمة الإدارية بمدينة أسيوط حكمها و يقضي:

أولاً  : بعدم قبول تدخل عمر مختار محمود عبد الرحمن لانتفاء شرط المصلحة و إلزامه مصروفات التدخل .

ثانياً  : بقبول الدعوى شكلاً و في الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر في 31 من يوليو سنة 1978 و تعيين المدعي عمدة لناحية الجبيرات مركز طهطا باعتباره المرشح الوحيد مع ما يترتب على ذلك من آثار و إلزام المدعي عليه المصروفات و مبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة .

و بتاريخ 29 من يوليو سنة 1978 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزارة الداخلية قلم كتاب محكمة القضاء الإداري ( الدائرة الاستئنافية ) تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بمدينة أسيوط سالف الذكر قيد برقم 883 لسنة 13 ق.س طالبة الحكم بقبول الطعن شكلاً و بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه و في الموضوع بإلغائه وبرفض دعوى المطعون ضده و إلزامه المصروفات و مقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي .

كم أنه بتاريخ 20 من أغسطس سنة 1978 أودع الأستاذ سامي عازر جبران المحامي بصفته وكيلاً عن عمر مختار عبد الرحمن قلم كتاب محكمة القضاء الإداري ( الدائرة الاستئنافية ) تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بمدينة أسيوط سالف الذكر قيد برقم 929 لسنة 13 ق.س طالباً الحكم بقبول الطعن شكلاً و بإلغاء الحكم المطعون فيه و بقبول تدخله تدخلاً إنضمامياً بجانب الجهة الإدارية و برفض الدعوى و إلزام رافعها المصروفات عن درجتي التقاضي .

و بجلسة 9 من ديسمبر سنة 1981 قررت بالمحكمة ضم الطعن رقم 929 لسنة 13 ق.س إلى الطعن رقم 883 لسنة 13 ق.س ليصدر فيهما حكم واحد .

و بجلسة 31 من مارس سنة 1982 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بالطعن الماثل و يقضي :

أولاً  : بعدم قبول تدخل عمر مختار محمود عبد الرحمن لانتفاء شرط المصلحة وإلزامه مصروفات التدخل .

ثانياً  : بقبول الطعن رقم 833 ق.س شكلاً و في الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه و برفض دعوى المطعون ضده و إلزامه المصروفات عن درجتي التقاضي ، و شيدت قضاءها بالنسبة للأمر الأول على أنه ليس للمتدخل مصلحة شخصية مباشرة من وراء تدخله إذ أن أسمه لم يكن مدرجاً بكشف الناخبين ، و قد قصر المشرع الطعن في هذا الكشف على من كان أسمه مقيداً به فحسب – كما أقامت قضاءها بالنسبة للأمر الثاني على أنه باستعراض نصوص القانون رقم 59 لسنة 1964 في شأن العمد و المشايخ يبين أن عملية اختيار و تعيين العمدة تبدأ أولاً بصدور قرار بخلو الوظيفة ثم فتح باب الترشيح لها وعرض القرار في الأماكن التي تحدد به ، ثم تقيد طلبات الترشيح خلال مدة معينة بعدها يقفل باب الترشيح و يتحقق مدير الأمن من توافر شروط الترشيح في كل مرشح ثم تدرج أسماء المرشحين الذين توافرت فيهم تلك الشروط بكشف المرشحين – و يجوز الطعن في هذا الكشف ممن تقدم للترشيح سواء برفض قيد أسمه أو لحذف من قيد بدون وجه حق ، و تفصل في هذه الطعون لجنة خاصة تكون قراراتها نهائية ويخطر بها ذوو الشأن وبعد ذلك يصبح كشف المرشحين نهائياً ثم تبدأ مرحلة ثانية هي اختيار العمدة و يتم ذلك في إحدى صورتين أما يقبل للترشيح سوى مرشح واحد و عندئذ تحال الأوراق إلى لجنة العمد و المشايخ لتقرير تعيينه حيث تكون إرادة الناخبين قد اتضحت في ألا منافس لهذا المرشح ، و أما أن يتقدم لشغل وظيفة العمدة أكثر من مرشح ، و في هذه الحالة يعبر جمهور الناخبين عن رأيهم بطريق إيجابي في اختيار أحد المرشحين ، ففي كلتا الحالتين يكون رأي الناخبين محل اعتبار المشرع و أنه بإجراء الانتخاب لم يصبح هناك مرشحون إذ جعل الانتخاب من المرشحين الذين كانوا يشغلون مركزاً قانونياً واحداً فريقين الأول يضم الفائز في الانتخاب و الثاني يضم كل من اخفق فيها ن و أنه بإتمام عملية الانتخاب لم يعد ثم مجال للقول بوجود مرشح واحد فمجال هذا الفرض يكون قبل إجراء الانتخاب فقط .

و من حيث أن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون و تأويله ذلك أن تحديد مفهوم المرشح الوحيد الوارد في المادة 7 من القانون رقم 59 لسنة 1964 في شأن العمد و المشايخ قد أثار جدلاً إذا أعتنق رأي الأسانيد و الحجج التي أستند إليها الحكم المطعون فيه بينما ذهب رأي آخر إلى أنه يجب على الجهة الإدارية بمجرد وفاة المرشح الفائز في الانتخاب الامتناع عن السير في إجراءات تعيينه و إعادة الإجراءات من آخر إجراء صحيح و هو صيرورة كشف المرشحين نهائياً بعد استبعاد أسم المرشح المتوفى من الكشف و على ذلك فإنه بالنسبة للحالة المعروضة يصبح أبو الفضل خليفة ( المدعي ) هو المرشح الوحيد المقبول للترشيح لوظيفة العمدية الأمر الذي كان يتعين معه إحالة الأوراق إلى لجنة العمد و المشايخ لتقرير تعيينه بلا حلاجة إلى إتباع إجراءات جديدة بالنسبة إليه إذ أن واقعة الوفاة يترتب عليها بحكم اللزوم انقضاء المركز القانوني للمتوفى أياً ما كان وصفه مرشحاً أم منتخباً و استكمال باقي الإجراءات بعد استبعاد أسمه ، أما القول بأن إرادة جمهور الناخبين كانت محل اعتبار المشرع في كل من مرحلتي الترشيح و الاختيار لوظيفة العمدة ،  و أنه في حالة وجود مرشح واحد فأن الإرادة الشعبية لجمهور الناخبين تكون قد أجمعت على ألا منافس لهذا المرشح فإنه مسايرة مع هذا المنطق فإن إرادة جمهور الناخبين أيضاً كانت محل اعتبار في حالة إقفال باب الترشيح على مرشحين اثنين ذلك أن إرادة جمهور الناخبين تكون قد ارتأت أنه لا يصلح لشغل منصب العمدية سوى واحد منهما و إن إجراء الانتخاب لا يكون القصد منه سوى ترجيح أحدهما على الآخر ، فإذا استحال استكمال باقي إجراءات التعيين بالنسبة لأحدهما فإن الآخر يضحى مرشحاً وحيداً حائزاً لثقة جمهور الناخبين .

و قدم المدعي مذكرة بدفاعه لجلسة 21 من أكتوبر سنة 1984 أوضح فيها أن الحكم المطعون فيه لم يفصل في الطلب الأصلي له إذ كان قد قدم مذكرة بجلسة 10 من فبراير سنة 1982 أمام محكمة القضاء الإداري ( الدائرة الاستئنافية ) في الطعن رقم 883 لسنة 13 ق.س طلب فيها الحكم بصفة أصلية باعتبار الخصومة في الدعوى منتهية بعد إذ استجابت وزارة الداخلية إلى طلباته و أصدرت قراراً بتعيينه عمدة لمدة خمس سنوات ، و بصفة احتياطية برفض الدعوى ، و قد أغفلت المحكمة الطلب الأصلي و فصلت في موضوع الطلب الاحتياطي مما يجعل حكمها معيباً مخالفاً للقانون كما أشار المدعي بالنسبة إلى الطلب الاحتياطي إلى أن وفاة المرشح الفائز في الانتخاب قبل صدور قرار تعيينه من شأنه انقضاء المركز القانوني للمتوفى و يتعين استكمال الإجراءات من آخر إجراء تم صحيحاً وهو صيرورة كشف المرشحين نهائياً و باستبعاد أسم المرشح المتوفى يصبح المدعي هو المرشح الوحيد ، و طلب المدعي في ختام مذكرته الحكم :

أولاً  : برفض طلب التدخل المقدم من عمر مختار محمود عبد الرحمن .

ثانياً  : بقبول الطعن شكلاً و في موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه و بصفة أصلية باعتبار الخصومة منتهية في الدعوى و بصفة احتياطية بإلغاء القرار الصادر في 31 من يوليو سنة 1978 و تعيين المدعي عمدة لناحية الجبيرات و اعتباره مرشحاً وحيداً مع ما يترتب على ذلك من آثار .

كما قدم عمر مختار محمود عبد الرحمن مذكرة لجلسة 16 من ديسمبر سنة 1984 أبان فيها أنه و إن كان يشترط لقبول التدخل أن يكون للمتدخل مصلحة شخصية يستهدف حمايتها حسبما يتطلب قانون المرافعات إلا أن هذا النظر لا يتفق مع مفهوم دعوى الإلغاء في فقه القضاء الإداري بحسبان أن رافعها يستند إلى قرار إداري من حالة قانونية أنشأت له مصلحة مادية أو أدبية في طلب إلغائه 00 كما أنه وإن كان الحكم المطعون فيه قد أغفل الفصل في الطلب الأصلي للمدعي – حسبما يقرر – فإن تدارك ذلك يكون عن طريق الالتجاء إلى المحكمة التي أصدرت الحكم ثم أضاف أن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه هو التفسير السليم لحكم القانون و طلب في ختام مذكرته الحكم :

أولاً  : بقبول تدخله في الدعوى .

ثانياً  : بعدم قبول الطعن شكلاً و في موضوعه بتأييد الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه .

و من حيث أن المادة 23 من القانون رقم 47 لسنة 1972 لشأن مجلس الدولة قررت أصلاً عاماً مؤداه أن الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري في الطعون المقامة أمامها في أحكام المحاكم الإدارية لا يجوز الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا ، غير أن المشرع خرج على هذا الأصل و أجاز لرئيس هيئة مفوضي الدولة وحده دون غيره الطعن في تلك الأحكام خلال ستين يوماً من تاريخ صدور الحكم ، و لكنه – في ذات الوقت – لم يجعل هذا الحق مطلقاً من كل قيد بل حصره عند تحقق إحدى حالتين دون سواهما أولاهما إذا صدر الحكم على خلاف ما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا و ثانيهما إذا كان الفصل في الطعن يقتضي تقرير مبدأ قانوني لم يسبق لهذه المحكمة تقريره .

و من حيث أنه تبعاً لذلك و إذ جاء بتقرير الطعن الماثل المقام من رئيس  هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري ( بهيئة استئنافية) أن الفصل في المنازعة المطروحة بتطلب إرساء مبدأ قانوني من هذه المحكمة يسترشد به القضاء الإداري في شأن تحديد مفهوم المرشح الوحيد في ضوء أحكام قانون العمد و المشايخ رقم 59 لسنة 1964 . و إزاء ذلك يقتصر الحال على النظر في تقرير هذا المبدأ دون التعرض لما أثير بعد إقامة الطعن أمام المحكمة من أمور طرحت سواء من جانب طالب التدخل عمر مختار محمود عبد الرحمن لقبوله خصماً إلى جانب الجهة الإدارية و رفض الطعن أو من جانب المدعي أبو الفضل خاطر خليفة للحكم له بصفة أصليه باعتبار الخصومة منتهية في الدعوى و بصفة احتياطية بإلغاء القرار الصادر في 31 من يوليو سنة 1978 و تعيين المدعي عمدة للناحية المذكورة مع ما يترتب على ذلك من آثار إذ تخرج هذه الأمور عن نطاق الطعن الماثل و مداه التزاماً بالمادة 23 من القانون رقم 47 لسنة 1972 المشار إليه و لا يجوز الاحتماء بهذا الطعن لإثارتها من جانب المدعي أو طالب التدخل على حد سواء 00 كما لا يجوز القول بأن الطعن المقام من رئيس هيئة مفوضي الدولة أمام هذه المحكمة يفتح المجال لها لبحث كل ما قد يثار من منازعات يطرحها ذوو الشأن ، ذلك أن المحكمة ما اتصلت بالمنازعة إلا بناء على هذا الطعن للنظر في تقرير مبدأ قانوني يحدد مفهوم المرشح الوحيد في ضوء أحكام قانون العمد و المشايخ رقم 59 لسنة 1964 و من ثم أضحى لزاماً الالتزام بهذا الوجه من الطعن و هو ما يندرج تحت إحدى الحالتين اللتين حددتهما المادة 23 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 عندما خولت رئيس هيئة المفوضين الحق في الطعن في أحكام محكمة القضاء الإداري بهيئة استئنافية ، و بحسبان أن هذا الحق هو استثناء من أصل عام تقرر لمصلحة القانون وحده فلزم التقيد بحدوده و نطاقه دون ما توسع أو قياس.

و من حيث أنه متى كان الأمر كذلك فإنه بالنسبة إلى تحديد مفهوم المرشح الوحيد في ضوء أحكام قانون العمد و المشايخ رقم 59 لسنة 1964 – و هو القانون الذي يحكم وقائع المنازعة – فإنه بين من استقراء نصوصه أن المشرع نظم المراحل التي تتم فيها عملية انتخاب العمدة . و حدد لكل مرحلة مجالها و رسم الإجراءات الخاصة بها و الحد الذي تنتهي عنده ، فبعد خلو وظيفة العمدة يصدر مدير الأمن قراراً بفتح باب الترشيح ، و يعرض هذا القرار لمدة عشرة أيام في الأماكن التي يحددها ، و لكل من تتوافر فيه شروط الترشيح أن يتقدم بطلب لترشيح نفسه خلال الأيام العشرة التالية لانتهاء مدة العرض ، ثم يتحقق مدير الأمن من توافر الشروط في المرشحين خلال الأيام العشرة التالية لانتهاء مدة الترشيح و إخطار من لم تقبل أوراق ترشيحه ( المادة 4 من القانون ) . ثم يعرض كشف المرشحين الذين قبلت أوراق ترشيحهم لمدة الأيام العشرة التالية لمدة البت في طلبات الترشيح ، و يجوز الطعن في  هذا الكشف لمن رفض طلب ترشيحه أو من كان اسمه مقيداً به و يطلب حذف أسم من قيد أسمه بغير وجه حق ( المادة 5 من القانون ) و تفصل في هذه الطلبات لجنة مشكلة وفقاً للمادة 6 من القانون و تكون قراراتها نهائية و يخطر لها ذوو الشأن . و عند ذلك تنتهي المرحلة الأولى و يصبح كشف المرشحين نهائياً . ثم تبدأ مرحلة أخرى و هي اختيار العمدة فإذا لم يقبل للترشيح لوظيفة العمدة غير شخص واحد فتحال الأوراق على لجنة العمد و المشايخ لتقرير تعيينه بلا حاجة إلى إتباع إجراءات الانتخاب بالنسبة إليه ( المادة 7/3من القانون ) أما إذا تضمن كشف المرشحين النهائي أكثر من مرشح فيصدر مدير الأمن قراراً بدعوة الناخبين المقيدة أسماؤهم بجداول انتخاب القرية لانتخاب العمدة من بين المرشحين المقبولين و يتم الانتخاب بالاقتراع السري ( المادة 7/1 و 2 من القانون ) ، و بعد أن يبدي الناخبون رأيهم في انتخاب العمدة أمام اللجان المشكلة لهذا الغرض و على الوجه المتطلب يتم فرز أصوات الناخبين و تحديد المرشح الحاصل على الأغلبية المطلقة ( المواد 8 و 9 و 10 من القانون ) ثم يعرض محضر لجنة الانتخاب على لجنة العمد و المشايخ لتقرير تعيين المرشح الفائز ( المادة 10 فقرة أخيرة من القانون ) ثم رفع قرار اللجنة إلى وزير الداخلية لاعتماده بعد التحقق من سلامة الإجراءات و مطابقتها للقانون أو أن يعيد الأوراق إلى اللجنة مشفوعة بملاحظاته لتصحيح الإجراء ( المادة 12 من القانون ) .

و من حيث أنه يتضح من هذه الإجراءات أن الأساس في تعيين العمدة هو الرجوع إلى مجموع الناخبين في القرية لاشتراكهم في اختيار من يرعى أمورهم و يقوم على صون الأمن و إقرار النظام فيها ، و هذا السبيل يتم سواء عند مرحلة الترشيح للعمدية و احتواء الكشف النهائي للمرشحين على مرشح واحد ، أو عند مرحلة الانتخاب و احتواء الكشف على أكثر من مرشح ، فعند المرحلة الأولى التي لم يقبل للترشيح فيها غير مرشح واحد ، فإن مؤدى ذلك أنه ليس في جمهور الناخبين الصالحين للترشيح لوظيفة العمدة من يرغب في منافسة هذا المرشح مما يعني أن إرادة هؤلاء الناخبين قد تلاقت و أجمعت على اختيار هذا المرشح دون سواه و دون ما حاجة إلى الولوج إلى عملية الانتخاب التي تستلزم بطبيعة الحال وجود أكثر من مرشح ، و في هذا الصدد نصت الفقرة الأخيرة من المادة 7 من القانون رقم 59 لسنة 1964 المشار إليه على أنه ” و في جميع الأحوال إذا لم يقبل للترشيح لوظيفة العمدة غير شخص واحد فتحال الأوراق على لجنة العمد و المشايخ لتقرير تعيينه بلا حاجة إلى أتباع إجراءات الانتخاب بالنسبة إليه ) – أما عند المرحلة الثانية فإن كشف المرشحين و قد أحتوى أكثر من مرشح فلا مندوحة من الرجوع إلى جمهور الناخبين كي يبدوا رأيهم في اختيار من يرونه أصلح المرشحين لوظيفة العمدة ، و على ذلك يكون رأي الناخبين هو الأساس و الجوهر عند تعيين العمدة مما لا يجوز معه أن يفرض عليهم أو على غالبيتهم من لم يختارونه لما في ذلك من مجافاة للنظام الذي يقوم عليه أساساً اختيار العمدة و هو الرجوع إلى أهالي القرية ذاتها لاختيار ممثلهم .

ومن حيث أنه متى كان ذلك فإن كشف المرشحين النهائي يصبح هو العنصر الفاصل في تحديد مفهوم المرشح الوحيد فإذا لم يتضمن ذلك الكشف سوى أسم مرشح واحد فإنه يصبح كذلك و تحال الأوراق على لجنة العمد و المشايخ لتقرير تعيينه بلا حاجة إلى إتباع إجراءات الانتخاب بالنسبة إليه ،  أما إذا تضمن الكشف أسم أكثر من مرشح فلا مفر من إجراء الانتخاب لاختيار أحدهم ، فإجراء الانتخاب إذن هو الحد الفاصل بين القول بوجود مرشح واحد أو أكثر بحيث إذا تمت عملية الانتخاب فليس بسائغ القول بعد ذلك بوجود مرشح واحد لأن مجال ذلك يكون قبل إجراء عملية الانتخاب لا بعدها .

و من حيث أن الثابت من الأوراق في الحالة المعروضة أن كشف المرشحين لعمدية ناحية الجبيرات مركز طهطا كان قد تضمن أسمين هما المدعي ( أبو الفضل خاطر خليفة ) و منافسه ( أبو حنيف حسن أحمد ) كمرشحين لهذه العمدية ، و قد توفى الأخير بعد إجراء عملية الانتخاب و حصوله على الأغلبية المطلقة لعدد الأصوات الصحيحة التي أعطيت في الانتخاب و قبل أن تفصل لجنة العمد و المشايخ في الطعن المقدم من المدعي في علمية الانتخاب ، فإنه ليس من شأن واقعة الوفاة بعد أن أجرى الانتخاب فعلاً و عبر جمهور الناخبين عن إرادتهم في اختيار عمدتهم أن تغير الجهة الإدارية من مكنون كشف المرشحين النهائي و تحوله من كشف يضم أسمي مرشحين إلى كشف يضم أسم مرشح واحد إذ أن مفهوم المرشح الواحد في ضوء حكم المادة 7 من القانون رقم 59 لسنة 1964 سالف الذكر لا يكون إلا قبل بدء عملية الانتخاب و إبداء الناخبين رأيهم في انتخاب العمدة .

و من حيث أنه تأسيساً على ذلك و إذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون قد صادف القانون في صحيحه مما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً و رفضه موضوعاً.

 

* فلهذه الأسباب

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ، و برفضه موضوعاً .

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صالح الساكت نائب رئيس مجلس الدولة و عضوية السادة الأساتذة يوسف شلبي يوسف و محمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي و محمد يسري زين العابدين و الدكتور محمد عبد السلام مخلص المستشارين.

 

* إجراءات الطعن

 

بتاريخ 18 من مايو سنة 1982 أودع الأستاذ المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1042 لسنة 28 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري ( الدائرة الاستئنافية ) بجلسة 31 من مارس سنة 1982 في الطعنين رقم 883 و رقم 929 لسنة 13 ق.س المقام أولهما من وزير الداخلية ضد أبو الفضل خاطر خليفة و ثانيهما من عمر مختار محمود عبد الرحمن ضد أبو الفضل خاطر خليفة ووزير الداخلية و الذي قضى :

أولاً  : بعدم قبول تدخل عمر مختار محمود عبد الرحمن لانتفاء شرط المصلحة و إلزامه مصروفات التدخل .

ثانياً  : بقبول الطعن رقم 833 لسنة 13 ق.س شكلاً و في الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه و برفض دعوى المطعون ضده و إلزامه المصروفات عن درجتي التقاضي – و طلبت الهيئة الطاعنة – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً و في الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه و بتعيين أبو الفضل خاطر خليفة عمدة لناحية الجبيرات مركز طهطا محافظة سوهاج باعتباره المرشح الوحيد مع ما يترتب على ذلك من آثار.

و قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً و في الموضوع برفضه .

و عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 27 من فبراير سنة 1984 و فيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الثانية ) حيث تحدد لنظره أمامها جلسة أول أبريل سنة 1983 ، و بعد تداول الطعن على النحو الموضح بمحاضر الجلسات و سماع ما رأت المحكمة لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر و أودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.

 

* المحكمة

 

بعد الإطلاع على الأوراق و سماع الإيضاحات و بعد المداولة .

من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية .

و من حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل – على ما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 6 من يونيه سنة 1978 أقام أبو الفضل خاطر خليفة الدعوى رقم 141 لسنة 35 القضائية أمام المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية ضد وزير الداخلية طالباً الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار وزير الداخلية السلبي بعدم تعيينه عمدة لناحية الجبيرات بطهطا محافظة سوهاج و في الموضوع بإلغاء القرار المذكور و إلزام المطعون ضده المصروفات و مقابل أتعاب المحاماة – و قال شرحاً للدعوى أنه خلت وظيفة عمدية ناحية الجبيرات مركز طهطا محافظة سوهاج فتقدم هو و أبو حنيف حسن أحمد لشغل هذه الوظيفة و أسفرت عملية الانتخاب عن فوز أبو حنيف حسن أحمد ، فقدم المدعي طعناً في علمية الانتخاب و أثناء نظر الطعن و قبل الفصل فيه توفى المرشح الفائز في الانتخاب مما حدا بوزارة الداخلية إلى استطلاع رأي الفتوى لوزارة الداخلية و التي ارتأت حفظ الطعن المقدم من المدعي و النظر في تعيينه عمدة للناحية المذكورة على أساس أنه مرشح وحيد و لا مجال لإعادة فتح باب الترشيح من جديد لأن ذلك يتطلب أن تكون العمدية قد تم التعيين فيها ثم خلت لأي سبب من الأسباب ، و أشار المدعي إلى أنه كان يتعين على وزارة الداخلية أن تستجيب لأعمال هذه الفتوى إلا أنها وقفت موقفاً سلبياً و لم تصدر القرار الذي كان القانون يحتم عليها إصداره . و نظراً لأنه تظلم من القرار السلبي في 8 من مايو سنة 1978 إلا أن الجهة الإدارية لم تحرك ساكناً الأمر الذي يشكل مخالفة للقانون و ينزل به أضراراً مادية و أدبية يتعذر تداركها ، و لهذا أقام دعواه للحكم بما سلف بيانه .

و بموجب عريضة معلنة إلى وزارة الداخلية في 19 من نوفمبر سنة 1978 أضاف المدعي طلباً جديداً هو الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من وزير الداخلية في 31 من مايو سنة 1978 بفتح باب الترشيح للعمدية المذكورة و في الموضوع بإلغاء هذا القرار .

و بجلسة 23 من سبتمبر سنة 1979 حكمت المحكمة :

أولاً  : برفض الدفع المبدى من الحكومة بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى بعد تعيد المدعي طلباته و باختصاصها .

ثانياً  : برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لعدم سابقة التظلم و بقبولها .

ثالثاً  : برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه الصادر بتاريخ 31 من يوليو سنة 1978 و إلزام المدعي مصروفات هذا الشق و مبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة .

رابعاً : بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر في 31 من يوليو سنة 1978 و تعيين المدعي عمدة لناحية الجبيرات مركز طهطا باعتباره المرشح الوحيد مع ما يترتب على ذلك من آثار و إلزام المدعي عليه مصروفات هذا الشق و مبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة .

و بتاريخ 20 من نوفمبر سنة 1979 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير الداخلية قلم كتاب محكمة القضاء الإداري ( الدائرة الاستئنافية ) تقريراً بالطعن في الحكم سالف الذكر قيد بجدولها برقم 15 لسنة 12 ق.س طالبة الحكم بقبول الطعن شكلاً و في الموضوع بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه و في الموضوع بإلغائه و القضاء أصلياً : بعدم اختصاص المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية محلياً بنظر الدعوى و إحالتها إلى المحكمة الإدارية لمدينة أسيوط و احتياطياً : برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات و مقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي .

و أثناء نظر الطعن و بموجب عريضة معلنة في 14 من فبراير سنة 1980 تدخل كل من أحمد ناصر عبد الرحمن و عمر مختار محمود عبد الرحمن تدخلا إنضمامياً إلى جانب وزير الداخلية .

و بجلسة 5 من مارس سنة 1980 قرر الحاضر عن طالي التدخل ترك الخصومة بالنسبة لتدخل أحمد ناصر عبد الرحمن و الاستمرار فيها بالنسبة لتدخل عمر مختار محمود عبد الرحمن .

و بجلسة 9 من أبريل سنة 1980 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً و في الموضوع :

أولاً  : بإثبات ترك الخصومة بالنسبة لطالب التدخل أحمد ناصر عبد الرحمن و إلزامه مصروفات التدخل .

ثانياً  : بعدم قبول تدخل عمر مختار محمود عبد الرحمن لانتفاء شرط المصلحة و إلزامه مصروفات التدخل .

ثالثاً  : بإلغاء الحكم المطعون فيه و إحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة الإدارية بمدينة أسيوط و أبقت الفصل في المصروفات .

ووردت الدعوى إلى المحكمة الإدارية بمدينة أسيوط حيث قيدت بجدولها برقم 229 لسنة 7 القضائية ، و أثناء نظرها بجلسة 7 من فبراير سنة 1981 طلب الأستاذ مهاب كامل المحامي بصفته وكيلاً عن عمر مختار محمود عبد الرحمن بقبوله خصماً منضماً في الدعوى إلى جانب وزارة الداخلية .

و بجلسة 30 من يونيه سنة 1981 أصدرت المحكمة الإدارية بمدينة أسيوط حكمها و يقضي:

أولاً  : بعدم قبول تدخل عمر مختار محمود عبد الرحمن لانتفاء شرط المصلحة و إلزامه مصروفات التدخل .

ثانياً  : بقبول الدعوى شكلاً و في الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر في 31 من يوليو سنة 1978 و تعيين المدعي عمدة لناحية الجبيرات مركز طهطا باعتباره المرشح الوحيد مع ما يترتب على ذلك من آثار و إلزام المدعي عليه المصروفات و مبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة .

و بتاريخ 29 من يوليو سنة 1978 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزارة الداخلية قلم كتاب محكمة القضاء الإداري ( الدائرة الاستئنافية ) تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بمدينة أسيوط سالف الذكر قيد برقم 883 لسنة 13 ق.س طالبة الحكم بقبول الطعن شكلاً و بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه و في الموضوع بإلغائه وبرفض دعوى المطعون ضده و إلزامه المصروفات و مقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي .

كم أنه بتاريخ 20 من أغسطس سنة 1978 أودع الأستاذ سامي عازر جبران المحامي بصفته وكيلاً عن عمر مختار عبد الرحمن قلم كتاب محكمة القضاء الإداري ( الدائرة الاستئنافية ) تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بمدينة أسيوط سالف الذكر قيد برقم 929 لسنة 13 ق.س طالباً الحكم بقبول الطعن شكلاً و بإلغاء الحكم المطعون فيه و بقبول تدخله تدخلاً إنضمامياً بجانب الجهة الإدارية و برفض الدعوى و إلزام رافعها المصروفات عن درجتي التقاضي .

و بجلسة 9 من ديسمبر سنة 1981 قررت بالمحكمة ضم الطعن رقم 929 لسنة 13 ق.س إلى الطعن رقم 883 لسنة 13 ق.س ليصدر فيهما حكم واحد .

و بجلسة 31 من مارس سنة 1982 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بالطعن الماثل و يقضي :

أولاً  : بعدم قبول تدخل عمر مختار محمود عبد الرحمن لانتفاء شرط المصلحة وإلزامه مصروفات التدخل .

ثانياً  : بقبول الطعن رقم 833 ق.س شكلاً و في الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه و برفض دعوى المطعون ضده و إلزامه المصروفات عن درجتي التقاضي ، و شيدت قضاءها بالنسبة للأمر الأول على أنه ليس للمتدخل مصلحة شخصية مباشرة من وراء تدخله إذ أن أسمه لم يكن مدرجاً بكشف الناخبين ، و قد قصر المشرع الطعن في هذا الكشف على من كان أسمه مقيداً به فحسب – كما أقامت قضاءها بالنسبة للأمر الثاني على أنه باستعراض نصوص القانون رقم 59 لسنة 1964 في شأن العمد و المشايخ يبين أن عملية اختيار و تعيين العمدة تبدأ أولاً بصدور قرار بخلو الوظيفة ثم فتح باب الترشيح لها وعرض القرار في الأماكن التي تحدد به ، ثم تقيد طلبات الترشيح خلال مدة معينة بعدها يقفل باب الترشيح و يتحقق مدير الأمن من توافر شروط الترشيح في كل مرشح ثم تدرج أسماء المرشحين الذين توافرت فيهم تلك الشروط بكشف المرشحين – و يجوز الطعن في هذا الكشف ممن تقدم للترشيح سواء برفض قيد أسمه أو لحذف من قيد بدون وجه حق ، و تفصل في هذه الطعون لجنة خاصة تكون قراراتها نهائية ويخطر بها ذوو الشأن وبعد ذلك يصبح كشف المرشحين نهائياً ثم تبدأ مرحلة ثانية هي اختيار العمدة و يتم ذلك في إحدى صورتين أما يقبل للترشيح سوى مرشح واحد و عندئذ تحال الأوراق إلى لجنة العمد و المشايخ لتقرير تعيينه حيث تكون إرادة الناخبين قد اتضحت في ألا منافس لهذا المرشح ، و أما أن يتقدم لشغل وظيفة العمدة أكثر من مرشح ، و في هذه الحالة يعبر جمهور الناخبين عن رأيهم بطريق إيجابي في اختيار أحد المرشحين ، ففي كلتا الحالتين يكون رأي الناخبين محل اعتبار المشرع و أنه بإجراء الانتخاب لم يصبح هناك مرشحون إذ جعل الانتخاب من المرشحين الذين كانوا يشغلون مركزاً قانونياً واحداً فريقين الأول يضم الفائز في الانتخاب و الثاني يضم كل من اخفق فيها ن و أنه بإتمام عملية الانتخاب لم يعد ثم مجال للقول بوجود مرشح واحد فمجال هذا الفرض يكون قبل إجراء الانتخاب فقط .

و من حيث أن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون و تأويله ذلك أن تحديد مفهوم المرشح الوحيد الوارد في المادة 7 من القانون رقم 59 لسنة 1964 في شأن العمد و المشايخ قد أثار جدلاً إذا أعتنق رأي الأسانيد و الحجج التي أستند إليها الحكم المطعون فيه بينما ذهب رأي آخر إلى أنه يجب على الجهة الإدارية بمجرد وفاة المرشح الفائز في الانتخاب الامتناع عن السير في إجراءات تعيينه و إعادة الإجراءات من آخر إجراء صحيح و هو صيرورة كشف المرشحين نهائياً بعد استبعاد أسم المرشح المتوفى من الكشف و على ذلك فإنه بالنسبة للحالة المعروضة يصبح أبو الفضل خليفة ( المدعي ) هو المرشح الوحيد المقبول للترشيح لوظيفة العمدية الأمر الذي كان يتعين معه إحالة الأوراق إلى لجنة العمد و المشايخ لتقرير تعيينه بلا حلاجة إلى إتباع إجراءات جديدة بالنسبة إليه إذ أن واقعة الوفاة يترتب عليها بحكم اللزوم انقضاء المركز القانوني للمتوفى أياً ما كان وصفه مرشحاً أم منتخباً و استكمال باقي الإجراءات بعد استبعاد أسمه ، أما القول بأن إرادة جمهور الناخبين كانت محل اعتبار المشرع في كل من مرحلتي الترشيح و الاختيار لوظيفة العمدة ،  و أنه في حالة وجود مرشح واحد فأن الإرادة الشعبية لجمهور الناخبين تكون قد أجمعت على ألا منافس لهذا المرشح فإنه مسايرة مع هذا المنطق فإن إرادة جمهور الناخبين أيضاً كانت محل اعتبار في حالة إقفال باب الترشيح على مرشحين اثنين ذلك أن إرادة جمهور الناخبين تكون قد ارتأت أنه لا يصلح لشغل منصب العمدية سوى واحد منهما و إن إجراء الانتخاب لا يكون القصد منه سوى ترجيح أحدهما على الآخر ، فإذا استحال استكمال باقي إجراءات التعيين بالنسبة لأحدهما فإن الآخر يضحى مرشحاً وحيداً حائزاً لثقة جمهور الناخبين .

و قدم المدعي مذكرة بدفاعه لجلسة 21 من أكتوبر سنة 1984 أوضح فيها أن الحكم المطعون فيه لم يفصل في الطلب الأصلي له إذ كان قد قدم مذكرة بجلسة 10 من فبراير سنة 1982 أمام محكمة القضاء الإداري ( الدائرة الاستئنافية ) في الطعن رقم 883 لسنة 13 ق.س طلب فيها الحكم بصفة أصلية باعتبار الخصومة في الدعوى منتهية بعد إذ استجابت وزارة الداخلية إلى طلباته و أصدرت قراراً بتعيينه عمدة لمدة خمس سنوات ، و بصفة احتياطية برفض الدعوى ، و قد أغفلت المحكمة الطلب الأصلي و فصلت في موضوع الطلب الاحتياطي مما يجعل حكمها معيباً مخالفاً للقانون كما أشار المدعي بالنسبة إلى الطلب الاحتياطي إلى أن وفاة المرشح الفائز في الانتخاب قبل صدور قرار تعيينه من شأنه انقضاء المركز القانوني للمتوفى و يتعين استكمال الإجراءات من آخر إجراء تم صحيحاً وهو صيرورة كشف المرشحين نهائياً و باستبعاد أسم المرشح المتوفى يصبح المدعي هو المرشح الوحيد ، و طلب المدعي في ختام مذكرته الحكم :

أولاً  : برفض طلب التدخل المقدم من عمر مختار محمود عبد الرحمن .

ثانياً  : بقبول الطعن شكلاً و في موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه و بصفة أصلية باعتبار الخصومة منتهية في الدعوى و بصفة احتياطية بإلغاء القرار الصادر في 31 من يوليو سنة 1978 و تعيين المدعي عمدة لناحية الجبيرات و اعتباره مرشحاً وحيداً مع ما يترتب على ذلك من آثار .

كما قدم عمر مختار محمود عبد الرحمن مذكرة لجلسة 16 من ديسمبر سنة 1984 أبان فيها أنه و إن كان يشترط لقبول التدخل أن يكون للمتدخل مصلحة شخصية يستهدف حمايتها حسبما يتطلب قانون المرافعات إلا أن هذا النظر لا يتفق مع مفهوم دعوى الإلغاء في فقه القضاء الإداري بحسبان أن رافعها يستند إلى قرار إداري من حالة قانونية أنشأت له مصلحة مادية أو أدبية في طلب إلغائه 00 كما أنه وإن كان الحكم المطعون فيه قد أغفل الفصل في الطلب الأصلي للمدعي – حسبما يقرر – فإن تدارك ذلك يكون عن طريق الالتجاء إلى المحكمة التي أصدرت الحكم ثم أضاف أن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه هو التفسير السليم لحكم القانون و طلب في ختام مذكرته الحكم :

أولاً  : بقبول تدخله في الدعوى .

ثانياً  : بعدم قبول الطعن شكلاً و في موضوعه بتأييد الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه .

و من حيث أن المادة 23 من القانون رقم 47 لسنة 1972 لشأن مجلس الدولة قررت أصلاً عاماً مؤداه أن الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري في الطعون المقامة أمامها في أحكام المحاكم الإدارية لا يجوز الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا ، غير أن المشرع خرج على هذا الأصل و أجاز لرئيس هيئة مفوضي الدولة وحده دون غيره الطعن في تلك الأحكام خلال ستين يوماً من تاريخ صدور الحكم ، و لكنه – في ذات الوقت – لم يجعل هذا الحق مطلقاً من كل قيد بل حصره عند تحقق إحدى حالتين دون سواهما أولاهما إذا صدر الحكم على خلاف ما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا و ثانيهما إذا كان الفصل في الطعن يقتضي تقرير مبدأ قانوني لم يسبق لهذه المحكمة تقريره .

و من حيث أنه تبعاً لذلك و إذ جاء بتقرير الطعن الماثل المقام من رئيس  هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري ( بهيئة استئنافية) أن الفصل في المنازعة المطروحة بتطلب إرساء مبدأ قانوني من هذه المحكمة يسترشد به القضاء الإداري في شأن تحديد مفهوم المرشح الوحيد في ضوء أحكام قانون العمد و المشايخ رقم 59 لسنة 1964 . و إزاء ذلك يقتصر الحال على النظر في تقرير هذا المبدأ دون التعرض لما أثير بعد إقامة الطعن أمام المحكمة من أمور طرحت سواء من جانب طالب التدخل عمر مختار محمود عبد الرحمن لقبوله خصماً إلى جانب الجهة الإدارية و رفض الطعن أو من جانب المدعي أبو الفضل خاطر خليفة للحكم له بصفة أصليه باعتبار الخصومة منتهية في الدعوى و بصفة احتياطية بإلغاء القرار الصادر في 31 من يوليو سنة 1978 و تعيين المدعي عمدة للناحية المذكورة مع ما يترتب على ذلك من آثار إذ تخرج هذه الأمور عن نطاق الطعن الماثل و مداه التزاماً بالمادة 23 من القانون رقم 47 لسنة 1972 المشار إليه و لا يجوز الاحتماء بهذا الطعن لإثارتها من جانب المدعي أو طالب التدخل على حد سواء 00 كما لا يجوز القول بأن الطعن المقام من رئيس هيئة مفوضي الدولة أمام هذه المحكمة يفتح المجال لها لبحث كل ما قد يثار من منازعات يطرحها ذوو الشأن ، ذلك أن المحكمة ما اتصلت بالمنازعة إلا بناء على هذا الطعن للنظر في تقرير مبدأ قانوني يحدد مفهوم المرشح الوحيد في ضوء أحكام قانون العمد و المشايخ رقم 59 لسنة 1964 و من ثم أضحى لزاماً الالتزام بهذا الوجه من الطعن و هو ما يندرج تحت إحدى الحالتين اللتين حددتهما المادة 23 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 عندما خولت رئيس هيئة المفوضين الحق في الطعن في أحكام محكمة القضاء الإداري بهيئة استئنافية ، و بحسبان أن هذا الحق هو استثناء من أصل عام تقرر لمصلحة القانون وحده فلزم التقيد بحدوده و نطاقه دون ما توسع أو قياس.

و من حيث أنه متى كان الأمر كذلك فإنه بالنسبة إلى تحديد مفهوم المرشح الوحيد في ضوء أحكام قانون العمد و المشايخ رقم 59 لسنة 1964 – و هو القانون الذي يحكم وقائع المنازعة – فإنه بين من استقراء نصوصه أن المشرع نظم المراحل التي تتم فيها عملية انتخاب العمدة . و حدد لكل مرحلة مجالها و رسم الإجراءات الخاصة بها و الحد الذي تنتهي عنده ، فبعد خلو وظيفة العمدة يصدر مدير الأمن قراراً بفتح باب الترشيح ، و يعرض هذا القرار لمدة عشرة أيام في الأماكن التي يحددها ، و لكل من تتوافر فيه شروط الترشيح أن يتقدم بطلب لترشيح نفسه خلال الأيام العشرة التالية لانتهاء مدة العرض ، ثم يتحقق مدير الأمن من توافر الشروط في المرشحين خلال الأيام العشرة التالية لانتهاء مدة الترشيح و إخطار من لم تقبل أوراق ترشيحه ( المادة 4 من القانون ) . ثم يعرض كشف المرشحين الذين قبلت أوراق ترشيحهم لمدة الأيام العشرة التالية لمدة البت في طلبات الترشيح ، و يجوز الطعن في  هذا الكشف لمن رفض طلب ترشيحه أو من كان اسمه مقيداً به و يطلب حذف أسم من قيد أسمه بغير وجه حق ( المادة 5 من القانون ) و تفصل في هذه الطلبات لجنة مشكلة وفقاً للمادة 6 من القانون و تكون قراراتها نهائية و يخطر لها ذوو الشأن . و عند ذلك تنتهي المرحلة الأولى و يصبح كشف المرشحين نهائياً . ثم تبدأ مرحلة أخرى و هي اختيار العمدة فإذا لم يقبل للترشيح لوظيفة العمدة غير شخص واحد فتحال الأوراق على لجنة العمد و المشايخ لتقرير تعيينه بلا حاجة إلى إتباع إجراءات الانتخاب بالنسبة إليه ( المادة 7/3من القانون ) أما إذا تضمن كشف المرشحين النهائي أكثر من مرشح فيصدر مدير الأمن قراراً بدعوة الناخبين المقيدة أسماؤهم بجداول انتخاب القرية لانتخاب العمدة من بين المرشحين المقبولين و يتم الانتخاب بالاقتراع السري ( المادة 7/1 و 2 من القانون ) ، و بعد أن يبدي الناخبون رأيهم في انتخاب العمدة أمام اللجان المشكلة لهذا الغرض و على الوجه المتطلب يتم فرز أصوات الناخبين و تحديد المرشح الحاصل على الأغلبية المطلقة ( المواد 8 و 9 و 10 من القانون ) ثم يعرض محضر لجنة الانتخاب على لجنة العمد و المشايخ لتقرير تعيين المرشح الفائز ( المادة 10 فقرة أخيرة من القانون ) ثم رفع قرار اللجنة إلى وزير الداخلية لاعتماده بعد التحقق من سلامة الإجراءات و مطابقتها للقانون أو أن يعيد الأوراق إلى اللجنة مشفوعة بملاحظاته لتصحيح الإجراء ( المادة 12 من القانون ) .

و من حيث أنه يتضح من هذه الإجراءات أن الأساس في تعيين العمدة هو الرجوع إلى مجموع الناخبين في القرية لاشتراكهم في اختيار من يرعى أمورهم و يقوم على صون الأمن و إقرار النظام فيها ، و هذا السبيل يتم سواء عند مرحلة الترشيح للعمدية و احتواء الكشف النهائي للمرشحين على مرشح واحد ، أو عند مرحلة الانتخاب و احتواء الكشف على أكثر من مرشح ، فعند المرحلة الأولى التي لم يقبل للترشيح فيها غير مرشح واحد ، فإن مؤدى ذلك أنه ليس في جمهور الناخبين الصالحين للترشيح لوظيفة العمدة من يرغب في منافسة هذا المرشح مما يعني أن إرادة هؤلاء الناخبين قد تلاقت و أجمعت على اختيار هذا المرشح دون سواه و دون ما حاجة إلى الولوج إلى عملية الانتخاب التي تستلزم بطبيعة الحال وجود أكثر من مرشح ، و في هذا الصدد نصت الفقرة الأخيرة من المادة 7 من القانون رقم 59 لسنة 1964 المشار إليه على أنه ” و في جميع الأحوال إذا لم يقبل للترشيح لوظيفة العمدة غير شخص واحد فتحال الأوراق على لجنة العمد و المشايخ لتقرير تعيينه بلا حاجة إلى أتباع إجراءات الانتخاب بالنسبة إليه ) – أما عند المرحلة الثانية فإن كشف المرشحين و قد أحتوى أكثر من مرشح فلا مندوحة من الرجوع إلى جمهور الناخبين كي يبدوا رأيهم في اختيار من يرونه أصلح المرشحين لوظيفة العمدة ، و على ذلك يكون رأي الناخبين هو الأساس و الجوهر عند تعيين العمدة مما لا يجوز معه أن يفرض عليهم أو على غالبيتهم من لم يختارونه لما في ذلك من مجافاة للنظام الذي يقوم عليه أساساً اختيار العمدة و هو الرجوع إلى أهالي القرية ذاتها لاختيار ممثلهم .

ومن حيث أنه متى كان ذلك فإن كشف المرشحين النهائي يصبح هو العنصر الفاصل في تحديد مفهوم المرشح الوحيد فإذا لم يتضمن ذلك الكشف سوى أسم مرشح واحد فإنه يصبح كذلك و تحال الأوراق على لجنة العمد و المشايخ لتقرير تعيينه بلا حاجة إلى إتباع إجراءات الانتخاب بالنسبة إليه ،  أما إذا تضمن الكشف أسم أكثر من مرشح فلا مفر من إجراء الانتخاب لاختيار أحدهم ، فإجراء الانتخاب إذن هو الحد الفاصل بين القول بوجود مرشح واحد أو أكثر بحيث إذا تمت عملية الانتخاب فليس بسائغ القول بعد ذلك بوجود مرشح واحد لأن مجال ذلك يكون قبل إجراء عملية الانتخاب لا بعدها .

و من حيث أن الثابت من الأوراق في الحالة المعروضة أن كشف المرشحين لعمدية ناحية الجبيرات مركز طهطا كان قد تضمن أسمين هما المدعي ( أبو الفضل خاطر خليفة ) و منافسه ( أبو حنيف حسن أحمد ) كمرشحين لهذه العمدية ، و قد توفى الأخير بعد إجراء عملية الانتخاب و حصوله على الأغلبية المطلقة لعدد الأصوات الصحيحة التي أعطيت في الانتخاب و قبل أن تفصل لجنة العمد و المشايخ في الطعن المقدم من المدعي في علمية الانتخاب ، فإنه ليس من شأن واقعة الوفاة بعد أن أجرى الانتخاب فعلاً و عبر جمهور الناخبين عن إرادتهم في اختيار عمدتهم أن تغير الجهة الإدارية من مكنون كشف المرشحين النهائي و تحوله من كشف يضم أسمي مرشحين إلى كشف يضم أسم مرشح واحد إذ أن مفهوم المرشح الواحد في ضوء حكم المادة 7 من القانون رقم 59 لسنة 1964 سالف الذكر لا يكون إلا قبل بدء عملية الانتخاب و إبداء الناخبين رأيهم في انتخاب العمدة .

و من حيث أنه تأسيساً على ذلك و إذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون قد صادف القانون في صحيحه مما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً و رفضه موضوعاً.

 

* فلهذه الأسباب

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ، و برفضه موضوعاً .

 

 

 

(ج) مراحله – تحديد مفهوم المرشح الوحيد قانون العمد و المشايخ الصادر بالقانون رقم 59 لسنة 1964 – مراحل عملية انتخاب العمدة – مرحلة الترشيح و مرحلة الانتخاب – إذا لم يقبل الترشيح غير مرشح واحد فإن ذلك مؤداه أنه ليس في جمهور الناخبين الصلاحية للترشيح لوظيفة العمدة و إن إرادتهم قد تلاقت على اختيار هذا المرشح دون سواه – لا حاجة لولوج عملية الانتخاب – أساس ذلك : عملية الانتخاب تقتضي وجود أكثر من مرشح – كشف المرشحين النهائي هو العنصر الفاصل في تحديد مفهوم المرشح الوحيد فإذا لم يتضمن الكشف سوى أسم مرشح واحد فإنه يصبح كذلك و تحال الأوراق للجنة العمد و المشايخ لتقرير تعيينه – إذا تضمن الكشف أكثر من أسم فلا مفر من إجراء الانتخاب لاختيار أحدهم – تطبيق .

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صالح الساكت نائب رئيس مجلس الدولة و عضوية السادة الأساتذة يوسف شلبي يوسف و محمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي و محمد يسري زين العابدين و الدكتور محمد عبد السلام مخلص المستشارين.

 

* إجراءات الطعن

 

بتاريخ 18 من مايو سنة 1982 أودع الأستاذ المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1042 لسنة 28 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري ( الدائرة الاستئنافية ) بجلسة 31 من مارس سنة 1982 في الطعنين رقم 883 و رقم 929 لسنة 13 ق.س المقام أولهما من وزير الداخلية ضد أبو الفضل خاطر خليفة و ثانيهما من عمر مختار محمود عبد الرحمن ضد أبو الفضل خاطر خليفة ووزير الداخلية و الذي قضى :

أولاً  : بعدم قبول تدخل عمر مختار محمود عبد الرحمن لانتفاء شرط المصلحة و إلزامه مصروفات التدخل .

ثانياً  : بقبول الطعن رقم 833 لسنة 13 ق.س شكلاً و في الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه و برفض دعوى المطعون ضده و إلزامه المصروفات عن درجتي التقاضي – و طلبت الهيئة الطاعنة – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً و في الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه و بتعيين أبو الفضل خاطر خليفة عمدة لناحية الجبيرات مركز طهطا محافظة سوهاج باعتباره المرشح الوحيد مع ما يترتب على ذلك من آثار.

و قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً و في الموضوع برفضه .

و عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 27 من فبراير سنة 1984 و فيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الثانية ) حيث تحدد لنظره أمامها جلسة أول أبريل سنة 1983 ، و بعد تداول الطعن على النحو الموضح بمحاضر الجلسات و سماع ما رأت المحكمة لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر و أودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.

 

* المحكمة

 

بعد الإطلاع على الأوراق و سماع الإيضاحات و بعد المداولة .

من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية .

و من حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل – على ما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 6 من يونيه سنة 1978 أقام أبو الفضل خاطر خليفة الدعوى رقم 141 لسنة 35 القضائية أمام المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية ضد وزير الداخلية طالباً الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار وزير الداخلية السلبي بعدم تعيينه عمدة لناحية الجبيرات بطهطا محافظة سوهاج و في الموضوع بإلغاء القرار المذكور و إلزام المطعون ضده المصروفات و مقابل أتعاب المحاماة – و قال شرحاً للدعوى أنه خلت وظيفة عمدية ناحية الجبيرات مركز طهطا محافظة سوهاج فتقدم هو و أبو حنيف حسن أحمد لشغل هذه الوظيفة و أسفرت عملية الانتخاب عن فوز أبو حنيف حسن أحمد ، فقدم المدعي طعناً في علمية الانتخاب و أثناء نظر الطعن و قبل الفصل فيه توفى المرشح الفائز في الانتخاب مما حدا بوزارة الداخلية إلى استطلاع رأي الفتوى لوزارة الداخلية و التي ارتأت حفظ الطعن المقدم من المدعي و النظر في تعيينه عمدة للناحية المذكورة على أساس أنه مرشح وحيد و لا مجال لإعادة فتح باب الترشيح من جديد لأن ذلك يتطلب أن تكون العمدية قد تم التعيين فيها ثم خلت لأي سبب من الأسباب ، و أشار المدعي إلى أنه كان يتعين على وزارة الداخلية أن تستجيب لأعمال هذه الفتوى إلا أنها وقفت موقفاً سلبياً و لم تصدر القرار الذي كان القانون يحتم عليها إصداره . و نظراً لأنه تظلم من القرار السلبي في 8 من مايو سنة 1978 إلا أن الجهة الإدارية لم تحرك ساكناً الأمر الذي يشكل مخالفة للقانون و ينزل به أضراراً مادية و أدبية يتعذر تداركها ، و لهذا أقام دعواه للحكم بما سلف بيانه .

و بموجب عريضة معلنة إلى وزارة الداخلية في 19 من نوفمبر سنة 1978 أضاف المدعي طلباً جديداً هو الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من وزير الداخلية في 31 من مايو سنة 1978 بفتح باب الترشيح للعمدية المذكورة و في الموضوع بإلغاء هذا القرار .

و بجلسة 23 من سبتمبر سنة 1979 حكمت المحكمة :

أولاً  : برفض الدفع المبدى من الحكومة بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى بعد تعيد المدعي طلباته و باختصاصها .

ثانياً  : برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لعدم سابقة التظلم و بقبولها .

ثالثاً  : برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه الصادر بتاريخ 31 من يوليو سنة 1978 و إلزام المدعي مصروفات هذا الشق و مبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة .

رابعاً : بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر في 31 من يوليو سنة 1978 و تعيين المدعي عمدة لناحية الجبيرات مركز طهطا باعتباره المرشح الوحيد مع ما يترتب على ذلك من آثار و إلزام المدعي عليه مصروفات هذا الشق و مبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة .

و بتاريخ 20 من نوفمبر سنة 1979 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير الداخلية قلم كتاب محكمة القضاء الإداري ( الدائرة الاستئنافية ) تقريراً بالطعن في الحكم سالف الذكر قيد بجدولها برقم 15 لسنة 12 ق.س طالبة الحكم بقبول الطعن شكلاً و في الموضوع بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه و في الموضوع بإلغائه و القضاء أصلياً : بعدم اختصاص المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية محلياً بنظر الدعوى و إحالتها إلى المحكمة الإدارية لمدينة أسيوط و احتياطياً : برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات و مقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي .

و أثناء نظر الطعن و بموجب عريضة معلنة في 14 من فبراير سنة 1980 تدخل كل من أحمد ناصر عبد الرحمن و عمر مختار محمود عبد الرحمن تدخلا إنضمامياً إلى جانب وزير الداخلية .

و بجلسة 5 من مارس سنة 1980 قرر الحاضر عن طالي التدخل ترك الخصومة بالنسبة لتدخل أحمد ناصر عبد الرحمن و الاستمرار فيها بالنسبة لتدخل عمر مختار محمود عبد الرحمن .

و بجلسة 9 من أبريل سنة 1980 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً و في الموضوع :

أولاً  : بإثبات ترك الخصومة بالنسبة لطالب التدخل أحمد ناصر عبد الرحمن و إلزامه مصروفات التدخل .

ثانياً  : بعدم قبول تدخل عمر مختار محمود عبد الرحمن لانتفاء شرط المصلحة و إلزامه مصروفات التدخل .

ثالثاً  : بإلغاء الحكم المطعون فيه و إحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة الإدارية بمدينة أسيوط و أبقت الفصل في المصروفات .

ووردت الدعوى إلى المحكمة الإدارية بمدينة أسيوط حيث قيدت بجدولها برقم 229 لسنة 7 القضائية ، و أثناء نظرها بجلسة 7 من فبراير سنة 1981 طلب الأستاذ مهاب كامل المحامي بصفته وكيلاً عن عمر مختار محمود عبد الرحمن بقبوله خصماً منضماً في الدعوى إلى جانب وزارة الداخلية .

و بجلسة 30 من يونيه سنة 1981 أصدرت المحكمة الإدارية بمدينة أسيوط حكمها و يقضي:

أولاً  : بعدم قبول تدخل عمر مختار محمود عبد الرحمن لانتفاء شرط المصلحة و إلزامه مصروفات التدخل .

ثانياً  : بقبول الدعوى شكلاً و في الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر في 31 من يوليو سنة 1978 و تعيين المدعي عمدة لناحية الجبيرات مركز طهطا باعتباره المرشح الوحيد مع ما يترتب على ذلك من آثار و إلزام المدعي عليه المصروفات و مبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة .

و بتاريخ 29 من يوليو سنة 1978 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزارة الداخلية قلم كتاب محكمة القضاء الإداري ( الدائرة الاستئنافية ) تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بمدينة أسيوط سالف الذكر قيد برقم 883 لسنة 13 ق.س طالبة الحكم بقبول الطعن شكلاً و بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه و في الموضوع بإلغائه وبرفض دعوى المطعون ضده و إلزامه المصروفات و مقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي .

كم أنه بتاريخ 20 من أغسطس سنة 1978 أودع الأستاذ سامي عازر جبران المحامي بصفته وكيلاً عن عمر مختار عبد الرحمن قلم كتاب محكمة القضاء الإداري ( الدائرة الاستئنافية ) تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بمدينة أسيوط سالف الذكر قيد برقم 929 لسنة 13 ق.س طالباً الحكم بقبول الطعن شكلاً و بإلغاء الحكم المطعون فيه و بقبول تدخله تدخلاً إنضمامياً بجانب الجهة الإدارية و برفض الدعوى و إلزام رافعها المصروفات عن درجتي التقاضي .

و بجلسة 9 من ديسمبر سنة 1981 قررت بالمحكمة ضم الطعن رقم 929 لسنة 13 ق.س إلى الطعن رقم 883 لسنة 13 ق.س ليصدر فيهما حكم واحد .

و بجلسة 31 من مارس سنة 1982 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بالطعن الماثل و يقضي :

أولاً  : بعدم قبول تدخل عمر مختار محمود عبد الرحمن لانتفاء شرط المصلحة وإلزامه مصروفات التدخل .

ثانياً  : بقبول الطعن رقم 833 ق.س شكلاً و في الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه و برفض دعوى المطعون ضده و إلزامه المصروفات عن درجتي التقاضي ، و شيدت قضاءها بالنسبة للأمر الأول على أنه ليس للمتدخل مصلحة شخصية مباشرة من وراء تدخله إذ أن أسمه لم يكن مدرجاً بكشف الناخبين ، و قد قصر المشرع الطعن في هذا الكشف على من كان أسمه مقيداً به فحسب – كما أقامت قضاءها بالنسبة للأمر الثاني على أنه باستعراض نصوص القانون رقم 59 لسنة 1964 في شأن العمد و المشايخ يبين أن عملية اختيار و تعيين العمدة تبدأ أولاً بصدور قرار بخلو الوظيفة ثم فتح باب الترشيح لها وعرض القرار في الأماكن التي تحدد به ، ثم تقيد طلبات الترشيح خلال مدة معينة بعدها يقفل باب الترشيح و يتحقق مدير الأمن من توافر شروط الترشيح في كل مرشح ثم تدرج أسماء المرشحين الذين توافرت فيهم تلك الشروط بكشف المرشحين – و يجوز الطعن في هذا الكشف ممن تقدم للترشيح سواء برفض قيد أسمه أو لحذف من قيد بدون وجه حق ، و تفصل في هذه الطعون لجنة خاصة تكون قراراتها نهائية ويخطر بها ذوو الشأن وبعد ذلك يصبح كشف المرشحين نهائياً ثم تبدأ مرحلة ثانية هي اختيار العمدة و يتم ذلك في إحدى صورتين أما يقبل للترشيح سوى مرشح واحد و عندئذ تحال الأوراق إلى لجنة العمد و المشايخ لتقرير تعيينه حيث تكون إرادة الناخبين قد اتضحت في ألا منافس لهذا المرشح ، و أما أن يتقدم لشغل وظيفة العمدة أكثر من مرشح ، و في هذه الحالة يعبر جمهور الناخبين عن رأيهم بطريق إيجابي في اختيار أحد المرشحين ، ففي كلتا الحالتين يكون رأي الناخبين محل اعتبار المشرع و أنه بإجراء الانتخاب لم يصبح هناك مرشحون إذ جعل الانتخاب من المرشحين الذين كانوا يشغلون مركزاً قانونياً واحداً فريقين الأول يضم الفائز في الانتخاب و الثاني يضم كل من اخفق فيها ن و أنه بإتمام عملية الانتخاب لم يعد ثم مجال للقول بوجود مرشح واحد فمجال هذا الفرض يكون قبل إجراء الانتخاب فقط .

و من حيث أن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون و تأويله ذلك أن تحديد مفهوم المرشح الوحيد الوارد في المادة 7 من القانون رقم 59 لسنة 1964 في شأن العمد و المشايخ قد أثار جدلاً إذا أعتنق رأي الأسانيد و الحجج التي أستند إليها الحكم المطعون فيه بينما ذهب رأي آخر إلى أنه يجب على الجهة الإدارية بمجرد وفاة المرشح الفائز في الانتخاب الامتناع عن السير في إجراءات تعيينه و إعادة الإجراءات من آخر إجراء صحيح و هو صيرورة كشف المرشحين نهائياً بعد استبعاد أسم المرشح المتوفى من الكشف و على ذلك فإنه بالنسبة للحالة المعروضة يصبح أبو الفضل خليفة ( المدعي ) هو المرشح الوحيد المقبول للترشيح لوظيفة العمدية الأمر الذي كان يتعين معه إحالة الأوراق إلى لجنة العمد و المشايخ لتقرير تعيينه بلا حلاجة إلى إتباع إجراءات جديدة بالنسبة إليه إذ أن واقعة الوفاة يترتب عليها بحكم اللزوم انقضاء المركز القانوني للمتوفى أياً ما كان وصفه مرشحاً أم منتخباً و استكمال باقي الإجراءات بعد استبعاد أسمه ، أما القول بأن إرادة جمهور الناخبين كانت محل اعتبار المشرع في كل من مرحلتي الترشيح و الاختيار لوظيفة العمدة ،  و أنه في حالة وجود مرشح واحد فأن الإرادة الشعبية لجمهور الناخبين تكون قد أجمعت على ألا منافس لهذا المرشح فإنه مسايرة مع هذا المنطق فإن إرادة جمهور الناخبين أيضاً كانت محل اعتبار في حالة إقفال باب الترشيح على مرشحين اثنين ذلك أن إرادة جمهور الناخبين تكون قد ارتأت أنه لا يصلح لشغل منصب العمدية سوى واحد منهما و إن إجراء الانتخاب لا يكون القصد منه سوى ترجيح أحدهما على الآخر ، فإذا استحال استكمال باقي إجراءات التعيين بالنسبة لأحدهما فإن الآخر يضحى مرشحاً وحيداً حائزاً لثقة جمهور الناخبين .

و قدم المدعي مذكرة بدفاعه لجلسة 21 من أكتوبر سنة 1984 أوضح فيها أن الحكم المطعون فيه لم يفصل في الطلب الأصلي له إذ كان قد قدم مذكرة بجلسة 10 من فبراير سنة 1982 أمام محكمة القضاء الإداري ( الدائرة الاستئنافية ) في الطعن رقم 883 لسنة 13 ق.س طلب فيها الحكم بصفة أصلية باعتبار الخصومة في الدعوى منتهية بعد إذ استجابت وزارة الداخلية إلى طلباته و أصدرت قراراً بتعيينه عمدة لمدة خمس سنوات ، و بصفة احتياطية برفض الدعوى ، و قد أغفلت المحكمة الطلب الأصلي و فصلت في موضوع الطلب الاحتياطي مما يجعل حكمها معيباً مخالفاً للقانون كما أشار المدعي بالنسبة إلى الطلب الاحتياطي إلى أن وفاة المرشح الفائز في الانتخاب قبل صدور قرار تعيينه من شأنه انقضاء المركز القانوني للمتوفى و يتعين استكمال الإجراءات من آخر إجراء تم صحيحاً وهو صيرورة كشف المرشحين نهائياً و باستبعاد أسم المرشح المتوفى يصبح المدعي هو المرشح الوحيد ، و طلب المدعي في ختام مذكرته الحكم :

أولاً  : برفض طلب التدخل المقدم من عمر مختار محمود عبد الرحمن .

ثانياً  : بقبول الطعن شكلاً و في موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه و بصفة أصلية باعتبار الخصومة منتهية في الدعوى و بصفة احتياطية بإلغاء القرار الصادر في 31 من يوليو سنة 1978 و تعيين المدعي عمدة لناحية الجبيرات و اعتباره مرشحاً وحيداً مع ما يترتب على ذلك من آثار .

كما قدم عمر مختار محمود عبد الرحمن مذكرة لجلسة 16 من ديسمبر سنة 1984 أبان فيها أنه و إن كان يشترط لقبول التدخل أن يكون للمتدخل مصلحة شخصية يستهدف حمايتها حسبما يتطلب قانون المرافعات إلا أن هذا النظر لا يتفق مع مفهوم دعوى الإلغاء في فقه القضاء الإداري بحسبان أن رافعها يستند إلى قرار إداري من حالة قانونية أنشأت له مصلحة مادية أو أدبية في طلب إلغائه 00 كما أنه وإن كان الحكم المطعون فيه قد أغفل الفصل في الطلب الأصلي للمدعي – حسبما يقرر – فإن تدارك ذلك يكون عن طريق الالتجاء إلى المحكمة التي أصدرت الحكم ثم أضاف أن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه هو التفسير السليم لحكم القانون و طلب في ختام مذكرته الحكم :

أولاً  : بقبول تدخله في الدعوى .

ثانياً  : بعدم قبول الطعن شكلاً و في موضوعه بتأييد الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه .

و من حيث أن المادة 23 من القانون رقم 47 لسنة 1972 لشأن مجلس الدولة قررت أصلاً عاماً مؤداه أن الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري في الطعون المقامة أمامها في أحكام المحاكم الإدارية لا يجوز الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا ، غير أن المشرع خرج على هذا الأصل و أجاز لرئيس هيئة مفوضي الدولة وحده دون غيره الطعن في تلك الأحكام خلال ستين يوماً من تاريخ صدور الحكم ، و لكنه – في ذات الوقت – لم يجعل هذا الحق مطلقاً من كل قيد بل حصره عند تحقق إحدى حالتين دون سواهما أولاهما إذا صدر الحكم على خلاف ما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا و ثانيهما إذا كان الفصل في الطعن يقتضي تقرير مبدأ قانوني لم يسبق لهذه المحكمة تقريره .

و من حيث أنه تبعاً لذلك و إذ جاء بتقرير الطعن الماثل المقام من رئيس  هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري ( بهيئة استئنافية) أن الفصل في المنازعة المطروحة بتطلب إرساء مبدأ قانوني من هذه المحكمة يسترشد به القضاء الإداري في شأن تحديد مفهوم المرشح الوحيد في ضوء أحكام قانون العمد و المشايخ رقم 59 لسنة 1964 . و إزاء ذلك يقتصر الحال على النظر في تقرير هذا المبدأ دون التعرض لما أثير بعد إقامة الطعن أمام المحكمة من أمور طرحت سواء من جانب طالب التدخل عمر مختار محمود عبد الرحمن لقبوله خصماً إلى جانب الجهة الإدارية و رفض الطعن أو من جانب المدعي أبو الفضل خاطر خليفة للحكم له بصفة أصليه باعتبار الخصومة منتهية في الدعوى و بصفة احتياطية بإلغاء القرار الصادر في 31 من يوليو سنة 1978 و تعيين المدعي عمدة للناحية المذكورة مع ما يترتب على ذلك من آثار إذ تخرج هذه الأمور عن نطاق الطعن الماثل و مداه التزاماً بالمادة 23 من القانون رقم 47 لسنة 1972 المشار إليه و لا يجوز الاحتماء بهذا الطعن لإثارتها من جانب المدعي أو طالب التدخل على حد سواء 00 كما لا يجوز القول بأن الطعن المقام من رئيس هيئة مفوضي الدولة أمام هذه المحكمة يفتح المجال لها لبحث كل ما قد يثار من منازعات يطرحها ذوو الشأن ، ذلك أن المحكمة ما اتصلت بالمنازعة إلا بناء على هذا الطعن للنظر في تقرير مبدأ قانوني يحدد مفهوم المرشح الوحيد في ضوء أحكام قانون العمد و المشايخ رقم 59 لسنة 1964 و من ثم أضحى لزاماً الالتزام بهذا الوجه من الطعن و هو ما يندرج تحت إحدى الحالتين اللتين حددتهما المادة 23 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 عندما خولت رئيس هيئة المفوضين الحق في الطعن في أحكام محكمة القضاء الإداري بهيئة استئنافية ، و بحسبان أن هذا الحق هو استثناء من أصل عام تقرر لمصلحة القانون وحده فلزم التقيد بحدوده و نطاقه دون ما توسع أو قياس.

و من حيث أنه متى كان الأمر كذلك فإنه بالنسبة إلى تحديد مفهوم المرشح الوحيد في ضوء أحكام قانون العمد و المشايخ رقم 59 لسنة 1964 – و هو القانون الذي يحكم وقائع المنازعة – فإنه بين من استقراء نصوصه أن المشرع نظم المراحل التي تتم فيها عملية انتخاب العمدة . و حدد لكل مرحلة مجالها و رسم الإجراءات الخاصة بها و الحد الذي تنتهي عنده ، فبعد خلو وظيفة العمدة يصدر مدير الأمن قراراً بفتح باب الترشيح ، و يعرض هذا القرار لمدة عشرة أيام في الأماكن التي يحددها ، و لكل من تتوافر فيه شروط الترشيح أن يتقدم بطلب لترشيح نفسه خلال الأيام العشرة التالية لانتهاء مدة العرض ، ثم يتحقق مدير الأمن من توافر الشروط في المرشحين خلال الأيام العشرة التالية لانتهاء مدة الترشيح و إخطار من لم تقبل أوراق ترشيحه ( المادة 4 من القانون ) . ثم يعرض كشف المرشحين الذين قبلت أوراق ترشيحهم لمدة الأيام العشرة التالية لمدة البت في طلبات الترشيح ، و يجوز الطعن في  هذا الكشف لمن رفض طلب ترشيحه أو من كان اسمه مقيداً به و يطلب حذف أسم من قيد أسمه بغير وجه حق ( المادة 5 من القانون ) و تفصل في هذه الطلبات لجنة مشكلة وفقاً للمادة 6 من القانون و تكون قراراتها نهائية و يخطر لها ذوو الشأن . و عند ذلك تنتهي المرحلة الأولى و يصبح كشف المرشحين نهائياً . ثم تبدأ مرحلة أخرى و هي اختيار العمدة فإذا لم يقبل للترشيح لوظيفة العمدة غير شخص واحد فتحال الأوراق على لجنة العمد و المشايخ لتقرير تعيينه بلا حاجة إلى إتباع إجراءات الانتخاب بالنسبة إليه ( المادة 7/3من القانون ) أما إذا تضمن كشف المرشحين النهائي أكثر من مرشح فيصدر مدير الأمن قراراً بدعوة الناخبين المقيدة أسماؤهم بجداول انتخاب القرية لانتخاب العمدة من بين المرشحين المقبولين و يتم الانتخاب بالاقتراع السري ( المادة 7/1 و 2 من القانون ) ، و بعد أن يبدي الناخبون رأيهم في انتخاب العمدة أمام اللجان المشكلة لهذا الغرض و على الوجه المتطلب يتم فرز أصوات الناخبين و تحديد المرشح الحاصل على الأغلبية المطلقة ( المواد 8 و 9 و 10 من القانون ) ثم يعرض محضر لجنة الانتخاب على لجنة العمد و المشايخ لتقرير تعيين المرشح الفائز ( المادة 10 فقرة أخيرة من القانون ) ثم رفع قرار اللجنة إلى وزير الداخلية لاعتماده بعد التحقق من سلامة الإجراءات و مطابقتها للقانون أو أن يعيد الأوراق إلى اللجنة مشفوعة بملاحظاته لتصحيح الإجراء ( المادة 12 من القانون ) .

و من حيث أنه يتضح من هذه الإجراءات أن الأساس في تعيين العمدة هو الرجوع إلى مجموع الناخبين في القرية لاشتراكهم في اختيار من يرعى أمورهم و يقوم على صون الأمن و إقرار النظام فيها ، و هذا السبيل يتم سواء عند مرحلة الترشيح للعمدية و احتواء الكشف النهائي للمرشحين على مرشح واحد ، أو عند مرحلة الانتخاب و احتواء الكشف على أكثر من مرشح ، فعند المرحلة الأولى التي لم يقبل للترشيح فيها غير مرشح واحد ، فإن مؤدى ذلك أنه ليس في جمهور الناخبين الصالحين للترشيح لوظيفة العمدة من يرغب في منافسة هذا المرشح مما يعني أن إرادة هؤلاء الناخبين قد تلاقت و أجمعت على اختيار هذا المرشح دون سواه و دون ما حاجة إلى الولوج إلى عملية الانتخاب التي تستلزم بطبيعة الحال وجود أكثر من مرشح ، و في هذا الصدد نصت الفقرة الأخيرة من المادة 7 من القانون رقم 59 لسنة 1964 المشار إليه على أنه ” و في جميع الأحوال إذا لم يقبل للترشيح لوظيفة العمدة غير شخص واحد فتحال الأوراق على لجنة العمد و المشايخ لتقرير تعيينه بلا حاجة إلى أتباع إجراءات الانتخاب بالنسبة إليه ) – أما عند المرحلة الثانية فإن كشف المرشحين و قد أحتوى أكثر من مرشح فلا مندوحة من الرجوع إلى جمهور الناخبين كي يبدوا رأيهم في اختيار من يرونه أصلح المرشحين لوظيفة العمدة ، و على ذلك يكون رأي الناخبين هو الأساس و الجوهر عند تعيين العمدة مما لا يجوز معه أن يفرض عليهم أو على غالبيتهم من لم يختارونه لما في ذلك من مجافاة للنظام الذي يقوم عليه أساساً اختيار العمدة و هو الرجوع إلى أهالي القرية ذاتها لاختيار ممثلهم .

ومن حيث أنه متى كان ذلك فإن كشف المرشحين النهائي يصبح هو العنصر الفاصل في تحديد مفهوم المرشح الوحيد فإذا لم يتضمن ذلك الكشف سوى أسم مرشح واحد فإنه يصبح كذلك و تحال الأوراق على لجنة العمد و المشايخ لتقرير تعيينه بلا حاجة إلى إتباع إجراءات الانتخاب بالنسبة إليه ،  أما إذا تضمن الكشف أسم أكثر من مرشح فلا مفر من إجراء الانتخاب لاختيار أحدهم ، فإجراء الانتخاب إذن هو الحد الفاصل بين القول بوجود مرشح واحد أو أكثر بحيث إذا تمت عملية الانتخاب فليس بسائغ القول بعد ذلك بوجود مرشح واحد لأن مجال ذلك يكون قبل إجراء عملية الانتخاب لا بعدها .

و من حيث أن الثابت من الأوراق في الحالة المعروضة أن كشف المرشحين لعمدية ناحية الجبيرات مركز طهطا كان قد تضمن أسمين هما المدعي ( أبو الفضل خاطر خليفة ) و منافسه ( أبو حنيف حسن أحمد ) كمرشحين لهذه العمدية ، و قد توفى الأخير بعد إجراء عملية الانتخاب و حصوله على الأغلبية المطلقة لعدد الأصوات الصحيحة التي أعطيت في الانتخاب و قبل أن تفصل لجنة العمد و المشايخ في الطعن المقدم من المدعي في علمية الانتخاب ، فإنه ليس من شأن واقعة الوفاة بعد أن أجرى الانتخاب فعلاً و عبر جمهور الناخبين عن إرادتهم في اختيار عمدتهم أن تغير الجهة الإدارية من مكنون كشف المرشحين النهائي و تحوله من كشف يضم أسمي مرشحين إلى كشف يضم أسم مرشح واحد إذ أن مفهوم المرشح الواحد في ضوء حكم المادة 7 من القانون رقم 59 لسنة 1964 سالف الذكر لا يكون إلا قبل بدء عملية الانتخاب و إبداء الناخبين رأيهم في انتخاب العمدة .

و من حيث أنه تأسيساً على ذلك و إذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون قد صادف القانون في صحيحه مما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً و رفضه موضوعاً.

 

* فلهذه الأسباب

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ، و برفضه موضوعاً .

 

 

 

(إدارة محلية) (عاملون مدنيون بالدولة) القانون رقم 59 لسنة 1964 في شأن العمد والمشايخ والقانون وتم 52 لسنة 1975 بإصدار قانون الحكم المحلي – ترشيح العمدة أو شيخ البلد لعضوية المجالس المحلية بالوحدات المحلية التي تدخل في اختصاص وظيفته لا يكون صحيحا إلا بعد تقديم استقالته من وظيفته- مخالفة هذه القاعدة تؤثر على صحة الترشيح لعضوية المجلس المحلي دون أن يعتبر هذا الترشيح ارتكابا لمخالفة تأديبية تتصل بوظيفته كعمدة- تطبيق.

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار طارق عبد الفتاح البشرى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد يسري زين العابدين ويحيى السيد الغطريفي ود. إبراهيم على حسن وأحمد شمس الدين خفاجي المستشارين

 

* إجراءات الطعن

 

في يوم الثلاثاء الموافق العاشر من فبراير سنة 1987 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن وزير الداخلية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 896 لسنة 33 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلستها المنعقدة بتاريخ 21 من ديسمبر سنة 1986 في دعوى الطعن رقم 175 لسحنة 12 القضائية المقامة من السيد/……………… ضد الطاعن والقاضي برفض الدفع بعدم قبول الطعن شكلا وبقبوله وفي الموضوع بإلغاء قرار وزير الداخلية باعتماد قرار لجنة العمد والمشايخ بمديرية أمن الشرقية الصادر بجلسة 13/4/1977 فيما تضمنه من إنهاء خدمة الطاعن من منصبه كعمدة لقرية كفر الحلمية مركز أبي حماد مع ما يترتب على ذلك من آثار.

وطلب الطاعن- للأسباب الموضحة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوى الأصلية.

وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق.

وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني مسببا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.

وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 23 من نوفمبر سنة مه 19 وبجلسة 12 من أبريل سنة 1989 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة فنظرته بجلسة 13 من مايو سنة 1989 وبجلسة الرابع من نوفمبر سنة 1989 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم السبت الموافق 16 من ديسمبر سنة 1989 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه فور النطق به.

 

* المحكمة

 

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.

ومن حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية ومن ثم فهو مقبول شكلا.

ومن حيث أن وقائع المنازعة تتحصل- حسبما يبين من الأوراق- في أنه في 23 من ديسمبر سنة 1976 أقام السيد/ ………….. الدعوى رقم 328 لسنة 31 القضائية بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة طلب في ختامها الحكم بأحقيته في الجمع بين وظيفة العمدة لقرية كر الحلمية مركز أبي حماد ومنصبه كعضو ورئيس مجلس محلي مركز أبي حماد مع إلزام جهة الإدارة بالمصروفات.

وقال شرحا لدعواه أنه يعمل مزارعا بقرية الحلمية مركز أبي حماد وحاصل على بكالوريوس التجارة وعندما صدر القانون رقم 53 لسنة 1975 بنظام الحكم المحلي تقدم لترشيح نفسه وقدم الأوراق المطلوبة ومنها خطاب مركز شرطة أبي حماد يفيد عدم وجود تعارض بين ترشيحه لعضوية المجلس المحلي وبين عمله كعمدة لقرية الحلمية وتم انتخابه عضوا بالمجلس المحلي ثم رئيسا لهذا المجلس لمدة دورتين متتاليتين إلا أن مديرية أمن الشرقية رأت عدم جواز الجمع بين الموقعين وطلبت إليه أن يختار أحدهما ويتنازل عن الآخر.

وبعريضة مودعة عدل المدعى طلباته إلى طلب الحكم (أولا) بإلغاء القرار الصادر من لجنة العمد والمشايخ بمديرية أمن الشرقية في القضية التأديبية رقم (1) مركز أبى حماد القاضي بفصله من وظيفته كعمدة للقرية المذكورة. (ثانيا) بأحقيته في الجمع بين وظيفة العمدة وعضوية المجلس المحلى المذكور ورئاسته.

وقد أحيلت الدعوى المشار إليها إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة عملا بقرار رئيس مجلس الدولة رقم 275 لسنة 1978 وقيدت بجدولها برقم 294 لسنة 2 القضائية وتدوول نظرها بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها وبجلسة 28 من يونيو سنة 1984 حكمت محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة حيث قيدت بجدولها كطعن تأديبي برقم 175 لسنة 12 القضائية وتدوول نظر الطعن بالجلسات إلى أن صدر حكمها بجلسة 22 من ديسمبر سنة 1986 (أولا) برفض الدفع باعتبار الخصومة منتهية في الطعن (ثانيا) بعدم قبولي الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث- مدير أمن الشرقية- ومحافظ المحافظة لرفعه على غير ذي صفة (ثالثا) برفض الدفع بعدم قبول الطعن شكلا وبقبوله وفى الموضوع بإلغاء قرار وزير الداخلية باعتماد قرار لجنة العمد والمشايخ بمديرية أمن الشرقية الصادر بجلسة 13/4/1977 فيما تضمنه من إنهاء خدمة الطاعن من منصبه كعمدة لقرية كفر الحلمية مركز أبي حماد مع ما يترتب على ذلك من آثار

وأقامت المحكمة قضاءها على أنه يجوز للطاعن أن يجمع بين العمدية وعضوية أو رئاسة المجلس المحلي دون الالتزام بتقديم استقالته من العمدية إذ ليس هناك في القانون ما يحول دون ذلك ومن ثم فإن قرار لجنة العمد والمشايخ بإنهاء خدمة الطاعن من منصبة كعمدة المعتمد من وزير الداخلية قد صدر مفتقرا إلى سببه إذ لم يقم على سند من القانون ولذلك تنتهي المحكمة إلى القضاء بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.

ومن حيث أن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخط في تطبيق القانون وفي تأويله ذلك أن المادة 75 من القانون رقم 50 لسنة 1981 بتعديل قانون نظام الحك52 لسنة 1975 بإصدار قانون الحكم المحلي.

ومن حيث أن القانون رقم 59 لسنة 1964 في شأن العمد والمشايخ كان ينص في المادة (34) منه على أنه ” لا يجوز أن يجمع العمدة أو الشيخ بين وظيفته وبين أي عمل آخر يؤديه بالذات أو بالواسطة إذا كان من شأن ذلك الإضرار بأداء واجبات وظيفته أو كان هذا العمل غير متفق مع مقتضياتها.

ومن حيث إن هذا النص إنما يمثل ترديدا لقاعدة عامة في شأن واجبات الموظف العام، حرص المشرع على أن ينص عليها في تشريعات الموظفين على تتابعها، وهذه القاعدة أنه لا يجوز للموظف العام أن يجمع بين وظيفته وبين أي عمل آخر بما يترتب عليه الإضرار بأداء واجبات وظيفته أو يكون غير متفق مع مقتضياتها.

ومن حيث إن تواتر وجود هذا الحكم التشريعي في تشريعات الموظفين على تتابعهالم يحل دون أن يجمع الموظف العام بين وظيفته وبين عضوية المجالس المحلية، ومن ثم لا يقال بأن ورود هذا النص في قانون العمد والمشايخ يحمل مفهوما مختلفا بحيث يجعل من حصول العمدة على عضوية أو رئاسة المجلس المحلي إخلالا بواجب وظيفي يستوجب مسئوليته التأديبية.

ومن حيث إن قانون الحكم المحلي الصادر بالقانون رقم 52 لسنة 1975 كان ينص في المادة (75) منه على أنه ” لا يجوز للعمد أو المشايخ أو رؤساء الوحدات المحلية أو مديري المصالح أو رؤساء الأجهزة التنفيذية في نطاق هذه الوحدات الترشيح لعضوية المجالس المحلية للوحدات المحلية التي تدخل في نطاق اختصاص وظائفهم قبل تقديم الاستقالة منها “.

ومن حيث إن هذا النص في قانون الحكم المحلي إنما ينظم أحد شروط صحة الترشيح لعضوية المجالس المحلية للوحدات المحلية، فيقرر أن ترشيح العمدة- وغيره ممن شملهم النص- لعضوية المجالس المحلية للوحدات المحلية التي تدخل في اختصاص وظيفته، لا يكون جائزا، أي لا يكون صحيحا، إلا بعد تقديم استقالته من وظيفته.

ومن حيث إن مقتضى ذلك أن مخالفة هذا النص بترشيح العمدة نفسه لعضوية المجلس المحلي للوحدة المحلية التي تدخل في اختصاص وظيفته هو مما يؤثر على صحة الترشيح وعلى صحة انتخابه لعضوية المجلس المحلي، دون أن يعتبر هذا الترشيح ارتكابا لمخالفة تأديبية- بوظيفته كعمدة.

ومن حيث إن مقتضى ما تقدم أن قرار وزير الداخلية باعتماد قرار لجنة العمد والمشايخ باعتبار وظيفة العمدية بقرية كفر الحلمية شاغرة قد صدر دون سند من صحيح حكم القانون فإنه يكون قد صدر معيبا واجب الإلغاء.

ومن حيث إن ما تقدم هو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه فإنه يكون قد وافق صحيح حكم القانون ومن ثم يكون الطعن عليه في غير محله متعين الرفض.

 

* فلهذه الأسباب

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.

 

 

 

المادتان 3، 22 من القانون رقم 58 لسنة 1978 في شأن العمد والمشايخ معدلاً بالقانون رقم 147 لسنة 1980 اشترط المشرع نصاباً مالياً معيناً للترشيح للعمدية حتى ضمن وجود مورد يعتمد عليه العمدة في حياته ويمكنه من القيام بأعباء الوظيفة التى تحتاج إلى نوع من المظهر – أساس ذلك: المكافأة التى تمنح للعمدة مكافأة رمزية – أجاز المشرع للعاملين في الدولة أن يرشحوا أنفسهم لشغل وظيفة العمدة وقضى أن يحتفظ بوظيفته من يتم تعيينه منهم في وظيفة العمدة – أساس ذلك: تشجيع ذوى الكفاءات على التقدم لشغل وظيفة العمدة وأن يستمر في تقاضى المرتب والبدلات المقررة لوظيفته المحتفظ بها – عبارة المعاش الشهرى يمكن أن تستوعب الراتب الشهر الذى يتقاضاه العامل بالدولة وقت الترشيح ويحتفظ به له ويستمر في صرفه مع البدلات المقررة للوظيفة بعد أن يعين في وظيفة عمدة – أساس ذلك: أن المشرع بعد أن أورد عبارتى (معاش شهرى) و (دخل ثابت من عقار مملوك له) أورد عبارة (دخل ثابت من مجموع الأوعية السابقة) بصيغة الجمع الأمر الذى يفيد تعددية الأوعية التى تدخل في مدلول المعاش الشهرى بحيث تتسع للرابت الشهرى وهذا الإيراد يتساوى مع المعاش من حيث أن كلا منهما يتماثلان في الثبات والاستمرار والدوام بل أن الرابت الشهرى الذى يتقاضاه العامل الذى يرشح لوظيفة العمدة ويحتفظ له به بعد تعيينه هو دخل ثابت متزايد بالعلاوات الدورية وعلاوات الترقية – نتيجة ذلك: لا يكون من المنطقى قصر كلمة معاش شهرى على ما يتقاضاه من انتهت خدمته بالحكومة أو القطاع العام – إذا كان المرشح للعمدية تزيد مفردات راتبه الشهرى على الأربعين جنيهاً المعتبرة حداً أدنى للإيراد الشهرى الثابت فإنه يتوافر في حقه شرط النصاب المالى – تطبيق.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد المهدى عبد الله مليحى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد وعبد اللطيف محمد الخطيب وحسنى سيد محمد وعلى رضا عبد الرحمن رضا نواب رئيس مجلس الدولة

 

* إجراءات الطعن

 

في يوم السبت الموافق 28/7/1990 أودعت هيئة مفوضى الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية تقريراً بالطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بأسيوط بجلسة 28/5/1990 في الطعن رقم 413 لسنة 1 قضائية استئناف والقاضى بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات وطلب السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة في ختام تقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وفى موضوعه بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى مع إلزام المدعى المصروفات.

وقدم مفوض الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعى المصروفات.

وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 13/5/1991 وبجلسة 22/7/1991 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) وحددت لنظره جلسة 2/11/1991 وتداولت المحكمة نظر الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوى الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة 29/2/1992 وتقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة 28/3/1992 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

 

* المحكمة

 

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.

ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعها الشكلية فهو مقبول شكلاً.

ومن حيث إن عناصر المنازعة تتخلص في أنه بتاريخ 8/3/1987 أقام السيد/ ………….. الدعوى رقم 278 لسنة 13 قضائية أمام المحكمة الإدارية بأسيوط طالبً الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء قرار استبعاده من الترشيح لوظيفة العمدة الشاغرة بناحية المحامدة البحرية مركز سوهاج والقضاء بأحقيته في الترشيح لهذه الوظيفة وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وذكر المدعى شرحاً لدعواه أنه بتاريخ 12/12/1985 تقدم لشغل وظيفة عمدة بناحية المحامدة البحرية مركز سوهاج ونجح في امتحان القراءة والكتابة إلا أنه استبعد من قائمة المرشحين المقبولين لشغل هذه الوظيفة بمقولة عدم توافر النصاب المالى وقد تظلم من هذا القرار حيث نظر أمام لجنة التظلمات بجلسة 20/1/1986 وأخطر بقرارها بتاريخ 27/1/1986 بقبول تظلمه شكلاً لتقديمه في الميعاد ورفضه موضوعاً لعدم توافر شرط النصاب المالى وأنه تظلم من ذلك في 6/2/1986 لأنه يمتلك أطياناً زراعية ويمتلك منزلاً مؤجراً منه الدور الأرضى بمبلغ 45 جنيهاً والعبرة في النصاب المالى بمجموع الأوعية الخاصة بالطالب وهى تزيد على النصاب المالى المطلوب توافره فيمن يعين عمدة وأثناء تحضير الدعوى تدخل السيد/ ………… في الدعوى خصماً منضماً إلى وزير الداخلية وذلك بعريضة تدخل أودعها بتاريخ 10/8/1986 طالبً الحكم برفض الدعوى مع تحميل رافعها المصروفات ومقابل أتعاب  المحاماة وذكر تبريراً لتدخل أنه المرشح الوحيد لهذه العمدية وتتوافر فيه الصفة والمصلحة في الدعوى وأن المدعى مازال فاقداً شرط النصاب المالى.

وبجلسة 20/3/1988 حكمت المحكمة الإدارية العليا بأسيوط (أولاً) بقبول تدخل الخصم المتدخل في الدعوى (ثانياً) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها شكلاً وفى الموضوع بإلغاء قرار لجنة التظلمات والطعون بمديرية أمن سوهاج الصادر بتاريخ 20/1/1986 فيما تضمنه من رفض طلب ترشيح المدعى لشغل وظيفة العمدية لناحية المحامدة البحرية مركز سوهاج وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية والخصم المتدخل المصاريف.

وقد أقامت المحكمة قضاءها على أساس أنه وقد ثبت من ملف وظيفة العمدة المذكورة الخاصة بالمدعى أنه من العاملين بمديرية الشئون الصحية بسوهاج ويتقاضى راتباً يبلغ 65.655 جنيه تقدم لمدير أمن سوهاج بكشف مفردات راتبه وبذلك يكون قد توافر في شأنه شرط النصاب المالى المتطلب لشغل وظيفة العمدة ذلك لأن من يعين بوظيفة العمدة من العاملين المدنيين بالدولة يحتفظ له بوظيفته طوال مدة شغله لوظيفة العمدة ويعتبر متفرغاً لها ويتمتع بجميع مميزات وظيفته الأصلية ويتقاضى مرتبها والبدلات المقررة لها عملاً بنص المادة 22 من القانون رقم 58 لسنة 1978، المعدل بالقانون رقم 147 لسنة 1980 وخلصت المحكمة إلى أن الدعوى والحالة هذه تكون قائمة على سند صحيح من القانون وبتاريخ 3/4/1988 أودع السيد/ ………….. (الخصم المتدخل) قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة تقريراً بالطعن في الحكم المذكور قيد بجدولها برقم 295 لسنة 20 قضائية استئناف طالبا الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بعدم قبول الدعوى وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المطعون ضده الثانى المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة ونفاذاً لقرار رئيس مجلس الدولة رقم 121 لسنة 1989 بإنشاء دائرة لمحكمة القضاء الإدارى بمدينة أسيوط أحيل الطعن إلى المحكمة المذكورة حيث قيد بجدولها برقم 413 لسنة (1) قضائية استئناف والتى أصدرت بجلسة 28/5/1990 حكمها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وقد أقامت المحكمة قضاءها بعد أن أوردت نص المادتين 3، 22 من القانون رقم 58 لسنة 1978 معدلاً بالقانون رقم 147 لسنة 1980 على أن البين أن شرط النصاب اللازم توافره فيمن يشغل وظيفة العمدة يتحقق له بحيازة ما لا يقل عن خمسة أفدنة ملكاً أو باستحقاق معاش شهرى أو دخل ثابت من عقار مملوك له لا يقل عن أربعين جنيهاً شهرياً وأن عبارة المعاش الشهرى تتسع لأكثر من نوع من الإيراد بدليل ورود عبارة (مجموع الأوعية السابقة) التى تفيد تعددية هذه الأوعية وبحيث يمكن أن تستوعب الراتب الشهرى الذى يتقاضاه العامل بالدولة فيما لو عين بوظيفة العمدة والذى يستمر في صرفه وجميع المميزات والبدلات المقررة لوظيفته وليس من شك في أن هذا الإيراد هو أثبت الأوعية الذى يشكل النصاب المالى لذوى الشأن وأكثر ضماناً لصفة الاستمرار والدوام طوال شغله وظيفة العمدة كما ان المشرع كفلها بنص صريح وقاطع رغم تفرغ العامل لوظيفة العمدة طوال مدة شغله لها وأنه إذا كان المشرع قد قصد من تقرير حكم المادة (22) تشجيع ذوى الكفاءات من العاملين بالدولة لشغل وظائف العمدة رفعاً لمستوى هذه الوظيفة فليس من المنطقى أن يعود فيقرر عدم الاعتداد بالراتب في مجال بحث شرط توافر النصاب المالى وأن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الثانى تقدم ببيان مفردات راتبه الشهرى البالغ 65.655 جنيه وهو مبلغ يزيد على الأربعين جنيهاً المعتبرة حداً أدنى للإيراد الشهرى الثابت باعتباره يزيد على النصاب المالى المقرر وبذلك يكون قد توافر في حقه هذا الشرط وخلصت المحكمة من ذلك إلى رفض الطعن لعدم قيامه على صحيح حكم القانون.

ومن حيث أن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تأويله وتطبيقه ذلك أن الأصل في تفسير النصوص القانونية وتفهم مدلولها أن تحمل ألفاظها على ما يقضى به الاصطلاح والعرف القانونيان لا ما تقضى به الأوضاع اللغوية وأن كلمة معاش التى وردت بنص المادة 3/5/ من قانون العمد والمشايخ رقم 58 لسنة 1978 معدلاً بالقانون رقم 47 لسنة 1980 لا تفيد إلا معناها القانونى وهو مرتب التقاعد الذى يحصل عليه الموظف بعد انقطاع صلته بالإدارة إذا استوفى شروطه المنصوص عليها في قوانين التأمين الاجتماعى ولا ينصرف مفهومها بالتالى إلى المعنى اللغوى الواسع الذى يشمل أى دخل يحصل عليه الفرد ويعتمد عليه في معيشته كالمرتب.

ومن حيث إن المادة (3) من القانون رقم 58 لسنة 1978 في شأن العمد والمشايخ معدلاً بالقانون رقم 147 لسنة 1980 تنص على أنه (يجب فيمن يعين عمدة أو شيخاً توافر الشروط الآتية: 1- …………………… 2- ……………………

5- ألا تقل حيازة من يرشح للعمدية عن خمسة أفدنة ملكاً بزمام القرية أو القرى المجاورة لها أو أن يكون له معاش شهرى أو دخل ثابت من عقار مملوك له لا تعد منه الأراضى الزراعية لا يقل عن أربعين جنيهاً شهرياً أو أن يكون له دخل ثابت من مجموع الأوعية السابقة لا يقل عن أربعين جنيهاً شهرياً، وتنص المادة (22) من القانون المشار إليه على أنه (إذا تم انتخاب أو تعيين أى من العاملين بالدولة عمدة قرية فيحق له الاحتفاظ بوظيفته طوال شغل لوظيفة العمدة ويعتبر متفرغاً لعمله كعمدة ويتمتع بجميع مميزات وظيفته الأصلية ويتقاضى مرتبها والبدلات المقررة لها من جهة عمله الأصلية.

ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع اشترط نصاباً مالياً معيناً للعمدة حتى يضمن وجود مورد يعتمد عليه في حياته ويمكنه من القيام بأعباء الوظيفة التى تحتاج إلى نوع من المظهر لأن المكافآت التى تمنح للعمدة مكافأة رمزية، وأجاز المشرع للعاملين في الدولة أن يرشحوا أنفسهم لشغل وظيفة العمدة وقضى بأن يحتفظ بوظيفته من يتم تعيينه منهم في وظيفة العمدة وذلك تشجيعاً لذوى الكفاءات عل التقدم لشغل وظيفة العمدة وأن يستمر في تقاضى المربت والبدلات المقررة لوظيفته المحتفظ له بها، وإذ كان الأمر كذلك فإن عبارة المعاش الشهرى يمكن أن يستوعب الراتب الشهرى الذى يتقاضاه العامل بالدولة وقت الترشيح ويحتفظ به له ويستمر في صرفه مع البدلات المقررة للوظيفة بعد أن يعين في وظيفة عمدة والدليل على صحة هذا المفهوم أن المشرع بعد أن أورد عبارتى (معاش شهرى)  و (دخل ثابت من عقار مملوك له) أورد عبارة (دخل ثابت من مجموع الأوعية السابقة) بصيغة الجمع الأمر الذى يفيد تعددية الأوعية التى تدخل في مدلول المعاش الشهرى بحيث تتسع للراتب الشهرى وهذا الإيراد يتساوى مع المعاش من حيث إن كلا منهما متماثلان في الثبات والاستمرار والدوام بل أن الراتب الشهرى الذى يتقاضاه العامل الذى يرشح لوظيفة العمدة ويحتفظ له به بعد تعيينه هو دخل ثابت يتزايد بالعلاوات الدورية وعلاوات الترقية ومن ثم لا يكون من المنطقى قصر كلمة معاش شهرى على ما يتقاضاه من انتهت خدمته بالحكومة أو القطاع العام وإذ أخذ الحكم المطعون عليه بهذا النظر وقضى بأن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده تقدم بما يثبت أنه إذا كان المرشح للعمدية تزيد مفردات راتبه الشهرى عن 65.655 جنيه وهو مبلغ يزيد على الأربعين جنيهاً المعتبرة حداً أدنى للإيراد الشهرى الثابت ومن نتيجة ذلك يتوافر في حقه شرط النصاب المالى ويكون القرار الصادر باستبعاد اسمه من كشف المرشحين المقبولين لوظيفة العمدة لعدم توافر شرط النصاب المالى على غير سند من القانون فإن الحكم المطعون عليه والحال كذلك يكون قد أصاب وجه الحق وصادف صحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه على غير سند من القانون مستوجباً رفضه مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.

 

* فلهذه الأسباب

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً

 

 

 

(ب) المادة 5/3 من القانون رقم 58 لسنة 1978 معدلا بالقانون رقم 147 لسنة 1980   اشترط المشرع فيمن يرشح عمدة أو شيخا الا تقل حيازته عن خمسة أفدنة ملكا بزمام القرية – عبارة النص صريحة فى أن تكون الحيازة بسبب الملكية–  يشترط قانونا فيمن يرشح للعمدية ان يكون مالكا حائزا لخمسة أفدنة على الأقل بزمام القرية أو القرى المجاورة وقت الترشيح للعمودية   بحث القضاء الادارى لهذا الشرط يختلف عن بحث الملكية أمام المحاكم المدنية – ليس للقضاء الادارى أن يفصل فى موضوع الملكية – مؤدى ذلك : ان الحكم الصادر فى هذا الشان من القضاء الادارى لا يحوز قوة الشيء المقضى به فى صدد الملكية – أثر ذلك : يكفى أن تقوم دلائل ظاهرة على الملكية – مثال : العقود ولو كانت غير مسجلة تصلح لاقامة الدليل الظاهر على الملكية متى كانت جدية واقترنت بالحيازة ودفع المال – تطبيق .

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار / عصام الدين السيد علام نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة / اسماعيل عبد الحميد ابراهيم وصلاح الدين أبو المعاطى نصير وعادل لطفى عثمان والسيد محمد السيد الطحان. المستشارين .

 

* إجراءات الطعن

 

بتاريخ 29/3/1987 أودعت هيئة مفوضى الدولة سكرتارية المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1559 لسنة 33 القضائية ، فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بالمنصورة بجلسة 12/2/1987 فى الدعوى رقم 122/8 ق التى كانت مقامة من السيد / ………………… ضد المطعون ضدهم ، والقاضى بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع برفضه والزام الطاعن المصروفات .

وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى والزام لمدعى المصروفات .

وقد أودعت هيئة مفوضى الدولة لدى المحكمة تقريرا مسببا بالراى القانونى ارتأت فيه الحكم بعدم جواز نظر الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار .

وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فتدخل أمامها السيد / ……………………… خصما منضما الى الطاعن ، ثم أمرت الدائرة باحالة الطعن الى هذه المحكمة التى تداولت نظره واستمعت الى ما رأت لزوم سماعه من ملاحظات ذوى الشأن ، على النحو الثابت بالمحاضر وبجلسة 28/3/1988 أودع المحامى المطعون ضده الول حافظة مستندات انطوت على تنازل موثق يعتبر تنازل المتدخل عن حقه فى السير فى هذا الطعن ، وقررت المحكمة اصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم ، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .

 

* المحكمة

 

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات والمداولة .

ومن حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية .

ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة – حسبما يبين من أوراقها – تتحصل فى أنه بتاريخ 18/3/1985 أقام المطعون ضده الأول الدعوى رقم 1088/13ق أمام المحكمة الادارية بالمنصورة طالبا الحكم بوقف تنفيذ وبالغاء قرار عدم ادراج اسمه بكشف المرشحين لوظيفة عمدة قرية أبو شريف مركز بلقاس بمحافظة الدقهلية ، مع ما يترتب على ذلك من آثار ، وقال شرحا لدعواه أن لجنة الطعون استبعدت اسمه من كشف المرشحين للعمدية استنادا الى عدم توافر شرط النصاب المالى المنصوص عليه فى المادة الثالثة من القانون رقم 58 لسنة 1978 في شأن العمد والمشايخ ، وانه تظلم فى الميعاد الى وزير الداخلية وأرفق بتظلمه التنازل الصادر من السيد / ……………… بتاريخ 2/10/1983 عن مساحة قدرها 5 أفدنة و 11 قيراط و 16 سهم مصدق على توقيعاته فى 23/10/83 قبل فتح باب الترشيح فى 9/1/1984 ، وغقد البيعة رقم 1471 الصادر لصالحه من منطقة كفر الأطرس المسجل برقم 1205 فى 13/4/1984 دقهلية عن المساحة المذكورة والمتضمن فى البند الثانى منه أنه دفع مبلغ 43 جنيه و 410 مليم فى 24/10/1950 وسدد الباقى على اقساط سنوية كان آخرها فى 2/10/1983 ، قبل باب الترشيح وأن ادارة الفتوى المختصة ارتأت بكتابها المؤرخ 10/10/84 توافر شرط النصاب المالى فى حقه وقبول الطعن المقدم منه ألا أن وزير الداخلية رفض تظلمه استنادا الى عدم توافر شرط النصاب المالى . وقد تدخل السيد / …………… فى الدعوى خصما منضما الى الحكومة فى طلب رفض الدعوى . وبجلسة 8/4/1986 أصدرت المحكمة الادارية حكمها بقبول تدخل المذكور وبالغاء القرار الصادر من وزارة الداخلية بعدم ادراج اسم المدعى فى كشف المرشحين للعمدية ، فطعن المتدخل فى هذا الحكم أمام محكمة القضاء الادارى بالمنصورة بالطعن رقم 122/8ق . س طالبا الغاءه ورفض الدعوى .

وبجلسة 12/2/1987 أصدرت المحكمة حكمها محل هذا الطعن واقامته على أسباب محصلها أن المادة الثالثة من القانون رقم 58 لسنة 1978 فى شأن العمد والمشايخ تتطلب أولا : أن يكون المرشح مالكا لمساحة لا تقل عن خمسة أفدنة ويكفى أن تكون ثابتة بعقد عرفى قبل فتح باب الترشيح ، طبقا للدلائل والقرائن التى تستظهرها المحكمة متى كانت جدية . واعترفت بالحيازة ودفع المال . وثانيا : وأن يكون حائزا لهذا النصاب من الأراضى الزراعية حيازة فعلية وثالثا : أن تكون الملكية والحيازة ثابتة للمرشح قبل فتح باب الترشيح . وأن الثابت بالأوراق أنه بتاريخ 2/10/1983 تنازل ……………… الى المطعون ضده عن مساحة 5 أفدنة و 11 قيراط و 16 سهم كان قد رسا عليه مزادها من الادارة العامة للأملاك فى 24/10/1950 نظير مبلغ 360 جنيه يدفع على أقساط ، وتصدق على هذا التنازل أمام الشهر العقارى فى 23/10/1983 وبتاريخ 26/1/1984 وافقت مصلحة الأملاك على هذا التنازل . وبتاريخ 3/4/1984 تم تسجيل البيعة بالشهر العقاري برقم 1205 لسنة 1984 وقعها كل من مدير عام الاصلاح الزراعي بالدقهلية ، بصفته بائعاً ، والمطعون ضده ، بصفته مشتريا ، وأن هذا البيع كان معلقا على شرط واقف ، وهو موافقة مصلحة الأملاك عليه ، وأن تحقق الشرط يرتد الى تاريخ التنازل الحاصل فى 23/10/1983 قبل فتح باب الترشيح فى 9/1/1984 ، ومن ثم يتوفر للمطعون ضده شرط ملكية النصاب المالى المذكور قبل فتح باب الترشيح للعمدية . وأن المطعون ضده قدم شهادة من الجمعية الزراعية تفيد حيازته لمساحة 23 ف 8 س عن السنوات من 73/84 الزراعية قال عنها الطاعن أنها لا تشمل المساحة محل الملكية ، وأن القانون لم يتطلب أن تكون الحيازة خاصة بملكية المساحة ذاتها ، ومن ثم فان المطعون ضده يكون حائزا للنصاب المالى عند فتح باب الترشيح للعمدية .

ومن حيث أن مبنى الطعن الماثل هو مخالفة ما جرى عليه قضاء المحكمة الادارية العليا ، وأن الفصل فيه يقتضى تقرير مبدأ قانونى فى بعض جزئياته لم يسبق لهذه المحكمة تقريره ، وذلك تأسيسا على أن القانون رقم 58 لسنة 1978 المعدل بالقانون رقم 147 لسنة 1980 رجع الى النصاب المالى الذى كان معمولا به فى القانونين رقمى 141 لسنة 1947 و 106 لسنة 1957 ، مما يقتضى أعمال المبادئ القانونية التى قررتها محكمة القضاء الاداري والمحكمة الادارية العليا فى ظل العمل بهذين القانونين ومقتضاها أن بحث الملكية فى مجال النصاب المالى يختلف عن بحث الملكية أمام المحاكم المدنية ولا يجوز حكم القضاء الادارى بها حجية فى هذا الخصوص وحسبة أن يستظهر الأدلة والقرائن الظاهرة وأن العقد غير المسجل يؤخذ به متى كان جديا واقترن بالحيازة ودفع المال ، فيعتبر صاحبة فى حكم المالك ، وأن الدلائل الظاهرة التى أشار الحكم المطعون فيه فى تاريخ خلو المنصب وفتح باب الترشيح ، لا تدفعه للاعتقاد بجدية التصرف المشار اليه بل تثير الشك فيه ، مما يكون معه الحكم المطعون فيه قد صدر مخالفا لما جرى عليه قضاء المحكمة الادارية العليا أما فيما يتعلق بشرط الحيازة لخمسة أفدنة فقد ذهب الحكم المطعون فيه ألى أن القانون لم يتطلب أن تكون الحيازة خاصة بملكية المساحة ذاتها ، فى حين أن نص القانون رقم 58 لسنة 1978 يقتضى الا يقل الحيازة عن خمسة أفدنة ملكا ، أى أن ترد الحيازة على ذات المساحة المملوكة ، مما يقتضى مبدأ قانونى فى هذا الشان .

ومن حيث أن نص الفقرة الأخيرة من المادة 23 م قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 يقضى بأن الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الادارى  فى الطعون المقدمة أمامها فى أحكام المحاكم الادارية ، لا يجوز الطعن فيها أمام المحكمة الادارية العليا ألا من رئيس هيئة مفوضى الدولة خلال ستين يوما من تاريخ صدور الحكم ، وذلك اذا صدر الحكم على خلاف ما جرى عليه قضاء المحكمة الادارية العليا ، أو إذا كان الفصل فى الطعن يقتضى تقريرا مبدأ قانونى لم يسبق لهذه المحكمة تقريره .

ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن طعن هيئة مفوضى الدولة فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بهيئة استئنافية أمام المحكمة الادارية العليا لير الحالتين المنصوص عليهما فى المادة 23 من قانون مجلس الدولة المشار اليه يترتب الحكم بعدم جواز نظر الطعن .

ومن حيث أنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن ، المتعلق بمخالفة الحكم المطعون فيه لما جرى عليه قضاء المحكمة الادارية فى شأن النصاب المالى المطلوب للترشيخ للعمدية فالثابت أن الحكم المطعون فيه قد استند الى ما جرى عليه قضاء المحكمة الادارية العليا بالنسبة لبحث توافر ملكية هذا النصاب وأورد ذات العبارات المدونة بأسباب حكمها الصادر بجلسة 24/12/1960 فى الطعن رقم 848/5 ق–  الذى استند اليه تقرير الطعن – الا أن الحكم المطعون فيه استخلص دلائل جدية التصرف استخلاصا غير سائغ أو من أصول لا تنتجها فى نظر الطاعن ، وهى مسألة اذ تتعلق باستخلاص المحكمة لدلائل جدية التصرف فانها تعتبر مسألة واقع تقدرها محكمة الموضوع ومن ثم فلا يندرج ضن الحالة الأولى من حالتى الطعن المنصوص عليهما فى الفقرة الأخيرة من المادة 23من قانون مجلس المشار اليه .

ومن حيث أنه ولئن كان ذلك الا أن الوجه الثانى من أوجه الطعن – المتعلق بتقرير قانونى لم يسبق للمحكمة تقريره فى شأن حيازة المرشح للعمدية لذات القدر من الأراضى الزراعية المملوكة له – تتوافر به الحالة الثانية من حالتى الطعن المنصوص عليهما فى المادة 23 المذكورة ، مما يضحى معه الطعن جائزا ومقبولا ، ومؤدى ذلك أنه يطرح الخصومة برمتها على المحكمة لتنزل عليها صحيح حكم القانون .

ومن حيث أن المادة 5/3 من القانون رقم 58 لسنة 1978 فى شأن العمد والمشايخ ، المعدل بالقانون رقم 147 لسنة 1980 ، تنص فى البند الخامس منها على أنه : “يجب فيمن يعين عمدة أو شيخا ألا تقل حيازة من يرشح للعمدية عن خمسة أفدنة ملكا بزمام القرية أو القرى المجاورة … ” وهى عبارة صريحة فى أن تكون حيازة المرشح لهذا القدر هى بسبب الملكية واذ لا اجتهاد مع صراحة النص ، فان لا محيص من القول بأنه يشترط قانونا فيمن يرشح للعمدية أن يكون مالكا حائزا لخمسة أفدنة على الأقل فى زمام القرية أو القرى المجاورة ، وذلك فى وقت الترشيح للعمدية .

ومن حيث أنه عن ثبوت ملكية المطعون ضده الأول لهذا النصاب وقت فتح باب الترشيح للعمدية فى 9/1/1984 حتى 18/1/1984 ، فقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن بحث ملكية المرشح للعمدية وغيرها من المناصب التى يشترط فيمن يشغلها توافر نصاب مالى ، يختلف عن بحث الملكية أمام المحاكم المدنية ، فليس من شأن القضاء الأدارى أن يفصل فى موضوع هذه الملكية ولا تحوز أحكامه قوة الشئ المحكوم به فى هذا الصدد ، وحسب المحكمة استظهار الادلة والقرائن والتعويل على ما تستخلصه منها ، ويكفى أن تقوم دلائل ظاهرة على الملكية ، وأن العقود ولو كانت غير مسجلة تصلح لاقامة الدليل الظاهر متى كانت جدية واقترنت بالحيازة ودفع المال .

ومن حيث أنه يلزم قبل بحث جدية التصرف المتخذ دليلا على الملكية ، قيام هذا التصرف أصلا وقت فتح باب الترشيح للعمدية ، والثابت فى هذا الصدد أنه بتاريخ 2/10/1983 تنازل السيد / ………………… الى المطعون ضده الأول عن مساحة 5 ف 11 ط 16 س كان قد رسا عليه مزادها من الادارة العامة للاملاك فى 24/10/1950 نظير مبلغ 360 جنيه تدفع على أقساط وتصدق على هذا التنازل أما الشهر العقارى فى 22/10/1983 ، وبتاريخ 26/1/1984 وافقت مصلحة الأملاك على هذا التنازل ، والثابت أيضا أن هذا البيع بين مصلحة الأملاك والمتنازل السيد /………………… لم يتم تسجيله ، كما أنه يتضمن شرطا بمنعه من التصرف فى كامل الأرض المبيعة او جزء منها دون الحصول على أذن كتابى من المصلحة .

ومن حيث أن البيع غير المسجل يقتصر على انشاء حقوقو شخصية فتكون قابلة الحوالة ، ومن ثم فيجوز فى البيع غير المسجل لعقار معين بالذات أن يحول المشترى حقه الشخصى وفقا لأجراءت الحوالة لا لجراءات التسجيل (فى هذا المعنى نقض مدنى 3 فبراير سنة 1955 مج 6 رقم 76 ص 594 ) والأصل فى الحقوق الشخصية ، طبقا لنص المادة 303 مدنى ، أن تكون قابلة للحوالة بغير رضاء المدين ، الا إذا حال دون ذلك نص القانون أو اتفاق المتعاقدين أو طبيعة الالتزام .

ومن حيث أنه متى كان كذلك ، وكان عقد البيع غير المسجل المبرم بين مصلحة الاملاك والمحيل ، السيد/…………… ، عن مساحة 5 ف 11 ط 16س المذكورة يتضمن شرطا هو فى حقيقته عدم جواز حوالة

حق المذكور الى الغير  الا بموافقة كتابية من مصلحة الاملاك ، وهو اتفاق جائز وصحيح باعتبار أن قابلية الحق للحوالة ليست من النظام العام فان مقتضى ذلك ولازمه هو أن الحوالة التى اجراها السيد / ………… لا تتم ولا تنعقد الا برضاء مصلحة الاملاك ، أذ أن هذا الرضاء ركن فيها . والثابت أن هذا الرضاء لم يتحقق الا فى 26/1/1984 بعد قفل باب الترشيح للعمدية فى 18/1/1984 . ومن ثم فإن الحوالة المذكورة لم تتحقق الا بعد قفل باب الترشيح ، ومؤدى ذلك أنه لم يتوافر فى المطعون ضد الأول شرط النصاب المالى اللازم للترشيح قبل قفل باب هذا الترشيح فى 18/1/1984 . وغنى عن البيان انه لا جدوى بعد ذلك للخوض فى مدى جدية هذا التصرف ، إذ أنه غير منتج فى الدعوى ، ويكون القرار الطعين بعدم ادراج اسمه فى كشف المرشحين لعدم توافر النصاب المالى فى حقه وقت فتح باب الترشيح للعمدية قد صادف صحيح حكم القانون مما يتعين معه القضاء برفض دعواه بطلب الغائه . واذ ذهب الحكم المطعون فيه الى خلافه فانه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله حقيقا بالالغاء وبرفض دعوى المطعون ضده الأول والزامه المصروفات .

 

* فلهذه الأسباب

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى والزمت المطعون ضده ألأول المصروفات.

 

 

 

المادة الثالثة من القانون رقم 58 لسنة 1978 في شأن العمد والمشايخ- ثمة شروط يتعين توافرها فيمن يعين عمدة أو شيخا منها أن يكون حسن السمعة وغير محروم من مباشرة حقوقه السياسية أو موقوف حقه فيها- عملية شغل وظيفة العمدة أو الشيخ تمر بعدة مراحل تبدأ بتقديم طلب الترشيح وتنتهي برفع قرار لجنة العمد والمشايخ بتعيين العمدة أو الشيخ إلى وزير الداخلية لاعتماده- توافر الشروط المنصوص عليها في المادة الثالثة ومنها شرط حسن السمعة يتعين أن تتحقق في طالب شغل وظيفة العمدة أو الشيخ منذ تقديم الطلب وحتى صدور القرار من لجنة العمد والمشايخ بتعيينه في الوظيفة- إذا تخلف أحد الشروط وحتى بعد قبول أوراق الترشيح وانتهاء مرحلة إعداد كشوف المرشحين فإن ذلك لا يغل يد جهة الإدارة في إعمال حكم القانون واستبعاد من تخلف بشأنه أحد الشروط- تطبيق. بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد أنور محفوظ رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد المهدى مليحي ومحمد أمين المهدى وسعد الله محمد حنتيرة وإسماعيل صديق راشد المستشارين

 

* إجراءات الطعن

 

في يوم الأربعاء الموافق 20/7/1988 أودع الأستاذ المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2801 لسنة 34 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة منازعات الأفراد والهيئات في الطعنين رقمي 522 و 615 لسنة 19 ق. س في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بطنطا في الدعوى رقم 1739 لسنة 12 ق بجلسة 26/2/1987 والقاضي بقبول الطعنين شكلا وبرفضهما موضوعا وألزمت الطاعنين المصروفات.

وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وحكم المحكمة الإدارية بطنطا في الدعوى رقم 1739 لسنة 12 ق والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات وتم إعلان الطعن قانونا وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبولي الطعن شكلا وفى موضوعه بالرفض.

وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 19/12/1988 وتداولت نظره بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها حتى قررت بجلسة 5/6/1989 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا. دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات ” وحددت لنظره جلسة 14/10/1989 وفيها استمعت المحكمة لما رأت لزوما لسماعه أن إيضاحات ذوى الشأن وقررت إصدار الحكم بجلسة 18/11/1989 وفيها تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 9/12/1989 لإتمام المداولة، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

 

* المحكمة

 

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.

من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.

ومن حيث أن عناصر المنازعة تتحصل- حسبما يبين من الأوراق- في أن…………….. أقام الطعن رقم 522 لسنة 19 ق. أمام محكمة القضاء الإداري ضد وزير الداخلية ومدير أمن المنوفية و……………………………… في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بطنطا بجلسة 26/2/1987 في الدعوى رقم 1739 لسنة 12 ق المقامة من المطعون ضده الثالث ضد المطعون ضدهما الأول والثاني والطاعن والذي قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم سابقة التظلم وبقبولها شكلا وفى الموضوع بإلغاء قرار لجنة العمد والمشايخ بمديرية أمن المنوفية الصادر في 31/7/1984 باستبعاد اسم المدعي من كشف المرشحين لعمدية قرية هيت مركز منوف محافظة المنوفية مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الإدارة المصاريف. وطلب الطاعن الحكم وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وإلغائه لمخالفته لقانون العمد والمشايخ رقم 58 لسنة 1978. وأقامت هيئة قضايا الدولة نيابة عن كل من وزير الداخلية ومدير أمن المنوفية أمام محكمة القضاء الإداري الطعن رقم 615 لسنة 19 ق. س في الحكم المذكور وطلبت بصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى المستأنف حكمها برمتها وإلزام المطعون ضده الأول المصروفات.

وبجلسة 7/6/1988 حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا ورفضهما موضوعا وألزمت الطاعنين المصروفات وأقامت قضا عما على أن الموضوع يخلص في أن …………………….. المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1739 لسنة 12 ق أمام المحكمة الإدارية بطنطا طلب في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار لجنة العمد والمشايخ الصادر بتاريخ 31/7/1984 باستبعاده من كشوف المرشحين لعمدية قرية هيت مركز منوف مع ما يترتب على ذلك من أثار، وقال شرحا لدعواه أنه تقدم لمدير أمن المنوفية لشغل وظيفة عمدة القرية المذكورة ومعه آخرون، وطعن في ترشيحه لتلك الوظيفة وبتاريخ 1/11/1983 انتهت لجنة فحص الطعون من عملها ورفضت الطعن وأعلنت الكشوف النهائية متضمنة اسمه وأضاف أنه بعد مرور عام وبتاريخ 31/7/1984 استدعى للحضور أمام لجنة العمد والمشايخ وأخطر باستبعاده من كشوف المرشحين واعتبار………………………. ، هو المرشح الوحيد بمقولة أنه سبق الحكم عليه بعقوبة شهر مع إيقاف التنفيذ في جريمة شيك بدون رصيد على الرغم من أن ذلك كان تحت بصر لجنة فحص الطعون التي أقرت ترشيحه ورفضت الطعن المقدم ضده، وأنه تظلم إلى وزير الداخلية ومدير أمن المنوفية. وبجلسة 26/2/1982 أصدرت المحكمة الإدارية بطنطا حكمها برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم سابقة التظلم وبقبولها شكلا وفى الموضوع بإلغاء قرار لجنة العمد والمشايخ بمديرية أمن المنوفية الصادر في 31/7/1984 باستبعاد اسم المدعي من كشف المرشحين لعمدية قرية هيت مركز منوف محافظة المنوفية مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الإدارة المصروفات، وأقامت المحكمة الإدارية بطنطا قضاءها على سند من القول حاصله أنه بتاريخ 8/9/1983 فتح باب الترشيح لشغل وظيفة عمدة القرية المذكورة وتقدم لها أربعة مرشحون ومنهم……….،……………… وقبلت أوراقهما فقط إلا أن ……………….. طعن في قبول ترشيح……………………….. أمام لجنة الطعون التي أصدرت قرارها في 14/11/1983 برفض الطعن واستمرار ترشيح المذكور ثم عاود …………… التقدم بطعن أخر في 28/1/1984 أسسه على أن………………………. صدر عليه حكم من محكمة الجنح المستأنفة بشبين الكوم في القضية رقم 11169 لسنة 1982 بجلسة 13/1/1983 في جريمة إصدار شيك بدون رصيد وقد تصدت لبحث هذا الطعن لجنة العمد والمشايخ بالمديرية وأصدرت قرارها في 31/7/1984 باستبعاد اسم ……………….. من كشف المرشحين لشغل هذه الوظيفة لسوء السمعة وتعيين المرشح الآخر…………………… عمدة للقرية وأرسلت الأوراق إلى الإدارة العامة للشئون الإدارية لاعتماد القرار، وأضافت المحكمة أن المشرع أناط في المادة (6) من القانون رقم 58 لسنة 1978 بشأن العمد والمشايخ بلجنة خاصة مشكلة على نحو معين الفصل في طلبات الترشيح الخاصة بوظيفة العمدة وأجاز لصاحب الشأن الطعن في قرار هذه اللجنة أمام وزارة الداخلية، ولا يبين من القانون سالف الذكر أن المشرع أناط بلجنة العمد والمشايخ المنصوص على تشكيلها في المادة (14) من ذات القانون حق التعقيب على قرارات لجنة فحص الطعون وعلى ذلك فما كان يجوز للجنة العمد والمشايخ أن تتصدى لفحص طعن هو من صميم اختصاص لجنة فحص الطعون، فضلا عن أن هذه اللجنة الأخيرة أصدرت قرارا سابقا بشأن………………………. وعلى ذلك يكون تصدي لجنة العمد والمشايخ لذلك. مرة أخرى وإصدار قرار بشأنه قد جاء مخالفا للقانون ، وأضافت محكمة القضاء الإداري في حكمها المطعون فيه بعد استعراض أوجه الطعنين المقدمين في حكم المحكمة الإدارية سالف الذكر، أن المشرع في المادة السادسة من القانون رقم 58 لسنة 1978 في شأن العمد والمشايخ أناط باللجنة المشكلة وفقا لهذا النص أمر الفصل في طلبات الترشيح الخاصة بوظيفتي العمد والمشايخ وقصر سلطة وزير الداخلية في التعقيب فقط على قرارات تلك اللجنة التي تصدرها بشأن الاستبعاد عن الترشيح فإن مؤدى ذلك أن ماعدا هذه القرارات كتلك التي تصدرها اللجنة برفض الطعون المقدمة ضد المرشحين المقبولين للترشيح لشغل وظيفة العمد تعد قرارات نهائية تستنفذ اللجنة المذكورة سلطتها بإصدارها ولا تملك أية جهة إدارية أخرى التعقيب عليها ومن ثم فإنه يجوز الطعن على هذه القرارات مباشرة أمام القضاء الإداري في حدود الإجراءات والمواعيد المقررة قانونا لذلك، واستطردت المحكمة أن لجنة العمد والمشايخ المنصوص عليها في المادة (14) من القانون رقم 58 لسنة 1978 سالف الذكر هي لجنة منفصلة ومستقلة تماما عن اللجنة المشار إليها في المادة السادسة إذ تمارس تلك اللجنة اختصاصاتها التي خولها لها القانون بالنسبة لمن تم اختياره فعلا لمنصب العمدة أو الشيخ ولا اختصاص لها في التعقيب على قرارات لجنة فحص الطعون ومن ثم فما كان يجوز للجنة العمد والمشايخ أن تتصدى لفحص طعن هو من صميم اختصاص اللجنة المشار إليها في المادة السادسة والتي سبق لها أن أصدرت قرارا في 14/11/1983 برفض الطعن ا لمقدم من ………………….. ضد…………………. ومن ثم ادرج اسم المطعون ضده في كشوف المرشحين التي ستجرى الانتخابات على أساسها، وبذلك يكون الحكم المطعون فيه الصادر من المحكمة الإدارية بإلغاء القرار المطعون فيه سليما ومتفقا وأحكام القانون.

ومن حيث أن مبنى الطعن الماثل والمقدم من هيئة مفوضي الدولة أن الحكم المطعون فيه خالف أحكام القانون وأخطأ في تفسيره وتأويله ذلك أنه يبين من نص المادة السادسة والمادة (11) من القانون رقم 58 لسنة 1978 في شأن العمد والمشايخ، استقلال كل من مرحلتي الترشيح والانتخاب وانتفاء سلطة لجنة العمد والمشايخ المنصوص على تشكيلها واختصاصاتها في المادة (11) في التعقيب على قرارات لجنة فحص الطعون في الترشيحات المنصوص عليها في المادة السادسة، وأن لجنة العمد والمشايخ التي تستوفى إجراءات تعيين العمدة وتوافر شروط التعيين فيه، ترفع توصياتها إلى وزير الداخلية ليصدر قراره النهائي بالتعيين، كما أن للوزير إعادة الأوراق إلى اللجنة مشفوعة بملاحظاته، فإذا تمسكت اللجنة برأيها كان للوزير أن يتخذ ما يراه ويكون قراره في هذا الشأن نهائيا، ونصت المادة الثالثة من القانون سالف الذكر على الشروط التي يتعين أن تتوافر فيمن يعين عمدة أو شيخا ومنها أن يكون حسن السمعة وغير محروم من مباشرة حقوقه السياسية، ولما كان الثابت من الأوراق أن…………………… قد قضي بحبسه شهرا مع النفاذ في الجنحة رقم 3047 سنة 1982 لإصداره شيكا بدون رصيد وتأيد هذا الحكم استئنافيا في 13/1/1983 مع إيقاف تنفيذه وأصبح هذا الحكم نهائيا لعدم الطعن عليه بالنقض ، وهذا الحكم لم يكن تحت نظر لجنة فحص الطعون وقت إصدارها القرار بقبول ترشيحه، وقد تطلب المشرع توافر شروط معينة فيمن يعين لوظيفة العمدة أو الشيخ ومنها أن يكون حسن السمعة ويتعين أن تتوافر هذه الشروط وقت تقديم طلب الترشيح والثابت من الأوراق أن الحكم الاستئنافي صادر في تاريخ سابق على فتح باب الترشيح للعمدية والحاصل في 1/11/1983 ولاشك أن جريمة الشيك بدون رصيد من الجرائم التي تفقد حسن السمعة ومن ثم فإن تقدم المذكور بطلب الترشيح مخفيا إدانته في جريمة إصدار شيك بدرون رصيد والذي لم تكتشفه جهة الإدارة إلا بعد انتهاء إجراءات الترشيح يشكل غشا وتدليسا من جهة طالب الترشيح يعدم معه كافة إجراءات الترشيح التي اتخذتها الجهة الإدارية ويكون القرار بقبول ترشيحه معدوما ويجوز سحبه في أي وقت باعتبار أنه بني على غش، ومن ثم فلا تثريب على الجهة الإدارية أن عرضت الأوراق على لجنة العمد والمشايخ التي قررت بتاريخ 31/7/1984 باستبعاد……………………….. من كشف المرشحين للعمدية لافتقاده شرط حسن السمعة ويكون قرارها متفقا وصحيح حكم القانون ذلك أنة يبين من استعراض أحكام القانون رقم 58 لسنة 1978 أن لجنة العمد والمشايخ إذا ثبت لها بعد استنفاد مرحلة الترشيح الأولية أن أحد المرشحين سبق الحكم عليه في جريمة ماسة بالسمعة وأنه أخفى هذه الواقعة عن لجنة فحص الطعون المنصوص عليها في المادة السادسة أن تتصدى لهذه المسألة وتفصل فيها ولا تثريب عليها أن توصي باستبعاد المرشح للعمدية لعدم توافر شرط حسن السمعة وهو شرط ابتداء واستمرار ولوزير الداخلية أن يتخذ قراره الذي على مقتضاه تتحدد المراكز القانونية لذوىالشأن.

ومن حيث أنه يبين من استعراض نصوص القانون رقم 58 لسنة 1978 في شأن العمد والمشايخ أن المادة الثالثة تنص على أنه ” يجب فيمن يعين عمدة أو شيخا توافر الشروط الآتية: 1-…………………. 2- أن يكون حسن السمعة، وغير محروم من مباشرة حقوقه السياسية أو موقوف حقه فيها………. ” وتنص المادة السادسة على أنه ” تفصل في طلبات الترشيح الخاصة بوظيفتي العمدة والشيخ لجنة مؤلفة من مدير الأمن أو نائبه في حالة غيابه رئيسا وقاض تعينه الجمعية العمومية للمحكمة التي تقع في دائرتها القرية محل طلبات الترشيح وأحد وكلاء النيابة الذي يعينه رئيس النيابة المختصة وعضوان من لجنة العمد والمشايخ أحدهما عن المركز أعضاء ولا يكون اجتماع اللجنة صحيحا إلا بحضور أربعة من أعضائها بما فيهم الرئيس وتصدر قرارات اللجنة بأغلبية الأصوات، ويخطر بها صاحب الشأن ولمن استبعد اسمه أن يطعن في قرار لجنة الطعون أمام وزارة الداخلية خلال خمسة عشر يوما من تاريخ استلامه القرار أو إبلاغه به كتابة. ولوزير الداخلية خلال شهر من تاريخ إبلاغه بالطعن أن يصدر قراره بما يراه وتخطر به المديرية لإخطار صاحب الشأن وإلا اعتبر قرار اللجنة في شأنه لاغيا ويدرج اسمه في كشف المرشحين ” وتنص المادة الحادية عشرة على أن ” يرفع قرار لجنة العمد والمشايخ بتعيين العمدة أو الشيخ إلى وزير الداخلية لاعتماده وله إعارة الأوراق إلى اللجنة مشفوعا بملاحظاته لتصحح الإجراءات من أخر إجراء تم صحيحا، فإذا تمسكت اللجنة برأيها كان للوزير أن يتخذ ما يرى ويكون قراره في هذا الشأن نهائيا…..” وتنص المادة الرابعة عشرة على أنه تكون في كل مديرية أمن لجنة تسمى لجنة العمد والمشايخ تختص بالنظر في مسائل العمد والمشايخ وما يتعلق بهم وفقا لأحكام هذا القانون وتشكل من: ومن حيث أن مفاد ما تقدم أن ثمة شروطا يتعين توافرها فيمن يعين في وظيفة العمدة أو الشيخ وهي ما نصت عليه المادة الثالثة ومن تلك الشروط أن يكون حسن السمعة، وباستقراء نصوص قانون العمد والمشايخ يبين أن إجراءات شغل الوظيفة تبدأ بالإجراءات المنصوص عليها في المادة الرابعة من القانون سالف الذكر بأن يتقدم من تتوافر فيه شروط الترشيح بطلب مكتوب إلى مدير الأمن بالنسبة لوظيفة العمدة لوالى مأمور المركز بالنسبة لوظيفة الشيخ، ثم تضمنت المادة الخامسة إجراءات عرض الكشوف بأسماء من قبلت أوراق ترشيحهم وتناولت المادة السادسة تشكيل اللجنة المختصة بالفصل في طلبات الترشيح، وعلى ذلك فإن عملية شغل وظيفة العمدة أو الشيخ تمر بعدة مراحل تبدأ بتقديم طلب الترشيح وتنتهي بأن تتخذ لجنة العمد والمشايخ طبقا للمادة 11 سالفة الذكر قرارا بالتعيين يرفع إلى وزير الداخلية.

ومن حيث أنه في ضوء ما تقدم فإن توافر الشروط المنصوص عليها في المادة الثالثة سالفة الذكر ومنها شرط حسن السمعة يتعين أن تتحقق في طالب شغل وظيفة العمدة أو الشيخ منذ تقديم الطلب وحتى صدور القرار من لجنة العمد والمشايخ بتعيينه في الوظيفة وعلى ذلك فإذا تخلف أحد الشروط وحتى بعد قبول أوراق الترشيح وانتهاء مرحلة إعداد كشوف المرشحين فإن ذلك لا يغل يد جهة الإدارة في إعمال حكم القانون واستبعاد من تخلف بشأنه أحد هذه الشروط.

ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن شرط حسن السمعة قد تخلف بشأن السيد/ ……………………………….. لصدور حكم بحبسه شهرا مع النفاذ في الجنحة رقم 3047 لسنة 1982 لإصداره شيكا بد ون رصيد وتأيد هذا الحكم استئنافيا في 13/1/1983 مع إيقاف تنفيذه، كل ذلك قبل فتح باب الترشيح لشغل وظيفة العمد والمشايخ فإن استبعاد اسمه من كشوف المرشحين بالقرار المطعون فيه وما ترتب على ذلك من عدم إجراء الانتخابات بعد أن أصبح السيد/…………………..

هو المرشح الوحيد، يكون قد صدر سليما متفقا وأحكام القانون ولا يؤثر في ذلك سبق صدور قرار من لجنة فحص طلبات الترشيح برفض الطعن المقدم بشأن السيد المذكور حيث لم يكن أمام اللجنة ما يفيد تخلف شرط حسن السمعة على النحو سالف الذكر.

ومن حيث أنه تأسيسا على ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ!لم يأخذ بوجهة النظر هذه يكون قد خالف القانون مت!عينا الحكم بإلغائه وإلغاء حكم المحكمة الإدارية بطنطا في الدعوى رقم 1739 لسنة 12 ق وبرفض طلب إلغاء قرار لجنة العمد والمشايخ بمديرية أمن المنوفية الصادر في 31/7/1984 باستبعاد اسم ……………. من كشف المرشحين لعمدية قرية هيت مركز منوف وما يترتب على ذلك من آثار.

 

* فلهذه الأسباب

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بطنطا في الدعوى رقم 1739 لسنة 12 ق بجلسة 26/2/1987، وبرفض طلب إلغاء قرار لجنة العمد والمشايخ بمديرية أمن المنوفية الصادر في 31/7/1984 باستبعاد اسم…………….. من كشف المرشحين لعمدية قرية هيت مركز منوف وما يترتب على ذلك من آثار وإلزامه بالمصروفات.

 

 

 

 

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى