من اسباب الطعن بالنقض – الخطاء فى تطبيق القانون
الخطأ فى تطبيق القانون وتأويله
والفساد فى الأستدلال
نعى دفاع الطاعن الأول على قضاء الحكم
الطعين بمذكرتى أسباب الطعن بالنقض المودعة أولهما من د/ عبد الرؤوف مهدى بالسبب
الأول والأخرى المودعة من الأستاذ شوقى ربيع داود بسببها الرابع بطلان الإجراءات
الجنائية التى اتخذت فى الدعوى وما أسفرت عنها من أدله قبل صدور أذن من مجلس الشعب
برفع الحصانة عن الطاعن نزولاً على مقتضى نص المادتين 99 من الدستور التى ورد
بها انه
” لا يجوز فى غير حالات التلبس بالجريمة
اتخاذ أى إجراءات جنائية
ضد
عضو مجلس الشعب إلا بإذن سابق من المجلس وفى غير دور الانعقاد للمجلس ويتعين أخذ
إذن رئيس المجلس ويخطر المجلس عند أول انعقاد له بما اتخذ من إجراءات ”
وبما أوردته المادة 9/2 من قانون
الإجراءات الجنائية التى نصت على انه ” فى جميع الأحوال التى يشترط فيها القانون لرفع الدعوى الجنائية
تقديم شكوى او الحصول على إذن أو طلب من المجنى عليه أو غيره فأنه لا يجوز اتخاذ
إجراءات التحقيق فيها إلا بعد تقديم هذه الشكوى أو الحصول على الإذن و الطلب
“
بيد
أن الحكم الطعين قد أطاح بهذا الدفاع بزعمه دون معين صحيح من أوراق الدعوى أن التحقيقات لم تشر إلى الطاعن الأول عضو مجلس
الشعب ولم يظهر له دور فى الوقائع المجرمة قانوناً إلا بجلسة التحقيق التى تمت فى
12/2/2002 والتى أعقبها مباشرة اتخاذ إجراءات استصدار الإذن برفع الحصانة عنه بناء
على مذكرة النيابة المحررة فى 16/2/2002 وصدر الإذن من رئيس مجلس الشعب بتاريخ
7/7/2002 برقم 516 لـسنة2002 , ثم صدر
قرار اخر برقم 835لـسنة2002 من رئيس مجلس الشعب بتاريخ 31/10/2002 وأضاف بأن
المحكمة تشير إلى أنها لم تعتمد فى حكمها على ما اتخذ من إجراءات تحقيق تتعلق
بالمتهم الأول قبل صدور الإذن الأول باعتبار ان الإجراء المقصود فى النص هو إجراء
التحقيق الذى تجريه النيابة دون غيرها من أجراءات الاستدلال.
وفات
محكمة الموضوع فى أسبابها انفه البيان أن تدرك مدى مخالفتها للثابت بالاوراق وما ران
عليها من تناقض فى الأسباب بتقريرها أنف البيان حال كون أوراق الدعوى تنطق بوضوح
تام لا لبس فيه ولا إبهام أن ثمه إجراءات جنائية عول عليها الحكم الطعين فى أسبابه
قد اتخذت بصدد الطاعن قبل صدور إذن مجلس الشعب برفع الحصانه عنه فقد سطر الضابط
محمد سامى رأفت بمحضره المؤرخ فى 27/10/1999 أشارة البدء بتوجيه الاتهام صراحة إلى
الطاعن بتسهيله استيلاء مجدى يعقوب على أموال بنك مصر اكستريور , وقد قامت النيابة
العامة بالتحقيق معه فى 28/10/1999 بسؤاله
عن هذا الاتهام الموجه منه إلى الطاعن كما عززت ذلك بسؤال عضو الرقابة الإدارية فى
22/1/2000 عن ذات الاتهامات , وانتدبت النيابة العامة لجنه الرقابة على البنوك فى
21/3/2000 وحلف أعضائها اليمين وتم سؤالهم بالتحقيقات بتاريخ 14/5/2000 بشأن ما
أسفر عنه فحصهم .
وجماع ما تقدم يظهر ان قضاء الحكم لم
يطالع أوراق الدعوى عن بصر وبصيرة وخالف الثابت بين يديه بالأوراق بادعائه أن
الطاعن لم يظهر دوره إلا فى 12/2/2002 غاضاً الطرف عن ما تم من إجراءات التحقيق
بشأن ما اسند إليه من اتهامات منذ عام 1999 وسؤال الشهود بشأنها .
وليس هناك من شك فى أن تلك الأقوال
والتحقيقات التى دارت جميعها فى فلك إسناد الاتهام للطاعن وما أدلى به الشهود من
وقائع تدخل فى نطاق القيد الذى أسبغه المشرع على اتخاذ أى إجراءات جنائية قبل عضو
مجلس الشعب إلا بعد صدور الإذن بذلك باعتبار أن صراحة النص فى دلالته على
إطلاق حدود القيد على أى إجراءات جنائية قبله
كما ورد بنص الماده 99 من الدستور وهو ما يشمل كل إجراء يمكن ان يرد ذكره
بقانون الإجراءات الجنائية ويدخل فى مفهومه القانونى والقول بغير ذلك يعد رمياً
للمشرع باللغو سيما وانه حال إفصاحه بذات المادة عن الاستثناء الوحيد عن هذا القيد
الشامل قد حصره فى نطاق حاله التلبس ومن ثم فإن سماع الشهود وندب الخبراء ومباشرة
مأموريتهم الفنية فى اتهامات عزاها مجرى التحريات
منذ البداية إلى الطاعن دون قيام النيابة العامة بما استوجبه القانون عليها
بأخذ الإذن من مجلس الشعب أو رئيسه بحسب الظروف التى أوردتها المادة 99 من الدستور
يبطل كافة ما قامت به من إجراءات وما أسفرت عنه من أدله .
ولا يقيل الحكم الطعين من عثرته تقريره
بأنه لم يعتمد بقضائه على ثمة دليلاً سابق على صدور الإذن من مجلس الشعب إذ انه قد سقط فى
تناقض واضح بين اعتماده بمدونات قضائه حقيقة على تحريات وأقوال الضابط محمد
رأفت ولجان الفحص وأقوالهم بالتحقيقات والتى مبناها جميعاً إسناد الاتهام من مجرى
التحريات للطاعن الأول وبين إعلانه السابق أبدائه بعدم التعويل على إى
دليل سابق على الإذن وبين أن يبطل هذه الشهادة السابقة على صدور إذن مجلس الشعب ، فأتت أسباب الحكم منهارة متناقضة ينفى بعضها
البعض بما يترتب عليه اختلال فكرة الحكم الطعين ويشوبه بالتناقض والتخاذل بمعنى
انه لو صح لدى الحكم ما وقر فى يقينه من بطلان التعويل على أى دليل سابق على صدور
الإذن فأنه لم يبقى له شيء يتساند إليه من اقوال مجرى التحريات التى ألصق خلالها
الاتهامات إلى الطاعن الأول قبل صدور الإذن .
ولا ينال من هذا النظر القول بقصر دلالة
المادة 99 من الدستور فى نطاق الإجراءات الماسة بشخص وحرمة مسكن عضو مجلس الشعب
سواء بتكليفه بالحضور أو استجوابه أو إصدار أمر بضبطه أو حبسه أو تفتيش مسكنه أو
تحريك الدعوى ضده أمام المحكمة الجنائية دون تلك الإجراءات الغير ماسه بشخصه كسماع
الشهود وإجراء المعاينات وندب الخبراء وغيرها لكون هذا الرأى مجاف لصحيح القانون
باعتبار ان المشرع لم يورد هذا القيد صراحة بالنص ومن ثم فهو تفسير غير سائغ
لأراده المشرع يتناقض صراحة وما أورده من استثناء ضيق على القيد المطروح على حرية
النيابة العامة فى اتخاذ إي إجراءات جنائية بحصرها فى نطاق حالة التلبس وليس العكس
.
وكان نص المادة 99 قد تضمن صراحة القيد
على أى
إجراءات جنائية متخذه وليس يسوغ بالعقل والمنطق القول
بأن قيام النيابة العامة بسماع الشهود وندب الخبراء وتحليفهم اليمين لا يعد إجراء
جنائى مما يدخل فى عموم نص المادة 99 من الدستور حال ورود اتهام عزى به إلى الطاعن
الأول منذ فجر هذه الإجراءات
ومهما يكن من أمر فأنه لا مساغ للتذرع
بالحكم الصادر فى الطعن رقم 13196لـسنة76ق جلسة 18/5/2006 والذى أستن مبدأ جديداً شذ
به عن المستقر عليه والمتواتر عليه بأحكام محكمة النقض من القول بأن النص فى
المادة 99 من الدستور على انه لا يجوز فى
غير حالة التلبس بالجريمة اتخاذ اى إجراءات جنائية ضد عضو مجلس الشعب الا بإذن
سابق من المجلس واضح الدلالة على أن الذى
يمتنع على جهة التحقيق هو اتخذ أى إجراء من إجراءات التحقيق الماسة بشخص مجلس
الشعب دون إجراءات التحقيق الغير ماسه بشخصه و التى لا يلزم لجهة التحقيق صدور
الإذن لإجراءها و القول فى ذلك الحكم بأن نص المادة 99 من الدستور هو الأعلى ولا
يجوز تقيده بالأدنى وهو نص المدة 9/2 من الإجراءات الجنائية التى تخطر اتخاذ إجراءات
التحقيق الا بعد صدور الإذن”
والحـــق
الذى لا مــراء فيه ان هذا المبدأ الوارد بالحكم أنف البيان قد ران عليه العديد من
المأخذ القانونية التى نجملها فى الاتى :
اولاً : انه لا يجوز التعويل على هذا المبدأ
الذى خرج عن المستقر عليه بأحكام النقض بهذا الشأن سيما الطعن رقم 20491 لـسنة 73ق
بجلسة 22/10/2003 وفى ذلك ما يترتب عليه بطلان هذا الحكم لمخالفته لمبدأ سابق
استقرت عليه أحكام محكمة النقض وذلك بالمخالفة لنص المادة 4/3 من قانون السلطة
القضائية رقم 46لـسنة1972 والتى جرى النص فيها على أنه “….. اذا رأت
إحدى الدوائر العدول عن مبدأ قانونى قررته أحكام سابقة صادرة من دوائر أخرى أحالت
الدعوى الى الهيئتين مجتمعين للفصل فيها وتصدر الأحكام فى هذه الحالة بأغلبية
أربعة عشر عضوا على الأقل “
ثانياً : أن صراحة نص المادة
99 من الدســتور ودلالة عبارته بالنــص على “إى إجراءات
جنائية “ هو فى حقيقته اشمل واعم من ما ورد بالتشريع الادنى ممثلاً فى
نص المادة 9/2 إجراءات جنائية بالنص على إجراءات “التحقيق
” وليس العكس كما صوره الحكم باعتبار ان مفهوم
” الأجراء الجنائى ” يشمل ما تقوم به النيابة العامة من إجراءات التحقيق
وما قد يقوم به غيرها من إجراءات جمع الاستدلالات وتلقى البلاغات وغيرها من
الإجراءات الجنائية برمتها فالمعنى الظاهر لعبارة المادة 99 من الدستور أشمل واعم
لكافة الإجراءات الجنائية دون إجراءات التحقيق فقط ومن ثم فإن البطلان يكون قد
اعتور كل أجراء تم قبل صدور الإذن بما فيها – وفقاً لهذا المفهوم – محضر التحريات
وجمع الاستدلالات حول شخص عضو مجلس الشعب لما ينطوى عليه من تهديد لحصانته التى
أراد المشرع إلا تكون عرضة للعبث والتهديد من قبل السلطة التنفيذية بجمع
الاستدلالات حول العضو والتحريات التى قد تتداخل مع حصانته و نشاطه النيابى وتعرقل
قيامه بواجبة وهو ما اختصه المشرع الدستورى بصريح النص الذى لا يحتاج لأدنى تأويل
حين استثنى حالة التلبس فقط من نطاق الإجراءات الجنائية التى يمكن ان تتخذ قبل عضو
مجلس الشعب .
ولا
شك ان المشرع الدستورى كان حصيفاً حين ضمن النص عبارة لا يجوز …….. اتخاذ ايه
إجراءات جنائية …… ” ومفهوم كلمه ايه إجراءات جنائية اعم واشمل من
إجراءات التحقيق على النحو السابق تبيانه .
ثالثاً : ولا ينال من هذا
النظر ما ذهبت إليه نيابة النقض بمذكرتها
من القول بأن المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية قد أعطت للنيابة العامة الحق
فى أتخاذ إجراءات التحقيق ورفع الدعوى الجنائية وانه لا يجوز تقييدها فى هذا الشأن
إلا بما ورد عليه الاستثناء من نص التشريع وهو قول مردود ولا يخلو من مغالطة
مفضوحة ذلك انه لا يجوز تقييد نص دستورى بتشريع ادنى منه متمثلاً فى نص المادة 1
من قانون الاجراءات الجنائية ولا يعد التعويل على ما لها من سلطان فى تحريك الدعوى
الجنائية كأصل يرد عليه استثناء رداً سائغ
على ما نحن يصدده من قيد يتعين أعمال إثارة فى كل إجراء تقوم به النيابه العامة أو
غيرها من مأموري الضبط القضائى اياً ما كان فيه ولا يعد ذلك من قبيل التوسع فى
الاستثناء وإنما هو قيد حدده المشرع الدستورى يتعين النزول عليه وإلغاء إى نص
تشريعى يتعارض معه .
ومن جماع ما تقدم يبين بوضوح تام لا لبس
فيه ولا أبهام أن محكمة النقض الموقره قد باتت على يقين تام بصحة ما أثاره الطاعن
فى مذكرتى الأسباب وببطلان كافة الإجراءات الجنائية التى اتخذت قبل الطاعن الأول
سواء منها ما تعلق بشخصه او بغير شخصه من إى نوع كانت وأن فى اعتصام الطاعن بنص
المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية يجعلنا أمام أمرين اولهما عدم
تمسك محكمة النقض بما جاء بالحكم الصادر فى الطعن المشار إليه انفً لمخالفته لنص
الفقرتين 2/3 من المادة 4 من قانون السلطة القضائية وثانيهما وعلى الأقل
إحالة الدعوى برمتهما لعرضها على هيئتى محكمة النقض مجتمعين للفصل فيها وتقرير احد
المبدأين المتعارضين