في الدعوى رقم 24256 لسنة 56 ق
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الثامنة
عقود وتعويضات ” زوجي ”
بالجلسة المنعقدة علناً في يوم الأحد الموافق 22/10/2006
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / عبد الفتاح صبري أبـو الليــــــــل نائب رئيس مجلس الدولة
ورئـــيــــس الــمـــــحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / سعيد حسين محمد المهدى النادى نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عبد الفتاح أمين عوض الله الجزار نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / ثــــــــروت محــــمد مــفـــــوض الـــــــــدولة
وسـكرتارية السيد / رأفت إبراهــــــــيم أمـيـــــــن الســـــــــــــــر
أصدرت الحكم الأتي
في الدعوى رقم 24256 لسنة 56 ق
الـمـقامـــــة مـــــن
عوض عبد الباقي أحمد أبو عثمان
ضــــــــــــد
السيد / وزيـــــر الداخلية …. ” بصفته ”
الوقــــــــــائع
أقام المدعي هذه الدعوى بصحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 28/9/2002 طالباً في ختامها الحكم : بإلزام المدعي عليه بصفته بأن يؤدي له تعويضاً عن كافة الأضرار المادية والأدبية التي أصابته من جراء اعتقاله ، مع إلزام المدعي عليه بصفته المصروفات.
وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه أعتقل في 25/11/1989 بمعرفة جهاز مباحث أمن الدولة ليلا دون ذنب اقترفه ، وتم إيداعه في السجن ليلاقي كل أنواع العذاب.
ونعي المدعي على قرار اعتقاله أنه صدر مشوباً بعيوب مخالفة القانون والانحراف بالسلطة وانعدام السبب حيث لم يكن من المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام وقت اعتقاله في 25/11/1989 وإنما تم اعتقاله لأسباب سياسية محضة.
وأضاف المدعي بأنه أصيب بسبب اعتقاله بأضرار مادية وأدبية جسيمة تمثلت في هدم كيان أسرته وتحملها أعباء مالية نتيجة اعتقاله وسبب له ذلك شعوراً بالإحباط والآلام النفسية التي أصابته نتيجة البعد عن أهلة وتقيد حريته دون سند من القانون.
وقد جرى تحضير الدعوى لدى هيئة مفوضي الدولة على النحو المبين بمحاضر الجلسات ،وفيها قدم وكيل المدعى حافظة مستندات طويت على المستندات المبينة على غلافها.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الدعوى إرتأت فيه لأسباب الحكم بقبول الدعوى شكلاً ، وفي الموضوع بإلزام المدعي عليه بصفته بأن يؤدي المدعي التعويض المناسب الذي تقدره المحكمة جبراً للإضرار المادية والأدبية التي أصابته من جراء اعتقاله.
وحددت المحكمة جلسة 16/1/2005 لنظر الدعوى وتدوول نظرها على النحو المبين بمحاضر الجلسات وفيها قدم وكيل المدعى حافظة مستندات كما قدم الحاضر عن الدولة حافظة مستندات ومذكرة بدفاعه طلب في ختامها الحكم : برفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات وفيها قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة اليوم مع مذكرات خلال شهر ، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمــــــــــة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
تابع الحكم في الدعوى رقم 24256 لسنة 57 ق
حيث أن المدعي يطلب الحكم بإلزام المدعي عليه بصفته بأن يؤدي إليه تعويضاً عما أصابه من أضرار مادية وأدبية من جراء اعتقاله في الفترة من 25/11/1989 حتي أفرج عنه في 16/1/1990 والمصروفات.
وحيث إن الثابت أن المدعي تقدم للجنة التوفيق في بعض المنازعات بالطلب رقم 7190 في عام 2002 وأوصت اللجنة بجلسة 27/7/2002 برفض الطلب.
ومن ثم فإن المدعي يكون قد سلك الطريق الذي رسمه المشرع بالقانون رقم 7 لسنة 2000 .
وإذ استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية المقررة قانوناً ، فهي مقبولة شكلاً.
وحيث إنه عن الموضوع : فإن من المستقر عليه أن مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الصادرة منها هو القيام خطأ من جانبها بأن يكون قرارها غير مشروع لعيب من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة، وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر مباشر من هذا الخطأ وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
وحيث إن الثابت أن المدعي قد اعتقل في الفترة سالفة البيان، ولم تقدم جهة الإدارة ثمة مستندات تبرر اعتقال المدعي خلال هذه الفترة.
و حيث أن من المسلم به أن نظام الطوارئ هو نظام استثنائي يستهدف غايات محددة ليس فيها ما يولد سلطات مطلقة أو مكنات بغير حدود فهو محض نظام خاضع للدستور والقانون ويتحقق في نطاق المشروعية ويدور في فلك القانون وسيادته ويتقيد بحدوده وضوابطه المرسومة .
و حيث إن القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ قد منح في المادة الثالثة منه لرئيس الجمهورية سلطة اعتقال الأشخاص المتشردين والمشتبه فيهم، كذلك الخطرين على الأمن والنظام العام و لما كان المقصود بالاشتباه هو المعني الاصطلاحي لهذه العبارة الواردة فى القانون رقم 98 لسنة 1945 في شأن المتشردين والمشتبه فيهم، كذلك فإن الخطرين على الأمن والنظام العام يقصد بهم الأشخاص الذين تقوم بهم خطورة على الأمن تستند إلى وقائع حقيقية منتجة في الدلالة على هذا المعنى ويجب أن تكون هذه الوقائع أفعالاً معينة يثبت ارتكاب الشخص لها ومرتبطة ارتباطاً مباشراً بما يراد الاستدلال عليه بها، كما أن مجرد انتماء الشخص- لو صح – إلى جماعة ذات مبادئ متطرفة أو منحرفة عن الدستور أو النظام الاجتماعي لا يعني حتماً وبذاته اعتباره من الخطرين على الأمن بالمعني المقصود من هذا اللفظ على مقتضى قانون الأحكام العرفية مادام لم يرتكب فعلاً شخصياً و أموراً من شأنها أن تصفه حقاً بهذا الوصف .
وحيث إن الجهة الإدارية لم تحدد وقائع مادية محددة ارتكبها المدعي وكانت ثابتة في حقه حتى يمكن إدراجه ضمن المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام حسبما استقرت عليه أحكام المحكمة من ضرورة استناد الخطورة إلى وقائع حقيقية منتجة في الدلالة على هذا المعنى فإن قرار اعتقال المدعى يكون قد صدر بالمخالفة لحكم المادة الثالثة من قانون الطوارئ السابق الإشارة إليه على نحو يتوافر معه ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية .
وحيث إن الاعتقال هو عين الضرر لأنه يحول بين المرء وكسب عيشه وينأي به عن أهله وذويه ليلقى به في المذلة والهوان فضلاً عن سلب حريته وإهدار لكرامته وأدميته فيكون بالتالي قرار الاعتقال قد الحق بالمدعي أضراراً مادية وأدبية يحق له المطالبة بالتعويض عنها.
ومن حيث إنه تتوافر علاقة السببية بين الخطأ الذي ثبت في حق جهة الإدارة مصدرة القرار الخاطئ الذي ألحق بالمدعي من جراء صدوره أضراراً مادية وأدبية بما يتوافر معه مناط مسئوليتها.
ومن حيث إن التعويض قد شرع لجبر الضرر ويدور معه وجوداً وعدماً ويقدر بمقداره، لذا فإن المحكمة تقدر تعويضاً جابراً لما أصاب المدعي من أضرار مادية وأدبية نتيجة اعتقاله من 25/11/1989 إلى 16/1/1990 بمبلغ مقداره (ألف وخمسمائة جنيه) يلزم به المدعى عليه بصفته.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً لحكم المادة 184 من قانون المرافعات .
فلهذه الأسبـــاب
حكمت المحكمة: بقبول الدعوى شكلاً ، وفي الموضوع بإلزام المدعي عليه بصفته بأن يؤدي للمدعي مبلغاً مقداره (ألف وخمسمائة جنيه) وألزمته بصفته بالمصروفات.
سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
ناسخ/ ياسر
روجع/