الاحكـام الدستوريةمبادئ و احكـام
أخر الأخبار

 أحكام الدستورية العليا – الطعن رقم 5 لسنة 3 ق – جلسة 29 / 6 / 1974 

الدعوى 5 لسنة 3 - دستورية - المحكمة العليا - مرفوعة علنية رقم 5 لسنة 3 بتاريخ 29/06/1974

 أحكام الدستورية العليا – الطعن رقم 5 لسنة 3 ق – جلسة 29 / 6 / 1974 

نص الحكم
الدعوى 5 لسنة 3 – دستورية – المحكمة العليا – مرفوعة علنية رقم 5 لسنة 3 بتاريخ 29/06/1974

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
باسم الشعب
المحكمــة العليـــا
بالجلسة العلنية المنعقدة في يوم السبت الموافق 29 من يونيه سنة 1974 م جمادي الآخرة سنة 1394 هـ .
برئاسة السيد المستشار بدوى إبراهيم حمودة رئيس المحكمـــة
وحضـور السادة المستشارين : محمد عبد الوهاب خليل و عادل عزيـز زخارى وعمر حافظ شريف ، نـواب رئيـس المحكمـة وحسـين زاكـى وأحمـد طوسون حسين ومحمد بهجت عتيبة أعضـاء
وحضور السيد المستشار / محمد كمال محفوظ مفوض الدولة
وحضور السيد / سيد عبد البارى إبراهيم أمــين الســـــــــــر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمـة العليا برقـم 5 لسنة 3 قضائية عليا دستورية .
المقامة من
1. السيد / عبد الخالق أحمد محمد بسيوني.
2. السيد / محمد علي الحداد.
3. السيد / محمد أحمد علي الجمجموني.
ضد
1. السيد / رئيس الوزراء.
2. السيدة / منيرة عبد الحميد سليمان.
الوقائــــــع
أقامت السيدة / منيرة عبد الحمـيد سليمـان العمـارة رقم 140 شارع بورسعيد بالإبراهيمية بمدينة الإسكندرية وقد قدرت لجنة تقدير الإيجارات بقرارها الصادر فى 25 من سبتمبر سنة 1971 أجرتها بمبلغ 227 مليماً و88 جنيهاً شهرياً موزعاً على وحدات العمارة فطعنت المالكة فى هذا القرار بالدعوى رقم 3157 سنة 1971 مدنى كلى إسكندرية ضد مستأجرى العمارة وطلبت تعديل القيمة الإيجارية التى قدرتها اللجنة استناداً إلى أنها قدرت قيمة العمارة أرضاً وبناء دون قيمتها الحقيقية وأثناء نظر الدعوى بجلسة 24 من فبراير سنة 1972 دفع بعض المستأجرين المدعى عليهم وهم عبد الخالق أحمد محمد بسيونى ومحمد على الحداد ومحمد أحمد الجمجونى بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 13 ( من القانون رقم 52 لسنة 1969 بشأن إيجارات الأماكن وتحديد العلاقة بين الملاك والمستأجرين ) وطلبوا وقف الدعوى حتى يتم الفصل فى الدعوى الدستورية .
وبجلسة 16 من مارس سنة 1972 حكمت المحكمة بوقف الدعوى حتى يفصل فى الطعن بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 13 من القانون 52 لسنة 1969 وحددت للمدعين ميعاد شهرين من تاريخ صدور هذا الحكم لرفع دعوى الدستورية . وقد رفع المدعون هذه الدعوى بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة فى 13 من مايو سنة 1972 ، وتولت هيئة مفوضى الدولة تحضير الدعوى وأعدت تقريراً انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بعدم دستورية النص المطعون فيه ، ثم أحيلت الدعوى إلى المحكمة وحدد لنظرها جلسة 2 من مارس سنة 1974 وفى هذه الجلسة والجلسات التالية نظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم ارجئ النطق بالحكم فيها لجلسة اليوم .
المحكمــــة
بعد الإطلاع على أوراق الدعوى وسماع الإيضاحات والمداولة .
من حيث إن المدعين ينعون على الفقرة الثانية من المادة 13 من القانون رقم 52 سنة 1969 بشأن إيجار الأماكن أنها تخالف الدستور فيما تضمنته من تخويل المحكمة الابتدائية التى يقع فى دائرتها المكان المؤجر اختصاص الفصل فى الطعون التى تقدم فى قرارات تقدير الإيجارات الصادرة من لجان تحديد الإيجارات ويقولون بياناً لذلك أن هذه اللجان هيئات إدارية تابعة للمحافظات وهذه من أشخاص القانون العام ومن ثم تكون قراراتها قرارات إدارية وفقاً للمعيار الشكلى الذى يعتد بشكل الهيئة التى تصدر القرار دون موضوعه وهو المعيار الغالب فى الفقه والقضاء ومن ثم يكون الطعن فى هذه القرارات منازعة إدارية يختص بالفصل فيها مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى وفقاً للمادة 172 من الدستور ومن ثم يكون تخويل القضاء العادى اختصاص الفصل فى هذه الطعون دون مجلس الدولة أمراً مخالفاً للمادة 172 من الدستور المتقدم ذكرهـا .
ومن حيث إن الحكومة دفعت الدعوى قائلة أن المادة 172 من الدستور إذ تنص على أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة يختص بالفصل فى المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية . فإنها لا تعنى قصر هذا الاختصاص على مجلس الدولة دون سواه من الهيئات القضائية بل إنها تعنى تحصين مجلس الدولة وضمان بقائه كهيئة مستقلة تقوم على رقابة مشروعية القرارات الإدارية وذلك دون تقييد لسلطة المشرع فى توزيع الاختصاصات بين جهات القضاء وفقاً للمادة 167 من الدستور .
وفضلاً عن ذلك فإن النزاع بشأن تحديد أجرة الأماكن المبنية ليس نزاعاً إدارياً لأن طرفيها مالك المكان المؤجر والمستأجر ولا يعدو دور لجنة تحديد الإيجارات فى هذا النزاع مجرد التدخل لتقديم المساعدة للطرفين بتقدير الأجرة وهى ركن من أركان عقد الإيجار فإن قبلا هذا التقدير أصبح نهائياً ملزماً لهما فى علاقتهما العقدية وإن اختلفا لجأ الطرف المتضرر إلى المحكمة الابتدائية المختصة للفصل فى النزاع وتقدير الأجرة بحكم قضائى تصدره فى مسألة من صميم اختصاصها .
ومن حيث إنه يستفاد من ذلك أن الخلاف بين طرفى الخصومة يقوم حول أمرين أولهما يتصل بمبدأ أساسى أرساه الدستور لأول مرة فى المادة 172 منه وهو تحديد اختصاص مجلس الدولة بالفصل فى المنازعات الإدارية وهل هو اختصاص مانع مقصور على مجلس الدولة ممتنع على سواه من الهيئات القضائية أم أن هذه المادة إنما ترسم إطاراً عاماً لاختصاص مجلس الدولة دون تقييد لسلطة المشرع فى توزيع الاختصاصات بين جهات القضاء تطبيقاً لنص المادة 167 من الدستور . والأمر الثانى يتعلق بتكييف المنازعة التى تثور بين المؤجر والمستأجر بشأن تحديد أجرة الأماكن المبنية وهى المنازعة التى نظمت إجراءات نظرها والفصل فيها الفقرة الثانية من المادة 13 من القانون رقم 52 لسنة 1969 بشأن إيجار الأماكن المطعون فيها وهل هى منازعة إدارية يختص بالفصل فيها القضاء الإدارى كما يرى المدعى أم أنها منازعة مدنية يختص بالفصل فيها القضاء المدنى كما تذهب إلى ذلك الحكومة .
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الأمر الأول فإنه يبين من استقصاء القوانين المنظمة لمجلس الدولة أنه أنشئ فى عام 1946 بالقانون رقم 112 لسنة 1946 وكان محدود الاختصاص بمسائل معينة على سبيل الحصر وكان القضاء العادى بوصفه الجهة ذات الولاية العامة يختص بالفصل فيما عدا هذه المسائل إلا ما استثنى بنص خاص وأسند إلى جهة قضائية أخرى . وقد ظل مجلس الدولة مقيد الاختصاص على هذا النحو رغم تعديلاته المتتالية بالقوانين رقم 9 لسنة 1949 ، 165 لسنة 1955 ، 55 لسنة 1959 ورغم محاولات بذلت لتعديل اختصاصه بحيث يشمل المنازعات الإدارية بوصفه صاحب الولاية على هذه المنازعات على غرار اختصاص المحاكم الإدارية فى فرنسا . وقد تعثرت هذه المحاولات طويلاً فلم تؤت ثمرتها إلا فى عام 1971 حين وضع الدستور القائم واستحدث المشرع لأول مرة فى تاريخنا الدستورى باباً خاصاً بسيادة القانون وهو الباب الرابع تنويهاً بهذا المبدأ وتقديراً لأثره الجليل فى نظام الحكم . وكان حتماً تخويل مجلس الدولة بنص فى الدستور اختصاص الفصل فى المنازعات الإدارية باعتباره صاحب الولاية العامة على هذه المنازعات إعمالاً وتطبيقاً لمبدأ سيادة القانون . ويستفاد من الأعمال التحضيرية للدستور التى أسفرت عن إقرار نص المادة 172 منه أن مناقشات فقهية عميقة ثارت بين أعضاء لجنة نظام الحكم بشأن هذا النص حول مسألتين الأولى : ضرورة النص فى الدستور على قيام مجلس الدولة كهيئة قضائية مستقلة باعتباره صاحب الولاية العامة فى المنازعات الإدارية وذلك على خلاف ما جرت عليه الدساتير السالفة من إغفال هذا النص فكانت تصدر دون ذكر لمجلس الدولة أو مجرد الإشارة إليه والمسألة الثانية هى : تحديد مدى اختصاصه بالفصل فى المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية .
وبالنسبة إلى المسألة الأولى استقر الرأى فى لجنة نظام الحكم على ضرورة النص فى الدستور على مجلس الدولة واختصاصاته كهيئة قضائية تختص برقابة شرعية أعمال الإدارة وذلك صوناً له من العدوان عن طريق التشريع العادى كلما أثار الخلاف بينه وبين السلطة التنفيذية إذ كان إنشاء المجلس وتحديد اختصاصاته يتم بقوانين عادية يجوز إلغاؤها وتعديلها بقوانين عادية فى مرتبتها فأصبح بنص المادة 172 من الدستور قائماً مستقراً محصناً بقوة النص الدستورى ضد أى عدوان على كيانه أو اختصاصه المقرر فى الدستور عن طريق التشريع العادى . ولم يقف المشرع الدستورى فى دعم مجلس الدولة عند هذا الحد بل جاوزه إلى حماية اختصاصه وذلك بإلغاء القيود التى كانت تقف حائلاً بينه وبين ممارسته فاستحدث فى المادة 68 نصاً يقضى بأن التقاضى حق مكفول للناس كافة وأن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل فى القضايا ويحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء وهكذا سقطت جميع النصوص القانونية التى كانت تحظر الطعن فى القرارات الإدارية وسقطت بذلك جميع الحوائل التى كانت تحول بين المواطنين وبين الالتجاء إلى مجلس الدولة يطلبون العدل والنصفة .
وفى أكتوبر من عام 1972 صدر القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة معدلاً اختصاصاته وفقاً لأحكام المادة 172 من الدستور وقد تضمنت المادة العاشرة هذا التعديل إذ نصت فى ثلاث عشرة فقرة على المسائل التى كان يختص بها المجلس على سبيل الحصر طبقاً لقوانينه السابقة ثم عقبت عليها فى الفقرة الرابعة عشر بنص على اختصاص المجلس بسائر المنازعات الإدارية باعتباره صاحب الولاية العامة فى المنازعات الإدارية .
وبالنسبة إلى المسألة الثانية التى تناولها أعضاء لجنة نظام الحكم فى مناقشاتهم وهى تحديد مدى اختصاص مجلس الدولة بالفصل فى المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية فقد كان الهدف السائد فى هذه المناقشات هو الانتقال بمجلس الدولة من مرحلة الاختصاصات المقيدة على سبيل الحصر إلى مجال الاختصاص العام على النحو المتقدم باعتباره صاحب الولاية العامة على المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية وذلك استيفاء لاختصاصه الطبيعى . وقد اقترح بعض الأعضاء نصاً بهذه الصيغة يكون لمجلس الدولة الولاية العامة فى الفصل فى المنازعات الإدارية والتأديبية واقره الأعضاء ثم استبدل به النص الحالى للمادة 172 من الدستور وكلا النصين يفيد تقرير الولاية العامة لمجلس الدولة على المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية بحيث يكون قاضى القانون العام بالنسبة إلى هذه الدعاوى والمنازعات ، فلم يعد اختصاصه مقيداً بمسائل محددة على سبيل الحصر كما كان منذ إنشائه وهذا لا يعنى غل يد المشرع عن إسناد الفصل فى بعض المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية إلى جهات قضائية أخرى على أن يكون ذلك على سبيل الاستثناء من الأصل العام المقرر بالمادة 172 من الدستور وبالقدر وفى الحدود التى يقتضيها الصالح العام ، وعلى هذا النحو يعمل المشرع التفويض المخول له بالمادة 167 من الدستور فى شأن تحديد الهيئات القضائية واختصاصاتها وتنظيم طريقة تشكيلها مع مراعاة الأصل العام المقرر بالمادة 172 من الدستور فى شأن اختصاص مجلس الدولة بالفصل فى المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية باعتباره صاحب الولاية العامة على هذه الدعاوى وتلك المنازعات .
ومن حيث إنه عن الأمر الثانى الخاص بتكييف المنازعة التى تثور بين المؤجر والمستأجر بشأن الأجرة فإن المادة 13 من القانون رقم 52 لسنة 1969 المشار إليه تنص على ما يأتى :
تكون قرارات لجان تحديد الأجرة نافذة رغم الطعن عليها وتعتبر نهائية إذا لم يطعن عليها فى الميعاد .
ويكون الطعن على هذه القرارات أمام المحكمة الابتدائية الكائن فى دائرتها المكان المؤجر .
وعلى قلم كتاب المحكمة أن يخطر جميع المستأجرين لباقى وحدات المبنى بالطعن والجلسة المحددة لنظره .
ويترتب على قبول الطعن إعادة النظر فى تقدير أجرة جميع الوحدات التى شملها القرار المطعون فيه .
كما تنص المادة 40 من القانون ذاته على ما يأتى :
تختص المحاكم العادية دون غيرها بالفصل فى المنازعات التى تنشأ عن تطبيق أحكام هذا القانون ، وترفع الدعاوى أمام المحكمة الكائن فى دائرتها العقار .
وقد كان مشروع قانون إيجار الأماكن الذى قدمته الحكومة إلى مجلس الشعب يجيز التظلم من قرارات لجان تحديد الأجرة أمام لجان المراجعة على أن تكون قرارات اللجان قابلة للطعن أمام القضاء الإدارى باعتبارها قرارات إدارية ، وقد شكلت لنظر هذا المشروع لجنة مشتركة من أعضاء لجنة الشئون التشريعية ولجنة الخدمات فعدلت المشروع تعديلاً جوهرياً فى هذا الصدد إذ عهدت بالفصل فى الطعون التى تقدم فى قرارات لجان تحديد الأجرة إلى القضاء المدنى ( المحكمة الابتدائية الكائن فى دائرتها العقار المؤجر ) بدلاً من لجان المراجعة ومحكمة القضاء الإدارى وجاء فى تقريرها عن هذا التعديل أن المنازعة فى تقدير الأجرة هى خصومة تامة يتوافر فيها طرفان يتناضلان الرأى حول موضوع معين يطلب كل منهما الفصل فيه على وجه معين ومن شأن الرأى الفاصل فى هذه المنازعة أن تتحدد به المراكز المالية والحقوق المتبادلة بينهما وكل ذلك من اختصاص القضاء ويدخل فى وظيفته الأساسية التى أقيم من أجلها ولذلك رأت اللجنة أن تمنح ولاية الفصل فى هذه الخصومة للمحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها العقار تيسيراً على المتقاضين .
ومن حيث إن أزمة الإسكان المترتبة على زيادة عدد السكان زيادة فاحشة قد حملت المشرع على التدخل لتنظيم العلاقة بين مالكى العقارات ومستأجريها بقصد حماية الجمهور من استغلال مالكى العقارات لحاجته إلى المسكن وهو كالغذاء والكساء من ضروريات الحياة الأساسية فأرسى الأسس الموضوعية لتقدير أجرة المساكن فى المواد 10 و11 و12 من القانون رقم 52 لسنة 1969 المشار إليه وكفل استقرار المستأجر فى مسكنه مادام قائماً بالوفاء بالتزاماته قبل المؤجر كما سن قواعد وإجراءات بسيطة سريعة لتحديد الأجرة بمعرفة لجنة إدارية وأجاز الطعن فى قراراتها أمام المحكمة الابتدائية الكائن فى دائرتها المكان المؤجر خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الإخطار بهذه القرارات وذلك حسماً لما يثور من منازعات بين طرفى عقد الإيجار بشأن الأجرة .
ومن حيث إنه يؤخذ مما تقدم أن المنازعة بين المؤجر والمستأجر بشأن تحديد الأجرة وإن لابسها عنصر إدارى أضفى عليها شكل المنازعة الإدارية وهو قرار تحديد الأجرة الصادر من لجنة إدارية إلا أنه ليس من شأنه أن يخلع عنها طابعها الموضوعى الأصيل وهو الطابع المدنى ذلك أن الشكل الإدارى للمنازعة لا يلبث أن يزول ليخلفه وجه المنازعة الموضوعى الأصيل وذلك عند الطعن فى قرار تحديد الأجرة أمام المحكمة الابتدائية الكائن فى دائرتها المكان المؤجر وقبول هذا الطعن إذ يتعين عندئذ على هذه المحكمة أن تعيد النظر فى تقدير أجرة جميع الوحدات التى شملها القرار المطعون فيه وهو اختصاص مدنى بحـت .
ولما كان المشرع يستهدف من إجازة الطعن فى القرار الصادر بتحديد الأجرة إعادة النظر وتحديد الأجرة على النحو سالف الذكر لحسم الخصومة القائمة حول تحديد الأجرة حسماً نهائياً وهى خصومة مدنية بطبيعتها وأصلها ولا دخل لجهة من جهات الإدارة فيها فقد أسند الفصل فيها إلى جهة القضاء المدنى حيث القاضى الطبيعى المختص أصلاً بالحكم فيها .
ولقد كان التوفيق رائد مجلس الشعب ( اللجنة المشتركة من لجنة الشئون التشريعية ولجنة الخدمات ) حين عدل مشروع الحكومة للقانون رقم 52 لسنة 1969 الذى كان يعهد باختصاص الفصل فى الطعون المقدمة فى القرارات الصادرة بتحديد الأجرة إلى القضاء الإدارى وأسنده إلى القضاء المدنى دون القضاء الإدارى الذى يقصر اختصاصه عن تناول هذا النوع من الخصومات إذ يقف عند حد إلغاء القرارات الإدارية والتعويض عما يترتب عليها من أضرار متى شابها عيب من العيوب التى تبرر ذلك وعلى مقتضى ذلك يكون الطعن فى القرار الصادر بتحديد الأجرة من لجنة تحديد الإيجارات منازعة مدنية يختص بالفصل فيها القضاء المدنى . وقد استقام مع هذا النظر نص المادة 40 من القانون رقم 52 لسنة 1969 إذ يسند إلى المحاكم العادية دون سواها اختصاص الفصل فى المنازعات التى تنشأ عن تطبيق أحكام هذا القانون .
ومن حيث إنه يخلص من كل ما تقدم أن النص المطعون فيه وهو نص الفقرة الثانية من المادة 13 من القانون رقم 52 لسنة 1969 لا يخالف الدستور ومن ثم تكون الدعوى غير قائمة على أساس سليم من القانون متعيناً رفضها مع مصادرة الكفالة وإلزام المدعى المصروفات .
فلهــــذه الأسبــــاب
حكمت المحكمة برفض الدعوى وبمصادرة الكفالة وإلزام المدعين المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة .
أمين السر رئيس المحكمة
سيد عبد البارى إبراهيم بدوى إبراهيم حمودة
مصر

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى