أمراض نفسيه وعصبية وعقليه مامن مسؤلية
أمراض نفسيه وعصبية وعقليه
مان مسؤلية
ـــــــــــــــــــ
يستوجب
القانون ، وتستوجب أحكام القضاء ، ومحكمه النقض لقيام المسؤلية الجنائيه ، وكذا لإبداء المتهم
أقواله ودفاعه – تستوجب ، ” الأهلية ”
، و ” القدره ” على التمييز والإختيار ، وعدم وجود أى عاهه بالعقل
، من أى نوع كانت ، تعطل قدره الشخص على التمييز أو الإختيار ، أو تعطل قدرته على
أبداء أقواله ودفاعه .
وللمسؤلية
، فى شرائع السماء ، – وفى القوانين الوضعية ، – ضوابط لا تقوم المسؤلية إلا بها
:-
أ – فى الشريعه الإسلامية التى جعلتها الماده الثانيه
من الدستور ” المصدر الرئيسى للتشريع ” .
يلحظ من يطوف
بأى الذكر الحكيم ، ويطالع أياته المحكمات ، أنه حفل بالعقل بكافه ملكاته
إحتفاءاً لم يباره فيه كتاب قط من كتب الأديان السماوية .. كما يلحظ أنه ذكر
الإنسان بالحمد كما ذكره بالذم .. وفى الأيه الواحده أحياناً .. يقول سبحانه .. : ” لقد خلقتنا
الإنسان فى أحسن تقويم ثم رددناه أسفل السافلين ” . ( سورة التين 9
) .
فما
معنى هذه الأوصاف المتقابله لإنسان فى لغه الذكر الحكيم ؟! – معناها أن الإنسان أهل للنقض كما هو أهل للكمال
بما فطر عليه من أستعداد لكل منهما ،
وأنه لولا هذا الإستعداد المزدوج للأضداد ما كان الإنسان أهلاً للتلكيف ولا أهلاً
للمسؤلية .. ذلك أن قوام المسؤلية – التمييز وحريه الأختيار ، وأساسها العقل
والأدراك والإراده … ولم يفرض
على الأنسان إلا أنه الذى حبى بين الخلائق بالعقل والإدراك ، ومن ثم كان أهلاً للتكليف
، لأنه قادر بعقله وإدراكه على التمييز ، وبكونه بإرادته وإدراكه ونفسه وأعصابه
على الإختيار ، الذى هو فى ليه مفاضله بين البدائل المختلفه ، فإذا فقد الأنسان القدره على التمييز أو حريه
الإختيار سقط عنه التكليف .
فإذا
كان العقل والإدراك والنفس والأعصاب ( قوام الإراده ) هو عله تكليف الإنسان دون سائر الخلائق والكائنات ،
فإن التكليف يسقط فى شرعه القرآن – إذا ما قام بأى من هذه العناصر عارض يمس قدره
الإنسان ( المكلف ) على التمييز أو على حريه الإختيار أو عليهما معاً ..
يقول تبارك
وتعالى فى محكم تنزيله :-
” لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ” .
ولا تكلف نفساً إلا وسعها ولدينا كتاب ينطق بالحق وهو
لا يظلمون “.
فلا مساءله فى شرعه القرآن ، إن جاوز التكليف الطاقه
أو القدره أو الأستطاعه .
ولأن القدره والأستطاعه ، أساس التكليف والمسؤلية ،
رهينان بتوافر النفس العاقلهع المدركه
الحرة ( بالإراده ) المختاره ، ترى فى
شرعه القرآن الحكيم تقريراً أصوليه قوامها سقوط التكليف بقيام العارض …. يقول جل
شأنه :-
” ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج ” (
التوبه 91 )
أ- فى القانون الوضعى :-
تتفق القوانين الوضعيه على أن التمييز وحريه الإختيار هما مناط المسؤلية ، – بحيث إذا تخلف أحدهما أو كلاهما ( من باب أولى ) سقط التكليف وأنحسرت
المسئولية .
وقد نصت الماده 62 / عقوبات مصرى على أنه :-
” لا
عقاب من من يكون فاقد الشعور ( أى التمييز )
أو الأختيار فى عمله وقت أرتكاب الفعل .
أما لجنون
أو عاهه فى العقل – ( وتعبير ” عاهه فى العقل ” أوسع من الجنون )
وأما لغيبوبه ناشئه عن عقاقير مخدرة أياً كان نوعها إذا أخذها
قهراً أو على غير علم منه بها ” .
فالقانون الوضعى لا يعتد إلا بالإراده العاقله العائمه المدركه المختاره
، وليس المراد بفقد الشعور والإختيار
، زوال التمييز أو الإختيار تماماً ،
ويكفى لسقوط التكليف الإنتقاص منهما إلى حد يجعلها غير كافيين لإعتداد القانون
بالإراده ، فتمتنع المسؤلية على الرغم
من بقاء قدر من التمييز أو الإختيار دون الحد الذى يتطلبه القانون لإعتداد
بالإرادة . ( د. محمود نجيب حسنى – القسم العام – ط 5 – 1982 – رقم 579 ص 515 ) .
ويلا
حظ أن المشرع فى صياغته لنص الماده / 62
عقوبات لم يقتصر لفظ ” الجنون ” مقدراً
أن له دلاله فنيه تجعله قاصراً عن شمول كل حالات إضطراب القوى الذهنيه التى
يزول فيها التمييز أو حرية الإختيار على نحو يستوجب إمتناع المسؤلية ، فأضاف إليه
تعبير ” عاهه العقل ” وقد عبر الشارع بذلك عن أرادته الإحاطة بكل
حالات الإضطراب الذهنى دون تقيد بمدلول
طبى محدد ، والشمول الذى أراده الشارع
يجعل الفقيه أو القاضى فى غنى عن البحث
فى القواعد الطبيه لتحديد الأمراض العقليه وأستقصاء أنواها ، إذ يكفيه التحقق من أنه بصدد حاله غير عاديه زال
فيها التمييز أو حريه الإختيار ولو لم تكن مرضاً ، بل أنه ليس بشرط أن تتعلق هذه
الحاله بالمخ ، فقد تكون متعلقه بالجهاز العصبى أو خاصه بالصحه النفسية .
الدكتور محمود نجيب حسنى – المرجع السابق – رقم 575 ص 511
الدكتور محمود مصطفى – القسم العام – ط 10 – 1983 – رقم 339 ص 493
الدكتور / محمد مصطفى القللى – المسئوليه الجنائيه – ط 1948 – ص 347
الدكتور السعيد مصطفى السعيد – القسم العام – ص 458
*
* *
وقد قضت محكمه النقض بأن :-
”
المرض النفسى – ناهيك بالمرض
العقلى – من الأمراض المؤثره على
التمييز وعلى قدره المتهم فى الدفاع من نفسه “.
نقض
4/6/1978 – س 29 – 153 – 546
كما قضت محكمه النقض بأن :-
”
لا يطلب القانون فى عاهه العقل أو يفقد المصاب الإدراك والتمييز ، وإنما تتوافر
بفقد إحداهما به ”
نقض 7/3/1971 – س 22 – 48 – 119
نقض 23/5/1966 – س 17 – 123 – 674
وفى
حكمها الصادر 4/3/1981 ( س 32 – 35 – 218 ) – قضت محكمه النقض بأن :- ” تقدير حاله
المتهم العقليه وأن كان فى الإصل من
المسائل الموضوعيه التى تختص محكمه الموضوع بالفصل فيها ، – إلا أنه يتعين عليها ليكون قضاءها سليماً أن
تعين خبيراً للبت فى هذه الحاله وجوداً وعدماً لما يترتب عليها من قيام مسؤلية
المتهم عن الجريمة أو أنتفائها “.
أيضاً – نقض 15/12/1988 – الطعن
5583/ 58 ق
نقض 1/10/1978 – س 29 – 126 – 649
نقض 20/11/1961 – س 12 – 188 – 921
نقض 3/1/1991 – الطعن 61328 / 59 ق – س 42 – 4 – 21
وتنص
الماده / 338 أ.ج على أنه :- ” إذا دعا الأمر إلى فحص حاله المتهم العقليه يجوز
لقاضى التحقيق أو للقاضى الجزئى ……… أو للمحكمه المنظورة أمامها الدعوى على
حسب الأموال أن يأمر بوضع المتهم إذا كان محبوساً إحتياطياً تحت الملاحظة فى أحد
المحال الحكوميه المخصصه لذلك لمده أو لمدة لا يزيد مجموعها على خمسه وأربعين
يوماً ، بعد سماع أقوال النيابه العامه والمدافع عن المتهم إن كان له مدافع ،
……… ويجوز إذا لم يكن المتهم محبوساً
إحتياطياً أن يأمر بوضعه تحت الملاحظة فى أى مكان آخر .
كما
تنص الماده 339 أ . ج على أنه :- إذا ثبت أن المتهم غير قادر على الدفاع عن نفسه بسبب
عاهه فى عقله طرأت بعد وقوع الجريمة ( ومن باب أولى إذا كانت قائمه قبلها )
، يوقف رفع الدعوى عليه أو محاكمته حتى
يعود إليه رشده ” .