موسوعة المحكمه الاداريه العليا

حزب النيل – رفض

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

دائرة الأحزاب السياسية

*************

 

بالجلسة المنعقدة علناً في يوم السبت الموافق 7/2/2004م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار / د.عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز

                                                        رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

 

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين /  السيد محمد السيد الطحان و يحيى خضري نوبي محمد و أحمد عبد الحميد حسن عبود و محمد أحمد محمود محمد .

نواب رئيس مجلس الدولة

 

وبحضور السادة الأساتذة الشخصيات العامــــــة : أ0د/ حامــــد طــاهر حســانين فــــؤاد وأ0د / محمد أمين المفتي و أ0د/ صالح علــــى بسيوني بديــــــر و أ0د / هاني محمد عز الدين الناظر و السفير / رخا أحمد حسن .

 

وبحضور السيد الأستاذ المستشار / فريد نزيه حكيم تناغو    نائب رئيس مجلس الدولة    

                                                                        و مفـوض الدولـة

                                                                    

                                                                            

وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس                                      سكرتير المحكمة

 

***********************

أصدرت الحكم الآتى

فى الطعن رقم 6437 لسنة 45 القضائية عليا

 
المقــــــــام من

عادل سيد أحمد المجير

               عن نفسه شخصياً وبصفته وكيلاً عن الأعضاء المؤسسين لحزب النيل الجديد تحت التأسيس .

 

ضــــــــــــــــــد

 

الأستاذ الدكتور رئيس مجلس الشورى   بصفته

 رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية

الإجـــراءات

**********

       في يوم الخميس الموافق 1/7/1999 أودع الأستاذ / عادل سيد أحمد المجير المحامي  بالإدارية العليا والنقض والدستورية العليا ، عن نفسه شخصياً ، وبصفته وكيلاً عن الأعضاء المؤسسين لحزب النيل الجديد – تحت التأسيس ، قلم كتاب هذه المحكمة ، تقرير طعن ، قيد بجدولها بالرقم عاليه ، في قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية ، الصادر بتاريخ 5/6/1999 بالاعتراض على تأسيس حزب النيل الجديد الذي يمثله الطاعن عن نفسه ، وبصفته وكيلاً للمؤسسين .

 

        وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن – وللأسباب المبينة به – الحكم بقبول الطعن شكلاً ، وفي الموضوع إلغاء القرار المطعون فيه ، مع ما يترتب على ذلك من آثار ، أخصها الموافقة على تأسيس حزب النيل الجديد .

 

وجــــرى إعـــلان الطــــعن علـــى النحـــو المبيــن بالأوراق .

 

        وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ، ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً ، وفي الموضوع بإلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية المطعون فيه ، مع إلزام الجهة المطعون ضدها المصروفات .

 

        وتم نظر الطعن أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات ، إلى أن تقرر إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم ، مع التصريح بمذكرات في شهر ، وقد صدر الحكم ، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .

 

 

 

 المحكمـــــة

                            ************

بعد الاطلاع على الأوراق ، و سماع الإيضاحات ، و المداولة قانوناً .

 

مـــن حيث إن الثابت مـــن الأوراق أن القـــرار المطعون فيـــه صـــدر بتاريــخ 5/6/ 1999 ونشر بالجريدة الرسمية بالعدد (24) الصادر بتاريخ 17/6/1999، وبتاريخ 1/7/1999 أودع تقرير الطعن قلم كتاب المحكمة أى خلال الميعاد المنصوص عليه فى المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية ، وإذ استوفى الطعن باقي أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً .

 

ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإن الثابت من الأوراق أن الطاعن كان قد تقدم بتاريخ 7/2/1999 بصفته وكيلاً عن طالبي تأسيس حزب سياسي جديد باسم ” حزب النيل الجديد ” بإخطار إلى المطعون ضده بالموافقة على تأسيس الحزب المذكور ، وأرفق بالإخطار برنامج الحزب متضمناً لائحة نظامه الأساسي ، وكشفاً بأسماء الأعضاء المؤسســين وعــددهم أربـعة وسبعون عـضــواً منـهم ثمانيــــة و عشــرون مـــن الفئات و الباقي من العمال ، مصدقاً رسمياً على توقيعاتهم جميعاً ، وعرض الإخطار على لجنة شئون الأحزاب السياسية بجلسة 5/6/1999 فقررت الاعتراض على الطلب المقدم من الطاعن بتأسيس الحزب المذكور ، وذلك تأسيسا على ما يأتي :

أولاً : إنه فيما يختص باختيار الحزب لاسمه ، وبتيمنه بالرقمين (5) و (7) واختيارهما لتمييزه رقمياً ، فهذه من الأمور التي تخرج عن النطاق الموضوعي لبرنامج الحزب ، ولا تندرج ضمن العناصر التي تميزه كحزب سياسي وفقاً لمفهوم التمييز الذي عناه المشرع في المادة (4) من قانون الأحزاب السياسية .

ثانياً : وفيما يتعلق بالمقومات الروحية للحزب فقد استوحاها من الشرائع السماوية الثلاث التي اكتملت بالشريعة الإسلامية ، ولم يقرن هذه المقومات بأية سياسات تصلح لأن تكون برنامجاً لحزب سياسي .

ثالثاً : أما المقومات الإنسانية للحزب فإن ما أورده بشأنها لا يعدو أن يكون مجرد تسجيل لأسماء بعض الرواد من أبناء مصر العظام غير مصحوب بأية سياسات محددة يدعو الحزب إلى تطبيقها .

رابعاً : كما أن المقومات الفلسفية التي يعرضها الحزب مجرد شعارات وأهداف وردت في عبارات عامة مرسلة ، لا تحمل أى تحديد ، ولا تطرح أى سياسة .

خامساً : وبالنسبة للمقومات البيئية فقد عدد الحزب تلك المقومات التي تحظى بها مصر والتي يدعو إلى استثمارها الاستثمار الأمثل دون أن يطرح سياسات واضحة أو خططاً محددة قابلة للتطبيق والتنفيذ تحقق استثمار تلك المقومات على النحو المنشود ، واستعرضت اللجنة في هذا الخصوص بعضاً من برامج الأحزاب القائمة آلتي تدعو إلى الاهتمام بالثروة السمكية والحيوانية والسياحة والآثار و التي نحيل في بيانها إلى قرار اللجنة منعاً من التكرار .

سادساً : في مجــال المقومـــات السياســـية لم يبين الحــزب في برنامجـــه الكيفية و الوسائل والمقترحات التي تكفل تحقيق ما يدعو إليه من حــريــة انتقــال الأفــراد والأموال من وإلى مصر واجتذاب أموال ومدخرات المصريين بالخارج ، وتشجيع الاستثمار العربي والأجنبي في مصر وإزالة ما يعترضه من معوقات ، كما أن ما يدعو إليه الحــزب من تعديــل ميـثاق جامعة الـدول العربـيـة مـطـروح عــلى الساحة وتضمنته برامج العديد من الأحزاب القائمة ومنها حزب الأحرار ص 40 ، وحزب الخضر المصري ص 75 ، وحزب الوفد الجديد ص 14- 16 ، و بالنسبة لمبدأ المعاملة بالمثل التي يدعو إليها الحزب مع الدول الأخرى بشأن تسهيل دخول المصريين وخروجهم منها فإن الدولة تجرى الاتصالات الودية مع الدول العربية والصديقة لتيسير دخول المصريين إليها و خروجهم منها ، مراعية في ذلك الروابط الأخوية والصلات الحميمة التي تربطها بهذه الدول ، كما أن ما ينادى به الحزب من زيادة عدد الحجاج المصريين والمعتمرين أمر لا تستقل به مصر ، بل تتولاه المملكة العربية السعودية في حدود إمكانياتها المتاحة ، ووفقاً لاعتبارات تقدرها ، كما أن الحكومة المصرية تسعي إلى زيادة هذه الأعداد ، كما تسعى الدولة بكافة الطرق الدبلوماسية والقانونية والقضائية للمحافظة على حقوقـــها المشروعـــة واستعادة ما سلب منها كالآثار وغيرها ، وأما المطالبة باستعادة الأراضي والممتلكات المصرية إلى أرض الوطن ومنها واحة جغبوب فقد ذهبت اللجنة إلى أن هذا المطلب حسمته وتحسمه القيادة السياسية برؤية قومية يبتعد بها عن إثارة المشكلات والمنازعات مع الدول العربية والصديقة دون إخلال بحقوق مصر ، واستطردت اللجنة مقررة أن هذا المطلب لا يصلح لأن يكون عنصراً مميزاً لبرامج الحزب .

 

كما قامت اللجنة بالرد على ما يطالب به الحزب من انتقاء الصفوة فقط للعمل بالحكومة وفتح المجال للآخرين للعمل بالقطاع الخاص بأن هذا المطلب ورد في عبارة قاصرة عن إيضاح المقصود بالصفوة في هذا المجال ، وسبب استئثار الحكومة بها دون القطاع الخاص ، وأن ما يطالب به الحزب من عدم جمع الموظفين بين عملين أمر محظور قانوناً فعلاً ، كما أن ما يدعو إليه الحزب من انتقاء أفضل العناصر للالتحاق بالقوات المسلحة والشرطة لا يعدو أن يكون ترديداً لما هو حاصل فعلاً ، أما بالنسبة لدعوة الحزب إلى الإعفاء من أداء الخدمة العسكرية والخدمة العامة لمن يستطيع دفع بدل نقدي فإنها دعوة رجعية مرفوضة لتعارضها مع ما نصت عليه المادة (58 ) من الدستور من أن الدفاع عن الوطن واجب مقدس ، والتجنيد إجباري وفقاً للقانون ، كما أن إعفاء القادر على أداء البدل النقدي المقترح من التجنيد وإلزام غير القادر بأداء هذا الواجب المقدس يتعارض مع مبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات العامة المنصوص عليه في المادة (40) من الدستور ، ثم قامت اللجنة بالرد على باقي المقومات السياسية للحزب ويدور ردها في خصوص بعضها على أنه ترديد لما هو قائم فعلاً ، والبعض الآخر على أنه ترديد لما هو وارد ببرامج بعض الأحزاب القائمة ، وجاء ردها في البعض الثالث منها على أنه مجرد عبارات مرسلة غير مصحوبة بسياسة واضحة محددة ونحيل في تفصيلاتها إلى القرار المطعون فيه منعاً من التكرار .

سابعاً : المقومات الاقتصادية وقد جاء رد اللجنة على ما ورد بها بأن ما يطرحه الحزب من مقترحات ومشروعات تهدف جميعها إلى تنمية الموارد المالية وتوفير مصادر متعددة للمياه واستخدامها الاستخدام الأمثل من أجل الاستفادة من كل قطرة ماء في توسيع الرقعة الزراعية ، وإقامة مجتمعات عمرانية جديدة لمواجهة الزيادة السكانية المطردة ، كل ذلك يدخل فيما تعمل الحكومة على تحقيقه من خلال سياسة رشيدة تنتهجها تقوم على خطط سليمة وأبحاث متعمقة ومستفيضة وتجارب مستمرة ومتجددة تعمل على التكنولوجيا الحديثة والمعدات المتطورة ، وقد حققت هذه السياسة نتائج إيجابية ملموسة ، واستعرضت اللجنة أمثلة لهذه المشروعات نحيل بشأنها إلى القرار المطعون فيه منعاً من التكرار ، كما قامت اللجنة بالرد على ما يقترحه الحزب من اقتصار دور الدولة على إقامة المنشآت العامة التي لا تسعى إلى الربح كالمنشآت الرياضية وكذلك إعادة النظر في المرتبات والمعاشات وضرورة وضع الشخص المناسب في المكان المناسب ، بأن ذلك هو الاتجاه الذي تسير فيه الدولة فعلاً ، كما أشارت اللجنة إلى المواضع المماثلة في برامج الأحزاب القائمة لما يدعو إليه الحزب من ضرورة اجتذاب المبتكرات والعقول المصرية في مصر والخارج وذلك من خلال التقدير المادي المناسب وكذلك فيما يتعلق بمحاربة تلوث البيئة وكذلك الفساد الإداري وأيضاً ما يتعلق بحتمية نقل الوزارات بأكملها من العاصمة إلى المناطق العمرانية الجديدة مع نقل كل أسر العاملين فيها إليها كحل لمشكلة السكان ، أما ما يطالب به الحزب من ضرورة قيام الدولة بتنمية مواردها الأساسية وأهمها العنصر البشري ، فإن ذلك وغيره مما أورده الحزب ، ترديد للسياسة التي تنتهجها الدولة ، وكذلك بالنسبة للاهتمام برعاية الشباب والشيخوخة ، كما عقبت اللجنة على ما ينادى به الحزب من الاستثمار الأمثل للمباني العامة وبقدر الإمكان على مدار اليوم كله بأن الحزب لم يضمن برنامجه تصوراً لكيفية استثمار هذه المباني ، كما لم يوضح الأراضي الفضاء التي يعترض على تحويلها إلى مبانٍ ، كما لم يبين الحزب في برنامجه وجه القصور في حفظ الوثائق التي تحويها دار المحفوظات ، مكتفياً بوصف هذه الطريقة بالبدائية دون بيان ما يقترحه من وسائل في هذا الشأن ، رغم إقراره بأن الدار مزودة بالأجهزة الحديثة لحفظ تلك المستندات .

ثامناً : المقومات الاجتماعية ويخلص رد اللجنة على برنامج الحزب في هذا الصدد بأن ما جاء به لا يعدو أن يكون ترديداً لما ورد ببرامج الأحزاب القائمة حيث أشار إلى مواضعها في هذه البرامج .

تاسعاً : وأخيراً في مجال المشروع الاستثماري لنيل مصر الجديد عقبت اللجنة على مقترح الحزب في هذا الخصوص بأن الحزب لم يقدم دراسة تفصيلية جادة في شأن تنفيذ المشروع المقترح تاركاً ذلك للجهات الزراعية المصرية المتخصصة ، كما أن هذا المشروع بعيد عن الواقعية ويصعب الأخذ به على إطلاقه ولا يحقق ما يهدف إليه من تقديم قوت مجاني للمواطنين يتمثل في ثمار الأشجار التي يدعو إلى تشجيرها بالطرق العامة في جميع أنحاء الجمهورية ، كما أن الاهتمام بالتشجير أمر تدعو إليه برامج الأحزاب القائمة كحزب الأمة ص 15 وحزب الوفد الجديد ص31 وحزب الخضر ص 56و57 وحزب الشعب الديمقراطي ص 47 .

 

ومن حيث إن الطاعن ينعي على القرار المطعون فيه أنه قرار باطل بطلاناً مطلقاً من ناحية الشكل لأن اللجنة لم تبين فيه تاريخ قيامها بنشر أسماء الأعضاء المؤسسين للحزب بمجلس الشعب والشورى ، والأماكن التي تم فيها هذا النشر ، كما لم تخطر وكيل المؤسسين بالاعتراض مرفقا ًبه صورة مما تم نشره في صحيفتين واسعتي الانتشار بخصوص ذلك الاعتراض خلال عشرة أيام على الأكثر من تاريخ صدور قرار الاعتراض وكذلك في الجريدة الرسمية ، كما نعى على هذا القرار أيضاً بأنه صدر باطلاً بطلاناً مطلقاً من الناحية الموضوعية لمخالفته للمشروعية ولوصمه بعيبي الانحراف وإساءة استخدام السلطة وعدم منطقية التسلسل من المقدمات إلى النتائج .

 

ومن حيث إن هيئة قضايا الدولة عقبت على الطعن بمذكرة طلبت فيها رفض الطعن موضوعاً تأسيساً على أن الحزب تحت التأسيس يفتقر إلى ملامح الشخصية الحزبية المتميزة التي تشكل إضافة جادة للعمل السياسي ، ومن ثم يكون قرار اللجنة بالاعتراض قائماً على سبب صحيح ، ويكون الطعن عليه غير قائم على أساس سليم من القانون ، خليقاً بالرفض ، إذ لا يوجد للحزب تحت التأسيس بصمة واضحة وظاهرة يمكن أن تميزه تمييزاً ظاهراً عن الأحزاب القائمة على الساحة السياسية .

 

ومن حيث إن المادة (1) من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية تنص على أن ” للمصريين حق تكوين الأحزاب السياسية ، ولكل مصري الحق في الانتماء لأي حزب سياسي وذلك طبقاً لأحكام هذا القانون ” في حين تنص المادة (2) من ذات القانون على أن ” يقصد بالحزب كل جماعة منظمة تؤسس طبقاً لأحكام هذا القانون وتقوم على مبادئ وأهداف مشتركة وتعمل بالوسائل السياسية الديمقراطية لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة وذلك عن طريق المشاركة في مسئوليات الحكم ” كما تنص المادة (4) من ذات القانون على أنه ” يشترط لتأسيس أو استمرار أي حزب سياسي ما يلي :

أولاً : عدم تعارض مقومات الحزب أو مبادئه أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه في ممارسة نشاطه مع :

  • مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع .
  • مبادئ ثورتي 23 يوليو 1952 و15 مايو 1971 .
  • الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية .

ثانياً : تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى .

 

ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق أن قضت في القضية رقم 44 لسنة 7 القضائية دستورية بأن هذا الشرط دستوري بحسبانه ضماناً للحرية ، وحتى يكون للحزب قاعدة جماهيرية حقيقية تسانده ، وأن يكون في وجود الحزب إضافة جديدة للعمل السياسي ببرنامج وسياسات متميزة عن الأحزاب الأخرى ، إثراء للعمل الوطني ، ودعماً لممارسة الديمقراطية ، تبعاً لاختلاف البرامج والاتجاهات المتعلقة بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وتوسعة لنطاق المفاضلة بينها ، واختيار أصلح الحلول وأنسبها ، ولما كانت الأحزاب السياسية تلتزم باحترام المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور تطبيقاً للمادة (5) منه ، كما تلتزم بألا تتعارض مقوماتها ومبادئها وأهدافها وبرامجها وسياساتها وأساليبها مع مبادئ الشريعة الإسلامية ومبادئ ثورتي 23 يوليو سنة 1952 و 15 مايو سنة 1971 ، وتلتزم بالحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية على النحو المنصوص عليه في المادة (4) أولاً من قانون الأحزاب المشار إليه ، فإن مؤدى هذا ولازمه ضرورة اتفاق الأحزاب القائمة منها وطالبة التأسيس في أمور غير مسموح بشأنها الاختلاف دستورياً وقانونياً ، مما يجعل التميز محصوراً في غير هذه الأمور ، وبالتالي يكون التماثل والتطابق مفترضاً في المقومات الأساسية على نحو لا يمكن معه أن يكون عدم التميز فيها مانعاً دون تأسيس الحزب واستمراره ، وإنما اشترطت المادة (4) ثانياً تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى ، وهى في هذا الشرط لا تتطلب الاختلاف التام أو التباين المطلق ، ولكن استلزمت فحسب التميز الظاهر مما يكتفى معه بالاختلاف والتباين ولو جزئياً أو نسبياً ما دام بارزاً على نحو يفرق الحزب عن سواه ، ويميزه عن غيره في البرامج أو السياسات أو الأساليب المرسومة .

 

ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن حزب النيل الجديد ( تحت التأسيس ) لم يضمن برنامجه أى جديد يكسبه ملامح الشخصية الحزبية المتميزة و التى تشكل إضافة جادة للعمل السياسي ، وتميزه تمييزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب القائمة ، حيث جاء هذا البرنامج في جملته – على ما استظهرته وبحق لجنة شئون الأحزاب في قرارها المطعون فيه – ترديداً لخطط وبرامج وسياسات قائمة أو يجرى تنفيذها فعلاً ، وتناول مجالات لا جديد فيها مطروحة سلفاً على الساحة أو تعرض لها برامج الأحزاب القائمة ، فضلاً عن أن الأغلب الأعم من الموضوعات التي وردت بالبرنامج جاءت في عبارات عامة مرسلة لا تحمل أى سياسة واضحة محددة الأمر الذي يكون معه الحزب المطلوب تأسيسه غير جدير بالانضمام إلى حلبة النضال السياسي مع باقي الأحزاب القائمة ، ومن ثم يكون قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بجلسة 5/6/1999 قد قام على أسباب مستخلصة استخلاصاً  سائغاً من الأوراق ، وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها اللجنة ، ومن ثم يتعين الحكم برفض الطعن .

 

ومن حيث إنه لا وجه لما أثاره الطاعن من مطاعن شكلية تدور حول عدم قيام اللجنة ببيان تاريخ ومكان نشر أسمـاء الأعـضاء المؤسـســين للحـزب بمجـلسي الشعـب والشورى وكذلك عدم إخطار وكيل المؤسسين بالاعتراض مرفقاً به صورة مما تم نشره في صحيفتين واسعتي الانتشار بخصوص ذلك الاعتراض خلال عشرة أيام على الأكثر من تاريخ صدور قرار الاعتراض وكذلك بإرفاق ما يفيد نشر قرارها بالاعتراض في الجريدة الرسمية ، فإنه فضلاً عن أن الطاعن لم يقدم دليلاً على إغفال هذا الإجراء أو ذاك فإن الظاهر من الإجراءات المشار إليها أنها لم تشرع لصالح الحزب أو طالبي التأسيس إنما شرع لمصلحة الغير – على نحو ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لتقديم ما عساه أن يكون من أوجه الاعتراض على تأسيسه أو على أشخاص المؤسسين ، كما أن مخالفة المواعيد المنصوص عليها في الفقرتين 12و 13 من المادة (8) لإخطار طالبي التأسيس بقرار الاعتراض وأسبابه ، فإن مخالفة هذه المواعيد لا يعد سبباً من أسباب البطلان ، إذ إنه لا بطلان بغير نص ، كما نصت علي ذلك المادة (20) من قانون المرافعات . والواضح من نصي الفقرتين المشار إليهما من المادة (8) أن الميعاد المنصوص عليه ميعاد تنظيمي لا يترتب علي عدم مراعاته بطلان القرار المطعون فيه .

كما إنه لا يغير مما تقدم أيضاَ ، ما ساقه الطاعن في تقرير طعنه من أسباب ليدلل بها علي تميز حزبه عن الأحزاب القائمة علي الساحة السياسية لأنها لا تعدو أن تكون ترديداَ لما سبق بيانه في مقام الرد علي برنامج الحزب من أنها أفكار ومبادئ عامة قائمة ومطبقة أو يجري العمل علي تنفيذها وتطبيقها أو أنها وردت في برامج الأحزاب القائمة

 

 

 

ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاَ بحكم المادة 184 مرافعات .     

 

 

فلهــــذه الأسبــــــاب

*******

حكمت المحكمة :

                   بقبول الطعن شكلاَ ، ورفضه موضوعاَ ، وألزمت الطاعن المصروفات .

سكرتير المحكمة                                                رئيس المحكمة

 

 

 

 

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى