في الدعوى رقم 9856 لسنة 56 ق
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الثامنة (عقود وتعويضات)
بالجلسة المنعقدة علنا في يوم الأحد الموافق 19/11/2006
برئاســــة السيـــــد الأستـــاذ المستشــــار |
/ |
عبد الفتاح صبري أبو الليل |
|
نــائب رئـــيس مجلــــس الــدولــة رئيــــــــــــــس المحكـمــــــــــــــة |
وعضــويــة السيــــد الأستــاذ المستشــار |
/ |
سعيد حسين محمد النادي |
|
نــائب رئـــيس مجلــــس الــدولــة |
وعضــويــة السيــــد الأستــاذ المستشــار |
/ |
سعيد مصطفي عبد الغني |
|
نــائب رئـــيس مجلــــس الــدولــة |
وحضــــــور السيــــد الأستــاذ المستشــار |
/ |
ثروت محمد |
|
مـفــــــــــــوض الـــــــدولـــــــــــة |
وسكـــرتـــــاريـــة السيـــــــــــــــــــــــــــد |
/ |
خليل إبراهيم |
|
أميـــــــــــــــــن الســـــــــــــــــــــر |
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى رقم 9856 لسنة 56 ق
المقامة من
عبد الروؤف عبد السلام عبد اللطيف سليمان
ضـــــــــــــــــــــــــــــــد
- رئس الجمهورية “بصفته”
- وزير الداخلية “بصفته”
الـــــوقـــــــــائـــــــع
أقام المدعي هذه الدعوى بصحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 1/4/2002 طالبًا في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليهما بصفتيهما بأن يؤديا له تعويضًا عن كافة الأضرار المادية والأدبية التي أصابته من جراء اعتقاله مع إلزام المدعى عليهما بصفتيهما المصروفات.
وقال المدعي شرحًا لدعواه أنه اعتقل في 2/4/94 وظل رهين محبسه حتى تاريخ الإفراج عنه في 24/4/99.
ونعى المدعي على قرار اعتقاله أنه صدر مشوبًا بعيوب مخالفة القانون والانحراف بالسلطة وانعدام السبب حيث لم يكن من المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام وقت اعتقاله في 2/4/94 وإنما تم اعتقاله لأسباب سياسية محضة.
وأضاف المدعي بأنه أصيب بسبب اعتقاله بأضرار مادية وأدبية جسيمة تمثلت في هدم كيان أسرته وتحملها أعباء مالية نتيجة اعتقاله وسبب له ذلك شعورًا بالإحباط والآلام النفسية التي أصابته نتيجة البعد عن أهله وتقيد حريته دون سند من القانون.
وقد جرى تحضير الدعوى لدى هيئة مفوضي الدولة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وفيها مثل المدعي بوكيل محام وقدم حافظة مستندات وقدم الحاضر المحكوم حافظة مستندات أطلعت عليهما المحكمة وأحاطت بما جاء فيها وتقرر حجز الدعوى للتقرير
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الدعوى ارتأت فيه لأسباب الحكم أصلياً: بعدم قبول الدعوى برفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون، واحتياطياً: بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلزام المدعى عليهما بصفتيهما بأن يؤديا للمدعي التعويض المناسب الذي تقدره المحكمة جبرًا للأضرار المادية والأدبية التي أصابته من جراء اعتقاله.
وحددت المحكمة جلسة 6/3/2005 لنظر الدعوى وتدوول نظرها على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وفيها قدم المدعي بوكيل محام ومثل محامي الحكومة، وقدم الآخر مذكرة دفاع أطلعت عليهم المحكمة وأحاطت بما جاء بينهم.
وبجلسة 16/4/2006 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم مع مذكرات في أجل ضربته انقض دون إيداع وبها مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم.
المحــــكـــمــــــــــــــــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
حيث إن المدعي يطلب الحكم بإلزام المدعى عليهما بصفتيهما بأن يؤديا إليه تعويضًا عما أصابه من أضرار مادية وأدبية من جراء اعتقاله في الفترة من 2/4/1994 حتى الإفراج عنه في 24/4/99 والمصروفات.
تابع الحكم في الدعوى رقم 9856 لسنة 56 ق
وحيث إن الثابت أن المدعي تقدم للجنة التوفيق في بعض المنازعات بالطلب رقم 1783 لسنة 2001 وقد أوصت اللجنة برفضه.
ومن ثم فإن المدعي يكون قد سلك الطريق الذي رسمه المشرع بالقانون رقم 7 لسنة 2000، وإذ استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية المقررة قانوناً، فهي مقبولة شكلاً.
وحيث إنه عن الموضوع – فأن من المستقر عليه أن مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الصادرة منها هو قيام خطأ من جانبها بأن يكون قرارها غير مشروع لعيب من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة، وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر مباشر من هذا الخطأ وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
وحيث إن الثابت أن المدعي قد اعتقل في الفترة من 2/4/94 حتى (تاريخ الإفراج عنه) في 24/4/99 ولم تقدم جهة الإدارة ثمة مستندات تبرر اعتقال المدعي خلال هذه الفترة.
وحيث إن المسلم به أن نظام الطوارئ هو نظام استثنائي يستهدف غايات محددة ليس فيها ما يولد سلطات مطلقة
أو مكنات بغير حدود، فهو محض نظام خاضع للدستور والقانون ويتحقق في نطاق المشروعية ويدور في فلك القانون وسيادته ويتقيد بحدوده وضوابطه المرسومة.
وحيث إن القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ قد منح في المادة الثالثة منه لرئيس الجمهورية سلطة اعتقال الأشخاص المتشردين والمشتبه فيهم، كذلك الخطرين على الأمن والنظام العام، ولما كان المقصود بالاشتباه هو المعنى الاصطلاحي لهذه العبارة الواردة في القانون رقم 98 لسنة 1945 في شأن المتشردين والمشتبه فيهم، كذلك فإن الخطرين على الأمن والنظام العام يقصد بهم الأشخاص الذين تقوم بهم خطورة على الأمن تستند إلى وقائع حقيقة منتجة في الدلالة على هذا المعنى ويجب أن تكون هذه الوقائع أفعالاً معينة يثبت ارتكاب الشخص لها ومرتبطة ارتباطًا مباشرًا بما يراد الاستدلال عليه بها، كما أن مجرد انتماء الشخص- لو صح – إلى جماعة ذات مبادئ متطرفة أو منحرفة عن الدستور أو النظام الاجتماعي لا يعني حتمًا وبذاته اعتباره من الخطرين على الأمن بالمعنى المقصود من هذا اللفظ على مقتضى قانون الأحكام العرفية ما دام لم يرتكب فعلاً شخصياً وأمورًا من شأنها أن تصفه حقًا بهذا الوصف.
وحيث إن الجهة الإدارية لم تحدد وقائع مادية محددة ارتكبها المدعي وكانت ثابتة في حقه حتى يمكن إدراجه ضمن المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام حسبما استقرت عليه أحكام المحكمة من ضرورة استناد الخطورة إلى وقائع حقيقة منتجة في الدلالة على هذا المعنى فإن قرار اعتقال المدعي يكون قد صدر بالمخالفة لحكم المادة الثالثة من قانون الطوارئ السابق الإشارة إليه على نحو يتوافر معه ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية.
وحيث إن الاعتقال هو عين الضرر لأنه يحول بين المرء وكسب عيشه وينأى به عن أهله وذويه ليلقي به في المذلة والهوان فضلاً عن سلب حريته وإهدار لكرامته وآدميته، فيكون بالتالي قرار الاعتقال قد ألحق بالمدعى أضرارًا ماديةً وأدبيةً يحق له المطالبة بالتعويض عنها.
ومن حيث إنه تتوافر علاقة السببية بين الخطأ الذي ثبت في حق جهة الإدارة مصدرة القرار الخاطئ الذي ألحق بالمدعي من جراء صدوره أضرارًا مادية وأدبية بما يتوافر معه مناط مسئوليتها.
ومن حيث إن التعويض قد شرع لجبر الضرر ويدور معه وجودًا وعدمًا ويقدر بمقداره، لذا فإن المحكمة تقدر تعويضًا جابرًا لما أصاب المدعي من أضرار مادية وأدبية نتيجة اعتقاله في 2/4/94 حتى (تاريخ الإفراج عنه) في 24/4/99 بمبلغ مقداره “خمسة عشر ألف جنيه” يلزم به المدعى عليهما بصفتيهما.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
فلهــــــــــذه الأسبــــــــاب
حكمت المحكمة : بقبول الدعوي شكلاً، وفي الموضوع بإلزام المدعي عليهما بصفتهما بأن يؤديا للمدعي مبلغاً مقداره “خمسة عشر ألف جنيه” وألزمتهما بصفتهما المصروفات.
سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
شيرين/ …..
روجع/ ناصر