فى الطعن رقم 5661 لسنة 46ق.عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى / موضوع
*************
بالجلسة المنعقدة علناً في يوم السبت الموافق 8/11/2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، د. محمد ماجد محمود أحمد، أحمد عبد الحميد حسن عبود، أحمد حلمى محمد أحمد حلمى.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / حتة محمود حتة مفـــــوض الدولــة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكـــمة
**************************
أصدرت الحكم الآتى
فى الطعن رقم 5661 لسنة 46ق.عليا
المقـــام من
السيد/ حنفى أنور حنفى
ضــــــــــــــد
- وزير الداخلية ” بصفته “
- مدير أمن الإسكندرية ” بصفته “
- مدير مصلحة الأمن العام ” بصفته “
- مأمور قسم المنشية ” بصفته “
*******************
فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية
فى الدعوى رقم 5531 لسنة 50 ق بجلسة 28/2/2000
الإجـــــــراءات :
*************
فى يوم الأحد الموافق 23/4/2000 أودع الأستاذ/ محمد منير سعودى المحامى بالنقض والإدارية العليا، بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن، قيد بجدولها برقم 5661 لسنة 46ق.عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية فى الدعوى رقم 5531 لسنة 50ق والقاضى فى منطوقه ” برفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات”، وطلب الطاعن – للأسباب الواردة فى تقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بإلغاء القرار الصادر من المطعون ضده الثانى، وإلزامهم المصروفات، ومقابل الأتعاب.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعن، ارتأت فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون الطعن الماثل بجلسة 21/10/2002، وبجلسة 7/4/2003 قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا( الدائرة الأولى – موضوع ) لنظره بجلسة 3/5/2003 حيث نظـــرته هذه الدائرة وفيها قـــررت النطـــق بالحكـــم بجلســـة 8/11/2003 مع التصريح بمذكرات فى شهر، وبهذه الجلسة تقرر إعادة الطعن للمرافعة بذات الجلسة لتغير التشكيل والنطق بالحكم فى آخر الجلسة حيث صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به، وكانت الجهة الإدارية قد أودعت خلال الأجل المصرح به مذكرة بدفاعها طلبت فيها الحكم برفض الطعن.
المحكمـــــــــــــة
*************
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 5531 لسنة 50 أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بتاريخ 11/7/1996 بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر من المدعى عليه الثانى بتاريخ 9/6/1996 بعدم تجديد ترخيص الســـلاح رقم 417891 الصــادر فى 18/8/1997 الخاص بالمدعى وسحبه، وما يترتب على ذلك من آثار، وذكر – شرحـــاً لدعواه – أنه فى هذا التاريخ الأخير حصل على الترخيص المشار إليه بحمل وإحراز طبنجة للدفاع، وقد أصيب فى 18/9/1991 ببتر أصابع اليد اليمنى عدا إصبع الإبهام، وتمت الموافقة على تجديد الترخيص فى 25/11/1992 بناء على موافقة اللجنة الطبية المختصة، وأنه تقدم لتجديد الترخيص فى أكتوبر 1995 فأفادت اللجنة المذكورة بعدم الموافقة لعدم اللياقة الطبية، فتظلم من هذا القرار، وأعيد الكشف الطبى عليه بمعرفة القومسيون الطبى العام الذى أحاله إلى مركز التدريب لاختباره عملياً على استعمال السلاح باليد اليسرى، فأفاد بإمكانية استعمال السلاح بها، والقيام بأعمال النظافة للسلاح وحمله، وعليه صدر قرار القومسيون الطبى رقم 8 فى 14/1/1996 بأنه لائق بنظارة لتجديد رخصة سلاح باليد اليسرى للدفاع، وأعيد عرض المدعى على مركز التدريب فى 20/3/1996 فأفاد بلياقته لحمل السلاح، إلا أنه فوجئ بتاريخ 9/6/1996 بالمدعى عليه الثانى يرفض تجديد الترخيص لعدم اللياقة الطبية، وتم سحب السلاح منه فى ذات التاريخ بالمحضر رقم 50 أحوال قسم المنشية – ونعى على القرار مخالفته للقانون لصدوره مفتقداً للسبب المبرر له، وأنه يعمل مقاولاً ويتعامل فى أموال يخشى عليها من السرقة، كما أنه دائم السفر فى عمله، مما يتوافر بشأنه مبررات منحه الترخيص المشار إليه.
وبجلسة 19/6/1997 قضت المحكمة فى الشق العاجل من الدعوى برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المدعى مصروفاته، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها، و إعداد تقرير بالرأى القانونى فى الموضوع حيث أودعت الهيئة تقريرها وقد ارتأت فيه رفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات.
وبجلسة 28/2/2000 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه تأسيساً على أن القرار المطعون فيه صدر بناء على ما انتهى إليه رأى جهات التحرى بمباحث قسم المنشية بالإسكندرية و إدارة البحث الجنائى بالمديرية وكذلك مأمور القسم من عدم قدرة المدعى الصحية على حمل واستخدام السلاح بيده اليمنى وخشية من إساءة استخدام السلاح بيده اليسرى كبديل، وأنه قد يعرض حياة المواطنين للخطر، ويكتفى بحماية الشرطة… ومن ثم يكون هذا القرار وقد صدر فى حدود استعمال الإدارة لسلطتها التقديرية فى تقدير مدى ملاءمة استمرار الترخيص للمدعى بحمل السلاح فى ضوء إصابته ببتر أصابع يده اليمنى عدا الإبهام واستخدامه يده اليسرى كبديل، وخطورة ذلك على حياة المواطنين وأمنهم قائماً على سببه المبرر له قانوناً، متفقا وأحكام القانون، ويضحى الطعن عليه غير قائم على أساس صحيح من القانون، مما يتعين القضاء برفض الدعوى.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون، وشابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، وذلك لما ثبت من الأوراق أن الطاعن قد ترخص له فى حمل السلاح سنة 1987، ورغم بتر أصابع من ساعده الأيمن، فإن جهة الإدارة قامت بتجديد ترخيص السلاح له، وعند التجديد للمرة الرابعة أفاد القومسيون الطبى بأن الطاعن لائق طبيا بنظارة لتجديد رخصة السلاح باليد اليسرى للدفاع، ثم جاء تقرير مركز التدريب الذى تم عرض الطاعن عليه مؤكداً بإمكانية استعمال الطاعن للسلاح باليد اليسرى، فإذا ما صدر القرار المطعون فيه برفض تجديد الترخيص وإلغاء الرخصة دون أسباب حقيقية، وأيده فى ذلك الحكم المطعون فيه فإنه يكون قد جاء مخالفاً للقانون ؛ فضلا عن أن أسباب الحكم جاءت سطحية دون أن تتعمق فى الأسباب الحقيقية لصدور هذا القرار خاصة وأن الطاعن لم ينسب إليه امر يمكن التذرع به لتبرير صدور هذا القرار ؛ كما لم تقدم جهة الإدارة أي وجه جديد يدحض ما هو ثابت بالأوراق مما يصم الحكم المطعون فيه بخلوه من الأسباب الحقيقية التى بنى عليها وبفساده فى الاستدلال مما يتعين معه إلغاؤه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى – فى هدى أحكام المادتين (1) و (4) من القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر، معدلاً بالقانونين رقمى34 لسنة 1974 و 26 لسنة 1978- على أن المشرع منذ أن تصدى لتنظيم حمل السلاح وإحرازه، خول الجهة الإدارية المختصة سلطة تقديرية واسعة النطاق فى هذا المجال، وجعل من اختصاصها أن ترفض الترخيص أو التجديد وأن تقصر مدته أو تقصره على إحراز أو حمل أنواع معينة من الأسلحة دون سواها، وأن تقيد الترخيص بأى شرط تراه، كما خولها أن تسحب الترخيص مؤقتاً أو أن تلغيه نهائياً، وكل ذلك حسبما يتراءى لها من ظروف الحال وملابساته، بما يكفل وقاية المجتمع وحماية الأمن، وبما لا معقب عليها ما دامت تلك الجهة المختصة لم تخالف القانون، ولم تتعسف فى استعمال سلطتها عند إصدار قرارها، خاصة وأن هذه السلطة ليست مطلقة من كل قيد، بل هى مقيدة بما أمرها به المشرع من أن يكون قرارها الصادر فى هذا الشأن مسبباً.
ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن سبق أن حصل على الترخيص رقم 417891 بحمل وإحراز طبنجة للدفاع وذلك بتاريخ 18/8/1987 وأنه ورغم إصابته فى 18/9/1991 ببتر أصابع يده اليمنى عدا إصبع الإبهام قامت جهة الإدارة بالموافقة له على تجديد الترخيص له فى 25/11/1992 بناء على موافقة اللجنة الطبية المختصة، ولدى قيامه بتجديد الترخيص فى أكتوبر عام 1995 أفادت اللجنة الطبية المختصة بعدم الموافقة لعدم اللياقة الطبية، مما حدا به إلى التظلم من هذا القرار، فأعيد الكشف الطبى عليه بمعرفة القومسيون الطبى العام الذى أحاله إلى مركز التدريب لاختباره عملياً على مدى إمكانية استعمال السلاح بيده اليسرى، فجاء تقرير مركز التدريب بإمكانية الطاعن على ذلك، بل على القيام بأعمال نظافة السلاح وحمله، وبناء على ذلك صدر قرار القومسيون الطبى العام رقم (8) فى 14/1/1996 بأن الطاعن لائق بنظارة لتجديد رخصة السلاح باليد اليسرى للدفاع، إلا أن جهة الإدارة أعادت الطاعن ثانية إلى مركز التدريب فى 30/3/1996 الذى أكد لياقته لحمل السلاح، ومع ذلك أصدرت جهة الإدارة قرارها المطعون فيه برفض تجديد الترخيص لعدم اللياقة الطبية على حمل السلاح بيده اليمنى، وخشية من إساءة استخدامه السلاح باليد اليسرى وأنه قد يعرض حياة المواطنين للخطر ويكتفى بحماية الشرطة.
ومن حيث إنه مع تقدير هذه المحكمة الكامل والجازم بضرورة النزول على اعتبارات الأمن الذى له التقدير الأوفى فيما يتعلق بالترخيص بحيازة الأسلحة، إلا أنه ووفقاً للتشريعات التى تنظم هذه الأمر، فإن الجهة الإدارية يتعين عليها أن تنزل على صحيح حكم تلك التشريعات التى تقيم توازناً بين اعتبارات الأمن وبين الرخصة المقررة للأفراد فى هذا الصدد، وهذا التوازن الدقيق بين مختلف الاعتبارات تجريه جهة الإدارة، انطلاقا من أحكام القانون، ونزولاً على أوامره وتغيياً لصحيح مراده تحت رقابة قاضى المشروعية الذى يزن الأمور بميزان المشروعية، فى ضوء الاختصاص الواسع المقرر لأجهزة الأمن، وعلى هدى الامتياز الممنوح للمواطنين فى حمل السلاح على نحو ما ينظمه القانون رقم 394 لسنة 1954 المشار إليه التى تستلزم المادة 4/2 منه أن يكون القرار برفض منح الترخيص مسبباً.
ولما كانت الأسباب التى أبدتها الجهة الإدارية لا تصلح سنداً لحمل القرار برفض منح الترخيص، ذلك أنها فى عام 1992 سبقت لها الموافقة للطاعن على تجديد الترخيص رغم إصابته عام 1991 ببتر أصابع يده اليمنى ( عدا الإبهام ) ولم تثر مدى لياقته الطبية فى ذلك الوقت، بل عند التجديد عام 1995 استجابت لتظلم المدعى من قرار الجهة الطبية بعدم لياقته واحتكمت إلى القومسيون الطبى العام الذى أفادها بلياقته الطبية فى ضوء ما أفاد به مركز التدريب من إمكان الطاعن استعمال الطاعن لسلاحه بيده اليسرى بل على القيام بنظافة سلاحه وحمله، وهو ما أكده مرة ثانية حينما احتكمت إليه الجهة الإدارية فى 30/3/1996 غداة إفادتها من قبل القومسيون الطبى العام بلياقته بنظارة لتجديد رخصة السلاح باليد اليسرى للدفاع، ومن ثم وإذ لم تقدم جهة الإدارة ما يدحض ما هو ثابت بالأوراق ومن ثم يكون قرارها المطعون فيه معيباً متعيناً القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد خالف هذه الوجهة من النظر يكون قد صدر مجانباً للصواب متعينا القضاء بإلغائه وهو ما تقضى به هذه المحكمة.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
فلهــــذه الأســــباب:
حكمــت المحكمــة:
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بإلغاء القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.
سكرتير المحكمــــــــة رئيس المحكمـــــــــــة
نوال//