موسوعة المحكمه الاداريه العليا

في الدعوى رقم 12026 لسنة 57 ق

بسم الله الرحمن الرحيم

مجلس الدولة

محكمة القضاء الإداري

الدائرة الثامنة (عقود وتعويضات)

بالجلسة المنعقدة علنًا في يوم الأحد الموافق 22/10/2006.

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/             عبد الفتاح صبري أبو الليل                   نائب رئيس مجلس الدولة

ورئيس المحكمة

وعضوية السيد الأستاذ المستشار/                    سعيد حسين محمد المهدي النادي             نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار/                    عبد الفتاح أمين عوض الله الجزار           نائب رئيس مجلس الدولة

وحضور السيد الأستاذ المستشار/                     ثروت محمد                                         مفوض الدولة

وسكرتارية السيد /                                     طارق عبد العليم تركي                       أمين السر

أصدرت الحكم الأتي

في الدعوى رقم 12026 لسنة 57 ق

المقامة من/ حليمة عبده عبادي

ضد السيد/ وزير الداخلية…………..”بصفته”.

الوقائع: –

أقامت المدعية هذه الدعوى بصحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 22/2/2003 طلبت في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدي لها تعويضًا عن كافة الأضرار المادية والأدبية التي أصابتها من جراء اعتقال زوجها مع إلزام المدعى عليه بصفته المصروفات.

وقالت المدعية شرحًا لدعواها أن زوجها/ أحمد فكري أحمد محمد اعتقل في 1/1/1990 حيث ألقي به في السجن دون سبب ولا يزال معتقلاً حتى تاريخ إقامة الدعوى.

ونعت المدعية على قرار اعتقال زوجها أنه صدر مشوبًا بعيوب مخالفة القانون والانحراف بالسلطة وانعدام السبب حيث لم يكن من المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام وقت اعتقاله وإنما تم اعتقاله في 1/1/1990 لأسباب سياسية محضة.

وأضافت المدعية بأنها أصيبت بسبب اعتقال زوجها بأضرار مادية وأدبية جسيمة تمثلت في هدم كيان أسرتها وتحملها أعباء مالية نتيجة اعتقاله وسبب لها ذلك شعورًا بالإحباط والآلام النفسية التي أصابتها نتيجة البعد عن أهله وتقيد حريته دون سند من القانون.

وقد جرى تحضير الدعوى لدى هيئة مفوضي الدولة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وفيها قدم الحاضر عن المدعية حافظة مستندات.

وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الدعوى ارتأت فيه لأسباب الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدي للمدعية التعويض المناسب الذي تقدره المحكمة جبرًا للأضرار المادية والأدبية التي أصابتها من جراء اعتقال زوجها.

وحددت المحكمة جلسة 23/10/2005 لنظر الدعوى وتدوول نظرها على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وفيها قدم الحاضر عن المدعية حافظة مستندات ، كما قدم الحاضر عن الدولة حافظة مستندات ومذكرة دفاع.

وبجلسة 9/4/2006 قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة اليوم مع مذكرات في شهر أودع خلاله الحاضر عن المدعية مذكرة ختامية انتهى فيها إلى طلب الحكم بتعويض المدعية عن مدة اعتقال زوجها في الفترة من 16/12/1992 حتى 23/3/2005 حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

– المحكمة –

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.

حيث إن المدعية تطلب الحكم وفقًا لطلباتها الختامية بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدي إليها تعويضًا عما أصابها من أضرار مادية وأدبية من جراء اعتقال زوجها/ أحمد فكري أحمد محمد في الفترة من 16/12/1992 حتى الإفراج عنه في 23/3/2005 والمصروفات.

 

تابع الحكم في الدعوى رقم 12026 لسنة 57 ق

 

وحيث إن الثابت أن المدعية تقدمت للجنة التوفيق في بعض المنازعات بالطلب رقم 4081 لسنة 2002 وقد أوصت اللجنة برفض الطلب.

ومن ثم فأن المدعية تكون قد سلكت الطريق الذي رسمه المشرع بالقانون رقم 7 لسنة 2000، وإذ استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية المقرة قانونًا، فهي مقبولة شكلاً.

وحيث إنه عن الموضوع – فأن من المستقر عليه أن مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الصادرة منها هو قيام خطأ من جانبها بأن يكون قرارها غير مشروع  لعيب من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة، وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر مباشر من هذا الخطأ وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر.

وحيث إن الثابت أن زوج المدعية قد اعتقل في الفترة من 16/12/1992 حتى 19/5/2005 تاريخ الإفراج عنه ولم تقدم جهة الإدارة ثمة مستندات تبرر اعتقال زوج المدعية خلال هذه الفترة.

وحيث إن المسلم به أن نظام الطوارئ هو نظام استثنائي يستهدف غايات محددة ليس فيها ما يولد سلطات مطلقة
أو مكنات بغير حدود، فهو محض نظام خاضع للدستور والقانون ويتحقق في نطاق المشروعية ويدور في فلك القانون وسيادته ويتقيد بحدوده وضوابطه المرسومة.

وحيث إن القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ قد منح في المادة الثالثة منه لرئيس الجمهورية سلطة اعتقال الأشخاص المتشردين والمشتبه فيهم، كذلك الخطرين على الأمن والنظام العام، ولما كان المقصود بالاشتباه هو المعنى الاصطلاحي لهذه العبارة الواردة في القانون رقم 98 لسنة 1945 في شأن المتشردين والمشتبه فيهم، كذلك فإن الخطرين على الأمن والنظام العام يقصد بهم الأشخاص الذين تقوم بهم خطورة على الأمن تستند إلى وقائع حقيقة منتجة في الدلالة على هذا المعنى ويجب أن تكون هذه الوقائع أفعالاً معينة يثبت ارتكاب الشخص لها ومرتبطة ارتباطًا مباشرًا بما يراد الاستدلال عليه بها، كما أن مجرد انتماء الشخص- لو صح – إلى جماعة ذات مبادئ متطرفة أو منحرفة عن الدستور أو النظام الاجتماعي لا يعني حتمًا وبذاته اعتباره من الخطرين على الأمن بالمعنى المقصود من هذا اللفظ على مقتضى قانون الأحكام العرفية ما دام لم يرتكب فعلاً شخصياً وأمورًا من شأنها أن تصفه حقًا بهذا الوصف.

وحيث إن الجهة الإدارية لم تحدد وقائع مادية محددة ارتكبها زوج المدعية وكانت ثابتة في حقه حتى يمكن إدراجه ضمن المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام حسبما استقرت عليه أحكام المحكمة من ضرورة استناد الخطورة إلى وقائع حقيقة منتجة في الدلالة على هذا المعنى فإن قرار اعتقال زوج المدعية يكون قد صدر بالمخالفة لحكم المادة الثالثة من قانون الطوارئ السابق الإشارة إليه على نحو يتوافر معه ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية.

وحيث إن الاعتقال هو عين الضرر لأنه يحول بين المرء وكسب عيشه وينأى به عن أهله وذويه ليلقي به في المذلة والهوان فضلاً عن سلب حريته وإهدار لكرامته وآدميته، فيكون بالتالي قرار الاعتقال قد ألحق بالمدعية أضرارًا ماديةً وأدبيةً يحق لها المطالبة بالتعويض عنها.

ومن حيث إنه تتوافر علاقة السببية بين الخطأ الذي ثبت في حق جهة الإدارة مصدرة القرار الخاطئ الذي ألحق بالمدعية من جراء صدوره أضرارا مادية وأدبية بما يتوافر معه مناط مسئوليتها.

ومن حيث إن التعويض قد شرع لجبر الضرر ويدور معه وجودًا وعدمًا ويقدر بمقداره، لذا فإن المحكمة تقدر تعويضًا جابرًا لما أصاب المدعية من أضرار مادية وأدبية نتيجة اعتقال زوجها في الفترة سابقة البيان بتاريخ 16/12/1992 وحتى الإفراج عنه في 19/5/2005 بمبلغ مقداره اثنا عشر ألفا وخمسمائة جنيه يلزم به المدعى عليه بصفته

ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: قبول الدعوى شكلا، وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدي للمدعية مبلغًا مقداره
اثنا عشر ألفا وخمسمائة جنيه وألزمته بصفته المصروفات.

سكرتير المحكمة                                                         رئيس المحكمة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

روجع/ مصطفى

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى