في الدعوى رقم 21448 لسنة 57 ق
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الثامنة (عقود وتعويضات)
بالجلسة المنعقدة علنا في يوم الأحد الموافق 19/11/2006
برئاســــة السيـــــد الأستـــاذ المستشــــار |
/ |
عبد الفتاح صبري أبو الليل |
|
نــائب رئـــيس مجلــــس الــدولــة رئيــــــــــــــس المحكـمــــــــــــــة |
وعضــويــة السيــــد الأستــاذ المستشــار |
/ |
سعيد حسين محمد النادي |
|
نــائب رئـــيس مجلــــس الــدولــة |
وعضــويــة السيــــد الأستــاذ المستشــار |
/ |
عبد الفتاح أمين الجزار |
|
نــائب رئـــيس مجلــــس الــدولــة |
وحضــــــور السيــــد الأستــاذ المستشــار |
/ |
ثروت محمد |
|
مـفــــــــــــوض الـــــــدولـــــــــــة |
وسكـــرتـــــاريـــة السيـــــــــــــــــــــــــــد |
/ |
خليل إبراهيم |
|
أميـــــــــــــــــن الســـــــــــــــــــــر |
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى رقم 21448 لسنة 57 ق
المقامة من
عزيزة إبراهيم محمود زوجه المعتقل السياسي/ صابر حسن السيد الشيمي
ضـــــــــــــــــــــــــــــــد
وزير الداخلية ……… “بصفته”
الـــــوقـــــــــائـــــــع
أقامت المدعية هذه الدعوى بصحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 29/5/2003 طلبت في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدي لها تعويضًا عن كافة الأضرار المادية والأدبية التي أصابتها من جراء اعتقاله زوجها مع إلزام المدعى عليه بصفته المصروفات.
وقالت المدعية شرحًا لدعواها أن نجلها اعتقل في 14/2/1988 دون ذنب أقترفة.
ونعت المدعية على قرار اعتقال زوجها أنه صدر مشوبًا بعيوب مخالفة القانون والانحراف بالسلطة وانعدام السبب حيث لم يكن من المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام وإنما تم اعتقاله لأسباب سياسية محضة.
وأضافت المدعية بأنها أصيبت بسبب اعتقاله زوجها بأضرار مادية وأدبية جسيمة تمثلت في هدم كيان أسرته وتحملها أعباء مالية نتيجة اعتقاله وسبب له ذلك شعورًا بالإحباط والآلام النفسية التي أصابته نتيجة البعد عن أهله وتقيد حريته دون سند من القانون.
وقد جرى تحضير الدعوى لدى هيئة مفوضي الدولة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وفيها قدم وكيل المدعية حافظة مستندات.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الدعوى ارتأت فيه لأسباب الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلزام المدعى عليهما بصفتيهما بأن يؤديا للمدعي التعويض المناسب الذي تقدره المحكمة جبرًا للأضرار المادية والأدبية التي أصابته من جراء اعتقال زوجها.
وحددت المحكمة جلسة 25/12/2005 لنظر الدعوى وتدوول نظرها على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وفيها قدم وكيل المدعية حافظة مستندات كما قدم الحاضر عن الدولة حافظة مستندات ومذكرة بدفاعه طلب في ختامها الحكم: برفض الدعوى وإلزام المدعية المصروفات، وبجلسة 4/6/2006 قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة اليوم مع مذكرات خلال شهر، وبهذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحــــكـــمــــــــــــــــــة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
حيث إن المدعية تطلب الحكم بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدي إليه تعويضًا عما أصابها من أضرار مادية وأدبية من جراء اعتقال في الفترة من 31/8/1992 حتى أفرج عنه في 28/10/2003 والمصروفات.
وحيث إن الثابت أن المدعي تقدمت للجنة التوفيق في بعض المنازعات بالطلب رقم 1323 لسنة 2003 وأوصت اللجنة بجلسة 27/1/2003 برفض الطلب.
تابع الحكم في الدعوى رقم 21448 لسنة 57 ق
ومن ثم فإن المدعية تكون قد سلك الطريق الذي رسمه المشرع بالقانون رقم 7 لسنة 2000، وإذ استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية المقررة قانوناً، فهي مقبولة شكلاً.
وحيث إنه عن الموضوع – فأن من المستقر عليه أن مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الصادرة منها هو قيام خطأ من جانبها بأن يكون قرارها غير مشروع لعيب من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة، وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر مباشر من هذا الخطأ وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
وحيث إن الثابت أن المدعية قد اعتقل في الفترة من سالفة البيان ولم تقدم جهة الإدارة ثمة مستندات تبرر اعتقال نجل المدعية خلال هذه الفترة.
وحيث إن المسلم به أن نظام الطوارئ هو نظام استثنائي يستهدف غايات محددة ليس فيها ما يولد سلطات مطلقة
أو مكنات بغير حدود، فهو محض نظام خاضع للدستور والقانون ويتحقق في نطاق المشروعية ويدور في فلك القانون وسيادته ويتقيد بحدوده وضوابطه المرسومة.
وحيث إن القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ قد منح في المادة الثالثة منه لرئيس الجمهورية سلطة اعتقال الأشخاص المتشردين والمشتبه فيهم، كذلك الخطرين على الأمن والنظام العام، ولما كان المقصود بالاشتباه هو المعنى الاصطلاحي لهذه العبارة الواردة في القانون رقم 98 لسنة 1945 في شأن المتشردين والمشتبه فيهم، كذلك فإن الخطرين على الأمن والنظام العام يقصد بهم الأشخاص الذين تقوم بهم خطورة على الأمن تستند إلى وقائع حقيقة منتجة في الدلالة على هذا المعنى ويجب أن تكون هذه الوقائع أفعالاً معينة يثبت ارتكاب الشخص لها ومرتبطة ارتباطًا مباشرًا بما يراد الاستدلال عليه بها، كما أن مجرد انتماء الشخص- لو صح – إلى جماعة ذات مبادئ متطرفة أو منحرفة عن الدستور أو النظام الاجتماعي لا يعني حتمًا وبذاته اعتباره من الخطرين على الأمن بالمعنى المقصود من هذا اللفظ على مقتضى قانون الأحكام العرفية ما دام لم يرتكب فعلاً شخصياً وأمورًا من شأنها أن تصفه حقًا بهذا الوصف.
وحيث إن الجهة الإدارية لم تحدد وقائع مادية محددة ارتكبتها المدعية وكانت ثابتة في حقه حتى يمكن إدراجه ضمن المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام حسبما استقرت عليه أحكام المحكمة من ضرورة استناد الخطورة إلى وقائع حقيقة منتجة في الدلالة على هذا المعنى فإن قرار اعتقال المدعية يكون قد صدر بالمخالفة لحكم المادة الثالثة من قانون الطوارئ السابق الإشارة إليه على نحو يتوافر معه ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية.
وحيث إن الاعتقال هو عين الضرر لأنه يحول بين المرء وكسب عيشه وينأى به عن أهله وذويه ليلقي به في المذلة والهوان فضلاً عن سلب حريته وإهدار لكرامته وآدميته، فيكون بالتالي قرار الاعتقال قد ألحق بالمدعية أضرارًا ماديةً وأدبيةً يحق له المطالبة بالتعويض عنها.
ومن حيث إنه تتوافر علاقة السببية بين الخطأ الذي ثبت في حق جهة الإدارة مصدرة القرار الخاطئ الذي ألحق زوج المدعية من جراء صدوره أضرارًا مادية وأدبية بما يتوافر معه مناط مسئوليتها.
ومن حيث إن التعويض قد شرع لجبر الضرر ويدور معه وجودًا وعدمًا ويقدر بمقداره، لذا فإن المحكمة تقدر تعويضًا جابرًا لما أصاب من نجل المدعي من أضرار مادية وأدبية نتيجة اعتقاله في الفترة 31/8/1992 إلي 28/10/2003 بمبلغ مقداره “إحدى عشر ألف ومائتان جنيه” يلزم به المدعى عليه بصفته.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة (154) من قانون المرافعات.
فلهــــــــــذه الأسبــــــــاب
حكمت المحكمة : بقبول الدعوي شكلاً، وفي الموضوع بإلزام المدعي عليه بصفته بأن يؤدي للمدعية مبلغاً مقداره “إحدى عشر ألف ومائتان جنيه” وألزمته بصفته المصروفات.
سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
شيرين/ …..
روجع/ ناصر