في الدعوى رقم 22664 لسنة 57 ق
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الثامنة (عقود وتعويضات)
بالجلسة المنعقدة علنا في يوم الأحد الموافق 19/11/2006
برئاســــة السيـــــد الأستـــاذ المستشــــار |
/ |
عبد الفتاح صبري أبو الليل |
|
نــائب رئـــيس مجلــــس الــدولــة رئيــــــــــــــس المحكـمــــــــــــــة |
وعضــويــة السيــــد الأستــاذ المستشــار |
/ |
عبد الفتاح أمين الجزار |
|
نــائب رئـــيس مجلــــس الــدولــة |
وعضــويــة السيــــد الأستــاذ المستشــار |
/ |
سعيد مصطفي عبد الغني |
|
نــائب رئـــيس مجلــــس الــدولــة |
وحضــــــور السيــــد الأستــاذ المستشــار |
/ |
ثروت محمد |
|
مـفــــــــــــوض الـــــــدولـــــــــــة |
وسكـــرتـــــاريـــة السيـــــــــــــــــــــــــــد |
/ |
خليل إبراهيم |
|
أميـــــــــــــــــن الســـــــــــــــــــــر |
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى رقم 22664 لسنة 57 ق
المقامة من
عبد الحميد مسلم مصطفي سليم
ضـــــــــــــــــــــــــــــــد
وزير الداخلية ………. “بصفته”
الـــــوقـــــــــائـــــــع
أقام المدعي هذه الدعوى بصحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 10/6/2003 طالبًا في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدي له تعويضًا عن كافة الأضرار المادية والأدبية التي أصابته من جراء اعتقاله مع إلزام المدعى عليه بصفته المصروفات.
وقال المدعي شرحًا للدعوى أنه اعتقل في 28/2/1995 حيث ألقي في السجن ولا يزال معتقلاً حتى تاريخ إقامة الدعوى رغم صدور أحكام قضائية بالإفراج عنه.
ونعى المدعي على قرار اعتقاله أنه صدر مشوبًا بعيوب مخالفة القانون والانحراف بالسلطة وانعدام السبب حيث لم يكن من المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام وقت اعتقاله في 28/2/1995 وإنما تم اعتقاله لأسباب سياسية محضة.
وأضاف المدعي بأنه أصيب بسبب اعتقاله بأضرار مادية وأدبية جسيمة تمثلت في هدم كيان أسرته وتحملها أعباء مالية نتيجة اعتقاله وسبب له ذلك شعورًا بالإحباط والآلام النفسية التي أصابته نتيجة البعد عن أهله وتقيد حريته دون سند من القانون.
وقد جرى تحضير الدعوى لدى هيئة مفوضي الدولة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وفيها قدم الحاضر عن المدعي حافظتي مستندات.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الدعوى ارتأت فيه لأسباب الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدي للمدعي التعويض المناسب الذي تقدره المحكمة جبرًا للأضرار المادية والأدبية التي أصابته من جراء اعتقاله.
وحددت المحكمة جلسة 1/1/2006 لنظر الدعوى وتدوول نظرها على النحو المبين بمحاضر الجلسات وفيها قدم الحاضرعن الدولة حافظة مستندات، كما قدم الحاضر عن الدولة حافظة مستندات وبجلسة 11/6/2006 قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة اليوم – مع مذكرات في شهر أودع خلاله الحاضر عن الدولة مذكرة دفاع – وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتلمة على أسبابه عند النطق به.
المحــــكـــمــــــــــــــــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
حيث إن المدعي يطلب الحكم بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدي إليه تعويضًا عما أصابه من أضرار مادية وأدبية من جراء اعتقاله في الفترة من 28/2/1995 حتى تاريخ إقامة الدعوى والمصروفات.
تابع الحكم في الدعوى رقم 22664 لسنة 57 ق
وحيث إن الثابت أن المدعي تقدم للجنة التوفيق في بعض المنازعات بالطلب رقم 214 لسنة 2002 وقد أوصت اللجنة برفض الطلب.
ومن ثم فأن المدعي يكون قد سلك الطريق الذي رسمه المشرع بالقانون رقم 7 لسنة 2000، وإذ استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية المقررة قانونًا، فهي مقبولة شكلاً.
وحيث إنه عن الموضوع – فأن من المستقر عليه أن مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الصادرة منها هو قيام خطأ من جانبها بأن يكون قرارها غير مشروع لعيب من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة، وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر مباشر من هذا الخطأ وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
وحيث إن الثابت أن المدعي قد اعتقل في الفترة من 28/2/1995 ولا يزال معتقلاً حتى تاريخ إقامة الدعوى في 10/6/2003 ولم تقدم جهة الإدارة ثمة مستندات تبرر اعتقال المدعي خلال هذه الفترة.
وحيث إن المسلم به أن نظام الطوارئ هو نظام استثنائي يستهدف غايات محددة ليس فيها ما يولد سلطات مطلقة
أو مكنات بغير حدود، فهو محض نظام خاضع للدستور والقانون ويتحقق في نطاق المشروعية ويدور في فلك القانون وسيادته ويتقيد بحدوده وضوابطه المرسومة.
وحيث إن القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ قد منح في المادة الثالثة منه لرئيس الجمهورية سلطة اعتقال الأشخاص المتشردين والمشتبه فيهم، كذلك الخطرين على الأمن والنظام العام، ولما كان المقصود بالاشتباه هو المعنى الاصطلاحي لهذه العبارة الواردة في القانون رقم 98 لسنة 1945 في شأن المتشردين والمشتبه فيهم، كذلك فإن الخطرين على الأمن والنظام العام يقصد بهم الأشخاص الذين تقوم بهم خطورة على الأمن تستند إلى وقائع حقيقة منتجة في الدلالة على هذا المعنى ويجب أن تكون هذه الوقائع أفعالاً معينة يثبت ارتكاب الشخص لها ومرتبطة ارتباطًا مباشرًا بما يراد الاستدلال عليه بها، كما أن مجرد انتماء الشخص- لو صح – إلى جماعة ذات مبادئ متطرفة أو منحرفة عن الدستور أو النظام الاجتماعي لا يعني حتمًا وبذاته اعتباره من الخطرين على الأمن بالمعنى المقصود من هذا اللفظ على مقتضى قانون الأحكام العرفية ما دام لم يرتكب فعلاً شخصياً وأمورًا من شأنها أن تصفه حقًا بهذا الوصف.
وحيث إن الجهة الإدارية لم تحدد وقائع مادية محددة ارتكبها المدعي وكانت ثابتة في حقه حتى يمكن إدراجه ضمن المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام حسبما استقرت عليه أحكام المحكمة من ضرورة استناد الخطورة إلى وقائع حقيقة منتجة في الدلالة على هذا المعنى فإن قرار اعتقال المدعي يكون قد صدر بالمخالفة لحكم المادة الثالثة من قانون الطوارئ السابق الإشارة إليه على نحو يتوافر معه ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية.
وحيث إن الاعتقال هو عين الضرر لأنه يحول بين المرء وكسب عيشه وينأى به عن أهله وذويه ليلقي به في المذلة والهوان فضلاً عن سلب حريته وإهدار لكرامته وآدميته، فيكون بالتالي قرار الاعتقال قد ألحق بالمدعى أضرارًا ماديةً وأدبيةً يحق له المطالبة بالتعويض عنها.
ومن حيث إنه تتوافر علاقة السببية بين الخطأ الذي ثبت في حق جهة الإدارة مصدرة القرار الخاطئ الذي ألحق بالمدعي من جراء صدوره أضرارا مادية وأدبية بما يتوافر معه مناط مسئوليتها.
ومن حيث إن التعويض قد شرع لجبر الضرر ويدور معه وجودًا وعدمًا ويقدر بمقداره، لذا فإن المحكمة تقدر تعويضًا جابرًا لما أصاب المدعي من أضرار مادية وأدبية نتيجة اعتقاله في الفترة المشار إليها بمبلغ مقداره “خمسة وعشرون ألف جنيه” يلزم به المدعي عليه بصفته.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
فلهــــــــــذه الأسبــــــــاب
حكمت المحكمة : بقبول الدعوي شكلاً، وفي الموضوع بإلزام المدعي عليه بصفته بأن يؤدي للمدعي مبلغاً مقداره “خمسة وعشرون ألف جنيه” وألزمته بصفته المصروفات.
سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
شيرين/ …..
روجع/ ناصر