من اسباب الطعن – بطلان الحكم الطعين
بطلان الحكم الطعين ومخالفته للقانون
كان الحكم الطعين قد أعرض ونأى بجانبه عن الدفع المثار ببطلان إجراءات تحريك الدعوى الجنائية و بطلان كافة العمل الإجراءات فيها و تحقيقاتها لعدم صدور طلب من السيد وزير الماليه بشأنها قبل قيام النيابة العامه بتحقيق الواقعه , حين إنتهى الحكم الطعين لرفض هذا الدفع الجازم متسانداً إلى صدور إدعاء صدور هذا الطلب وصحة ما تم من إجراءات التحقيق على نحو ما أفصح الحكم بمدونات قضائه ممثلاً فى الآتى :
” ثبت من إطلاع النيابة العامة على خطاب هيئة الرقابة الإداريه المؤرخ فى 24/7/2009 طلب وزير المالية إتخاذ النيابة العامة إجراءات التحقيق فى الواقعة . وكذا الخطاب المؤرخ فى 11/5/2009 بطلب وزير المالية بتحريك الدعوى العمومية ضد المتهم الأول / رشدى حسين محمود فيما نسب إليه من وقائع وخطاب وزير المالية المؤرخ فى 1/3/2009 بطلب تحريك الدعوى العمومية ضد المتهمين عن جريمة التهرب الجمركى ”
بيد ان الحكم الطعين لم يفطن لكون الطلب المرجو به تحريك الدعوى الجنائية قبل الطاعن عن جريمة التهريب ومباشرة التحقيقات فيها قد تم لاحقاً على تمام كافة التحقيقات فى1/3/2009 بعد ما يزيد عن ستة اشهر من تلك الإجراءات التى قامت بها النيابة العامة و ما تم على يد الخبراء المنتدبين منها .
ولا يعصم الحكم من كبوته تلك فى مخالفته للقانون كونه قد ركن إلى وجود طلب مؤرخ فى 24/7/2008 يخص المتهم الأول بشأن التحقيق معه فى جريمة الرشوة , إذ أن جريمة التهريب الجمركى التى نسبت إلى الطاعن لم يتم إصدار الطلب بشأنها إلا فى 1/3/2009 ومن ثم إن البطلان قد ران على إجراءات التحقيق وما أسفرت عنه حال كونها جميعاً قد تمت قبل صدور هذا الطلب من الجهه المختصة بشأنها بصدد جريمة التهرب الجمركى التى نسبت إلى الطاعن .
ذلك أن نصت الماده / 18 من قانون الاجراءات الجنائية قد نصت على أنه ” لا يجوز رفع الدعوى الجنائيه أو أتخاذ أى إجراءات فيها إلا بناء على طلب كتابى من وزير العدل فى الجرائم المنصوص عليها فى المادتين 181 ، 182من قانون العقوبات كذلك فى الأحوال الأخرى التى ينص عليها القانون ”
وينبنى على ذلك أن عموم نص المادة آنفة البيان يقرر بأن
أتخاذ إجراءات التحقيق لكل جريمة تتطلب طلب من الجهة المختصة قبل متهم بعينه يتطلب أن يصدر قبل مباشرة أى من إجراءات التحقيق فى الدعوى ومن هذه الأحوال الأخرى ما ينص عليه فى بعض القوانين الإقتصادية ومنها قانون الجمارك من عدم جواز رفع الدعوى الجنائيه إلا بناء على طلب من الوزير أو المدير المختص
( د . محمود محمود مصطفى – الجرائم الأقتصادية –ج 1 – ط 2 – 1979 – رقم 133 – ص 198 )
و قد نصت الماده / 124 من قانون الجمارك 66/1963 قديماً قبل سريان التعديل لها بالقانون 160 لسنة 2000 ثم القانون 95 لسنة 2005 على أنه :-
” لا يجوز رفع الدعوى العمومية أو أتخاذ أيه إجراءات فى جرائم التهريب إلا بطلب كتابى من المدير العام للجمارك ( رئيس مصلحه الجمارك ) أو من ينيبه ” .
وفى كتاب ” الجرائم الأقتصادية ” – الجزء الأول – يقول الأستاذ العميد / محمود محمود مصطفى : – تنص الفقرة الثانيه من الماده التاسعه من قانون الإجراءات الجنائيه على أنه فى جميع الأحوال التى يشترط القانون فيها لرفع الدعوى الجنائيه الحصول على طلب ، لا يجوز إتخاذ إجراءات التحقيق فيها إلا بعد الحصول على الطلب ، وعلى ذلك لا يجوز ، قبل تقديم الطلب ، إتخاذ كافه إجراءات الإستدلال ، ولكن لا يجوز رفع الدعوى أو إتخاذ إى إجراء من إجراءات التحقيق قبل تقديم اطلب ، ولو ضبطت الجريمة فى حالة تلبس . ذلك أن الماده 39 من قانون الإجراءات ، وهى تجيز إتخاذ إجراءات جميع الأدله التى لا تمس شخص المتهم فى حالات التلبس ، قد جاءت مقصوره على حالات الشكوى ، فلا تسرى فى حالات الطلب .
وينبنى على عدم تقديم الطلب بطلان إجراءات بدء تسيير الدعوى الجنائيه أمام جهة التحقيق أو الحكم ، وبالتالى بطلان الحكم ، وهو بطلان متعلق بالنظام العام .
ولا يصحح هذه الإجراءات أن يقدم الطلب بعد حصولها ، وأنما يلزم إعادة الإجراءات من جديد ، والطلب الذى يقدم يجب أن يكون مكتوباً ، على خلاف الشكوى التى قد تكون شفوية أو مكتوبه ( تراجع المواد 3 ، 8 ، 9 من قانون الإجراءات الجنائيه )
وينبنى على ضروره تقديم الطلب ، لصحة رفع الدعوى وإجراءات التحقيق ، أن الحكم الصادر فى هذه الدعوى يجب أن يوضح أن رفعها كان بناء على طلب ممن يملك تقديمه وإلا كان الحكم معيباً ، ولا يغنى عن النص عليه بالحكم أن يكون ثابتاً بالأوراق صدور مثل هذا الطلب من جهة الإختصاص .
( الجرائم الإقتصادية – الجزء الأول – الأحكام العامه والإجراءات الجنائيه – الدكتور محمود محمود مصطفى – طـ 2 – 1979 – ص 204 / 205)
وتواتر قضاء محكمه النقض على هذه المبادىء التى أجملها المرجع آنف الذكر ، فقضت محكمه النقض فى الكثره من أحكامها لا يجوز تحريك الدعوى الجنائيه فى جرائم التهريب الجمركى أو مباشره أى إجراء من إجراءات بدء تسييرها أمام جهات التحقيق أو الحكم قبل صدور طلب كتابى بذلك من مدير عام الجمرك ( رئيس مصلحه الجمارك – وحالياً الوزير المختص ) أو من ينيبه ، وإنه ما أتخذت إجراءات من هذا القبيل قبل صدور هذا الطلب الكتابى وقعت تلك الإجراءات باطله بطلاناً مطلقاً من النظام العام لإتصاله بشرط أصيل لازم لتحريك الدعوى العموميه ولصحه إتصال المحكمه بالواقعه ويتعين على المحكمه القضاء به من تلقاء نفسها – وأن هذا البطلان لا يصححه الطلب اللاحق ، وأن صدور الأذن بالتفتيش وتنفيذه قبل صدور الطلب الكتابى يبطل إجراءات التفتيش وما أسفرت عنه من ضبط – وإنه لا صحه للقول بأن الجريمة متلبس بها إذا كان ضبط محلها بعد تفتيش مأذون به النيابه ، وأن رفع الدعوى الجنائيه قبل صدور هذا الطلب الكتابى هو إجراء باطل بطلاناً من النظام العام على المحكمه القضاء به من تلقاء نفسها ويستوجب الحكم بعدم قبول الدعوى الجنائيه لرفعها على غير الأوضاع المقرره قانوناً .
د. محمود محمود مصطفى – المرجع السابق – ص 196 / 207
نقض 8/11/1960 – س 11 – 149 – 778
نقض 22/1/1963 – س 14 – 8 – 35
نقض 22/ 2 / 1965 – س 16 – 34 – 151
نقض 18/4/1967 – س 18 – 107 – 549
نقض 30/10/1967 – س 18 – 213 – 1043
نقض 15/4/1968 – س 19 – 87 – 451
نقض 13/12/1970 – س 21 – 290 – 1195
نقض 13/4/1970 – س 21 – 141 – 593
نقض 14/2/1972 – س 23 – 45 – 186
نقض 21/5/1972 – س 23 – 172 – 771
نقض 6/1/1975 – س 26 – 5 – 20
وفى مؤلف الجرائم الضريبيه – للأستاذ الدكتور / أحمد فتحى سرور – طـ 1990 ص 248 :-
” يشترط القانون فى الطلب أن يكون مكتوباً ، والحكمه من إشتراط الطلب الكتابى تقتضى أن يكون موقعاً من صاحب السلطه فى إصداره ، فلا يكفى إصدار خطاب يفيد أن الطلب قد صدر ممن يملكه ، مالم يكن المحرر المثبت لهذا الطلب موجوداً بالفعل وموقعاً عليه ممن أصدره ، ولا يكفى لذلك مجرد الإشاره التليفونيه مالم تعتمد على أصل مكتوب يحمل توقيع المختص بإصدار الطلب كما لا يكفى أن يثبت المحقق فى صدر محضره أن الطلب قد صدر ما لم يكن مرفقاً بأوراق التحقيق “.
يراجع فى شأن وجوب أن يكون الطلب مكتوباً …………
نقض 18/4/1967 – س 18 – 107 – 549
نقض 30/10/1967 – س 18 – 213 – 1043
نقض 13/4/1970 – س 21 – 141 – 593
نقض 21/5/1972 – س 23 – 172 – 771
نقض 15/4/1968 – س 19 – 87 – 451
وغاية القصد أن الحكم الطعين لم يفطن لكون طلب تحريك الدعوى الجنائية الخاص بجريمة التهريب قد صدر فى 1/3/2009 بعد أن تمت كافة إجراءات التحقيق السابقة عليه فى سياج من البطلان لا يمكن معه أن تتحرر أو تلحقها الصحة بعد صدور هذا الطلب و أن الطلب المزعوم فى 24/7/2008 يخص المتهم الأول وجريمة الرشوة , فضلاً عن أن المحكمة وفقاً لما ذكرته لم تطالع هذا الطلب المقال أنه قد صدر فى 24/7/2008 ولم يكن تحت بصرها مطلقاً حال كون إدعاء وجود طلب سابق من وزير المالية بشان جريمة الرشوة بالنسبة للمتهم الأول أمر إدعاه الشاهد الأول بمذكرة تحرياته المقدمة للنيابة العامة فى 2/8/2008 و أن الحكم الطعين لم يطالع هذا الطلب المزعوم ولم يقف على وجوده وأنما تساند إلى أخبار الغير بوجوده وفقاً لما قرره صراحة بقوله( ثبت من إطلاع النيابة العامة على خطاب هيئة الرقابة الإدارية المؤرخ فى 24/7/2009 طلب وزير المالية إتخاذ النيابة العامة إجراءات التحقيق فى الواقعة) , وهذا الذى ذهب إليه الحكم يصمه بالبطلان حال كون الطلب يتعين أن يكون مكتوباً وصادراً من الجهة المختصة مباشرة دون الإكتفاء بأن يتضمنه ورقة أخرى تشير إلى وجوده أو صدوره فلا يكفى إصدار خطاب يفيد أن الطلب قد صدر ممن يملكه ولما كان الحكم الطعين لم يفطن لهذا الدفاع الجوهرى وأساسه القانونى فأنه يكون قد شابه البطلان و مخالفة القانون .