موسوعة المحكمه الاداريه العليا

الدعوى رقم  6710 لسنة 56ق

 

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

محكمة القضاء الإداري

دائرة العقود والتعويضات زوجي

بالجلسة المنعقدة علنا في يوم الأحد الموافق 19/12/2004.

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ الدكتور/ عبد الفتاح صبري أبو الليل      نائب رئيس مجلس الدولــــــــــــــــة

                                                                                      ورئيــــــــس المحكمـــــــــــــــــــــة

وعضوية السيدين الأستاذين المستشارين/ فارس سعـد فـــــــــــــــارس      نائب رئيـــــس مجلـس الدولـــــــــــة

والسيد الأستاذ المستشـــــــــــــــــــــــار / ناصر حســـــــــن معــــــــلا      المستشار بمجلس الدولـــــــــــــــــــة

وحضور السيد الأستاذ المستشار/ فتحي عطية السيـــــــــــــــــــــــــد        مفــــــــوض الدولـــــــــــــــــــــــــــة

وسكرتارية الســــــــــــــــــــيد/ طارق عبد الحليم تــــــــــــــــــــــرك     سكرتيـــــــر المحكمــــــــــــــــــــــة

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى رقم  6710 لسنة 56ق

المقامة من

محمد شحا ته موســــــى

ضـــــــد

وزير الداخلية بصفته

الوقائع:

          أقام المدعى دعواه الماثلة بصحيفة أودعت إدارة كتاب المحكمة بتاريخ 7/2/2002 طلب في ختامها الحكم بقبولها شكلا وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدى له التعويض المناسب عما لحقه من أضرار مادية أدبية  جراء قرارات اعتقال نجله وإلزامه بالمصروفات.

          وأورد المدعى شرحا لدعواه أنه تم اعتقال نجله( حسين خلال الفترة من 1/10/96 حتى تاريخ رفع الدعوى .

     وينعى المدعى على قرار اعتقال نجله أنه صدوره  معيبا بمخالفة القانون والانحراف بالسلطة وانعدام سببه لعدم اقترافه ثمة ما يبرر اعتقاله وليس من المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن أو النظام العام.   

  وأضاف المدعى بأنه قد لحقت نجله من جراء اعتقاله أضرار أدبية ومادية  تتمثل في حرمانه من حريته ومعاناته آلام السجن دون ذنب أو تحقيق ومحاكمة عادلة وإهدار كرامته وحرمانه من أسرته وانعدام الرعاية الصحية بالسجن مما أدى لإصابته بالأمراض وتلويث سمعته بين أهله وذويه وافتقاره للشعور بالآمان وحرمانه من كسب رزقه ومن إعالة أسرته واستدانته وتكبده نفقات زيارات أسرته له بالسجن وأتعاب المحامين للإفراج عنه .

          وأستطرد بأنه سبق وأن تقدم للجنة التوفيق فى بعض المنازعات بموجب الطلب رقم 7275 لسنة 2001 حيث أوصت اللجنة بجلستها المنعقدة بتاريخ 16/10/2001 برفض الطلب .

          وقد جرى تحضير الدعوى لدى هيئة مفوضي الدولة على النحو الثابت بمحاضر جلسات التحضير حيث قدم الحاضر عن المدعى عليه بصفته شهادة من مكتب النائب العام تفيد اعتقال نجله بتاريخ 24/2/1997 وأنه استمر رهن الاعتقال حتى تاريخ ورود كتاب وزارة الداخلية المؤرخ 3/3/2002 .   

      وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الدعوى ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلا ، وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدى للمدعى المبلغ الذى تقدره المحكمة على سبيل التعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته من جراء اعتقاله خلال الفترة من 13/8/1990 حتى 28/12/1996 وإلزامه بالمصروفات .

 

تابع الحكم فى الدعوى رقم 6710 –56ق

  وتحدد لنظر الدعوى أمام المحكمة جلسة 16/11/2003 حيث قدم الحاضر عن المدعى إعلانا بتصحيح شكل الدعوى منفذ فى 18/10/2003 ومؤشر عليه بجدول المحكمة وذلك بجعل الدعوى مقامة من / حسين محمد شحاته بدلا من والده وذلك بلوغه سن الرشد .

     وبجلسة 13/6/2004 قدم الحاضر عن الحكومة مذكرة دفاع طلب فى ختامها الحكم بعدم قبول الدعوى شكلا لعدم اتباع الطريق الذى رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000 ولانتفاء القرار الإدارى خلال الفترة من 1/10/96 حتى 24/2/97 وبرفض الدعوى موضوعا . 

     وبجلسة 7/11/  2004قضت المحكمة حجز الدعوى  لإصدار الحكم بجلسة اليوم. وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه .

المحكمــــــــة

          بعد الإطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والدفاع وبعد المداولة قانونا .

          ومن حيث إن المدعى يطلب الحكم بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته أن بؤدى له التعويض الناسب عن الأضرار المادية والأدبية  التى لحقت به من جراء قرارات  اعتقاله خلال الفترة من 1/10/96 حتى 7/2/2002 وإلزامه بالمصروفات .

          ومن حيث إن الدعوى الماثلة تعد من دعاوى القضاء الكامل التى لا تتقيد بمواعيد وإجراءات دعوى الإلغاء.

    ومن حيث إن الثابت بالأوراق أن المدعى قد سبق وان تقدم للجنة التوفيق  فى بعض المنازعات بموجب الطلب رقم 7275 لسنة 2001 حيث قررت اللجنة بجلسة 16/10/2001 رفض الطلب وقدم المدعى شهادة رسمية بذلك مؤرخة 5/10/2004 مما يسوتجب الالتفات عن الدفع بعدم قبول الدعوى .

    وحيث إن الدعوى قد استوفت سائر أوضاعها الشكلية ومن ثم فهى مقبولة شكلا .

   ومن حيث إنه عن موضوع  الدعوى – فقد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ متضمنا تخويل رئيس الجمهورية سلطة إعلان حالة الطوارئ بجميع أنحاء البلاد بصورة شبه مستمرة لمدة ناهزت نصف قرن من الزمان ، وقد نصت المادة الثالثة من هذا القرار بقانون على تخويل رئيس الجمهورية سلطة اتخاذ إجراءات استثنائية شاملة لكافة مناح الحياة العامة وفى مقدمتها ما نصت عليه  الفقرة (1) من تخويل رئيس الجمهورية سلطة وضع قيود على حرية الأشخاص فى الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور فى أماكن أو أوقات معينة والقبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام واعتقالهم والترخيص فى تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية الذى يكفل الضمانات الأساسية للأفراد فى حالة توجيه الاتهام بارتكاب جريمة ..

          كما نصت المادة ( 3 مكرر) من ذات القرار بقانون المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 والمستبدلة بالقانون رقم 50 لسنة 1982 على أن يبلغ فورا كل من يقبض عليه أو يعتقل وفقا للمادة السابقة بأسباب القبض عليه أو اعتقاله ويكون له حق الاتصال بمن يرى إبلاغه بما وقع والاستعانة بمحام ويعامل المعتقل معاملة المحبوس احتياطيا .

          وقد صدر قرار رئيس الجمهورية بتفويض وزير الداخلية فى اختصاصاته المنصوص عليها بالفقــــــــــرة ( !من المادة 3 ) سالفة الذكر.

          وقد جرى قضاء المحكمة الإدارية العليا أن سلطة الحكومة فى الاعتقال ليست سلطة مطلقة من كل قيد بل تخضع لأصول وضوابط تتمثل فى قيام حالة واقعية أو قانونية تدفع الإدارة للتدخل بقرارها ، ويجب أن يكون هذا الإجراء لازما لمواجهة هذه الحالة بوصفه الوسيلة الوحيدة لعلاج هذا الموقف وأن يكون رائد الإدارة فى هذا التصرف هو إبتغاء مصلحة عامة ، وتخضع هذه الإجراءات والتصرفات لرقابة القضاء لاستظهار مدى مشروعيتها على أساس الضوابط التى سلف ذكرها ، ومن المستقر عليه أيضا أن وصم الشخص بالخطورة على الأمن والنظام العام لا يعتبر من الملائمات المتروكة للإدارة وإنما يعتبر مسألة قانونية تخضع الإدارة فى ممارستها  لرقابة القضاء للتحقق من مدى قيام ركن السبب الذى أستلزمه القانون لمشروعية قرار الإعتقال .

 

تابع الحكم فى الدعوى رقم 6710 –56ق

“فى هذا المعنى حكم الإدارية العليا فى الطعن رقم 3115 لسنة 39 ق- عليا – جلسة 12/7/1998 وحكمها فى الطعن رقم 734 لسنة 23 ق عليا – جلسة 26/11/1983 “

   ومؤدى ما تقدم فى ضوء نص المادة الثالثة مكرر أن قرار الاعتقال يجب أن يكون مسببا وأن تكون هذه الأسباب حقيقية لا ظنية أو افتراضية وتقوم على أساس من الواقع والحقيقة الثابتة التى تؤدى منطقا وعقلا إلى وصم المعتقل بوصف الخطورة على الأمن والنظام العام باعتبارها ركن السبب فى قرار الاعتقال مما يقتضى ثبوت أن ثمة وقائع

جدية مستمدة من أصول ثابتة بالأوراق ومنتجة الدلالة على توافر معنى الخطورة على الأمن والنظام العام وأن تؤدى هذه الوقائع بحسب الفهم المنطقي السائغ للأمور إلى وصم الشخص بهذه الخطورة أو الاشتباه ومن المقرر أن

سبق الاعتقال لا يعتبر فى ذاته  سبا سائغا لاعتقاله مرة أخرى دون توافر الأسباب الثابتة والمقبولة التى تسوغ اعتقاله . 

   وإذا صدر قرار الاعتقال مجردا من أسبابه وعلى خلاف الضوابط السابقة أو اعتصمت الإدارة بالامتناع عن طرح هذه الأسباب أو نكلت عن تقديم الأدلة المثبتة لوجودها أو قدمت أسبابا تفتقر إلى أدلة صحتها ومنزوعة الأساس من حيث الواقع أو قدمت أسبابا لا تنتج وصف الخطورة على الأمن والنظام العام أو قاصرة على الوصف المسوغ للاعتقال  كان قرارها باطلا وقات مسئوليتها بالتعويض عن الأضرار المادية والأدبية التى يثبت دليلها .

    و من حيث إن الثابت أن المدعى قد جرى اعتقاله بتاريخ  24/2/97 وأنه استمر رهن الاعتقال حتى تاريخ رفع الدعوى فى 7/2/2002 وهى الفترات الثابت اعتقاله فيها دون المدة السابقة عليها المبينة بطلبات المدعى .

    وكان الثابت أن الأسباب التى ركنت إليها الإدارة كمبرر للاعتقال لا تقوم على أى أسباب حقيقية أو لها ظل من الواقع أو سند من الأوراق ولا تتمخض ألا عن أقوال مرسلة لا تنهض دليلا على انخراط المدعى بإحدى الجماعات الإرهابية أو المحظورة قانونا أو اعتناقه فكرا متطرفا أو كان من المشبوهين أو يشكل خطرا على الأمن والنظام العام ولو كان ما تدعيه وزارة الداخلية صحيحا بشأن انضمام المدعى لمثل هذه الجماعة المحظورة لكانت قد قدمته للمحاكمة الجنائية طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 86 مكررا من قانون العقوبات والتى تعاق السجن مدة لا تزيد على خمس سنوات لكل من ينضم إلى إحدى هذه  الجماعات . ومؤدى ما تقدم أن قرار اعتقال المدعى يعتبر صادرا فى غير الأحوال التى نص عليها القانون ومتجردا من أسبابه الواقعية وعملا مخالفا للقانون ينحدر به إلى الخطأ الجسيم الذى يوجب مسئولية وزارة الداخلية عن جميع الأضرار المادية والأدبية التى لحقت بالمدعى من جراء هذا القرار .

      ومن حيث إنه عن ركن الضرر فان الاعتقال دون وجه حق هو عين الضرر ذاته الذى يحول بين الإنسان وحق فى الحياة  الاجتماعية الكريمة بين أهله وذويه  ويجرده من حريته  وكرامته وحقه فى الاستمتاع بنعم الحياة وحقه فى العمل والكسب والتنقل والإسهام فى الحياة العامة وممارسة حقوقه الدستورية فى الإنتخاب والترشيح .     ومن حيث إنه تتوافر علاقة السببية بين الخطأ الذي ثبت في حق جهة الإدارة مصدرة القرار الخاطئ الذي ألحق بالمدعى من جراء صدوره أضرارا مادية وأدبية بما يتوافر معه مناط مسئوليتها . إن الاعتقال دون وجه حق هو عدوان على حرية الإنسان ويعتبر جريمة ضد إنسانية الإنسان وحقه فى الحياة ولا يوجد تعويض – أيا كان مداه وقيمته – يجبر هذه الأضرار المعنوية لاستحالة إعادة الحال إلى ما كانت عليه ولذلك فان التعويض عن الأضرار المعنوية والأدبية هو تعويض رمزى فى جميع الأحوال وترى المحكمة تقدير مبلغ –  ر 15000 جنية ( فقط خمسة عشر ألف جنية ) تعويضا شاملا لكافة عناصر الأضرار المادية والأدبية التى لحقت بالمدعى من جراء قرار الاعتقال خلال الفترة من 24/2/97 حتى تاريخ رفع الدعوى فى 7/2/2002 .

 

 

 

 

 

تابع الحكم فى الدعوى رقم 6710 –56ق

      ومن حيث إنه عن مصروفات الدعوى فتلزم بها جهة الإدارة بحسبانها خاسر الدعوى  عملا بنص المادة 184 من قانون المرافعات .

بنـــــاء عليــــه

     حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا ، وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدى للمدعى مبلغ وقدره –  ر 15000 ( خمسة عشر ألف جنية ) وإلزام  الجهة الإدارية بالمصروفات ..

   سكرتير المحكمة                                            رئيس المحكمة

 

 

 

 

 

عزة

 

 

 

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى