موسوعة المحكمه الاداريه العليا

دائرة العقود والتعويضات زوجي في الدعوى رقم 13286 لسنة56 ق

 

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

محكمة القضاء الإداري

دائرة العقود والتعويضات زوجي

بالجلسة المنعقدة علنا في يوم الأحد الموافق 16/1/2005.

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ الدكتور/ عبد الفتاح صبرى أبو الليل      نائب رئيس مجلس الدولــــة

                                                                                       ورئيس المحكمـــــــــــــــــة

وعضوية السيدين الأستاذين المستشارين/ فارس سعد فـــــــــــــــام         نائب رئيس مجلس الدولــــــة

والسيد الأستاذ المستشـــــــــــــــــــــــار  ناصر حسن معــــــــــــــــلا       المستشـــار بمجلس الدولــــة

وحضور السيد الأستاذ المستشار/ فتحي عطية السيـــــــــــــــــــــــــد        مفوض الدولـــــــــــــــــــــة

وسكرتارية الســــــــــــــــــــيد/ طارق عبد العليم تــــــــــــــــــــــــركى  سكرتير المحكمـــــــــــــــــة

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى رقم 13286 لسنة56 ق

المقامة من

عصام كمال محمد حسين درويش

ضــــد

وزير الداخلية بصفتــــــــــــــه

الوقائع:

          أقام المدعى دعواه الماثلة بصحيفة أودعت إدارة كتاب المحكمة بتاريخ 21/5/2002 طلب في ختامها الحكم بقبولها شكلا وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدى له التعويض المناسب عما لحقه من أضرار مادية أدبية  جراء قرارات إعتقاله  خلال الفترة 1/1/1994 حتى تاريخ رفع الدعوى وإلزامه المصروفات.  وأورد المدعى شرحا لدعواه أنه تم إعتقاله خلال الفترة من 1/1/1992 ولا يزال رهن الإعتقال .

      وينعى المدعى على قرار إعتقاله أنه صدوره  معيبا بمخالفة القانون والإنحراف بالسلطة وإنعدام سببه لعدم اقترافه ثمة ما يبرر إعتقاله وليس من المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن أو النظام العام.   

  وأضاف المدعى بأنه قد لحقه من جراء إعتقاله أضرار أدبية ومادية  تتمثل في حرمانه من حريته ومعاناته آلام السجن دون ذنب أو تحقيق ومحاكمة عادلة وإهدار كرامته وحرمانه من أسرته وإنعدام الرعاية الصحية بالسجن مما أدى لإصابته بالأمراض وتلويث سمعته بين أهله وذويه وإفتقاره للشعور بالآمان وحرمانه من كسب رزقه ومن إعالة أسرته واستدانته وتكبده نفقات زيارات أسرته له بالسجن وأتعاب المحامين للإفراج عنه .

          وأستطرد بأنه سبق وأن تقدم للجنة التوفيق فى بعض المنازعات بموجب الطلب رقم 3610 لسنة 2002 حيث أوصت اللجنة بجلستها المنعقدة بتاريخ 11/5/2002 برفض الطلب .

      وقد جرى تحضير الدعوى لدى هيئة مفوضي الدولة على النحو الثابت بمحاضر جلسات التحضير حيث قدم الحاضر عن المدعى شهادة من مكتب النائب العام تفيد إعتقاله بتاريخ 4/2/1994 وأستمر رهن الإعتقال على فترات متكررة ولا يزال حتى ورود كتاب وزارة الداخلية المؤرخ 1/8/2002.    

     وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الدعوى إرتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلا ، وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدى للمدعى المبلغ الذى تقدره المحكمة على سبيل التعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته من جراء إعتقاله خلال الفترة من 5/9/2001 حتى29/1/2002 وإلزامه بالمصروفات .

     وتحدد لنظر الدعوى أمام المحكمة جلسة 12/1/2003 حيث قدم الحاضر عن المدعى حافظة مستندات طويت على شهادة بمدد الإعتقال وملف لجنة فض المنازعات .وبجلسة 21/11/2004 قدم الحاضر عن الحكومة مذكرة دفاع طلب فى ختامها الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعى بالمصروفات ..

تابع الحكم فى الدعوى رقم 13286 –56ق

   وبجلسة 21/11/2004 قررت المحكمة حجز الدعوى  لإصدار الحكم بجلسة اليوم. وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه .

المحكمــــــــة

          بعد الإطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والدفاع وبعد المداولة قانونا .

          ومن حيث إن المدعى يطلب الحكم بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته أن بؤدى له التعويض الناسب عن الأضرار المادية والأدبية  التى لحقت به من جراء قرارات  إعتقاله خلال الفترة من  1/1/1992 حتى 21/5/2002 وإلزامه بالمصروفات .

          ومن حيث إن الدعوى الماثلة تعد من دعاوى القضاء الكامل التى لا تتقيد بمواعيد وإجراءات دعوى الإلغاء.

    ومن حيث إن الثابت بالأوراق أن المدعى قد سبق وان تقدم للجنة التوفيق فى بعض المنازعات بموجب الطلب رقم 3610 لسنة 2002 حيث قررت اللجنة  بجلسة 11/5/2002رفض الطلب.

    و حيث إن الدعوى قد إستوفت سائر أوضاعها الشكلية ومن ثم فهى مقبولة شكلا .

   ومن حيث أنه عن موضوع  الدعوى – فقد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ متضمنا تخويل رئيس الجمهورية سلطة إعلان حالة الطوارئ بجميع أنحاء البلاد بصورة شبه مستمرة لمدة ناهزت نصف قرن من الزمان ، وقد نصت المادة الثالثة من هذا القرار بقانون على تخويل رئيس الجمهورية سلطة إتخاذ إجراءات استثنائية شاملة لكافة مناح الحياة العامة وفى مقدمتها ما نصت عليه  الفقرة (1) من تخويل رئيس الجمهورية سلطة وضع قيود على حرية الأشخاص فى الإجتماع والإنتقال والاقامة والمرور فى أماكن أو أوقات معينة والقبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام واعتقالهم والترخيص فى تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية الذى يكفل الضمانات الأساسية للأفراد فى حالة توجيه الإتهام بارتكاب جريمة ..

          كما نصت المادة ( 3 مكرر) من ذات القرار بقانون المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 والمستبدلة بالقانون رقم 50 لسنة 1982 على أن يبلغ فورا كل من يقبض عليه أو يعتقل وفقا للمادة السابقة بأسباب القبض عليه أو إعتقاله ويكون له حق الإتصال بمن يرى إبلاغه بما وقع والاستعانة بمحام ويعامل المعتقل معاملة المحبوس احتياطيا .

          وقد صدر قرار رئيس الجمهورية بتفويض وزير الداخلية فى اختصاصاته المنصوص عليها بالفقــــــــــرة ( !من المادة 3 ) سالفة الذكر.

          وقد جرى قضاء المحكمة الإدارية العليا أن سلطة الحكومة فى الإعتقال ليست سلطة مطلقة من كل قيد بل تخضع لأصول وضوابط تتمثل فى قيام حالة واقعية أو قانونية تدفع الإدارة للتدخل بقرارها ، ويجب أن يكون هذا الإجراء لازما لمواجهة هذه الحالة بوصفه الوسيلة الوحيدة لعلاج هذا الموقف وأن يكون رائد الإدارة فى هذا التصرف هو إبتغاء مصلحة عامة ، وتخضع هذه الإجراءات والتصرفات لرقابة القضاء لإستظهار مدى مشروعيتها على أساس الضوابط التى سلف ذكرها ، ومن المستقر عليه أيضا أن وصم الشخص بالخطورة على الأمن والنظام العام لا يعتبر من الملائمات المتروكة للإدارة وإنما يعتبر مسألة قانونية تخضع الإدارة فى ممارستها  لرقابة القضاء للتحقق من مدى قيام ركن السبب الذى أستلزمه القانون لمشروعية قرار الإعتقال .

          ” فى هذا المعنى حكم الإدارية العليا فى الطعن رقم 3115 لسنة 39 ق- عليا – جلسة 12/7/1998 وحكمها فى الطعن رقم 734 لسنة 23 ق عليا – جلسة 26/11/1983 “

   ومؤدى ما تقدم فى ضوء نص المادة الثالثة مكرر أن قرار الاعتقال يجب أن يكون مسببا وأن تكون هذه الأسباب حقيقية لا ظنية أو إفتراضية وتقوم على أساس من الواقع والحقيقة الثابتة التى تؤدى منطقا وعقلا إلى وصم المعتقل بوصف الخطورة على الأمن والنظام العام باعتبارها ركن السبب فى قرار الإعتقال مما يقتضى ثبوت أن ثمة وقائع جدية مستمدة من أصول ثابتة بالأوراق ومنتجة الدلالة على توافر معنى الخطورة على الأمن والنظام العام وأن تؤدى هذه الوقائع بحسب الفهم المنطقى السائغ للأمور إلى وصم الشخص بهذه الخطورة أو الاشتباه ومن المقرر أن

 

تابع الحكم فى الدعوى رقم 13286 –56ق

سبق الأعتقال لا يعتبر فى ذاته  سبا سائغا لإعتقاله مرة أخرى دون توافر الأسباب الثابتة والمقبولة التى تسوغ اعتقاله . 

    وإذا صدر قرار الاعتقال مجردا من أسبابه وعلى خلاف الضوابط السابقة أو اعتصمت الإدارة بالامتناع عن طرح هذه الأسباب أو نكلت عن تقديم الأدلة المثبتة لوجودها أو قدمت أسبابا تفتقر إلى أدلة صحتها ومنزوعة الأساس من حيث الواقع أو قدمت أسبابا لا تنتج وصف الخطورة على الأمن والنظام العام أو قاصرة على الوصف المسوغ للإعتقال  كان قرارها باطلا وقات مسئوليتها بالتعويض عن الأضرار المادية والأدبية التى يثبت دليلها .

    و من حيث أن الثابت أن المدعى قد جرى أعتقاله بتاريخ  4/2/94 واستمر رهن الإعتقال حتى تاريخ رفع الدعوى فى 21/5/ 2002دون منازعة فى ذلك من الحكومة. وكان الثابت أن الأسباب التى ركنت إليها الإدارة كمبرر للأعتقال لا تقوم على أى  أسباب حقيقية أو لها ظل من الواقع أو سند من الأوراق ولا تتمخض ألا عن أقوال مرسلة لا تنهض دليلا على انخراط المدعى بإحدى الجماعات الإرهابية أو المحظورة قانونا أو اعتناقه فكرا متطرفا أو كان من المشبوهين أو يشكل خطرا على الأمن والنظام العام ولو كان ما تدعيه وزارة الداخلية صحيحا بشأن إنضمام المدعى لمثل هذه الجماعة المحظورة لكانت قد قدمته للمحاكمة الجنائية طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 86 مكررا من قانون العقوبات والتى تعاق السجن مدة لا تزيد على خمس سنوات لكل من ينضم إلى إحدى هذه  الجماعات . ومؤدى ما تقدم أن قرار اعتقال المدعى يعتبر صادرا فى غير الأحوال التى نص عليها القانون ومتجردا من أسبابه الواقعية وعملا مخالفا للقانون ينحدر به إلى الخطأ الجسيم الذى يوجب مسئولية وزارة الداخلية عن جميع الأضرار المادية والأدبية التى لحقت بالمدعى من جراء هذا القرار .

      ومن حيث أنه عن ركن الضرر فان الإعتقال دون وجه حق هو عين الضرر ذاته الذى يحول بين الإنسان وحق فى الحياة  الاجتماعية الكريمة بين أهله وذويه  ويجرده من حريته  وكرامته وحقه فى الاستمتاع بنعم الحياة وحقه فى العمل والكسب والتنقل والإسهام فى الحياة العامة وممارسة حقوقه الدستورية فى الإنتخاب والترشيح .     ومن حيث أنه تتوافر علاقة السببية بين الخطأ الذي ثبت في حق جهة الإدارة مصدرة القرار الخاطئ الذي ألحق بالمدعى من جراء صدوره أضرارا مادية وأدبية بما يتوافر معه مناط مسئوليتها . إن الأعتقال دون وجه حق هو عدوان على حرية الإنسان ويعتبر جريمة ضد إنسانية الإنسان وحقه فى الحياة ولا يوجد تعويض – أيا كان مداه وقيمته – يجبر هذه الأضرار المعنوية لاستحالة إعادة الحال إلى ما كانت عليه ولذلك فان التعويض عن الأضرار المعنوية والأدبية هو تعويض رمزى فى جميع الأحوال وترى المحكمة تقدير مبلغ – ر25000جنية ( فقط خمسة وعشرون ألف جنية ) تعويضا شاملا لكافة عناصر الأضرار المادية والأدبية التى لحقت بالمدعى من جراء قرار الاعتقال خلال الفترة من 4/2/94 حتى 21/5/2002 .

      ومن حيث إنه عن مصروفات الدعوى فتلزم بها جهة الإدارة بحسبانها خاسر الدعوى  عملا بنص المادة 184 من قانون المرافعات .

بناء عليه

     حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا ، وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدى للمدعى مبلغ وقدره – ر25000 ج (خمسة وعشرون ألف جنية ) وإلزام  الجهة الإدارية بالمصروفات .

   سكرتير المحكمة                                            رئيس المحكمة

 

 

 

 

 

عزة

 

 

 

 

 

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى