في الدعوى رقم 12405 لسنة 55 ق
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الخامسة (عقود وتعويضات فردي)
بالجلسة المنعقدة علنا في يوم الثلاثاء الموافق 4/1/2005
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / أحمد مرسي حلمي نائب رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشار / متولي محمد الشراني نائب رئيس مجلس الدولة
/ أحمد عبد الراضي محمد نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / علاء الدين رجب مفوض الدولة
وحضور السيد / رأفت إبراهيم محمد أمين سر المحكمة
أصدرت الحكم الأتي
في الدعوى رقم 12405 لسنة 55 ق
المقامة من/ محمود محمود ابراهيم بكير
ضد
1-رئيس الجمهورية
2- وزير الداخلية بصفتهما
الوقائع
أقام المدعي دعواه الماثلة بعريضة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 16/9/2001 طالبا في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بإلزام المدعى عليهما بصفتهما بأن يؤديا له تعويضا عن كافة الأضرار المادية والأدبية التي أصابته من جراء اعتقاله اعتبارا من 4/8/1994 وحتى10/12/97 مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات0
وقال المدعي شرحا لدعواه انه تم اعتقاله بناء علي قرار المدعى عليه بصفته الأول وظل يجدد بصفه دورية، ولقد أصدره باطلا لانتفاء السبب الموجب لإصداره ذلك أنه لم يرتكب أية واقعه تجعله من المشتبه فيهم أو من الخطرين علي الأمن العام كما وأنه صدر مخالفا للدستور والقانون ومشوبا بعيب إساءة استعمال السلطة لاستمرار تقييد حريته بموجب قرارات متتابعة للمدة أنفة الذكر 0
وأضاف المدعي أنه أصيب من جراء اعتقاله بأضرار مادية وأدبية تمثلت فيما فاته من كسب وما لحقه من خسارة, بالإضافة إلي الألم الذي عاناه إبان تقييد حريته ونتيجة للمساس بسمعته بتصنيفه ضمن الخارجين علي النظام العام 0
كما وأنه قبل اقامته لهذه الدعوي قد لجأ الى لجنة التوفيق فى بعض المنازعات بوزارة الداخلية حيث قيد طلبه برقم 616 لسنة 2001 ،.
وخلص المدعي إلي الحكم له بطلباته سالفة البيان 0
وإبان تحضير الدعوى، قدم الحاضر عن المدعى حافظة طويت علي مستندين .
ثم أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا برأيها القانوني في الدعوى ارتأت في ختامه الحكم بقبول الدعوى شكلا ، وفى الموضوع بالزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدي للمدعى التعويض عن الاضرار التى اصابته من اعتقاله خلال المدة الواردة بالتقرير ، مع الزامه المصروفات .
عينت المحكمة لنظر الدعوى جلسة 18/2/2003وفيها نظرتها بجلستها التالية على النحو الثابت بالمحاضر .حيث قدم الحاضر عن المدعى حافظة طويت على مستند واحدومذكرة طب فيها تعديل طلباته عن فترة الاعتقال من 5/5/94 حتى 12/5/2003 وقدم الحاضر عن هيئة قضايا الدولة حافظة طويت على ثلاثة مستندات ومذكرة دفاع ودفع بعدم قبول الطلب المعدل وبجلسة 2/1/2004 اوقررت المحكمة اصدار الحكم فى الدعوي بجلسة اليوم 4/1/2005 حيث صدر بها واودعت مسودته المشتملة على اسبابه عند النطق به .
المحكمـــــــــة
بعد الإطلاع علي الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونا 0
من حيث إن المدعي يهدف من دعواه إلي الحكم بقبولها شكلا وفي الموضوع بإلزام وزارة الداخلية ممثله في المدعى عليه بصفته بأن تؤدي له تعويضا عن كافة الأضرار المادية والأدبية التي أصابته من اعتقاله خلال المدة من 5/5/1994 حتى 12/5/2003 تاريخ ا الافراج عنه مع إلزامها المصروفات 0
ومن حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية .
ومن حيث إنه عن موضوع الدعوى: فإن مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية الصادرة منها هو وجود خطأ من جانبها بأن يكون القرار الإداري غير مشروع بأن يشوبه عيب أو أكثر من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر وان تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر0
(في هذا المعنى حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 6312 لسنة 43 ق بجلسة 13/2/1996)0
ومن حيث إنه عملا بنص المادة الثالثة من القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ ونفاذا لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 560 لسنة 1981 فأنه لرئيس الجمهورية متي أعلنت حالة الطوارئ أن يتخذ بأمر كتابي أو شفوي التدابير الآتية:- وضع قيود علي حرية الأشخاص في الاجتماع و الانتقال والإقامة والمرور في أماكن أو أوقات معينة والقبض علي المشتبه فيهم و الخطرين علي الأمن العام و اعتقالهم 0
ومفاد ذلك أنه ولئن كان للجهة الإدارية الحق في إصدار أوامر القبض والاعتقال إلا أن ذلك مشروط ومقيد قانونا بألا يتناول سوي المشتبه فيهم والخطرين علي الأمن والنظام العام أي أنه مقصور في نطاقه ومداه علي من توافرت فيهم حالة الاشتباه وعلي من قامت بهم خطورة خاصة علي الأمن العام والنظام العام, وإن يستند قرارها في توافر إحدى هاتين الحالتين إلي وقائع حقيقية منتجة في الدلالة علي هذا المعنى وفيما عدا هاتين الحالتين لا يجوز التعدي علي الحريات العامة والمساس بحق كل مواطن في الأمن والحرية وضماناته الدستورية المقررة ضد القبض والاعتقال التعسفي ذلك أن نظام الطوارئ في أصل مشروعيته هو نظام استثنائي يستهدف غايات محددة وليس فيه ما يولد سلطات مطلقة و مكنات بغير حدود ولامناص من التزام ضوابطه والتقييد بموجباته ولا سبيل إلي التوسع في سلطاته الاستثنائية فهو محض نظام خاضع للقانون والدستور ــ ويجب أن يظل في دائرة الشرعية ويدور في فلك القانون وسيادته ويتقيد بحدوده وضوابطه المرسومة0
(في هذا المعنى حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 675، 797 لسنة 22ق بجلسة 27/5/1978)0
كما وأن الأشخاص الخطرين علي النظام والأمن العام يجب أن تتوافر في حق كل منهم خطورة خاصة تستقي من وقائع حقيقية منتجة في الدلالة علي هذا المعنى0
( حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 1260, 1435 لسنة 28 ق بجلسة 12/3/1985) 0
ومن حيث إنه عن ركن الضرر فأن المستقر عليه في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن الاعتقال في حد ذاته يمثل أبلغ ضرر ينزل بالشخص المعتقل فهو يحول بينه وبين كسب عيشه وينأى به عن أهله وذويه ليلقي به في المذلة والهوان من سلب لحريته وإهدار لكرامته وهو الأمر الذي يمثل أضرارا مادية وأدبية0
(حكمها في الطعن رقم 4554 لسنة 39 ق بجلسة 26/10/1997)0
من حيث إنه علي هدي ما تقدم في ضوء أن ركن الخطأ يتمثل في صدور قرار من الإدارة بالمخالفة للقانون وركن الضرر يقصد به الأذى المادي أو الأدبي الذي يلحق صاحب الشأن من صدور القرار وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر تؤكد وتفيد أنه لولا الخطأ المنسوب للإدارة ما تحقق الضرر علي النحو الذي حدث به, وكان الثابت من الأوراق أن المدعي اعتقل خلال الفترة من 5/5/1994 حتى 12/5/2003 تاريخ الافراج عنه وذلك علي النحو الوارد تفصيلا بالشهادة الرسمية
ومن حيث إن ما ساقته الجهة الإدارية من أسباب لاعتقال المدعي لا تعدو أن تكون أسبابا مرسلة لم يساندها دليل بالأوراق تطمئن له المحكمة كما وان الثابت من قرارات اعتقال المدعي وردها علي الدعوى إنها جاءت خلوا من تبيان وقائع معينة بعينها تجعل المدعي واقعا في زمرة المشتبه فيهم أو الخطرين علي الأمن العام, الأمر الذي يكون معه اعتقال المدعي غير قائم علي سببي يبرره وغير مستخلص استخلاصا سائغا من الأوراق ومخالفا من ثم للقانون 0
ومن حيث إنه لا مراء في أن المدعي قد لحقه من جراء اعتقاله طوال تلك المدة أضرارا مادية تمثلت فيما فاته من كسب وما لحقه من خسارة حيث حرم من كسب عيشه بالإضافة إلي ما أنفقه في سبيل إنهاء إجراءات اعتقاله بالطرق القانونية والقضائية والألم الذي حاق به من جراء إيداعه السجن دون جريمة مما يعد مساسا بحريته خاصة وان الجهة الإدارية جددت له قرارات الاعتقال طوال تلك المدة كما وانه قد مس في سمعته نتيجة وصمه بصفة الخطرين علي الأمن العام 0
ومن حيث أن المحكمة في ضوء كافة ما تقدم تري أن المدعي يستحق تعويضا مقدارهسبعة وعشرون ألفا جنيه جبرا للأضرار المادية والأدبية التي أصابته 0
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملا بحكم المادة 184 مرافعات 0
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بإلزام الجهة الادارية بأن تؤدي للمدعي تعويضا مقداره سبعة وعشرون الف جنيه وألزمتها المصروفات 0
سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
منى /000