
في الدعوى رقم 4918 لسنة 56ق
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة العاشرة –عقود زوجي
بالجلسة المنعقدة في يوم الأحد الموافق25/11/2007
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حمدي ياسين عكاشة نائب رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة
وعضوية السيدين الأستاذين المستشارين/خالد جمال محمد السباعي نائب رئيس مجلس الدولة
/ سعيد مصطفي عبد الغني وكيل مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد مصطفي عثمان مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ طارق عبد العليم تركي أمين السر
أصدرت الحكم الأتي
في الدعوى رقم 4918 لسنة 56ق
المقامة من
حمدي محمد عبد الفتاح إبراهيم
ضد
1- وزير الداخلية بصفته 2- رئيس مصلحة السجون بصفته
الواقعات:-
أقام المدعى دعواه الراهنة بإيداع عريضتها قلم كتاب المحكمة بتاريخ 6/1/2002 وطلب في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليهما بصفتيهما بأن يؤديا له ما تراة المحكمة من تعويض جابر للأضرار التي لحقته0
وشرحا للدعوى ذكر المدعى انه بتاريخ 16/10/2000 ألقت مباحث أمن الدولة القبض عليه وتم عرضه على النيابة العامة بتهمة الانتماء لجماعة محظورة تشكل خطرا على النظام العام وعبر تحقيقات القضية رقم 2173 لسنة 2000 حصر أمن الدولة عليا وظل محبوسا حبسا احتياطيا على ذمتها في الفترة من 16/10/2000 حتى تاريخ إخلاء سبيله في 29/11/2000 وقد فوجئ بتنفيذ حبسه الاحتياطي داخل سجن شديد الحراسة بمنطقة سجون أبي زعبل رغم مخالفة ذلك لقانون السجون رقم 396 لسنة1956 وتعديلاته وحرم أثناء حبسه من كافة حقوقه الدستورية والقانونية المقررة للمحبوس احتياطيا مما يشكل خطأ في جانب جهة الإدارة لمخالفتها أحكام الدستور والمادتين 14،15 من قانون تنظيم السجون رقم 396 لسنة1956 فضلا عن انحرافها يالسلطة وان هذا المسلك من جانب جهة الإدارة قد الحق بالمدعى أضرارا مادية تتمثل في حرمانه من نصف راتبه الوظيفي والعلاوات والبدلات كما أضطر أهله وذويه لزيارته بصفه منتظمة لتعويضه عن النقص الشديد من الطعام والملابس، كما اضطر إلي اللجوء للقضاء بما يمثله ذلك من عبء مالي للحصول على حقه كما لحقت به أضرار أدبية تتمثل في فقدانه الثقة في المؤسسات وفي العدالة فضلا عن شعوره بالأذى النفسي من جراء المعاملة السيئة وإهدار آدميته والإساءة لمكانته الاجتماعية علاوة على ما قاساه من الام أثناء عرضه على جهات التحقيق طوال فترة حبسه مكبلا بالحديد وقد لجأ المدعى إلي لجنة التوفيق المختصة بالطلب رقم 10761 لسنة2001 ولكن دون جدوى مما حدا به إلي إقامته لدعواه الراهنة
وقد جري تحضير الدعوى لدي هيئة مفوضي الدولة وذلك على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث حضر المدعى بجلسة 5/9/2002 وقدم حافظة مستندات طويت على إيصال اللجوء الي لجنة التوفيق وشهادة من نيابة أمن الدولة العليا تفيد حبس المدعى احتياطيا على ذمة القضية رقم 2173 لسنة 2000 حصر أمن الدولة العليا بتاريخ 16/10/2000 وإخلاء سبيله بتاريخ 29/11/2000 وصورة من بطاقة قيد المدعى بالجدول العام بنقابة المحامين في13/9/2000 وبذات الجلسة قدم الحاضر عن الدولة حافظة مستندات طويت على مذكرة جهة الإدارة بالرد على الدعوى0
وقد أعدت الهيئة المذكورة تقريرا مسببا برأيها القانوني في الدعوى ارتأت فيه الحكم أصليا:- بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى وإلزام المدعى المصروفات واحتياطيا:- بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وإلزام المدعى المصروفات0
تابع الحكم رقم 4918لسنة56ق
وقد نظرت المحكمة الدعوى بجلسات المرافعة وذلك على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 1/7/2004 أودع الحاضرعن الدولة حافظة مستندات طويت على مذكرةجهة الإدارة والتي تفيد سابقة ضبط المدعى بتاريخ 18/10/2000 على ذمة القضية رقم 2173/200حصرأمن دوله عليا وأخلي سبيله بضمان مالي مقداره 100جنيةبتاريخ 30/11/2000 كما قدم مذكرة دفاع دفع فيها أصليا:- بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى واحتياطيا بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000ومن باب الاحتياط الكلي رفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات
وبجلسة 19/12/2004 أودع الحاضر عن المدعى حافظة مستندات طويت على إخطار اللجوء إلي لجنة التوفيق بالطلب رقم 10761 لسنة 2001 وصورة من تقرير مفوض الدولة وأصل شهادة صادرة من مكتب النائب العام – نيابة أمن الدولة العليا تفيد حبس المدعى حبسا احتياطيا على ذمة القضية رقم 2173 لسنة2000 في الفترة من 16/10/2000 حتى 29/11/2000 وبجلسة 5/9/2006 قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة 18/3/2007 ثم قررت المحكمة مد اجل النطق بالحكم الي جلسة 18/6/2007 لاتمام المداولة ثم لجلسة 5/9/2007 ثم لجلسة اليوم لذات السبب وبجلسة اليوم قررت المحكمة إعادة الدعوى للمرافعة لتغيير تشكيل الهيئة ثم تقرر حجز الدعوى للحكم وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقة لدي النطق به0
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا0
ومن حيث إن المدعى يطلب الحكم بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بإلزام جهة الإدارة بأن تؤدي له التعويض المناسب جبرا لما لحقه من أضرار مادية وأدبية من جراء إجراءات تنفيذ الحبس الاحتياطي ومكان تنفيذه على المدعى على ذمة القضية رقم 2173لسنة2000 حصر أمن الدولة العليا خلال الفترة من 16/10/2000 حتى إخلاء سبيله بتاريخ 29/11/2000 وإلزام جهة الإدارة المصروفات0
ومن حيث إنه عن الدفع المبدي من الحاضر عن الدولة بجلسة 1/7/2004 بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى تأسيسا على أن المدعى يطلب التعويض عن فعل مادي منسوب لجهة الإدارة والمتمثل في إجراءات تنفيذ الحبس الاحتياطي ومكان تنفيذه على المدعى على ذمة القضية رقم 2173لسنة200 حصر أمن دولة عليا فإن المادة (172) من الدستور تنص على أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ، ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية ، ويحدد القانون اختصاصاته الأخري0
ومن حيث إن مفاد ما تقدم ان الدستور قد كفل لكافة المواطنين حق اللجوء إلي القضاء دون عوائق أو حواجز وملقيا على عاتق الدولة بمقتضاه إلتزاما أصيلا بكفالة هذا الحق والعمل على تسهيل تمتع المواطنين به، وحظرت صراحة تحصين أي عمل أو قرار إداري عن رقابة القضاء ،ولا ريب في أن الدولة القانونية هي التي تتقيد في كافة مظاهر نشاطها بقواعد تعمل على تنفيذها وتكون ضابط أعمالها وهدف تصرفاتها، وحق التقاضي من الحقوق مطلقة التقرير ويقوم به ويتفرع عنه حق المواطن في اللجوء إلي قاضية الطبيعي وإذو الدستور إلي مجلس الدولة ولاية الفصل في المنازعات الإدارية ولما كان المدعى يطلب التعويض عن قيام جهة الإدارة( وزارة الداخلية ) بتنفيذ قرار حبسه احتياطيا على ذمه القضية رقم2173 لسنة2000حصرأمن الدولة العليا في المدة من 16/10/2000حتى 29/11/2000تاريخ إخلاء سبيل المدعى في غير الأمالكن المخصصة للحبس الاحتياطي وفقا لأحكام قانون تنظيم السجون رقم 396 لسنة1956 ومن ثم فإن الدعوى الراهنة تدخل في اختصاص مجلس الدولة وتختص هذه المحكمة ولائيا بنظرها الأمر الذي يصبح معه الدفع المبدي من الحاضر عن الدولة قائما على غير سند من القانون حريا بالرفض0
ومن حيث إنه عن شكل الدعوى فإن الثابت أن المدعى قد لجأ إلي لجنة التوفيق في بعض المنازعات المنصوص عليها في القانون رقم 7 لسنة2000 بالطلب رقم 10761 لسنة 2001 وأوصت اللجنة برفض طلبة الأمر الذي يصبح معه الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000 قائما على غير سند سليم من القانون حريا بالرفض0
وإذ استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية الأخري المقررة قانونا ومن ثم فهي مقبولة شكلا0
ومن حيث إنه عن موضوع الدعوى فإن المستقر عليه أن مناط مسئولية الإدارة في القرارات والأفعال غير المشروعة الصادرة منها هو قيام خطأ من جانبها بأن يكون قرارها او فعلها غير مشروع وفقا للعيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر مباشر عن هذا الخطأ، وان تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر0
تابع الحكم رقم 4918لسنة56ق
ومن حيث إنه عن ركن الخطأ في قيام جهة الإدارة( وزارة الداخلية) تنفيذ قرار حبس المدعى احتياطيا على ذمة القضية رقم 2173 لسنة 2000 حصر أمن الدولة العليا في المدة من 16/10/2000حتى 29/11/2000 تاريخ إخلاء سبيله في غير الأماكن المخصصة للحبس الاحتياطي وفقا لأحكام قانون تنظيم السجون رقم 396لسنة1956 فإن المادة 14 من هذا القانون تنص على أن ” يقيم المحبوسون احتياطيا في أماكن منفصلة عن أماكن غيرهم من المسجونين ويجوز التصريح للمحبوسين احتياطيا الإقامة في غرفة مؤقته مقابل مبلغ لا يجاوز 150مليما يوميا وذلك في حدود ما تسمح به الأماكن والمهمات بالسجن وفق ما تبينه اللائحة الداخلية”
وتنص المادة(16) من ذات القانون على أن”للمحبوسين احتياطيا إستحضار ما يلزمهم من الغذاء من خارج السجن أو شراؤه من السجن بالثمن المحدد له فإن لم يرغبون في ذلك ولم يستطيعوا صرف لهم الغذاء المقرر”
ومن حيث إن المستقر عليه أنه وأن كان الأصل أن عبء الإثبات يقع على عاتق المدعى إلا أن الأخذ بهذا الأصل على إطلاقه في مجال المنازعات الإدارية لا تستقيم مع واقع الحال بالنظرإلي احتفاظ الإدارة في غالب الأمربالوثائق والملفات ذات الأثر الحاسم في المنازعات لذا فإن من المبادئ المستقرة في المجال الإداري أن الإدارة تلتزم بتقديم سائر الاوراق والمستندات المتعلقة بموضوع النزاع والمنتجة في إثباته إيجابا ونفيا متى طلب منها ذلك سواء من هيئة مفوضي الدولة أو من المحاكم وقد رددت قوانين مجلس الدولة المتعاقبة هذا المبدأ فإذا نكلت الحكومة عن تقديم الأوراق المتعلقة بموضوع النزاع فأن ذلك يقيم قرينة لصالح المدعى تلقي عبء الإثبات على عاتق الحكومة 0
ومن حيث إنه ترتيبا على ما تقدم ولما كان الثابت من الأوراق أن المدعى قد ضبط بتاريخ 16/10/2000 في القضية رقم 2173 لسنة 2000 حصر أمن الدولة العليا( حيازة أوراق تنظيمية أخوانية ) وقد قررت نيابة أمن الدولة العليا حبسه احتياطيا على ذمة هذه القضية وبتاريخ 29/11/2000 أخلى سبيله بضمان مالي 100 جنية وإذ قامت جهة الإدارة
( وزارة الداخلية ) بتنفيذ قرار حبس المدعى على ذمة هذه القضية في غير الأماكن المخصصة قانونا للحبس الاحتياطي وذلك وفقا لأحكام المادة 14 من قانون السجون سالفة الذكر وإذ تم حبس المدعى حسبما ذكر بصحيفة دعواه داخل سجن شديد الحراسة بمنطقة سجون أبي زعبل وهو الأمر المخالف لأحكام القانون سالف الذكر وإذ لم تنازع جهة الإدارة فيما ذكره المدعى حول مكان حبسه ولم تقدم جهة الإدارة ما يفيد عكس ذلك على الرغم من قيام هيئة المحكمة بإعادة الدعوى للمرافعة لأكثر من جلسة لتقدم جهة الإدارة كافة البيانات المتعلقة بتنفيذ مدة حبس المدعى احتياطيا على ذمة هذه القضية وخاصة ما يتعلق بمكان التنفيذ إلا أن جهة الإدارة قد نكلت عن ذلك فإن ذلك يقيم قرينة لصالح المدعى تلقي عبء الإثبات على عاتق الحكومة ومن ثم فإن قيام وزارة الداخلية بحبس المدعى احتياطيا في غير الأماكن المتخصصة قانونا للحبس الاحتياطي( بسجن شديد الحراسة بمنطقة سجون أبي زعبل ، وهو الأمر المخالف لأحكام القانون 0
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم فقد ثبت عدم مشروعية تصرف جهة الإدارة سالف الذكر وبذلك يتوافر ركن الخطأ في جانبها وقد ترتب على هذا الخطأ ضررآ أصاب المدعى تمثل في ما تكبده المدعى من مصروفات التقاضي للحصول على حقه في هذه الدعوى فضلا عن الأضرار الأدبية والتي تمثلت في فقده الثقة في المؤسسات العقابية وشعوره بالأذي النفسي من جراء معاملته ذات معاملة المحكوم عليهم وشعوره بين أهله وذويه وأقرانه بالمهانه وهذه الأضرار بنوعيها هي نتيجة طبيعية ومباشرة لسلوك جهة الإدارة غير المشروع فمن ثم يكون قد توافر مناط مسئولية جهة الإدارة وعليه فإن المحكمة تقدر للمدعى مبلغا مقداره ألف جنية تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من جراء تنفيذ قرار حبسه في غير الأماكن المقررة قانونا للحبس الاحتياطي تلتزم جهة الإدارة المدعى عليها بأدائه إليه 0
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:- بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بإلزام جهة الإدارة المدعى عليها بأن تؤدي للمدعى مبلغا مقداره ألف جنية وألزمتها المصروفات0
سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
هدى/***