في الدعوى رقم 7068 لسنة 58 ق
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الثامنة
بالجلسة المنعقدة علنا في يوم الأحد الموافق 30/10/2005
برئاسة السيد الأستاذ المستشـــــــــــــــار |
/ |
سعيد أحمد برغش |
|
نــــائب رئـــيس مجــلس الدولـــــــــة ورئيــــــــــــس المحكـمـــــــــــــــــــة |
وعضوية السيـــد الأستاذ المستشـــــــــار |
/ |
على حسن طلب |
|
نائب رئيس مـــجلس الدولـــــــــــــــة |
وعضوية السيـــد الأستـاذ المستشــــــــار |
/ |
محمد فؤاد عمار |
|
نائب رئيس مـــجلس الدولـــــــــــــــة |
وحضور السيـــد الأستـاذ المستشــــــــــار |
/ |
محمد متولي |
|
مفــــــــــــــوض الدولـــــــــــــــــــــــة |
وسكـــرتـــــاريـــة السيـــــــــــــــــــــــــــد |
/ |
جمال كامل صليب |
|
أمـــيـــــــــــــــن الســـــــــــــــــــــــــر |
أصدرت الحكم الأتي
في الدعوى رقم 7068 لسنة 58 ق
المقامة من
السيد/ أحمد حمدي محمد أحمد
ضـــــــــــــــــــــــــــــــد
السيد/ اللواء وزير الداخلية
الــــــوقــــــائــــــــــــع
أقام المدعي دعواه الماثلة بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 1/1/2004 حيث قيدت برقم 7068 لسنة 58ق طالباً في ختامها الحكم بقبول دعواه شكلاً وفي الموضوع بأحقيته في صرف التعويض النقدي عن متجمد رصيد أجازاته السنوية التي لم تصرف له عند انتهاء خدمته مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه التحق بالعمل بهيئة الشرطة إلي أن وصل إلي رتبه اللواء وأحيل إلي المعاشر بتاريخ 2/8/1996، وتم صرف مقابل نقدي له عن رصيد أجازاته المستحقة بواقع أربعة أشهر، وقد صدر حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 21ق بجلسة 6/5/2000 القاضي بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (65) من القانون رقم 47 لسنة 1978 ومن ثم أصبح من حق العامل صرف مقابل نقدي عن رصيد أجازاته الاعتيادية بالكامل، وأضاف المدعي أن عدم حصوله على رصيد أجازاته كان مرجعه جهة الإدارة وطبيعة وصالح العمل وانتهي المدعي إليه طلب الحكم بما أورده بختام عريضة دعواه من طلبات.
وقد جري تحضر الدعوى لدي هيئة مفوض الدولة وتدوولت بالتحضير على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث أودع الحاضر عن حافظة مستندات انطوت علي شهادة من الجهة الإدارية تتضمن بياناً بإجمالي رصيد الأجازات الدورية للمدعي والتي لم يحصل عليها ومجموعها 612 يوماً.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بأحقية المدعي في صرف متجمد رصيد أجازاته الاعتيادية التي لم يستنفذها ولم يتقاضى مقابل نقدي عنها مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات.
وقد نظرت الدعوى أمام المحكمة بجلسة 8/5/2005، حيث قدم الحاضر عن الجهة الإدارية المدعي عليها مذكرة طلبت فيها رفض الدعوى مع إلزام المدعي المصروفات، وبذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم لأحد الموافق 30/10/2005 وفيها قررت إعادتها للمرافقة بذات الجلسة لتغيير التشكيل، ثم قررت إصدار الحكم آخر الجلسة حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحــــكـــمــــــــــــــــــة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث إن المدعي يستهدف من دعواه الحكم بأحقيته في تقاضي مقابل رصيد أجازاته الدورية التي لم تصـرف له مع إلزام جهة الإدارة بالمصروفات والأتعاب.
تابع الحكم في الدعوى رقم 7068 لسنة 58 ق.
ومن حيث إن الدعوى الماثلة تعد من دعاوى التسويات أو المنازعة في راتب والتي لا تتقيد بالمواعيد والإجراءات المقررة بشأن دعاوى الإلغاء وإذ قام المدعي بالالتجاء إلى لجنة التوفيق المختصة قبل إقامة دعواه فأن الدعوى تكون قد استوفت أوضاعها الشكلية المقررة ومن ثم تكون مقبولة شكلا.
ومن حيث إنه عن موضوع الدعوى فأن المادة (35) من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقانون رقم (109) لسنة 1971 والمعدلة بالقانون رقم 218 لسنة 1992 تنص على أن: ” يمنح الضابط أجازة سنوية بمرتب كامل قدرها شهر ونصف في السنة وشهران لمن بلغ سن الخمسين من عمره, وتكون الأجازة في السنة الأولي من خدمة الضابط خمسة عشر يوميا…….. فإذا انتهت خدمة الضابط قبل استنفاذ رصيده من الأجازات الاعتيادية استحق عن هذا الرصيد أجره الذي كان يتقاضاه عند انتهاء خدمته كاملا وذلك بما لا يتجاوز أجر اثني عشر شهراً”.
ثم صدر القانون رقم 219 لسنة 1991 بتعديل نص الفقرة الأخيرة من المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة ونص في المادة (1) على أن:” يستبدل بنص الفقرة الأخيرة من المادة (65) من قانون نظام العامليـن المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 النص الأتي:
” فإذا انتهت خدمة العامل قبل استنفاذ رصيده من الأجازات الاعتيادية استحق عن هذا الرصيد أجره الأساسي مضافا إليه العلاوات الخاصة التي كان يتقاضاها عند انتهاء خدمته وذلك بما لا يتجاوز أربعة أشهر ولا تخضع هذه المبالغ لأية ضرائب أو رسوم “.
وقد نصت المادة (2) من القانون المذكور على أن: ” تسري إحكام هذا القانون على العاملين بكادرات خاصة ويلغى كل حكم ورد على خلاف ذلك في القواعد المنظمة لشئونهم “.
وقد نصت المادة (3) من القانون سالف الذكر على العمل بأحكامه اعتبارا من اليوم التالي لتاريخ نشره أي اعتبارا من 8/12/1991.
وبناء على ذلك فأنه اعتبارا من 8/12/1991 فقد أصبح ضباط وأفراد هيئة الشرطة خاضعين شأنهم في ذلك شأن سائر العاملين الخاضعين لكادرات خاصة أو العاملين المدنيين بالدولة الخاضعين لإحكام القانون رقم 47 لسنة 1978 لحكم الفقرة الأخيرة من المادة (65) من قانون نظام العاملين المشار إليه والغي ما نص عليه في قانون هيئة الشرطة بالتعديل الذي أدخله المشرع بالقانون رقم 218 لسنة 1991.
ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا قد انتهت في القضية رقم (2) لسنة 21 قضائية دستورية بجلسة 6/5/2000 إلى الحكم ” بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (65) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 فيما تضمنه من حرمان العامل من البدل النقدي لرصيد أجازاته الاعتيادية فيما جاوز أربعة أشهر متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعا إلى جهة العمل أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون لإرادة العامل دخل فيها كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها فيجوز للعامل عندئذ كأصل عام – أن يطلبها جملة فيما جاوز ستة أيام كل سنة إذا كان اقتضاء ما تجمع من أجازاته السنوية على هذا النحو ممكنا عينا و إلا كان التعويض النقدي عنها واجبا تقديرا بأن المدة التي أمتد إليها الحرمان من استعمال تلـــك الإجازة مردها إلى جهة العمل فكان لزاما أن تتحمل وحدها تبعة ذلك, ولما كان الحق في التعويض لا يعدو أن يكـون من عناصر الذمة المالية للعامل مما يندرج في إطار الحقوق التي تكفلها المادتان 32, 34 من الدستور اللتان صان بهما الملكية الخاصة والتي تتسع للأموال بوجه عام فإن حرمان العامل من التعويض المكافئ للضرر والجابر له يكون مخالفا للحماية الدستورية المقررة للملكية الخاصة “.
ومن حيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية طبقا للمادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ملزما لجميع سلطات الدولة وللكافة.
وعلى ذلك فأنه على مقتضى حكم المحكمة الدستورية العليا يحق للعامل الذي له رصيد من أجازات دورية لم يتحصل عليه بسبب راجع إلى رب العمل أو ظروف العمل ومقتضياته الحصول على مقابل نقدي عنه مهما بلغ هذا الرصيد متى كان الحق فيه لم يسقط بالتقادم أو استقرت المنازعة فيه بحكم قضائي حائز لقوة الأمر المقضي.
ومن حيث إنه لا ينال من ذلك الدفع المبدي من هيئة قضايا الدولة بعدم سريان حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم (2) لسنة 21 دستورية بجلسة 6/5/2000 إلا اعتبارا من اليوم التالي لتاريخ نشر حكم المحكمة الدستورية العليا في الجريدة الرسمية أي اعتبارا من 18/5/2000 إعمالا لقاعدة الأثر المباشر لهذا الحكم بعد العديل الذي أدخلة المشرع بالقانون رقم 168 لسنة 1998, فأن ذلك مردودا عليه بما استقرت عليه إحكام المحكمة الدستورية العليا, وأحكام
تابع الحكم في الدعوى رقم 7068 لسنة 58 ق.
محكمة النقض, والإدارية العليا, وفتاوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع أن إحكام المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية هي بطبيعتها دعاوى عينية توجه لخصومة فيها إلى النصوص التشريعية المطعون عليها بعيب دستوري وتكون لهذه الإحكام حجية مطلقة ولا يقتصر أثرها على الخصوم في تلك الدعاوى التي صدرت فيها وإنما ينصرف هذا الأثر إلى الكافة وجميع سلطات الدولة وان المشرع عند بيانه للآثار التي تترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعي وأن أعمل الأثر الفوري للحكم ونص عل عدم جواز تطبيق النص المحكوم بعدم دستوريته اعتبارا من اليوم التالي لنشر الحكم إلا أن ذلك لا يعني أن يقتصر عدم التطبيق على المستقبل فحسب وإنما ينسحب بأثر رجعي إلى الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم حيث أن القضاء بعدم دستورية نص تشريعي يكشف عما به من وعار دستوري مما يعني زواله وفقد قوة نفاذه منذ بدء العمل به, ولا يستثنى من هذا الأثر الرجعي سوي الحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت عند صدوره بحكم حاز قوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة التقادم.
( ينظر في هذا حكم الدستورية العليا في الدعوى رقم 48 لسنة 3 ق بجلسة 11/6/1983 وحكمها في الدعوى رقم 16 لسنة 3 ق بجلسة 5/7/1983, وحكم محكمة النقض في الطعن رقم 2489 لسنة 56 ق بجلسة 29/5/1997 وحكمها في الطعن رقم 777 لسنة 61 هيئة عامة وحكم الإدارية العليا في الطعن رقم 1852 لسنة 42 ق بجلسة 12/11/1998 والطعن رقم 3 والطعن رقم 23 لسنة 37 ق عليا بجلسة 5/3/2000 وفتوى الجمعية العمومية بجلسة 18/3/1998 وفتواها بجلسة 7/2/2001 ).
وإذا كان من المستقر أنه لا يخرج عن نطاق الأثر الرجعي للحكم بعدم دستورية نص تشريعي سوي الحقوق والمراكز التي استقرت عند صدور حكم الدستورية بحكم حاز قوة الأمر المقضي أو انقضت بانقضاء مدة التقادم, فأن القانون رقم 168 لسنة 1998 لم يغير من قاعدة الأثر الرجعي للأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية إلا في حالتين استثنائيتين لا يجوز الخروج عليهما ولا مجال للقياس عليهما:
أولهما: حالة ما إذا تعلق الطعن بمدى دستورية “نص ضريبي” فقد جعل المشرع لحكم الدستورية في هذه الحالة أثر مباشر وليس أثرا رجعيا ودون إخلال باستفادة المدعي من الحكم بعدم دستورية هذا النص.
وثانيهما: حالة ما إذا ارتأت المحكمة تحديد تاريخ معين لسريان حكمها بعدم دستورية نص.
وعلى ذلك فأنه في كل الحالات الأخرى تبقي قاعدة رجعية الحكم بعدم الدستورية قائمة بما يعني زوال النص المقضي بعدم دستوريته وفقده لقوة نفاذه منذ بدء العمل به.
وحيث إن هيئة الشرطة وأن كانت هيئة مدنية فأنها في ذات الوقت هيئة نظامية أسند إليها في الدستور والقانون حفظ النظام والأمن العام والآداب وحماية الأرواح والإعراض والأموال وكفالة الأمن والطمأنينة للمواطنين والسهر والعمل الدائب المستمر على توفير مناخ الاستقرار ومراقبة ومتابعة ضبط أي محاولة للخروج على الشرعية وإجهاض أي محاولة لزعزعة أو المساس بالمقومات الأساسية للمجتمع.
ولا شك أن تلك المهام الجسام تلقي على العاملين بمرفق الأمن التزاما يتناسب مع تلك المهام, وتوجب عليهم على خلاف كثير من الوظائف بمرافق أخري تأهب مستمر واستنفار دائم لا يعرف ساعات محددة للعمل أو أيام عطلة أسبوعية أو رسمية ويقظة واستعداد للتصدي لمواجهة أي محاولة للإخلال بالأمن أو خروج على الشرعية أو مساس باستقرار المجتمع, بما يؤدي إلى القول بأن اختيار رجل الأمن لموعد أجازاته الدورية أو مدتها لا يمكن أن يرتهن بإرادته بل يخضع دائما وبالأساس لظروف العمل وموجباته وحسن أدائه صدعا بطبيعة العمل بهذا المرفق الحيوي ونزولا على مقتضيات العمل فيه وقد أشارت إلى ذلك الفقرة الرابعة من المادة (35) من قانون هيئة الشرطة من أنه: ” تحدد مواعيد الإجازة السنوية حسب مقتضيات العمل وظروفه ” مما يعني أن حصول ضابط أو فرد هيئة الشرطة على أجازاته الدورية أو عدم حصوله عليها يرتبط دائما بصالح العمل وظروفه وحسن أداء المرفق للمهام المنوطة به.
ويؤيد هذا النظر أنه بينما نص المشرع في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة في المادة (65) السالف الإشارة إليها بعد بيانه لمدد الإجازة الاعتيادية السنوية أنه في جميع الأحوال يجب التصريح للعامل بأجازة اعتيادية لمدة ستة أيام متصلة مما يجعل سلطة الإدارة مقيدة بالنسبة لهذه المدة فأن قانون هيئة الشرطة ونظرا لطبيعة العمل بهذا المرفق – لم يورد نصا مماثلا بالنسبة لضابط أو فرد هيئة الشرطة بما مؤداه أن حاجة العمل وطبيعة المرفق قد تقتضي حرمان الضباط أو فرد هيئة من أي قدر من أجازاته السنوية المستحقة باعتبار أن الصالح العام واستقرار الأمن هو أمر مغلب ومعلى على الصالح الشخصي للضابط أو فرد هيئة ولو كان بحاجة إلى إجازة دورية لأيام معدودة.
تابع الحكم في الدعوى رقم 7068 لسنة 58 ق.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم فأن عدم حصول المدعي على أجازاته المكونة لرصيد هذه الأجازات يكون راجعا لظروف العمل ومقتضياته وحسن أدائه ويكون من حق المدعي اقتضاء مقابل نقدي عن رصيد أجازاته الدورية التي لم يحصل عليها مع مراعاة ما سبق صرفه من مقابل نقدي عن هذا الرصيد.
ومن حيث إن خاسر الدعوى يلتزم بمصروفاتها طبقا للمادة 184 من قانون المرافعات.
فلهــــــــــذه الأسبــــــــاب
حكمت المحكمة:- بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بأحقية المدعي في تقاضي مقابل نقدي عن رصيد أجازاته الدورية التي لم يحصل عليها مع مراعاة ما سبق صرفه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
الناسخ/ شيرين
روجع/