موسوعة المحكمه الاداريه العليا

في الطعن رقم 4702 لسنة 48 القضائية العليا

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

الدائرة الأولى

——————

بالجلسة المنعقدة علناً في يوم السبت الموافق 3/5/ 2003م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز

رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / على فكرى حسن صالح و يحيى خضرى نوبى محمد و أحمد عبد الحميد حسن عبود و أحمد حلمى محمد أحمد حلمى.

 

                                                                       نواب رئيس مجلس الدولة

وحضور السيد الأستاذ المستشار / حتة محمود حتة

                                    مفوض الدولة

وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس

 سكرتير المحكمة

 

أصدرت الحكم الأتي

في الطعن رقم 4702 لسنة 48 القضائية العليا
المقـــــام من
  • وزير العدل ” بصفته “.
  • وزير المالية ” بصفته “.

ضــــــــد

صلاح الدين سعد محمود على

 

في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة

  في الدعوى رقم 1606 لسنة 55 ق بجلسة 26/2/2002

 

————————————-

 

 

الإجـــــــراءات :

———————-

في يوم السبت الموافق9/3/2002 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين بصفتهم قلم كتاب المحكمة الإداريــة العليــا تقرير طعن  قيد برقم 4702 لسنة 48 ق.عليا وذلك في الحكـم الصادر من محكمــة القضـــاء الإداري بالقاهرة بجلســـة 26/2/2002 في الدعوى رقـــم 1606 لسنــة 55 ق. و القاضي منطوقه ” برفض الدفع المبدي من 0الجهة الإدارية بعدم قبول الدعوى شكلاً لانتفاء القرار الإداري ولانتفاء شرط المصلحة وبقبولها شكلاً وبإلغاء القرار السلبي لوزير العدل بالامتناع  عن إصدار قرار يحظر على أقلام كتاب محاكم جهة القضاء العادي قيد إشكالات التنفيذ في الأحكام الصادرة من محاكم مجلس الدولة مع ما يترتب على ذلك من آثار, وبقبول طلب التعويض شكلاً ورفضه موضوعاً على النحو المبين بالأسباب, وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.

و طلب الطاعنون بصفتهم – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – أن تأمر دائرة فحص الطعون بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه, ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى فيه بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً : بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار المطعون فيه واحتياطياً: بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة, ومن باب الاحتياط الكلى: برفضها موضوعاً مع إلزام المطعون ضده المصروفات.

و قد جرى إعلان تقرير الطعن للمطعون ضده علي النحو الثابت بالأوراق.

وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت في ختامه الحكم أولاً: بقبول الطعن شكلاً,وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه. ثانياً : وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً: أولاً : بعدم قبول طلب الإلغاء لانتفاء القرار الإداري . ثانياً: برفض طلب التعويض مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده المصروفات.

وقد عينت دائـــرة فحــص الطعـــون لنظـــر الطعــن جلســــة 1/4/2002 وجرى تـداوله  بالجلسـات علـى النحـو الثابت بالمحاضـر,حيث قدمت هيئة قضايا الدولة عريضة إعـلان للمطعـون ضـده الذي لم يحضر أي من الجلسات رغم إعلانه وإخطاره, وبجلســة 3/7/2002 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الأولى – موضوع ) لنظره بجلسة 19/10/2002 حيث جرى تداول الطعن بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر, حيث قدمت هيئـة قضايا الدولـة عريضةـة إعـلان للمطعـون ضـده بتاريـخ 16/1/2003 والذي لم يحضر أي من الجلسات رغـم إعلانـه وإخطـاره, وبجلســة 8/2/2003 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 3/5/2003  و مذكرات في شهر.

 

و بجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.

 

المحكمـــــــــــــــــــة

———————-

بعد الاطلاع على الأوراق و سماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.

ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.

ومـن حـيث إن وقائع هذا النـزاع تخلـص – حسبمـا يبيـن مـن أوراق الطعن – أن المطعون ضده ( مدع أصلاً ) قد أقام الدعوى رقم 1606 لسنة 55ق. بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة وطلب في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي الصادر من وزير العدل بصفته بقبول الإشكالات أمام القضاء العادي في أحكام صادرة من محاكم مجلس الدولة مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها الامتناع عن قبولها وقيدها وبتعويضه مادياً وأدبياً.

 

وذكر شرحاً لذلك أنه يمتلك مكتباً خاصاً للمحاماة بالجيزة ويترافع عن موكليه أمام المحاكم وخاصة محاكم مجلس الدولة, وأنه بتاريخ 7/11/2000 صدر حكم محكمة القضاء الإداري لأحد موكليه في الدعوى رقم 775 لسنة 55ق. قاضياً بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان وهو الحكم الذي يؤدى إلى تغيير صفة المدعو / بدر محروس سليمان شعراوي من مرشح على مقعد العمال إلى مقعد الفئات بالدائرة الأولى لقسم الجيزة, إلا أنه في صباح يوم إجراء الانتخابات الموافق 8/11/2000 فوجئ المدعى أن الحكم المذكور لم يتم تنفيذه بسبب قبول تابعي المدعى عليه الأول – وزير العدل – وهو قلم كتاب محكمة الجيزة الابتدائية قيد إشكال في تنفيذ الحكم المذكور أمام محكمة الأمور المستعجلة مرفوع  من الصادر ضده الحكم وذلك بالمخالفة للقانون لأن الحكم المستشكل فيه صادر من محاكم مجلس الدولة وليس من محكمة الجيزة الابتدائية, وقبول تابعي المدعى عليه الثاني الإشكال الخاطئ وأوقفوا تنفيذ الحكم المذكور واستمروا في إدراج أسم المدعو / بدر محروس كمرشح على مقعد العمال بالمخالفة لحكم محكمة القضاء الإداري, وقد سارع الطاعن إلى محكمة القضاء الإداري مرة أخرى رافعاً الدعوى رقم 947 لسنة 55ق طالباً وقف تنفيذ قرار المدعى عليه الثاني الصادر بإعلان نتيجة انتخابات مجلس الشعب عن الدائرة الأولى قسم الجيزة عن مقعد العمال, وبتاريخ 13/11/2000 حكمت المحكمة بوقف تنفيذ قرار وزير الداخلية المطعون فيه فيما تضمنه من إعلان نتيجة انتخابات مجلس الشعب في الدائرة الأولى قسم الجيزة مع ما يترتب على ذلك آثار أخصها إجراء الانتخابات مجدداً في هذه الدائرة بين جميع المرشحين على مقعدي العمال والفئات وعلى أن يدرج اسم / بدر محروس تحت صفة فئات, وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان, وسارع المدعى إلى تنفيذ هذا الحكم إلا أنه حدث ما حدث عقب صدور الحكم الأول وتم قيد إشكال في التنفيذ أمام محكمة الجيزة للأمور المستعجلة وقبل العاملون في مديرية أمن الجيزة الإشكال وأوقفوا سريان الحكم, وبالتالي فقد أخطأ العاملون بقلم كتاب محكمة الجيزة عندما قبلوا قيد إشكال في تنفيذ حكم صادر من محكمة القضاء الإداري, وكذلك أخطأت مديرية أمن الجيزة في قبول هذه الإشكالات, وذلك بالمخالفة لأحكام المحكمة الدستورية العليا, وأن هذا الخطأ قد أصاب المدعى بأضرار مادية وأدبية تمثلت في ظهوره بمظهر غاية في السوء أمام موكله والكافة بحيث أصبح مهاناً في سمعته المهنية أمام باقي المحامين الذين وصفوه بالجهل بأساليب السلطة التنفيذية, ويقدر المدعى خمسين ألف جنيه تعويضاً عن هذه الأضرار, وبالنسبة للأضرار المادية فقد تمثلت في عدم تقاضى المدعى أي أتعاب عن جهده من موكله الذي امتنع عن إعطائه أي أتعاب لعدم استفادته من الأحكام التي حصل عليها, وكان متفقاً على أن يؤدى إليه مبلغ خمسة عشر ألف جنيه وهم محل مطالبة كتعويض مادي للمدعى.

 

تدوول نظر الشق العاجل من الدعوى بجلسات محكمة أول درجة على النحو الثابت بالمحاضر, وبجلسة 9/1/2001 قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة والتي أعدت تقريراً بالرأي القانوني ارتأت في ختامه الحكم أولاً: بالنسبة لطلب وقف تنفيذ ثم إلغاء القرار المطعون فيه أصلياً: بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة. واحتياطياً: بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري. ثانياً: بالنسبة لطلب التعويض بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام المدعى المصروفات.

 

تـدوول نظـر الدعـوى بجلسـات المحكمـة علـى النحـو الثابت بالمحاضر, وبجلسة 26/2/2002 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه.

 

وشيدت المحكمة قضاءها – بالنسبة لرفض الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري – بعد أن استعرضت نص المادتين 157 و 172 من الدستور والمادة (10) من قانون مجلس الدولة والمادة (15) من قانون السلطة القضائية – على سند أن وزير العدل  هو الوزير المختص بشئون العدالة ويقوم على تنفيذ أحكام القانون وأن عدم إصداره تعليمات تنظم قبول الإشكالات في التنفيذ يمثل قراراً سلبياً مما يقبل الطعن فيه بالإلغاء أمام هذه المحكمة ومن ثم تقضي المحكمة برفض هذا الدفع .

 

كما شيدت المحكمة قضاءها – بالنسبة لرفض الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة انه توافر للمدعي صفة ومصلحة في الدعوى بصفته محامياً في القضايا المشار إليها وعليه تقضي المحكمة برفض الدفع .

 

وبالنسبة لموضوع الدعوى أقامت المحكمة قضاءها – وبعد أن استعرضت نصوص المواد 3 و64 و 65 و  68  و72 من الدستور المصري ، ونصوص المادتين 3 و 50 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 ، وحكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 11 لسنة 20 ق دستورية الصادرة بجلسة 1/8/1999 – على سند من أنه ( وإن كان الدستور قد أناط إلى السلطة التنفيذية أمر تنفيذ أحكام القانون بمعناه الواسع الذي يشمل القواعد الدستورية والتشريعية واللائحية مستخدمه في ذلك الأدوات التشريعية التي تقدره لها ومنها القرارات التنظيمية فإنه يضحى على وزير العدل المنوط به إدارة مرفق العدالة إصدار القرارات الملزمة إلى العاملين بأقلام الكتاب لمحاكم القضاء العادي والتي تمنع قيد إشكالات التنفيذ في الأحكام الصادرة من محاكم مجلس الدولة ، ولا يعتبر ذلك تدخلاً في أعمال القضاء أو جوراً على حق التقاضي – كما ورد بمذكرة جهة الإدارة – فحق التقاضي وإن كان من الحقوق الدستورية التي كفلها الدستور لكل مواطن فإن تنظيمه يجب أن يكون على وجه يحقق أحكام الدستور ذاته ويتفق والقوانين السارية ولا يحول عن كل مواطن السعي بدعواه إلى قاضي يكون بالنظر إلى طبيعتها وعلى ضوء عناصرها مهيأ للفصل فيها وهو ما يمثل الوجه الأمثل لتحقيق المبدأ الدستوري ، فضلاً عن أن منع قيد الإشكالات أمام محاكم القضاء العادي في الأحكام الصادرة عن القضاء الإداري لا يضحط حق المتقاضيين في اللجوء إلى القضاء الإداري بإشكالاتهم في أحكامه خاصة وإن الدولة تسعى جاهدة إلى إنشاء دوائر للقضاء الإداري  في كافة أنحاء الجمهورية تحقيقاً لمبدأ حق التقاضي بتقريبه إلى المواطنين ، وبما أفصح عنه الواقع العملي من إنشاء دوائر متعددة لمحكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية والتأديبية في مختلف محافظات الجمهورية .

وأضافت المحكمة أنه لما كان الأمر كذلك فإن امتناع المدعي عليه الأول عن إصدار قرار يتضمن منع أقلام كتاب محاكم القضاء العادي من قيد إشكالات التنفيذ في الأحكام الصادرة عن محاكم مجلس الدولة يكون مخالفاً لصحيح حكم القانون وتقضي المحكمة من ثم بإلغائه سداً للذرائع وغلقاً للأبواب أمام بعض ذوي النفوس الضعيفة من المتقاضين والمحامين الذين يسيئون عمداً إلى العدالة ولا يراعون قدسية الأحكام ومبدأ سيادة القانون .

 

وبالنسبة لطلب التعويض – أقامت المحكمة قضاءها على  سند  أن المدعي قد حدد الضرر المادي الذي لحق من جراء عدم صدور هذا القرار بقيمة الأتعاب التي لكل المدعى في الدعوى التي أقامها عن سدادها وهو قول مرسل لم يسانده دليل من الأوراق وبالنسبة للضرر الأدبي الذي لحق بالمدعي فإن إلغاء القرار المطعون فيه يكون كافياً لجبر هذا الضرر لما يمثله من تتويج لدعواه في مواجهة المدعى عليهم بصفاتهم وبالتالي يتعين القضاء برفض طلب التعويض .

 

وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطاعنين بصفتهم فقد بادروا إلى إقامة الطعن الماثل ناعين على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون لأن القانون وحده هو مصدر الاختصاص القضائي ، وأن المشرع وحده هو صاحب التقدير في أن يعهد باختصاص معين لجهة قضائية بالفصل في مسائل لا تكون داخلة في ولايتها أصلاً ولو لفترة انتقالية تدخل في تقديره ، فالمشرع وحده هو صاحب التقدير في حاجة المجتمع إلى التشريع ولا يجوز للسلطة القضائية وإن كان لها اقتراح التشريع أن تسعى إلى تحقيق ما تصبو إليه بغير طريق المشرع بأن تعهد إلى السلطة التنفيذية بمقتضى القوة الإلزامية للأحكام أن تمارس عملاً يدخل أصلاً في اختصاص المشرع وحكم المادة الثانية من مواد إصدار قانون مجلس الدولة قاطع في دلالته مع انفراد المشرع بوضع قواعد توزيع العمل القضائي ، كما أن الحكم المطعون فيه قد خالف حكم حديث للمحكمة الإدارية العليا قضى بانتفاء ركن الخطأ في حق الجهة الإدارية في حالة إقامتها إشكال في تنفيذ حكم لمحكمة القضاء الإداري  هذا فضلاً عن أن حكم المطعون فيه قد أخطأ في فهم القانون وتطبيقه لأنه أقام قضاءه استناداً إلى الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 1/8/1999 في القضية رقم 11 ق ورتب الحكم الطعن على ذلك من جواز استخدام القرارات التنظيمية كأداة تشريعية على الرغم من أن الحكم الصادر في الدعوى الخاصة بتنازع الاختصاص لا يستبق صدور قرار عام بمناسبته وإنما يقتصر أثره على تحديد جهة الاختصاص ، ويتم بحثه وفقاً لظروف كل تنازع على حده ، وذلك خلافاً للأثر الذي يترتب على أعمال المحكمة الدستورية العليا اختصاصها الملزم في تفسير نصوص القانون واختصاصها بالفصل في دستورية القوانين .

 

وأضاف تقرير الطعن أن مفاد ما تقدم عدم صحة فكرة الحكم المطعون فيه من جواز تنظيم حق التقاضي بإصدار أوامر وتعليمات بقرارات تنظيمية لأقلام الكتاب في المحاكم للإمتاع عن قيد إشكالات التنفيذ في الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية أمام محاكم القضاء المدني ، وأن القول بغير ذلك يؤدي إلى حجب الاختصاص بنظر الإشكالات عن جهة القضاء التي لها أن تتبين ما يدخل منها في اختصاصها أو ما يخرج منها عن هذا الاختصاص وهذا أمر لا يمكن تنظيمه إلا بأداة تشريعية مساوية لقاعدة تقدير الاختصاص إبتداءاً ، كما  أن الدستور قصر إصدار اللوائح على رئيس الجمهورية أو من يفوضه .

 

وأستطرد الطاعنون بصفتهم أن تبعية أقلام الكتاب بالمحاكم لوزير العدل هي تبعية إشرافية تقتصر على ضبط صدور قيام هذه الأقلام بواجباتها التي نص عليها القانون وطبيعة عملهم هي طبيعة معاونه للقضاة بحيث لا يجوز قانوناً تدخل هذه الأقلام في اختصاص الوظيفة القضائية بما يعوقها ، كما أن أحكام المحكمة الدستورية العليا قد استقرت على أن السلطة التنفيذية ليس لها أن تجهض قراراً قضائياً قبل صدوره ولا أن تحول بعد صدوره دون تنفيذه ولا أن تحور الآثار التي رتبها ولا أن تعدل في تشكيل هيئة قضائية لتؤثر في أحكامها .

 

ومن حيث إن الطاعنين بصفتهم قد دفعوا بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري.

 

ومن حيث إن المدعى يهدف من دعواه إلى الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير العدل السلبي بالامتناع عن إصدار تعليمات تحظر على أقلام كتاب محاكم القضاء العادي أن تقيد في جدولها تلك المحاكم الإشكالات المقامة من الأفراد والجهات الإدارية في الأحكام الصادرة من محاكم مجلس الدولة .

 

ومن حيث إنه يتعين بادئ ذي بدء الإشارة إلى أن القرار الإداري – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – هو إفصاح جهة الإدارة  عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح في الشكل الذي يتطلبه القانون بقصر أحداث أثر قانوني معين متى كان ذلك ممكناً جائزاً قانوناً وكان الباعث عليه تحقيق مصلحة عامة ، كما يعتبر امتناع الإدارة عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقاً للقوانين واللوائح بمثابة قرار إداري سلبي يجوز الطعن عليه بالإلغاء ، وأن يكون مناط ذلك أن تكون هناك ثمة قاعدة قانونية عامة تقرر حقاً أو مركزاً قانونياً لاكتساب هذا الحق أو المركز القانوني بحيث يكون تدخل الإدارة لتقريره أمراً واجباً عليها متى طلب منها ذلك ويكون تخلفها عنه بمثابة امتناع عن أداء هذا الواجب بما يشكل مخالفه قانونية ، فإذا لم يكن إصدار مثل هذا القرار واجباً عليها أو يخرج عن اختصاصها فإن امتناعها عن إصداره لا يشكل قراراً سلبياً مما يقبل الطعن عليه بالإلغاء ، وفي ذلك تنص المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 على انه ” ويعتبر في حكم القرارات الإدارية رفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقاً للقوانين واللوائح”.

 

ومن حيث إن المادة (68) من الدستور تنص على أنه ” التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي ……  ”

وتنص المادة (165) على أنه ” السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وتصدر أحكامها وفق القانون . ”

وتنص المادة (167) منه على أنه ” يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها وينظم طريقة تشكيلها …. ”

وتنص المادة (67) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادرة بالقانون رقم 13 لسنة 1968 على أنه ” يقيد قلم الكتاب الدعوى في يوم تقديم الصحيفة في السجل الخاص بذلك بعد أن يثبت في حضور المدعى أو من يمثله تاريخ الجلسة المحددة لنظرها في أصل الصحيفة وصورها .

وعلى قلم الكتاب في اليوم التالي على الأكثر أن يسلم أصل الصحيفة وصورها إلى قلم المحضرين لإعلانها ورد الأصل إليه . ”

وتنص المادة (159) من قانون السلطة القضائية الصادر بموجب قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 على أن ” موظفو المحاكم يتسلمون الأوراق القضائية الخاصة بأعمال وظائفهم ويحفظونها ويحصلون الرسوم ….. ، ويقومون بكل ما تفرضه عليهم القوانين والتعليمات …… ”

 

ومن حيث إن مفاد ما تقدم من نصوص أن حق التقاضي هو حق مصون دستورياً ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي ، وقد فوض الدستور القانون في تحديد الهيئات القضائية واختصاصاتها وتنظيم طريقة تشكيلها ولم يترك جزء من هذا التنظيم للسلطة التنفيذية وإنما أوكل للسلطة التشريعية وحدها تحديد الهيئات القضائية وتنظيم اختصاصها الولائي ، وأعتبر هذا الأمر من النظام العام الذي لا يجوز الخروج عليه أو تنظيمه بأداة أدنى من القانون ، كما أكد الدستور استقلال السلطة القضائية التي تتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وتصدر أحكامها وفق القانون وتعد إحدى سلطات الدولة الثلاث وتقوم على ولاية القضاء وتستقل بشئون العدالة في مقابلة السلطتين التشريعية والتنفيذية .

 

وقد بين المشرع في قانون المرافعات المدنية والتجارية وقانون السلطة القضائية عملية قيد صحف الدعاوى أو الطعون أو إشكالات التنفيذ أمام جهة القضاء العادي وذلك بأن يقوم قلم الكتاب بالقيد في يوم تقديم الصحيفة في السجل الخاص بذلك ، وانه من المستقر عليه فقهاً وقضاء أن عملية قيد صحف الدعاوى أو الطعون أو إشكالات التنفيذ بمعرفة الجهاز الإداري بالمحكمة ممثلاً في قلم الكتاب المختص يخرج من نطاق الأعمال القضائية في مفهومها الدقيق ، وأن ما يصدر من قلم الكتاب في هذا الشأن من قرارات إيجابيا أو سلبياً تعتبر من قبيل القرارات الإدارية التي يختص بنظر النزاع فيها القضاء الإداري وذلك طبقاً للمعيار الموضوعي أو الشكلي اللذين أستقر عليهما القضاء الإداري في التميز بين القرارات الإدارية والأعمال القضائية ، فقلم الكتاب بالمحكمة يختص بتلقي صحف أو عرائض الدعاوى أو الطعون أو إشكالات التنفيذ من أصحاب الشأن ويكون ملزماً قانوناً باستيفاء إجراءات قيدها ولا يملك حيالها أية سلطة تقديرية أيا كان موضوع هذه الدعاوى أو الحكام أو الأوامر أو إشكالات التنفيذ محل الطعون وإلا ترتب على ذلك تعطيل حق التقاضي أو وضع العراقيل أو العقبات أمام ممارسته وهو ما لا يجوز دستورياً وقانونياً ، وإنما يكون المختص بالفصل في هذه الدعاوى أو الطعون أو إشكالات التنفيذ المحكمة المرفوع أمامها تلك الدعاوى أو الطعون أو إشكالات التنفيذ ، ومن ثم فإنه لا يجوز لقلم كتاب المحكمة أن يحل محل المحكمة المختصة في النظر في الدعوى أو الطعن أو الإشكال الذي يرغب صاحب الشأن في إقامته ويقيد بعضها ويمتنع عن قيد البعض الأخر وإلا ترتب على ذلك إهدار لحق التقاضي الذي صاغه الدستور كضمان نهائي لسيادة القانون ، ومن ثم يكون امتناع قلم الكتاب عن قيد الإشكال هو مخالفة لصحيح حكم القانون حيث أنه لا يتصور ولا يعقل قانوناً أن ينصب قلم الكتاب من نفسه قاضياً فيقبل من العرائض والطعون والإشكالات ما يشاء ويرفض ما يشاء طغياناً على الحق المقرر أصلاً للمحكمة التي يلتجئ إليها المدعى ولو كانت في الفرض الجدلي غير مختصة بنظر الدعوى أو الطعن أو الإشكال .

 

ومن حيث إن الدستور قد اختص في المادة (86) منه السلطة التشريعية بمهمة إقرار القوانين ، فلا تباشرها إلا بنفسها ، ولم يخول السلطة التنفيذية مباشرة شئ من الوظيفة التشريعية إلا في الحدود الضيقة التي بينتها نصوصه حصراً. ذلك أن الأصل أن السلطة التنفيذية لا تتولى التشريع ، وإنما يقوم اختصاصها أساساً على إعمال القوانين  وأحكام تنفيذها ، غير أنه استثناء من هذا الأصل وتحقيقاً لتعاون السلطات وتساندها ، فقد عهد الدستور إليها في حالات محددة بأعمال تدخل في نطاق الأعمال التشريعية ، من ذلك إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين ، فنصت المادة (144) من الدستور على أن ” يصدر رئيس الجمهورية اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين ، بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها ، ولـه أن يفوض غيره في إصدارها، ويجوز أن يعين القانون من يصدر القرارات اللازمة لتنفيذه ، وأن مفاد هذا النص أن الدستور حدد على سبيل الحصر الجهات التى تختص بإصدار اللوائح التنفيذية فقصرها على رئيس الجمهورية أو من يفوضه في ذلك أو من يحدده القانون لإصدارها ، بحيث يمتنع عمل من عداهم ممارسة هذا الاختصاص الدستوري وإلا وقع عمله اللائحي مخالفاً لنص المادة (144) المشار إليها (يراجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 1/8/1998 في القضية رقم 3 لسنة 19 ق دستورية – المحكمة الدستورية العليا – الجزء التاسع ص 34 وما بعدها ) .

 

ومن حيث إنه لما كان ذلك وقد خلا كل من قانون المرافعات المدنية والتجارية  وقانون السلطة القضائية من أي نص يخاطب رئيس الجمهورية ، أو من يفوضه في ذلك يخول إصدار لوائح تنفيذية لهذين القانونين اللذين تضمنا كيفية قيد صحف الدعاوى أو الطعون أو إشكالات التنفيذ بقلم كتاب المحكمة الذي يكون ملزماً بتلقي الصحف أو عرائض الطعون أو الإشكالات من أصحاب الشأن ويكون ملزماً قانوناً باستيفاء إجراءات قيدها  وذلك على النحو السالف بيانه ، ومن ثم فإنه لا يجوز للسلطة التنفيذية – ممثلة في وزير العدل – أن تتدخل بأي إجراء أو تنظيم يعوق حق التقاضي ويمنع قيد صحيفة أو طعن أو إشكال ولو كان مقاماً أمام محكمة غير مختصة إذ أن ذلك يمثل عدواناً صارخاً على اختصاص محجوز بنص الدستور للسلطة التشريعية ويخرج عن اختصاص السلطة التنفيذية ، ويترتب عليه تضيق لحق التقاضي المكفول بموجب نص الدستور بحسبان أن اللجوء إلى الوسائل التي أتاحها القانون لوقف تنفيذ الأحكام أو الطعن عليها هو حق مكفول لكل ذي شأن يستعمله بالقدر الذي يرى فيه تحقيقاً لمصلحته أو ردءاً لما يحيق به من خطر من جراء التنفيذ ، وذلك إلى أن يصبح هذا الحكم نهائياً ويضحى عدم تنفيذه حينئذ موجباً للمساءلة الجنائية أو المدنية إذا توافرت عناصرها .

 

كما أنه يترتب على تدخل السلطة التنفيذية في هذا الشأن منح اختصاصات قضائية لأقلام كتاب المحاكم هي من صحيح اختصاص السلطة القضائية التي تتولاها منفردة بنص المادة (165) من الدستور .

 

ومن حيث إنه بالترتيب على ما تقدم وبالبناء عليه فإن وزير العدل لا يملك قانوناً إصدار قرارات أو تعليمات لأقلام كتاب محاكم القضاء العادي تمنع قيد الإشكالات المقامة في الأحكام الصادرة من محاكم مجلس الدولة ، حيث أن مثل هذا الأمر يدخل في اختصاص السلطة التشريعية فقط إذا رأت وجهاً لذلك ، ومن ثم فإنه لا يوجد أي التزام قانوني على وزير العدل بإصدار أي قرارات أو أوامر تمنع أقلام كتاب محاكم القضاء العادي من قيد إشكالات التنفيذ في الأحكام الصادرة من محاكم مجلس الدولة وهو الأمر الذي ينتفي معه – والحال كذلك – القرار الإداري السلبي الذي يمكن أن يطعن عليه بالإلغاء  وتضحى الخصومة الماثلة لا تصادف قراراً إدارياً سلبياً كان أو إيجابياً ، مما يتعين مع الحكم بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري .

 

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف القانون وجانب الصواب مما يتعين معه الحكم بإلغائه .

 

ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات .

فــلـهـــذه الأســــباب

————————

حكمت المحكمة :

—————

 

        بقبول الطعن شكلاً وفي الموضع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بعدم قبول طلب الإلغاء لانتفاء القرار الإداري ، وألزمت المطعون ضده المصروفات .

 

 

ســـكرتــير المـــحكمة                                                    رئيـــــس المـــحكمة

 

 

 

 

 

 

 

 

——–

هبه …

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى