موسوعة المحكمه الاداريه العليا

دائرة العقود والتعويضات زوجي في الدعوى رقم 278 لسنة57 ق

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

محكمة القضاء الإداري

دائرة العقود والتعويضات زوجي

بالجلسة المنعقدة علنا في يوم الأحد الموافق 16/1/2005.

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ الدكتور/ عبد الفتاح صبرى أبو الليل      نائب رئيس مجلس الدولــــة

                                                                                      ورئيس المحكمـــــــــــــــــة

وعضوية السيدين الأستاذين المستشارين/ فارس سعد فـــــــــــــــام         نائب رئيس مجلس الدولــــــة

والسيد الأستاذ المستشـــــــــــــــــــــــار  ناصر حسن معــــــــــــــــلا       المستشـــار بمجلس الدولــــة

وحضور السيد الأستاذ المستشار/ فتحي عطية السيـــــــــــــــــــــــــد        مفوض الدولـــــــــــــــــــــة

وسكرتارية الســــــــــــــــــــيد/ طارق عبد العليم تــــــــــــــــــــــــركى  سكرتير المحكمـــــــــــــــــة

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى رقم 278 لسنة57 ق

المقامة من

نادر محمد محمود إسماعيل

ضــــد

وزير الداخلية بصفتــــــــــــــه

الوقائع:

          أقام المدعى دعواه الماثلة بصحيفة أودعت إدارة كتاب المحكمة بتاريخ 3/10/2002 طلب في ختامها الحكم قبولها شكلا وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدى له التعويض المناسب عما لحقه من أضرار مادية أدبية  جراء قرارات إعتقاله  خلال الفترة من 5/10/95 حتى تاريخ رفع الدعوى وإلزامه المصروفات

          وأورد المدعى شرحا لدعواه أنه تم إعتقاله خلال الفترة من 5/10/95 ولايزال رهن الإعتقال.     

     وينعى المدعى على قرار إعتقاله أنه صدوره  معيبا بمخالفة القانون والإنحراف بالسلطة وإنعدام سببه لعدم اقترافه ثمة ما يبرر إعتقاله وليس من المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن أو النظام العام.   

  وأضاف المدعى بأنه قد لحقه من جراء إعتقاله أضرار أدبية ومادية  تتمثل في حرمانه من حريته ومعاناته آلام السجن دون ذنب أو تحقيق ومحاكمة عادلة وإهدار كرامته وحرمانه من أسرته وإنعدام الرعاية الصحية بالسجن مما أدى لإصابته بالأمراض وتلويث سمعته بين أهله وذويه وإفتقاره للشعور بالآمان وحرمانه من كسب رزقه ومن إعالة أسرته واستدانته وتكبده نفقات زيارات أسرته له بالسجن وأتعاب المحامين للإفراج عنه .

          وإستطرد بأنه سبق وأن تقدم للجنة التوفيق فى بعض المنازعات بموجب الطلبات أرقام 8650 و8642 و   8640 و 8644 و8646 و 8648 لسنة 2001 والطلبات أرقام 13980 و 13984 و 13988 و13990 لسنة 2002 .حيث أوصت اللجنة بجلستها المنعقدة بتاريخ 27/10/2001 و 14/9/2002 برفض الطلب .

          وقد جرى تحضير الدعوى لدى هيئة مفوضي الدولة على النحو الثابت بمحاضر جلسات التحضير حيث قدم الحاضر عن المدعى شهادة من مكتب النائب العام تفيد إعتقاله بتاريخ 14/10/1994 وإنه لا يزال رهن الإعتقال حتى تاريخ ورود كتاب وزارة الداخلية المؤرخ 12/6/2002 .    

      وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الدعوى إرتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلا ، وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدى للمدعى المبلغ الذى تقدره المحكمة على سبيل التعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته من جراء إعتقاله خلال الفترة من 14/10/94 حتى 12/6/2002 وإلزامه بالمصروفات .

     وتحدد لنظر الدعوى أمام المحكمة جلسة 26/10/2003 حيث قدم الحاضر عن المدعى عليه بصفته بجلســـة 14/3/2004 حافظة مستندات طويت على مذكرة غير موقعة بأسباب الإعتقال للمدعى وصورة رسمية من قرارى

تابع الحكم فى الدعوى رقم 278 –57ق

الإعتقال بتاريخى 14/10/94 ، 26/7/2000 كما قدم بجلسة 1/7/2004 مذكرة دفاع طلب فى ختامها الحكم برفض الدعوى وبجلسة 7/11/  2004قضت المحكمة حجز الدعوى  لإصدار الحكم بجلسة اليوم. وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه .

المحكمــــــــة

          بعد الإطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والدفاع وبعد المداولة قانونا .

          ومن حيث إن المدعى يطلب الحكم بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته أن بؤدى له التعويض المناسب عن الأضرار المادية والأدبية  التى لحقت به من جراء قرارات  إعتقاله خلال الفترة من 5/10/95 حتى تاريخ رفع الدعوى وإلزامه بالمصروفات .

          ومن حيث إن الدعوى الماثلة تعد من دعاوى القضاء الكامل التى لا تتقيد بمواعيد وإجراءات دعوى الإلغاء.

    ومن حيث إن الثابت بالأوراق أن المدعى قد سبق وان تقدم للجنة التوفيق حيث قررت اللجنة رفض الطلب .

    ومن حيث إن الدعوى قد إستوفت سائر أوضاعها الشكلية ومن ثم فهى مقبولة شكلا .

   وحيث أنه عن موضوع  الدعوى – فقد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ متضمنا تخويل رئيس الجمهورية سلطة إعلان حالة الطوارئ بقرار جمهورى وقد صدرت القرارات المتعاقبة باعلان حالة الطوارىء بجميع أنحاء البلاد بصورة شبه مستمرة لمدة ناهزت نصف قرن من الزمان ، وقد نصت المادة الثالثة من هذا القرار بقانون على تخويل رئيس الجمهورية سلطة إتخاذ إجراءات استثنائية شاملة لكافة مناح الحياة العامة وفى مقدمتها ما نصت عليه  الفقرة (1) من تخويل رئيس الجمهورية سلطة وضع قيود على حرية الأشخاص فى الإجتماع والإنتقال والاقامة والمرور فى أماكن أو أوقات معينة والقبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام واعتقالهم والترخيص فى تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية الذى يكفل الضمانات الأساسية للأفراد فى حالة توجيه الإتهام بارتكاب جريمة ..

          كما نصت المادة ( 3 مكرر) من ذات القرار بقانون المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 والمستبدلة بالقانون رقم 50 لسنة 1982 على أن يبلغ فورا كل من يقبض عليه أو يعتقل وفقا للمادة السابقة بأسباب القبض عليه أو إعتقاله ويكون له حق الإتصال بمن يرى ابلاغه بما وقع والإستعانة بمحام ويعامل المعتقل معاملة المحبوس إحتياطيا .

          وقد صدر قرار رئيس الجمهورية بتفويض وزير الداخلية فى إختصاصاته المنصوص عليها بالفقــــــــــرة ( !من المادة 3 ) سالفة الذكر.

          وقد جرى قضاء المحكمة الإدارية العليا أن سلطة الحكومة فى الإعتقال ليست سلطة مطلقة من كل قيد بل تخضع لأصول وضوابط تتمثل فى قيام حالة واقعية أو قانونية تدفع الإدارة للتدخل بقرارها ، ويجب أن يكون هذا الإجراء لازما لمواجهة هذه الحالة بوصفه الوسيلة الوحيدة لعلاج هذا الموقف وأن يكون رائد الإدارة فى هذا التصرف هو إبتغاء مصلحة عامة ، وتخضع هذه الإجراءات والتصرفات لرقابة القضاء لإستظهار مدى مشروعيتها على أساس الضوابط التى سلف ذكرها ، ومن المستقر عليه أيضا أن وصم الشخص بالخطورة على الأمن والنظام العام لا يعتبر من الملائمات المتروكة للإدارة وإنما يعتبر مسألة قانونية تخضع الإدارة فى ممارستها  لرقابة القضاء للتحقق من مدى قيام ركن السبب الذى إستلزمه القانون لمشروعية قرار الإعتقال .

          ” فى هذا المعنى حكم الإدارية العليا فى الطعن رقم 3115 لسنة 39 ق- عليا – جلسة 12/7/1998 وحكمها فى الطعن رقم 734 لسنة 23 ق عليا – جلسة 26/11/1983 “

   ومؤدى ما تقدم فى ضوء نص المادة الثالثة مكرر أن قرار الاعتقال يجب أن يكون مسببا وأن تكون هذه الأسباب حقيقية لا ظنية أو إفتراضية وتقوم على أساس من الواقع والحقيقة الثابته التى تؤدى منطقا وعقلا الى وصم المعتقل بوصف الخطورة على الأمن والنظام العام باعتبارها ركن السبب فى قرار الإعتقال مما يقتضى ثبوت أن ثمة وقائع جدية مستمدة من أصول ثابته بالأوراق ومنتجة الدلالة على توافر معنى الخطورة على الأمن والنظام العام وأن تؤدى هذه الوقائع بحسب الفهم المنطقى السائغ للأمور الى وصم الشخص بهذه الخطورة أو الإشتباه ومن المقرر أن

تابع الحكم فى الدعوى رقم 278 –57ق

سبق الأعتقال لا يعتبر فى ذاته  سبا سائغا لإعتقاله مرة أخرى دون توافر الأسباب الثابتة والمقبولة التى تسوغ اعتقاله . 

   وإذا صدر قرار الاعتقال مجردا من أسبابه وعلى خلاف الضوابط السابقة أو أعتصمت الإدارة بالامتناع عن طرح هذه الأسباب أو نكلت عن تقديم الأدلة المثبتة لوجودها أو قدمت أسبابا تفتقر إلى أدلة صحتها ومنزوعة الأساس من حيث الواقع أو قدمت أسبابا لا تنتج وصف الخطورة على الأمن والنظام العام أو قاصرة على الوصف المسوغ للإعتقال  كان قرارها باطلا وقات مسئوليتها بالتعويض عن الأضرار المادية والأدبية التى يثبت دليلها .

    و من حيث أن الثابت أن المدعى قد جرى أعتقاله بتاريخ 14/10/1994 ولايزال رهن الإعتقال حتى تاريخ رفع الدعوى فى 3/10/2002 دون منازعة فى ذلك من الحكومة .

    وكان الثابت أن الأسباب التى ركنت إليها الإدارة كمبرر للأعتقال لا تقوم على أى أسباب حقيقية أو لها ظل من الواقع أو سند من الأوراق ولا تتمخض ألا عن أقوال مرسلة لا تنهض دليلا على انخراط المدعى باحدى الجماعات الإرهابية أو المحظورة قانونا أو اعتناقه فكرا متطرفا أو كان من المشبوهين أو يشكل خطرا على الأمن والنظام العام ولو كان ما تدعيه وزارة الداخلية صحيحا بشأن إنضمام المدعى لمثل هذه الجماعة المحظورة لكانت قد قدمته للمحاكمة الجنائية طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 86 مكررا من قانون العقوبات والتى تعاق السجن مدة لا تزيد على خمس سنوات لكل من ينضم الى إحدى هذه  الجماعات . ومؤدى ما تقدم أن قرار اعتقال المدعى يعتبر صادرا فى غير الأحوال التى نص عليها القانون ومتجردا من أسبابه الواقعية وعملا مخالفا للقانون ينحدر به إلى الخطأ الجسيم الذى يوجب مسئولية وزارة الداخلية عن جميع الأضرار المادية والأدبية التى لحقت بالمدعى من جراء هذا القرار .

      ومن حيث أنه عن ركن الضرر فان الإعتقال دون وجه حق هو عين الضرر ذاته الذى يحول بين الإنسان وحق فى الحياة  الإجتماعية الكريمة بين أهله وذويه  ويجرده من حريته  وكرامته وحقه فى الاستمتاع بنعم الحياة وحقه فى العمل والكسب والتنقل والإسهام فى الحياة العامة وممارسة حقوقه الدستورية فى الإنتخاب والترشيح .     ومن حيث أنه تتوافر علاقة السببية بين الخطأ الذي ثبت في حق جهة الإدارة مصدرة القرار الخاطئ الذي ألحق بالمدعى من جراء صدوره أضرارا مادية وأدبية بما يتوافر معه مناط مسئوليتها . إن الأعتقال دون وجه حق هو عدوان على حرية الإنسان ويعتبر جريمة ضد إنسانية الإنسان وحقه فى الحياة ولا يوجد تعويض – أيا كان مداه وقيمته – يجبر هذه الأضرار المعنوية لاستحالة إعادة الحال الى ما كانت عليه ولذلك فان التعويض عن الأضرار المعنوية والأدبية هو تعويض رمزى فى جميع الأحوال وترى المحكمة تقدير مبلغ – 21000 جنية ( فقط واحد وعشرون ألف جنية ) تعويضا شاملا لكافة عناصر الأضرار المادية والأدبية التى لحقت بالمدعى من جراء قرار الاعتقال خلال الفترة من 14/10/94 حتى تاريخ رفع الدعوى فى 3/10/2002.

      ومن حيث إنه عن مصروفات الدعوى فتلزم بها جهة الإدارة بحسبانها خاسر الدعوى  عملا بنص المادة 184 من قانون المرافعات .

بنـــــاء عليــــه

     حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا ، وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدى للمدعى مبلغ وقدره – ر21000 ج ( واحد وعشرون الف جنية ) وإلزام  الجهة الإدارية بالمصروفات ..

   سكرتير المحكمة                                            رئيس المحكمة

 

 

 

 

 

عزة

 

 

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى