مبادئ و احكـاممجلس الدولة

فتاوى مجلس الدولة – الفتوى رقم 626

بسم ا لله الرحمن الرحيم

 

مجلس الدولة

 

رقم التبليغ :

 

الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع

 

بتاريـــــــخ :

    /     / 2007

 

 

ملف رقم :

86

/

6

/

626

 

فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور / شيخ الأزهر   

 

                     تحية طيبة.. وبعد،

 

      فقد اطلعنا علىكتابكم رقم 653 بتاريخ 12/2/2007م فى شأن طلب الإفادة بالرأى حول كيفية حساب غرامة التأخير المستحقة على الجمعية التعاونية لأهالى كفر غطاطى لعدم قيامها بتوريد صنف الحلاوة الطحينية المتعاقد على توريدها مع منطقة الشرقية الأزهرية.

 

      وحاصل واقعات الموضوع ـ حسبما يبين من الأوراق ـ أنه سبق للأزهر الشريف أن أعلن عن مناقصة عامة لتوريد وجبة غذائية جافة لطلاب المعاهد الأزهرية بالمناطق الأزهرية المختلفة للعام الدراسى 2002/2003 ، وقد تم ترسية المناقصة بالنسبة لمنطقة الشرقية الأزهرية على الجمعية التعاونية الاستهلاكية لأهالى كفر غطاطى. وبتاريخ 18/9/2002م تم إبرام العقد الخاص بهذه العملية، والذى تضمن البند التمهيدى له، أن كراسة الشروط والمواصفات التى تم طرح العملية على أساسها تعد جزءاً    لايتجزأ من العقد. وبتاريخ 15/2/2003م، وأثناء تنفيذ العقد توقفت الجمعية المتعاقد معها عن توريد أحد أصناف الوجبة الغذائية، وهو صنف الحلاوة الطحينية، خلال المدة من 15/2/2003م حتى 15/4/2003م، فقامت المنطقة الأزهرية برفض كامل الوجبة، كما قامت بتوقيع غرامة عدم التوريد على الجمعية على أساس عدم توريد كامل أصناف الوجبة .

 وبتاريخ 6/5/2003 تقدمت الجمعية المذكورة بشكوى إلى فضيلتكم  لإلغاء الغرامة الموقعة عليها، على سند من أنها طلبت من المسئولين استبدال صنف الحلاوة الطحينية بصنف آخر، طبقاً لنص الفقرة (9) من البند الخامس من الباب الثانى من كراسة الشروط، إلا أن طلبها قوبل بالرفض.     وعلى أثر تقديم هذه الشكوى قام الأزهر الشريف بتشكيل لجنة لبحث الموضوع، حيث انتهـــت

(2)      

تابع الفتوى رقم  :

86

/

6

/

626

 

إلى إعادة حساب غرامة عدم التوريد الموقعة على الجمعية لتكون على أساس عدم توريد صنف الحلاوة الطحينية فقط دون كامل الوجبة. وقد اعتمد شيخ الأزهر أعمال تلك اللجنة ، الأمر الذى حدا بمنطقة الشرقية الأزهرية، إعمالاً لذلك، إلى رد فرق الغرامات السابق تحصيلها من الجمعية ، إلا أنه أثناء قيام شعبة التعليم العالى والبحث العلمى والأزهر بالجهاز المركزى للمحاسبات بمراجعة مستندات منطقة الشرقية الأزهرية عن الفترة من أبريل حتى يونيو 2004 م ارتأت أن قيام الأزهر برد الغرامات السابق خصمها من مستحقات الجمعية التعاونية المذكورة تم بالمخالفة للقانون، وذلك على النحو الذى أورده الجهاز بتقريره ، لذلك طلب الجهاز عرض الموضوع على إدارة الفتوى المختصة بمجلس الدولة. وبعرضه على إدارة الفتوى لوزارة الصحة والأوقاف انتهت إلى أنه كان يتعين عرض أمر إعفاء    الجمعية التعاونية الاستهلاكية لأهالى كفر غطاطى من غرامة التوريد على إدارة الفتوى المختصة           بمجلس الدولة .

 

         وإذ ارتأت الإدارة المركزية للشئون القانونية بالأزهر الشريف أن الرأى الذى انتهت إليه إدارة الفتوى لم يحسم الأمر المتنازع عليه، بحسبان أن  إدارة الفتوى لم تتطرق إلى بحث موضوع الخلاف محل طلب الرأى الماثل ، لذلك طلبتم فضيلتكم عرض الموضوع على الجمعية العمومية .

 

ونفيد أن الموضوع عرض على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة    فى 20 من يونية 2007م، الموافق 4 من جمادى الآخر سنة 1428 هـ، فاستبان لها أن  القانون المدنى، ينص فى المادة (147) منه على أن ” العقد شريعة المتعاقدين ، فلا يجوز نقضه       أو تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التى يقررها القانون “، و ينص  فى المادة (148) منه على أن ” يجب تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية “. وأن قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998، ينص         فى المادة (23) منه على أن ” إذا تأخر المتعاقد فى تنفيذ العقد عن الميعاد المحدد له، جاز للسلطة المختصة لدواعى المصلحة العامة إعطاء المتعاقد مهلة إضافية لإتمــــام

 

(3)      

تابع الفتوى رقم  :

86

/

6

/

626

 

التنفيذ، على أن توقع عليه غرامة عن مدة التأخير طبقاً للأسس وبالنسب وفى الحدود التى تبينها اللائحة التنفيذية …”. وأن اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 1367 لسنة 1998، تنص فى المادة (94) منها على أن ” إذا تأخر المورد فى توريد كل الكميات المطلوبة أو جزء منها فى الميعاد المحدد بالعقد ـ ويدخل فى ذلك الأصناف المرفوضة ـ فيجوز للسلطة المختصة إذا اقتضت المصلحة العامة إعطاء مهلة إضافية للتوريد على أن توقع عليه غرامة تأخير عن هذه المهلة بواقع (1%) عن كل أسبوع تأخير أو جزء من أسبوع من قيمة الكمية التى يكون قد تأخر فى توريدها وبحد أقصى (3%) من قيمة الأصناف المذكورة . وفى حالة عدم قيام المورد فى الميعاد المحدد بالعقد أو خلال المهلة الإضافية فعلى الجهة الإدارية أن تتخذ أحد الإجراءين التاليين طبقاً لما تقرره السلطة المختصة وفقاً لما تقتضيه مصلحة العمل … (أ) شراء الأصناف التى لم يقم المورد بتوريدها من غيره على حسابه بذات الشروط والمواصفات المعلن عنها والمتعاقد عليها بأحد الطرق المقررة بقانون تنظيم المناقصات والمزايـدات .”.

 

         واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم ـ حسبما جرى به إفتاؤها ـ أن المشرع استن أصلاً  من أصول القانون ينطبق فى العقود المدنية والإدارية على حدٍ سواء، مقتضاه أن العقد شريعة المتعاقدين، ومن ثم فإنه بانعقاد العقد صحيحاً يصير كل من أطرافه ملتزماً بتنفيذ ما اتفق عليه، ولا يكون لأى منهم التحلل من التزاماته بإرادته المنفردة. وأن تنفيذه يجب أن يكون طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق      مع مقتضيات حسن النية، كما أن غرامات التأخير المقررة قانوناً، وتلك التى يتم النص عليها فى العقود الإدارية، هى جزاء قصد به ضمان وفاء المتعاقد مع الإدارة بالتزامه فى المواعيد المتفق عليها، حرصاً    على حسن سير المرفق العام بانتظام واطراد. وأن استحقاق هذه الغرامات لا يتوقف على ثبوت وقوع ضرر للإدارة من جراء إخلال المتعاقد معها بالتزامه، و لا يعفى منها إلا إذا أثبت أن إخلاله بالتزامه يرجع إلى القوة القاهرة أو إلى خطأ جهة الإدارة المتعاقد معها. وقد حدد المشرع نسبة غرامة التأخـير

 

(4)      

تابع الفتوى رقم  :

86

/

6

/

626

 

التى يجوز توقيعها على المتعاقد عن إخلاله بالتزامه بحدين أدنى وأقصى، بيد أن ذلك التحديد ليس       من النظام العام، فإذا تضمن العقد المبرم مع جهة الإدارة نسباً أخرى لهذه الغرامة، فلا مناص          من الإلتزام بأحكامه، إعلاءً لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين الذى يقضى بأن تقوم قواعده بالنسبة لطرفيه مقام قواعد القانون .

 

        كما استظهرت الجمعية العمومية من  مطالعة كراسة شروط توريد الوجبة الغذائية الجافة     المشار إليها، أن الباب السادس منها ـ والذى جاء تحت عنوان الغرامات ـ  نظم فى الفقرة (1)      من البند ثانيـاً (أ) حالة تخلف المورد عن توريد أحد الأصناف التى تشملها الوجبة الغذائية، فألزم جهة الإدارة بتوقيع غرامة عدم توريد مقدارها خمسة جنيهات عن الصنف الذى لم يتم توريده فقط، دون كامل أصناف الوجبة، بما مؤداه أن تخلف المورد عن توريد أحد أصناف الوجبة، لا يستتبع لزوماً  رفض كامل الوجبة، ما لم يثبت استحالة الانتفاع بالوجبة بشكل متوازن دون الصنف الذى لم يتم توريده، وهو الحكم  الذى تناولته الفقرة الرابعة من البند السادس من الباب الثانى من كراسة الشروط، حال عدم توريد الخبز ضمن مكونات الوجبة ، حيث رتب على ذلك رفض كامل الوجبة، بحسبان أن الخبز عنصر أساسى فيها لا يمكن بدونه الانتفاع بها .

 

         ولما كان ما تقدم ـ وكان الثابت من الأوراق ـ أنه بتاريخ 18/9/2002 أُبرم عقد التوريد محل طلب الرأى الماثل بين منطقة الشرقية الأزهرية، وبين الجمعية التعاونية الاستهلاكية لأهالى كفر غطاطى، والذى أحال فى البند التمهيدى منه إلى كراسة الشروط التى تم طرح العملية على أساسها، بحسبانها جزء لا يتجزأ من العقد، وبتاريخ 15/2/2003 أثناء التنفيذ، توقفت الجمعية المذكورة عن توريد أحد أصناف الوجبة الغذائية الجافة، وهو الحلاوة الطحينية، وذلك بالنسبة لبعض المعاهد بالمنطقة الأزهرية المتعاقد معها، واستمر ذلك حتى تاريخ 15/4/2003م، ومن ثم فإنه إعمالا للعقد المشار إليه، ما كان يجوز لمنطقة الشرقية رفض الوجبة بالكامل، وما كان يجوز لها تبعاً لذلك توقيع غرامة عدم التوريد عن كامل قيمة الوجبة الغذائية .وذلك باعتبار أن الصنف الذى تخلفت الجمعية عن توريده (الحلاوة الطحينية) ليس من الأصناف التى يترتب على عدم تقديمها طبقاً للعقد استحالة الانتفـــاع

 

(5)      

تابع الفتوى رقم  :

86

/

6

/

626

 

بالوجبة حسبما سبق بيانه، هذا فضلاً عن إمكانية شراء هذا الصنف أو استبداله على حساب المورد، وبالتالى يكون ما قامت به جهة الإدارة والمعتمد من السلطة المختصة، والحالة هذه، من  تدارك ذلك الخطأ، وإعادة احتساب الغرامة الواجب توقيعها على الجمعية الموردة لتكون على أساس عدم توريد صنف الحلاوة الطحينية فقط تم متفقاً وصحيح حكم القانون، التزاماً بالعقد المشار إليه.

 
لـــــــــــــذلــــــــــــك

 

انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى أن حساب غرامة التأخير المستحقة فى الحالة المعروضة يكون على أساس قيمة الحلاوة الطحينية فقط، وذلك على النحو المبين بالأسباب.

 

 

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام

 

تحريراً فى    /     / 2007

 

 

سهير // فاطمة

رئيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع

 

 

المستشار / نبيل ميرهم

النائب الأول لرئيس مجلس الدولة

 

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى