موسوعة المحكمه الاداريه العليا

تعيين القضاة الشرعيين

 

تعيين القضاة الشرعيين

=================================

الطعن رقم  1177     لسنة 05  مكتب فنى 07  صفحة رقم 355

بتاريخ 24-02-1962

الموضوع : قاضى

فقرة رقم : 1

إن تخصيص القضاء الشرعى بمذهب أبى حنيفة لا يستتبع ألا يولى القضاء الشرعى إلا الأحناف وحدهم ، فإشترط مذهب معين للقضاء به لا يستلزم أن يكون القاضى من أرباب هذا المذهب ، و مرد ذلك إلى تقصى أصل السلطة القضائية فى الإسلام ، فإنها لم تكن مستقلة عن السلطة التنفيذية ، إذ كان الخليفة يجمع بينهما و هو الذى يولى القضاة و يعزلهم و يجوز أن يلى القضاء بنفسه . فلما إتسعت شئون الملك و كثر عمال الخليفة صار الخلفاء يولون القضاة فى الإمصار و الأقاليم ، و صار القضاء يستقل شيئاَ فشيئاً حتى كسب له وجوداً متميزاً عن نطاق السلطة التنفيذية ، و لما إندمجت مصر فى الدولة الإسلامية بالفتح العربى حلت الشريعة الإسلامية فيه محل الشريعة الرومانية فإزداد عدد الفقهاء و تضاعف المجتهدون . و كان القضاء على المذهب السائد فى الأقليم ، ففى مصر ساد المذهب الشافعى بادئ الأمر و ذلك إلى أن تملك الفاطميون الأمر ، فساد مذهب الشيعة ، و عاد المذهب الشافعى بزوال الدولة الفاطمية ، و لما ولى الظاهر بيبرس عين أربعة قضاة من المذاهب الأربعة و أصبح لكل قاض منهم نواب فى الأقاليم بمذهبه ، فلما جاء العثمانيون حصروا القضاء الشرعى فى مذهب أبى حنيفة و ولوا قاضياً شرعياً منهم تنتدبه حكومة الإستانة فى هذه الديار حتى أعلنت مصر من جانبها فى 5 من نوفمبر سنة 1914 الإنفصال عن تركيا و سلمت تركيا و إعترفت بهذا الإنفصال فى 31 من أغسطس سنة 1924 تاريخ نفاذ معاهدة لوزان .

و على مقتضى ذلك الذى كان سائداً على النحو السالف عرضه ، كان من المنطقى أن تنص المادة العاشرة من لائحة المحاكم الشرعية الصادرة فى 17 من يونيه سنة 1880 على أنه ” يجب أن تكون الأحكام مبنية على أرجح الأقوال فى مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان رضى الله عنه و لا يعدل عنه إلى غيره ” . و ظاهر من النص المذكور أنه لم يتعرض لمذهب القاضى ، أما طريقة إختيار القضاء الشرعى فقد أخذت أطواراً مختلفة بإختلاف الأزمنة و الظروف . فلم يكن بلائحة يونية سنة 1880 ما يشير إلى ضرورة أن يكون القاضى الشرعى من الأحناف و ليس فى قوانين الجامع الأزهر الشريف القديمة منذأول فبراير سنة 1872 لغاية أول نوفمبر سنة 1896 ما يفيد ذلك إذ لم تتعرض هذه القوانين لشئ سوى بيان من يكون أهلاً للتدريس فى الجامع الأزهر .

و فى 10 من ديسمبر سنة 1891 صدر أول نص تشريعى يوجب أن يكون القاضى الشرعى حنفياً ، و ذلك هو القرار الصادر من ناظر الحقانية – المنشور فى ص 53 جزء ثالث من قاموس الإدارة و القضاء – و لكن هذا القرار قد ألغته اللائحة الصادرة فى سنة 1910 و التى ألغت كذلك لائحة سنة 1880 لتحل محلها ، و بذلك ما لبث أن إندثر أول نص تشريعى كان يقضى بأن يكون القاضى الشرعى حنفى المذهب .

و قد صدرت أول لائحة بترتيب المحاكم الشرعية و الإجراءات المتعلقة بها بمقتضى دكريتو 27 من مايو سنة 1897 و جاءت خالية من أى نص صريح أو ضمنى يوصى بضرورة أن يكون القاضى الشرعى من الأحناف ، على أنه فى عام 1920 صدر القانون رقم “24” فأدخل تعديلاً فى نص المادة “280” من هذه اللائحة القديمة فصارت على النحو الآتى : ” يجب أن تكون الأحكام بأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة ، و بما دون بهذه اللائحة و بمذهب أبى يوسف عند إختلاف الزوجين ، فى مقدار المهر و مع ذلك فإن المسائل المنصوص عليها فى القانون رقم “25” لسنة 1920 الخاص بأحكام النفقة و بعض مسائل الأحوال الشخصية يكون الحكم فيها طبقاً لأحكام ذلك القانون ” . و على الرغم من أن المادة “13” من لائحة سنة 1897 قد بينت المقومات اللازمة فى القاضى الشرعى و منها الدراية الكافية بالأحكام الشرعية ، و أن يكون حائزاً لشهادة العالمية من الجامع الأزهر أو من إحدى الجهات المصرح بها من مشيخة الجامع الأزهر بإعطاء الشهادات المذكورة أو أن يكون حائزاً لشهادة اللياقة للقضاء أو الإفتاء من مدرسة دار العلوم و لم تشترط هذه المادة على الإطلاق أن يكون القاضى الشرعى حنفياً و مع ذلك فقد نصت المادة “19” من هذه اللائحة لسنة 1897على وجوب مراعاة شروط مخصوصة فيمن يرشح للدخول فى وظيفة القضاء الشرعى يصدر بها دكريتو . و ثابت أن هذا الدكريتو لم يصدر إلى الآن . و كان يتعين صدور مثل هذا الدكريتو لوضع ضابط يرد الأوضاع إلى سند من القانون سليم كما جرى عليه الحال فى شأن قضاة المحاكم الأهلية المصرية و أعضاء النيابة فيها . و لما كان حكم المادة “19” من لائحة 1897 لم ينفذ حتى صدرت لائحة سنة 1931 و ألغت اللائحة القديمة بأسرها فقد ظل حكم المادة “13” قائماً سارى المفعول فى صفات و مقومات المرشحين للقضاء الشرعى إلى أن لحق هذه المادة أيضاً الإلغاء و ذلك بصدور المرسوم بقانون رقم “78” فى 12 من مايو سنة 1931 مشتملاً على اللائحة الجديدة بترتيب المحاكم الشرعية و الإجراءات المتعلقة بها . و نصت المادة الأولى منه على إلغاء لائحة 27 من مايو سنة 1897 و القوانين المعدلة لها . و من عجب المادة “19” من هذه اللائحة الجديدة لسنة 1931 قد نصت من جديد أيضاً على أن ” شروط التعيين فى وظيفة القضاء الشرعى تبين بقانون ” و لم يصدر هذا القانون حتى الآن ، بل لم يعد اليوم محل لإصداره بعد إلغاء المحاكم الشرعية و المحاكم الملية بالقانون رقم “462” لسنة 1955 .

و حاصل هذا التقصى الدقيق لتطور التشريع الخاص بالمحاكم الشرعية حتى يوم إلغائها سنة 1955 أنه لا يوجد تشريع ينص على إشتراطات خاصة فى من يعين قاضياً بالمحاكم الشرعية . و ما جرى عليه العمل منذ عام 1897 من تعيين الحاصلين على شهادة العالمية حتى يومنا هذا مرده القانونى إلى إستمرار قيام المادة “13” من لائحة سنة 1897 لغاية 12 من مايو سنة 1931 كما أن مرده كذلك إلى تقاعس المشرع عن تنفيذ ما أمرت به المادة “19” من لائحتى المحاكم الشرعية القديمة و الحديثة . و ظل حكم المادة 13 سارى المفعول على الرغم من قيام قوانين الجامع الأزهر الصادرة سنة 1908 ثم سنة 1911 ثم سنة 1923 و فى ذلك دلالة كل الدلالة على أن ما ورد ذكره بقوانين الأزهر عن ما تؤهل له شهادة العالمية و حتى شهادة العالمية مع التخصيص أو الإجازة لم يكن المقصود منه قصر وظائف القضاء الشرعى على حامل شهادة العالمية مع التخصص أو الإجازة و لم يكن المقصود منه قصور هذا القضاء على أصحاب المذهب الحنفى ، و إنما الحق هو أن سيقت قوانين الأزهر و نصوصه التى تعرضت للقضاء الشرعى و من يشغل وظائفه ، سيقت لمجرد بيان ما تؤهل له تلك الشهادات .

 

 

=================================

الطعن رقم  1177     لسنة 05  مكتب فنى 07  صفحة رقم 355

بتاريخ 24-02-1962

الموضوع : قاضى

الموضوع الفرعي : تعيين القضاة الشرعيين

فقرة رقم : 1

إن تخصيص القضاء الشرعى بمذهب أبى حنيفة لا يستتبع ألا يولى القضاء الشرعى إلا الأحناف وحدهم ، فإشترط مذهب معين للقضاء به لا يستلزم أن يكون القاضى من أرباب هذا المذهب ، و مرد ذلك إلى تقصى أصل السلطة القضائية فى الإسلام ، فإنها لم تكن مستقلة عن السلطة التنفيذية ، إذ كان الخليفة يجمع بينهما و هو الذى يولى القضاة و يعزلهم و يجوز أن يلى القضاء بنفسه . فلما إتسعت شئون الملك و كثر عمال الخليفة صار الخلفاء يولون القضاة فى الإمصار و الأقاليم ، و صار القضاء يستقل شيئاَ فشيئاً حتى كسب له وجوداً متميزاً عن نطاق السلطة التنفيذية ، و لما إندمجت مصر فى الدولة الإسلامية بالفتح العربى حلت الشريعة الإسلامية فيه محل الشريعة الرومانية فإزداد عدد الفقهاء و تضاعف المجتهدون . و كان القضاء على المذهب السائد فى الأقليم ، ففى مصر ساد المذهب الشافعى بادئ الأمر و ذلك إلى أن تملك الفاطميون الأمر ، فساد مذهب الشيعة ، و عاد المذهب الشافعى بزوال الدولة الفاطمية ، و لما ولى الظاهر بيبرس عين أربعة قضاة من المذاهب الأربعة و أصبح لكل قاض منهم نواب فى الأقاليم بمذهبه ، فلما جاء العثمانيون حصروا القضاء الشرعى فى مذهب أبى حنيفة و ولوا قاضياً شرعياً منهم تنتدبه حكومة الإستانة فى هذه الديار حتى أعلنت مصر من جانبها فى 5 من نوفمبر سنة 1914 الإنفصال عن تركيا و سلمت تركيا و إعترفت بهذا الإنفصال فى 31 من أغسطس سنة 1924 تاريخ نفاذ معاهدة لوزان .

و على مقتضى ذلك الذى كان سائداً على النحو السالف عرضه ، كان من المنطقى أن تنص المادة العاشرة من لائحة المحاكم الشرعية الصادرة فى 17 من يونيه سنة 1880 على أنه ” يجب أن تكون الأحكام مبنية على أرجح الأقوال فى مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان رضى الله عنه و لا يعدل عنه إلى غيره ” . و ظاهر من النص المذكور أنه لم يتعرض لمذهب القاضى ، أما طريقة إختيار القضاء الشرعى فقد أخذت أطواراً مختلفة بإختلاف الأزمنة و الظروف . فلم يكن بلائحة يونية سنة 1880 ما يشير إلى ضرورة أن يكون القاضى الشرعى من الأحناف و ليس فى قوانين الجامع الأزهر الشريف القديمة منذأول فبراير سنة 1872 لغاية أول نوفمبر سنة 1896 ما يفيد ذلك إذ لم تتعرض هذه القوانين لشئ سوى بيان من يكون أهلاً للتدريس فى الجامع الأزهر .

و فى 10 من ديسمبر سنة 1891 صدر أول نص تشريعى يوجب أن يكون القاضى الشرعى حنفياً ، و ذلك هو القرار الصادر من ناظر الحقانية – المنشور فى ص 53 جزء ثالث من قاموس الإدارة و القضاء – و لكن هذا القرار قد ألغته اللائحة الصادرة فى سنة 1910 و التى ألغت كذلك لائحة سنة 1880 لتحل محلها ، و بذلك ما لبث أن إندثر أول نص تشريعى كان يقضى بأن يكون القاضى الشرعى حنفى المذهب .

و قد صدرت أول لائحة بترتيب المحاكم الشرعية و الإجراءات المتعلقة بها بمقتضى دكريتو 27 من مايو سنة 1897 و جاءت خالية من أى نص صريح أو ضمنى يوصى بضرورة أن يكون القاضى الشرعى من الأحناف ، على أنه فى عام 1920 صدر القانون رقم “24” فأدخل تعديلاً فى نص المادة “280” من هذه اللائحة القديمة فصارت على النحو الآتى : ” يجب أن تكون الأحكام بأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة ، و بما دون بهذه اللائحة و بمذهب أبى يوسف عند إختلاف الزوجين ، فى مقدار المهر و مع ذلك فإن المسائل المنصوص عليها فى القانون رقم “25” لسنة 1920 الخاص بأحكام النفقة و بعض مسائل الأحوال الشخصية يكون الحكم فيها طبقاً لأحكام ذلك القانون ” . و على الرغم من أن المادة “13” من لائحة سنة 1897 قد بينت المقومات اللازمة فى القاضى الشرعى و منها الدراية الكافية بالأحكام الشرعية ، و أن يكون حائزاً لشهادة العالمية من الجامع الأزهر أو من إحدى الجهات المصرح بها من مشيخة الجامع الأزهر بإعطاء الشهادات المذكورة أو أن يكون حائزاً لشهادة اللياقة للقضاء أو الإفتاء من مدرسة دار العلوم و لم تشترط هذه المادة على الإطلاق أن يكون القاضى الشرعى حنفياً و مع ذلك فقد نصت المادة “19” من هذه اللائحة لسنة 1897على وجوب مراعاة شروط مخصوصة فيمن يرشح للدخول فى وظيفة القضاء الشرعى يصدر بها دكريتو . و ثابت أن هذا الدكريتو لم يصدر إلى الآن . و كان يتعين صدور مثل هذا الدكريتو لوضع ضابط يرد الأوضاع إلى سند من القانون سليم كما جرى عليه الحال فى شأن قضاة المحاكم الأهلية المصرية و أعضاء النيابة فيها . و لما كان حكم المادة “19” من لائحة 1897 لم ينفذ حتى صدرت لائحة سنة 1931 و ألغت اللائحة القديمة بأسرها فقد ظل حكم المادة “13” قائماً سارى المفعول فى صفات و مقومات المرشحين للقضاء الشرعى إلى أن لحق هذه المادة أيضاً الإلغاء و ذلك بصدور المرسوم بقانون رقم “78” فى 12 من مايو سنة 1931 مشتملاً على اللائحة الجديدة بترتيب المحاكم الشرعية و الإجراءات المتعلقة بها . و نصت المادة الأولى منه على إلغاء لائحة 27 من مايو سنة 1897 و القوانين المعدلة لها . و من عجب المادة “19” من هذه اللائحة الجديدة لسنة 1931 قد نصت من جديد أيضاً على أن ” شروط التعيين فى وظيفة القضاء الشرعى تبين بقانون ” و لم يصدر هذا القانون حتى الآن ، بل لم يعد اليوم محل لإصداره بعد إلغاء المحاكم الشرعية و المحاكم الملية بالقانون رقم “462” لسنة 1955 .

و حاصل هذا التقصى الدقيق لتطور التشريع الخاص بالمحاكم الشرعية حتى يوم إلغائها سنة 1955 أنه لا يوجد تشريع ينص على إشتراطات خاصة فى من يعين قاضياً بالمحاكم الشرعية . و ما جرى عليه العمل منذ عام 1897 من تعيين الحاصلين على شهادة العالمية حتى يومنا هذا مرده القانونى إلى إستمرار قيام المادة “13” من لائحة سنة 1897 لغاية 12 من مايو سنة 1931 كما أن مرده كذلك إلى تقاعس المشرع عن تنفيذ ما أمرت به المادة “19” من لائحتى المحاكم الشرعية القديمة و الحديثة . و ظل حكم المادة 13 سارى المفعول على الرغم من قيام قوانين الجامع الأزهر الصادرة سنة 1908 ثم سنة 1911 ثم سنة 1923 و فى ذلك دلالة كل الدلالة على أن ما ورد ذكره بقوانين الأزهر عن ما تؤهل له شهادة العالمية و حتى شهادة العالمية مع التخصيص أو الإجازة لم يكن المقصود منه قصر وظائف القضاء الشرعى على حامل شهادة العالمية مع التخصص أو الإجازة و لم يكن المقصود منه قصور هذا القضاء على أصحاب المذهب الحنفى ، و إنما الحق هو أن سيقت قوانين الأزهر و نصوصه التى تعرضت للقضاء الشرعى و من يشغل وظائفه ، سيقت لمجرد بيان ما تؤهل له تلك الشهادات .

 

 

=================================

 

 

 

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى