موسوعة المحكمه الاداريه العليا

فى الطعن رقم 7335 لسنة 47القضائية. عليا

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

الدائرة الأولى / موضوع

*************

 

بالجلسة المنعقدة علناً في يوم الأحد الموافق 14/9/2003م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار / على فكرى حسن صالح

                                                                     نائب رئيس مجلس الدولة

 

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين يحيى خضرى نوبى محمد و د/ محمد ماجد محمود أحمد و أحمد عبد الحميد حسن عبود و أحمد حلمى محمد أحمد حلمى.

    نواب رئيس مجلس الدولة

 

وبحضور السيد الأستاذ المستشار / حتة محمود حتة              مفـــــوض الدولــة

 

وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس                               سكرتير المحكـــمة

 

**************************

 

أصدرت الحكم الآتى

فى الطعن رقم 7335 لسنة 47القضائية. عليا

المقـــام من
  • النائب العام ” بصفته “
  • وزير العدل ” بصفته “

 

ضــــــــــــــد

رانى مــاهر توفــيق عبد المسيح                                     *******************

 

 

فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري ” الدائرة الأولى “

فى الدعوى رقم 594 لسنة 55 ق بجلسة 13/3/2001

 

******************

 

 

الإجـــــــراءات :

*************

 

فى يوم الاثنين الموافق 7/5/2001 أودع الأستاذ/ أحمد رجب ماضى المستشار المساعد بهيئة قضايا الدولة نائباً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 7335 لسنة 47ق.عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهـــــرة ” الدائرة الأولى ” فى الدعـــوى رقـــم 594 لسنة 55ق. بجلســــة 13/3/2001 والقاضى منطوقه: ( برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً، وباختصاصها وبقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب، وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى موضوعها.

 

وطلب الطاعنان بصفتيهما – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه والقضاء مجدداً : أصلياً: بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى.

واحتياطياً: برفض طلب وقف التنفيذ، وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى.

 

وقد جرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.

 

وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين المصروفات.

 

وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 3/3/2003 وبجلسة 5/5/2003 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ” الدائرة الأولى – موضوع ” وحددت لنظره أمامها جلسة 17/5/2003 وتدوول نظر الطعن بهذه الجلسة والجلسة التالية لها المنعقدة فى 5/7/2003 على النحو الثابت بمحضريهما، وبالجلسة الأخيرة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 14/9/2003 مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء فى شهر.

 

وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

                                        

                                   المحكمـــــــــــــة

*************

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً .

 

 

من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

 

ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة – تخلص حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 594 لسنة 55ق. أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بموجب صحيفة مودعة قلم كتابها بتاريخ 28/10/2000 بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه بمنعه من السفر، مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات والأتعاب على سند من القول بأن الطاعن أصدر قراراً بمنعه من السفر استناداً إلى الدعوى المقامة من السيدة/ منى محمد عثمان بطريق الادعاء المباشر والمقيدة تحت رقم 17793 لسنة 1999/جنح مصر القديمة وموضوعها إصدار شيك لها بمبلغ مليون جنيه على ورقة شيك مكتبية بتاريخ 25/4/1999 , ناعياً على القرار الطعين مخالفته لحكم الدستور والقانون و ينطوي على إساءة لاستعمال السلطة كما أن الدعوى التى تم منعه من السفر بسببها محل شك نظراً للخلافات التى بين والد المدعى وصاحبة الدعوى وهى كثرة المشاكل والمنازعات، فضلاً عن أنه طالب ويستكمل دراسته فى السنة النهائية بكلية الأعمال بجامعة لوس أنجلوس، وبسبب ذلك فإن استمرار قرار منعه من السفر يلحق به أضراراً كثيرة.

 

وبجلسة 13/3/2001 أصدرت محكمة القضاء الإداري ” الدائرة الأولى ” حكمها المطعون فيه، وأقامت المحكمة قضاءها برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها – بعد استعراض نص المادة 41 من الدستور – تأسيساً على أنه ما دام لم يصدر قانون ينظم حالات وشروط وإجراءات المنع من السفر، فإن النيابة العامة عندما تصدر مثل هذا القرار لا تكون إلا بمثابة شعبة أصيلة من شعب السلطة التنفيذية وذلك لحين صدور القانون الذى أشارت إليه المادة 41 آنفة الذكر.وعلى ذلك فإنه عندما تصدر النيابة العامة قرار المنع من السفر بهذه الصفة، فإنه يكون خاضعاً لرقابة القضاء الإداري ومن ثم يصبح هذا الدفع فى غير محله.

 

كما شيدت المحكمة قضاءها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه – بعد استعراض نصوص المواد 41و50و51و52من الدستور – على أن البادي من الأوراق أن النيابة العامة أصدرت القرار المطعون فيه بناء على الطلب الذى قدم إليها من المدعوة/ منى محمد عثمان لمنع المدعى من السفر لقيامها برفع جنحة مباشرة عليه بادعاء أنه أصدر لصالحها شيكاً بدون رصيد، وإنه لم يكن ثمة تحقيق تجريه النيابة العامة بمناسبة واقعة الشيك بدون رصيد ولكن كل ما كان مطروحاً عليها هو إحالة المدعى إلى الطب الشرعى لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحسم الطعن على الشيك ( محل الجريمة ) بالتزوير، كما أن جنحة الشيك بدون رصيد والمقيدة تحت رقم 17793 لسنة 99/ جنح مصر القديمة كانت مطروحة أمام المحكمة المختصة وفى حوزتها، ولما كان اختصاص النيابة العامة يقف عندما يطرح الأمر على المحكمة المختصة لتقول فيه كلمتها، ومن ثم ينتقل الاختصاص بالمنع من السفر – إن كان له ما يبرره ويقتضيه – إلى المحكمة التى تختص بنظر الموضوع، وإن القول بغير ذلك يطلق يد النيابة العامة فى إصدار أوامر المنع من السفر دون ضابط، وفى أمر يتعلق بأحد الحقوق الدستورية للمواطنين، مما يرجح معه الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه بما يتحقق به ركن الجدية كما أن ركن الاستعجال متوافر فى الدعوى إذ إن الأمر يتعلق بحق التنقل و السفر، وهو من الحقوق اللصيقة بالإنسان وكفلها له الدستور، كما كفلتها كل المواثيق الدولية، وحيث إن المساس أو الانتقاص بحق من الحقوق الدستورية التى كفلها الدستور يجعل ركن الاستعجال قائماً دائماً هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن المدعى قدم ما يفيد أنه طالب علم بالخارج، وإنه مطلوب للالتحاق بدراسته على وجه السرعة مما يتعين معه الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.

 

ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه لأحكام القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله للسببين التاليين:

  • عدم اختصاص مجلس الدولة بنظر النزاع الماثل تأسيساً على أن سلطة النيابة العامة فى تقييد الحرية الشخصية ومنع شخص ما من التنقل مستمدة مباشرة من الدستور وهذه السلطة ليست فى حاجة إلى قانون ما يوضح كيفية ممارسة النيابة العامة لها إلى جانب قانون الإجراءات الجنائية الذى نظم هذه الإجراءات ومن ثم فلا يسوغ القول إن الاجراء الجنائى الذى تتخذه النيابة العامة لاستكمال تحقيق لديها بمنع أحد الأشخاص من السفر لاستكمال التحقيق أو بدئه أو التحضير له هو قرار إداري بل إنه قرار قضائى بحت صادر عن النيابة العامة باعتبارها الأمينة على الدعوى الجنائية وسلطة التحقيق فيها وبالتالى فإن النزاع بشأن هذا القرار يخرج عن اختصاص مجلس الدولة.
  • وفيما يتعلق بالموضوع فإن القرار المطعون فيه الصادر من النائب العام بإدراج اسم المطعون ضده على قوائم الممنوعين من السفر وترقب الوصول قد صدر ممن هو مختص بإصداره وفى الحالات التى يجوز فيها قانوناً ولأسباب تبرره ومن ثم يضحى هذا القرار بمنأى عن الإلغاء وينتفى بذلك ركن الجدية اللازم توافره لقبول طلب وقف التنفيذ مع الأخذ فى الاعتبار أن هذا القرار هو قرار قضائى وليس قراراً إدارياً بدعوى أنه إذا كانت النيابة العامة لم تجر تحقيقاً فى القضية المتهم فيها المطعون ضده فإن ذلك يرجع إلى أن جنحة الشيك بدون رصيد أقيمت ضد المطعون ضده بمعرفة السيدة/ منى محمد عثمان بطريق الادعاء المباشر وفقاً لنص المادة 232 من قانون الإجراءات الجنائية فإن التحقيق ينتقل إلى المحكمة ولما كان المطعون ضده قد دفع الاتهام بالتزوير فإن سلطة تحقيق هذا الأمر من اختصاص الطب الشرعى الذى تقوم النيابة العامة بمخاطبته بشأن واقعة التزوير التى أثيرت ولاستكمال إجراءات التحقيق فى هذه الواقعة وعلى ذلك فإن إحالة الأمر للطب الشرعى ليس إلا وسيلة من الوسائل التى خولها المشرع للنيابة العامة لتعينها على إجراء التحقيق ولما كان إجراء هذا التحقيق يستلزم استبقاء المطعون ضده حتى يتم استكمال إجراء المضاهاة والمقارنة فإن الأمر يستدعى منع المطعون ضده من السفر وترقب وصوله وإن إصدار هذا الأمر منوط بالنائب العام وإن كانت القضية مطروحة على المحكمة الجنائية.

 

ومن حيث إن البحث فى مسألة الاختصاص الولائى يعتبر دائماً مطروحاً أمام المحكمة لتعلقه بالنظام العام ولو لم يدفع به أمامها أحد الخصوم وتثيره المحكمة من تلقاء نفسها وتفصل فيه قبل أى دفع أو دفاع آخر.

 

ومن حيث إن الفصل فى مسألة الاختصاص يتوقف على بيان ما إذا كان القرار محل الطعن الصادر من النائب العام يعتبر قراراً إدارياً أو عملاً من أعمال السلطة القضائية فيخرج بالتالى من اختصاص القضاء الإداري.

 

ومن حيث إنه وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة فإن النيابة العامة هى شعبة أصيلة من السلطة القضائية تتولى أعمالاً قضائية أهمها وظيفة التحقيق التى ورثتها عن قاضى التحقيق ثم وظيفة الاتهام أمام المحاكم الجنائية حيث يتعين تمثيلها فى تشكيل هذه المحاكم وإلا كان قضاؤها باطــــلاً، وهذا ما أكــــدته المحكمـــة العلــيا ( الدستورية ) فى قرارها التفسيرى فى طلب التفسير رقم 15 لسنة 8 القضائية بجلسة 1/4/1978 ومن ثم فإن القرارات والإجراءات التى تتخذها النيابة العامة بحكم وظيفتها القضائية تعتبر من صميم الأعمال القضائية.

 

ومن حيث إنه لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن القرار محل الطعن بمنع المطعون ضده من السفر صدر من النائب العام فى إطار وظيفته القضائية، كجهاز قضائى واستناداً إلى المادة (41) من الدستورو بمناسبة تحقيق فى اتهام نسب إليه فإنه يكون قراراً قضائياً يخرج عن اختصاص القضاء الإداري.

 

ولا ينال من ذلك ما ذهبت إليه محكمة أول درجة من أن القرار الطعين صدر وكانت الدعوى الجنائية مطروحة على المحكمة المختصة وإنه لم يكن ثمة تحقيق تجريه النيابة العامة، وكل ما كان مطروحاً عليها هو إحالة المطعون ضده إلى الطب الشرعى لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحسم الطعن على الشيك ( محل الجريمة ) بالتزوير وعلى ذلك ينتقل الاختصاص بالمنع من السفر إلى تلك المحكمة ومن ثم لا يعتبر قراراً قضائياً لأن قرار النيابة العامة يعتبر قضائياً ما دام  يصدر عنها كسلطة تحقيق وبمناسبة هذا التحقيق وبسببه أياً كان وقت صدور القرار فيستوى فى ذلك أن يصدر قبل بدء التحقيق مباشرة أو أثناءه أو عند إحالة المتهم إلى المحكمة الجنائية المختصة ما دامت أنها قدرت إصدار هذا الأمر فى إطار اختصاصها القضائى وإعمالاً للسلطة المخولة لها فى ذلك بموجب المادة 41 من الدستور كما هو الشأن فى إجراءات التحقيق الأخرى كالقبض والتفتيش والحبس الاحتياطى، فتوقيت صدور القرار تقدره النيابة العامة باعتبارها السلطة القائمة بالتحقيق والاتهام والأمينة على الدعوى العمومية وهى التى تقدر ذلك تحت رقابة المحكمة الجنائية المختصة وليس من شأن هذا التوقيت أن يؤثر فى طبيعة القرار القضائية ويتحول بسببه إلى قرار إداري فلا يصح فى المنطق القانونى تغيير صفة القرار وتحويل طبيعته استناداً إلى توقيت صدوره فيكون إدارياً إذا صدر قبل تحقيق على وشك أن يبدأ ثم يعتبر قراراً قضائياً إذا صدر أثناء التحقيق، ثم يتحول مرة أخرى إلى قرار إداري إذا انتهى التحقيق وأحيل المتهم إلى المحاكمة الجنائية رغم وحدة سلطة التحقيق التى أصدرت القرار ووحدة الهدف من إصداره، وهو ضرورة ذلك للتحقيق وحسن سير العدالة، كما أن القول بغير ذلك يجعل من مسألة تحديد الاختصاص القضائى بنظر الطعن فى هذا القرار أمراً فى غاية التعقيد والصعوبة ويوجد مجالاً واسعاً للجدل والخلاف فى ذلك ويؤدى إلى تعدد جهات القضاء المختصة بالقرار الواحد الصادر ضد ذات المتهم وفى ذات التحقيق، ومن ثم فإن الصائب من القول هو أن القرار يكون قضائياً فى جميع الأحوال ما دام صادراً من النيابة العامة فى نطاق وظيفتها القضائية كسلطة تحقيق واتهام وبمناسبة التحقيق والاتهام، وفضلاً عن اختصاص النيابة العامة فى المنع من السفر بسبب التحقيق، فإن المنع من السفر يدخل فى إطار حق النيابة العامة فى تقييد حرية المتهم فى التنقل بصفة عامة ومتى كان ذلك لازماً لمصلحة التحقيق – والمتمثل فى حق النيابة العامة فى حبس المتهم احتياطياً لمصلحة التحقيق ولا شك أن حبس المتهم احتياطياً ينطوى على تقييد حريته فى التنقل داخلياً وأيضاً على منعه من السفر خارج البلاد – وإذا كان من سلطة النيابة تقييد حرية المتهم فى التنقل بصفة عامة فى الداخل وإلى الخارج – بسلطة الحبس الاحتياطي – فمن باب أولى يكون لها تقييد هذه الحرية بالنسبة للخارج فقط بمنعه من السفر للخارج دون حبسه احتياطياً – ما دام ذلك لازماً للتحقيق، وهو بذلك يعد قراراً قضائياً.

 

ومن حيث إنه لما كان ذلك وكانت محاكم مجلس الدولة غير مختصة ولائياً بنظر الطعن فى القرار محل النزاع، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله الأمر الذى يتعين معه الحكم بإلغائه والقضاء بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى.

 

ومن حيث إن الحكم بعدم الاختصاص يقتضى الإحالة إلى المحكمة المختصة إعمالاً لنص المادة (110) من قانون المرافعات الأمر الذى يتعين معه تحديد المحكمة المختصة، فى ضوء كون القرار محل الطعن قراراً قضائياً وإجراء من إجراءات التحقيق الجنائى وإعمالاً لنص المادة 68 من الدستور التى كفلت حق التقاضى للناس كافة ولنص المادة 71 من الدستور التى كفلت لكل مواطن حق التظلم أمام القضاء من الإجراء الذى قيد حريته الشخصية.

 

ومن حيث خلا التشريع القائم من نص يحدد صراحة المحكمة المختصة بالطعن فى هذا القرار الأمر الذى يتعين معه الرجوع إلى القواعد العامة فى الاختصاص القضائى بصفة عامة والاختصاص الجنائى بصفة خاصة لتحديد المحكمة المختصة.

 

وحيث إن المادة 15 من قانون السلطة القضائية تنص على أنه: ( فيما عدا المنازعات الإدارية التى يختص بها مجلس الدولة، تختص المحاكم بالفصل فى كافة المنازعات والجرائم إلا ما استثنى بنص خاص، وتبين قواعد اختصاص المحاكم فى قانون المرافعات وقانون الإجراءات الجنائية.

 

وحيث إن مؤدى ما تقدم ووفقاً لقانون الإجراءات الجنائية تعتبر المحاكم الجنائية هى صاحبة الولاية العامة فى كافة المنازعات الجنائية ( الجرائم ) إلا ما استثنى بنص خاص أسند المشرع الاختصاص القضائى فيه لجهة قضاء معينة.

 

وحيث إنه إذا أسند المشرع إلى محكمة معينة الاختصاص بنظر نزاع معين، فإنه يستهدف تخويلها دون سواها ولاية الفصل فى هذا النزاع وما يتعلق به ويتفرع عنه من منازعات وذلك تطبيقاً للأصل العام بأن قاضى الأصل هو قاضى الفرع، بحيث تكون المحكمة المختصة بالدعوى الأصلية مختصة كذلك بالمسائل المرتبطة بها أو المتفرعة عنها إلا ما يستثنى بنص خاص وذلك بهدف تركيز عناصر المنازعة فى اختصاص جهة قضائية واحدة أو محكمة واحدة بما يكفل سرعة الفصل فيها ويحول دون تقطيع أوصالها أو توزيعها بين محاكم أو جهات قضاء مختلفة قد تصدر أحكاماً متناقضة، وهذا ما أكدته المحكمة العليا ( الدستورية ) فى قرارها التفسيرى فى طلب التفسير رقم 16 لسنة 8ق. بجلسة 1/4/1978 كما أكد المشرع هذا المبدأ أو أخذ به فى المادة 23 من القانون رقم 95 لسنة 1980 بشأن حماية القيم من العيب حيث ألزم المدعى العام الاشتراكى عرض أمر المنع من السفر والأسباب التى بنى عليها الصادر من المستشار المنتدب للتحقيق وفقاً للمادة 19 – على محكمة القيم خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدوره وإلا اعتبر الأمر كأن لم يكن، كما أكده أيضاً بالنسبة لقرار النيابة منع المتهم وأسرته من التصرف فى أموالهم وإدارتها ونص فى المادة 208 مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية معدلة بالقانون رقم 174 لسنة 1998 التى ألزمت النائب العام بعرض الأمر المؤقت الصادر منه بمنع المتهم وزوجه وأولاده القصر من التصرف فى أموالهم أو إدارتها على المحكمة الجنائية المختصة – خلال سبعة أيام على الأكثر من تاريخ صدوره، لطلب الحكم بالمنع من التصرف أو الإدارة وإلا اعتبر أمر المنع كأن لم يكن، وبذلك يكون المشرع قد أكد المبدأ السابق بيانه بإسناده الاختصاص بنظر أمر المنع من السفر وأمر المنع من التصرف فى الحالتين السابقتين إلى المحكمة المختصة بالدعوى الأصلية وفقاً للقانون المنظم لهذا الاختصاص – وذلك كله تطبيقاً للقاعدة المقررة بأن قاضى الأصل هو قاضى الفرع.

 

وحيث إنه تطبيقاً لما تقدم فإن المحكمة الجنائية التى تختص بنظر الدعوى الجنائية تكون هى المختصة بنظر الطعن على قرار المنع من السفر الصادر من النائب العام ضد المتهم ( المطعون ضده ) باعتباره من الأمور المرتبطة بالدعوى والاتهام.

 

ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن السيدة/ منى محمد عثمان حركت الدعوى الجنائية ضد المطعون ضده بطريق الادعاء المباشـــر وقـــيدت برقــــم 17793 لسنة 1999 / جنح مصر القديمة واتهمته بأنه حرر لها شيكاً بمبلغ مليون جنيه على ورقة شيك مكتبية بتاريخ 25/4/1999 وأن التوقيع على هذا الشيك هو بصمة إصبعه والثابت من المستندات أنها ما زالت متداولة أمامها، فإن هذه المحكمة تكون هى المختصة بنظر الطعن على قرار المنع من السفر الصادر ضد المطعون ضده بمناسبة هذا الاتهام، الأمر الذى يتعين معه إحالة الطعن فى هذا القرار إليها للاختصاص الولائى مع إبقاء الفصل فى المصروفات.

 

 

                                 ” فلهـــــــذه الأســـــــــباب “

 

***********

حكمت المحكمة :

 

 

بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى محكمة جنح مصر القديمة للاختصاص، وأبقت الفصل فى المصروفات.

         

سكرتير المحكمــــــــة                                                 رئيس المحكمـــــــــــة 

 

 

 

          صدر هذا الحكم بالهيئة المبينة بصدرة ماعدا الأستاذ المستشار/ على فكرى حسن صالح نائب رئيس مجلس الدولة الذى حضر جلسة النطق بالحكم بدلاً من الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة الذى سمع المرافعة واشترك فى المداولة ووقع على مسودة الحكم.

 

نوال//

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى