موسوعة المحكمه الاداريه العليا

فى الطعن رقم 6887 لسنة 45 القضائية . عليا

      بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

الدائرة الأولى

********

بالجلسة المنعقدة علناً يوم السبت الموافق 1/3/2003 م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز

                                                      رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / د. محمد ماجد محمود أحمد وأحمد عبد الحميد حسن عبود وأحمد حلمى محمد أحمد حلمى ومحمد أحمد محمود محمد .

                                                                  نــواب رئيس مجلس الدولة

وحضور السيد الأستاذ المستشار / فريد نزية حكيم تناغو

                                                 ر رئيس مجلس الدولة ومـفوض الدولة  

وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس                                    سكرتير المحكمة

 

************

 

أصدرت الحكم الآتى

 

فى الطعن رقم 6887 لسنة 45 القضائية . عليا

المقام من

 

  • وزير الداخلية ” بصفته ” .

2- مدير الإدارة العامة لجرائم الآداب ” بصفته ” .

3- مدير مصلحة الجوازات ” بصفته ” .

 

ضــــــــــد

وفاء مصطفى محمد محمد

 

*************

 

فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة

فى الدعوى رقم 914 لسنة 53 ق جلسة 18/5/1999

 

 

الإجــــــــــــراءات :

***********

        بتاريخ 15/7/1999 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين – بصفاتهم – قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 6887/45 ق .ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الدعوى رقم 914 لسنة 53 ق جلسة 18/5/1999 والقاضى بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات , وأمرت المحكمة بإحالـــة الدعوى إلى هيئـــة مفوضى الدولــــــة لإعداد تقرير بالرأى القانونى فى طلب الإلغاء .

 

        وطلب الطاعنون بصفاتهم – فى ختام طعنهم – وللأسباب الموضحة به , أن تأمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلاًًً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضدها المصروفات .

 

        وقد أعلنت المطعون ضدها إدارياً على النحو المبين بالأوراق , وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعنين المصروفات .

 

        وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 6/11/2000 وبجلسة 20/5/2002 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الأولى موضوع ) لنظره بجلسة 22/6/2002 , وقد نظرت المحكمة الطعن بهذه الجلسة والجلسات التالية , وبجلسة 28/12/2002 قررت المحكمة إصدار حكمها بجلسة اليوم ومذكرات فى شهر , وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى المنطق به .

 

 

” المحكمــــــــة “

**********

 

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة .

 

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً .

 

 

 

 

        ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن المدعية ( المطعون ضدها ) قد أقامت الدعوى رقم 914 لسنة 53 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة طالبة الحكم بقبولها شكلاً وبوقف تنفيذ القرار الصادر بإدراج اسمها على قوائم الممنوعين من السفر مع ما يترتب على ذلك من آثار وتنفيذ الحكم بمسودته بغير إعلان وإلغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار .

 

        وقد سندت المدعية – المطعون ضدها – دعواها بأنها زوجة السيد / على محمد محمد السعودى الجنسية بموجب عقد زواج رقم 50 د لسنة 98 شهر عقارى الأجانب وقيد بسجل الأحوال المدنية برقم 37/98 علما بأن هذه العلاقة الزوجية قائمة منذ أكثر من سبع سنوات إذ إن موافقة السلطات السعودية على إعطاء تصريح زواج من أجنبية يستغرق وقتاً طويلاً وعند قيامها بالسفر مع زوجها فوجئت بمنعها من السفر , وتنعى على هذا القرار صدوره بالمخالفة لصحيح حكم القانون إذ إنه يشكل افتئاتا على حقها الدستورى وكذلك صدر دون توقيعه من الوزير المختص كما أنه صدر مشوبا بعيب إساءة استعمال السلطة كما أن هذا القرار سقط بمضى ثلاث سنوات على صدوره وهو ما تواترت عليه أحكام القضاء الإدارى , وخلصت إلى طلباتها سالفة الذكر وبجلسة 18/5/1999 أصدرت المحكمة قضاءها المطعون عليه بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه , وقد شيدت المحكمة قضاءها على سند أن البادى من الأوراق أنه فى غضون الفترة من 29/4/1984 وحتى 10/7/1990 حكم على المدعية فى عدة قضايا ” ممارسة دعارة ” ” وتسهيل دعارة ” كما اتهمت فى بعض قضايا السرقة ولذلك أدرجت على قوائم الممنوعين من السفر حفاظا على سمعة البلاد وذلك بموجب القرار رقم 86 فى 19/4/1990 , وحيث إنه قد مضى على هذا القرار أكثر من ثلاث سنوات ومن ثم يكون قرار إدراج اسمها على قوائم الممنوعين من السفر قد انتهى بمرور ثلاث سنوات إعمالا لنص المادة السادسة من قرار وزير الداخليـــــة رقـــم 970/1983 , وإذ إن الإدارة لم تنشط بالاستمرار فى وضع المدعية على قوائم الممنوعين من السفر إلا فى 10/12/1997 أى بعد أربع سنوات من تاريخ المنع السابق فإن قرارها هذا بالاستمرار فى منعها من السفر يكون – بحسب الظاهر من الأوراق – على غير سند من القانون خاصة أن الإدارة لم تقدم ما يفيد اتهام المدعية فى قضايا مماثلة منذ عام 1990 وأفادت بقيام علاقة زوجية بينها وبين المدعو على محمد السعودى الجنسية ومن ثم يتوافر ركن الجدية فضلا عن توافر ركن الاستعجال , وخلصت المحكمة إلى قضائها سالف الذكر .

 

        ومن حيث إن مبنى الطعن هو مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله , إذ إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها سبق اتهامها والحكم عليها فى عدة قضايا مخلة بالآداب مما يدل على أنها تحترف الدعارة وتتخذها مهنــــة

 

 

لها مما يدل على سوء سلوكها وانحرافها الأمر الذى يسئ للبلاد فى حالة خروجها مما أدى إلى إدراج اسمهـــــا على قوائــــم الممنوعين من السفر بالكتــــــاب رقم 86 فى 19/4/1990 واستمرار إدراجها فى 10/12/1997 الأمر الذى يكون معه هذا القرار قد صدر متفقاً وصحيح حكم القانون مما يتعين معه والحالة هذه أن يقضى بإلغاء الحكم المطعون فيه لمخالفته لهذه الوجهة من النظر ومن ثم خلص الطاعنون فى ختام طعنهم لسالف طلباتهم الواردة بصدر هذا التقرير .

 

        وحيث إن المشرع الدستورى جعل من الحرية الشخصية حقا طبيعيا يصونه بنصوصه ويحميه بمبادئه , فحرية التنقل كأحد عناصر الحرية الشخصية بما يشتمل عليه من حق وحرية السفر للخارج , يعتبر حقا لكل مواطن لأنه يتصل بحريته الشخصية , وهذا الحق يستمد أصل تقريره من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 , كما أنه ترديد لأصل استقر تطبيقه فى الدول الديمقراطية , لذلك فقد تضمن الدستور من الضمانات ما يكفل سلامة تطبيقه وحمايته من أى عدوان عليه , وقد حرصت الدساتير المصرية ابتداء من دستور 1923 على النص على هذا الحق فنصت المادة السابعة من دستور 1923 على أنه ” لا يجوز أن يحظر على أى مصرى الإقامة فى مكان معين إلا فى الأحوال المبينة فى القانون ” ومثل هذا النص ورد فى دستور 1956 فى المادة (39) منه كما رددته المادة (50) من دستور 1971 أيضاً , إلا أن دستور 1971 – بخلاف الدساتير السابقة عليه – كان أكثر حماية وضمانا لهذا الحق فارتقى به إلى مصاف الحقوق والحريات العامة الدستورية , فنص فى المادة (41) منه – وهو نص مستحدث لم يرد فى الدساتير السابقة – على ضمانات دستورية جديدة للحقوق والحريات العامة ومنها حق التنقل , وهى ضمانات تتعلق بالسلطة المختصة بتقييد حرية التنقل ومبرراته ودواعيه , فجاءت المادة (41) ونصت على أن ” الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس – وفيما عدا حالة التلبس – لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأى قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ويصدر هذا الأمر من القاضى المختص أو النيابة العامة وذلك وفقا لأحكام القانون ” وحيث إنه بموجب هذا النص الدستورى المستحدث فى دستور 1971 , أصبح تقييد حرية التنقل ومنها أمر المنع من السفر والحرمان من حرية الانتقال – فى غير حالات التلبس – مشروطاً بصدور أمر من جهة قضائية , وأن يكون مستندا إلى ضرورة يستلزمها التحقيق ويقتضيها أمن الجماعة , وبذلك أصبح حتما دستوريا أن يكون المنع من السفر للخارج بأمر من السلطة القضائية دون غيرها كما حددها الدستور مما مفاده أن أمر المنع من السفر بالطريق الإدارى محظور , فهذه الحماية الدستورية – لحرية التنقل – تفرض على سلطات الدولة عدم المساس به أو اتخاذ أى إجراء أو عمل ينطوى على تقييده إلا بالوسائل القانونية السليمة وفى الحدود والضوابط الدقيقة

 

 

 

كما حددها الدستور فى المـــادة (41) منه وذلك صيانـــــة لهذا الحق وحماية له من أى عدوان عليه , وخاصة إذا انطوى ذلك على اختصاص مخول للسلطة القضائية لأن مثل هذا الاعتداء يخرج الحق من دائرة الحماية الدستورية .

 

        وحيث إنه من المقرر أنه إذا ناط الدستور بالسلطة القضائية دون غيرها إختصاصا معينا وجب التزام سلطات الدولة بهذا الخطاب الدستورى ومخالفته تعتبر عدوانا على الحق واغتصابا لاختصاص محجوز للسلطة القضائية وحدها بنص الدستور .

 

        وحيث إنه على الرغم من صدور دستور 1971 متضمنا نص المادة (41) سالفة الذكر بما تضمنته من ضمانات جديدة بالنسبة للحرية الشخصية بما فيها حرية التنقل – وجعل الاختصاص بتقييد حرية التنقل للسلطة القضائية وحدها – على النحو السالف بيانه – إلا أن العمل بالقرار بقانون رقم 97 لسنة 1959 بشأن جواز السفر , الذى كان معمولا به قبل صدور الدستور ظل ساريا وظل العمل بالمادتين 8 و11 من هذا القانون , رغم مخالفتهما لحكم المادة (41) من الدستور , فالمادة الثانية تخول لوزير الداخلية بعد موافقة وزير الخارجية تحديد شكل جواز السفر ومدة صلاحيته وشروط وإجراءات منحه , فى حين تجيز المادة (11) لوزير الداخلية لأسباب هامة يقدرها رفض منح جواز السفر أو تجديده كما يجوز له سحبه , وتنفيذا لذلك صدرت عدة قرارات من وزير الداخلية فى هذا الشأن منها ما يتعلق بقوائم الممنوعين من السفر وهو القرار رقم 2214 لسنة 1994 , ومنها ما يتعلق بوضع قيود على منح جواز السفر أو تجديده كموافقة جهات العمل على السفر للخارج بالنسبة للعاملين لديها أو موافقة الزوج بالنسبة لمنح الزوجة جواز سفر وهو القرار رقم 3937 لسنة 1996 , وبهذه النصوص كان المنع من السفر وقيود منح جواز السفر من اختصاص وزارة الداخلية – كسلطة تنفيذية – وليس السلطة القضائية – بما ينطوى عليه ذلك من تقييد حرية التنقل والسفر للخارج بالمخالفة للدستور باعتبار أن جواز السفر هو الوسيلة القانونية للسفر خارج البلاد .

 

        وحيث ظل العمل بأحكام المادتين 8 و11 من القرار بقانون رقم 97 لسنة 1959 وقرارات وزير الداخلية الصادرة تنفيذا لهما , على النحو السابق بيانه , إلى أن صدر حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 4/11/2001 بعدم دستورية نص المادتين 8 و11 من القرار بقانون رقم 97 لسنة 1959 المشار إليه والذى ترتب عليه سقوط النصين المشار إليهما وانعدام القاعدة القانونية التى تضمنها النصان وإبطال العمل بهما وتجريد النص من قوة نفاذه اعتبارا من تاريخ صدورها , وزوال كافة الآثار القانونية التى ترتبت عليه ومنها القرارات التى صدرت تنفيذا لهما أو استنادا إليهما ولو كانت صادره قبل صدور الحكم ونشره فى الجريدة الرسميــة , وذلك

 

 

كله إعمالا لحجية الحكم والأثر الرجعى له لأن مؤدى الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة هو عدم تطبيق النص من اليوم التالى لنشر الحكم فى الجريدة الرسمية إلا أن ذلك لا ينصرف إلى المستقبل وحده بل ينسحب أيضا على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم , ولا يستثنى من ذلك إلا الحقوق والمراكز التى استقرت عند صدوره بموجب حكم حائز قوة الأمر المقضى أو بانقضاء مدة التقادم .

 

        ومن حيث إنه تطبيقا لما تقدم ولما كان البادى من ظاهر الأوراق – وبالقدر اللازم للفصل فى ركن الجدية فى الطلب المستعجل – أن القرار المطعون عليه بإدراج اسم المطعـــــون ضدها على قوائم الممنوعين من السفر بالكتـــــاب رقـــــم 86 فى 19/4/1990 واستمرار إدراجها فى 10/12/1997 , أن هذا القرار الأخير صدر استنادا إلى نص المادة الأولى من قرار وزير الداخلية رقم 2214 لسنة 1994 فى شأن قوائم الممنوعين من السفر الذى صدر بدوره استنادا لنصى المادتين 8 و11 من القرار بقانون رقم 97 لسنة 1959 بشأن جوازات السفر اللذين حكم بعدم دستوريتهما بموجب حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 4/11/2001 فى الدعوى الدستورية رقم 243 لسنة 21 ق على النحو السابق بيانه , فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر معدوما لأنه فضلا عن صدوره من سلطة غير مختصة وفقا لنص المادة 41 من الدستور فقد صدر استنادا إلى نص تشريعى غير دستورى كشف عنه حكم المحكمة الدستورية العليا , وبذلك فقد القرار سنده ودعامته القانونية بحكم الواقع القانونى الجديد الذى كشف عنه حكم المحكمة الدستورية العليا الأمر الذى يكون معه القرار مرجح الإلغاء , فضلا عن توافر ركن الاستعجال فيه لتعلقه بحرية دستورية , وإذ قضى الحكم المطعون فيه بوقف تنفيذ هذا القرار , فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة سليمة قانونا ويكون الطعن عليه على غير سند قانونى وعلى غير صحيح تفسير القانون وتأويله الأمر الذى يتعين معه رفضه وتأييد الحكم المطعون عليه محمولا على الأسباب الواردة فى هذا الحكم .

 

        وحيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملا بنص المادة 184 مرافعات .

  

” فلهــــذه الأسبــــــاب “

*******

حكمت المحكمة :

بقبول الطعن شكلا , وفى الموضوع برفضه على النحو المبين بالأسباب , وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات .

 

 

سكرتير المحكمــــــــة                                               رئيس المحكمـــــــــــة

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى