المحاماهصيغ الدعاوى القانونية

مذكرة في خطأ طبيب

مذكرة

  • مقدمة إلي:

 

  • بدفاع:  ………………………………      صفته: متهم.

 

  • في القضية رقم ……………… لسنة    ……………. .

 

  • الطلبات: براءة المتهم من الاتهام المسند إليه.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وجيز الوقائع و الدفاع و الرأي الطبي

في البداية لابد أن نشير إلي أن المتهم حاصل علي  ………………. كطبيب تخدير و قام بالإشراف علي حالات تخدير تقدر بأكثر من  ………. ألاف حالة تخدير بمستشفي  ……. غير ما أشرف عليه خارج المستشفي قبل حضوره إلي  …………. و لم يحدث أن تم لفت نظره أو توجيه اللوم له و هذا ثابت من تاريخه الذي يظهر لكل مطالع لملف خدمته.

و في الآونة الأخيرة تم تكليفه بتاريخ  ……….. بغرض إجراء عملية إزالة و ترقيع فتق بالخصية اليمني و بعد وضع المريض علي طاولة العمليات قام طبيب التخدير بتخديره طبقاً للمستقر عليه علمياً و ذلك بأخذ تاريخ مرضي من المريض و أخذ موافقة من المريض و أهله علي إجراء العملية تحت مخدر عام رغم ما يحدث من مضاعفات مألوفة و متوقعة سواء كانت بسبب الجراحة أو التخدير و هي المضاعفات التي لا يمكن تجنبها برغم الاستعانة بأجهزة التخدير و بسؤال الممرضة فنية التخدير بالمستشفي أفادت بالتحقيقات عند سؤالها علي نسبة التخدير هل كانت عالية أم عادية قررت بأن نسبة التخدير كانت طبيعية جداً و تتلائم مع حالة المريض و أن هذه هي النسبة المألوفة التي تقوم بإعطائها للمرضي.

و قد قرر المتهم ذلك أيضاً بالتحقيقات مؤكداً أن نسبة التخدير نسبة طبيعية, و قد أضاف أيضاً أن السبب الرئيسي هو حساسية لدي الشخص الذي توفي و هي حالة نادرة تحدث مرة واحدة ضمن 260 ألف حالة ذلك لأنه ألتزم بالمعايير العلمية المتعارف عليها في تخدير المريض.

و قد أكد براءة طبيب التخدير الطبيب الجراح إذ ذكر أن الدم الخارج من الجرح السطحي كان لونه أزرق أي أن لدي المريض تشنجات عنيفة بالعضلات كانت بسبب ارتفاع شديد جداً في درجة حرارة جسم المريض مما أدي بدوره إلي ارتفاع في درجة حرارة المخ الأمر الذي أدي إلي ارتباك ميكانيكية التنفس و تنقية الدم علي الوجه الصحيح بالإضافة إلي إرباك شديد في وظيفة القلب و قد قرر هذا الطبيب الجراح أنه من الممكن أن تنتج عن حساسية من مواد التخدير و هي نادرة الحصول جداً و نسبتها حوالي حالة واحدة كل 200 ألف حالة و تكون حساسية التخدير هنا عاملاً ضمن خمسون عامل أخر يرجح أن يكون أحدهم هو سبب الوفاة.

حقيقة الأمر إن اتهام أطباء التخدير أصبحت ظاهرة عالمية يشكو منها أطباء التخدير نظراً لكون هذا التخصص لا يدركه و يفهم غموضه و يلتمس العذر لأطبائه إلا كل خبير بهذا المجال مشتغل به إذ أن الثابت أنه برغم التقدم العلمي الهائل الذي تم إحرازه في الطب و اختراع أجهزة طبية حديثة ساعدت الأطباء في الكشف عن بعض غوامض الأمور إلا أن مجال الحساسية لم يستطيع أحد حتى الآن أن يعرف سببه و متي يبدأ و متي ينتهي و هل أن حساسية شخص لعقار معين تبدأ منذ تناوله أو بعد تناوله بفترة طويلة أو وجيزة, الحقيقة التي لا غني عنها هو أن الحساسية من الأشياء الخارجة عن نطاق البحث العلمي إذ أن البحث العلمي دائما يضع القواعد العامة لمعاملة ألاف المرضي بل و ملايين المرضي بعقار معين و لكن قد يكون هناك مريض ضمن الآلاف من البشر أو الملايين منهم لديه حساسية تجاه هذا العقار بالذات قد يتسبب في غالب الأحيان في وفاته و لا يمكن التكهن بأن هناك حساسية لهذا الشخص تجاه هذا العقار بالذات و من المستقر أيضاً لدي أطباء الطب الشرعي و فقهاء القانون أن التخدير الوريدي لا يسأل الطبيب فيه إلا إذ كان هناك خطأ في الجرعة أو خطأ في الحقن و إعطاء المخدر خارج الشريان الذي يترتب عليه تلف في الذراع و المستقر لدي علماء الطب في مسألة التخدير أنه إذا توفي مريض تحت تأثير التخدير العام فلن يأخذ القانون الطبيب لأنه أعطي المريض عقار التخدير حيث أن التخدير يتطلب وضع المريض في حالة غيبوبة كاملة أو فقد وعي عميق مما يجعله عرضه لأمور شتي حتى لو فرض أنه لم تكن هناك أي حالات مرضية غير عادية في المريض قبل إعطاء المخدر إذ أن كل العقاقير المستخدمة في التخدير مثلها في ذلك مثل كل العقاقير قوية المفعول أعراضاً جانبية تسبب الوفاة (راجع رأي الدكتور فؤاد يوسف سعد ص 1045 الطب الشرعي بين الادعاء و الدفاع ج2 نقابة المحامين لجنة المكتبة).

          و من الجدير بالذكر إنه إذا تبين من الصفة التشريحية خلو الجثة من أي شي غير طبيعي فلا ينهض ذلك دليلاً علي أن الوفاة بسبب التخدير, إذ أن من المعروف و المألوف إنه قد يسقط أي شخص متوفياً في أي وقت دون سبب واضح يظهر عند التشريح و هو أمر كثير الحدوث.

          ولا شك أن إقحام الخبير نفسه بالإدلاء بأن طبيب التخدير مخطىء أمر في غاية الخطورة إذ أنها دائما شهادة تقدم مرسلة لا أساس لها من الصحة و لا تعتمد علي أي دليل علمي و إن كان من الممكن أن تتلمس الأدلة الظاهرية التي تبدو مقنعة للعامة و ليس المتخصصين و يحضرنا في ذلك المثال الذي قدمه الكاتب و المؤلف السابق الإشارة إليه في ص 1079 من المرجع السابق الأسطر الأخيرة حيث أنه يروي أنه قد قام أحد الأطباء بإجراء عملية تجميل لشاب في مقتبل العمر و قد تم الاستعانة بطبيب تخدير و قد حدث أثناء الجراحة إضطرابات في حالة نبض المريض و لم يفق المريض من البنج و أستمر في حالة غيبوبة ثم توفي و لما عددت أسباب الوفاة وجدوها تزيد علي أكثر من خمسين عاملاً منها ما هو مرضي قطعا و أن الوفاة قد تكون مرضية رغم ما أبداه أحد أخصائي التخدير من أن هناك سبباً محتملاً للوفاة إذ لم يستطيع أحد تقديم دليل علي أن هناك خطأ في التخدير و قد حكم في تلك القضية مثلها كمثل كثير من القضايا المتعلقة بالوفاة بسبب التخدير بعدم مسئولية طبيب التخدير.

          حقيقة الأمر أنه من التجني إلقاء اللوم علي طبيب التخدير لأن هناك عوامل كثيرة تتدخل و تكون سبب للوفاة و لا يكون التخدير هنا إلا أحد هذه العوامل و ليس كلها مثل كون المريض المتوفى لديه حساسية خاصة من نوع معين من عقار تم حقنه به.

التكييف القانوني الصحيح للفعل المنسوب للمتهم :

منسوب إلي المتهم الإهمال و حقيقة الأمر أن الإهمال هو محض سلوك سلبي صادر من الجاني إذا كان يتعين علي الجاني أن يتخذ من الإحتياطات ما يحول دون أن يكون الفعل خطر يمكن أن يترتب عليه نتيجة ضارة إذ دائما يكون الجاني المتهم بالإهمال لم يتخذ الإجراء أو الاحتياط الذي يحول دون حدوث النتيجة  ( راجع دكتور عبد المهيمن بكر ص 137 جرائم الاعتداء علي الأشخاص ) و قد قررت المحاكم العليا في هذا الشأن أن التزام الطبيب ليس التزام بتحقيق نتيجة و أنما التزام ببذل عناية إلا أن العناية المطلوبة تقتضي أن يبذل لمريضه جهد صادق يتفق مع الأصول المستقرة في عالم الطب, و الإهمال و الخطأ المهني هو انحراف الطبيب عن الأصول المرعية التي تحكم تلك المهنة إذ أن المستقر عليه العمل أنه إذا أتبع طبيب التخدير أصول فن التخدير من جانبه بأن أتبع جميع الأحتياطات اللازمة لا يسأل عن الحوادث التي يمكن أن تقع بسبب التخدير .

و من الجدير بالذكر أنه عقب الوفاة مباشرة انتقل السيد الدكتور/ محمد عبد الفتاح طبيب شرعي الجبل الأخضر إلي مشرحة مستشفي الوحدة بناءاً علي تعليمات النيابة العامة لتوقيع الكشف الظاهري و إجراء الصفة التشريحية علي الجثة لبيان سبب الوفاة و انتهي في تقريره إلي نتيجة مؤده أنه من المعروف طبياً في بعض الأحوال يكون لدي بعض الأشخاص حساسية خاصة شديدة لمواد التخدير مما يسبب ذلك حدوث صدمة شديدة و هي حالة كامنة لا يمكن التكهن بحدوثها أو تلافي حدوثها و لم تنجح المحاولات في علاج تلك الصدمة عقب ظهورها بالرغم من وصف العلاج السليم لها.

وذلك علي عكس التقرير الذي تم إيداعه بعد سبع سنوات من واقعة الوفاة الذي ذهب إلي رأي أخر يخالف الرأي الطبي السليم الذي قرره الطبيب/ محمد عبد الفتاح طبيب شرعي الجبل الأخضر.

و المطالع للتقرير الصادر من السيد الطبيب أمين المجلس الطبي نجد أن النتيجة التي توصل إليها هذا التقرير منقسمة إلي قسمين في القسم الأول منها أكد سيادته أن المريض قد أجريت له الفحوصات الطبية اللازمة قبل العملية و التي ثبت منها أنه لا يعاني من أي مرض مزمن ظاهري و أنه يتمتع باللياقة الكاملة للتخدير العام و أنه لا توجد أي مشاكل صحية في أفراد العائلة نتيجة التخدير ( هذا في حد ذاته ينفي مسئولية الطبيب إذ أنه بقيامه بذلك يكون قد بذل العناية التي يتطلبها القانون و الجهود الصادقة للوصول إلي حقيقة وضع المريض).

          أما ما أثبته السيد أمين المجلس الطبي في تقريره من أنه أتضح من خلال الملف و أقوال طبيب التخدير أن المريض قد تعرض لتوقف في القلب و الدورة الدموية بدون علم طبيب التخدير حيث قام الجراح بتنبيه طبيب التخدير بحدوث توقف في القلب, هذا غير ثابت بالأوراق و أن طبيب التخدير الفترة التي أستغرقها حقن المخدر و اكتشاف الطبيب الجراح الوفاة فترة دقائق معدودة لا تنهض بذاتها أن تكون دليلاً علي الإهمال أما ما أثبته السيد محرر التقرير من أن الفريق المعالج قام بنقل المريض إلي مستشفي أخري لعدم توافر غرفة عناية فائقة بالمصحة فهذا الأمر لا يعيب طبيب التخدير و إن كان يعيب فإنه يعيب إدارة المصحة التي يعمل بها و لكن المتهم قد قام بعمل كل الإحتياطات اللازمة التي لا تجعله يحتاج غرفة العناية الفائقة إذا حدث توقف بالقلب أو أي شيء أخر أما ما سطره كاتب التقرير السيد الدكتور/فوزي عبد الحفيظ الكيب أمين المجلس الطبي من أن طبيب التخدير لم يكن متابعاً بدقة لعملية التخدير و لم يكن منتبها لحدوث توقف بالقلب حتى أبلغه الجراح فهذا كلام غير علمي بل هو مجرد كلام مرسل لا ينهض بذاته أن يكون دليل إذ أن الأدلة في المسائل الطبية التي تكون مقبولة هي الأدلة العلمية اليقينية التي تعتمد علي الحقيقة و اليقين لا علي الشك و التخمين و الأقوال المرسلة إذ أن أمين المجلس الطبي قد خرج بذلك إلي نتيجة مؤدها أن المسئولية الطبية تقع علي طبيب التخدير لعدم توخي الدقة و لم يبين سيادته أي الأمور لم يكن فيها الطبيب دقيق و عد م مراعاته للأصول الطبية المتعارف عليها في مثل هذه الحالات و لم يبين سيادته ما هي الأصول الطبية المتعارف عليها التي خالفها المتهم الأمر الذي يجعل تقرير السيد أمين المجلس الطبي هو و العدم سواء لا ينهض بذاته دليلا علي إدانة المتهم إذ لا يوجد في الأوراق دليل مادي يستنتج منه خطأ طبيب التخدير إنما الأمر هو محض تخمين و اتهام يحتمل عدم الصدق بنسبة كبيرة جدا و يحتمل الصدق بنسبة يسيرة جداً و قد تعلمنا دائما من عدالة المحكمة الموقرة في مجال إدانة و براءة الأشخاص إلي أن الشك دائماً يفسر لصالح المتهم فمادام الدليل محل شك فإنه يكون أقرب إلي ولي الأمر أن يقضي بالبراءة من أن يقضي بالإدانة إذ أن القاعدة الشرعية و الحديث الشريف يقرر (إدرءووا الحدود عن الناس ما استطعتم لأنه خيراً للإمام أن يخطىء في العقوبة من أن يخطىء في العفو) ولا يفوتنا أن نشير إلي أن الطبيب المتهم سجله ناصع بالبياض لا يوجد به ثمة جزاءات طيلة مشواره الطبي في خدمة المرضي و أنه رب أسرة و يعول.

          لذلك نلتمس من سيادتكم القضاء ببراءة المتهم و ذلك لانقطاع علاقة السببية بين فعل التخدير و النتيجة و هي الوفاة إذ أنه حتى يسأل طبيب التخدير عن الخطأ لابد أن يكون فعله هو السبب الرئيسي الذي يترتب عليه حدوث النتيجة.

و بناءاً عليه

نلتمس براءة المتهم من التهمة المنسوبة إليه.

 

 

 

 

 

  

           

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى