موسوعة المحكمه الاداريه العليا

سلطة تقرير اذاعة البرامج

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فؤاد الخادم رئيس نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادية الأساتذة المستشارين: على عوض محمد صالح وإدوارد غالب سيفين وسامى أحمد محمد الصباغ وأحمد عبد العزيز أبوالعزم نواب رئيس مجلس الدولة

 

* الإجراءات

 

فى يوم الأحد الموافق 21 يناير سنة 1996 أودع الأستاذ محمود سامى الدين نائباً عن الأستاذ أحمد حسين ناصر المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعنة، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها برقم 1453 لسنة 42 ق، فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بجلسة 26/12/1995 فى الدعوى رقم 8486 لسنة 49 ق والذى قضى برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الطاعنة المصروفات.

وطلبت الطاعنة – فى ختام تقرير الطعن أن تأمر دائرة فحص الطعون بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بإلغائه والحكم مجدداً بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.

وفى يوم الأحد الموافق 18 فبراير سنة 1996 أودعت الأستاذة جمالات على المحامية بصفتها كيلة عن رئيس مجلس أعضاء اتحاد الإذاعة والتليفزيون، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن بجدولها برقح 3263 لسنة 42 ق فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى القضية رقم 8486 لسنة 49ق.

وطلب الطاعن – فى ختام تقرير الطعن – إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى وإلزام المطعون ضدها المصروفات.

وقد تم إعلان الطعنين قانوناً على النحو المبين بالأوراق.

وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرين بالرأى القانونى فى الطعنين انتهت فيهما – للأسباب الواردة بهما – إلى طلب الحكم بقبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعاً وألزمت الطاعنين المصروفات.

وعينت جلسة 18/3/1996 لنظر الطعن رقم 1425 لسنة 42 ق أمام دائرة فحص الطعون التى تداولت نظره إلى أن قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى/ موضوع) بجلسة 11/5/1997، وعينت جلسة 7/7/1997 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التى قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى / موضوع) بجلسة 20/7/1997.

وتداولت المحكمة نظر الطعنين وقررت بجلسة 20/7/1997 ضم الطعنين رقم 2263 لسنة 42 ق إلى الطعن رقم 1435 لسنة 42 ق وقررت النطق بالحكم بجلسة 5/4/1998 وذلك كله على النحو الموضح بمحاضر الجلسات.

وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

 

* المحكمة

 

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.

من حيث أن الطعنين استوفيا أوضاعهما وإجراءاتهما المقررة قانوناً.

ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق فى أنه بتاريخ 14/8/1995 أودعت الطاعنة صحيفة الدعوى رقم 8486 لسنة 49 ق قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة طلبت فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ حظر إذاعة برنامج “الأبراج” فكرة وإعداد وتقديم الطاعنة، وفى الموضوع بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلغاء برنامج “هذا المساء” والحكم للمدعية بتعويض مالى قدره مائة ألف جنيه.

وقالت شارحة دعواها أنها بصفتها مذيعة بالقناة الثانية كانت تقدم منذ أكثر من خمس سنوات برنامج “الأبراج الفلكية” إلا أنه فوجئت بقرار يحظر تقديم هذا البرنامج وأسند مسمى آخر “ببرنامج هذا المساء” إلى ممثل وفنان الاستعراضات “سمير صبرى” فتقدمت بالعديد من الشكاوى إلى المسئولين بالتليفزيون والاتحاد دون جدوى.

وأضافت المدعية قائلة أن قرار حظر ومنع إذاعة برنامجها وإسناده إلى آخر باسم مغاير على الرغم من كونها صاحبة فكرته والمعدة له وهى المقدمة له يكون قد صدر مخالفاً للقانون رقم 354 لسنة 1954 لأن ذلك يمثل اعتداء على حقها فى الابتكار واعتداء على مصنفها الفنى المتصل بشخصها وثمار فكرها كما شاب القرار عيب تخلف ركن السبب لأنه ليس صحيحاً الادعاء باختلاف برنامج “هذا المساء” مع برنامج “الأبراج الفلكية” ولا يغدو الاختلاف بينهما أن يكون فى مكان تقديم البرنامج، كما شاب القرار عيب الانحراف بالسلطة.

واستطردت المدعية قائلة أنه ما كان يجب قانوناً أن يسند تقديم البرنامج إلى فنان من خارج التليفزيون مما يعطل طاقات المذيعين والمذيعات من العاملين بالاتحاد، ويهدر كفائتهم وخبراتهم، وفضلاً عن ذلك فإن القرار المطعون فيه صدر نكابة فيها لأنه تضمن جزاءاً منفعاً يتمثل فى تحجيبها وتجميد دورها عدم ظهورها على الشاشة خاصة بعد حصولها على حكم من المحكمة التأديبية بمجلس الدولة بجلسة 20/6/1995 فى الطعن المقام منها برقم 146/29 ق بإلغاء الجزاء الموقع عليها بغير وجه حق وتعويضها بمبلغ الفى جنيه عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقت بها، مما يدل على أنه قصد بالقرار – تستطرد المدعية – عقابها تأديبياً – وخلصت الطاعنة إلى أنه فضلاً عن توافر ركن الجدية فإن ركن الاستعجال متوافر بدوره.

وعقب الحاضر عن اتحاد الاذاعة والتليفزيون بمذكرة تضمنت دفعاً بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى لانتفاء القرار الإدارى الجائز الطعن فيه، وأن ما تم هو عملية تنظيم لخريطة البرامج طبقاً للسياسة الإعلامية ولا ينطوى إلا على تعليمات داخلية، وطلب الاتحاد رفض طلب وقف التنفيذ استناداً على أن برنامج الأبراج الفلكية التى كانت المدعية تقدمه هو برنامج موسمى يقدم فقط يومى 30، 31 ديسمبر عامى 93، 1994 ويتم تسجيلها بالاستوديو ويعاد بمادة فيلمية تعرض للمشاهد من خلال الحوار، بينما فكرة برنامج “هذا المساء” الذى يقدمه سمير صبرى يتعلق بسهرة منوعات استعراضية يتناول العديد من الموضوعات الاجتماعية من خلال الأحاديث الطريفة والأغنيات والاستعراض ويستضيف العديد من نجوم المجتمع فى شتى مجالات الفكر والأدب والفن والرياضة.

وبجلسة 26/12/1995 قضت محكمة القضاء الإدارى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعية المصروفات.

وأقامت المحكمة قضاءها – بالنسبة للدفع بعدم اختصاصها نوعياً لافتقارها إلى القرار الإدارى – على سند من أنه فى حقيقة الأمر فإن الدفع هو دفع بعدم القبول لانتفاء القرار الإدارى، وهو دفع مردود بأن الجهة الإدارية إذ عبرت عن إرادتها “منع إذاعة البرنامج الذى كانت تقدمه الطاعنة “الأبراج الفلكية” ثم أحلت برنامج آخر باسم آخر “هذا المساء” فإن ذلك التعبير هو القرار الإدارى النهائى الذى انصب عليه الطعن الماثل ويضحى الدفع خليقاً بالرفض.

وفى الموضوع قالت المحكمة أن قرار الجهة الإدارية بإدراج برنامج جديد فى خريطة البرامج باسم “هذا المساء” وعدم إدراج برنامج آخر ضمن الخريطة باسم “الأبراج الفلكية” يكون قد صدر فى إطار السلطة التقديرية للإدارة مما يتخلف معه ركن الجدية فى طلب وقف التنفيذ ويتعين رفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه دون حاجة لبحث ركن الاستعجال.

ومن حيث أن الطعن رقم 1435 لسنة 42 ق المقام من الطاعنة يقوم على أن الحكم المطعون فيه صدر مخالفاً للقانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله وذلك للأسباب الآتية:

أولاً: مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله: ذلك لأنه خلط بين الانتاج الفنى وتملك حقوق التأليف وبين الواجبات الوظيفية للطاعنة مدعياً بأن البرنامج محل النزاع جاء أثناء تأدية وظيفتها وسبباً والتفت عن أن عمل الطاعنة فى الأصل “مذيعة ربط” وأن عملها لا يلزمها بتقديم الأفكار يطبق قاعدة لا تنطبق وأغفل أعمال القاعدة الواجب إعمالها.

ثانياً: بطلان الحكم لتسليمه المطلق بمذكرة الجهة الإدارية فقط والتفت عما قدمته الطاعنة من دلائل ثابتة دون بحث أو تمحيص مما يجعله مشوباً بفساد التسبيب والاستدلال، ذلك لأنه قارن بين برنامج “الأبراج الفلكية” وبرنامج “هذا المساء” وكأنه قد تمت مشاهدة فعلية للبرنامجين فى حين خلت الأوراق من ذلك مما يلقى ظلالاً من الشك على تلك المقارنة المزعومة ويفسد الاستدلال الناتج عنها ويتعارض مع المبدأ القانونى المستقر فإن القاضى لا يقضى بعمله، كما سلم الحكم بمذكرة الجهة الإدارية المتضمنة رأياً شخصياً لرئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام.

ثالثاً: بطلان الحكم المطعون فيه لقضائه على خلاف ما هو ثابت من الأوراق، وذلك على نحو ما هو ثابت بإحدى المجلات الأسبوعية والجرائد اليومية من أن برنامج هذا المساء يتناول الأبراج، وما جاء بمذكرة الجهة الإدارية من تناول برنامج “هذا المساء” للأبراج.

رابعاً: بطلان الحكم لكونه مشوباً بالقصور: بعدم اتصال الحكم بالدعوى اتصالاً مطابقاً لأوضاعها الصحيحة بحقيقة قرار الحظر وغايته، فلم يستظهر مناسبة صدور القرار الطعين وملابساته وسببه ومن ثم جاء مبنياً على أسباب غير صحيحة وعلى غير سند من الواقع أو القانون.

وخلصت الطاعنة لما تقدم – ولكل ما ورد فى تقرير طعنها من أسباب – إلى طلب الحكم لها بطلباتها المبينة بختام تقرير الطعن.

ومن حيث أن الطعن رقم 2263 لسنة 42 ق المقام من رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون يقوم على سند من أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله ذلك أن قرار حظر إذاعة برنامج الأبراج الفكية ليس إلا إجراء من الإجراءات الداخلية التى تتخذها السلطة الإدارية بقصد تسيير المرفق وتنظيمه على نحو يكفل أداء الخدمة على وجه أفضل، الأمر الذى ينتفى معه وجود ما يعد وفقاً لما جرى على قضاء المحكمة الإدارية العليا – قرار إدارى نهائى يجوز الطعن فيه بالإلغاء وكان يتعين على المحكمة أن تحكم بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى، ولما كان الحكم بقضائه برفض الدفع بعدم القبول قد أخطأ فى تطبيق القانون مما يجعله جديراً بالإلغاء وخلص الطاعن فى تقرير طعنه إلى طلب الحكم له بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى.

وقدم اتحاد الإذاعة والتليفزيون مذكرته بدفاعه خلص فيها إلى طلب رفض الطعن رقم 1453 لسنة 42 ق وإلزام الطاعنة المصروفات وبالنسبة للطعن رقم 2263 لسنة 42 ق طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى وإلزام المطعون ضدها المصروفات.

وعقت الطاعنة (1435 لسنة 42ق) بمذكرة أوضحت فيها عدم صحة ادعاء الجهة الإدارية بتكليف الطاعنة للعمل كمذيعة ربط” بجانب عملها الأصلى لأن التكليف لا يتم إلا بصدور قرار من السلطة المختصة بإصداره، كما لم تقدم الجهة الإدارية ما يدل على خلو برنامج “هذا المساء” من تناول فكرة “الأبراج” أو ما يدل على أن فكرة برنامج الطاعنة هى فكرة قديمة على شاشة التليفزيون، ومن ناحية أخرى فإن ما استندت عليه الجهة الإدارية من تملك الاتحاد للبرامج والأفكار التى تقدم بمناسبة الواجبات الوظيفية فقد جاء ذلك فى اللائحة الجديدة الصادر فى 1/6/1996 أى بعد نشرة  النزاع الحافل الذى ينطبق على اللائحة الصادرة عام 1983، وخلصت المذكرة إلى طلب الحكم بالطلبات الواردة بتقرير الطعن عن الطعن رقم 1435 لسنة 42ق.

ومن حيث أن الطاعنة كانت قد طلبت فى صحيفة دعواها – التى صدر فيها الحكم المطعون فيه وقف تنفيذ حظر إذاعة برنامج “الأبراج” فكرة وإعداد وتقديم المدعية وفى الموضوع بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلغاء “برنامج هذا المساء” وقد عقبت الجهة الإدارية على الدعوى موضحة أنه لا يوجد قرار إدارى بالمعنى القانونى المتعارف عليه وإن غاية الأمر يتحصل فى أن خريطة البرامج بالتليفزيون يلحقها التطوير والتغيير لما يتراءى للقائمين على شئون الجهاز وأن ما حدث فى النزاع الماثل – لا يغدو كونه عملية تنظيمية لخريطة البرامج.

ومن حيث أن المحكمة انتهت إلى أن الجهة الإدارية عبرت عن ارتائها بما لها من سلطة فى منع أحد البرامج والسماح بإذاعة برنامج آخر يؤثر فى المراكز القانونية للقائمين على كلا البرنامجين ومن ثم – يستطرد الحكم المطعون فيه – كان ذلك التعبير هو القرار الإدارى النهائى الذى أنعيت عليه الدعوى بطلب وقف تنفيذه وإلغائه.

ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة جرى واضطرد على أن للمدعى أن يكيف دعواه بحسب ما يراه وحقه فى ذلك يقابله حق المدعى عليه فى كشف خطأ هذا التكييف ويبين القاضى على هذا وذاك من حيث مطابقة هذا التكييف لحقيقة الواقع أو عدم انطباقه وينزل حكم القانون على ما يثبت لديه فيعطى الدعوى وضعها الحق وتكييفها القانونى السليم غير مقيد فى ذلك بتكييف المدعى للحق الذى يطالب به وعليه أن يبحث فى طبيعة هذا الحق ليرى ما إذا كان تكييف المدعى صحيحاً قانونياً أو غير صحيح فلا يأخذ بهذا التكييف قضية مسلمة بها.

ومن حيث أن الثابت عن الأوراق أن الطاعنة كانت قد قامت بوضع فكرة وإعداد، وتقديم برنامج تليفزيونى باسم “الأبراج الفلكية” تم وضعه على خريطة البرامج – حسبما هو مبين بالأوراق – خلال يومى 30، 31 ديسمبر عامى 1993، 1994، إلا أن الجهة الإدارية المطعون ضدها لم تدرج البرنامج المشار إليه ضمن خريطة البرامج التى عرضتها خلال عام 1995، وأنها أدرجت برنامجاً آخر باسم “هذا المساء” تقديم أحد الفنانين من خارج اتحاد الإذاعة والتليفزيون مما اضطر الطاعنة – بصفتها مذيعة بالقناة الثانية بالتليفزيون إلى إقامة دعواها التى صدر فيها الحكم المطعون فيه، والثابت أن الطاعنة تنازع الجهة الإدارية فى عدم إدراج برنامج “الأبراج الفلكية” الذى كانت تعده وتقدمه، ضمن خريطة البرامج، وفى إدراج برنامج أخر باسم “هذا المساء” وذلك للأسباب التى ساقها فى عريضة دعواها، وهى بهذه المثابة فإن ما تنازع فيه الطاعنة يخرج عن نطاق القرارات الإدارية النهائية، لأن ما قامت به الجهة الإدارية يدخل فى نطاق التوجيهات والتعليمات التى تصدرها وفقاً لما تراه محققاً للهدف الذى من أجله يعمل المرفق الذى تشرف عليه ويعطى تفسيره فإعداد خريطة البرامج وإهمالها على برامج بذاتها وإلغاء برامج أخرى كانت تتم إذاعتها، كل ذلك لا يمكن النظر إليه على أنه يتضمن من قرارات إدارية نهائية بالمعنى القانونى الدقيق للقرار الإدارى الذى يجوز الطعن فيه بالإلغاء وطلب وقف تنفيذه، ولما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن حقيقة طلبات الطاعنة فى ضوء تكييف هذه المحكمة لها هو طلب إلزام الجهة الإدارية بتمكينها من إذاعة برنامج الأبراج الفلكية بعد رفع الحظر عنه – للأسباب التى تستند عليها فى طلباتها – وإلغاء برنامج هذا المساء وهو ما يدخل فى عداد المنازعات الإدارية التى يختص بها مجلس الدولة، لأن الطاعنة تنازع فى أن الجهة الإدارية – بحظرها إذاعة برنامج “الأبراج الفلكية” وإذاعة برنامج “هذا المساء” تنكبت صحيح حكم القانون فى إعمالها لسلطتها المخولة لها فى القوانين واللوائح المنظمة له.

ومن حيث أنه يخلص من كل ما تقدم إلى أن المحكمة فى حكمها المطعون وقد انتهت إلى أن الطاعنة تهدف بدعواها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار حظر إذاعة برنامجها “الأبراج الفلكية” وإسناد إذاعته إلى آخر باسم مغير، تكون فى هذا الخصوص قد أخطأت فى تطبيق القانون حينما أسبغت على الدعوى وصفاً غير وصفها الحق وأعطتها تكييفاً غير تكييفها القانونى الصحيح بعد أن تبين أن ما تطلبه الطاعنة يدخل فى حقيقة الأمر فى عداد المنازعات الإدارية التى يختص مجلس الدولة بنظرها.

ومن حيث أن القانون رقم 13 لسنة 1979 فى شأن اتحاد الإذاعة والتليفزيون نص فى المادة الأولى منه على أن “تنشأ هيئة عامة باسم “اتحاد الإذاعة والتليفزيون تتولى شئون الإذاعة المسموعة والمرئية ….”.

وتنص المادة الثانية منه عل أن “يهدف الاتحاد إلى تحقيق رسالة الإعلام الإذاعى المسموع والمرئى … وفى سبيل ذلك يعمل الاتحاد على تحقيق الأغراض الآتية:

1) أداء الخدمة الإذاعية المسموعة والمرئية بالكفاءة المطلوبة وضمان توجيها لخدمة الشعب والمصلحة القومية …… 2- ……… 3- العمل على نشر الثقافة وتضمين البرامج الجوانب التعليمية والحضارية والإنسانية وفقاً للرؤية المصرية والعالمية الرفيعة لخدمة كافة فئات الشعب … 4- تطوير الإعلام الإذاعى والتليفزيونى …”

وتنص المادة الثالثة منه على أن “للاتحاد أن يتعاقد وأن يجرى جميع التصرفات والأعمال المحققة لأغراضه …. وله على وجه الخصوص ما يأتى 1- ………….. 2- ……….3- انتاج المواد الفنية الإذاعية والتليفزيونية وتسويقها بالبيع أو التأجير فى الداخل والخارج وفقاً للشروط والأوضاع التى يراها محققه لأغراضه. 4- تملك حقوق التأليف والنشر وأسماء الشهرة التجارية للمواد الإذاعية التى ينتجها أو يستخدمها …”

ومن حيث أنه يستفاد من كل ما تقدم أن اتحاد الإذاعة والتليفزيون – من خلال أجهزته وإداراته المختلفة – يعمل على أداء الخدمة الإذاعية – المسموعة والمرئية بكفاءة تامة وعلى ضمان توجيهها لخدمة الشعب وما يستلزمه ذلك من ضرورة أن تتضمن برامجه ما يحقق نشر الثقافة وتعمق الجوانب الحضارية والإنسانية ومخاطبة كل فئات الشعب، وهو فى سبيل ذلك عليه أن يهتم دائماً بتطوير تلك البرامج وما يقتضيه ذلك من إحلال برامج وإيقاف برامج قديمه وذلك كله فى ضوء السياسة الإعلامية المستهدفة، ولما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن برنامج “الأبراج الفلكية” تم وضعه على خريطة البرامج يوم 30، 31 ديسمبر فى دورتين متتاليتين عامى 1993، 1994، إلا أنه رؤى بعد ذلك وقف هذا البرنامج ضمن خطة اتحاد الإذاعة والتليفزيون الدورية فى تطوير شكل البرامج وما يجرى لتحقيق ذلك من وقف لبعض البرامج وإحلال لبرامج جديدة الأمر الذى يدخل ولا شك فى إطار ممارسة الجهة الإدارية لاختصاصاتها المنوطة بها قانوناً فى ضوء الغاية المتوخاة لتسيير المرفق العام الذى تهيمن على تسييره وهى فى ذلك تتمتع بسلطة تقديرية لا يحوها سوى اساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها – ولما كان ذلك وكانت الجهة الإدارية قد أعملت سلطتها فى وقف برنامج “الأبراج” وعدم إدراجه ضمن خريطة البرامج، ومن ثم فإن منازعة الطاعنة لها فى ذلك تكون غير قائمة على أساس صحيح من القانون.

ومن حيث أنه لا ينال من كل ما تقدم ما أوضحته الطاعنة أن تصرف الجهة الإدارية فيه اعتداء على نتاج فكرها حسبما هو منصوص عليه فى القانون رقم 354 لسنة 1954 بشأن حماية حق المؤلف والذى لا تملك الجهة الإدارية إزاءه أى سلطة تقديرية، ذلك أن الطاعنة وشأنها فى أن تستظل بأحكام القانون المشار إليه إن كانت تجد فيا حمايتها، وأن النزاع الماثل لا يتعلق بتطبيق أحكام ذلك القانون وإنما يدور حول مدى سلطة الجهة الإدارية فى إحلال برامج جديدة ووقف برامج قائمة فعلاً على خريطة البرامج التى تقوم بإعدادها على فترات دورية مختلفة، كما لا وجه لما أثارته الطاعنة من أن وقف برنامج “الأبراج” يمثل تعنتاً من الجهة الإدارية ضدها نتيجة لحصولها على حكم بإلغاء قرار جزاء صدر ضدها ذلك لأن إساة استعمال السلطة أو الانحراف بها من العيوب القصدية التى يتعين إثباتها وهو ما خلت منه الأوراق وأن الحكم الذى صدر لصالح الطاعنة بإلغاء قرار جزاء وقع عليها نتيجة مخالفة ارتكبتها أثناء تأدية واجبها الوظيفى لا يصلح دليلاً على إساءة استعمال السلطة.

ومن حيث أنه يخلص عن كل ما تقدم إلى أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون بعدم قبوله دفع جهة الإدارة بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى، على سند من أن ما اتخذته الجهة الإدارية حيال برنامج “الأبراج الفلكية” لا يعدو أن يكون إجراءاً من الإجراءات الداخلية التى تتخذها السلطة الإدارية بقصد تسيير المرفق وتنظيمه.

ومن حيث أننا انتهينا فى الطعن رقم 1435 لسنة 42 ق المقام من الطاعنة إلى أن حقيقة دعوى الطاعنة هى منازعة إدارية بينها وبين اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وأن الدعوى لا تنصب على قرار إدارى نهائى يدخل ضمن القرارات الإدارية التى تكون محلاً لطلب وقف التنفيذ أو الإلغاء ولما كان شرط المصلحة من الشروط الواجب توافرها حتى صدور الحكم فى الدعوى، ومن ثم فإن مصلحة الجهة الإدارية فى الطعن على الحكم المطعون فيه تكون قد زالت بقضاء هذه المحكمة فى الطعن رقم 1453 لسنة 42 ق الأمر الذى يستوجب معه عدم قبول الطعن رقم 2263 لسنة 42 ق.ع لزوال شرط المصلحة.

ومن حيث أن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها.

 

* فلهذه الأسباب

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن رقم 1435 لسنة 42 ق شكلاً ورفضه موضوعاً على النحو الموضح بالأسباب وألزمت الطاعنة المصروفات وبعدم قبول الطعن رقم 2236 لسنة 42 ق وألزمت الطاعن المصروفات.

 

 

 

 

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى