مذكرات طعن بالنقض جنائي

مذكرة فى قضية السادة الزملاء المحامون الافاضل محامى مغاغة محافظة المنيـا

مكتــب عدنـان محمـد عبـد المجيـد عبدالعزيز احمد عبدالعزيز المحــامــيان بالنقض و الدستورية العليا موبايل: 0121095120  ت : 01149000154

 

محكمة جنايات المنيا

الدائرة (     ) جنايات

مذكرة

بدفاع الاساتذة/ ———- وآخرين        “متهمون”               

وذلك

فى الجناية رقم      لسنة       ج مغاغة

اسندت النيابة العامة للأساتذة المذكورين انهم فى الفترة من 26/10/2011 وحتى 16/11/2011

أولا : استعملوا التهديد مع موظف عام ” مدير نيابة مغاغة الجزئية ” لحمله بغير حق على أداء عمل من أعمال وظيفته –هو اجراء تحقيق قضائى بشأن شكوى مقدمة منهم فى الزمان وبالكيفية التى أرادوها خلافا لما قدره وفقا لمقتضيات حسن أداء العمل –ولم يبلغوا من ذلك مقصدهم على النحو المبين بالتحقيقات .

ثانيا : اهانوا بالقول و التهديد موظفين عموميين “مدير و اعضاء نيابة مغاغة الجزئية ” وكان ذلك أثناء وبسبب تأديتهم أعمال وظيفتهم على النحو المبين بالتحقيقات .

الدفاع

أولا : أنتفاء وقائع جريمة أستعمال التهديد فى حق موظف عام لحمله على أداء عمل من اعمال وظيفته و جريمة أهانة الموظف العام فيما أسند إلى المتهمين خلال يومى 26/10/2011  , 27/10/2011 من افعال

وإذ يبين من مطالعة اوراق الدعوى و تحقيقاتها ان القيد والوصف الوارد بمذكرة الاتهام قد اختلطت خلاله احداثها و توقيتاتها و شخوص المشاركين فيها وادلتها فجاء حاملا فى طياته معاملة واضحة لجموع السادة المحالين بأعتبارهم كتلة واحدة أنتظمت فى افعال متتابعة فى توقيت واحد شاركوا فيها جميعا متفقين ومتضامنين وانتهاء بان خلط وقائع عزى حدوثها ليومى 26/10/2011  , 27/10/2011  ولم  يبلغ عنها من السادة الافاضل أعضاء النيابة العامة بالمذكرات المحررة منهم بالواقعة بأخرى مخالفة لها جرت فى 15/11/2011 , 16/11/2011 وخلط تبعا لذلك بين شهود كل منها و الاتهام فيها. إذ أن ثمة فارق جوهرى يحول دون هذا الجمع بين الواقعتين

 ذلك ان ما جرى فى يومى 26/10/2011 , 27/10/2011 تمثل فى قيام مجموعة بعينها من السادة المحامين بأتخاذ مسلكا قانونيا غير مستوجب للوم بالتقدم ببلاغ قبل قضاة المحكمة لتعليقهم العمل القضائى بها وهو ما يعد فى ذاته امر مستوجبا للمسألة القانونية فى حقهم “يقصد بذلك القضاة الممتنعين” إلى السيد وكيل النيابة الذى نظن انه تهيب قبول البلاغ دون الرجوع لمرؤسيه فأمتنع عن قبوله موجها لهم بالتقدم بالبلاغ عند تواجد السيد مدير النيابة ووفقا للرواية المتداولة- بما لا نسلم بها- فقد قام بعض الاساتذة بتحفيزه بعبارة أوردها شهود تلك الواقعة ربما لم ترق للسيد / على محمد محمد خليفة – رئيس القسم الجنائى ” احد شهودها” بأن قالوا له كما ورد بأقوال الاخير “انت قاعد على المكتب زيك زى المدير فأفتح لنا تحقيق و اثبت عدم حضور السادة الفضاة ” وليس من ثمة منصفا يرى فى تلك العبارة أى اهانة تحملها وجهت إلى سيادته له منا ولكل أعضاء الهيئة القضائية كل تقدير واحترام بما لا يحتاج إلى تكرار ذكره انفا بهذه المذكرة فتلك العبارة تقريرا لواقع انه بوصفه احد اعضاء النيابة العامة له تلقى البلاغ و له ذات اختصاص مديره فى حالة عدم وجوده ومن العجيب أن سيادته لم يرى فى تلك الواقعة ثمة اهانة له فلم يبلغ عنها أو يتخذ بشأنها أى اجراء .

وبتاريخ 27/10/2011 حضر ذات الاساتذة المبلغين و ليس جميع المحالين للمحاكمة الجنائية للسيد مدير النيابة و حثوه على قبول بلاغهم وان سيادته حاول صرفهم مقررا بأن البلاغ سوف يقيد برقم عرائض دون أعطائهم ثمة بيان رسمى يؤكد ذلك على الاقل ” ولا يعرف حتى الان مصير هذا البلاغ وما إذا كان قد قيد برقم عرائض أو حقق أو قبل من عدمه” ” ثم انه تركهم و انصرف من مكتبه وبقوا هم فى انتظاره على نحو لم يرق كذلك للسيد رئيس القلم الجنائى لتناولهم مشروبات او تدخينهم او قراءة جريدة وما شابه من وسائل تمضية وقت الانتظار الطويل و قرر بان شخص كان معهم مجهول لا يعرفه ردد عبارة “هنعلمهم الادب ” دون ان ينسب تلك العبارة لأى من المحالين المعلومين لديه كما أظهرت اقواله بالتحقيقات ومن ثم فلا مجال لان يعاقب عنها المحالون للمحاكمة جميعا مع كون قائلها شخص وصف بغير المعروف للشهود وفقا لمبدأ المسئولية الشخصية المشار إليه لمبدأ شخصية المسئولية الجنائية  وهو من المبادىء الدستورية وهو مقنن فى شرائع السماء قبل دساتير الناس ، فقد قال الله تعالى فى كتابه العزيز : ” وكل إنسان الزمناه طائره فى عنقه ” وفيه ” كل أمرىء بما كسب رهين ” ( الطور 21 ) .. وفيه أيضاً ” : ولا تزر وازره وزر أخرى “( الأنعام 164 ، وفاطر 18 ) .. وبنص الدستور المصرى ، شأن كل المواثيق ودساتير العالم المتحضر على أن ” العقوبه شخصية ” .. لذلك ، فمن المسلم به فقهاً وقضاء وباجماع أن المسؤلية الجنائية شخصية ، فلا توقع عقوبه جريمة الا على من ارتكبها بنفسه او أشترك فيها إشتراكاً عمدياً بعمل من أعمال الاشتراك ، أى على من توافر فى حقه الركنان المادى والمعنوى لهذه الجريمة ، ولا يسأل شخص عن جريمة يرتكبها أو يتسبب فيها غيره ، إلا أذا أحاط علمه بعناصرها وأتجهت ارادته فى الوقت نفسه الى المساهمه فيها بأحدى صور المساهمه الجنائية التبعية المعروفه فى القانون .

د محمود مصطفى – القسم العام – ط 10 – 1983 – ص 485 ، 486

د  احمد فتحى سرور – الوسيط – عام – ج 1 – ط 1981 – ص 577 ، 578

د محمد مصطفى القللى فى المسؤلية الجنائية 1948 – ص 70 ، 71

الاستاذ على بدوى ، المسؤلية الجنائية ص 329 ، 330

د محمود نجيب حسنى – القسم العام – ط 5 – 1982 – نبذه 734 – ص 655 وما بعدها .

المستشار محمد سعد الدين ، مرجع القاضى فى المسؤلية الجنائية ط 1985 – ص 71 وما بعدها .

وقد جزم شهود الواقعة بأن الابواب كانت مفتوحه ولم يمنع احد من مباشرة عمله  فى كلا اليومين المتتابعين .

و قد دارت فحوى أقوال باقى الشهود بشأن الواقعة حول ذات المضمون وبما لا يخرج عنه وهم  كلا من حسين على خميس –موظف النيابة  , محمد نجيب عبد الحميد – حارس النيابة , أحمد رياض السيد – مساعد الشرطة

و إذ بالمذكرات المحررة من السادة أعضاء النيابة العامة بنيابة مغاغة  تخلوا من ثمة ذكر لوقائع  يومى 26/10/2011 , 27/10/2011 او ما جرى خلالهما من احداث

 واغلب الطن بل اكبر اليقين أنهم كما اسلفنا القول لم يجدوا فى تلك الواقعة ثمة ما يعد خروجا عن المسلك الواجب من قبل المتواجدين من الاساتذه المحامين أن ذاك و ان العمل القضائى والاحتكاك المفترض بين طرفى العدالة “سلطة الاتهام و الدفاع”  يتسع لمثل تلك المشادات والعبارات ان اعتبرت كذلك و ان تواجد السادة المحامين بالمكان امر عادى و تناولهم المشروبات “ان صح ذلك” ترقبا لقرار السيد مدير النيابة فى التحقيق واثبات فحوى ما جاء بأجندة الجلسات على وجه مستعجل فى مكتبه بمكانه مألوف لديهم و لا يعد احتجازا وقد تركهم وخرج ولم يحدث ثمة تجاوز فى حق سيادته  بل لن يرى اى منصف ينشد العدالة من ذلك سوى “وعذرا فى المقالة”  تقاعس من النيابة العامة عن اتخاذ اللازم فى بلاغ قدم إليها من جموع محامين تأثرت اعمالهم الكاسدة اصلا منذ توقف العمل فى بداية الثورة لعدة اشهر مضت  ولا سبيل لهم لأستعادة حقوق موكليهم الغاضبين عليهم و المتهمين لهم بالتقصير و اضاعة الوقت مع تعليق العمل القضائى ولو جرى التصرف فيه كشأن غيره من البلاغات التى تحمل فى طياتها لبسا أو مظنة سوء من مقدمها بالسرعة اللازمة ومع كونه متعلق بأمر متعلق بالعمل القضائى و السادة القضاة وقد يعترى المبلغين فيه مظنة الانحياز أو الاهمال أو التخوف والتهيب من قبل النيابة العامة لما كانت هناك مدعاة للاحالة للمحاكمة الجنائية ومن ثم فأن النيابة العامة على عاتقها نصيبا من المسئولية فقد يكون سوء التقدير فى حينه قد تسبب فى تلك التداعيات

ومهما يكن من امر فأن قرار الاتهام قد جاء مجملا  فى الاسناد و يخالف حقيقة ما جرى فى يومى 26’ 27/10 من عبارات واقوال و شهود تماما و عزاها جميعا جملة إلى جميع السادة المحامين المحالين للمحاكمة خلافا لحقيقة الواقعة ومن شهد بشأنها و شخوص المتواجدين خلالها والعبارات التى رددت خلالها وقامت بدمج الوقائع بعضها مع البعض فى تصور واحد حمل خلطا يؤثر بلا شك فى أساسه القانونى والواقعى ومن ثم فقد خالف مبدأ المسئولية الشخصية  

ثانيا : أنتفاء أركان جريمة التهديد و الاهانة بالقول وشيوع الاتهام و تهاتر الادلة الأسناد بشانها و قيامها على الافتراض والتخمين

ولم يبق لدينا سوى أن نتطرق إلى أحداث يومى 15, 16/11/2011 والتى تتلو واقعة الابلاغ عن توقف العمل القضائى الذى لم يحقق طوال تلك المدة أو يعلم مصيره بأكثر من ثلاثة اسابيع وأـثار التوقف السلبية على السادة المحامين الموصوفة بعاليه وقد تزامنت تلك الاحداث جميعها مع وقت نشد الناس فى مصر كلها خلاله حقوقهم القانونية المشروعة و ليس المحامون سوى بعض منهم لهم حقوق أقرها القانون لم تراع طوال سنوات عدة وفى تلك الاجواء التى لا يستثنى فيها  فئة عبر البلاد لم يسمع عن انها قد  خرجت عن طورها وتجاوزت فى طلبها لحقوقها نوقش قانون السلطة القضائية وعلق العمل القضائى و سلكت النيابة العامة مسلكا بشأن أستغاثة المحامين بها مخيبا للامال فلم تحقق بلاغهم منذ اسابيع ولم تراع تضررهم من وقف العمل فاجتمع من اجتمع من الجموع التى لا يعرف يقينا من منها من المحامين و من له أرباً غير ذلك ووجد ضالته فى هذا التجمع فانضم إليه مزمعا تحقيق مأربه فقيل أن المجتمعين مائة وخمسون إلى ثلاثمائة لا يعلم أن كانوا جميعا ينتمون إلى النقابة من عدمه كلا يحدوه بغيته وامله ومسلكه الفردى الذى يسأل عنه وحده دون سواه وقبل أن نخوض فى حقيقة ما جرى يومها وادلته يتعين أن نرسخ حقيقة أوليه حول تلك الواقعة  إذ ينسب إلى السادة المحامين كونهم قد علقوا العمل القضائى واحتجزوا السادة اعضاء النيابة العامة فى مكاتبهم فى حين أن ادلة وامارات جازمة تؤكد ان هذا لم يحدث مطلقا حتى وان لعب الخيال وغياب الصورة الجامعة دورا فى مطنة العكس إلا أن المذكرات التى حررت من قبل السادة أعضاء النيابة العامة تشى بعكس ذلك ونجمل تلك الحقائق فى الاتى

  1. ورد بمذكرات النيابة العامة أشارة بأن أن الحرس المتواجد ورجال الشرطة الذين حضروا هم من اغلقوا المكاتب عليهم خوفا من الاحتكاك بالمتواجدين ومن ثم تنتفى الجريمة بركنيها المادى و المعنوى  .
  2. ورد بتلك المذكرات كذلك أن رجال الشرطة قاموا  بوضع “اريكة” كمتراس خلف الابواب واحكموا غلق الغرف على السادة اعضاء النيابة العامة .
  3. ذكرت تلك المذكرات انه قد تم مباشرة بعض التحقيقات بصعوبة نظرا للزحام  لا أكثر وجرى نقل الملفات خلال اليومين بالغرف دون أن يحدث أى فقد لورقة أو محاولة منع ذلك .
  4. اكدت مذكرات النيابة العامة أنه قد تم أنتقال بعض اعضاء النيابة العامة لمكتب مدير النيابة واجتماعهم فيه تحت رعاية رجال الشرطة ولم يجرى ثمة أعتداء من قبل المتواجدين .

وكانت النيابة العامة فى التحقيقات قد أستبعدت جناية التجمهر من الاوراق ووفقا لما جاء بتلك التقريرات الواضحة بمذكرات النيابة حول الواقعة  تنتفى واقعة المنع من مباشرة اعمالهم وان الزحام فقط هو ما كان يعوق العمل بعض الشىء.

ولا يفوت الدفاع فرصة تصويب كل خطأ ادى لتفاقم تلك الواقعة مضطرا لمواجهته حتى تقع الاستفادة من الحدث للحيلولة دون تكرار مثيله مستقبلا إذ ان البين من الوقائع ان بعض السادة المحامين قد خالطهم عددا اخر من الاشخاص المجهولين بمقر النيابة العامة كلا على نيته وقصده وكان فريق المحامين ينشد قيام النيابة العامة بتحقيق واقعة امتناع السادة القضاة عن العمل بما يرتبه ذلك من مسئولية قبلهم ففؤجىء بحضور رجال الشرطة واتخاذ اجراءات تحول دون اتصالهم بالنيابة العامة وتحقيق شكواهم وغلق غرف السادة اعضاء النيابة باستخدام اريكة وكأنها متاريس يحتجبون خلفها و ظن صاحب التعامل الامنى المبالغ فيه انه يحول دون تفاقم الوضع إلا أنه و دون ان يدرى كان فى الحقيقة يؤججه ويعطى لذوى المأرب الاخرى فرصة  فإذا كان القضاة قد علقو العمل واحتجبو عن نظر الدعاوى فها هى النيابة العامة بدورها  تترس عنهم بدعوى وجود عدد كبير منهم وكأن النيابة لم تعهد من قبل تجمعا للمحامين والاهالى بالطرقات والاروقة فى عملها السابق ولو قدر الله حينها بصيرة لأحد لكان اولى بأن يستدعى السيد مدير النيابة نقيب المحامين بمغاغة و بعض من كبار المحامين و يجتمع بهم فى حينها لسماع شكواهم وبث الطمأنينة فى اعماقهم ووقتها سينفض كل مغرض ممن لا صلة له بنقابة المحامين من الجموع التى تقدر بثلاثمائة شخص و يتزيل المحامين إلى اماكنهم بعيدا عن الطرقات تاركين مندوبيهم يوصلون اصواتهم للنيابة العامة حتى يزول كل لبس أستغله من يرنوا لتأزيم الموقف واندس فى الجموع متخذا من حالة الشيوع الواضحة مجنا يقيه كشف امره إلا أن النيابة العامة للاسف لم توفق لهذا المسلك ومن خلف الابواب التى لا يرى من خلفها السادة الاعضاء ما يحدث تسامعوا بالنداء والهتاف ولم يجدوا بدا سوى التقصى البعيد عن محدثى ذلك فجأت الوشايات تترا باسماء دفع بها إليهم و ليس اسهل من أيراد اسماء من ابلغوا عن واقعة امتناع القضاة عن العمل فى الصدارة فلهم مسئولية غير مباشرة لأبلاغهم القانونى وأن يصل إليهم تسجيلات صوتية ومرئية لا يعلم كيف سجلت؟ ومتى سجلت؟ ومن القائم بتسجيلها ؟ وهل حرر محضرا من قبل النيابة العامة بتلقى هذه التسجيلات للوقوف على تلك المجاهيل ؟ وهل صنعت وجرى دمجها من عدمه لكن الاكيد كونها مجهولة المصدر بما ستنتاوله فيما بعد

بيد ان القول الفصل بهذا الشأن هل أقيم الاسناد الجنائى على حقائق وادلة صحيحة ام انه وليد ظن و أجمال للواقعة لا يمكن الوقوف على فاعليها وهذا الامر يقودونا صراحة إلى لغز يؤكد ان الاتهام قد ألقى جزافاً السادة المحامين المحالين للمحاكمة ويمكن تسمية هذا اللغز بأسم “هبة غانم المحامية قائدة الواقعة الابرز.

فقد حرر السيد الاستاذ/ محمد مسعد احمد مذكرة ضمنها سرده للواقعة اسند خلالها إلى محامية قرر بانها تسمى / هبة غانم المحامية قيادة المحامين فى الهتاف و طلبها احتجاز السادة اعضاء النيابة العامة وعقب ذلك خلال التحقيقات لم تخلوا شهادة لشاهد من ذكر اشارة للاستاذة /هبة غانم المحامية باعتبارها محرضة وفاعلة للواقعة و قائدة هتاف ولم تغب عن المشهد مطلقا لدرجة يمكن ان يقال معها انها اكثر من تردد ذكره من الجميع بما يدخل فى روع السامع بأن الاستاذة المذكورة شخصية معروفة شخصيا للشهود وعلما من المحامين بمغاغة لكل من يعمل بمبنى المحكمة والنيابة العامة  وعلمهم بها يرقى لعلم اليقين و قد تعامل معها الموظفون وتلقو اوراق تحمل اسمها فى عملهم مرات عدة لدرجة لا تحمل اى شك بشأنها ” هكذا توحى اقوالهم ” ومن ذلك اقوال شعبان محمد شعبان مرسى – سكرتير التحقيق , مجدى فتحى على احمد  وغيرهم .

غير ان مطالعة بسيطة لأمر الاحالة يظهر أن الاستاذة المذكورة ليست من ضمن المحالين للمحاكمة الجنائية فإذا نقبت خلف الامر حتى تصل لكيفية خروجها من حلبة الاتهام مع كون سواها من المحاميات قد تضمنهم الاتهام تبين لك أن الاستعلام الذى ورد من نقابة المحامين والذى أشار لكل أستاذ من المحالين باسمه و شهرته أن وجدت يخلو منها لنكتشف فى النهاية من التحريات و هذا البيان الرسمى انه لا يوجد احد بهذا الاسم الذى ردده جميع الشهود و اعضاء النيابة العامة ؟؟؟  

فهل نحن بصدد وقائع حقيقية تنسب لهؤلاء الزملاء أم أن الاتهام يساق بحسب من تواجد ولو للحظة او مر خلال الواقعة ولو حتى بدافع الفضول أو اى شىء اخر خلاف ذلك يمكن أن تتخيله ؟؟ المحصلة ان هذا اللغز يكشف عن ان الاتهام التأديبى و الجنائى غير قائم على حقيقة يمكن ان تطمئن إليها عقيدة القاضى فى الادانة.

يعضد ذلك حقيقة اقوال شهود الواقعة ومنهم محمد سيد حسين احمد –موظف النيابة العامة الذى قرر بأن مطلقى الهتافات المسيئة لا يعرف احد منهم و كذا احمد راضى محمد موظف النيابة الذى اكد ايضا بأنه لا يعرف أسماء القائمين بالهتاف و قرر اللواء / سمير محمد محمد سالم –مساعد مدير امن المنيا “انه لم تكن هناك ثمة واقعة احتجاز و ان العمل كان ساريا لكن بصعوبة نظرا للتجمع ولا يوجد محاولة اقتحام بالقوة ولا يعرف اسماء القائمين بالهتاف المسىء”

اما باقى الشهود فلم يرد على لسانهم مطلقا ذكر أسماء جميع المحالين فى الواقعة وكلا أدلى بدلوه كما يحلوا له و كذا التسجيلات المرئية والصوتية المجهولة المصدر و التوقيت و المكان و المضمون لم يرد بها تواجد بعض الاساتذة المحالين من الاساس وبعضهم لم يشارك فى هتاف او قول فكيف يمكن ان يعاقب من لا ذكر له ولا وجود عن الواقعة

 وكيف نطمئن لشهادات قائمة على الظن حاول فيها بعض الموظفين من الشهود ادعاء اجتراح المعجزات بانهم منعوا وتصدوا للمتواجدين دفاعا عن رؤسائهم مستغلين ان جميع السادة اعضاء النيابة العامة داخل غرفهم يصلهم الصوت ولا يعرفون ما يجرى ومن اطراف الحدث لكن أبت ارداة الله إلا ان تكشف “هبة غانم ” حقيقة الاتهام المتهاتر الاساس.

وإذ تقول محكمه النقض :-

” الشهاده فى الأصل هى تقرير الشخص لما يكون قد رأه أو سمعه بنفسه أو أدراكه على وجه العموم بحواسه “

(نقض 6/2/1978 – س 29 – 25 – 39)

ومن المقرر فى هذا الصدد أن المسؤلية الجنائيه  لا تقام إلا على الأدله القاطعه الجازمه التى يثبتها الدليل المعتبر ولا تؤسس بالظن والإحتمال على الفروض والإحتمالات والإعتبارات المجرده

نقض 24/1/1977 – السنه 28 – رقم 28 – ص 132 – طعن 1087 لسنه 46 ق

نقض 17/10/1985 السنه 36 – رقم 158 ص 878  – طعن 615 سنه 55 ق

غاية القصد أنه ليس هناك من ثمة حقيقة تخلوا من الشبهة الواضحة تحملها الاوراق  فلا جزم بشأن الواقعة المسندة وشخوص مقارفيها الذى شابه التزيد فى الاسناد بما يلائم تصور حشود كبيرة و مسئولية مشتركة حول الحدث تحمل النيابة العامة كفلا منها فى مسلكها يتعين وضعه فى الاعتبار دون ان يعد ذلك أـقلالا من قدرها ومن ثم فأن جزء من ترميم تبعات هذا الامر لا يتعلق بمجازاة من نسبت إليهم وعقابهم فليس العقاب بوسيلة انتقام او ثأر بل بتحقيق العدل فيهم والنأى بمن لا وجه للزج به فى الواقعة عنها .

ثالثا: بطلان  الدليل المستمد من التسجيلات المرئية والصوتية المجهولة المصدر و عمل الخبراء المنتدبين لفحصها وقيامه على اسس غير علمية

اعتمد الاتهام الماثل فى حقيقة الواقع على مقاطع مرئية واخرى صوتية قدمت من قبل النيابة العامة مجهولة المصدر والتوقيت وبعضها مرفوع من على الشبكة الدولية” الانترنت ” ودفع بها إلى لجنة خبراء بالهندسة الاذاعية بالهيئة الوطنية للأعلام لمضاهاة الصورة و الصوت مع ما يخص السادة المحامين المحالين من اصوات و صور و قد اودع تقرير من الهيئة المذكورة بنتيجة هذا الفحص .

وبرغم كون المشرع الجنائى لم يجعل التسجيلات الصوتية و المرئية دليلا يمكن التعويل عليه فى الادانة بأعتبار أن التقنيات الحديثة تثبت امكانية تعرض تلك المقاطع للتزييف والتزوير المتقن بالأضافة والحذف و الدمج بل وصل الامر لوجود تقنيات تسمى “deep fake ” تستخدم فى اصطناع التسجيلات المرئية  كاملة ونسبتها لاشخاص بعينهم حتى من توفى منهم منذ زمن بعيد واخرى تستخدم فى اصطناع المقاطع الصوتية و تقليد الاصوات ببرامج متداولة إلى جانب ما يمكن احداثه بوسائل أكثر سهولة وبدائية فى الاستخدام من تغيير لمضمون محتوى التسجيلات بدمج مقاطع و كلمات و عبارات تؤدى لمعانى مغايرة إلا أن دعوانا الراهنة قد سعت للمحكمة الموقرة محمولة على عاتق تلك التسجيلات حقيقة دون سواها .

 و يلتقى ذلك التطور و التعدد فى وسائل الاصطناع فى دعوانا الراهنة مع بدائية الاساليب المستخدمة من اللجنة المنتدبة فى التعرف على الاصوات و فى فحص تلك التسجيلات من قبل خبراء الهيئة الوطنية للاعلام فمع كون العالم باسره لديه وسائل تقنية متعددة لفحص المقاطع و التعرف على الاصوات لازال خبرائنا بعتمدون على خبرتهم الشخصية فى التعرف على الاصوات بحكم عملهم الاذاعى لا اكثر وهى وسيلة ان صح استخدامها فى ستينات القرن الماضى لغياب الوسائل الاخرى فأنه مع التقدم فى برامج الفحص و التعرف على الاصوات المنتشرة و بعضها موجود على الشبكة الدولية بالمجان فلا مساغ للعودة للفحص السمعى و ليقرر الخبير ان هذا صوت فلان جازما بخبرة شخصية تشبه خبرة الذواقة فى محلات المأكولات

وحال كون المستقر عليه فقهاً وقضاء انه يشترط فى دليل الأدانه ان يكون متوسداً عن اجراء مشروع قانوناً وتلك المشروعية لا تأتى الا بأن يستحصل على الدليل من مصدر صحيح بإجراءات صحيحة وكارثه الكوراث إلا يعلم مصدر الدليل او كيفيه الحصول عليه ولا سيما فيما يخص الدليل المستمد من التسجيلات الصوتية أو المرئية وهو ما دعى المشرع  لأاحاطتها بسياج من الحماية عنى خلاله بأن لا يتم الأخذ بالتسجيلات الصوتية او المرئيه وفقاً لنص المادة 206 اجراءات جنائية إلا بعد الحصول على امر قضائى من القاضى الجزئى مراعاه لمدى اهميه هذا الدليل واشترط كذلك ان يتم اتخاذ اجراءات تسجيله وتحريره على نحو يحول دون تعرضه للعبث وبخاصه وان الأدلة القائمة على التسجيلات الصوتية او المرئية عرضه للعبث بها سواء بالحذف أوالأضافة أوالمونتاج أو التقديم و التأخير بما يلزم معه الأستيثاق من مصدر الدليل وكيفيه الحصول عليه .

ولا يكفى لقيام الاسناد ، ان قام أن يتوسد دليل انما يجب أن يكون ” الدليل ” صحيحا ، متولدا عن اجراءات صحيحة بريئة من البطلان و أن يبرأ موضوع الدليل نفسه – مما يبطله . . و مع أن هذه القاعدة أصولية ، مستفادة من الشرائع ، ومن جماع نصوص القانون ، ولا تحتاج الى نص خاص ، لانها تطبيق للمبادىْ العامة التى توجب على المحاكم عدم الاعتراف الا بالاجراءات المشروعة ، و الابطل الحكم الذى يستند الى دليل أو أدلة مستمدة منها ، وحتى ولو كان الدليل فى ذاته صادقا .. وهو ماجرت عليه محكمة النقض فى العديد من أحكامها ، مقررة أنه لا يكفى لسلامة الحكم أن يكون الدليل صادقا متى كان وليد اجراء غير مشروع

( نقض 9/1/1977 – س 28 – رقم 9 – ص 44، نقض 11/2/1974 – س25- ص 338 ، نقض 11/6/1972 –س23- رقم 203- ص 906 ) .

ومن العلم العام ، – أن التسجيلات الصوتية والشرائط المرئية صالحة بطبيعتها لعمليات المونتاج التى يمارسها كل يوم مقدمو البرامج ومخرجو الإذاعة والتليفزيون والسينما ،- وبغير عمليات المونتاج يستحيل عمل المصنفات الفنية المسموعه أو المرئية ،- ويستحيل عمل البرامج المختلفة المسموعه او المرئية التى قد يحدث أثناء تسجيلها او تصويرها ما يستدعى الحذف او التعديل لبعض مسامع او مشاهد او عبارات قيلت خطأ أو حدث فى نطقها ما يعيبها او فرط فيها مالا تسمح به الرقابة ،- او ما يستدعى نقل مسمع او مشهد او عبارة او عبارات الى موضع اخر فى المصنف او الحوار لإجلاء أمر أو إستحساناً للترتيب ما فى العرض الى غير ذلك من الاسباب العديدة المعلومة الشائعه التى تمارس كل يوم

‍‍‍‍‍‍‍‍‍   لذلك فإن التسجيلات الصوتية والشرائط المرئية لا يؤخذ بها بتاتاً كدليل فى الدول المتمدنه وغايتها ان ابحث ان تتخذ وسيلة للإهتداء إلى دليل ، فالتسجيلات الصوتيه والشرائط المصورة ،- حتى وان نجيا من البطلان ،- عرضه للعبث والحذف والإضافة والتقديم والتأخير وكل عمليات المونتاج ،- من اجل ذلك كان من المقرر ان التسجيلات الصوتية ليست من الادله فى الدعوى الجنائية ، ولم يذكرها قانون الاجراءات الجنائية فى تعداده لأدله الإثبات والتسجيلات الصوتيه و الأشرطة المرئيه ليست من قبيل المحررات ، لأن الاصوات أو المشاهد المصورة بعد تسجيلها ليست قابلة للتحقيق ممن اسندت اليه كقابلية ” الكتابه والتوقيع والختم للتحقيق من صحتها عند الانكار او الطعن عليه وهى ليست من قبيل الشهود  ،- لأن الذى ينطق بها آله طوع من يوجهها ، ولذلك فهى لا يعول عليها فى الدول المتمدنة كدليل ولا تبنى عليها أدانة وانما هى فقط وسيلة بوليسية قد تكشف لسلطات البحث او التحقيق عن دليل يفيد فى الضبط .

لذلك لا يؤخذ بالتسجيلات الصوتية ولا بالأشرطة المصورة كدليل فى الدعوى الجنائية ،- فإذا ما أضيف إلى هذا ثبوت ان هذه وتلك كان حصيلة لجريمة تستوجب عقاب فاعلها ومصادرة الأجهزة المستخدمة فيها ومحو وإعدام الشرائط الصوتية المسجلة والشرائط المرئية المصورة ، – فإنه يستحيل ويمتنع وغير مقبول والأمر كذلك أن تطرح كدليل أو أستدلال يسمع أو يشاهد فى ساحة القضاء

ومهما يكن من امر المبادىء القانونية التى تواتر عليها العمل القضائى بشأن التسجيلات و الاستدلال بها فأن ما ظهر من خلال تقرير الفحص لتلك التسجيلات يكفى فى ذاته لاطراحها للاتى :

1-قرر التقرير بأن التسجيلات قد تمت من هواتف محمولة وتعرضت للدمج و التداخل بين المقاطع أى طالها العبث من قبل من صورها ولا يعرف توقيت هذا التصوير إذ ان تاريخ النسخ فى 23/5/2018 للمواد الصوتية و الفيلمية .

2- اعتمد الفحص على مقطع مرئى  مرفوع من الشبكة الدولية ” الانترنت” بتاريخ 18/10/2011 أى قبل الوقائع محل الاتهام جميعها بأيام عدة  وهو المقطع الاساسى المتخذ للاتهام وإذا كان تاريخ رفع المقطع على الشبكة سابق على الواقعة فمتى جرى تصويره ؟؟؟  وما صلته بواقعة الدعوى ؟؟؟ .

3- مطالعة التسجيلات تظهر صعوبة التعرف على الوجوه لبعد التصوير و رداءة جودة الاداة المستخدمة فى التصوير ومع ذلك يجزم الخبير بشخوص القائمين بالهتاف مع صعوبة تبين معظمهم .

 ومهما يكن من امر فأن هذه المقاطع قد اظهرت عدم مشاركة بعض السادة المحامين المحالين فى الهتاف و عدم تواجد البعض منهم على نحو ما أنتهى إليه التقرير وهو امر ينفى الأسناد فى حق هؤلاء تماما اخذا فى الاعتبار ان الدفاع يتمسك ببطلان الدليل المستمد من تلك التسجيلات  .

وكان من المقرر أن بطلان الاجراءات وعدم مشروعيتها ، لا يمنع من الاستناد فى أدلة البراءة التى تولدت عن هذه الأجراءات الباطله غير المشروعه ، وقد حكمت  بذلك محكمه النقض فى العديد من أحكامها فقالت :-” أنه وأن كان يشترط فى دليل الإدانة أن يكون مشروعاً  ، وإذ لا يجوز أن تبنى أدانة صحيحة على دليل باطل فى القانون ، إلا أن المشروعية ليست بشرط واجب دليل البراءه ، ذلك بأنه من المبادىء الاساسية فى الاجراءات الجنائية أن كل متهم يتمتع بقرينة البراءه الى ان يحكم بأدانته بحكم بات ، وأنه الى ان يصدر هذا الحكم له الحرية الكامله فى أختيار  وسائل دفاعه بقدر ما يسعفة مركزة فى الدعوى وما تحيط نفسه من عوامل الخوف والحرص والحذر وغيرها من العوارض الطبيعية لضعف النفوس البشرية ، وقد قام على هدى هذه المبادىء حق المتهم فى الدفاع  عن نفسه واصبح حقا مقدسا يعلو على حقوق الهيئة الاجتماعية التى لا يضيرها تبرئة مذنب بقدر ما يؤذيها ويؤذى العداله معاً أدانه برىء ، هذا الى ما هو مقرر من أن القانون – فيما عدا ما أستلومة من وسائل خاصى للأثبات – فتح بابه أمام القاضى الجنائى على مصراعية يختار من كل طرقه ما يراه موصلا الى الكشف عن الحقيقه ويزن قوة الاثبات المستمدة من كل عنصر ، مع حرية مطلقة فى تقدير ما يعرض عليه ووزن قوته فى كل حاله حسبما يستفاد من وقائع الدعوى وظروفها ، مما لا يقبل معه تفييد حرية المحكمه فى دليل البراءه باشتراط لما هو مطلوب فى دليل الأدانه

نقض 15/2/84 – س 35 – 31 – 153
نقض 31/1/67 – س 18 – 24 – 128
نقض 25/1/65 – س 16-21-87

رابعا : انتفاء جناية تهديد موظفين عموميين لحملهم على أداء عمل من أعمال وظيفتهم من الأوراق

لما كان من المقرر بنص الفقرة الأولى من المادة 137 مكررً (أ) من قانون العقوبات أنه “يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنين كل من استعمل القوة أو العنف أو التهديد مع موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ليحمله بغير حق على أداء عمل من أعمال وظيفته أو على الامتناع عنه ولم يبلغ بذلك مقصده، فإذا بلغ الجاني مقصده تكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على عشر سنين”

وقد وضع المشرع لهذه الجريمة نموذجًا قانونيًا تمثل في عنصر مفترض وركن مادي وركن معنوي فضلًا عن قصد خاص.

أما عن العنصر المفترض في هذه الجريمة فيتمثل في توافر صفة الموظف العام أو الشخص مكلف بخدمة عامة في المجني عليه الواقع عليه هذه الجريمة وأن يكون ذلك أثناء تأديته أعمال وظيفته.

أما الركن المادي لهذ الجريمة فيتمثل في استعمال القوة أو العنف أو التهديد تتحقق القوة أو العنف بكل اعتداء مادي يقع على الموظف العام وينال جسده سواء ترك إصابات أم لم يترك.

أما التهديد الذي يتوافر به التعدي يجب أن يتميز بالجسامة حتى يتميز عن التهديد الذي يقف إلى حد الإهانة، لأنه يجب أن يكون من شأنه التأثير في معنويات الموظف العام، وهو ما لا يشترط أن يصل إليه التهديد في جريمة الإهانة.

(د/أحمد فتحى سرور، الوسيط في قانون العقوبات القسم الخاص، ط 2016، ص677)

ومن ثم فلا يكفى أن يقتصر التهديد اللازم لتوافر الركن المادي لهذه الجريمة أن يصل إلى درجة من جسامة بحيث يحمل الموظف كرهًا على القيام بغير حق على عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عن عمل من أعمل وظيفته، ومن ثم فإن التعدي الإهانة بالقول أو الفعل أو الإشارة مهما بلغ ألفاظه أو فعله أو إشارته فلا يمكن القول بأنها تهديد تقوم به هذه الجريمة، فكل تهديد للموظف العام يشكل إهانة ولكن ليس كل إهانة تشكل تهديد ما لم تصل إلى درجة من الجسامة تكون معه قد بثت الرعب والخوف في نفس الموظف العام فحملته كرهًا على القيام بالعمل أو الامتناع عنه.

أما الركن المعنوي لهذه الجريمة فيتمثل في القصد العام إرادة الفعل المادي وهو استعمال الجاني القوة أو العنف أو التهديد مع الموظف العام مع علمه بذلك.

أما القصد الخاص لهذه الجريمة فيتمثل في نية حمل الموظف العام بغير حق على أداء عمل من أعمال وظيفته أو على الامتناع عنه وهذا القصد الخاص هو الذي هو العنصر المميز لهذه الجريمة عن جريمتي التعدي على الموظف العام المؤثمتين بالمادتين 136، 137 من قانون العقوبات.

من المقرر أن جنح التعدي على الموظفين المنصوص عليها في المادتين 136 و137 من قانون العقوبات والجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً “أ” من هذا القانون يجمعها ركن مادي واحد ويفصل بينهما الركن الأدبي فبينما يكفي لتوافر الركن الأدبي في الجرائم التي من النوع الأول قيام القصد الجنائي العام وهو إدراك الجاني لما يفعل وعلمه بشروط الجريمة دون اعتداد بالباعث، فإنه لا يتحقق في المادة 137 مكرراً “أ” إلا إذا توافرت لدى الجاني نية خاصة بالإضافة إلى القصد الجنائي العام تتمثل في انتوائه الحصول من الموظف المعتدى عليه على نتيجة معينة هي أن يؤدي عملاً لا يحل له أن يؤديه أو أن يستجيب لرغبة المعتدي فيمتنع عن أداء عمل كلف بأدائه

(الطعن رقم 13702 – لسنة 60 – تاريخ الجلسة 6 / 1 / 1992 – مكتب فني 43 رقم الجزء 1)

ولكن ما المقصود بعبارة “بغير حق” الواردة بالمادة 137 من قانون العقوبات؟

أن المراد بهذه العبارة أن يكون العمل أو الامتناع المطلوب من الموظف المجني عليه مخالفًا للقانون، كأن يدعو الفاعل بالقوة أو العنف أو التهديد مأمور قسم البوليس إلى إصدار أمره بالقبض على شخص في غير حالة الجريمة المتلبس بها ودون وجود آمر من النيابة بإلقاء القبض عليه، أو أن يدعوه بأسلوب من تلك الأساليب إلى الامتناع عن إلقاء القبض على شخص يوجد أمر النيابة بالقبض عليه.

ولكن إذا استخدم الفاعل القوة أو العنف أو التهديد مع مأمور البوليس ليحمله على أداء عمل حق من أعمال وظيفته هو تنفيذ أمر صادر من النيابة بالقبض على شخص ما أو الامتناع عن حبسه لصدور أمر القاضي الجزئي بالإفراج عنه، فإن من المفهوم في هذا الفرض أن هناك تراخيًا من جانب المأمور في تنفيذ القبض أو إطلاق السراح، وفى هذه الحالة لا يوجد جريمة في الأمر لتخلف عنصر تطلبه نموذج الجريمة في نص القانون وهو أن يحمل الفاعل الموظف العمومي على عمل أو امتناع غير حق.

(د/ رمسيس بهنام، قانون العقوبات جرائم القسم الخاص، منشأة المعارف ص 572)

ولعل ما يؤيد ذلك الأمر- أن يكون حمل الموظف العام على عمل أو امتناع غير حق- هو ما استقر عليه قضاء النقض من أن القصد الجنائي الخاص لا يتحقق في المادة 137 مكرراً “أ” إلا إذا توافرت لدى الجاني نية خاصة بالإضافة إلى القصد الجنائي العام تتمثل في انتوائه الحصول من الموظف المعتدى عليه على نتيجة معينة هي أن يؤدي عملاً لا يحل له أن يؤديه أو أن يستجيب لرغبة المعتدي فيمتنع عن أداء عمل كلف بأدائه

فالمقصود من عبارة “ أن يؤدي عملاً لا يحل له أن يؤديه “-المستقر عليها في أحكام محكمة النقض هو أن يكون العمل الذي يحمل الجاني الموظف العمومي على أدائه هو عمل لا يحل للموظف العام أن يؤديه ابتداء أما إذا كان يحل للموظف العام أن يؤديه فقد انتفي النموذج القانوني لهذه الجريمة أي الجريمة المؤثمة بالمادة 137 مكررًا (أ) من قانون العقوبات.

وبإنزال ما تقدم على واقعة الدعوى الماثلة نجد أن أركان هذا الجريمة قد انتفت البتة عن أوراقها وأيه ذلك ودليله ما يلي:

1-أن النيابة العامة قد نسبة للمتهمين في أمر الإحالة أنهم ” استعملوا التهديد مع موظف عام هو “مدير نيابة مغاغة الجزئية” وباستبيان الأفعال التي أتاها المتهمين حسبما جاء بأقوال الشهود بالتحقيقات-على الفرض الجدلي بصحتها والفرض غير الحقيقية- أن أقوالهم جميعًا قد أجمعت على أن ما اقترفه المتهمين جميعًا تمثل في الاعتداء بالسب والإهانة على المجني عليه وذلك بترديدهم هتافات جماعية انطوت حسبما جاءت بشهادة الشهود على الإهانة وسب وليس التهديد كالعبارات الواردة بقائمة أدلة الثبوت -دون حاجة إلى ترديدها- إذن فأين هو التهديد الذى عنته المادة 137 مكررًا (أ) من قانون العقوبات والذى يتعين أن يصل لدرجة الجسامة التي تبث الرعب في نفس الموظف العام فتجبره على أداء العمل أو الامتناع عن العمل، ولا ينال من ذلك ما قال به الشهود من وجود احتجاز للمجني عليه بمكتبه إذ شهد سكرتير التحقيق منصور فولي كامل -ص 23 بالتحقيقات- أن “هو يوم الأربعاء والثلاثاء-يقصد 15، 16/11 -مكنش حد بيدخل ولا يطلع من وكلاء النيابة لأن المحامين كانوا ملين طرقة النيابة ووقفين أمام مكاتب البهوات بكثافة” وفى أقواله أيضًا أن عددهم كان مائة وخمسون محامي- إذن فالذي حال دون خروج الوكلاء من مكاتبهم هو كثافة أعداد المحامين وخشية السادة وكلاء النيابة حدوث احتكاك وليس قيام المتهمين وأخرين باحتجازهم بمكاتبهم، كما تواترت أقوال الشهود جميعًا على أن أيا من المتهمين لم يقتحم مكاتب السادة الوكلاء رغم كثرتهم، كما أن أيًا منهم لم يكن يحمل سلاحًا أو أداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص، وأن وكلاء النيابة امتنعوا على الخروج من مكاتبهم خشية الاحتكاك بالجمع الغفير من المحامين المتواجدين فأين إذن التهديد الواقع علي المجني عليه والذى بلغ من الجسامة ما يحمل المجني عليه على أداء عمل من أعمال وظيفته!!!!!!

2-انتفاء القصد الجنائي الخاص لهذه الجريمة والمتمثل في حمل المجني عليه بغير حق على أداء عمل أو الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته، إذا أن الثابت من أمر الإحالة أن المتهمين “حملوا المجني عليه بغير حق على أداء عمل من أعمال وظيفته -هو إجراء تحقيق قضائي بشأن الشكوى مقدمة منهم في الزمان وبالكيفية التي أرادوها خلافًا لمقتضيات حسن أداء العمل- لما كان ذلك وكان ما سبق وأن استعرضناه أن هذه الجريمة إنما تتطلب لتحقق نموذجها القانوني أن يكون حمل المجني عليه على أداء العمل أو امتناعه عنه بغير حق، فإذا كان ذلك وكان ما تقدم به المتهمين للنيابة هو بلاغ بامتناع السادة القضاة عن أداء عملهم طبقًا لما نصت عليه المادة 122 من قانون العقوبات والتي نصت على ” إذا امتنع أحد القضاة في غير الأحوال المذكورة عن الحكم يعاقب بالعزل وبغرامة لا تزيد على مائتي جنيه مصري.

ويعد ممتنعاً عن الحكم كل قاضً أبى أو توقف عن إصدار حكم بعد تقديم طلب إليه في هذا الشأن بالشروط المبينة في قانون المرافعات في المواد المدنية والتجارية ولو احتج بعدم وجود نص في القانون أو بأن النص غير صريح أو بأي وجه آخر”

وكان الجريمة المؤثمة بالمادة 122 من قانون العقوبات هي جريمة جنائية شأنها شأن باقي الجرائم تختص النيابة العامة-بحسب الأصل- بتحقيقها والتصرف فيها وفقًا للإجراءات المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية، ولما كان ذلك المجني عليه -مدير نيابة مغاغة- هو أحد أعضاء النيابة العامة ويختص نوعيًا ومكانيًا بتحقيق هذه الجريمة وتقدم المتهمين ببلاغهم ولديهم الاعتقاد بارتكاب المشكو في حقهم-السادة قضاة محكمة مغاغة-لهذه الجريمة وتقدموا ببلاغهم إلى المختص قانونًا بتحقيقها فأين إذا وجه “غير حق” في أداء المجني عليه لمباشرة هذا التحقيق أو حتى التأشير على البلاغ المقدم منه أو استيفائه بأى إجراء قانوني وهل قدم البلاغ كي يكون حبيس الأدراج ولا يتم التحقيق فيه، ثم أين هو أصل البلاغ المقدم من المتهمين ؟ لماذا لم يرفق بالأوراق أو على الأقل ترفق صورة رسمية منه كي تكون تحت بصر المحكمة؟ حتى نعلم ما هي الإجراءات القانونية التي اتخذت بشأنه من المجني عليه؟

ومهما يكون من أمر فإنه لما كانت المادة المادة 137 مكررًا أ (1)قد اشترطت  أن يكون حمل الموظف على أداء العمل ” بغير حق” وقد استقر الفقه والقضاء على النحو السابق بيانه على أن هذه المادة إنما سنها المشرع لمواجهة حمل الموظف “بغير حق” على أداء عمل من أعمال وظيفته أو حمله عن الامتناع عن ذلك، ولم يسنها لمواجهة تراخي الموظف العام في أداء واجب مفروض عليه بما ينتفى معه القصد الخاص لهذه الجريمة من الأوراق.

ولا ينال من ذلك ما ورد بأمر الإحالة من عبارة “بالزمان وبالكيفية التي أردوها خلافًا لما قدره وفقًا لمقتضيات حسن سير أداء العمل” إذ فضلًا عن أن هذه العبارة قد انطوت على خطأ قانوني فادح، فقد خالفت الثابت بالأوراق أيضاً، أم عن الخطأ القانوني فيتمثل في أن أداء النيابة العامة لرسالتها يقتضي وفقًا للقانون وللتعليمات القضائية الصادرة من النائب العام أن يبادر السادة أعضاء النيابة العامة إلى سرعة تحقيق الوقائع الهامة إذ نصت المادة الثانية من قانون الإجراءات الجنائية على أنه ” يقوم النائب العام بنفسه أو بواسطة أحد أعضاء النيابة العامة بمباشرة الدعوى الجنائية كما هو مقرر بالقانون.

ويجوز أن يقوم بأداء وظيفة النيابة العامة من يعين لذلك من غير هؤلاء بمقتضى القانون.”

كما نصت المادة 123 من التعليمات القضائية على أنه ” لا يوجب القانون إجراء التحقيق بمعرفة النيابة في مواد الجنح والمخالفات ولكن يتعين على أعضاء النيابة ـ فضلاً عن مراعاة الأحكام الواردة بالمواد التالية ـ تحقيق الجنح الهامة بالنظر إلى جسامتها أو أشخاص المتهمين أو المجني عليهم فيها، أو غير ذلك من الظروف التي يقدرونها.”

وهل اتهام قضاة بجريمة إنكار العدالة المؤثمة بالمادة 122 من قانون العقوبات ليست من الجنح الهامة والجسيمة التي يتعين تحقيقها، وهل أشخاص المشكو في حقهم “قضاة محكمة مغاغة” ليس من الشخصيات الهامة التي يتعين تحقيق شكوى مقدمة ضدهم على وجه السرعة والعاجلة!!!!!!

أما عن مخالفة تلك العبارة للثابت بالأوراق فإن البين من مطالعة الأوراق أن المتمين قد تقدموا بشكواهم ضد السادة قضاة محكمة مغاغة بتاريخ سابق على 26/10/2011 ونُسب للمتهمين الماثلين بأمر الإحالة أنهم في تاريخ 15/11/2011 حاول حمل المجني عليه على التحقيق في الزمان وبالكيفية التي أرادوها خلافًا لمقتضيات حسن أداء العمل فإذن ما الإجراءات التي اتخذتها النيابة العامة والسيد مدير النيابة المجني عليه في الفترة من 26/10/2011 وحتى 15/11/2011 وهل مقتضيات حسن أداء العمل بالنيابة العامة أن يظل بلاغ مقدم بهذه الأهمية بلا أي إجراء طيلة هذه الفترة!!!!! ثم نتحدث بعد ذلك عن أن المتهمين حاول حمل المجني عليه على أداء عمله في الزمان وبالكيفية التي أرادوها!!!!!

من جماع ما تقدم يبين بوضوح تام لا لبس فيه ولا ابهام انه كيفما قلب الاتهام فى هذه الدعوى على كافة وجوهه سرعان ما ينحسر ويتوارى الاسناد الذى اسبغته النيابة العامة كونه جاء محمولا على ادلة غير موجودة و يستحيل وجودها فكيف يستقيم الاسناد فى واقعة قييل بحدوثها فى الفترة من 25/10/2011 وحتى 16/11/2011 على دليل مستقى من مواقع التواصل الاجتماعى تم رفعه قبل حدوث الواقعة فى يوم 18/10/2011 فذلك بمجرده يهدم الاستدلال بالتسجيلات الصوتية والمرئية جميعها فضلا عما ران على الاتهام من شيوع وورود أسماء غير حقيقية و نسبة الجرم إليهم مع تمسكنا بكل ما جاء فى صدر هذه المذكرة من دفاع و دفوع و نعتبرها جزء من محضر الجلسة وللاسباب التى تراها المحكمة الموقرة افضل من ذلك أيمانا ان المحكمة الموقرة هى خير مدافع عن المتهمين .

بنـــــــــــــــــاء عليـــــــــــه

نلتمس براءة المتهمين من الاتهام المسند إليهم

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى