موسوعة المحكمه الاداريه العليا

تأديب القضاه

تأديب القضاه

الطعن رقم  0873     لسنة 19  مكتب فنى 21  صفحة رقم 231

بتاريخ 26-06-1976

الموضوع : تأديب

إن الثابت من استقراء أحكام قرار رئيس جمهورية مصر العربية بالقانون رقم 46 لسنة 1972بشأن السلطة القضائية الذى أقره مجلس الشعب بجلسته المنعقدة فى 4 من يونية سنة 1972 و مذكرته الايضاحية أنه نظم أمر تأديب القضاء بجميع درجاتهم و ناط ذلك بمجلس تأديب يشكل وفقا لحكم المادة 98 من سبعة من رجال القضاء، و أضفى على قرارات هذا المجلس وصف الأحكام، و نص فى المادة 107 منه على عدم جواز الطعن فى الأحكام الصادرة فى الدعوى التأديبية بأى طريق، و أفصحت المذكرة الايضاحية لهذا القرار بقانون عن أن الحكم الصادر من هذا المجلس يعتبر حكما قضائيا صادرا من هيئة مشكلة بكاملها من رجال القضاء، و أن المشرع آثر- دفعا لكل لبس – النص صراحة فى المادة 107 على عدم جواز الطعن فى الحكم الصادر من هذا المجلس بأى طريق، و تضمن تقرير اللجنة التشريعية بمجلس الشعب فى شأن هذا القرار بقانون أن أحد السادة الأعضاء اقترح جعل الطعن فى الاجراءات التأديبية الخاصة برجال القضاء أمام المحكمة الادارية العليا بمجلس الدولة و لكن اللجنة رأت أن استقلال القضاء كهيئة لها تقاليدها و نظامها يتنافى معه أن بخضع رجاله لنظام قضائى آخر .

   و من حيث أن مؤدى ما تقدم أن الأحكام التى يصدرحا مجلس تأديب القضاء نهائية لا يجوز الطعن فيها، و يخرج التعقيب عليها من دائرة اختصاص محاكم مجلس الدولة، و لا ينطوى هذا على استحداث لقاعدة جديدة و إنما هو فى الواقع من الأمر اقرار و ترديد لسياسة إنتهجها المشرع و سار عليها من قبل عبرت عنها المذكرة الايضاحية للقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 المذكور بما قالت به من أن المشرع رأى – دفعا لكل لبس – النص على عدم جواز الطعن فى الأحكام الصادرة من مجلس تأديب القضاء بأى طريق، و ما أشارت إليه اللجنة التشريعية بمجلس الشعب من أن استقلال القضاء كهيئة لها تقاليدها و نظامها يتنافى معه أن يخضع رجاله لنظام قضائى آخر، هذا و بالرجوع إلى القانون رقم 66 لسنة 1943 بأصدار قانون استقلال القضاء يبين أن المادة 64 منه كانت تنص على عدم جواز الطعن فى الأحكام الصادرة من مجلس التأديب، وفى أعقاب صدور أول قانون لإنشاء مجلس الدولة فى سنة 1946 تقدمت الحكومة فى سنة 1949 بمشروع قانون ضمنته فقرة تنص على أن لا تقبل الطلبات التى تقدم عن القرارات المتعلقة بإدارة القضاء، و قد استعرضت اللجنة التشريعية بمجلس النواب هذه الفقرة و لم توافق أغلبية اللجنة على ما أرتأته الأقلية من حذفها ورأت أن تكون على الوجه الآتى ” لاتقبل الطلبات التى تقدم عن القرارات المتعلقة بادراة هيئة القضاء من تعيين أو ترقية أو نقل أو تأديب . . ” و إذا كان القانون رقم 9 لسنة 1949 الخاص بمجلس الدولة قد صدر دون أن يتضمن الفقرة المقترحة، الا أن المشرع أخذ بمضمونها و اتبع حكمها فى القوانين المتعاقبة الخاصة بالقضاء، فنص فى المادة 23 من القانون رقم 147 لسنة 1949 بأصدار نظام القضاء على أن تختص محكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية دون غيرها بالفصل فى الطلبات المقدمة من رجال القضاء و النيابة بالغاء المراسيم و القرارات المتعلقة بادارة القضاء عدا الندب و النقل، كما تختص بالنظر فى طلبات التعويض الناشئة عن ذلك، و أفصحت المذكرة الايضاحية لهذا القانون عن أن لمحكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية ولاية القضاء كاملة فى شئون رجال الهيئة القضائية، فهى تجمع بين قضاء الالغاء و قضاء التعويض بغير معقب، و أن من شأن هذا النص حسم الخلاف القائم حول اختصاص أية هيئة أخرى بالنظر فى شئون أعضاء الهيئة القضائية، فليس أجدر ولا أقدر على الأحاطة بشئون القضاة و تعرف شئونهم و الفصل فى خلافاتهم من رجال من صميم الأسرة القضائية، و أن النص تطبيق محكم لنظر الفصل بين السلطات حيث تستقل السلطة القضائية بشئون سدنتها فلا يكون لأى سلطة سواها سبيل أو رقابة عليهم ‎، ثم عدل المشرع هذه المادة بالقانون رقم 240 لستة 1955 بهدف توسيع دائرة اختصاص محكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية بحيث يكون لها دون غيرها إلغاء قرارات مجلس الوزراء و القرارات الوزارية فى المنازعات الخاصة بالمرتبات و المعاشات و المكافآت المستحقة لهم أو لورثتهم فى طلبات التعويض الناشئة عن كل ذلك، و تضمنت المذكرة الايضاحية لهذا القانون أنه رؤى تعديل نص المادة 23 على نحو يكفل لرجال القضاء و النيابة و من فى حكمهم عرض طلباتهم التى تمس أى شأن من شئون القضاء على الهيئة المذكورة دون غيرها، و ناط القانون رقم 43 لسنة 1965 فى شأن السلطة القضائية الذى صدر فى ظله الحكم المطعون فيه فى المادة 90 منه بدائرة المواد المدنية و التجارية بمحكمة النقض دون غيرها الفصل فى كافة الطلبات التى يقدمها رجال القضاء و النيابة العامة بالغاء القرارات الجمهورية و القرارات الوزارية المتعلقة بأى شأن من شئونهم عدا التعيين و النقل و الندب و الترقية، و الفصل فى الطلبات الخاصة بالمرتبات و المعاشات و المكافآت، و الفصل فى طلبات التعويض الناشئة عن كل ما تقدم، و أضاف هذا القانون فى المادة 92 منه أن يكون الأحكام الصادرة فى الطلبات نهائية  غير قابلة للطعن فيها بأى طريق من طرق الطعن أو أمام أيه جهة قضائية أخرى، و ردد القرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية معدلا بالقانون رقم 49 لسنة 1973 مضمون هذه القواعد فى المادتين 83، 85 منه .

   و من حيث أنه يبين من الإستعراض المتقدم أن المشرع إتجه منذ تاريخ العمل بالقانون رقم 147 لسنة 1949 بأصدار نظام القضاء إلى أن يستقل القضاء دون غيره بالفصل فى كافة شئون رجال القضاء و النيابة و حجب أى اختصاص لمحاكم مجلس الدولة فى هذا الشأن، و سار يدعم هذا الإتجاه بالنصوص التشريعية المتلاحقة مستندا فى ذلك إلى ما أوردته الأعمال التحضيرية لهذه النصوص من حجج و مبررات تنطوى على أن رجال الأسرة القضائية أفدر على الأحاطة بشئون القضاء و أن إستقلال القضاء يتنافى معه  أنه يخضع رجاله لنظام قضائى آخر. و مما لا شك فيه أن تأديب القضاة و أعضاء النيابة من أخص شئون القضاء التى استهدف المشرع اخراجها من دائرة اختصاص محاكم مجلس الدولة أخذا فى الاعتبار أن عبارة ادارة القضاء و هى أضيق نطاقا من عبارة شئون القضاء تشمل على ما جاء بالأعمال التحضيرية للقانون رقم 9 لسنة 1949 الخاص بمجلس الدولة التأديب بالإضافة إلى التعيين و الترقية و ما إلى ذلك، و من ثم فأن كل ما يتعلق بمساءلة القضاة و أعضاء النيابة سواء بطريق التأديب المبتدأ أم بطريق الطعن فى الأحكام التأديبية، لا ينعقد الاختصاص فيه وفقا لأحكام القانون لمحاكم مجلس الدولة . و لا حجة فى النعى بأن استبعاد المشرع عبارة” لايجوز الطعن فى الأحكام الصادرة من مجلس التأديب” التى تضمنتها الفقرة الأخيرة من المادة 64 من القانون رقم 66 لسنة 1943 سالفة الذكر، من نصوص القانون رقم 188 لسنة 1952 فى شأن استقلال القضاء و القوانين التى تلته، تنطوى على الافصاح عن تقرير اختصاص محاكم مجلس الدولة بالنظر فى أحكام مجلس تأديب القضاة، لاحجة فى ذلك لأن هذه الفقرة و قد تضمنها القانون رقم 66 لسنة 1943 الصادر قبل انشاء مجلس الدولة، فأن دلالتها كانت تنصرف إلى عدم جواز الطعن فى الأحكام المذكورة أمام القضاء دون مجلس الدولة الذى لم يكن قد قام بعد، و من ثم فإن الغاء هذه الفقرة بعد انشاء مجلس الدولة و بعد أن اتجه التشريع إلى حجب اختصاص محاكم مجلس الدولة عن الفصل فى كل ما يتعلق بشئون رجال القضاء و النيابة، يتأبى معه القول بأن الالغاء استهدف أخضاع أحكام مجلس تأديب القضاة لرقابة محاكم مجلس الدولة، و إنما كان لأنتفاء الحكمة من بقاء هذه الفقرة بعد أن أستقل القضاء بالفصل فى شئون رجاله دون ثمة نص على جواز الطعن فى الأحكام المذكورة أمام الجهة المختصة بالفصل فى شئون رجال القضاء و النيابة أو إنشاء طريق آخر للطعن فيها .

   و من حيث أن القول باختصاص المحكمة الإدارية العليا بالفصل فى المنازعة الماثلة استنادا إلى المادة 172 من الدستور القائم التى تنص على اختصاص مجلس الدولة بالفصل فى المنازعات الادارية فى الدعاوى التأديبية، فأانه مردود بأن الطاعن لم يدفع بعدم دستورية قانونى السلطة القضائية القديم و الجديد، التزاما بأحكام القانون رقم 81 لسنة 1969 بأصدار قانون المحكمة العليا الذى يقضى فى الفقرة الأولى من المادة الرابعة منه بأن المحكمة العليا هى المختصة دون غيرها بالفصل فى دستورية القوانين إذا ما دفع بعدم دستوريتها أمام أحدى المحاكم ,

   و من حيث أنه ترتيبا على ما تقدم فأن محاكم مجلس الدولة لا يكون لها ثمة اختصاص بالفصل فى المنازعة موضوع الطعن، و يتعين لذلك القضاء بعدم اختصاص المحكمة بنظر الطعن مع الزام الطاعن المصروفات، و لا حجة فيما طالبت به الحكومة من أحالة الطعن إلى دائرة المنازعات المدنية و التجارية بمحكمة النقض ذلك أن اختصاص هذه الدائرة لا يتناول الطعن فى أحكام مجلس تأديب القضاة، و أن الأصل وفقا لحكم المادة 110 من قانون المرافعات أن الإحالة فى حالة الحكم بعدم الاختصاص لا تكون الا إلى المحكمة المختصة .

 

  ( الطعن رقم 873 لسنة 19 ق، جلسة 1976/6/26 )

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى