موسوعة المحكمه الاداريه العليا

فى الطعنين رقمى 3093 ، 3138/45ق عليا

بسم الله الرحمن الرحيم

باســم الشــعب

مجلس الدولـة

المحكمة الادارية العليا

الدائرة الخامسة ” موضوع ”

—————–

بالجلسة المنعقدة علنا برئاسة السيد الاستاذ المستشار   / محمد احمد الحسينى عبد المجيد

نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

وعضوية السادة الاساتذة المستشارين                    / غبريال جاد عبد الملاك

/  على محمد الششتاوى ابراهيم

/ احمد محمد حامد

/ عادل سيد عبد الرحيم بريك

” نواب رئيس مجلس الدولة ”

وحضور السيد الاستاذ المستشار   / د. محمد عبد المجيد اسماعيل                 مفوض الدولـة

وســــكرتارية الســـيد                    / سيد سيف محمد حسين                         أمين  الســر

اصدرت الحكم الاتى:

فى الطعنين رقمى 3093 ، 3138/45ق عليا

المقامين من:

السعيد عبده فودة ، ميلاد ايوب ابراهيم

ضـــــــــــد

رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات  ” بصفته ”

فى القرار الصادر من مجلس تأديبالعاملين بالجهاز بجلسة 4/1/1999 فى الدعوى رقم 3/17

———————————————-

” الاجــــــــــــــــراءات

فى يوم الاحد الموافق 28/2/1999 اودع الاستاذ/ عبد المعز عبدالله حسنين المحامى نائبا عن الاستاذ يسرى ابو زيد المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الادارية العليا – تقريرا  بالطعن–  قيد بجدولها العام تحت رقم 3093/45ق عليا فى القرار المشار اليه الصادربمجازاه الطاعن المذكور بعقوبة التنبيه.

والتمس الطاعن للاسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بالغاء القرار المطعين والحكم مجددا ببراءته مما نسب اليه.

وفى يوم الخميس الموافق 4/3/1999 اودع الاستاذ/ يحي محمد الشافعى المحامى نائبا عن الاستاذ/ زهير مبروك فهمى المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن الثانى قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 3138/45ق عليا فى القرار المشار اليه ايضا الصادر بمجازاة الطاعن المذكور بعقوبة اللوم.

والتمس الطاعن الثانى – للاسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بالغاء القرار الطعين والقضاء مجددا : اولا : ببطلان قرار مجلس التأديب مع ما يترتب على ذلك من اثار.   ثانيا: ببراءة الطاعن مما اسند اليه.  ثالثا :

تابع الطعن رقم 3093 لسنة 45ق عليا

واحتياطيا : الاذن برفع الدعوى بعدم دستورية نظام وتشكيل مجلس تأديب العاملين بالجهاز المطعون ضده.

وقد تم اعلان  الطعنين الى المطعون ضده بصفته .  كما اودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى انتهت فيه الى طلب الحكم اصليا : بقبول الطعنين شكلا ، وفى الموضوع بالغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الطاعن الاول بعقوبة التنبية والطاعن الثانى بعقوبة اللوم ، وما يترتب على ذلك من اثار واعادة الاوراق لمجلس التأديب المختص لمحاكمة الطاعنين مجددا بهيئة اخرى.  احتياطيا: برفض الطعنين موضوعا.

وقد عين لنظر الطعنين امام دائرة فحص الطعون جلسة 23/11/1999 وتدوولا امامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قررت بجلستها المنعقدة بتاريخ 11/11/2002 احالة الطعنين الى المحكمة الادارية العليا ” الدائرة الخامسة/ موضوع ” وحددت لنظرهما امامها جلسة 25/1/2003 ومن ثم تدوولا امامها على النحو  الثابت بمحاضر الجلسات ، وبجلسة 20/11/2004 قررت المحكمة اصدار الحكم فى الطعنين بجلسة اليوم حيث صدر واودعت مسودته المشتملة على اسبابه لدى النطق به.

” المحكمــــــــــة ”

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة قانونا.

ومن حيث ان الطعنين الماثلين يختصمان القرار الطعين الصادر من مجلس التأديب الذى تولى محاكمة الطاعنين عن الافعال المنسوبة اليهما وينعيان على قراره بأدانتهما مخالفته للقانون ، لذلك قررت المحكمة ضمهما ليصدر فيهمنا حكما واحدا.

ومن حيث ان الطعنين قد اقيما خلال الاجل المقرر قانونا ، واذ استوفيا سائر اوضاعهما الاخرى فمن ثم يكونا مقبولان شكلا.

ومن ان واقعات الطعنين تخلص – حسبما تفصح عنه عيون الاوراق – فى ان رئيس الجهاز المطعون ضده اصدر قراره الرقيم 1768 المؤرخ 1/12/1998 باحالة الطاعنين الى مجلس تأديب العاملين بالجهاز لما نسب اليهما من خروجهما على مقتضى الواجب الوظيفى ومخالفتهما اللوائح والتعليمات المالية :

1 – بأن اصدر الطاعن الثانى تعليمات شفوية لاعضاء قطاع الجمارك والضرائب على المبيعات مفادها قبول جميع الشيكات غير الحكومية الواردة لمصلحة الضرائب على المبيعات حتى 10/7/1997 وادخالها ضمن ايرادات العام المالى 69/1997 وذلك بالمخالفة لمبدأ الاساس النقدى والكتب الدورية الصادرة من وزارة المالية مما ترتب عليه ادخال ايرادات وهمية متمثلة فى ادخال شيكات غير حكومية واردة للمصلحة الفترة من 1/7/1997 ضمن ايرادات العام المالى 96/1997 وظهور ايرادات العام المالى 97/1998 على خلاف الواقع.

2 – لم يعترض الطاعن الاول كتابة على تعليمات الطاعن الثانى الشفوية الصادرة منه له والتى مفادها ادخال جميع الشيكات الحكومية الواردة لمأموريات الضرائب على المبيعات حتى 10/7/1997 ضمن ايرادات العام المالى 96/1997 ثم قام بتنفيذ هذه التعليمات رغم مخالفتها لنص المادة “5” من القانون رقم 127/1981 بشأن المحاسبة الحكومية والكتب الدورية الصادرة عن وزارة المالية مما ترتب عليه ادخال ايرادات وهمية متمثلة فى شيكات غير حكومية واردة لمأموريات الضرائب فى الفترة من 1/7/1997 حتى 10/7/1997 ضمن ايرادات العام المالى 96/1997 وظهور ايرادات العام المالى 97/1998 على خلاف الواقع وذلك بالمخالفة لنص الفقرة الثانية من المادة 56 من لائحة العاملين بالجهازالتى تنص على ان ” لا يعفى العامل من العقوبة التأديبية استنادا لامر رئيسه الا اذا اثبت ان ارتكابه للمخالفات كان تنفيذا لامر

تابع الطعن رقم 3093 لسنة 45ق عليا

مكتوب بذلك صادر اليه من هذا الرئيس بالرغم من تنبيهه كتابة الى المخالفة وفى هذه الحالة تكون المسئولية على مصدر الامر وحده “. تدوولت الدعوى امام مجلس التأديب وبجلسة 4/1/99 اصدر قراره الطعين بمجازاة الطاعن الاول بعقوبة التنبيه والطاعن الثانى بعقوبة اللوم ، واقام قراره على ان قانون الجهاز المركزى للمحاسبات الصادر بالقانون رقم 144/1988 ناط به الرقابة المالية بأن يتثبت من ان التصرفات المالية والقيود المحاسبية الخاصة بالتحصيل او الصرف تمت وفقا للقوانين واللوائح المحاسبية والمالية والقواعد العامة للموازنة العامة. ومن ثم يقف دور الجهاز واعضائه عند اقرار ما يتفق معها ومناقضة ما يخالفها فلا يتعداها الى اهدار هذه القواعد ايا كان مصدرها مادامت صادرة عن الجهة صاحبة السلطة فى اصدارها وذلك عند مباشرة الوظيفة الرقابية، ولما كان ذلك وكان قانون المحاسبة الحكومية رقم 127/1981 ولائحته التنفيذية قد قررا مراعاة الاساس النقدى فى استخدام حسابات الموازنة واصدرت وزارة المالية كتبا دورية توضح كيفية اعمال هذا الاساس ومنها الكتاب الدورى رقم 44/1997 الذى تضمن ان العبرة بالتوريد الفعلى او وصول الشيك الى الجهة الادارية حتى 30/6 – وبالنسبة للشيكات الحكومية تدخل فى حساب السنة المالية المختصة طبقا لتاريخ تحرير الشيك اما الشيكات غير الحكومية فيتعين ان ترد للمصلحة حتى 30/6.  اما تلك التى ترد بعد 30/6 فتدخل فى حساب السنة المالية الجديدة بصرف النظر عن تاريخ تحريرها، ولما كان ذلك وكان الثابت بالاوراق ان الطاعن الثانى اصدر تعليماته لاعضاء القطاع رئاسته بالموافقة على قبول جميع الشيكات غير الحكومية الواردة لمصلحة الضرائب على المبيعات حتى 10/7/1997 وادخالها ضمن ايرادات العام المالى 96/1997 بناء على الاتفاق الذى تم بينه وبين رئيس المصلحة بالمخالفة لقاعدة الاساس النقدى المشار اليها فمن ثم يكون قد خرج على مقتضى واجبه الرقابى ولم يؤد العمل المنوط به بدقة على النحو الذى نظمه القانون وتقوم به مسئوليته التأديبية ، ولا وجه لما دفع به مسئوليته من عدم اصداره هذه التعليمات وان مرؤسيه قد اخطئوا فى فهم تعليماته ذلك ان جميع من سئلوا فى التحقيق قد اجمعوا على صدور هذه التعليمات عنه ، كما اكدها سكتاب مأمورية حلوان النموذجية المؤرخ 8/7/1997 الى رئيس شعبة الضرائب على المبيعات الذى اشار صراحة الى الاتفاق بين الطاعن المذكور ورئيس مصلحة الضرائب على منح مهلة لقيد الشيكات الواردة حتى 9/7/1997.

واضاف المجلس فى اسبابه ان ما نسب الى الطاعن الاول ثبت فى حقه بتنفيذه تعليمات الطاعن الثانى بادخال الشيكات غير الحكومية الواردة حتى 10/7/1997 ضمن ايرادات العام المالى 96/1997 ولم يعترض على هذه التعليمات بالرغم من مخالفتها قاعدة الاساس النقدى ومن ثم يكون قد خرج على مقتضى واجبه الوظيفى.

بيد ان الطاعنين لم يرتضيا القرار الطعين ونعيا عليه مخالفته للقانون على وجه العمم وان بسطا هذه الاسباب فى تقريرى طعنهما فتضمن الطعن رقم 3093/45ق عليا المقام من الطاعن الاول ان القرار الطعين خالف القانون واخطأ فى تطبيقه وتأويله ذلك ان الطاعن لم يخالف القواعد والتعليمات المالية التى تقتضى ادخال الشيكات غير الحكومية حتى 30/6 وتضمينها ايرادات العام المالى 96/1997 لمصلحة الضرائب على المبيعات بالقاهرة كى يظهر ضمن الحساب الختامى لوزارة المالية ، وانما قام القرار الطعين على خلط بين التحصيل الفعلى طبقا لاشعار البنك المتضمن اضافة قيمة الشيكات التى وردت من 1/7/1997 حتى 10/7/1997 بتواريخ قبل 30/6/1997 ان قيمتها قد اضيفت لحساب وزارة المالية التى تتبعها المصلحة المذكورة حتى 30/6/1997 وبين المهلة التى اتفق عليها الطاعن الثانى مع السلطات المختصة فى ادخال الشيكات غير الحكومية الواردة الى المصلحة المذكورة حتى 10/7/1997 ضمن ايرادات العام المالى 96/1997 فضلا عن ذلك فان التقارير المودعة ملف مجلس التأديب تضمنت تأشيرة الطاعن لرئيس الشعبة

تابع الطعن رقم 3093 لسنة 45ق عليا

ومن معه من المراجعين وبعد تاريخ الموافقة الشفهية التى تمت بين الطاعن الثانى والمصلحة المذكورة لتخلق قرينة تؤيد دفاع الطاعن بأنه اعترض شفاهة مع المسئولين بمصلحة الضرائب على المبيعات بالنسبة للشيكات الواردة من 1/7 حتى 10/7 بشرط ورود اشعار البنك بتحصيل قيمتها واضافتها لحسابات وزارة المالية ضمن العام المالى 96/1997 طالما تم تحصيلها حتى 30/6/1997.

ومن ثم يسغدو القول بضرورة اعتراض الطاعن كتابة تحميل لنص الفقرة الثانية من المادة 56 من لائحة العاملين بالجهاز اكثر مما يحتمل سيما وان تأشيرة الطاعن لمرؤسيه بأتباع احكام المادة الخامسة من قانون المحاسبة الحكومية رقم 127/1981 لدليل على هذا الاعتراض.

كما تضمن الطعن رقم 3138/45ق عليا المقام من الطاعن الثانى نعيا على القرار الطعين حاصل اسبابه:

1 – عدم دستورية تشكيل مجلس تأديب العاملين بالجهاز المطعون ضده ، ذلك ان المجلس يعتبر درجة من درجات التقاضى بينما عضوية ممثلى الجهاز به يختار احدهما مكتب الجهاز ليكون رئيسا للمجلس ويختار العضو الاخر ورئيس الجهاز – كما ان الاحالة الى المحاكمة تكون بقرار من رئيس الجهاز ولم تحدد لا ئحة العاملين بالجهاز التى لها قوة القانون نظام محدد وترتيب معين ثابت لمن ينتظم فى عضوية المجلس وذلك بالمخالفة لما قررته المحكمة الدستورية العليا من استقلال القضاء فانه سلطان عليهم فى قضائهم لغير القانون وبما جرى عليه قانونى السلطة القضائية رقم 46/1972 ومجلس الدولة رقم 47/1972 من تشكيل مجلس التأديب بكل منهما بنظام وترتيب ليس للسلطة الرئاسية ثمة تدخل فى اختيار اعضائه – فضلا عن ذلك فان مجلس تأديب العاملين بالجهاز المطعون ضده يتولى رئاسة السيد/ احمد محمد جاد الله وقد بلغ سن الاحالة الى المعاش فى 3/1/1999.  ومدت خدمته لمدة ستة شهوراخرى ، ويضم فى عضويته السيد/ فاروق عوض السعيد الذى بلغ سن الاحالة الى المعاش فى 2/8/1998 ومدت خدمته الى 2/11/1998 ثم الى 1999 بالقرار رقم 185/1998 ، ولذلك فان اعضاء المجلس لا تتوافر فيهم حيدة القاضى لخضوعهم للسلطة الرئاسية التى تملك حق مد مدة الخدمة لهم بعد سن الاحالة الى المعاش الامر الذى تغدو معه المادة 63 من اللائحة المشار اليها غير دستورية،  2 – بطلا قرارمجلس التأديب لعدم عنونته بأسم الشعب المخالفة لنص المادة 72 من الدستور التى تقضى بأن تصدر الاحكام وتنفذ بأسم الشعب   3 – اخلال القرار الطعين بحق الدفاع اذ لم يستجب المجلس لضم الاوراق والمستندات والمنشورات التى طلبها الطاعن ، كذلك اغفل طلب الطاعن بأستطلاع رأى بعض وكلاء الوزارة رؤساء القطاعات الذين يتصل عملهم بموضوع التحقيق ، ومخاطبة اللجنة الفنية الدائمة بوزارة المالية لموافاة المجلس بصورة من محضر جلستها المؤرخ 27/5/1998 لمناقشة كتاب الطاعن اليها المؤرخ 10/3/1998 والتى انتهت الى الموافقة على اصدار الكتاب الدورى رقم 37/1998 والذى بموجبه عدلت عن كافة الكتب الدورية السابقة واخرها الكتاب الدورى رقم 44/1997 الذى استند اليه القرار الطعين فى ادانة الطاعن .

4 – ان الطاعن لم يصدر تعليماته بقبول الشيكات غير الحكومية التى ترد بعد 30/6/1997 وان تعليماته المثبتة على تقرير فحص منطقة شمال القاهرة تضمن تعليمات بأن المهلة السابق تحديدها بتعليمات 2/7/1997 وذلك لاثبات وقيد تلك الشيكات الواردة للمصلحة حتى 30/6/1997 وليس تلك الواردة فى الفترة من 1 الى 10/7/1997 حسبما ذهب القرار الطعين.

5 – ان قاعدة الاساس النقدى هو من المادىء التى ينتظمها علم المحاسبة المالية وتقره كافة منظمات وجمعيات واتحادات المحاسبين دوليا ومحليا ونصت عليه كافة المعايير المحاسبية ويطبق فى العديد من الوحدات الحكومية وغير الحكومية ، وقد تضمن قانون المحاسبة الحكومية ولائحته التنفيذية تقنيا لهذا المبدأ

تابع الطعن رقم 3093 لسنة 45ق عليا

وقوام هذا المبدأ ان ما يتم تحصيله يدرج كايراد ” تدفقات نقدية داخلة ذات تأثير على المركز النقدى للدولة ” ومن ثم فان ما لا يدخل ضمن المركز النقدى للحكومة ” خزائن وحسابات بنكية ” حتى 30/6 من كل عام مالى لا يدرج ضمن ايرادات العام المالى وبذلك تكون الكتب الدورية الصادرة من وزارة المالية فيما تضمنته من تعليمات بأعتبار ورود الشيك وليس تاريخ تحصيله قد جاءت بأحكام جديدة تخالف القانون المشار اليه ولائحته التنفيذية، ولما كانت الكتب الدورية لا تعدو ان تكون مفسرة وموضحة للقاعدة القانونية وليست منشئة لاحكام جديدة وانما كاشفة كما تراه من صحيح التطبيق ، ومن ثم فان عدول وزارة المالية عن تعليماتها السابقة بكتبها الدورية واخرها الكتاب الدورى رقم 44/1997 وتصحيحها باصدار كتابها الدورى رقم 37/1998 فانها لا تكون قد قررت مبدأ جديد ولكنها كشفت عن صحيح التطبيق للقاعدة الاصلية التى تضمنها القانون ومن ثم فان سريانها يكون من تاريخ صدور القانون وليس من تاريخ العمل بالكتاب الدورى رقم 37/1998 كما ذهب القرار الطعين، وبالتالى تكون تعليمات الطاعن بمنح مهلة حتى 7/7/97 والتى امتدت حتى 10/7/1997 لقيد واثبات الشيكات الواردة للمصلحة حتى 30/6/1997 صحيحة ومتفقة مع قاعدة الاساس النقدى وهو ما اخذت به اللجنة الفنية الدائمة للنظام المحاسبى الحكومى واصدرت به الكتاب الدورى رقم 37/1998 تصميما لسابق الكتب الدورية فى هذا الشأن ، يضاف الى ذلك ان القرار الطعين اقام مسئولية الطاعن عن مخالفته لقاعدة الاساس النقدى وفقا للفهم الوارد بالكتب الدورية على حين ان الواقعة التى يتعين الاستنباط منها لتلك النتيجة ينبغى ان تكون ثابتة وواضحة لدى المجلس فاذا كانت محتملة ظنية فانها لا تصلح اساسا للاستنباط وعليه يغدو القرار الطعين مشوبا بالفساد فى الاستدلال متعينا الالغاء.

ومن حيث ان المحكمة فى تناولها لاسباب الطاعنين تبدأ بالدفوع ثم الاسباب المتعلقة بالنظام العام ومن ثم فانه عن الدفع بعدم دستورية المادة 63 من لائحة العاملين بالجهاز المركزى للمحاسبات والتى تنظم تشكيل مجلس تأديب العاملين به ، فان المادة 172 من دستور جمهورية مصر العربية تنص على ان ” مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص بالفصل فى المنازعات الادارية وفى الدعاوى التأديبية ويحدد القانون اختصاصاته الاخرى “. ونفاذا لهذا النص الدستورى صدر القانون رقم 47/1972 بشأن مجلس الدولة ونصت المادة 10 منه على ان ” تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فى المسائل الاتية ……..

” ثانى عشر ” الدعاوى التأديبية المنصوص عليها فى هذا القانون “.  ونصت المادة 15 من ذات القانون  على ان ” تختص المحاكم التأديبية بنظر الدعاوى التأديبية عن المخالفات المالية والادارية التى تقع من: ” اولا ” العاملين بالجهاز الادارى للدولة فى وزارات الحكومة ومصالحها ووحدات الحكم المحلى والعاملين بالهيئات العامة والمؤسسات العامة وما يتبعها من وحدات وبالشركات التى تضمن لها الحكومة حدا ادنى من الارباح “.

ومفاد ما تقدم ان المشرع الدستورى ومن بعده المشرع التشريعى قد ناطا بمجلس الدولة الولاية العامة لتأديب العاملين بالجهاز الادارى للدولة فى وزارات الحكومة ومصالحها والعاملين بالهيئات العامة وهى ولاية معقودة للمحاكم التأديبية بمجلس الدولة وبالتالى لا يجوز نقل هذا الاختصاص فى التأديب لاى جهة اخرى نما لم ينص على ذلك صراحة قانون يقضى بالخروج على هذا الاصل، اى بموجب اداة تشريعية توازى الاداة التشريعية التى قصرت حق مباشرة ولاية التأديب على المحاكم التأديبية بمجلس الدولة ، وهو ما جرى به العمل عندما اتجهت ارادة المشرع الى تقرير نظام تأديبى خاص للعاملين بالجهاز المركزى للمحاسبات بموجب قرار مجلس الشعب الصادر بجلسته المنعقدة بتاريخ 14/1/1992.

 

تابع الطعن رقم 3093 لسنة 45ق عليا

بأعتبار ان المشرع قد يرى لوجه المصلحة العامة بالنسبة لبعض فئات محددة من العاملين يعملون فى مرافق تتميز بطبيعة خاصة او بدقة وجه العمل فيها ان يكل امر تأديبهم الى مجالس تأديب مشكلة تشكيلا خاصا وفقا لاوضاع واجراءات معينة رسمها القانون وتقوم اساسا على اعلان العامل مقدما بالتهمة المنسوبة اليه وتمكينه من الدفاع عن نفسه على غرار ما هو متبع امام المحاكم التأديبية المنصوص عليها فى القانون رقم 117/1958 بشأن اعادة تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية وفى قانون مجلس الدولة المشار اليه. وتفصل هذه المجالس التأديبية فى ذات انواع المنازعات التى تفصل فيها المحاكم التأديبية وتسير فى اجراءاتها بمراعاة الاحكام المنصوص عليها فى القوانين المنظمة لها ، وفى كنف قواعد اساسية كلية هى تحقيق الضمان وتوفير الاطمئنان وكفالة حق الدفاع العامل المثارة مساءلته التأديبية – وتؤدى هذه المجالس ذات وظيفة تلك المحاكم بالفصل فى المساءلة التأديبية ، فكلاهما سلطة تأديبية تفصل فى محاكمة مسلكية تأديبية ، وتوقع جزاءات تأديبية من نفس النوع على من يثبت اخلاله بواجبات الوظيفة او الخروج على مقتضياتها ، والقرارات التى تصدرها مجالس التأديب التى لم يخضعها القانون لتصديق من جهات ادارية عليا هى قرارات نهائية لا تسرى عليها الاحكام الخاصة بالقرارات الادارية ، فلا يجوز التظلم منها او سحبها او تعقيب جهة الادارة عليها ، بل تستنفذ تلك المجالس ولايتها باصدار قراراتها ويمتنع عليها سحبها او الرجوع فيها او تعديلها ، كما ينغلق ذلك على الجهات الادارية ، وبذلك فان قرارات هذه المجالس اقرب فى طبيعتها الى الاحكام التأديبية منها الى القرارات الادارية. وتأسيسا على كل ما سلف فانه يجرى على قرارات هذه المجالس بالنسبة الى الطعن ما يجرى على الاحكام الصادرة من المحاكم التأديبية، اى يطعن فيها مباشرة امام المحكمة الادارية العليا ، عملا بنص المادتين 22 ، 23 من قانون مجلس الدولة سالف الذكر ” يراجع فى هذا المعنى الحكم الصادر عن الدائرة المشكلة طبقا للمادة 54 مكررا من قانون مجلس الدولة بجلستها المنعقدة بتاريخ 15/12/1985 فى الطعن رقم 28/29ق عليا “. ومن ثم يغدو الدفع بعدم دستورية المادة 63 من لائحة العاملين بالجهاز المركزى للمحاسبات بتشكيل مجلس تأديب به لا تستقيم له مبررات جادة تعين على استنهاض ولاية المحكمة الدستورية للفصل فيه مما يتعين رفضه والالتفات عنه.

بيد ان المحكمة الادارية العليا استقر قضاءها على انه يتمخض عن اعتبار قرارات مجلس التأديب اقرب فى طبيعتها الى الاحكام ان تحاط اجراءات التحقيق والمحاكمة بسياج من الضمانات التى تكفل لمن تتم محاكمته امام هذه المجالس الشعور بالطمأنينة الى محاكمة عادلة ونزيهة.

ومن حيث ان قضاء هذه المحكمة قد استقر على بطلان التحقيق الذى يجريه المستشار القانونى للجامعة بسند من ان لرئيس الجامعة سلطة مطلقة فى اختياره وتجديد ندبه من عدمه والمقابل المادى الذى يستحقه ومن ثم يرتبط المستشار القانونى للجامعة برئيسها بعلاقة تبعية مباشرة ومطلقة تؤثر فى حيدته تأثيرا يفقده الصلاحية لاجراء التحقيق مع اعضاء هيئة التدريس بالجامعة، فمن ثم وقياسا على هذا القضاء والعلة التى اعتلها لهذا البطلان يغدو عضو مجلس التأديب الذى بلغ السن المقررة للاحالة الى المعاش واستبقى فى الخدمة بعد هذه السن غير صالح للجلوس فى مجلس التأديب لعدم حيدته وذلك للتبعية المطلقة والمباشرة التى تربطه برئيس المرفق دون المحاضر فى هذا الشأن بأن اعضاء مجلس التأديب من الموظفين الاداريين الذين تم استبقاءهم الى ما بعد السن القانونية المقررة للاحالة الى المعاش فى مركز قانونى مماثل لباقى زملائهم من العاملين بالمرفق ، ذلك ان من استبقى فى الخدمة بعد بلوغه سن الاحالة الى المعاش تكون علاقته بالمرفق متوقفه على رغبة رئيسه الذى بيده ملاك من مدة استبقائه فى الخدمة من عدمه وكذا تجديد من عدمه وبالتالى تكون

 

تابع الطعن رقم 3093 لسنة 45ق عليا

علاقة رئيس الجهاز بمرؤسيه علاقة مباشرة ومطلقة يفتقد معها هذا المرؤس حيدته الواجبة ومن ثم صلاحيته لان تتقلدا حديثا عند مجلس التأديب ويناط به الفصل فيما كيله اليه رئيس الجهاز من العاملين به لتأديبهم.

ولما كان ذلك كذلك وكان الطاعن الثانى قد ابان فى تقرير طعنه عن ان السيد احمد محمد جاد الله الذى تولى رئاسة المجلس المطعون فى القرار الصادر منه قد بلغ السن المقررة للاحالة الى المعاش فى 3/1/1999 ومدت خدمته لمدة ستة شهور ، وان فاروق عوض السعيد عضو المجلس قد بلغ سن الاحالة الى المعاش فى 2/8/1998 ومدت خدمته الى 2/11/1998 ثم الى 2/8/1999.

اى ان العضوين المذكورين قد جلسا بمجلس التأديب حال استبقائهما فى الخدمة بعد تجاوزهما السن المقررة للاحالة الى المعاش ، ولم تجحد الجهة المطعون ضدها ذلك على نحو ما ورد بمذكرتها المقدمة بجلسة 12/2/2002 فمن ثم يكون قدر ان البطلان على تشكيل مجلس التأديب وبما اثر عنه من بطلان القرار الطعين باعتبار ان بطلان اجراءات التقاضى من النظام العام مما يتعين معه الغاء ذلك القرار بغير حاجة الى بحث اوجه الطعن الاخرى.

ومن حيث ان قضاء هذه المحكمة قد استقر على انه بصدور القانون رقم 157/1998 بتعديل بعض مواد القانون رقم 144/1988 فى شأن الجهاز المركزى للمحاسبات الذى ناط برئيس الجمهورية اصدار لائحة خاصة بقرار منه تنظم القواعد المتعلقة بشئون العاملين بالجهاز المذكور ومن بينها القواعد الخاصة بتأديب العاملين بالجهاز وقد صدرت هذه اللائحة بقرار رئيس الجمهورية رقم 196/1999 والتى تعمل بها اعتبارا من 18/6/1999 ، ونصت المادة 62 من هذه اللائحة على ان يتولى توقيع العقوبات على العاملين بالجهاز مجلس تأديب وفقا لتشكيله المنصوص عليه بتلك المادة والتى تقابل نص المادة 63 من اللائحة الملغاة الصادرة بقرار مجلس الشعب بتاريخ 14/1/1992 فمن ثم فان تشكيل مجلس تأديب العاملين بالجهاز المركزى للمحاسبات يكون قد تقرر بموجب قرار صادر من مجلس الشعب له قوة القانون واستمر كذلك حتى اعيد انشاء هذا المجلس بقرار رئيس الجمهورية المشار اليه والذى يعد من قبيل اللوائح التنفيذية التى نص عليها الدستور فى المادة 144 منه ويغدو من ثم اعتبارا من 18/6/1999 مجلس تأديب العاملين بالجهاز المركزى للمحاسبات مشكلا بأداة تشريعية لا تعادل الاداة التشريعية التى قصرت حق مباشرة ولاية التأديب على المحاكم التأديبية لعدم النعى على تشكيل هذا المجلس فى قانون، الامر الذى يترتب عليه بطلان هذا التشكيل اعتبارا من التاريخ المشار اليه. بما لا تقضى معه المحكمة باعادة الدعوى محل الطعن الماثل الى مجلس التأديب بالجهاز المركزى للمحاسبات والجهاز وشأنه فى التصرف فى المسئولية التأديبية للطاعنين.

” فلهذه الاسباب ”

حكمت المحكمة .. بقبول الطعنين شكلا ، وفى الموضوع ببطلان القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من اثار على النحو الموضح بالاسباب.

صدر هذا الحكم وتلى علنا بجلسة يوم السبت الموافق                       1425ه

والموافق 4/12/2004 بالهيئة المبينة بصدره.

ســــكرتير المحكمــة                                                                         رئيــس المحكمــة

 

 

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى