موسوعة المحكمه الاداريه العليا

 فى الطعنين رقمى 3373 و 3437 لسنة 36 القضائية عليا

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

الدائرة الأولى / موضوع

*************

بالجلسة المنعقدة علناً في يوم السبت الموافق10/1/2004 م  

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / عبد الرحمن عثمان عزوز

                                رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

 

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / السيد محمد السيد الطحان و يحيى خضرى نوبى محمد و د. محمد ماجد محمود أحمد و أحمد عبد الحميد حسن عبود .

    نواب رئيس مجلس الدولة

 

وبحضور السيد الأستاذ المستشار / حتة محمود حتة                            مفوض الدولة             

                                                                           

وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس                              سكرتير المحكمة

***************

أصدرت الحكم الآتى :

 فى الطعنين رقمى 3373 و 3437 لسنة 36 القضائية عليا

 
المقـــام أولهما من :

 

  • محمد فؤاد سراج الدين
  • إبراهيم فرج مسيحة

 

ضـــــــــــــد

  • رئيس الجمهورية ” بصفته”
  • رئيس مجلس الوزراء ” بصفته”
  • وزير المالية ” بصفته”
  • المدعى العام الاشتراكى ” بصفته”
 
والمقـــام ثانيهما من :
  • رئيس الجمهورية ” بصفته”
  • رئيس مجلس الوزراء ” بصفته”
  • وزير المالية ” بصفته”
  • المدعى العام الاشتراكى ” بصفته”

 

 

 

ضــــــــــــــــــد

  • محمد فؤاد سراج الدين
  • إبراهيم فرج مسيحة

 

*******************

فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى ” دائرة العقود الإدارية والتعويضات”

بجلسة 24/6/1990 فى الدعوى رقم 5845 لسنة 42 ق.

 

******************

 

الإجـــــــراءات :

*************

 

أولاً : إجراءات الطعن رقم 3373 لسنة 36 ق. عليا :

      

        فى يوم السبت الموافق 18/8/1990 أودع الأستاذ الدكتور / نعمان محمد خليل جمعة المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها العمومى تحت رقم 3373 لسنة 36 ق. عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى ” دائرة العقود الإدارية والتعويضات “فى الدعوى رقم 5845 لسنة 42 ق. بجلسة 24/6/1990 والقاضى منطوقه ” بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها بدفع مبلغ خمسين ألف جنيه لكل من المدعيين مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات ” .

 

        وطلب الطاعنان – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم  بإلزام المطعون ضدهم بأن يدفعوا متضامنين لكل من المدعيين مبلغ مائة ألف جنيه على سبيل التعويض عما لحقهم من أضرار مادية وأدبية جسيمة من القرارين الصادرين من المدعى العام الاشتراكى فى 12/6/1978 والمتضمن تطبيق المادة الرابعة من القانون رقم 33 لسنة 1978 فى شأنهما نظراً لثبوت اشتراكهما فى قيادة حزب الوفد المصرى القديم وإدارته مع إلزام المطعون ضدهم بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة .

 

ثانياً : إجراءات الطعن رقم 3437 لسنة 36 ق. عليا :

 

        فى يوم الثلاثاء الموافق 21/8/1990 أودع الأستاذ / فتحى إبراهيم عبد الله النائب بهيئة قضايا الدولة نائباً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3437 لسنة 36 ق. ع فى ذات الحكم.

 

وطلب الطاعنون بصفاتهم – للأسباب الموضحة بتقرير الطعن – الحكم / بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه والقضاء أصليا بإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة لتقضى فيها بوقفها تعليقا إلى حين الفصل فى الطعن رقم 2622 لسنة 34 ق. عليا . واحتياطيا / برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدهما فى أى من الحالتين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى .

 

        وجرى إعلان تقريرى الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو الثابت بالأوراق .

 

        وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعنين ارتأت فيه الحكم / بقبول الطعنين شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام الجهة الإدارية المدعى عليها بدفع مبلغ خمسين ألف جنيه لكل من المدعيين والقضــاء برفض طلب التعــــويض وإلزام الطــــاعنين فى الطعن رقـــم 3373 لسنة 36 ق. عليا مصروفات الطعنين مناصفة .

 

        وقد عين لنظر الطعنين أمام دائـــرة فحص الطعـــــون بهذه المحكمـــة جلســــة 5/10/1998 وفيها قررت ضم الطعن رقم 3437 لسنة 36 ق. عليا إلى الطعن رقم 3373 لسنة 36 ق. عليا وبجلسة 21/12/1998 قررت المحكمة إحالة الطعنين رقمى 3373 لســنة 36 ق. عليا و 3437 لسنة 36 ق. عليا إلى المحكمة الإدارية ( الدائرة الأولى – موضوع ) وحددت لنظرها أمامها جلسة 7/2/1999 وتدوول نظرهما أمام المحكمة بجلسات المرافعة وذلك على النحو الثابت بمحاضرها حيث جرى خلالها تصحيح شكل الطعن رقم 3437 لسنة 36 ق. عليا باختصام ورثة المطعون ضده الأول ( المرحوم / محمد فؤاد سراج الدين وهم : 1- فايزة محمـــد فــؤاد ســـراج الدين (ابنته) 2- ياسين سراج الدين ( شقيقه) . 3- وريثا نجلته المتوفـــاة المرحومة / نيللى محمد فؤاد ســــراج الدين وهما : أ- محمــد فـــؤاد محســـن بدراوى ب- نيفين محســـن بدراوى  . 4- وريثا ابنته المتوفاة / نادية محمد فؤاد سراج الدين وهما : 1- حســـن سعيد بدراوى 2- محمد طارق عبد اللطيف الكاظم .

 

        كما قامت هيئة قضايا الدولة بتصحيح شكل الطعن فى مواجهة ورثة المطعون ضده الثانى المرحوم / إبراهــيم فـــرج مسيحة بموجب عريضـــة معلنة قانــــوناً وهم : 1- كوكب عبد الملك سمعان ( زوجته)  2- حفيداه من ابنته المتوفاة / إيزيس إبراهيم فرج وهما : 1- إبراهيم كمال فهمى 2- فهمى كمال فهمى .

 

        وبجلسة 1/11/2003 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 10/1/2004 مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء فى شهر .

 

      

المحكمـــــــــــــــــــة

 

*************

 

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا .

 

من حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية .

 

ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة – تخلص – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق فى أن مورثى الطاعنين فى الطعـــــن رقــــم 3373 لسنة 36 ق. عليا – أقاما الدعوى رقم 5845 لسنة 42 ق أمام محكمة القضاء الإداري بموجب عريضة مودعة قلم كتابها بتاريخ 9/8/1988 بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهم بالتضامن بأن يدفعوا لكل من المدعيين مبلغ مائة ألف جنيه على سبيل التعويض عما لحقهم من أضرار مادية وأدبية من القرارين الصادرين من المدعى العام الاشتراكى فى يونيه 1978 والمتضمنين تطبيق المادة الرابعة من القانون رقم 33 لسنة 1978 فى شأنهما نظراً لثبوت اشتراكهما فى قيادة حزب الوفد المصرى القديم و إدارته مع إلزام المطعون ضدهم بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة بحكم مشمول بالنفاذ المعجل بلا كفالة.

 

ومن حيث إنه فى بيان وقائع النزاع فإنه قد بسطها الحكم المطعون فيه بسطاً يغنى عن إعادة سردها مجدداً فى هذا الحكم وهو ما تحيل معه المحكمة فى شأن هذه الوقائع إلى الحكم المذكور تفادياً للتكرار.

 

وبجلسة 24/6/1990 أصدرت محكمة القضاء الإداري ” دائرة العقود الإدارية والتعويضات ” حكمها المطعون فيه.

 

وشيدت المحكمة قضاءها فى موضوع الدعوى على أساس توافر أركان المسئولية الإدارية فى حق الجهة الإدارية المدعى عليها وأنها قائمة على أسبابها من خطأ وضرر ورابطة سببية وذلك على النحو الوارد تفصيلاً بأسباب الحكم الطعين.

 

ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 3373 لسنة 36ق.عليا أن الحكم المطعون فيه قد أجحف بحقوق الطاعنين فى التعويض عما أصابهما من أضرار مادية وأدبية بالغة حيث إن المبلغ المقضى به هو تعويض متواضع لا يتناسب مع الأضرار المادية والأدبية التى أصابتهما نتيجة للقرار المطعون فيه ويتمثل الضرر المادى فى الحرمان لمدة ست سنوات من مباشرة مهنة المحاماة حيث إنهما مقيدان فى نقـــابة المحاماة وكانا يباشران المهنة فى أكثر صورها استقراراً ودخـــــلاً وأن علم الكـــــافة بخضوعهما لنظــام العزل

 

السياسى من شأنه إحجام المتقاضين عن التعامل معهما فضلاً عن أن توقفهما عن العمل طيلة هذه المدة من شأنه أن يؤدى إلى انقطاع الصلة بالموكلين ويكون على المحامى أن يبدأ من جديد، كما يتمثل الضرر الأدبى فى الحرمان من مباشرة الحقوق السياسية مما يشكل مساساً خطيراً بحق الإنسان الطبيعى فى مشاركة مواطنيه فى الحياة العامة وهو يمثل مخالفة صارخة لنص المادة 62 من الدستور التى تصون إحدى الحريات العامة الأساسية واللازمة لاكتمال شخصية وأدبيات والمقومات المعنوية للمواطن حيث يقضى النص الدستورى المشار إليه بأن للمواطن حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأى فى الاستفتاء وفقاً لأحكام القانون و مساهمته فى الحياة العامة واجب وطنى مما أصابهما بأضرار أدبية شديدة الوطأة متعددة الوجوه وذلك على النحو الموضح تفصيلاً بتقرير الطعن.

 

ومن حيث إن الطعن رقم 3437 لسنة 36ق.عليا أقيم على أساس مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون و الخطأ فى تطبيقه وتأويله للأسباب الواردة تفصيلاً بتقرير الطعن وتوجز فى أن الحكم الطعين استند فى توافر ركن الخطأ الموجب للمسئولية فى جانب الإدارة إلى الحكم الصادر فى الدعوى رقم 1548 لسنة 38ق والقاضى بإلغاء القرارين المطعون فيهما وبأحقية المدعيين فى تعويض مؤقت فى حين أن هذا الحكم قد تم الطعن عليه بالطعن رقم 2622 لسنة 34ق.عليا بما يجعل حجية حكم التعويض المؤقت موقوتة وغير مؤكدة الأمر الذى كان يجب معه على محكمة أول درجة أن تأمر بوقف الدعوى لحين الفصل فى الطعن بحكم نهائى عملاً بحكم المادة 129 من قانون المرافعات، كما إنه مع التسليم الجدلى بأن المحكمة قضت بالتعويض الكامل على أساس ثبوت أركان المسئولية الموجبة للتعويض ودون الاستناد إلى الحكم الصادر فى الدعوى رقم 1548 لسنة 38ق. فإنه بالرجوع إلى القرارين سَبَبَىْ طلب التعويض والصادر بحرمان المطعون ضدهما يبين أنهما قد ولدا مشروعين فى ظل العمل بأحكام المادة الرابعة من القانون رقم 33 لسنة 1978 بشأن حماية الجبهة الداخلية والســـلام الاجتماعى والتى ما كان يجوز لجهة الإدارة مخالفتها – فإذا ما قضى بعد ذلك بعدم دستورية المادة الرابعة من القانون المشار إليه – فإن ذلك لا يولد حقاً لهما فى تعوير هذين القرارين حال صدورهما عملاً بالقاعدة المستقرة التى تقضى عند نظر بحث مشروعية القرار الإداري بالنظر إليه وقت صدوره لا بما يستجد بعد ذلك من أحداث أو وقائع وبذلك ينتفى ركن الخطأ، وفضلاً عما تقدم فإن أوراق الدعـــوى خلت من أى دليل على أن ضرراً مادياً لحق بهما، كما تبين أن المدعيين قد باشرا حقوقهما السياسية تحت لواء حزب الوفد الجديد وبذلك فإن الضرر بنوعيه المادى والأدبى لم يتحقق فى أى من المطعون ضدهما الأمر الذى تنتفى معه المسئولية الإدارية عن القرارين المذكورين سلفاً.

 

ومن حيث إنه بالنسبة لما دفعت به جهة الإدارة الطاعنة بوقف الدعوى موضوع الطعن الماثل تعليقياً وفقاً لحكم المادة 129 مرافعات طبقاً لما سلف بيانه فإنه مردود عليه بأنه وإن كان وقف الفصل فى الدعــوى حتى يفصل فى مسألة أخرى أمرًا متروكًا لتقدير

 

المحكمة – حسبما تستبينه من جدية المنازعة فى المسألة الأولية وعدم جديتها ومدى ضرورة الفصل فيها للفصل فى النزاع المعروض عليها فإن مناط الحكم بوقف السير فى الدعوى تعليقياً طبقاً لحكم المادة 129 مرافعات أن يكون الفصل فى المسألة الأولية ضرورياً للفصل فى الدعوى بحيث لا يمكن الفصل فى موضوعها إلا بعد صدور الحكم فى تلك المسألة الأولية وأن تكون هذه المسألة خارجة عن اختصاص المحكمة المتعلق بالنظام العام.

 

ومن حيث إنه – فى ضوء ما تقدم – فإنه بالنسبة لطلب جهة الإدارة وقف السير فى الدعوى حتى يتم الفصل فى الطعن رقم 2622 لسنة 34ق.عليا المقام فى الحكم الصادر فى الدعوى رقم 1548 لسنة 38ق. والقاضى بإلغاء القرارين المطعون فيهما فإنه لما كانت المطالبة بالتعويض الكامل عن هذين القرارين المعروضة على محكمة أول درجة والتثبت من مدى توافر أركان المسئولية الإدارية يدخل فى نطاق اختصاصها وتكون ملزمة بأن تعرض لتصفية كل نزاع أثير بشأنها حتى تقول كلمتها فى موضوع الدعوى و بالتالى لا يعتبر هذا الطلب مسألة أولية مما من شأنه عدم توقف الحكم فى الدعوى على صدور حكم فى الطعن المشار إليه وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون ويغدو النعى عليه بهذا السبب غير قائم على سند من القانون جديراً بالرفض.

 

ومن حيث إن مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية التى تصدرها هو قيام خطأ من جانبها بأن يكون القرار الإداري غير مشروع بسبب عيب لحقه من عيوب عدم المشروعية المنصوص عليها فى قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر، وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر، فركن الخطأ يتمثل فى صدور قرار من الإدارة بالمخالفة للقانون، وركن الضرر يقصد به الأذى المادى أو الأدبى الذى يلحق صاحب الشأن من جراء صدور القرار، وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر تؤكد وتفيد أنه لولا الخطأ المنسوب للإدارة ما تحقق الضرر على النحو الذى حدث به, ويجب على المضرور أن يبين عناصر الضرر المادى والأدبى التى يطالب على أساسها بالتعويض ويقع على عاتقه عبء إثبات حجم الأضرار التى حاقت به.

 

ومن حيث إنه لا وجه لما ذهبت إليه الجهة الإدارية الطاعنة من القول بانتفاء ركن الخطأ فى جانب الإدارة بدعوى أن القرارين المطعون فيهما قد صدرا مشروعين فى ظل العمل بأحكام المادة الرابعة من القانون رقم 33 لسنة 1978 بشأن حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعى وأن العبرة عند بحث مشروعية القرار الإداري بوقت صدوره لا بما يطرأ عليه بعد ذلك وذلك على النحو الوارد بتقرير طعنها رقم 3437 لسنة 36 ق.عليا ذلك أن واقعاً قانونياً قد تكشف منشؤه وقوامه الحكم الذى أصدرته المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 56 لسنة 6ق. دستورية بجلسة 21/6/1986 ويقضى بعدم دستورية المادة الرابعة من القانون رقم 33 لسنة 1978 بشأن حماية

 

الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعى – والتى كانت تقضى بأنه لا يجوز الانتماء إلى الأحزاب السياسية أو مباشرة الحقوق أو الأنشطة السياسية – لكل من اشترك فى قيادة الأحزاب أو إدارتها وذلك قبل 23 يوليو سنة 1952 ما عدا الحزب الوطنى والحزب الاشتراكى، ومتى كان ذلك وكان الأصل فى الأحكام القضائية أنها كاشفة وليست منشئة، إذ هى لا تستحدث جديداً ولا تنشئ مراكز أو أوضاعاً لم تكن موجودة من قبل، بل إنها تكشف عن حكم الدستور أو القانون الأمر الذى يستتبع أن يكون للحكم بعدم الدستورية أثر رجعى كنتيجة حتمية لطبيعته الكاشفة، فضلاً عن أن نص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا، قضى بعدم جواز تطبيق النص المقضى بعدم دستوريته من اليوم التالى لتاريخ نشر الحكم بعدم الدستورية فى الجريدة الرسمية، ومن ثم بات متعيناً على قاضى الموضوع – إعمالاً لهذا النص – ألا ينزل حكم القانون المقضى بعدم دستوريته على المنازعة المطروحة عليه.

 

ومن حيث إنه بالترتيب على ما نشأ من واقع قانونى كشف عنه حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه يكون القراران المطعون فيهما الصادران من المدعى العام الاشتراكى بتاريخ 12/6/1978 بحرمان مورثى الطاعنين فى الطعن رقم 3373 لسنة 36ق.عليا من الانتماء إلى الأحزاب السياسية أو مباشرة الحقوق أو الأنشطة السياسية تطبيقاً لنص المادة الرابعة من القانون رقم 33 لسنة 1978 سالف الذكر – وهما القراران موضوع النزاع الماثل – قد افتقدا السند القانونى الذى مصدره نص تشريعى قضى بعدم دستوريته مما يصم هذين القرارين بعدم المشروعية الأمر الذى يتحقق به ركن الخطأ فى المسئولية الإدارية الذى يستوجب مسئولية جهة الإدارة عن تعويض الضرر المترتب عنهما.

 

ومن حيث إنه لا محـــاجة فيما ذهب إليه الطاعنان فى الطعن رقم 3373 لسنة 36ق. عليا من أن محكمة أول درجة أجحفت بحقوق مورثيهما بتقديرها للتعويض المستحق لهما عن الأضرار التى أصابتهما من جراء القرارين المطعون فيهما بمبلغ خمسين ألف جنيه – ذلك أنه طبقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن تقدير التعويض المستحق للمضرور متى استقامت أركان المسئولية الإدارية هو من إطلاقات محكمة الموضوع – بحسب ما تراه – مستهدية فى ذلك بكافة الظروف والملابسات فى الدعوى , بحسبان أن تقدير التعويض- متى قامت أسبابه – من مسائل الواقع التى تستقل بها، لأنه لا يوجد فى القانون نص يلزمها باتباع معايير معينة، وعليها وهى تقدر التعويض أن تزن بميزان القانون ما يقدم إليها من أدلة وبيانات عن قيام الضرر وعناصره، فإذا ما صدر حكمها محيطاً بكافة عناصر الضرر الناتج عن خطأ جهة الإدارة، شاملاً ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب، فإنها تكون قد أصابت صحيح حكم القانون فيما انتهت إليه من تقدير قيمة التعويض، وبغير معقب عليها فيما هو متروك لتقديرها ووزنها لمدى الضرر وقيمة التعويض الجابر، مادام هذا التقدير سائغاً ومستمداً من أصول مادية تنتجه ومردوداً إلى عناصره الثابتة بالأوراق ومبرراته التى

 

يتوازن بها أساس التعويض مع العلة من فرضه بحيث يبدو متكافئاً مع الضرر ليس دونه وغير زائد عليه وكانت الأسباب التى استندت إليها فى شأن تقدير التعويض كافية لحمل قضائها.

 

ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك، وكان الثابت أن الحكم الطعين قد قضى بالتعويض المستحق لمورثى الطاعنين الذى رآه جابراً للأضرار التى أصابتهما من جراء حرمانهما من الانتماء إلى الأحزاب السياسية أو مباشرة الحقوق أو الأنشطة السياسية نتيجة صدور القرارين المطعون فيهما، وكان هذا التعويض مناسباً للفترة التى عاشاها محرومين من المشاركة فى الحياة العامة ومباشرة حقوقهما السياسية ومتكافئاً مع الأضرار التى أصابتهما نتيجة هذا العدوان الصارخ و الافتئات السافر من جانب جهة الإدارة على حقوقهما السياسية التى كفلها الدستور، ولم يقدم الطاعنان ثمة دليلاً على وجود أضرار أخرى لم يتم جبرها، كما لم يتضمن تقرير طعنهما أى وجه من أوجه الضرر لم يكن مطروحاً على محكمة أول درجة، فضلاً عن أنه لم يثبت بالأدلة القاطعة أن هناك ضررًا لحقهما يقتضى تعويضهما بمبلغ أكبر من مبلغ التعويض المقضى به.

 

ولما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد جاء صحيحاً فيما قضى به وبنى على أسباب كافية لحمل قضائه وقد التزم صحيح حكم القانون ولم يَشٌبْه خطأ أو عوار يفسده وأن ما ساقه كل طاعن من أوجه نعى فى تقرير طعنه لا تنال من سلامة الحكم المطعون فيه ولم يستند إلى أوجه دفاع جديدة فى جوهرها عما قدمه أمام محكمة أول درجة بما يمكن معه إجابته إليه ومن ثم يكون الطعن على هذا الحكم فى غير محله جديراً بالرفض، الأمر الذى تؤيد معه هذه المحكمة الحكم الطعين فى النتيجة التى انتهى إليها وللأسباب التى قام عليها وتحيل إلى ما جاء فيه سواء فى بيان وقائع الدعوى أو فى الأسباب التى قام عليها، وتعتبرها أسباباً لحكمها.

 

ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.     

” فلهـــــــذه الأســـــــــباب “

 

***********

حكمت المحكمة :

        بقبول الطعنين شكلاً، وبرفضهما موضــــوعاً , وألزمت كل طاعن مصروفات طعنه.

               

سكرتير المحكمــــــــة                                                       

رئيس المحكمـــــــــــة

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى