موسوعة المحكمه الاداريه العليا

في الطعن رقم 10110 لسنة 47 القضائية عليا

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

الدائرة الأولى – موضوع

———————-

 

 

بالجلسة المنعقدة علناً في يوم السبت الموافق 13/9/ 2003م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / على فكرى حسن صالح

                                                                      نائب رئيس مجلس الدولة 

 

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / يحيى خضري نوبي محمد ود. محمد ماجد محمود أحمد وأحمد عبد الحميد حسن عبود  و أحمد حلمي محمد أحمد حلمي.

 

                                                                     نواب رئيس مجلس الدولة

وبحضور السيد الأستاذ المستشار / حتة محمود حتة             

                                           مفوض الدولة        

وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس                                      سكرتير المحكمة

 

 

أصدرت الحكم الآتي

                   في الطعن رقم 10110 لسنة 47 القضائية عليا
 المقـــــام من

فتحي عيادة عودة بخيت

  ضـــد كلاً من

 

  • وزير الداخلية    ” بصفته “
  • مدير أمن شمال سيناء    ” بصفته “
  • مدير إدارة تصاريح العمل – مصلحة الأمن العام فرع شمال سيناء ” بصفته “

 

  في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية

   في الدعوى رقم 201 لسنة 2 ق بجلسة 28/5/2001

 

——————————————————————

 

 

الإجــــــــــراءات

———————–

 

في يوم الخميس الموافق 26/7/2001 أودع الأستاذ / محمد حسن سليم المحامى بالنقض بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 10110 لسنة 47ق. عليا وذلك في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية بجلسة 28/5/2001 في الدعوى رقم 201 لسنة 2ق والقاضي منطوقه ” بقبول الدعوى شكلاً, ورفضها موضوعاً وإلزام المدعى المصروفات ”

 

وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – أن تحكم دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بإلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن إصدار تصريح عمل للطاعن وفقاً لحكم المادة (52) من الدستور مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهم بصفاتهم المصروفات.

 

و قد جرى إعلان تقرير الطعن للمطعون ضدهم بصفتهم على النحو المبين بالأوراق.

وأودعت هيئة مفوضي الدولــة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً ، ورفضه موضوعاً, وإلزام الطاعن المصروفات.

 

وقد عينت دائـرة فحـص الطعـون لنظر الطعن جلسة 18/ 11/2002 حيث حضر الـخصوم , وبجلسـة 16/ 12/2002 قـررت الدائرة إحـالة الـطعن إلى الـمحكمة الإداريـة الـعليا ( الدائرة الأولى – موضوع ) لنظره بجلسة 4/1/2003 وجرى تداوله بالجلسات على النحـو الـثابت بالمحـاضر حـيث حضر الخصوم وقدم الحاضر عـن الطاعـن مذكرتي دفـاع و حـافظـة مسـتندات وبجـلـسة 19/4/2003 قـررت الـمحكمة إصـدار الـحكم بجـلسة 13/9/2003 و مذكرات في شهر.

 

وخلال هذا الأجل أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفاع طلبت في ختامها الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات.

وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.

 

المحكمـــــــــــــــــــة

———————-

 

بعد الاطلاع على الأوراق و سماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.

ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.

ومن حيث إن وقائع هذا النزاع تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في إنه بتاريخ 28/10/1996 أقام الطاعن الدعوى رقم 201 لسنة 2 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية وطلب في ختامها الحكم بقبولها شكلاً وفى الموضوع بإلــزام المـدعى عليــه الأول بالموافقة على استخراج تصريح عمل لـه استناداً لنص المادة (52) من الدستور.

وذكر شرحاً لذلك أنه قد اعتقل عام 1988 لمدة 45 يوماً لمجرد الاشتباه في أنه يقوم بجلب مخدرات من الخارج, ولم تصدر ضده أحكام جنائية, وبالرغم من ذلك فقد اعتبره المدعى عليهما الأول والثاني مقيداً تحت بند فئة ( أ ) خطر, وبرغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على هذا القيد إلا أنه لم يتغير وظل قائماً حتى تاريخ إقامة الدعوى, وترتب على ذلك منعه من استخراج تصريح العمل الخاص به, مما يعتبر إجحافاً بحقوقه لمخالفة ذلك للدستور ولعدم صدور أحكام جنائية ضده وعدم وجـود السوابـق الـمنصـوص عليهــا فـي المــادة الرابعــة عشـــرة مـــن القـــرار الـوزاري الصـــادر في 2/10/1911 بشأن قلم السوابق المعدل بقرار وزير العدل الصادر في 5/5/1955 وهو ما حدا به إلى إقامة دعواه بطلباته سالفة الذكر.

 

تدوول نظــر الدعـــوى بجلسات المحكمة على النحو الثابت بالمحاضر, وبجلسة 28/5/2001 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه.

 

وشيدت المحكمة قضاءها – بعد أن استعرضت المادتين 50 و 52 من الدستور والمادتين 11 و 16 من القانون رقم 97 لسنة 1959 في شأن جوازات السفر المعدل بالقانون رقم 78 لسنة 1968, والمادتين 1 و 5 من قرار وزير الداخلية رقم 812 لسنة 1969 في شأن قوائم الممنوعين من السفر – وذلك تأسيساً على أن المدعى مسجل خطر مخدرات تحت رقم 79 فئة ( أ ) شمال سيناء وسبق اعتقاله بالقرار رقم 1425/1022 لسنـة 1988 لنشاطـه في تهـريب الـمواد المخـدرة , وأكـدت التحريات أنه ما زال يمارس نشاط الاتجار في المواد المخدرة, ورأت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بتواريخ 8/5/1993 و 26/6/1996 و 26/10/1997 عدم الموافقة على سفر المدعى للعمل بالخارج لنشاط المذكور حفاظاً على سمعة البلاد بالخارج ، ومن ثم فقد قام لدى جهة الإدارة من الأسباب ما يبرر رفض التصريح للمدعى بالسفر للعمل بالخارج وفقاً للأحكام المشار إليها مما يجعل القرار المطعون فيه قائماً على سند صحيح من أحكام القانون .

 

ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف حكم القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله للأسباب الآتية :

أولاً / بطلان كل من الحكم المطعون فيه وقرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن إصدار تصريح عمل للطاعن لعدم استنادهما إلى أي أسباب تبررهما وأن ما ذكرته جهة الإدارة بشأن الطاعن من قيامه بالاتجار بالمخدرات جاءت كلها أقوالاً مرسلة .

ثانياً / بطلان الحكم المطعون فيه والقرار المطعون فيه للخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وتأويله في موضوعين : الأول : صدور الحكم المطعون فيه استناداً إلى قرار وزير الداخلية رقم 812 لسنة 1969 في شأن قوائم الممنوعين من السفر والذي ألغى بالقرار رقم 975 لسنة 1983 ثم بالقرار رقم 2214 لسنة 1994 .

الموضوع الثاني : عدم تحديد ما إذا تم وضع الطاعن على قوائم الممنوعين من السفر من عدمه ، ولا يغير من ذلك قيام الإدارة العامة لمكافحة المخدرات برفض الموافقة على سفر الطاعن بتواريخ 8/5/1993 و 26/6/1996 و 26/10/1997 فإن الأوراق قد أجدبت عن وجود موافقة لوزير الداخلية على إدراج الطاعن على قوائم الممنوعين من السفر .

 

ومن حيث إن الطاعن يطلب الحكم وفقاً للتكييف الصحيح لطلباته بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار الصادر بإدراجه على قوائم الممنوعين من السفر مع ما يترتب على ذلك من أثار أهمها استخراج تصريح عمل له وإلزام جهة الإدارة المصروفات .

 

ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرع الدستوري قد جعل من الحرية الشخصية حقاً طبيعياً يصونه بنصوصه ويحميه بمبادئه ، فحرية التنقل كأحد عناصر الحرية الشخصية بما يشتمل عليه من حق وحرية السفر للخارج  يعتبر حقاً لكل مواطن لأنه يتصل بحريته الشخصية وقد تضمن الدستور من الضمانات ما يكفل سلامة تطبيقه وحمايته من أي عدوان ، بل إن دستور سنة 1971 كان أكثر حماية لهذا الحق فارتقـى بـه إلـى مصـاف الحـقوق والحـريات العامـة الـدستوريـة من الـدساتيـر السـابقة عليه ، حيث نص في المادة (41) منه – وهو نص مستحدث لم يرد في الدساتير السابقة عليه – على ضمانات دستورية جديده للحقوق والحريات العامة ومنها حق التنقل ، وهي ضمانـات تتعلق بالسـلطة المختصـة بتقـييد حـريـة التنقل ومبرراته ودواعيه فجاءت الـمادة (41) ونصـت علـى أن ” الحريــة الـشخصية حـق طبيعـي وهـي مصونـة لا تمـس ، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو  منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة ، وذلك وفقاً لأحكام القانون ”

 

و حيث إنه بموجب هذا النص أصبح تقييد حرية التنقل ومنه أمر المنع من السفر والحرمان من حرية الانتقال – في غير حالات التلبس – مشروطاً بصدور أمر من جهة قضائية ، يكون مستنداً إلى ضرورة يستلزمها التحقيق ويقتضيها أمن الجماعة، وبذلك أصبح حتماً دستورياً أن يكون المنع من السفر للخارج بأمر من السلطة القضائية دون غيرها كما حددها الدستور ، مما مفاده أمر المنع من السفر بالطريق الإداري محظور ، فهذه الحماية الدستورية لحرية التنقل تفرض على سلطات الدولة عدم المساس بها أو اتخاذ أي إجراء أو عمل ينطوي على تقييدها إلا بالوسائل القانونية السليمة وفي الحدود والضوابط الدقيقة كما حددها الدستور في المادة (41) منه وذلك صيانة لهذا الحق وحماية له من أي عدوان عليه ، وخاصة إذا انطوى ذلك على اختصاص مخول للسلطة القضائية لأن مثل هذا الاعتداء يخرج الحق من دائرة الحماية الدستورية ، ومن ثم إذا أناط الدستور بالسلطة القضائية دون غيرها هذا الاختصاص وجب التزام سلطات الدولة بهذا الخطاب الدستوري ومخالفته تعتبر عدواناً على هذا الحق واغتصاباً لاختصاص محجوز للسلطة القضائية وحدها بنص الدستور .

 

ومن حيث إنه رغم صدور دستور 1971 متضمناً لنص المادة (41) سالفة الذكر بما تضمنته من ضمانات جديده بالنسبة لحرية التنقل وجعل الاختصاص بتقييده للسلطة القضائية وحدها – على النحو السالف بيانه – إلا أن العمل بالقرار بقانون رقم 97 لسنة 1959 بشأن جوازات السفر – الذي كان معمولاً به قبل صدور الدستور – ظل سارياً وظل العمل بالمادتين 8 و11 من هذا القانون رغم مخالفتهما لحكم المادة (41) من الدستور، فالمادة (8) تخول لوزير الداخلية بعد موافقة وزير الخارجية تحديد شكل جواز السفر ومدة صلاحيته وشروط وإجراءات منحه ، في حين تجيز المادة (11) لوزير الداخلية لأسباب هامة يقدرها رفض منح جواز السفر أو تجديده كما يجوز له سحبه ، وتنفيذاً لذلك صدرت عدة قرارات من وزير الداخلية في هذا الشأن منها ما يتعلق بقوائم الممنوعين من السفر ، ومنها القرار رقم 975 لسنة 1983 ، والقرار رقم 2214 لسنة 1994 ، وبهذه النصوص كان المنع من السفر وقيود منح جواز السفر من اختصاص وزارة الداخلية  كسلطة تنفيذية  وليس السلطة القضائية ، بما ينطوي عليه ذلك من تقييد حرية التنقل والسفر للخارج بالمخالفة للدستور ، وإذ صدر حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 4/11/2001 بعدم دستورية نصي المادتين 8  و 11 من القرار بقانون رقم 97 لسنة 1959 المشار إليه والذي ترتب عليه سقوط النصين المشار إليهما وانعدام القاعدة القانونية التي تضمنها النصان وإبطال العمل بهما وتجريد النصين من قوة نفاذهما اعتباراً من تاريخ صدورهما ، وزوال كافة الآثار القانونية التي ترتبت عليهما ومنها القرارات التي صدرت تنفيذاً لهما أو استناداً إليهما ولو كانت صادرة قبل صدور الحكم ونشره في الجريدة الرسمية ، وذلك كله إعمالاً لحجية الحكم والأثر الرجعي له لأن مؤدى الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة هو عدم تطبيق النص من اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية إلا أن ذلك لا ينصرف إلى المستقبل وحده بل ينسحب أيضاً على الوقائع و العلاقات السابقة على صدور الحكم ، ولا يستثنى من ذلك إلا الحقوق و المراكز التي استقرت عند صدوره بموجب حكم حاز قوة الأمر المقضي به أو بانقضاء مدة التقادم .

 

ومن حيث إنه تطبيقاً لما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن القرار المطعون عليه بإدراج اسم الطاعن على قوائم الممنوعين من السفر كان بناء على كتاب الإدارة العامة لمكافحة المخدرات التي رأت بتاريخ 8/5/1993 و 26/6/1996 و 7/10/1997 عدم الموافقة على سفره للخارج نظراً لسبق اعتقاله بالقرار رقم 1425/122 لسنة 1988 لـخطورته و الحـد مـن نشاطـه في تـهريب الـمواد الـمخدرة وأنه مسجـل خطر مخـدرات تحـت رقـم 79 فـئة ( أ ) شمال سينـاء وأن هـذا القرار صدر استناداً إلى نصوص القرارين 975 لسنة 1983 و 2214 لسنة 1994 في شأن قوائم الممنوعين من السفر اللذان صدرا بدورهما استناداً لنصي المادتين 8 و 11من القرار بقانون رقم 97 لسنة 1959 بشأن جوازات السفر اللذين حكم بعدم دستوريتهما بموجب حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 4/11/2001 في الدعوى الدستورية رقم 243 لسنة 21ق على النحو السابق بيانه، فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر معدوماً لأنه فضلاً عن صدوره من سلطة غير مختصة فقد صدر استناداً إلى نص تشريعي غير دستوري كشف عنه حكم المحكمة الدستورية العليا – وبذلك فقد القرار سنده ودعامته القانونية بحكم الواقع القانوني الجديد الذي كشف عنه الحكم ،الأمر الذي يكون معه القرار واجب الإلغاء مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها إلزام جهة الإدارة استخراج تصريح عمل له .

 

وإذ ذهب الحكم المطعون فيه عكس هذا المذهب فإنه يكون قد جانب الصواب جديراً بالإلغاء .

 

 

ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات .

فلهـــــذه الأسبـــــــاب

—————————–

 

حكمت المحكمة :

—————

 

بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات .

 

 

سكرتـــير المحكمــة                                                       رئيــــس المحكمـة

 

 

 

 

 

 

– صدر هذا الحكم بالهيئة المبينة بصدره ما عدا الأستاذ المستشار / على فكري حسن صالح نائب رئيس مجلس الدولة ، الذي حضر جلسة النطق بالحكم بدلاً من الأستاذ المستشار الدكتور / عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة الذي سمع المرافعة وحضر المداولة ووقع على مسودة الحكم .

 

 

 

 

 

 

——–

هبه ….

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى