موسوعة المحكمه الاداريه العليا

في الطعن رقم 8010 لسنة 45 ق. عليا

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

الدائرة الأولى

*************

بالجلسة المنعقدة علناً في يوم السبت الموافق 15/3/2003م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز

           رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة 

 

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين /  على فكرى حسن صالح ود. محمد ماجد محمود أحمد وأحمد حلمي محمد أحمد حلمي ومحمد أحمد محمود محمد .

    نواب رئيس مجلس الدولة

 

وحضور السيد الأستاذ المستشار / حتة محمود حتة                

                    مفـوض الدولـة

 

وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس                                  سكرتير المحكمة

 

***********************

أصدرت الحكم الآتي

في الطعن رقم 8010 لسنة 45 ق. عليا

  المقـــام من
  • رئيس الجمهورية
  • وزير الداخلية

                                             ضــــــــــــــد

أحمد يوسف محمد حمد الله

 

*************

 

في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة

في الدعوى  رقم 1204 لسنة 47 ق بجلسة 27/6/1999

 

**************

 

 

 

 

الإجـــــــــــــراءات :

****************

 

       فى يوم الثلاثاء الموافق 24 من أغسطس سنة 1999 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمـــة الإدارية العليا , تقرير طعـــــن – قيد برقم 8010 لسنـــة 45 قضائية عليا – فى الحكــــــم الصادر مـــن محكمة القضــاء الإدارى / دائرة العقود والتعويضات بالقاهرة فى الدعوى رقــم 1204 لسنة 47 ق بجلســــة 27/6/1999 , والقاضى فى منطوقه ” بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلزام المدعى عليهما بصفتيهما متضامنين بأن يؤديا للمدعــى مبلغاً مقـداره 6000 جنيه ( ستة آلاف جنيه ) والمصروفات ” .

 

        وطلب الطاعنان – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصروفات عن درجتى التقاضى .

 

        وجرى إعلان الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق .

 

        وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات .

 

        وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 16/10/2000 وتدوول بجلسات المرافعة على النحو المبين بمحاضر الجلسات , وبجلسة 15/4/2002 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمـــة الإدارية العليا / دائرة الموضـــوع لنظره بجلســــة 18/5/2002.

 

        ونظرت المحكمة الطعن على الوجــــه الثابت بمحاضر الجلســــات , وبجلســــة 4/1/2003 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 8/3/2003 وصرحت بتقديم مذكرات فى شهر , وخلال هذا الأجل أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفاع صممت فى ختامها على الطلبات الواردة بصحيفة الطعن .

 

        وبجلسة 8/3/2003 قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة , وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به .  

 

 

 

 

 

  المحكمـــــــــــــــــــة

*************

 

     بعــــد الاطــلاع علـــى الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولـــة .

 

        من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية .

 

        ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – فى أنه بتاريخ 18/11/1992 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 1204 لسنة 47 ق أمام محكمة القضاء الإدارى / دائرة العقود الإدارية والتعويضات بالقاهرة طالباً الحكم بالتعويض المناسب عما لحقه من أضرار مادية وأدبية من جراء اعتقاله .

 

        وقال شرحاً لدعواه : أنه تم اعتقاله بتاريخ 3/9/1981 دون أن يعلم سبب الاعتقال أو مكانه , ولم يخلَ سبيله رغم براءة ساحته إلا فى 30/3/1983 بعد مرور ما يزيد على عام ونصف ذاق خلالها مرارة الحرمان من الأهل ومن الحرية ومن كافة حقوقه التى كفلها الدستور والقانون , ثم أعيد اعتقاله مرة أخرى بتاريخ 2/3/1987 فتظلم من قــرار الاعتقــــــال وأخلى سبيله فى 7/5/1987 , ثم اعتقل بعد ذلك عدة مرات خلال الفترة من 25/11/1987 حتى 10/2/1988 والفترة من 7/5/1988 حتى 26/6/1988 , وبعد اعتقاله فى 12/2/1991 تظلم إلى محكمة أمن الدولة العليا التى قررت إخلاء سبيله ورفضت اعتراض وزير الداخلية على قرار الإفراج , إلا أن المدعى عليه الثانى ( وزير الداخلية ) لم ينفذ الأحكام الصادرة من القضاء بإخلاء سبيله , ونعى المدعى على قرارات اعتقاله أنها قرارات غير مشروعة ومشوبة بالظلم والتعسف , إذ إنه لم يرتكب أية أفعال تفيد أنه خطر على الأمن العام مما يستوجب اعتقاله , وقد ترتب عليها إصابته بأضرار مادية وأدبية تتمثل فى تعثره فى دراسته وتخلفه عن ركب أقرانه وحرمانه من حريته ومن أبنائه وزوجته وعشيرته إلى جانب معاناته النفسية , وخلص المدعى فى ختام صحيفة دعواه إلى طلباته سالفة البيان .

 

        وبجلسة 27/6/1999 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يؤديا للمدعى تعويضاً مقداره ستة آلاف جنيه مع المصروفات , وشيدت المحكمة قضاءها على أن المدعى ذكر فى أصل صحيفة الدعوى أنه اعتقل عدة مرات خلال الفترات المبينة بالصحيفة , وتم تكليف هيئة قضايا الدولة بتقديم المستندات المتعلقة بموضوع الدعوى , سواء كانت مذكرة جهة الإدارة بأسباب اعتقال المدعى وأسانيد ذلك أو قرارات الاعتقال والإفراج عنه , إلا أنها نكلت عن تقديمها سواء أمام هيئة مفوضى الدولة أو أثناء نظر الدعوى بجلسات المرافعة , وهو ما يقيم قرينة لصالح المدعى مــــؤداها أنه اعتقل خـــلال المدد المشـــار إليها بالصحيفة وأن

 

 

قرارات الاعتقال جاءت غير مشروعة على نحو يتحقق به ركن الخطأ فى جانب الجهة الإدارية , وهذا الخطأ ترتب عليه إصابة المدعى بأضرار مادية تمثلت فى حرمانه من مورد رزقه خلال مدد الاعتقال , وأضرار أدبية تمثلت فى سلب حريته وامتهان كرامته , مما ترى معه المحكمة أنه يستحق تعويضاً عن ذلك يقدر بمبلغ ستة آلاف جنيه .

 

        بيد أن الحكم المذكور لم يلق قبولاً من جانب الجهة الإدارية المدعى عليها فأقامت طعنها الماثل تنعى فيه على الحكم أنه أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله , وذلك على سند من القول بأن المطعون ضده قد عجز عن إثبات دعواه حيث لم يقدم أية مستندات أو شهادة من مكتب النائب العام المساعد – حسبما هو مقرر فى مثل هذه الدعاوى – تفيد اعتقاله خلال الفترات الواردة بصحيفة دعواه , ومن ثم يكون ما زعمه من صدور قرارات باعتقاله مجرد قول مرسل لم يقم عليه دليل من الأوراق , وإذ قضى الحكم الطعين رغم ذلك بالتعويض تأسيساً على أن الجهة الإدارية نكلت عن تقديم المستندات التى فى حوزتها , فإنه يكون قد خالف أحكام القانون حيث إن القاعدة الأصولية فى الإثبات أن البينة على من ادعى .

 

        ومن حيث إن جوهر النزاع الماثل ينحصر فيما إذا كانت ثمة قرارات إدارية صدرت باعتقال المطعون ضده خلال الفترات المشار إليها بصحيفة دعواه أم لا .

 

        ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على إنه ولئن كان الأصل أن عبء الإثبات يقع على عاتق المدعى , إلا أن الأخذ بهذا الأصل على إطلاقه فى مجال المنازعات الإدارية لا يستقيم مع واقع الحال بالنظر إلى احتفاظ الإدارة فى غالب الأمر بالوثائق والملفات ذات الأثر الحاسم فى المنازعات , مما تلتزم معه الإدارة بتقديم سائر الأوراق والمستندات المتعلقة بموضوع النزاع والمنتجة فى إثباته إيجاباً ونفياً متى طلب منها ذلك , فإذا نكلت عن تقديمها فإن ذلك يقيم قرينة لصالح المدعى تنقل عبء الإثبات من عاتقه إلى عاتق الجهة الإدارية .

 

        ومن حيث إنه ترتيباً على ذلك , ولما كان الثابت مما أفاد به المطعون ضده فى صحيفة دعواه إنه تم اعتقاله أكثر من مرة على فترات متقطعة دون سبب أو مبرر قانونى خلال المدة من 3/9/1981 حتى 12/2/1991 حيث بلغ مجموع مدد الاعتقال أكثر من عامين , كما أن الثابت من مراجعة محاضر الجلسات التى نظرت خلالها الدعوى – سواء أمام هيئة مفوضى الدولة أو محكمة القضاء الإدارى – أن جهة الإدارة المدعى عليها قد التزمت الصمت فى الرد على الدعوى , إذ لم تقدم أية أوراق أو مستندات تدحض صحة ما ذكره المدعى فى صحيفة دعواه , كما لم تدفع الدعوى بأى دفع أو دفاع رغم تداول الدعوى أمام هيئة المفوضين والمحكمة لمدة تصل إلى سبع سنوات , ورغم تكليف المحكمة لها بتقديم قرارات اعتقال المدعى والإفـراج عنه وبيان أســـــباب اعتقــــاله وإلا اعتبر الامتناع عن تقديمها تسليماً منها بطلبات المدعى وذلك حسبما يبين من محضر جلسة 24/2/1998 – بل إن جهة الإدارة قد التزمت هذا المسلك السلبى حتى بعد إقامة الطعن الماثل ، ومن ثم فإن ذلك يشكل – حســـبما ذهبت إليه محكمــــة أول درجـــــة – قرينـــــة لصالح المدعى ( المطعون ضده ) مؤداها أن ثمة قرارات قد صدرت من جهة الإدارة باعتقاله خلال المدد المشار إليها بصحيفة الدعوى , وأن هذه القرارات غير مشروعة وتشكل ركن الخطأ المستوجب لقيام مسئوليتها عن تعويض المدعى عما أصابه من أضرار من جراء هذه القرارات .

 

        ومن حيث إنه فى خصوص إثبات عناصر الضرر وعلاقة السببية بينه وبين خطأ الجهة الإدارية , فإن الثابت مما ذكره المطعون ضده فى صحيفة دعواه – ولم تقدم جهة الإدارة ما يدحضه – أنه قد أصيب بأضرار مادية وأدبية من جراء اعتقاله تمثلت فى تعثره فى دراسته وتخلفه عن ركب أقرانه وحرمانه من حريته ومن أبنائه وزوجته وعشيرته إلى جانب معاناته النفسية , ولا جدال أن مثل هذه الأضرار التى ذكرها المطعون ضده ليست شاذة أو مستبعدة , فالاعتقال – بحسب نظامه وطبيعته – يقوم على أساس قهر إرادة المعتقل والحيلولة بينه وبين ممارسة حياته العادية وما يصاحبها من سعى للدراسة أو العمل او غيرهما , فضلاً عما يسببه الاعتقال من آلام نفسية للمعتقل نتيجة تقييد حريته وتأثر مشاعره وعواطفه , الأمر الذى تكتمل معه عناصر وأركان المسئولية الإدارية الموجبة للتعويض فى حق الجهة الإدارية  والمتمثلة فى الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما .

 

        ومن حيث إنه متى كان ما تقدم , فإن ما قضى به الحكم المطعون فيه من تعويض للمدعى فى هذا الشأن مقداره ” ستة آلاف جنيه ” يكون قد جاء موافقاً لصحيح حكم القانون ومناسباً للأضرار التى حاقت به , ومن ثم يكون طلب إلغائه غير قائم على أساس سليم من القانون حرى بالرفض .

 

        ولا ينال من ذلك ما ذهبت إليه الجهة الطاعنة من أن المطعون ضده عجز عن إثبات دعواه حيث لم يقدم أية مستندات أو شهادة من مكتب النائب العام المساعد تفيد اعتقاله حسبما هو مقرر فى مثل هذه الدعاوى , ذلك أنه إزاء التزام تلك الجهة الصمت التام فى الرد على الدعوى وعدم دفعها بأى دفع أو دفاع يستفاد منه إنكارها لما ذكره المطعون ضده من وقائع بعريضة دعواه , فإنه لا مناص من إعمال القرينة القضائية فى حقها وهى الإقرار من جانبها ضمناً بصحة هذه الوقائع , لا سيما أنها سارت على نفس النهج فى مرحلة الطعن ولم تقدم أى جديد يزحزح العبء الملقى على عاتقها لإثبات عكس ما يدعيه صاحب الشأن علماً بأنه كان بمقدورها أن تقدم شهادة سلبية من الجهـــة التى ذكرتها – وهى مكتب النائب العام المساعد – بأن المطعون ضده لم يتم اعتقاله خلال أى من الفترات الواردة بصحيفة دعواه .  

 

 

 

 

ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.    

 

 

” فلهـــــــــذه الأسبـــــــــاب”

 

                                             **********

حكمت المحكمة :

 

بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات .

 

 

سكرتير المحكمـــــة                                                              رئيس المحكمـــــــة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى