موسوعة المحكمه الاداريه العليا

في الطعن رقم 825 لسنة 39 ق .عليا

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

الدائرة الثالثة ( موضوع )

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد المستشار   / كــمــــال زكي عبــــد الرحمن اللمعي        نائب رئيس مجلس الدولة

ورئـــيــــس الــمـــــحكمة

وعضوية السيد الأستاذ  المستشار               / يـــحيـــى عبـــد الـــرحمــــن يـوسف          نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السيد الأستاذ  المستشار               / يـــحيـــى خــضـــري نـــوبـــي محمد         نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السيد الأستاذ  المستشار               /   عبد المجيد أحمــد حــســن المـــقنن          نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السيد الأستاذ  المستشار               /   عــمر ضــاحـــي عـــمـــر ضـاحي           نائب رئيس مجلس الدولة

وحضور السيد الأستاذ   المستشار              / مـــحـــمـــد إبــــراهـــيم عبد الصمد           مـــــــفـــــوض الـــــدولة

وسكرتارية السيد                                  / مــــحــــمـــــــــد عويس عوض الله               ســكــرتـير المحكمة

أصدرت الحكم الأتي

في الطعن رقم 825 لسنة 39 ق .عليا

الـمـقام من

محمد أمين سوكة ، الممثل القانوني لشركة الطيران الدولية

ضــــــــــــد

وزير الزراعة ” بصفته ”

في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 6545 لسنة 42ق والدعوى رقم 3996 لسنة 42 ق

بجلسة 29/11/1992

الإجــــراءات

في يوم الثلاثاء التاسع عشر من يناير عام 1993 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل طعناً على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعويين رقمي 6545 لسنة 42، 3996 لسنة 42ق . بجلسة 29/11/1992 الذي قضى بقبول الدعويين شكلاً بالنسبة للمطعون ضده وفي الموضوع برفضهما وإلزام الشركة الطاعنة المصروفات.

وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإلزام المطعون ضده بصفته بأن يؤدي للشركة الطاعنة مبلغ 273024.50 جنيهاً ومبلغ 24959.481 دولار أمريكي ومبلغ خمسة ملايين جنيه كتعويض عما لحق الشركة من ضرر والمصروفات.

وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق.

وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضده بصفته بأن يؤدي للشركة الطاعنة مبلغ 273024.50 جنيهاً ومبلغ 24959.481 دولار أمريكي، وإلزامه بصفته بأن يؤدي للشركة التعويض الذي تقدره المحكمة عما لحق الشركة من أضرار مادية وأدبية والمصروفات.

وتدوول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 18/2/1998 قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الثالثة موضوع – لنظره بجلسة 12/5/1998 حيث نظر الطعن بهذه الجلسة وما تلاها من جلسات، وبجلسة 22/9/1998 أصدرت المحكمة حكماً تمهيدياً ” بقبول الطعن شكلاً وتمهيدياً قبل الفصل في الموضوع بإحالة أوراق الطعن إلى مكتب خبراء وزارة العدل لأداء المأمورية المبينة بأسباب الحكم  وقد باشر الخبير المنتدب المأمورية وأودع تقريره ملف الطعن. وبجلسة 18/1/2005 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 27/12/2005 وفيها قررت المحكمة مد أجل  النطق بالحكم لجلسة 28/2/2006 لإتمام المداولة وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

 

 

تابع الحكم في الطعن رقم 825 لسنة 39 ق .عليا

المـــحكـــمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة .

من حيث إن عناصر النزاع تخلص حسبما هو ثابت من الأوراق. في أنه بتاريخ 31/3/1988 أقام الطاعن الدعوى رقم 304 لسنة 1988 أمام محكمة بنها الجزئية طالباً الحكم بإيقاف تنفيذ إجراءات بيع طائرات ومعدات الشركة التي يمثلها والمحجوز عليها بقرار وزير الزراعة رقم 729 لسنة 1987 الصادر في 8/7/1987، وبجلسة 30/6/1988 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص. وبناء على ذلك قيدت الدعوى بجدول محكمة القضاء الإداري برقم 6545 لسنة 42ق وبتاريخ 8/5/1988أقام الطاعن الدعوى رقم 3995 لسنة 42ق أمام محكمة القضاء الإداري بطلب وقف تنفيذ القرار الصادر في 27/6/1987 بسحب المساحات المخصصة للشركة التي يمثلها لرش القطن بالطائرات بموجب العقد المبرم بينها وبين وزارة الزراعة رقم 1 لسنة 1986 عن موسم 1988. ووقف تنفيذ القرار رقم 729 لسنة  1987 بالحجز على طائرات ومعدات الشركة وبيعها بالمزاد العلني. وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر في 27/6/1987 بسحب المساحات المخصصة للشركة بموجب العقدين رقمي 5 لسنة 1985 و 1 لسنة 1986 وإلغاء القرار رقم 729 لسنة 1987 المؤرخ 8/7/1987 بالحجز على طائرات ومعدات الشركة وإلزام المطعون ضده بأداء مبلغ خمسة ملايين جنيه كتعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابت الشركة من جراء سحب المساحات المخصصة لها بموجب العقدين رقمي 5 لسنة 1985 و1 لسنة 1986 وعن الحجز على الطائرات والمعدات المملوكة للشركة وما لحق بها من تلف وتخريب وما فاتها من ربح، وإلزام المطعون ضده المصروفات.

وذكرت الشركة المدعية ( الطاعنة) أنه بتاريخ 8/5/1985 وبموجب العقد رقم 5 لسنة 1985 المبرم بينها وبين وزارة الزراعة التزمت الشركة المدعية برش زراعات القطن بالطائرات في المساحات المحددة بالعقد وذلك في المواسم الزراعية 1985 و 1986 و 1987 – وبتاريخ 11/6/1986 تم إبرام عقد آخر تحت رقم 1 لسنة 1986 بين الطرفين سالفي الذكر ألتزمت بموجبه الشركة المدعية بالقيام برش زراعات القطن بالطائرات في المساحات المحددة بالعقد ( مساحات أخرى) في المواسم الزراعية 86، 87 ، 1988 وذلك طبقاً لشروط الواردة في كل من العقدين. وأنها نفذت التزاماتها بواسطة 21 طائرة مملوكة لها من طراز ( كروك ) وبالرغم من أنها نفذت التزاماتها عن عام 1986 في العقدين المشار إليهما إلا أن الوزارة المطعون ضدها لم تسدد لها مستحقاتها عن هذا العام وأخلت بنصوص العقدين التي تلزمها بسداد المستحقات  خلال شهر من تاريخ تقديم الفواتير ولم تسدد الوزارة مستحقات الشركة عن سنة 1986 إلا في مايو سنة 1987  بتأخير يزيد على سبعة شهور، الأمر الذي أضعف الموقف الائتماني للشركة، كما أن الوزارة لم تفتح إعتمادات سنة 1987 قبل بداية التنفيذ مما أدى إلى وقف التسهيلات الائتمانية الممنوحة للشركة. ولذلك لجأت الشركة إلى المطعون ضده بصفته طالبة تدبير التمويل اللازم لها مع أحد البنوك بدلاً من البنك الذي امتنع عن تقديم التسهيلات للشركة، وبدلاً من أن يعاونها المطعون ضده أرسل إليها الكتاب رقم 358 في 27/6/1986 بسحب المساحات المخصصة لها وإسنادها إلى شركات أخرى، كما أصدر القرار رقم 729  لسنة 1987 بالحجز على جميع الطائرات والمعدات المملوكة للشركة ، ثم أضطرها بالكتاب رقم 156 المؤرخ 24/2/1988 بإتخاذ إجراءات بيع الطائرات والمعدات بالمزاد العلني. وأوضحت الشركة أن سحب الأعمال والحجز على الطائرات والمعدات لا سند له لأن الوزارة تأخرت في سداد مستحقات الشركة عن الموعد المحدد بالعقد، وأن الشركة تعترض على تحميلها بأي مصاريف إدارية كما أنها لم تحسب ضريبة الاستهلاك المستحقة للشركة والتي أدتها الشركة لشركة مصر للبترول رغم أن العقد يعفيها من كافة الضرائب والرسوم وأنها سددت من تلك الضريبة مبلغ 80737.07 نيابة عن الوزارة كما أنها تستحق التأمين المقدم منها بخطاب ضمان على بنك قناة السويس.

وقد أوضحت الجهة الإدارية أثناء المرافعة أنها لم توقع حجزاً إدارياً على ممتلكات الشركة وأنها قررت التحفظ عليها حتى يتم سداد مديونية الشركة. كما تنازلت الشركة عن طلب وقف التنفيذ بجلسة 22/12/1988.

وبجلسة 29/11/1992 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه الذي قضى برفض الدعويين موضوعاً وشيدته على أن المتعاقد مع الإدارة لا يملك الامتناع عن الوفاء بالتزاماته حيال المرفق بحجة عدم وفاء الإدارة بالتزاماتها وأن العقد نص على إعمال أحكام اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 وأن تلك اللائحة تخول الإدارة سحب الأعمال من المتعاقد المقصر وتنفيذها على حسابه، وأن الشركة أخلت بالتزاماتها بعدم توفير الطائرات الكافية لرش زراعات القطن المتعاقد عليها ولم توفر الوقود اللازم لتشغيلها ولم تجدد تصاريح الطيارين ولم تنفذ أعمال الرش في المواعيد المحــددة الأمر الذي كان من شأنه انتــهاء الغرض من الرش بحكم طــبيعة الزراعة ومتطــلباتها، ولم

 

تابع الحكم في الطعن رقم 825 لسنة 39 ق .عليا

 

تستجب لإخطارات الإدارة بتنفيذ التزاماتها وأعلنت الإدارة بكتابها المؤرخ 22/6/1987  بعدم التنفيذ بحجة عدم توفير التمويل اللازم وأن عدم أداء الإدارة النسبة المتفق عليها من النقد الأجنبي لا يعجز الشركة عن تنفيذ التزاماتها .

ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون للأسباب الآتية : –

1- أن الحكم المطعون فيه أغفل الطلبات الختامية للشركة الطاعنة والتي تقدمت بها بجلسة 15/12/1991 وهي طلب إلزام الوزارة المطعون  ضدها بأداء مبلغ 273024.50 جنيهاً ومبلغ 24959.48 دولار أمريكي وهي مبالغ أجبرتها الوزارة على دفعها دون وجه حق حتى تفرج عن طائراتها. كما  أن لائحة المناقصات لم تنص على إلزام المتعاقد في عقود المقاولات بسداد مصاريف إدارية وأن إسناد الأعمال المتعاقد عليها تم بأسعار تقل عن الأسعار التي تعاقدت الشركة عليها. وأن الشركة الطاعنة تستحق ضريبة الاستهلاك التي أدتها نيابة عن الوزارة لشركة مصر للبترول.

2- أن تقاعس وزارة الزراعة عن تنفيذ التزاماتها بفتح الاعتماد المستندي عن موسم عام 1987 في الميعاد المقرر قانوناً أو تسديد 40% من قيمة الأعمال بالدولار أعجز الشركة عن تنفيذ التزاماتها عن عام 1987 . وأن الشركة رغم ذلك أوفت بالتزاماتها في موسم 1987 وأجرت تجارب الرش في موعدها وحددت مهابط التشغيل بالمحافظات ومع ذلك أضطرتها الوزارة في 27/6/1987 بحسب المساحات المتعاقد عليها منها وإسنادها إلى شركات أخرى دون تنبيه أو إنذار.

3- أن الجهة الإدارية لم تمنح الشركة مهلة قدرها خمسة عشر يوماً قبل سحب الأعمال منها وأن الشركة وفرت أثنين وعشرين طائرة لإجراء عمليات الرش وأن هذه الطائرات كانت متوافرة في أماكن الرش قبل حلول ميعاد تنفيذ الأعمال في 1/6/1987 وأن خطاب الشركة المؤرخ 22/6/1987 لم يكن إعلاناً بالتوقف عن التنفيذ وإنما كان رجاء من الشركة للتوصية لدى أحد البنوك المعتمدة للمعاونة في تمويل عمليات التنفيذ بسبب عدم أداء الوزارة لمستحقات الشركة.

4- أن حرمان الشركة من تنفيذ العقدين المبرمين مع الوزارة أضاع عليها أرباحاً مؤكدة، ومنعها من تشغيل طائراتها، ولم يمكنها من تنفيذ تعاقداتها مع حكومة السودان وأدى إلى مصادرة خطاب الضمان المقدم منها إلى تلك الحكومة كما أن منع الشركة من صيانة طائراتها ومعداتها أدى إلى تلف جزئي لها. كما أن الإعلان عن السحب وعن بيع معدات ومهمات الشركة بالمزاد ألحق بها ضرراً أدبياً وجمد نشاطها وأجبرها على الاستغناء عن الطيارين والعمال والموظفين ودفع تعويضات لهم وتلك الأمور كانت تستوجب الحكم بالتعويض.

من حيث إن المادة الأولى فقرة (1) من العقد المبرم بين الشركة الطاعنة ووزارة الزراعة تنص على : – استعمال الطائرات في رش الزراعات القطنية في مساحة أساسية 91 ألف وزن + 15% ترش حتى مساحة 182 فدان مضمونة  خلال كل من المواسم الثلاث 85، 86 ،  1987 – ترش المساحة المخصصة له أي عدد من الرشات تطلبها الوزارة خلال الموسم. وينص البند 2 فقرة 17 على أن :- يتم سداد مستحقات المقاول طبقاً للآتي :-

1- بالنسبة للمساحة المضمونة والمنصوص عليها في البند 1/1 بسعر 2.160 جنيه مصري للفدان على أساس سعر شركة مصر للبترول لمواد وقود وزيوت الطائرات بالعملة المصرية يوم 25/3/1985 الخالية من الضرائب والرسوم الجمركية .

3- يتم الدفع على أساس60% من الأسعار المبينة بالجنيه المصري وما يعادل40% بالدولار الأمريكي على أساس سعر الصرف ( تحويلات بيع) بما فيها العلاوة المقررة والمعلن يوم التمارس الموافق 25/3/1985 في نطاق مجمع البنوك المعتمدة وقدره 127.26 قرشاً للدولار.

وتنص المادة 3/2 من العقد على أن ” يتم دفع ما يعادل 40% من إجمالي قيمة الأعمال التي تتم بالدولار  الأمريكي وذلك بفتح اعتماد مستندي غير قابل للإلغاء وقابل للتجزئة على نفقة المقاول وساري المفعول حتى 31/12 من كل عام برصيد مبدئي قدره 123564.35 دولاراً أمريكياً تمثل قيمة الجزء الواجب سداده بالعملة الحرة من قيمة رش المساحة المضمونة.

وينص البند 3/3 منه على أن :- يزداد الاعتماد المشار إليه تلقائياً لتصل القيمة إلى 166811.87 دولار أمريكي تمثل 40% من القيمة الإجمالية للثلاث رشات.

وينص البند 3/8 منه على أن :- يتم الدفع بنفس الطريقة للسنوات التعاقدية الثلاث.

وقد وردت ذات النصوص في العقد رقم 1 لسنة 1986 مع اختلاف مساحات الرش  وأسعاره.

تابع الحكم في الطعن رقم 825 لسنة 39 ق .عليا

 

ومن حيث إن مفاد نصوص العقدين رقمي 5 لسنة 1985 و1 لسنة1986 أن وزارة الزراعة تلتزم بسداد 40% من قيمة العقدين المشار إليهما بالدولار الأمريكي وذلك بفتح اعتماد مستندي غير قابل للإلغاء وقابل للتجزئة وساري المفعول حتى عام 31/12 من كل عام .

 

ومن حيث إن قضا هذه المحكمة جرى على أنه وإن كان الأصل في تنفيذ العقود الإدارية أنه ليس للمتعاقد مع الإدارة  أن يمتنع عن الوفاء بالتزاماته التعاقدية قبل المرفق العام بحجة أن ثمة إجراءات إدارية قد أدت إلى إخلال الإدارة بأحد التزاماتها قبله ويتعين عليه أن يستمر في التنفيذ ثم يطالب الإدارة بالتعويض إن كان له محل، إلا أن هذا الأصل ليس مطلقاً إذ لا يسوغ إعماله إلا في الحالات التي يمكن فيها للمتعاقد مع الإدارة تذليل هذه الإجراءات الإدارية وتجاوزها والاستمرار في التنفيذ دون أن يلحقه ضرر جسيم أما إذا كان إخلال الإدارة بالتزام جوهري يقع على عاتقها تنفيذه حتى يستطيع المتعاقد معها الاستمرار في التنفيذ، ومع ذلك تقاعست عن القيام به فلا وجه للتمسك بالأصل المشار إليه، كما لو لم تقم الإدارة بتسليم المتعاقد معها الرسوم الهندسية التي يتم التنفيذ على أساسها، أو إذا توقفت عن سداد مستحقاته المالية باعتبارها المصدر الذي يمكنه من تمويل العملية محل التعاقد سيما إذا كانت هذه المستحقات مبالغ كبيرة تمثل نسبة كبيرة من قيمة الأعمال المتعاقد عليها  ففي مثل هذه الأحوال  يكون من حق المتعاقد مع الإدارة التوقف عن تنفيذ التزاماته حتى توفي الإدارة بالتزاماتها التعاقدية، وحينذاك لا يجوز لها أن توقع عليه غرامة تأخير باعتبار أن خطأها هو السبب الجوهري في توقف الأعمال أو تأخيرها عن الميعاد المتفق عليه ولاشك أن كل ذلك من مسائل الواقع التي تخضع لتقدير المحكمة في ضوء ما يترتب لها من واقع الأوراق وظروف كل حالة على حده.

ومن حيث إنه عن طلب الشركة الطاعنة- كما جاء بمذكرتها المقدمة بجلسة 15/12/1991 أمام محكمة القضاء الإداري – إلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها بأن تؤدي لها مبلغ 273024.50 جنيهاً ومبلغ 24959.481 دولاراً أمريكياً دفعتها الشركة المذكورة لها بدون وجه حق.

ومن حيث إن الثابت من كتاب وزارة الزراعة رقم 3029 سري في 21/8/1986 لوزير الاقتصاد عدم قيام بنك مصر المركز الرئيسي بفتح الاعتمادات لموسم 1986 لعدم توافر النقد الأجنبي لدى البنك وأنه من بين الاعتمادات الموقوفة اعتماد يخص الشركة الطاعنة بمبلغ 141216.40 دولاراً أمريكياً عن العقد رقم 5 لسنة 1985 ومبلغ 9341664 دولارا عن العقد رقم 1 لسنة 1986. كما أفاد وزير الزراعة بكتابه المؤرخ 23/3/1987 إلى محافظ البنك المركزي بأن الوزارة أصبحت في وضع حرج أمام شركات الرش بالطائرات لعدم صرف مستحقاتها عن القطن للموسم السابق. وأن استمرار عدم صرف هذه المستحقات سوف يعرض هذه الشركات لأخطار كبيرة. كما أن الثابت من تقرير الخبير أنه انتهى إلى أن وزارة الزراعة قد أقرت في مكاتباتها لوزارة الاقتصاد ومحافظ البنك المركزي أنها تأخرت  في سداد مستحقات الشركة الطاعنة بالنقد الأجنبي لعدم توافره بالبنوك وطالبة بسرعة فتح الاعتمادات لهذه الشركات وأن هناك اعتمادات لم يتم فتحها ومنها الشركة الطاعنة عن مواسم 85 ، 86 ، 87 بمبلغ 141216.4 دولاراً أمريكياً وموسم 86 ، 87 ، 88 بمبلغ 93416.64 دولار أمريكي. وأن عدم سداد وزارة الزراعة لمستحقات الشركة بالدولار عن أعمال تم تنفيذها تؤثر على قدرتها على تنفيذ الأعمال المتفق عليها في ظل عدم تحرير سعر الصرف وعدم وجود نقد أجنبي متاح في ذلك الوقت مما يعني أن هناك خطأ من جانب الوزارة تمثل في عدم سداد مستحقات الشركة الطاعنة من النقد الأجنبي في الموعد المحدد وتأخيرها في سداد هذه المستحقات.

ومن حيث إنه متى كان الثابت مما تقدم أن وزارة الزراعة المطعون ضدها لم تقم بسداد مستحقات الشركة الطاعنة من النقد الأجنبي عن موسم 1986 وفقاً للعقدين رقمي 5 لسنة 1985 و 1 لسنة 1986 وبالتالي تكون قد أخلت بالتزاماتها التعاقدية. وقد ترتب على هذا عدم قدرة الشركة الطاعنة على الاستمرار في تنفيذ أعمال العقدين المشار إليهما عن موسم 1987، ومن ثم يكون توقف الشركة الطاعنة راجعاً إلى خطأ وتقصير الجهة الإدارية المطعون ضدها وليس إلى خطأ الشركة الطاعنة… ولا مجال للقول بأنه كان يتعين على الشركة الطاعنة توفير النقد الأجنبي بمعرفتها والاستمرار في تنفيذ الأعمال ثم الرجوع على الوزارة بالتعويض فهذا  مردود بأن النقد الأجنبي كان غير متاح في ذلك الوقت بسبب عدم تحرير سعر الصرف. وترتيباً على ذلك يكون قرار الجهة الإدارية الصادر بتاريخ 27/6/1987 بسحب الأعمال من الشركة وتنفيذها على حسابها يكون قد صدر غير قائماً على سببه مخالفاً للقانون.

ومن حيث إن الثابت من تقرير الخبير المودع ملف الطعن أن الجهة الإدارية المطعون ضدها قامت بتحصيل فروق التنفيذ على الحساب من الشركة الطاعنة، بمبلغ 324759.20 جنيهاً ومبلغ 42881.7 دولاراً أمريكياً عبارة عن فروق أسعار الرش والمصاريف الإدارية وقيمة خطابات الضمان وفروق أســعار الوقود، ومتى كانت المحكمة قد حكمت

 

تابع الحكم في الطعن رقم 825 لسنة 39 ق .عليا

 

بعدم مشروعية قرار سحب الأعمال وتنفيذها على حساب الشركة الطاعنة ومن ثم لا تلتزم الشركة الطاعنة بسداد فروق التنفيذ على الحساب المشار إليها للجهة الإدارية المطعون ضدها، وإذ كانت الجهة الإدارية المطعون ضدها قد قامت بتحصيل هذه الفروق بالفعل فإنها تكون قد قامت بتحصيل ما هو غير مستحق لها فتكون ملزمة برده. ولما كانت الشركة الطاعنة تطلب إلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها بأن تؤدي لها مبلغ 273024.50 جنيهاً ومبلغ 24958.48 دولاراً أمريكياً فإن المحكمة تتقيد بطلباتها.. الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها بأن تؤدي للشركة الطاعنة مبلغ 273024.50 جنيهاً ومبلغ 24958.48 دولاراً أمريكياً .

ومن حيث إنه عن طلب الشركة الطاعنة إلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها برد مبلغ 80737.71 جنيهاً قيمة ضريبة الاستهلاك التي أدتها نيابة عن الوزارة لشركة مصر للبترول، فإن الثابت من تقرير الخبير محمولاً على أسبابه  أن الشركة الطاعنة لم تقدم ما يفيد سدادها هذا المبلغ كضريبة استهلاك نيابة عن الجهة الإدارية المطعون ضدها، ومن ثم تكون المطالبة برد المبلغ المشار إليه غير  قائم على سند من القانون مما يتعين معه القضاء برفض هذا الطلب.

ومن حيث إنه عن طلب التعويض عن قرار سحب الأعمال واحتجاز طائرات ومعدات الشركة الطاعنة وما لحق بها من جراء ذلك من تلف وتخريب وما فاتها من ربح من جراء سحب الأعمال منها فإن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه من المقرر أن عدم قيام الجهة الإدارية بالتزاماتها التعاقدية يمثل خطأ عقدياً  في جانبها يخول للمتعاقد معها الحق في طلب التعويض. وإذ كانت المحكمة قد خلصت إلى أن عدم مشروعية قرار الجهة الإدارية المطعون ضدها بسحب الأعمال وما ترتب عليه من احتجاز طائرات ومعدات الشركة الطاعنة لعدم قيامها بتنفيذ التزاماتها التعاقدية على النحو السالف بيانه فإنه يكون قد توافر ركن الخطأ في جانبها مما يخول للشركة الطاعنة الحق في التعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابتها من جراء هذا القرار. وإذ كان الثابت من تقرير الخبير أن الأضرار المادية التي لحقت بالشركة الطاعنة تتمثل في حرمانها من استخدام الطائرات والمعدات المتحفظ عليها خلال الفترة من 7/8/1987 حتى 29/9/1988 وقد بلغ عددها 21 طائرة طرازات مختلفة فضلاً عن المعدات الأخرى اللازمة لتشغيلها. وما فات الشركة الطاعنة من أرباح نتيجة استكمال العقدين رقمي 5 لسنة 1985 ، 1 لسنة 1986. كما أصاب الشركة الطاعنة أضرار أدبية تمثلت في إظهارها بمظهر العاجز عن الوفاء بالتزاماتها وامتناع البنوك عن تمويل أي عمليات أخرى لها والإساءة التي لحقت بسمعة الشركة من جراء احتجاز طائراتها ومعداتها والإعلان عن بيعها بالمزاد العلني الأمر الذي تقدر معه المحكمة مبلغ مائة ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بالشركة الطاعنة تلتزم الجهة الإدارية المطعون ضدها بأن تؤديه للشركة الطاعنة .

وترتيباً على ما تقدم وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر وقضى برفض الدعويين موضوعاً فإنه يكون قد خالف القانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه وبإلزام المطعون ضده بصفته بأن يؤدي للشركة الطاعنة مبلغ 273024.50 جنيهاً ومبلغ 24958.48 دولاراً أمريكياً ، ومبلغ مائة ألف جنيه كتعويض وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات عن درجتي التقاضي.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة : بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المدعي عليه الأول بصفته ( المطعون ضده) بأن يؤدي للمدعي بصفته ( الطاعن) مبلغ 373024.50 جنيهاً ( ثلاثمائة وثلاثة وسبعون ألفاً وأربعة وعشرون جنيها وخمسون قرشاً ) ومبلغ 24958.480 دولاراً أمريكياً ) ( أربعة وعشرون ألفاً وتسعمائة وثمانية وخمسون دولاراً أمريكياً وثمانية وأربعون سنتاً ) وألزمت المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي .

صدر هذا الحكم وتلي علناً بجلسة يوم الثلاثاء الموافق 29من محرم سنة 1427 هـ ، الموافق 28/2/2006م بالهيئة المبينة بصدره .

سكرتير المحكمة                                                         رئيس المحكمة

 

 

 

 

 

روجع/

ناسخ / حنفي محمود

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى