موسوعة المحكمه الاداريه العليا

اوقاف الاشراف على المساجد الااهليه

  • إشراف وزارة الأوقاف على المساجد وإدارتها وفقا للقانون رقم 157 لسنة 1960 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف ولائحة إجراءاتها رهن بثبوت المسجدية للمكان بحيث يكون مخصصا لأداء الصلاة أو من الملحقات المرصودة لخدمة أداء الشعائر الدينية ويشترط فيه على أرجح الأقوال فى مذهب أبى حنيفة خلوصة لله تعالى وانقطاع حق العبد عنه- مؤدى ذلك: المبانى الملحقة بالمساجد التى تقيمها الجمعيات الأهلية وتخصصها لأداء بعض الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية تخرج عن المفهوم السابق وتنأى بالتالى عن إشراف وزارة الأوقاف- تطبيق

 

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/محمد أمين المهدى.رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. فاروق عبد البر واحمد عبد الفتاح حسن ومصطفى سعيد حنفى وأحمد عبد الحميد عبود  نواب رئيس مجلس الدولة.

 

* الإجراءات

 

فى يوم الاثنين الموافق 13 من يونية سنة 1994 أودع الأستاذ/ عبد الحليم رمضان المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 2941 لسنة 40 القضائية عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 2330 لسنة 41القضائية بجلسة 16/4/1994 والقاضى منطوقه برفض الدعوى بشقيها وإلزام المدعى المصروفات وطلب الطاعن- للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا وبإلغاء الحكم المطعون فيه وقبول طلباته التى احتكم لمحكمة القضاء الإدارى بدعواه ابتدائيا فيها وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.

ثم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا مع إلزام الطاعن المصروفات.

وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 18/5/1998 وبجلسة 18/1/1999 قررت إحالته إلى هذه المحكمة والتى نظرته بالجلسات حتى قضت بجلسة 22/8/1999 وقبل الفصل فى شكل الطعن أو فى موضوعه بإحالته إلى مكتب خبراء وزارة العدل ليندب بدوره أحد خبرائه المختصمين ليقوم بالمهمة المحددة فى منطوق الحكم. وبعد إيداع تقرير الخبير تدول الطعن بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها حيث تقرر إصدار الحكم بجلسة 20/1/2001 ثم أرجئ النطق به إلى جلسة اليوم لا تمام المداولة وفيها صدر الحكم وأودعت المسودة المشتملة على أسبابه عند النطق به.

 

* المحكمة

 

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.

ومن حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.

ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة- أخذا بما جاء بالأوراق والمستندات المقدمة- تتحصل فى أن الطاعن أقام دعواه ابتداء أمام محكمة الأمور المستعجلة بالقاهرة حيث قيدت لديها تحت رقم 3211 لسنة 85 مستعجل طلب فى ختامها الحكم أولا: بإثبات حالة مسجد النور التابع للجمعية التى يرأسها لبيان ما به من منقولات وحالتها وكذا حالة العقارات به. ثانيا: بطرد العاملين التابعين للمدعى عليهم من موقع المسجد وتسليمه له مع إلزام المدعى عليهم المصروفات بحكم مشمول بالنفاذ المعجل مع تنفيذه بموجب مسودته وبدون إعلان. وقال شرحا لدعواه: أن الجمعية التى يرأسها يتبعها مصلى كبير يسمى مسجد النور، وقد قام عمال المدعى عليهم باقتحام المسجد بحجة إتمام الأبنية الملحقة به واستولوا على جميع المنقولات والمهمات التى تخص الجمعية مما يعد انتهاكا للمادة (34) من الدستور، الأمر الذى دعاه إلى إقامة دعواه؛ للحكم له بطلباته. وبجلسة 30/9/1985 قضت المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة وبقبولها وبعدم اختصاصها بنظر الطلب الثانى من طلبات المدعى وبندب خبير لمعاينة المنقولات المملوكة للجمعية المذكورة وذلك بفناء المسجد وإثبات حالتها وكذلك حالة الأبنية، وقد استأنف المدعى هذا الحكم فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الطلب الثانى وذلك بالاستئناف رقم 1262 لسنة 1985. وبجلسة 24/11/1986 أصدرت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية حكمها فى الاستئناف والقاضى بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به بعدم اختصاص المحكمة بنظر الطلب الثانى من طلبات المدعى إلى القضاء بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى للاختصاص حيث قيدت برقم 2330 لسنة 41القضائية، أمام محكمة القضاء الإدارى أثناء نظرها الشق المستعجل، وبجلسة 5/5/1987، قدم المدعى صورة من صحيفة تعديل الطلبات والمتضمنة الحكم له بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر بالاستيلاء ووضع اليد وغصب ممتلكات جمعية الهداية الإسلامية والمعروفة بمسجد النور والمتضمن أبنية ومشروعات ومدارس ومشغلا ومستشفى ومستوصف الجمعية والحكم تبعا لذلك بطرد المدعى عليهم وتابعيهم وعمالهم من جميع اماكن الموقع والتحفظ فيه على جميع مشتملاته وتمكين المدعى من ممتلكات الجمعية، وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار واعتباره كأن لم يكن شاملا كافة آثاره مع إلزام المدعى عليهم أن يؤدوا للمدعى متضامنين مبلغ خمسين مليون جنيه عوضا عن تعطيل الشعائر الدينية ومنافع مشروعات الجمعية والأضرار الأدبية وجميع المصروفات. وبجلسة 19/1/1988 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للمدعى عليهم الأول والثالث والرابع وبعدم جواز نظر الطلب المستعجل من الدعوى لسابقة الفصل فيه وألزمت المدعى مصروفات هذا الطلب. وبجلسة 18/12/1993- وبعد تحضير الدعوى وإعداد تقرير فيها من قبل هيئة مفوضى الدولة- قررت المحكمة إعادة الدعوى للمرافعة لضم الدعوى رقم 5264 لسنة 39 القضائية، ليحدد عناصر التعويض المطالب به. وبجلسة 16/4/1994 صدر الحكم المطعون فيه وقضى برفض الدعوى بشقيها وإلزام المدعى المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن مسجد النور بالعباسية من المساجد الهلية وقد صدر قرار وزر الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 المطعون فيه بضم ثلاثة وأربعين مسجدا وزاوية أهلية من بينها المسجد المذكور إلى وزارة الأوقاف استنادا إلى أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 تحقيقا للمصلحة العامة، ومن ثم يكون القرار قد صدر مشروعا قائما على سببه المبرر له فى الواقع والقانون، الأمر الذى يتعين معه القضاء برفض طلب إلغائه، وعن طلب التعويض فغن مناط المسئولية افدارية هو قيام خطأ من جانب الجهة الإدارية وان يلحق صاحب الشان ضرر من جراء هذا الخطأ، وإذ ثبت مشروعية القرار المطعون فيه فمن ثم يكون قد انتفى ركن الخطأ فى جانب الجهة الإدارية وبالتالى انتفت المسئولية الإدارية؛ المر الذى يتعين معه القضاء برفض طلب التعويض.

وإذا لم يرتض الطاعن هذا الحكم فقد طعن عليه بالطعن الماثل الذى يبنى على مخالفة الحكم المطعون فيه الدستور، إذ أن الجمعية التى يرأسها الطاعن شخصية اعتبارية من وظائفها الاجتماعية نشر الدعوى الإسلامية وبناء المساجد وإداراتها وهو ما يلتقى مع أحكام المادة (2) من الدستور التى نصت على أن “دين الدولة الإسلام ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع”. كما يحق للجمعية امتلاك مساجدها الخاصة ومشروعاتها الملحقة بها المتمثلة فى المدارس والمعاهد الخاصة بتدريس القرآن وأحكام الشريعة الإسلامية، والمشاغل للتدريب على الحرف، والمستشفيات والعيادات، تحت مظلة حصانات المادة (34) من الدستور التى تصون الملكية الخاصة، والمادة (35)  التى تقضى بعدم جواز التأميم، والمادة (36) التى تنص على عدم جواز المصادرة، ولا يجوز أن تخل أحكام أى قانون بأحكام الدستور، وعليه فإن ضم وزارة الأوقاف للمسجد والمشروعات الملحقة به قد أصاب الجمعية الطاعنة بأشد الأضرار واعتى الخسائر المادية والأدبية التى توجب الحكم لها بالتعويض الجابر لهذه الأضرار. وبجلسة 16/5/1999 أبدى الطاعن فى مواجهة الخصوم أنه يقصر طلباته على طلب إلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب عليه من آثار وذلك فيما تضمنه من ضم ملحقات مسجد النور (عدا ساحة الصلاة ودورة المياه) مما لا تلزم لإقامة الشعائر، وان ضم هذه الملحقات واستغلالها مع حرمان الجمعية صاحبة الحق من عائد استغلالها (كذا المناسبات والمستشفى ودار الحضانة والمعهد الدينى…) هو من قبيل الضرر المحقق الوقوع مما يجعل طلب التعويض فى محله ويترك لهيئة المحكمة تقدير التعويض الجابر للضرر. وبجلسة 27/6/1999 حكمت المحكمة تمهيديا، وقبل الفصل فى شكل الطعن أو فى موضوعه بإحالته إلى مكتب خبراء وزارة العدل بالعباسية ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين للإطلاع على أوراق الطعن والانتقال إلى موقع مسجد النور بنهاية شارع رمسيس قرب ميدان العباسية بمحافظة القاهرة لبيان حدود ومساحة وحالة المسجد المذكور وقت تسليم وزارة الأوقاف له عقب صدور قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 بضمه إليها، وحدود ومساحة وحالة ساحة الصلاة ودورات المياه وكذا بيان ملحقات المسجد المذكور كدار المناسبات والمستشفى ودار الحضانة والمعهد الدينى ومشاغل التدريب على الحرف ودور تحفيظ القرآن وحدود ومساحة وحالة هذه الملحقات وقت تسليم وزارة الأوقاف لها، وبيان ما إذا كانت مستكملة البناء وتؤدى عملها وقت تسليم وزارة الأوقاف لها من عدمه وتحديد من قيام بالبناء وتحمل بنفقاته وحالة المسجد وسائر الملحقات والأعيان المشار إليها ومن يقوم بإدارتها، وصرحت للخبير فى سبيل أداء مأموريته الإطلاع على كافة الأوراق والمستندات والبيانات التى يريد الإطلاع عليها وعلى الجهات المسئولة تيسير أدانه لهذه المأمورية بتقديم الوراق والمستندات التى تساعده على أدائها. وقد قدم الخبير تقريره الذى بين فيه حالة المسجد وحدوده ومساحته وقت تسليم وزارة الأوقاف له عقب صدور قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 بضمه إلى الوزارة كما يبين حدود ومساحة وحالة الصلاة (صحن المسجد) وكذلك دورات المياه. ثم أوضح ملحقات المسجد وحدود ومساحة وحالة كل جناح كما يلى:

أ- الجناح الشرقى وهو بارتفاع أربعة طوابق ومساحته 518.50م ومحدد من بحرى شارع لطفى السد ومن شرقى ميدان العباسية ومن قبلى شارع رمسيس ومن غربى ساحة الصلاة وهو مصمم أصلا ليكون دار للحضانة ومركز تدريب إسلاميا وقاعة مؤتمرات وترجمة فورية ودار ضيافة وصالة عقد قران وكانت مستكملة وقت تسليم وزارة الأوقاف لها.

ب- الجناح الغربى وهو مكون من أربعة طوابق ومساحته 270م ومحدد من بحرى فناء المسجد ثم شارع لطفى السيد ومن شرقى ساحة الصلاة أى صحن المسجد ومن قبلى فناء المسجد ثم شارع رمسيس ومن غربى مبنى كلية الطب جامعة عين شمس وكان مصمما أصلا ليكون الدور الأراضى منعزلا عن باقى الطوابق وملحقا بصحن المسجد أى ساحة الصلاة بموجب سلم كبير ومستخدم دورات مياه لخدمة المصليين وباقى الطوابق مدرسة تعليم بنات ومدرسة تعليم بنين تعليم أساسى، وكان الجناح مستكمل البناء وقت تسليم وزارة الأوقاف له.

ج- الجناح البحرى وهو بارتفاع أربعة طوابق ومساحته 270م ومحدد بحرى شارع لطفى السيد ومن شرقى ميدان العباسية ومن قبلى صحن المسجد ومن غربى فناء المشروع ثم كلية الطب جامعة شمس وكان مستكمل البناء وقت تسليم وزارة الأوقاف له وهو مصمم أصلا ليكون مكتبة عامة ومستشفى تخصصيا.

د- الدور الأرضى بقية المساحة صحن المسجد ومساحتها 1170م مصممه لتكون دار مناسبات ولها مدخل من الجناح البحرى.

وأوضح التقرير أن جميع هذه المخلفات لها مداخل مستقلة وسلم مستقل والجناحان البحرى والشرقى مستقلان تماما عن ساحة الصلاة بمداخل وسلالم خاصة، والدور الأرضى بالجناح الغربى يتبع صحن المسجد، وباقى الطوابق مستقلة تماما عن المسجد بمدخل خاص وسلم خاص. ثم أوضح التقرير أن الجمعية التى يمثلها المدعى هى التى قامت ببناء هذه الملحقات و50% من المسجد من أموالها وان وزارة الأوقاف تحملت باقى أعمال صحن المسجد والوجهات والمآذن والمدخل أى الملحق القبلى وانتهى التقرير إلى أن وزارة الأوقاف تقوم بإدارة هذه المخالفات.

ومن حيث انه صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 157 لسنة 1960 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف ولائحة إجراءاتها ناصا فى المادة (1) منه على أن “يضاف إلى المادة (1) من القانون رقم 272 لسنة 1959 المشار إليه فقرة أخيرة نصها الآتى: “كما تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد سواء بوقفها إشهار أو لم يصدر على أن يتم تسليم هذه المساجد خلال مدة أقصاها عشر سنوات تبدأ من تاريخ العمل بهذا القانون، ويكون للوزارة الإشراف على إدارة هذه المساجد إلى أن يتم تسليمها، وتتولى أيضا الإشراف على دائرة الزوايا التى يصدر بتحديدها قرار من وزير الأوقاف وتوجيه القائمين عليها لتؤدى رسالتها الدينية على الوجه الصحيح” ومفاد ما تقدم أن الدولة إدراكا منها لرسالتها فى دعم التوجيه الدينى فى البلاد وتأكيدا لمسئولياتها فى التعليم والإرشاد. وما يتطلبه ذلك من وضع سياسة عامة لجميع المساجد والزوايا فى المدن والقرى، تستهدف نقاء المادة الفقهية العلمية وسلامة الوجهة التى يوجه إليها عمل الخطباء والمدرسين بما يحفظ للتوجيه الدينى أثره، ويبقى للساجد الثقة فى رسالتها ويكفل حماية النشء من كل تفكير دخيل، ارتأت أن تتولى- وزارة الأوقاف- دارة جميع المساجد سواء صدر بوقفها إشهادا أو لم يصدر، وأيا كان تاريخ إنشاء هذه المساجد أو الجهة التى أنشأتها فقد صحبت منوطة بوزارة الأوقاف وتدخل ضمن مسئولياتها وواجباتها سواء فى ذلك ما كان قائما منها فى تاريخ العمل بالقانون رقم 157لسنة 1960 المشار إليه. أو ما يقام منها بعد ذلك، بحسبان أن المسجد متى أقيم وأذن للناس بالصلاة فيه يخرج عن ملك البشر ويصبح فى حكم ملك الله سبحانه وتعالى، ويقوم بالإشراف عليه الحاكم الشرعى للبلاد، وإذ كان مقتضى تنفيذ وزارة الأوقاف للمهمة الملقاة على عاتقها بموجب القانون المشار إليه أن تبادر الوزارة بتسليم جميع المساجد القائمة وكان تنفيذ هذه المهمة- حسبما أفصحت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 157 لسنة 1960 المشار إليه- يقتضى توافر المال اللازم لذلك وأن جل هذه المساجد أن لم يكن كلها ليس له موارد ينفق منها، وأن الصرف عليها سيكون مما يمنح لوزارة الأوقاف، ومن ثم فقد راعى القانون النص على أن يتم تسليم المساجد خلال عشرة سنوات، وهذا الميعاد هو ميعاد تنظيمى قصد به إفساح المجال حتى تتمكن الوزارة من توفير المال اللازم الذى يتطلبه القانون، وعلى ذلك فلا تثريب على وزارة الأوقاف فى القيام فى أى وقت بتسليم أى عدد من المساجد سواء ما كان منها قائما وقت العمل بالقانون وما يقام منها بعد ذلك طبقا لما يتوافر لديها من اعتمادات مالية لإداراتها حسبما يمليه عليها القانون.

ومن حيث أن إشراف وزارة الأوقاف على المساجد وإداراتها رهن بثبوت المسجدية للمكان بحيث يكون مخصصا لأداء الصلاة، أو من الملحقات المرصودة لخدمة أداء الشعائر الدينية، ويشترط فيه- على أرجح الأقوال فى مذهب أبى حنيفة- خلوصة لله تعالى وانقطاع حق العبد عنه، وعلى ذلك فإنه تخرج عن هذا المفهوم- وتنأى بالتالى عن إشراف وزارة الأوقاف- المبانى الملحقة بالمساجد التى تقيمها الجمعيات الأهلية وتخصصا لأداء بعض الخدمات الاجتماعية والصحية والتنفيذية.

ومن حيث انه لما كان ما تقدم وكان القرار الوزارى رقم 134 لسنة 1981 قد صدر بضم مسجد النور بالعباسية إلى وزارة الأوقاف، ونصت المادة (3) منه على أن تضع الوزارة يدها على ما يكون ملحقا بهذه المساجد من أعيان؛ فلا يصح القرار فيما نص عليه فى هذا الشأن إلا أن يكون المفهوم والمقصود بالأعيان الملحقة للمساجد والتى يشملها قرار الإشراف المقرر لولى الأمر، بأنها تلك اللازمة لأداء الفرئض فتحلقها صفة المسجدية التى تستقطب كل ما يلزم لتحقيق الغرض من إقامة المسجد فإذا كان وكان الثابت من تقرير الخبير المودع فى ملف الطعن- والذى تطمئن إليه المحكمة وتأخذ بنتيجته- أن ملحقات مسجد النور مستقلة عن المسجد، وقد إقامتها جمعية الهداية الإسلامية وخصصتها لما تقوم عليه من أغراض اجتماعية فأنشأت بها دار حضانة، ومركز تدريب إسلاميا وقاعة مؤتمرات، وترجمة فورية، ودار ضيافة، وصالة عقد قران، ومدرسة تعليم بنات ومدرسة تعليم بنين، ومكتبه عامة ومستشفى تخصصيا وأد مناسبات الأمر الذى ينحسر معه وصف المسجدية عن هذه الملحقات لكونها غير مخصصه لأداء الصلاة، وليست لازمه لها، وقد تعلق حق الجمعية بها، فيكون فى ضمها إلى وزارة الأوقاف- بغير سند من أحكام القانون- تغول على حق جمعية تستمد أصل وجودها ونشأتها من نص المادة (55) من الدستور، وعدوان على الملكية الخاصة ومصادرة لها بالمخالفة لحكم كل من المادة (34) من الدستور التى تنص على أن الملكية الخاصة مصونه، والمادة (36) منه التى تحظر المصادرة العامة، ولا تجيز المصادرة من ضم هذه الملحقات إلى وزارة الأوقاف موصوما بعدم المشروعية.

ومن حيث أنه عن طلب التعويض فقد استقرت هذه المحكمة على أن مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية الصادرة منها هو وجود خطأ من جانبها، بأن يكون القرار الإدارى غير مشروع، ويلحق بصاحب الشأن ضررا، وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر. ولما كان القرار المطعون فيه قد شابه- على نحو ما تقدم- عيب انحدار به إلى درك عدم المشروعية، فإنه يحق للجمعية أن تعوض عن الأضرار التى حاقت بها  من جراء حرمانها من تحقيق الأغراض التى قامت من أجلها، والتقى أعضاء الجمعية حولها يبتغون فى ضوء تلك الأغراض، فضلا من الله ورضوانا، كما يكون للجمعية أن تعوض عن الأضرار التى أصابتها من جراء عدم الانتفاع بملحقات المسجد طيلة عشرين عام، وحرمانه طوال هذه المدة من حصيلة تعيد استخدامها فى أوجه البر والخير التى تسعى إليها.

ومن حيث أنه عن مقدار التعويض فإن المحكمة تقدره بمبلغ عشرين ألف جنيه مراعية فى ذلك أن الجمعية الطاعنة من الجمعيات الأهلية التى تقدم خدماتها غير مستهدفة الربح أو الكسب.

ومن حيث أنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد غاير هذا النظر، وقضى برفض الدعوى بشقيها، فإنه مستوجب الإلغاء، مع القضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيبه فيما تضمنه من ضم ملحقات مسجد النور بالعباسية إلى وزارة الأوقاف وما يترتب على ذلك من آثار أخصها أن تعود هذه الملحقات إلى جمعية الهداية الإسلامية التى إقامتها فتتولى شئونها وتقوم بإدارتها على النحو الذى يحقق أهدافها المنصوص عليها فى نظامها الأساسى، مع إلزام جهة الإدارة بأن تؤدى إلى الجمعية مبلغ عشرين ألف جنيه جبرا للأضرار التى أصابتها من جراء القرار المطعون فيه.

ومن حيث أن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته.

 

* فلهذه الأسباب

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع وبإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من ضم ملحقات مسجد النور بالعباسية إلى وزارة الأوقاف وما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب مع إلزام جهة الإدارة بأداء مبلغ عشرين ألف جنيه إلى الجمعية الطاعنة وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطعن.

 

 

 

إشراف وزارة الأوقاف على المساجد وإدارتها وفقا للقانون رقم 157 لسنة 1960 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف ولائحة إجراءاتها رهن بثبوت المسجدية للمكان بحيث يكون مخصصا لأداء الصلاة أو من الملحقات المرصودة لخدمة أداء الشعائر الدينية ويشترط فيه على أرجح الأقوال فى مذهب أبى حنيفة خلوصه لله تعالى وانقطاع حق العبد عنه – مؤدى ذلك : المبانى الملحقة بالمساجد التى تقيمها الجمعيات الأهلية وتخصصها لأداء بعض الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية تخرج عن المفهوم السابق وتنأى بالتالى عن إشراف وزارة الأوقاف – تطبيق

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد أمين المهدى رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة  وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / د.فاروق عبد البر وأحمد عبد الفتاح حسن ومصطفى سعيد حنفى وأحمد عبد الحميد عبود نواب رئيس مجلس الدولة

 

* الإجراءات

 

فى يوم الثلاثاء الموافق 28 من أكتوبر سنة 1997 أودع الأستاذ الدكتور/ محمد عصفور المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 600 لسنة 44 القضائية عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 5210 لسنة 50 القضائية بجلسة 31/8/1997 والقاضى منطوقه أولا : برفض الدفعين بعدم جواز نظر الدعوى لسابقه الفصل فيها وبعدم قبولها، وثانيا : بقبول الدعوى شكلا وبرفض طلب وقف التنفيذ وألزمت المدعى المصروفات وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى فى طلب الإلغاء. وطلب الطاعن – للأسباب الواردة فى تقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب وقف التنفيذ والحكم مجددا بوقف تنفيذ قرار تشكيل مجلس إدارة لمسجد النور وملحقاته مع ما يترتب عليه من آثار. مع إلزام الوزارة المطعون ضدها المصاريف شاملة أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.

تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.

وتحدت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 18/10/1999، وبجلسة 21/2/2000، قررت إحالته إلى هذه المحكمة التى نظرته بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها حيث تقرر إصدار الحكم بجلسة 27/1/2001، ثم أرجئ النطق به إلى جلسة اليوم لإتمام المداولة وفيها صدر الحكم وأودعت المسودة المشتملة على أسبابه عند النطق به.

 

* المحكمة

 

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.

ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.

ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة – أخذا بما جاء بالأوراق والمستندات المقدمة – تتحصل فى أن حافظ على أحمد سلامة أقام بصفيه رئيس جمعية الهداية الإسلامية بالسويس الدعوى رقم 8210 لسنة 50 القضائية أمام محكمة القضاء الإدارى طالبا وقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير الأوقاف رقم 77/أ لسنه 1996 بإعادة تشكيل مجلس إدارة مسجد النور. وقال شرحا لدعواه : إن جمعية الهداية الإسلامية قامت ببناء المركز الإسلامى المسمى بمسجد النور بميدان العباسية والذى يضم مسجدا وملحقات منها مستشفى ومعهد تعليمى ودار حضانة ومقر للجمعية وقاعة للمحاضرات ومكتبة إسلامية ودار ضيافة وغيرها، وقد صدر قرار وزير الأوقاف بضم المسجد والملحقات إلى وزارة الأوقاف، وإنه إذا كان قرار ضم المسجد صحيحا، فإن ضم الملحقات لا يستند إلى صحيح حكم القانون. وأضاف المدعى أن الوزارة لم تكلف بإصدار هذا القرار، وإنما أضافت إليه قرارا آخر بتشكيل مجلس إدارة للمسجد وملحقاته، وسلبت بذلك حق الجمعية فى مباشرة اختصاصاتها، وإدارة ممتلكاتها وتوجيهها إلى الأغراض التى قامت من أجلها مما يفقد القرار مشروعيته، خاصة وأن الجمعية مازالت قائمه وتباشر نشاطها طبقا لأحكام القانون بعد أن قضى بجلسة 21/12/1985 بوقف تنفيذ قرار حل الجمعية. وبجلسة 31/8/1997 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها برفض الدفعين بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وبعدم قبولها، وقضت بقبول الدعوى شكلا وبرفض طلب وقف التنفيذ وألزمت المدعى المصروفات. وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن القرار الصادر من وزاره الأوقاف المطعون فيه وقف عند حدود تشكيل مجلس إدارة للمسجد، ولم يتعرض للملحقات، وأن القرار- على هذا النحو- ليس فيه افتئات على حقوق جمعية الهداية الإسلامية بحسبان أن المسجد قد استقر فى رعاية وزارة الأوقاف فلا يكون للجمعية صفة فى تشكيل مجلس إدارته أو الإشراف عليه لانعقاد ذلك الاختصاص برمته لوزارة الأوقاف التى يحق لها ممارسة سلطاتها المقررة بمقتضى، القوانين واللوائح ومن بينها تشكيل مجلس لإدارة المسجد.

وإذ لم يرتض الطاعن هذا الحكم فقد طعن عليه بالطعن الماثل ناعيا عليه مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله، إذ اعتبر الحكم المطعون فيه قرار تشكيل مجلس إدارة المسجد مشروعا بعد أن وقف عند حد إدارة المسجد دون ملحقاته فى حين أن قرار الضم شمل المسجد والملحقات وأن واقع الأمر أن مجلس الإدارة الذى تم تشكيله بناء على القرار المطعون فيه فتولى إدارة المسجد والملحقات، كما أخذ الطاعن على الحكم المطعون فيه إهداره الدفاع الجوهرى الذى أبداه والمتمثل فى أن يد وزارة الأوقاف على ملحقات المسجد هى يد غاصب وأنه لا اختصاص لوزارة الأوقاف بتشكيل مجلس إدارة يتولى إدارة ملحقات المسجد باعتبار أن هذه الملحقات تقوم عليها جمعية الهداية الإسلامية التابعة لوزارة الشئون الاجتماعية.

ومن حيث إنه صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 157 لسنه 1960 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف ولائحة إجراءاتها ناصا فى المادة (1) منه على أن ” يضاف إلى المادة (1) من القانون رقم 272 لسنه 1959 المشار إليه فقره أخيرة نصها الآتى : “كما تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد سواء صدر بوقفها إشهار أو لم يصدر على أن يتم تسليم هذه المساجد خلال مدة أقصاها عشر سنوات تبدأ من تاريخ العمل بهذا القانون، ويكون للوزارة الإشراف على إدارة هذه المساجد إلى أن يتم تسليمها، وتتولى أيضا الإشراف على إدارة الزوايا التى يصدر بتحديدها قرار من وزير الأوقاف وتوجيه القائمين عليها لتؤدى رسالتها الدينية على الوجه الصحيح”. ومفاد ما تقدم أن الدولة إدراكا منها لرسالتها فى دعم التوجيه الدينى فى البلاد، وتأكيدا لمسئوليتها فى التعليم والإرشاد، وما يتطلبه ذلك من وضع سياسة عامة لجميع المساجد والزوايا فى المدن والقرى، تستهدف نقاء المادة الفقهية والعلمية وسلامة الوجهة التى يتوجه إليها عمل الخطباء والمدرسين بما يحفظ للتوجيه الدينى أثره، ويبقى للمساجد الثقة فى رسالتها، ويكفل حماية النشء من كل تفكير دخيل، ارتأت أن تتولى وزاره الأوقاف إدارة جميع المساجد سواء أصدر بوقفها إشهار أم لم يصدر، وأيا كان تاريخ إنشاء هذه المساجد أو الجهة التى أنشأتها فقد أصبحت منوطة بوزارة الأوقاف وتدخل ضمن مسئولياتها وواجباتها سواء فى ذلك ما كان قائما منها فى تاريخ العمل بالقانون رقم 157 لسنة 1960 المشار إليه، أو ما يقام منها بعد ذلك، بحسبان أن المسجد متى أقيم وأذن للناس بالصلاة فيه، يدخل فى ملك الله سبحانه وتعالى ويقوم بالإشراف عليه الحاكم الشرعى للبلاد. وإذ كان مقتضى تنفيذ وزارة الأوقاف للمهمة الملقاة على عاتقها بموجب القانون المشار إليه أن تبادر الوزارة بتسلم جميع المساجد القائمة آنذاك، وكان تنفيذ هذه المهمة يقتضى – حسبما أفصحت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 157 لسنة 1960 المشار إليه – توافر المال اللازم لذلك، وأن جل هذه المساجد إن لم يكن كلها ليس له موارد ينفق منها، وأن الصرف عليها سيكون مما يمنح لوزارة الأوقاف، ومن ثم فقد راعى القانون النص على أن يتم تسليم المساجد خلال عشر سنوات، وهذا الميعاد هو ميعاد تنظيمى قصد به إفساح المجال حتى تتمكن الوزارة من توفير المال اللازم الذى يتطلبه القانون، وعلى ذلك فلا تثريب على وزارة الأوقاف فى القيام فى أى وقت بتسلم أى عدد من المساجد، سواء ما كان منها قائما وقت العمل بالقانون وما يقام منها بعد ذلك طبقا لما يتوفر لديها من اعتمادات مالية لإدارتها حسبما يمليه عليها القانون.

ومن حيث إن إشراف وزارة الأوقاف على المساجد وإدارتها رهن بثبوت المسجدية للمكان بحيث يكون مخصصا لأداء الصلاة، أو من الملحقات المرصودة لخدمة أداء الشعائر الدينية، ويشترط فيه – على أرجح الأقوال فى مذهب أبى حنيفة – خلوصه لله تعالى وانقطاع حق العبد عنه؛ وعلى ذلك فإنه يخرج عن هذا المفهوم – وتنأى بالتالى عن إشراف وزارة الأوقاف – المبانى الملحقة بالمساجد التى تقيمها الجمعيات الأهلية وتخصصها لأداء بعض الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية على نحو ما هو قائم بالمركز الإسلامى لمسجد النور.

ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وكان مقتضى إشراف وزارة الأوقاف على مسجد النور بالعباسية وإدارته أن تعين له الوزارة مجلس إدارة يقوم على شئونه، وكان القرار المطعون فيه رقم 77 أ لسنة 1996، قد اقتصر على تشكيل مجلس إدارة للمسجد إعمالا للقرار الوزارى رقم 20 لسنة 1982، الذى استلزمت المادة (1) منه أن يكون لكل مسجد من المساجد التابعة لوزارة الأوقاف و الخاضعة لإشرافها مجلس إدارة يصدر بتشكيله قرار من وزير الدولة للأوقاف بناء على ترشيح مديرية الأوقاف المختصة، ولم ينص القرار المطعون فيه – بعد ذلك – على الملحقات التى أقامتها جمعية الهداية الإسلامية وأثبتها تقرير الخبير المقدم فى الطعن رقم 2941 لسنة 40 القضائية عليا والمقدمة صورته فى الطعن الماثل والتى لا تثبت لها صفه المسجدية فيظل إدارتها منوطة بالجمعية التى أقامتها، ويضحى القرار المطعون فيه بناء على هذا الفهم، صحيحا ولا مطعن عليه. وإذا كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، وبين أن القرار المطعون فيه لم يتعرض لإدارة ملحقات المسجد، وإنما تناول تشكيل مجلس إدارة للمسجد فحسب وأنه بهذه المثابة يكون بمنأى عن وقف التنفيذ، فإن قضاءه فى هذا الشأن يكون جديرا بالتأييد.

ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته.

 

* فلهذه الأسباب

 

حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وألزمت الطاعن المصروفات.

 

 

 

(ب) تقديم خدمات غير مستهدفة الربح أو الكسب- أثره فى تقدير التعويض المحكوم به – مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية الصادرة منها هو وجود خطأ من جانبها بان يكون القرار الإدارى غير مشروع ويلحق بصاحب الشأن ضررا وان تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر- تطبيق: قرار وزارة الأوقاف بضم مسجد النور إلى الوزارة ووضع يدها على ملحقاته- القرار المطعون فيه يضم ملحقات المسجد شابه عيب انحدار به إلى درك عدم المشروعية ويحق للجمعية التى أقامت الملحقات أن تعوض عن الأضرار التى أصابتها من جراء عدم الانتفاع بملحقات المسجد طيلة عشرين عاما وحرمانها طوال هذه المدة من حصيلة تعيد استخدامها فى أوجه البر والخير التى تسعى إليها- قضاء المحكمة بتعويض الجمعية بمبلغ عشرين ألف جنيه مراعية فى ذلك أن الجمعية الطاعنة من الجمعيات الأهلية التى تقدم خدماتها غير مستهدفة الربح أو الكسب

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

ᘨالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/محمد أمين المهدى.رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. فاروق عبد البر واحمد عبد الفتاح حسن ومصطفى سعيد حنفى وأحمد عبد الحميد عبود  نواب رئيس مجلس الدولة.

 

* الإجراءات

 

فى يوم الاثنين الموافق 13 من يونية سنة 1994 أودع الأستاذ/ عبد الحليم رمضان المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 2941 لسنة 40 القضائية عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 2330 لسنة 41القضائية بجلسษ 16/4/1994 والقاضى منطوقه برفض الدعوى بشقيها وإلزام المدعى المصروفات وطلب الطاعن- للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا وبإلغاء الحكم المطعون فيه وقبول طلباته التى احتكم لمحكمة القضاء الإدارى بدعواه ابتدائيا فيها وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.

ثم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا مع إلزام الطاعن المصروفات.

وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 18/5/1998 وبجلسة 18/1/1999 قررت إحالته إلى هذه المحكمة والتى نظرته بالجلسات حتى قضت بجلسة 22/8/1999 وقبل الفصل فى شكل الطعن أو فى موضوعه بإحالته إلى مكتب خبراء وزارة العدل ليندب بدوره أحد خبرائه المختصمين ليقوم بالمهمة المحددة فى منطوق الحكم. وبعد إيداع تقرير الخبير تدول الطعن بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها حيث تقرر إصدار الحكم بجلسة 20/1/2001 ثم أرجئ النطق به إلى جلسة اليوم لا تمام المداولة وفيها صدر الحكم وأودعت المسودة المشتملة على أسبابه عند النطق به.

 

* المحكمة

 

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.

ومن حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.

ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة- أخذا بما جاء بالأوراق والمستندات المقدمة- تتحصل فى أن الطاعن أقام دعواه ابتداء أمام محكمة الأمور المستعجلة بالقاهرة حيث قيدت لديها تحت رقم 3211 لسنة 85 مستعجل طلب فى ختامها الحكم أولا: بإثبات حالة مسجد النور التابع للجمعية التى يرأسها لبيان ما به من منقولات وحالتها وكذا حالة العقارات به. ثانيا: بطرد العاملين التابعين للمدعى عليهم من موقع المسجد وتسليمه له مع إلزام المدعى عليهم المصروفات بحكم مشمول بالنفاذ المعجل مع تنفيذه بموجب مسودته وبدون إعلان. وقال شرحا لدعواه: أن الجمعية التى يرأسها يتبعها مصلى كبير يسمى مسجد النور، وقد قام عمال المدعى عليهم باقتحام المسجد بحجة إتمام الأبنية الملحقة به واستولوا على جميع المنقولات والمهمات التى تخص الجمعية مما يعد انتهاكا للمادة (34) من الدستور، الأمر الذى دعاه إلى إقامة دعواه؛ للحكم له بطلباته. وبجلسة 30/9/1985 قضت المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة وبقبولها وبعدم اختصاصها بنظر الطلب الثانى من طلبات المدعى وبندب خبير لمعاينة المنقولات المملوكة للجمعية المذكورة وذلك بفناء المسجد وإثبات حالتها وكذلك حالة الأبنية، وقد استأنف المدعى هذا الحكم فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الطلب الثانى وذلك بالاستئناف رقم 1262 لسنة 1985. وبجلسة 24/11/1986 أصدرت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية حكمها فى الاستئناف والقاضى بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به بعدم اختصاص المحكمة بنظر الطلب الثانى من طلبات المدعى إلى القضاء بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى للاختصاص حيث قيدت برقم 2330 لسنة 41القضائية، أمام محكمة القضاء الإدارى أثناء نظرها الشق المستعجل، وبجلسة 5/5/1987، قدم المدعى صورة من صحيفة تعديل الطلبات والمتضمنة الحكم له بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر بالاستيلاء ووضع اليد وغصب ممتلكات جمعية الهداية الإسلامية والمعروفة بمسجد النور والمتضمن أبنية ومشروعات ومدارس ومشغلا ومستشفى ومستوصف الجمعية والحكم تبعا لذلك بطرد المدعى عليهم وتابعيهم وعمالهم من جميع اماكن الموقع والتحفظ فيه على جميع مشتملاته وتمكين المدعى من ممتلكات الجمعية، وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار واعتباره كأن لم يكن شاملا كافة آثاره مع إلزام المدعى عليهم أن يؤدوا للمدعى متضامنين مبلغ خمسين مليون جنيه عوضا عن تعطيل الشعائر الدينية ومنافع مشروعات الجمعية والأضرار الأدبية وجميع المصروفات. وبجلسة 19/1/1988 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للمدعى عليهم الأول والثالث والرابع وبعدم جواز نظر الطلب المستعجل من الدعوى لسابقة الفصل فيه وألزمت المدعى مصروفات هذا الطلب. وبجلسة 18/12/1993- وبعد تحضير الدعوى وإعداد تقرير فيها من قبل هيئة مفوضى الدولة- قررت المحكمة إعادة الدعوى للمرافعة لضم الدعوى رقم 5264 لسنة 39 القضائية، ليحدد عناصر التعويض المطالب به. وبجلسة 16/4/1994 صدر الحكم المطعون فيه وقضى برفض الدعوى بشقيها وإلزام المدعى المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن مسجد النور بالعباسية من المساجد الهلية وقد صدر قرار وزر الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 المطعون فيه بضم ثلاثة وأربعين مسجدا وزاوية أهلية من بينها المسجد المذكور إلى وزارة الأوقاف استنادا إلى أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 تحقيقا للمصلحة العامة، ومن ثم يكون القرار قد صدر مشروعا قائما على سببه المبرر له فى الواقع والقانون، الأمر الذى يتعين معه القضاء برفض طلب إلغائه، وعن طلب التعويض فغن مناط المسئولية افدارية هو قيام خطأ من جانب الجهة الإدارية وان يلحق صاحب الشان ضرر من جراء هذا الخطأ، وإذ ثبت مشروعية القرار المطعون فيه فمن ثم يكون قد انتفى ركن الخطأ فى جانب الجهة الإدارية وبالتالى انتفت المسئولية الإدارية؛ المر الذى يتعين معه القضاء برفض طلب التعويض.

وإذا لم يرتض الطاعن هذا الحكم فقد طعن عليه بالطعن الماثل الذى يبنى على مخالفة الحكم المطعون فيه الدستور، إذ أن الجمعية التى يرأسها الطاعن شخصية اعتبارية من وظائفها الاجتماعية نشر الدعوى الإسلامية وبناء المساجد وإداراتها وهو ما يلتقى مع أحكام المادة (2) من الدستور التى نصت على أن “دين الدولة الإسلام ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع”. كما يحق للجمعية امتلاك مساجدها الخاصة ومشروعاتها الملحقة بها المتمثلة فى المدارس والمعاهد الخاصة بتدريس القرآن وأحكام الشريعة الإسلامية، والمشاغل للتدريب على الحرف، والمستشفيات والعيادات، تحت مظلة حصانات المادة (34) من الدستور التى تصون الملكية الخاصة، والمادة (35)  التى تقضى بعدم جواز التأميم، والمادة (36) التى تنص على عدم جواز المصادرة، ولا يجوز أن تخل أحكام أى قانون بأحكام الدستور، وعليه فإن ضم وزارة الأوقاف للمسجد والمشروعات الملحقة به قد أصاب الجمعية الطاعنة بأشد الأضرار واعتى الخسائر المادية والأدبية التى توجب الحكم لها بالتعويض الجابر لهذه الأضرار. وبجلسة 16/5/1999 أبدى الطاعن فى مواجهة الخصوم أنه يقصر طلباته على طلب إلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب عليه من آثار وذلك فيما تضمنه من ضم ملحقات مسجد النور (عدا ساحة الصلاة ودورة المياه) مما لا تلزم لإقامة الشعائر، وان ضم هذه الملحقات واستغلالها مع حرمان الجمعية صاحبة الحق من عائد استغلالها (كذا المناسبات والمستشفى ودار الحضانة والمعهد الدينى…) هو من قبيل الضرر المحقق الوقوع مما يجعل طلب التعويض فى محله ويترك لهيئة المحكمة تقدير التعويض الجابر للضرر. وبجلسة 27/6/1999 حكمت المحكمة تمهيديا، وقبل الفصل فى شكل الطعن أو فى موضوعه بإحالته إلى مكتب خبراء وزارة العدل بالعباسية ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين للإطلاع على أوراق الطعن والانتقال إلى موقع مسجد النور بنهاية شارع رمسيس قرب ميدان العباسية بمحافظة القاهرة لبيان حدود ومساحة وحالة المسجد المذكور وقت تسليم وزارة الأوقاف له عقب صدور قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 بضمه إليها، وحدود ومساحة وحالة ساحة الصلاة ودورات المياه وكذا بيان ملحقات المسجد المذكور كدار المناسبات والمستشفى ودار الحضانة والمعهد الدينى ومشاغل التدريب على الحرف ودور تحفيظ القرآن وحدود ومساحة وحالة هذه الملحقات وقت تسليم وزارة الأوقاف لها، وبيان ما إذا كانت مستكملة البناء وتؤدى عملها وقت تسليم وزارة الأوقاف لها من عدمه وتحديد من قيام بالبناء وتحمل بنفقاته وحالة المسجد وسائر الملحقات والأعيان المشار إليها ومن يقوم بإدارتها، وصرحت للخبير فى سبيل أداء مأموريته الإطلاع على كافة الأوراق والمستندات والبيانات التى يريد الإطلاع عليها وعلى الجهات المسئولة تيسير أدانه لهذه المأمورية بتقديم الوراق والمستندات التى تساعده على أدائها. وقد قدم الخبير تقريره الذى بين فيه حالة المسجد وحدوده ومساحته وقت تسليم وزارة الأوقاف له عقب صدور قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 بضمه إلى الوزارة كما يبين حدود ومساحة وحالة الصلاة (صحن المسجد) وكذلك دورات المياه. ثم أوضح ملحقات المسجد وحدود ومساحة وحالة كل جناح كما يلى:

أ- الجناح الشرقى وهو بارتفاع أربعة طوابق ومساحته 518.50م ومحدد من بحرى شارع لطفى السد ومن شرقى ميدان العباسية ومن قبلى شارع رمسيس ومن غربى ساحة الصلاة وهو مصمم أصلا ليكون دار للحضانة ومركز تدريب إسلاميا وقاعة مؤتمرات وترجمة فورية ودار ضيافة وصالة عقد قران وكانت مستكملة وقت تسليم وزارة الأوقاف لها.

ب- الجناح الغربى وهو مكون من أربعة طوابق ومساحته 270م ومحدد من بحرى فناء المسجد ثم شارع لطفى السيد ومن شرقى ساحة الصلاة أى صحن المسجد ومن قبلى فناء المسجد ثم شارع رمسيس ومن غربى مبنى كلية الطب جامعة عين شمس وكان مصمما أصلا ليكون الدور الأراضى منعزلا عن باقى الطوابق وملحقا بصحن المسجد أى ساحة الصلاة بموجب سلم كبير ومستخدم دورات مياه لخدمة المصليين وباقى الطوابق مدرسة تعليم بنات ومدرسة تعليم بنين تعليم أساسى، وكان الجناح مستكمل البناء وقت تسليم وزارة الأوقاف له.

ج- الجناح البحرى وهو بارتفاع أربعة طوابق ومساحته 270م ومحدد بحرى شارع لطفى السيد ومن شرقى ميدان العباسية ومن قبلى صحن المسجد ومن غربى فناء المشروع ثم كلية الطب جامعة شمس وكان مستكمل البناء وقت تسليم وزارة الأوقاف له وهو مصمم أصلا ليكون مكتبة عامة ومستشفى تخصصيا.

د- الدور الأرضى بقية المساحة صحن المسجد ومساحتها 1170م مصممه لتكون دار مناسبات ولها مدخل من الجناح البحرى.

وأوضح التقرير أن جميع هذه المخلفات لها مداخل مستقلة وسلم مستقل والجناحان البحرى والشرقى مستقلان تماما عن ساحة الصلاة بمداخل وسلالم خاصة، والدور الأرضى بالجناح الغربى يتبع صحن المسجد، وباقى الطوابق مستقلة تماما عن المسجد بمدخل خاص وسلم خاص. ثم أوضح التقرير أن الجمعية التى يمثلها المدعى هى التى قامت ببناء هذه الملحقات و50% من المسجد من أموالها وان وزارة الأوقاف تحملت باقى أعمال صحن المسجد والوجهات والمآذن والمدخل أى الملحق القبلى وانتهى التقرير إلى أن وزارة الأوقاف تقوم بإدارة هذه المخالفات.

ومن حيث انه صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 157 لسنة 1960 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف ولائحة إجراءاتها ناصا فى المادة (1) منه على أن “يضاف إلى المادة (1) من القانون رقم 272 لسنة 1959 المشار إليه فقرة أخيرة نصها الآتى: “كما تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد سواء بوقفها إشهار أو لم يصدر على أن يتم تسليم هذه المساجد خلال مدة أقصاها عشر سنوات تبدأ من تاريخ العمل بهذا القانون، ويكون للوزارة الإشراف على إدارة هذه المساجد إلى أن يتم تسليمها، وتتولى أيضا الإشراف على دائرة الزوايا التى يصدر بتحديدها قرار من وزير الأوقاف وتوجيه القائمين عليها لتؤدى رسالتها الدينية على الوجه الصحيح” ومفاد ما تقدم أن الدولة إدراكا منها لرسالتها فى دعم التوجيه الدينى فى البلاد وتأكيدا لمسئولياتها فى التعليم والإرشاد. وما يتطلبه ذلك من وضع سياسة عامة لجميع المساجد والزوايا فى المدن والقرى، تستهدف نقاء المادة الفقهية العلمية وسلامة الوجهة التى يوجه إليها عمل الخطباء والمدرسين بما يحفظ للتوجيه الدينى أثره، ويبقى للساجد الثقة فى رسالتها ويكفل حماية النشء من كل تفكير دخيل، ارتأت أن تتولى- وزارة الأوقاف- دارة جميع المساجد سواء صدر بوقفها إشهادا أو لم يصدر، وأيا كان تاريخ إنشاء هذه المساجد أو الجهة التى أنشأتها فقد صحبت منوطة بوزارة الأوقاف وتدخل ضمن مسئولياتها وواجباتها سواء فى ذلك ما كان قائما منها فى تاريخ العمل بالقانون رقم 157لسنة 1960 المشار إليه. أو ما يقام منها بعد ذلك، بحسبان أن المسجد متى أقيم وأذن للناس بالصلاة فيه يخرج عن ملك البشر ويصبح فى حكم ملك الله سبحانه وتعالى، ويقوم بالإشراف عليه الحاكم الشرعى للبلاد، وإذ كان مقتضى تنفيذ وزارة الأوقاف للمهمة الملقاة على عاتقها بموجب القانون المشار إليه أن تبادر الوزارة بتسليم جميع المساجد القائمة وكان تنفيذ هذه المهمة- حسبما أفصحت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 157 لسنة 1960 المشار إليه- يقتضى توافر المال اللازم لذلك وأن جل هذه المساجد أن لم يكن كلها ليس له موارد ينفق منها، وأن الصرف عليها سيكون مما يمنح لوزارة الأوقاف، ومن ثم فقد راعى القانون النص على أن يتم تسليم المساجد خلال عشرة سنوات، وهذا الميعاد هو ميعاد تنظيمى قصد به إفساح المجال حتى تتمكن الوزارة من توفير المال اللازم الذى يتطلبه القانون، وعلى ذلك فلا تثريب على وزارة الأوقاف فى القيام فى أى وقت بتسليم أى عدد من المساجد سواء ما كان منها قائما وقت العمل بالقانون وما يقام منها بعد ذلك طبقا لما يتوافر لديها من اعتمادات مالية لإداراتها حسبما يمليه عليها القانون.

ومن حيث أن إشراف وزارة الأوقاف على المساجد وإداراتها رهن بثبوت المسجدية للمكان بحيث يكون مخصصا لأداء الصلاة، أو من الملحقات المرصودة لخدمة أداء الشعائر الدينية، ويشترط فيه- على أرجح الأقوال فى مذهب أبى حنيفة- خلوصة لله تعالى وانقطاع حق العبد عنه، وعلى ذلك فإنه تخرج عن هذا المفهوم- وتنأى بالتالى عن إشراف وزارة الأوقاف- المبانى الملحقة بالمساجد التى تقيمها الجمعيات الأهلية وتخصصا لأداء بعض الخدمات الاجتماعية والصحية والتنفيذية.

ومن حيث انه لما كان ما تقدم وكان القرار الوزارى رقم 134 لسنة 1981 قد صدر بضم مسجد النور بالعباسية إلى وزارة الأوقاف، ونصت المادة (3) منه على أن تضع الوزارة يدها على ما يكون ملحقا بهذه المساجد من أعيان؛ فلا يصح القرار فيما نص عليه فى هذا الشأن إلا أن يكون المفهوم والمقصود بالأعيان الملحقة للمساجد والتى يشملها قرار الإشراف المقرر لولى الأمر، بأنها تلك اللازمة لأداء الفرئض فتحلقها صفة المسجدية التى تستقطب كل ما يلزم لتحقيق الغرض من إقامة المسجد فإذا كان وكان الثابت من تقرير الخبير المودع فى ملف الطعن- والذى تطمئن إليه المحكمة وتأخذ بنتيجته- أن ملحقات مسجد النور مستقلة عن المسجد، وقد إقامتها جمعية الهداية الإسلامية وخصصتها لما تقوم عليه من أغراض اجتماعية فأنشأت بها دار حضانة، ومركز تدريب إسلاميا وقاعة مؤتمرات، وترجمة فورية، ودار ضيافة، وصالة عقد قران، ومدرسة تعليم بنات ومدرسة تعليم بنين، ومكتبه عامة ومستشفى تخصصيا وأد مناسبات الأمر الذى ينحسر معه وصف المسجدية عن هذه الملحقات لكونها غير مخصصه لأداء الصلاة، وليست لازمه لها، وقد تعلق حق الجمعية بها، فيكون فى ضمها إلى وزارة الأوقاف- بغير سند من أحكام القانون- تغول على حق جمعية تستمد أصل وجودها ونشأتها من نص المادة (55) من الدستور، وعدوان على الملكية الخاصة ومصادرة لها بالمخالفة لحكم كل من المادة (34) من الدستور التى تنص على أن الملكية الخاصة مصونه، والمادة (36) منه التى تحظر المصادرة العامة، ولا تجيز المصادرة من ضم هذه الملحقات إلى وزارة الأوقاف موصوما بعدم المشروعية.

ومن حيث أنه عن طلب التعويض فقد استقرت هذه المحكمة على أن مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية الصادرة منها هو وجود خطأ من جانبها، بأن يكون القرار الإدارى غير مشروع، ويلحق بصاحب الشأن ضررا، وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر. ولما كان القرار المطعون فيه قد شابه- على نحو ما تقدم- عيب انحدار به إلى درك عدم المشروعية، فإنه يحق للجمعية أن تعوض عن الأضرار التى حاقت بها  من جراء حرمانها من تحقيق الأغراض التى قامت من أجلها، والتقى أعضاء الجمعية حولها يبتغون فى ضوء تلك الأغراض، فضلا من الله ورضوانا، كما يكون للجمعية أن تعوض عن الأضرار التى أصابتها من جراء عدم الانتفاع بملحقات المسجد طيلة عشرين عام، وحرمانه طوال هذه المدة من حصيلة تعيد استخدامها فى أوجه البر والخير التى تسعى إليها.

ومن حيث أنه عن مقدار التعويض فإن المحكمة تقدره بمبلغ عشرين ألف جنيه مراعية فى ذلك أن الجمعية الطاعنة من الجمعيات الأهلية التى تقدم خدماتها غير مستهدفة الربح أو الكسب.

ومن حيث أنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد غاير هذا النظر، وقضى برفض الدعوى بشقيها، فإنه مستوجب الإلغاء، مع القضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيبه فيما تضمنه من ضم ملحقات مسجد النور بالعباسية إلى وزارة الأوقاف وما يترتب على ذلك من آثار أخصها أن تعود هذه الملحقات إلى جمعية الهداية الإسلامية التى إقامتها فتتولى شئونها وتقوم بإدارتها على النحو الذى يحقق أهدافها المنصوص عليها فى نظامها الأساسى، مع إلزام جهة الإدارة بأن تؤدى إلى الجمعية مبلغ عشرين ألف جنيه جبرا للأضرار التى أصابتها من جراء القرار المطعون فيه.

ومن حيث أن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته.

 

* فلهذه الأسباب

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع وبإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من ضم ملحقات مسجد النور بالعباسية إلى وزارة الأوقاف وما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب مع إلزام جهة الإدارة بأداء مبلغ عشرين ألف جنيه إلى الجمعية الطاعنة وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطعن.

 

 

 

المادتان 32، 34 من الدستور، القانون رقم 157 لسنة 1960 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف يجوز للمشرع أن يضع قيودا على حق الملكية الخاصة لصالح المجتمع – الأصل الدستورى هو حماية الملكية الخاصة البعيدة عن الغصب أو التعدى أو الاستيلاء على أموال أو ممتلكات الدولة أو الغير – يخرج عن هذا الأصل العام ما يتصل بإنشاء المساجد باعتبارها دور للعبادة وهى بيوت الله فى الأرض – نتيجة ذلك: تخرج المساجد بصفتها هذه من الملكية العامة أو الخاصة وتضحى على ملك الله التى لا يجوز المساس بها أو تغيير طبيعتها أو صفتها لتبقى دورا للعبادة وإقامة الشعائر على النحو المتطلب لإدائها وفق أحكام الشريعة وأصولها – تحقيقا لأداء المساجد لرسالتها – أورد المشرع فى القانون رقم 157 لسنة 1960 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف فنص على أن تتولى الأوقاف إدارة المساجد سواء صدر بوقفها إشهار أو لم يصدر على أن يتم تسليم هذه المساجد خلال مدة أقصاها عشر سنوات تبدأ من تاريخ العمل بهذا القانون – تنفصل المساجد وتستقل بوصفها المشار إليه عن أية ملحقات أخرى تخرج عن نطاق العقار بالتخصيص بأن يكون جزءا لا ينفصل عن المسجد ورصد لخدمة أغراضه فى إقامة الشعائر وغيرها كالحمامات ودورات المياه – يخرج ما عدا ذلك من ملحقات عن نطاق إشراف وزارة الأوقاف على المساجد – تطبيق.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة. وعضوية السادة الأساتذة/محمد معروف محمد ومحمد عبد الغنى حسن وعبد القادر هاشم النشار ود/منيب محمد ربيع (نواب رئيس مجلس الدولة).

 

* إجراءات الطعن

 

بتاريخ 29/8/1991 أودع الأستاذ/عبد الفتاح أحمد محمود المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد أمامها برقم 4127 لسنة 37ق فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 4022 لسنة 44ق بجلسة 30/7/1991 والقاضى بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى المدعى عليه الثانى والثالث والرابع لرفعها على غير ذى صفة وبقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وإلزام المدعى المصروفات.

وطلب الطاعن – للأسباب التى أوردها بتقرير طعنه – الحكم بقبول الطعن شكلا وبإلغاء الحكم المطعون فيه برفض إلغاء القرار رقم 192 لسنة 1989 الصادر من وزير الأوقاف بضم مسجد الرحمن إلى وزارة الأوقاف.

والحكم بإلغاء القرار المذكور، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وقد تم إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق.

وأودع الأستاذ المستشار عبد السميع بريك مفوض الدولة – تقريرا برأى هيئة مفوضى الدولة فى الحكم – انتهى فيه للأسباب المشار إليها به إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، فيما تضمنه من شمول للملحقات ضمن ضم مسجد الرحمن بالزمالك وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضرها حيث قررت بجلسة 18/1/1993 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة حيث تدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر جلساتها حيث قررت بجلسة 21/2/1993 إصدار الحكم فيه بجلسة 28/3/1993 وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 30/5/1993 حيث وافق عطلة رسمية فقررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

 

* المحكمة

 

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.

ومن حيث إن الطعن قد استوفى إجراءات قبوله الشكلية.

ومن حيث إنه عن الموضوع فأنه يتلخص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن المدعى أقام دعواه بإيداع صحيفتها سكرتارية محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 3/4/1990 وقيدت أمامها برقم 4022 لسنة 44ق طلب فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 92 لسنة 1989 الصادر من وزير الأوقاف مع ما يترتب على ذلك من آثار. وفى الموضوع بإلغاء القرار المذكور مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليهم المصروفات.

وقال المدعى شرحا لدعواه أن وزير الأوقاف أصدر القرار المطعون عليه رقم 92 لسنة 1989 متضمنا ضم مسجد الرحمن بالزمالك التابع لمحافظة القاهرة إلى وزارة الأوقاف، وأن تضع المديرية يدها على ما يكون موقوفا على المسجد من أعيان وملحقات، ونعى المدعى على القرار مخالفة القانون استنادا إلى أنه قام بإنشاء المسجد من ماله الخاص ولا علاقة له بمحافظة القاهرة أو أية جهة أخرى، وقد شيد إلى جانب المسجد بعض الملحقات لخدمة أهالى المنطقة وهى دار حضانة وعيادة شاملة لخدمة الإسلام والمسلمين، وفضلا عن عدم جواز ضم الملحقات فإن المسجد نفسه لا يجوز ضمه بحالته الراهنة إذ أنه ما زال تحت الإنشاء ولم يستكمل ولم تصل إليه المرافق بعد، وأضاف المدعى أنه لا يمانع فى قيام وزارة الأوقاف على مسئوليتها برعاية المسجد وتعيين الخطباء ومقيمى الشعائر، ولكن ليس من شأنها ضم أو إدارة الملحقات الأخرى لعدم اتصالها بالصلاة أو إقامة الشعائر.

وقد ردت الجهة الإدارية على الدعوى بحافظة مستندات اشتملت على عدة مستندات كما قدمت مذكرة أودعت بها أن المسجد وملحقاته تم تشييدهم بتبرعات أهل الخير ولا يد أو مصلحة للمدعى فى ذلك، كما قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة أوردت بها أن المدعى تعدى بالبناء على قطعة أرض من منافع الرى، وأصدر حى غرب القاهرة قرارا بإزالة التعدى وأصدرت وزارة الرى قرارا مماثلا تنفيذا لأحكام قانون الرى والصرف رقم 12 لسنة 1984 والقانون رقم 48 لسنة 1982 بشأن حماية نهر النيل، والمجارى المائية من التلوث، إلا أن محافظة القاهرة أوقفت إجراءات الإزالة باعتبار أن المبنى مسجدا لا تجوز إزالته وتسلمت وزارة الأوقاف المسجد قبل استكماله وباشرت عليه مسئولياتها واستكملته وأن المسجد لا توجد به أية ملحقات أو أنشطة من أى نوع وأن وزارة الأوقاف تتولى إدارة المسجد وفقا لأحكام القانون رقم 157 لسنة 1960 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 727 لسنة 1959 وأن الضم شمل المسجد والأرض الملحقة به والتى تعد جزءا منه ولا توجد أية منشآت أو إضافات أخرى. وأودع المدعى مذكرة أخرى بدفاعه أورد بها أن الوزارة ضمت مع المسجد منشآت أخرى هى دار حضانة ودار مناسبات وصيدلية وملحق سكن وناد ثقافى واجتماعى فضلا عن كمية من الأخشاب والمعدات الخاصة بالمقاول وطلب الحكم له بطلباته.

وبجلسة 30/7/1991 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه وقضى بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليهم الثانى والثالث والرابع لرفعها على غير ذى صفة وبقبولها شكلا ورفضها موضوعا، وأقامت قضاءها على سند من أن المدعى يضع يده على مساحة من أملاك الدولة الخاصة بمسطح نهر النيل وأقام عليها بناء بدون ترخيص بالمخالفة لأحكام القانون رقم 12 لسنة 1984 بشأن الرى والصرف والقانون رقم 48 لسنة 1982 بشأن حماية نهر النيل والمجارى المائية . ومن ثم أصدر حى غرب القاهرة القرار رقم 2 لسنة 1984 بتاريخ 23/12/1984 بإزالة المبانى التى تمت على طرح النهر. كما حررت وزارة الرى محضر بالمخالفة رقم 419 لسنة 1984 فى 18/11/1984 وإذا استمر المدعى فى البناء بالمخالفة صدر قرار مدير عام الرى بالجيزة رقم 8 لسنة 1985 بإزالة المبانى إداريا وإزالة سائر تعديات المدعى على أملاك الدولة مع تحميله قيمة تكاليف الإزالة. وأعقب ذلك كتاب محافظ القاهرة إلى وزير الأوقاف أورد به أن المدعى قام بجمع تبرعات من الأهالى تجاوزت نصف مليون جنيه لإنشاء مسجد الرحمن وأن البناء لم يتم ولما كانت الإجراءات التى قام بها المدعى جاءت مخالفة للقانون فقد اتخذت الإجراءات لإزالة هذه المنشآت المخالفة وأنه يرى قيام وزارة الأوقاف بضم المسجد إليها إذ لا تجوز إزالة المساجد، كما أن المدعى قد قدم إلى المحاكم الجنائية نظير ما نسب إليه من مخالفات فى الجنحة رقم 2843 لسنة 1988 قصر النيل وقضى فيها بتغريمه خمسمائة جنيه والمصروفات. وإذ استأنف المدعى الحكم استئنافا مع الإيقاف الشامل.

وبتاريخ 10/7/1989 أعد مدير الإدارة الهندسية بوزارة الأوقاف مذكرة اقترح فيها وقف الإزالة وتدبير مبلغ 150.000 جنيه مائة وخمسون ألف جنيه لاستكمال منشآت المسجد حيث ووفق على ذلك من وزير الأوقاف وقامت لجنة باستلام المنشآت والتى تبين من مراجعة قرار اللجنة أنها مجرد حوائط وشدات خرسانية وبعض المشونات، فضلا عن أن ما قدمه المدعى من مستندات بطلب إدخال التيار الكهربائى والتليفونات للصيدلية والعيادة الشاملة والنادى الثقافى……. الخ. منها كانت رهينة بالحصول على موافقات الجهات المعنية ولم تتعد مجرد الطلب الذى لا يقيد أية حقوق لمقدمه على المكان المراد تركيب التليفون أو توصيل التيار الكهربائى به وأضافت المحكمة بأن الثابت من الأوراق أن المدعى خالف قانون الرى والصرف وقانون تنظيم البناء رقم 106 لسنة 1983 وتعديلاته. كما انه تعدى على أملاك الدولة دون سند أو مبرر وبادعاءات لا يساندها دليل ولا ينهض عليها مستند كما وأن ما ادعى وجوده من مبان ومنشآت ملحقة بالمسجد لم توجد يقينا ولم يستطع إثبات وجودها فعلا وينبغى والحال هذه بناء المسجد الذى لم يكتمل والذى يلزم وفقا لأحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف وما أناطه بها من القيام على شئون الدعوة بالمساجد أن تقوم على مسئولياتها بضم المسجد إليها واستكمال منشآته لتقام فيه الشعائر. وخلصت المحكمة إلى أن القرار الطعين والحال هذه يكون متفقا وصحيح حكم القانون حريا بالإبقاء عليه ورفض طلب إلغائه.

زمن حيث إن مبنى الطعن هو مخالفة الحكم الطعين للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله كونه مشوبا بالفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب استنادا للآتى:

أولا: أن الحكم المطعون فيه استندت إلى دليل إقامته وزارة الأوقاف ومن ثم أصبحت هى الخصم والحكم. حيث أشارت إلى أن المبنى عبارة عن شدات خشبية تذكر الشبكات الكهربائية والتليفونات مع سداد قيمتها ورسومها السنوية.

كما أغفلت المحكمة الملحقات وهى جمعية تحفيظ القرآن الكريم – المكتبة – دار المناسبات – العيادة الشاملة – كما أغفلت أن المدعى هو القائم بأعمال البناء وصاحب المشروع وأن البناء على المشغل يشغل مساحة إجمالية مقدارها 930م2 يخص المشغل منها 224م2 ولم يرد حصر هذه المساحات بدفتر حصر الملاك لأنهم على جسر النيل كما تجاهلت الوزارة أحكام محكمة جنح قصر النيل بالإيقاف الشاملة للإزالة – كما أن استناد الحكم الطعين إلى صورية العقود التى أبرمها الطاعن استنادا على أن الإيجار زهيد هو افتراض لم يؤيده دليل- خاصة وأنها أبرمت بعد انتهاء الإنشاءات.

ثانيا: القصور فى التسبيب لأن استناد الحكم الطعين على عدم تقديم الطاعن للدليل على إقامة المسجد من أمواله يتعارض مع المقرر قانونا فى الإثبات من أن الجهة الإدارية المنازعة له هى التى يلزمها إثبات عكس ما قرره.

ثالثا: أن الأعيان التى طلبت الجهة الإدارية ضمها لوزارة الأوقاف وهى الملحقات لا تدخل ضمن المسجد ومن ثم تخرج عن الاختصاص الذى أناطه القانون بشأن ضم المساجد لضمان إقامة الشعائر لأن هذه الملحقات لا صلة لها ولا دور فى إقامة الشعائر وانتهى الطاعن إلى طلب الحكم له بطلباته.

ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يجرى على أنه وإن كان للخصوم تحديد طلباتهم وصياغة عباراتهم بما يتفق مع حريتهم ما يقصدونه من الطلبات وسندهم فيها قانونا فانه يتعين على المحكمة تحديد هذه الطلبات على نحو موضوعى وفقا لحقيقة ما يقصده الخصوم من تقديمها وصحيح إرادتهم بشأنها بما يمكنها من إنزال حكم القانون الصحيح على هذه الطلبات وبصفة خاصة فيما يتعلق بولاية القضاء الإدارى ونطاق رقابته على القرارات المطعون فيها ومدى مشروعيتها. وعلى المحكمة أن تتصدى لذلك من تلقاء ذاتها ولو دون طلب من الخصوم.

ومن حيث إنه بناء على ذلك فإن مقطع الفصل فى هذا الطعن هو مدى الاختصاص المنوط بوزارة الأوقاف بالنسبة لضم المساجد لإشرافها ومدى تعلق هذا الاختصاص بما يعتبر من ملحقات هذه المساجد.

ومن حيث إنه قد عنى الدستور فى المادة (32) بالنص على أن الملكية الخاصة تتمثل فى رأس المال غير المستغل وينظم القانون أداء وظيفتها الاجتماعية فى خدمة الاقتصاد القومى وفى إطار خطة التنمية دون انحراف أو استغلال، كما أشارت المادة (34) منه على أن الملكية الخاصة مصونة ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون وبحكم قضائى.

ومن حيث إنه وإن كان بناء على أحكام الدستور فإنه يجوز للمشرع أن يضع قيودا على حق الملكية الخاصة لصالح المجتمع ودون أن يمس الحصانة التى جعلها المشرع لأعمال أو إجراءات تتعلق بالترخيص أو إزالة التعدى إذا وقع بالفعل مخالفا للقانون أو شروط الترخيص أو مثل تعديا أو اغتصابا لأملاك الدولة الخاصة أو العامة تحقيقا للأهداف والغايات التى يقضيها الصالح العام على أن لا يتجاوز حد المشروعية بالخروج عن استخدام ما خوله المشرع له من سلطات لتحقيق الصالح العام باعتبار أن الأصل الدستورى هو حماية الملكية الخاصة البعيدة عن النصب أو التعدى أو الاستيلاء على أموال أو ممتلكات الدولة أو الغير، ويخرج عن هذا الأصل العام ما يتصل بإنشاء المساجد باعتبارها دورا للعبادة وهى بيوت الله فى الأرض، ومن ثم تخرج بصفتها هذه الملكية العامة أو الخاصة وتضحى على ملك الله التى لا يجوز المساس بها أو تغيير طبيعتها أو صفتها لتبقى دورا للعبادة وإقامة الشعائر على النحو المتطلب لأدائها وفق أحكام الشريعة وأصولها.، وتحقيقا لأداء المساجد لرسالتها أورد المشرع فى القانون رقم 157 لسنة 1960 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف فنص على أن تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد سواء صدر بوقفها إشهار أو لم يصدر، على أن يتم تسليم هذه المساجد خلال مدة أقصاها عشر سنوات تبدأ من تاريخ العمل بهذا القانون.

ومن حيث إن المقرر أنه لا مجال للاجتهاد فى تفسير النص القانونى إذا كان واضحا وصريحا خاصة إذا تعلق الأمر بالإشراف على دور العبادة لتقوم برسالتها فى أداء الشعائر على النحو المطلوب فيها وان تؤدى رسالتها فى مجال الدين والدعوة إلى الدين الحنيف وإقامة شعائره ومناسكه على الوجه المطلوب منها وأناط بوزارة الأوقاف القيام على هذا الإشراف وتلك الإدارة كجزء من وظائفها الأساسية.

ومن حيث أن المساجد بوصفها المشار إليه تنفصل وتستقل عن أية ملحقات أخرى تخرج عن نطاق العقار بالتخصيص والذى يعد كذلك إذا كان جزءا لا ينفصل عن المسجد ورصد لخدمة أغراضه فى إقامة الشعائر وغيرها كالحمامات ودورات المياه ومن ثم يخرج ما عدا ذلك من ملحقات عن نطاق إشراف وزارة الأوقاف على المساجد وفقا للنص المشار إليه حيث أن صياغة النص تقطع بذلك وتقضى به.

ومن حيث إن القرار المطعون فيه رقم 192 لسنة 1989 والصادر من وزارة الأوقاف بضم المسجد موضوع الدعوى إلى الوزارة وعلى أن تضع مديرية الأوقاف يدها على ما يكون موقوفا على المسجد المذكور من أعيان وملحقات وخلافه فإن هذا الضم لا يشمل الملحقات غير الموقوفة على خدمة المسجد والوقف هو التخصيص الصادر من مالكه لخدمة المسجد وأغراضه وهذا الوقف لا يسرى على المرافق أيا ما كان نوعها وما دامت خرجت عن خطة الوقف للمسجد.

ومن حيث إن القرار الطعين قد جاء واضح الجوانب بقصره على المسجد وما أوقف عليه من ملحقات وخلافه وكان الثابت من محضر استلام الوزارة للمسجد والمحرر من اللجنة المختصة بتاريخ 19/1/1989 أثبت أن ما قامت على استلامه هو منشآت المسجد غير المستكملة مع بعض المشونات من المواد والمعدات الخاصة باستكمال أعمال المسجد فقط ولم يتطرق المحضر إلى استلام أية منشآت أو ملحقات أو مساكن أخرى فإن القرار المطعون فيه والحال هذه يكون قد قام مستندا إلى صحيح حكم القانون حريا والحال هذه الإبقاء عليه ورفض الطعن عليه بالإلغاء.

ومن حيث إن الحكم الطعين قد ذهب إلى ذلك المذهب فإنه يكون متفقا وصحيح حكم القانون فى هذا الشق من الطعن.

ومن حيث إن الطاعن ينعى على القرار الطعين أنه تضمن الاستيلاء على كل من المبنى المخصص للصيدلية العامة فضلا عن مبنى النادى الثقافى والعيادة ……الخ.

فإن الثابت من الأوراق أن ما ادعى إقامته من مبانى إنما بدأ فى إنشائها على أراضى طرح النهر ومسطحات النيل بجوار نادى تجديف جامعة عين شمس الأمر الذى أدى إلى تحرير محضر المخالفة رقم 419 لسنة 1984 فى 18/11/1984 له والذى اتبع بالقرار رقم 8 لسنة 1985 من مدير عام الرى والصرف بالجيزة لمخالفة الطاعن للقانون رقم 12 لسنة 1984 والقانون رقم 48 لسنة 1982 بشأن حماية النيل من التلوث.. وكانت هذه التعديات مجالا للمنازعات القضائية.

ومن حيث ‘ن البين من المستندات أنها كلها جاءت خلوا من أى دليل قطعى الدلالة يفيد بوجود المنشآت المدعى بها أو استكمالها على النحو الذى يحدد ماهيتها والمالك لها كما ولم يقدم الطاعن ما يفيد ادعائه بوجود هذه المنشآت فضلا عن أن تقرير الخبير الودع فى الدعوى رقم 119 لسنة 1990 جنح قصر النيل المستأنف برقم 362 لسنة 1991 س/وسط والمقامة من النيابة العامة ضد الطاعن. إذ لم يرد به أى ما يقطع بوجود المنشآت الملحقة بالمسجد والمدعى بها، فضلا عن أن الثابت من الأوراق هو أن كل المعاينات والمقايسات والإنفاق إنما تدور كلها حول استكمال منشآت ومرافق المسجد موضوع القرار.

ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه يتعين لمباشرة سلطة جهة الإدارة فى إزالة التعدى على أملاكها بالطريق الإدارى المخولة لها بمقتضى المادة 970 من القانون المدنى أو تلك المقررة بالقانون رقم 12 لسنة 1984 والقانون رقم 48 لسنة 1982 بشأن حماية نهر النيل والمجارى المائية من التلوث.

أن تحقيق مناط مشروعيتها وهو ثبوت وقوع اعتداء ظاهر على ملك الدولة أو محاولة غصبه بالبناء عليه أو تغيير طبيعته، ولا يتأتى ذلك إلا إذا تجرد واضع اليد من أى سند قانونى لوضع يده. أما إذا استند واضع اليد إلى إدعاء بحق ما على العقار له ما يبرره من مستندات تؤيد فى ظاهرها ما يدعيه واضع اليد من حق على هذا العقار أو كانت الحالة الظاهرة تدل على جدية ما يدعيه لنفسه من مركز قانونى بالنسبة إلى العقار انتفت حالة الغصب أو الاعتداء الموجبة لاستعمال جهة الإدارة لسلطتها فى إزالته بالطريق الإدارى، وتكون فى معرض منازعة فيعقد الفصل فيها للسلطة القضائية المختصة بحكم ولايتها الدستورية والقانونية فى حماية الحقوق العامة والخاصة للمواطنين وإقامة العدالة وتأكيد سيادة القانون.

ومن حيث إنه وعلى ما سبق بيانه أن طلبات الطاعن قد انحصرت فى الطعن على القرار رقم 192 لسنة 1989 الصادر من وزير الأوقاف بضم مسجد الرحمن إلى إشراف الوزارة فإن نفاذه ينحصر فى المسجد دون أية مبان أو منشآت أخرى تكون مقامة عند صدور القرار ولا تعتبر من ملحقاته الموقوفة عليه أو المعتبرة عقارا بالتخصيص لخدمة أغراضه، ويكون الوضع بشأنها بين الطاعن والجهة الإدارية المختصة وفقا لأحكام القوانين المنظمة للحقوق المخولة لكل منهما فيها أو مخالفته لها دون أن ينال ذلك من صحة القرار الصادر بضم المسجد إلى إشراف وزارة الأوقاف.

ومن حيث أن الحكم الطعين قد ذهب إلى هذا المذهب وإن كان قد بنى على أسباب مغايرة لما جاء بهذا الحكم فإنه يكون قد انتهى إلى ذات النتيجة ومن ثم يضحى الطعن بحالة فى هذا الشق من الطعن قد قام على غير سبب من القانون أو الواقع حريا برفضه.

وحيث إن من خسر دعواه يلزم مصروفاتها وفقا لأحكام المادة (184) من قانون المرافعات.

 

* فلهذه الأسباب

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وألزمت الطاعن بالمصروفات.

 

 

 

(د)  تتسلم وزارة الأوقاف المساجد خلال مدة أقصاها عشر سنوات تبدأ من تاريخ العمل بالقانون رقم 157 لسنة 1960. ليس معنى ذلك أنه لا يجوز للوزارة ضم المساجد بعد المدة المشار إليها – أساس ذلك: أن ضم المساجد يتوقف على تدبير الإعتمادات المالية اللازمة لهذا الضم – تطبيق.

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار / فاروق عبد السلام شعت رئيس مجلس الدولة. وعضوية السادة الأساتذة محمد يسرى زين العابدين ومحمد عبد الرحمن سلامة وأبو بكر محمد رضوان ومحمد أبو الوفا عبد المتعال. نواب رئيس مجلس الدولة.

 

* إجراءات الطعن

 

في يوم السبت 22/2/1986 أودع الأستاذ / ………… المحامى الوكيل عن الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد برقم 906 لسنة 32 ق. ع في الحكمين الصادرين من محكمة القضاء الإدارة (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 31/12/1985 والقاضى أولهما الصادر في الدعوى 585 لسنة 39 ق بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بتفسير الحكم الصادر في الدعوى رقم 1730/36 ق بجلسة 19/4/1983 على النحو المبين في الأسباب والقاضى ثانيهما الصادر في الدعوى رقم 5264/39 ق أولاَ: برفض الدفعين بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وبعدم قبولها، ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً وفى الطلب المستعجل برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعى مصروفاته.

وطلب الطاعن – للأسباب المبينة في تقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكمين الصادرين بجلسة 31/12/1985 في الدعويين رقمى 585، 5264 / 39 ق وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار موضوع المنازعة فيهما واعتباره كأن لم يكن شاملاً كافة آثاره مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماه بحكم مشمول بالنفاذ المعجل وبلا كفالة وتنفيذه بموجب مسودته وبدون إعلان.

وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى في الطعن أرتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.

ونظر الطعن أمام هذه المحكمة (الدائرة الأولى) بجلسة 4/11/1991 وتدوول بالجلسات وبجلسة 20/4/19925 قدم الطاعن حافظة مستندات. كما قدم مذكرتين بدفاعه بجلسة 1/6/1992، 19/7/1992 وحافظة مستندات بجلسة 16/1/1994 وبجلسة 25/12/1994 قررت الدائرة المذكورة إحالة الطعن إلى الدائرة الرابعة حيث نظر الطعن أمامها بجلسة 18/2/1995 وقدم الطاعن حافظة مستندات بجلسة 1/4/1995 كما قدم مذكرة بدفاعه بجلسة 8/4/1995 دفع فيها بعدم دستورية القانون رقم 157 لسنة 1960 المعدل للقانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف فيما تضمنه من ضم المساجد إلى وزارة الأوقاف لمخالفتها لنص المادتين 34، 57 من الدستور، وبالجلسة المشار إليها قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 27/5/1995 ومذكرات خلال ثلاثة اسابيع وبتاريخ 27/4/1995 قدم الطاعن مذكرة بدفاعه. ثم قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 17/6/1995 وبهذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

 

* المحكمة

 

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات والمداولة.

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.

ومن حيث ان عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الاوراق – في أن الطاعن بصفته رئيس جمعية الهداية الإسلامية قد أقام الدعوى رقم 1730/36ق أمام محكمة القضاء الإدارى طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 492 لسنة 1981 وقرار وزير الشئون الاجتماعية رقم 301 لسنة 1981 وقرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 وبجلسة 19/4/1983 قضت محكمة القضاء الإدارى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من حل جمعية الهداية الإسلامية بالسويس وما ترتب عليه من قرارات وآثار.

وبتاريخ 3/11/1984 أقامت إدارة قضايا الحكومة نائبة عن وزير الأوقاف الدعوى رقم 585 لسنة 39 ق أمام محكمة القضاء الإدارى طلبت في ختامها تفسير الحكم الصادر من المحكمة المذكورة في الدعوى رقم 1730/36 ق بجلسة 19/4/1983 وأوضحت الحكومة دعواها بالتفسير قائلة أن وزارة الشئون الاجتماعية قامت بتسليم أموال وممتلكات الجمعية وإلغاء القرار رقم 301 لسنة 1981 ومما ترتب عليه من آثار وتسلمت الجمعية جميع ممتلكاتها تنفيذاً لحكم القضاء الإدارى المشار اليه إلا أن وزارة الأوقاف لم تقم بإلغاء القرار رقم 134 لسنة 1981 لأن هذا القرار لا يعتبر من آثار إلغاء القرار الجمهورى رقم 492 لسنة 1981 وأسندت وزارة الأوقاف في تبرير مسلكها بأنه ولئن كان القرار الوزارى رقم 301 لسنة 1981 هو أثر القرار الجمهورى المسار اليه إلا أن القرار الوزارى رقم 134 لسنة 1981 بضم المساجد التابعة لجمعية الهداية الإسلامية إلى وزارة الأوقاف جاء مستنداً إلى القانون رقم 272 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 157 لسنة 1960 وأضافت الحكومة أن طلبات المدعى في الدعوى رقم 1730/36 ق كانت بإلغاء القرار الجمهورى رقم 492 لسنة 1981 وقرار وزيرة الشئون الاجتماعية رقم 301 لسنة 1981 وقرار وزير الدولة للأوقاف رقم 134 لسنة 1981 إلا أن الحكم قضى بإلغاء القرار المطعون فيه – فيما تضمنه من حل الجمعية المذكورة ما يترتب على ذلك من آثار ولم تتعرض المحكمة للفصل في طلب المدعى بإلغاء قرار وزير الدولة للأوقاف رقم 134 لسنة 1981 مما يعد غموضاً يستأهل التفسير لأن المحكمة لم تفصل في طلب المدعى بإلغاء هذا القرار فضلاً عن اختلاف السند القانونى للقرار المذكور عن السند القانونى للقرارات الأخرى المطلوب إلغاؤها.

ورد المدعى عليه على الدعوى بمذكرة أشار فيها إلى أن دعوى التفسير لا يجوز أن تتخذ طريقاً لتعديل منطوق الحكم أو إلغاؤه أو نسخه وأن منطوق الحكم المطلوب تفسيره جاء واضح العبارة وصريح المعنى غير ملتبس بأى غموض أو إبهام يبرر النظر في تفسيره.

وبجلسة 31/12/1985 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها في دعوى التفسير رقم 585/39 ق وقضى بأن المقصود بعبارة إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من حل جمعية الهداية الإسلامية بالسويس وما ترتب عليه من قرارات وآثار الواردة بمنطوق الحكم الصادر في الدعوى رقم 1730/36ق يقصد بها إلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 492 لسنة 1981 وقرار وزيرة الشئون الاجتماعية رقم 301 لسنة 1981 ولا يشمل هذا الإلغاء قرار وزير الدولة للأوقاف رقم 134 لسنة 1981 وأقامت قضاءها على أنه ولئن كان منطوق الحكم الصادر في الدعوى رقم 1730/36 بجلسة 19/4/1983 قد قضى صراحة بإلغاء القرار المطعون فيه وهو قرار رئيس الجمهورية رقم 492/ 1981 فيما تضمنه من حل جمعية الهداية الإسلامية بالسويس إلا أنه لم يفصح عما يقصد من عبارة وما ترتب عليه من قرارات وأثار وبذلك أثارت هذه العبارة لبساً يجوز لذوى الشأن طلب استجلائه وأنه بالنسبة لقرار وزيرة الشئون الاجتماعية 301 لسنة 1981 فقد صدر استناداً الى قرار رئيس الجمهورية رقم 492 لسنة 1981 بحل بعض الجمعيات ومنها الجمعية المذكورة وبالتالى يدور معه وجوداً وعدماً فإذا ما تقرر إلغاء قرار رئيس الجمهورية لعدم مشروعيته فإن ذلك ينسحب بالضرورة على القرار الوزارى رقم 301 لسنة 1981 أما بالنسبة لقرار وزير الدولة للأوقاف رقم 134 لسنة 1981 فإنه صدر استناداً الى القانون 157 لسنة 1960 المعدل للقانون رقم 272 لسنة 1959 والذى نص على ضم المساجد الأهلية إلى وزارة الأوقاف وبالتالى فهذا القرار لم يكن نتيجة أو أثراً مترتباً على صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 492 لسنة 1981 وإنما صدر استقلالاً ومن ثم فلا يتم إلغاء هذا القرار بإلغاء قرار رئيس الجمهورية المشار اليه فضلاً عن أن المحكمة لم تتناوله في أسباب حكمها أو منطوقه على استقلال.

وبتاريخ 3/7/1985 أقام الطاعن الدعوى رقم 5264/39ق طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بالاستيلاء على ملك جمعية الهداية الإسلامية رئاسته وإخضاعه لإشراف وزارة الأوقاف وتعيين العاملين من تابعيها فيه وما ترتب على ذلك آثار. وقال شرحاً لدعواه أن الجمعية التى يرأسها تجرى إنشاء مسجد النور الملحق بمدرسة ومستشفى النور بشارع رمسيس بالقاهرة ولم يتم بناءهم إلى الآن رغم إقبال المصلين على المسجد لإقامة الشعائر الدينية وقد فوجئ بشرزمة من الأشخاص تحتل مبانى المشروع ملك الجمعية منذ صباح يوم الجمعة 28/6/1985 بوصفهم من عمال وزارة الأوقاف المكلفين من قبل وزير الأوقاف بالاستيلاء على المشروع بادعاء ضمه إلى أملاك واشراف وزارة الأوقاف بقرار من وزير الأوقاف. وأضاف قائلاً ان الجمعية المذكورة من الجمعيات الخاصة وتعتبر أموالها ملكاً لها ولها حرية وحصانة عملاً بحكم المادتين 34، 35 من الدستور وأن القرار المطعون فيه متعسف وباطل وينطوى على إساءة استعمال السلطة ومخالف للدستور والقانون.

وردت الحكومة على الدعوى بمذكرة دفعت فيها بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 1730/36ق الذى قضى بإلغاء القرار الجمهورى رقم 492/1981 وما ترتب عليه من قرارات وآثار وبالنسبة للموضوع أوضحت الحكومة أن الجمعية المدعية أنشأت مسجد النور بالعباسية وخصصته تخصيصاً جامعاً شاملاً لإقامة الشعائر الدينية وأداء الصلاة ومتى ثبتت له المسجدية فقد صار وقفاً لازماً ومؤبداً لا يجوز الرجوع فيه ولما كان القانون رقم 272 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 157 لسنة 1960 قد نص على أن تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد والإشراف عليها فإنه تنفيذاً لأحكام هذا القانون وإذ توفر في ميزانية الوزارة في العام 80/1981 مبلغ مليونى جنيه أصدر وزير الأوقاف القرار رقم 134 لسنة 1981 بضم ثلاثة وأربعين مسجداً أهلياً من بينها مسجد النور لوزارة الأوقاف.

وبجلسة 31/12/1985 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها في الدعوى رقم 5264/39ق وقضى بقبول الدعوى شكلاً وفى الطلب المستعجل برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعى مصروفاته وأقامت قضاءها على أنه يشترط لوقف تنفيذ القرار الإدارى توافر ركنين أساسيين أولهما : ركن الجدية والثانى: ركن الاستعجال وبالنسبة لركن الجدية فإن المادة الأولى من القانون رقم 157 لسنة 1960 بتعديل القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف قد نصت على أن ” …. تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد سواء صدر بوقفها إشهاد أو لم يصدر على أن يتم تسليم هذه المساحة خلال مدة أقصاها عشر سنوات تبدأ من تاريخ العمل بهذا القانون ويكون للوزارة الإشراف على هذه المساجد إلى أن يتم تسليمها… وقد أشارت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون إلى المبرر لما تضمنه هذا النص من ضم المساجد الأهلية إلى الوزارة بأن هذه المساجد يسودها الارتجال ولا يوجد بها من يتحمل مسئولية التعليم والأرشاد ولما كان مسجد النور بالعباسية من المساجد الأهلية فقد صدر قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 بضمه إلى وزارة الأوقاف استناداً للقانون المشار اليه وليس من شأن ضم هذا المسجد المساس به ولا يحول دون ممارسة الشعائر الدينية فيه بل أن ذلك يحقق مصلحة المسجد ومصلحة المسلمين بتعيين إمام وخطيب ومدرس لهذا المسجد حتى يضطلع رسالته ومن ثم ينتفى ركن الجدية في الطلب المستعجل مما يتعين معه الحكم برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ولا محل لتمسك المدعى بنص المادتين 34، 35 من الدستور لأنه لا يمكن قياس المسجد على الملكية الخاصة.

ومن حيث إن الطاعن يقيم طعنه على الحكمين الصادرين في الدعويين رقمى 585،ـ 5264/ 39ق على أساس أن الحكمين قد خالفا القانون للأسباب الآتية:

أولاً: أن الثابت من الدعوى رقم 1730/ 36ق الصادر في شأنها حكم التفسير في الدعوى رقم 585/39ق أن قرار وزير الأوقاف رقم 1346 لسنة 1981 لم يصدر إلا بتاريخ 6/9/1981 بمناسبة صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 134 لسنة 1981 بتاريخ 2/9/1981 بحل الجمعيات الإسلامية بحجة مساهمتها في إحداث الفتنة الطائفية المزعومة والتحفظ على رؤساء هذه الجمعيات وأعتقالهم في ذات التاريخ مما شجع وزير الأوقاف على إصدار قراره وشجع وزيرة الشئون الاجتماعية على إصدار قرارها رقم 301 لسنة 1981 ولا يجوز رد قرار وزير الأوقاف إلى أحكام القانون رقم 171 / 1959 المعدل بالقانون رقم 157 /1960 وما جاء بمذكرته الايضاحية من اتهام إدارة المساجد الأهلية بالارتجال وعدم المسئولية في التعليم والأرشاد لأن هذه هى ذات الأسباب التى برر بها رئيس الجمهورية قراره بحل الجمعيات الإسلامية ولذلك فإن حكم إلاء قرار رئيس الجمهورية يشمل قرار وزير الأوقاف المترتب عليه المبنى واقعياً وقانونياً على ذات أسبابه وهذا النص هو مبرر دعوى تفسير حكم الإلغاء الواضح الدلالة في أسبابه والدالة عبارة منطوقه على صحيح معناها دون غموض أو ابهام.

ثانياً: أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 5264/39ق وقد استند في رفض طلب وقف تنفيذ قرار وزير الأوقاف المطعون فيه إلى أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 157 لسنة 1960 ومذكرة الأخير الايضاحية بضم المساجد الى وزارة الأوقاف خلال عشر سنوات وعبارات هذا القانون ومذكرته تؤكد انصراف أحكامه إلى المساجد التى كانت قائمة فى تاريخ العمل به وتنفى عبارات هذا القانون تطبيقه على ما ينشأ من مساجد بعد تاريخه.

ثالثاً: أنه لو صح زعم الحكم المطعون فيه بإخضاع المساجد الأهلية للقانون رقم 157 لسنة 1960 سواء ما وجد منها بتاريخ صدوره وما أنشئ بعده فإن الثابت فعلاً وقانوناً أن ما وصفه الحكم بمسجد النور كان غيباً في تاريخ صدور قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 حيث بدأ اساساً بعد هذا القانون ومن غير المتصور والمعقول اعتبار الموقع المخصص للمسجد ضمن مبانى مشروعات الجمعية مسجداً قبل تمام تنفيذه واعداده للانتفاع به.

رابعاً: ان القانون رقم 272 لسنة 1959 المعدل بالقانون 157 لسنة 1960 صرح بأن تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد سواء صدر بوقفها إشهاد أو لم يصدر وذلك يعنى قصر تطبيقه على المساجد الموقوفة ولا يصح وقف إلا بإرادة صاحبه بل اشترط القانون في الوقف الكتابة المشهود عليها بما تضمنته بياناته الجوهرية من بيان الواقف والمال رقبة أو منفعة وشروط الواقف سواء في الإدارة أو المنفعة.

خامساً: أن ادعاء الحكم ان اشراف وإدارة وزارة الأوقاف على مسجد الجمعية إصلاح لشئون المسجد وفائدة للمسلمين ينطوى على إسراف في التعليل يبرر للحكومة مصادرة حقوق إدارة الأملاك الخاصة وانتهاك لحرمتها الدستورية التى كفلتها المادة 34 من الدستور.

سادساً: أن الحكم لم يسند ما ذهب اليه من عدم جواز قياس المسجد على الملكية الخاصة الى سبب من نص في قانون أو عقد أو إدارة من الجمعية التى لا تملك وقف أملاكها أو التصرف فيها في غير أغراضها المخصصة لها في نظامها الأساسى وفى القانون رقم 32 لسنة 1964 بشأن الجمعيات الخاصة.

ومن حيث أنه عن الدفع بعدم دستورية القانون رقم 157 لسنة 1960 المعدل للقانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف فيما نص عليه من ضم المساجد إلى وزارة الأوقاف فإن الطاعن يؤسس هذا الدفع على أن ما نص عليه القانون رقم 157 لسنة 1960 في المادة الأولى منه من ضم المساجد إلى وزارة الأوقاف خلال عشر سنوات من تاريخ العمل به يخالف نص المادتين 34، 57 من الدستور التى قررت أولاهما حماية الملكية الخاصة وعدم المساس بها وحظرت الثانية التعدى على أى حق أو حرية قررها الدستور.

ومن حيث أن المادة 34 من الدستور تنص على أن الملكية الخاصة مصونة ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبحكم قضائى ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقاً للقانون وحق الإرث فيها مكفول وتنص المادة 57 من الدستور على أن “كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التى يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم. وتكفل الدولة تعويضاً عادلاً لمن وقع عليه الاعتداء.

ويتضح من نص المادتين 34، 57 من الدستور المشار اليهما انهما قررا حماية الملكية الخاصة وصيانتها وعدم المساس بها إلا طبقاً للقانون وبحكم قضائى وكذلك حماية الحرية الشخصية وتقرير حرمة للحياة الخاصة للمواطنين لا يجوز الاعتداء عليها هى أو غيرها من الحقوق والحرمات العامة المكفولة بالدستور والقانون وأن هذا الاعتداء يشكل جريمة جنائية.

ومن حيث أن ما نص عليه القانون رقم 157 لسنة 1960 المعدل للقانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف في المادة الأولى منه على أن ” …. تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد سواء صدر بوقفها إشهاد أو لم يصدر على أن يتم تسليم هذه المساجد خلال مدة أقصاها عشر سنوات تبدأ من تاريخ العمل بهذا القانون.. ” … ليس فيه مساس بالملكية الخاصة ذلك أن من المسلم به في الفقه الاسلامى أن المساجد على حكم ملكا لله تعالى وليست ملكاً لأحد فإذا خصصت البقعة لتكون مسجداً خرجت من ملك صاحبها ولم تدخل فى ملك أحد وإنما تكون على حكم ملك الله تعالى وبالتالى فإذا كان المسجد ليس ملكاً لأحد فإن نص القانون رقم 157 لسنة 1960 بتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد لا ينطوى على مساس بملكية خاصة كما أن إدارة هذه الوزارة للمساجد ليس فيه اعتداد على الحرية الشخصية أو غيرها من الحقوق والحريات العامة التى نص عليها الدستور في الباب الثالث منه ومن ثم يكون الدفع بعدم دستورية المادة الأولى من القانون رقم 157 لسنة 1960 المشار إليه غير جدى ويتعين بالتالى رفضه.

ومن حيث أنه بالنسبة للطعن على الحكم الصادر في دعوى التفسير رقم 585/39ق فإن المادة 192 من قانون المرافعات تنص على أنه يجوز للخصوم أن يطلبوا الى المحكمة التى اصرت الحكم تفسير ما وقع في منطوقه من غموض أو ابهام ويقدم الطلب بالأوضاع المعتادة ويسرى عليه ما يسرى على هذا الحكم من القواعد الخاصة بطرق الطعن العادية وغير العادية.

ومن حيث ان من الاصول المسلمة ان سلطان المحكمة ينحسر عن الدعوى إذا ما أصدرت حكمها فيها بالرجوع إليها لتفسير الحكم ينبغى ألا يخل بهذا الأصل فلا يكون التفسير إلا بالنسبة لما قضى به الحكم في منطوقه أو أسبابه المرتبطة بالمنطوق ارتباطاً جوهرياً مكوناً منه أو مكملاً له كما لا يكون الا حيث يقع فى المنطق وغموض أو ابهام يقتضى الايضاح والتفسير لاستجلاء قصد المحكمة فيما يتفق وهذا القصد.

ومن حيث انه يتبين من الأوراق ان جمعية الهداية الإسلامية بالسويس كانت قد أقامت الدعوى رقم 1730 لسنة 36ق طلبت فيها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 492 لسنة 1981 وقرار وزيرة الشئون الاجتماعية رقم 301 لسنة 1981 وقرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 وبجلسة 19/4/1982 قضت محكمة القضاء الإدارى بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من حل جمعية الهداية الإسلامية بالسويس وما ترتب عليه من قرارات وآثار. ويبين من الاطلاع على حكم محكمة القضاء الإدارى في الدعوى رقم 1730/36ق المشار إليها أن أسبابه نصت كلها على قرار رئيس الجمهورية رقم 492 لسنة 1981 بحل الجمعية المذكورة وبيان اسانيد مخالفة هذا القرار للقانون سواء من حيث عدم توافر حالة الضرورة التى استند إليها في حل الجمعية أو من ناحية عدم الاختصاص بحل هذه الجمعية طبقاً لأحكام قانون الجمعيات الخاصة رقم 32 لسنة 1964 وإذ كانت المحكمة قد ضمنت حكمها سالف الإشارة اليه عبارة إلغاء القرار المطعون فيه .. وما ترتب عليه من قرارات وأثار” إلا أن المحكمة لم تبين في أسباب هذا الحكم المقصود بالقرارات المترتبة على قرار رئيس الجمهورية رقم 492 لسنة 1981 التى قضت بإلغائه حتى يشملها هذا الإلغاء بمقتضى المنطوق الأمر الذى لا شك يثير لبساً وخلافاً في كيفية تنفيذ هذا الحكم ويتمثل هذا اللبس والغموس في عدم وضوح وعدم تحديد القرارات التى ترتبت وصدرت نتيجة القرار الجمهورى المشار اليه بحل الجمعية وما إذا كان القرار رقم 301 لسنة 1981 الصادر من وزيرة الشئون الاجتماعية بحل الجمعية وقرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 الصادر بضم مسجد النور التابع للجمعية من القرارات المترتبة على قرار رئيس الجمهورية رقم 492 لسنة 1981 من عدمه وبالتالى فإن كيفية تنفيذ منطوق هذا الحكم فيما قضى به من إلغاء ما ترتب على القرار الجمهورى المشار اليه من قرارات يشوبه الابهام والغموض بسبب عدم تحديد القرارات المترتبة على القرار الجمهورى المقضى بإلغائه وإلغاء ما ترتب عليه من قرارات وهو أمر يستوجب الرجوع إلى المحكمة التى أصدرت الحكم لتفسير ما قصدته من عبارة ” وما ترتب عليه من قرارات وآثار ” الواردة في منطوق حكمها مما يجعل الدعوى رقم 585/39 ق بطلب تفسير هذا الحكم قائمة على أساس صحيح وسليم من القانون ويكون الطعن على الحكم الصادر في هذه الدعوى لا سند له من القانون متعيناً رفضه.

ولا ينال من ذلك ما ذهب اليه الطعن في هذا الصدد من قوله أن منطوق الحكم وعبارته واضحة الدلالة ولا غموض فيه أو ابهام استناداً إلى أن قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 لم يصدر بحل الجمعية ولذات أسباب القرار الأخير فهو مبنى عليه ومترتب وناتج عنه إذ أن هذا الذى أورده الطعن هو تفسير للحكم من وجهة نظر الجمعية الطاعنة لا أساس له من الحكم وأسبابه التى خلت من أى إشارة إلى تحديد القرارات المترتبة على قرار رئيس الجمهورية رقم 492 لسنة 1981 وخلت بالتالى من بيان كون قرار زير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 مترتباً على القرار الجمهورى المشار اليه وهذا ما استلزم اللجوء إلى المحكمة مصدرة الحكم في الدعوى رقم 1730 / 36ق لتفسير المقصود بهذه القرارات المترتبة على القرار الجمهورى سالف الذكر وعلى هذا فإن قول الطعن أن دعوى التفسير لا مبرر لها غير سليم لأنه متى كان منطوق الحكم الصادر في الدعوى رقم 1735/ 39ق يثير لبساً وخلافاً في كيفية تنفيذه من حيث تحديد ماهية القرارات المترتبة على القرار الجمهورى رقم 492 لسنة 1981 والتى يشملها الإلغاء وذلك بسبب عدم تعرض الحكم كلية لتحديد هذه القرارات فإن ذلك يكون مبرراً ومسوغاً لطلب تفسيره وبديهى أنه في هذا الصدد ومت قام بالحكم هذا الغموض واللبس فلا عبرة بتفسير أحد الخصوم وما يراه في هذا الشأن لأن مرد ذلك ليس إلى الخصوم وإنما إلى المحكمة التى اصدرت الحكم وقد انتهت المحكمة في تفسيرها إلى أن قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 بضم مسجد النور إلى وزارة الأوقاف ليس من القرارات المترتبة على القرار الجمهورى رقم 492 لسنة 1981 لأنه لم يكن نتيجة هذا القرار ولا أثراً من آثاره وهو تفسير سليم ولا وجه لما جاء بمذكرة الجمعية المقدمة بجلسة 1/6/1992 من أن هذا التفسير يناقض صريح عبارة منطوق الحكم إذ أن هذا التفسير ليس فيه مناقضة أو تعديل لمنطوق الحكم وكون هذا المنطوق أورد عبارة “وما ترتب عليه من قرارات وآثار” بصيغة الجمع لا يعنى أن يضاف الى قضاء الحكم بالإلغاء من القرارات ما لم يقصد الحكم إلى الغائه وإنما المقصود بذلك إلغاء ما هو أثر ونتيجة للقرار الجمهورى بحل الجمعية سواء كان قراراً أو أكثر فهذا هو المعول عليه والصحيح في تفسير هذه العبارة ومن الواضح أنه ليس من شأن صدور قرار بحل الجمعية المذكورة أن يترتب عليه حتماً ضم مسجد النور التابع لها إلى وزارة الأوقاف.

ومن حيث أنه بالنسبة للطعن على الحكم الصادر في الدعوى رقم 5264/39ق والذى قضى برفض طلب وقف تنفيذ قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 بضم مسجد النور إلى وزارة الأوقاف فإنه يشترط لوقف تنفيذ القرار الإدارى توافر ركنين الأول: ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها، والثانى : ركن الجدية وهو يتصل بمبدأ المشروعية بأن يكون إدعاء الطلب في هذا الشأن قائماً بحسب الظاهر من الأوراق على أسباب جدية يرجح معها الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه.

ومن حيث أن الجمعية الطاعن قد طلبت في دعواها وقف تنفيذ قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 بضم مسجد النور إلى وزارة الأوقاف.

ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن المادة الأولى من القانون رقم 157 لسنة 1960 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف تنص على أن “…تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد سواء صدر بوقفها إشهاد أو لم يصدر على أن يتم تسليم هذه المساجد خلال مدة أقصاها عشر سنوات تبدأ من تاريخ العمل بهذا القانون ويكون للوزارة الإشراف على هذه المساجد إلى أن يتم تسليمها. وبمقتضى هذا النص أناط القانون بوزارة الأوقاف إدارة المساجد الأهلية سواء صدر بوقفها إشهاد أم لم يصدر على أن تقوم الوزارة باستلام هذه المساجد خلال مدة أقصاها عشر سنوات من تاريخ العمل بالقانون المشار اليه وقد بررت المذكرة الايضاحية تحديد هذه المدة حتى تتمكن الوزارة من تدبير المال اللازم لتنفيذ القانون.

ومن حيث أنه يبين من الأوراق أن قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 الذى تضمن ضم عدد من المساجد الأهلية من بينها مسجد النور بالعباسية إلى وزارة الأوقاف قد صدر استناداً إلى أحكام القانون رقم 157 لسنة 1960 المعدل للقانون رقم 272 لسنة 1959 المشار إليها وإلى كتاب نائب وزير المالية رقم 4229 المؤرخ 6/11/1980 باعتماد مليونى جنيه لضم المساجد الأهلية في عام 80/1981 ومن ثم يكون هذا القرار قد صدر طبقاً لأحكام القانون رقم 157 لسنة 1960 الذى أجاز للوزارة ضم المساجد الأهلية وإدارتها ويكون القرار المشار اليه بحسب الظاهر من الأوراق قد بنى على أساس وسند من القانون مما ينتفى معه ركن الجديد اللازم لوقف تنفيذ وبناء عليه فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض طلب وقف تنفيذ القرار المشار اليه يكون سليماً ومتفقاً وحكم القانون.

ولا ينال من ذلك ما جاء بالسبب الأول من أسباب الطعن على هذا الحكم من أن القانون رقم 157 لسنة 1960 قد حدد مدة عشر سنوات من تاريخ العمل به لضم المساجد خلالها وأنه لا يجوز بالتالى ضم المساجد بعد هذه المدة إذ أن مفاد عبارة نص المادة الأولى من هذا القانون بأن يتم تسليم هذه المساجد خلال مدة أقصاها عشر سنوات أن تقوم وزارة الأوقاف بالاسراع في ضم هذه المساجد خلال تلك المدة ولكن ليس مؤدى ذلك أنه لا يجوز للوزارة ضم هذه المساجد بعد المدة المشار إليها وهذا المعنى واضح من المذكرة الايضاحية للقانون رقم 157 لسنة 1960 التى جاء بها “….بأنه نظراً لأن الصرف على هذه المساجد سيكون مما يمنح لوزارة الأوقاف من الميزانية العامة للدولة فقد روعى أن يتم تسليم المسجد خلال عشر سنوات حتى تتمكن الوزارة من توفير المال اللازم الذى يتطلبه تنفيذ هذا القانون وهذا يعنى أن ضم هذه المساجد يتوقف على تدبير الموارد المالية اللازمة لضم تلك المساجد إلى الوزارة وفى ضوء ذلك فإذا لم تتوافر الإمكانيات المادية للوزارة خلال هذه المدة لضم المساجد فهذا لا يعنى عدم جواز ضم المساجد بعد هذه المدة لأن نصوص القانون مفسراً بمذكرته الايضاحية توضح أن تحديد مدة العشر سنوات كحد أقصى مبناه وأساسه توافر الاعتماد المالى اللازم الضم وليس عدم جواز ضم المساجد بعد انتهاء هذه المدة.

أما القول بأن عبارات هذا القانون تؤكد انصراف أحكامه الى المساجد القائمة في تاريخ العمل به وتنفى تطبيقه على ما ينشأ من مساجد بعد هذا التاريخ فلا سند له ذلك أن نص المادة الأولى من القانون رقم 157 لسنة 1960المشار إليه قد نصت على أن “…..تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد سواء صدر بوقفها إشهاد أو لم يصدر. وواضح من هذا النص أنه ورد بصيغة عامة “إدارة المساجد” ولم يقيده بالمساجد القائمة وقت العمل بهذا القانون والقاعدة الأصولية أن العام يؤخذ على عمومه ما لم يرد ما يقيده وبالتالى فإن النص المشار اليه إذ لم يقيد بالمساجد القائمة وقت العمل به فإنه يطبق على المساجد القائمة وقت العمل به وما ينشأ من مساجد بعد هذا التاريخ وهو ما يتفق مع قاعدة الأثر المباشر للقانون بتطبيقه على ما يتم من وقائع من تاريخ العمل به ما لم يقيد القانون ذاته تطبيق أحكام بقيد زمنى معين هو غير قائم في القانون سالف الذكر الذى لم يقصر تطبيقه على المساجد القائمة وقت العمل به.

ومن حيث أنه عن السبب الثانى من أسباب الطعن المتعلق بأن مسجد النور كان غيباً وقت صدور قرار وزير الأوقاف المطعون فيه وأنه من غير المعقول اعتبار الموقع المخصص للمسجد ضمن مبانى مشروعات الجمعية مسجداً قبل تمام تنفيذه فإن الامة قد أجمعت على أن البقعة إذا عينت للصلاة بالقول خرجت عن جملة الاملاك المختصة بربها (بصاحبها) وصارت عامة لجميع المسلمين (يراجع تفسير القرطبى الجامع لأحكام القانون طبعة دار الشعب ص 466، كما جاء في البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم) أنه لا يحتاج في جعله مسجداً الى قوله وقفته ونحوه لأن العرف جار في الإذن بالصلاة على وجه العموم والتخلية بكونه وقفاً على هذه الجهة فكان كالتعبير به (يراجع مؤلف الوقف من الناحية التطبيقية والفقهية للأستاذ محمد سلام مدكور أستاذ الشريعة بكلية حقوق القاهرة ، طبعة 1961، ص24) وواضح من ذلك أن المكان تثبت له شرعاً المسجدية بالقول بتخصيصه مسجداً أو بالفعل بأداء فرائض الصلاة فيه ويعد مسجداً من هذا الوقت حتى ولو تراخى إتمام بنيانه إلى ما بعد ذلك، ولما كان الثابت من الكتيب المعد عن مشروع مسجد النور والمركز اسلامى وملحقاته بالعباسية المرفق بحافظة مستندات الطاعن المقدمة بجلسة 16/1/1994 أن محافظة القاهرة قد خصصت قطعة أرض مساحتها 4400 بالعباسية لإقامة هذا المشروع الاسلامى عليها والذى يضم مسجد النور وبعض الملحقات الأخرى من مستشفى ومعهد للقرآن الكريم ومكتبة اسلامية ومعهد للدعاة ومدرسة وقد قام فضيلة الدكتور/ ………… وزير الأوقاف وشئون الأزهر رحمه الله ورضى عنه نائباً عن السيد / رئيس الجمهورية بوضع حجر الأساس لهذا المشروع كما أن الثابت من هذا الكتيب أن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور/……………. شيخ الأزهر رحمه الله قد أم المصلين بأرض المشروع وثابت أن ذلك كله كان قبل عام 1980 ومن ثم تكون قد ثبتت مسجداً وأداء الصلاة فيها فعلاً وبالتالى فهذا المكان المخصص للمسجد دون غيره من المبانى الأخرى الملحقة به يعتبر شرعاً مسجداً من هذا التاريخ وهو تاريخ سابق على صدور قرار وزير الأوقاف المطعون فيه عام 1981 ويكون هذا القرار صحيحاً وورد على مسجد قائم شرعاً ولا عبرة في المسجدية كما تقدم بالبناء واتمامه، كما أن المسجدية لا تنتفى عن هذا المسجد بإنشاء هذه المبانى والملحقات.

ومن حيث أنه عن السبب الثالث من أسباب الطعن ومؤداه أن القانون رقم 157 لسنة 1960 صرح بأن تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد سواء صدر بوقفها إشهاد أم لم يصدر وهذا يعنى قصر تطبيقه على المساجد الموقوفة ولا يصح وقف إلا بإرادة صاحبه فإن الوقف لغة معناه الحبس والمنع شرعاً حبس العين عن التملك والتمليك وجعل منفعتها مخصصة لجهات معينة على سبيل البر والخير والانفاق في سبيل الله وهو ما عرف بالوقف الخيرى أو على سبيل الصلة والبر لم يعنيهم الواقف من أهله وقرابته وذوى رحمه أو غيرهم وهو الوقف الأهلى ولما كانت المساجد ليست محلاً للتملك والتمليك ولهذا فهى موقوفة بطبيعتها وإذا كان القانون رقم 48 لسنة 1946 في شأن الوقف قد اشترط في مادته الأولى لصحة الوقف صدور إشهاد رسمى به أمام المحاكم الشرعية إلا أنه لما كانت أحكام هذا القانون قد أخذت من المذاهب الإسلامية وقد اتفق الفقهاء جميعاً على جواز وقف المسجد ولزومه دون أن يصدر به إشهاد رسمى ومن ثم فلا يشترط الإشهاد (التوثيق) في وقف المسجد (مؤلف الوقف سالف الذكر ص 26، 27) وبناء على هذا فالمساجد هى وقف شرعاً بمجرد القول أو الفعل بأداء الصلاة فيها كما سبق القول سواء صدر بشأنها إشهاد رسمى أم لم يصدر لأن وقف المسجد صحيح ولازم دون اشتراط الإشهاد فيه وبذلك يفهم ما نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 157 لسنة 1960 من أن تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد سواء صدر بوقفها إشهاد أم لم يصدر ليشمل حكمه المساجد حتى تلك التى لم يصدر بها إشهاد رسمى تأكيداً من هذا القانون على أن المساجد طبقاً لما أجمع عليه فقهاء المذاهب الإسلامية لا يشترط لوقفها الإشهاد وترتيباً على المساجد الموقوفة غير سليم لأن المساجد كلها موقوفة بطبيعتها.

ومن حيث أنه عن السبب الرابع من أسباب الطعن المتعلق بأن إدعاء الحكم أن إدارة وزارة الأوقاف لمسجد الجمعية فيه إصلاح لشئون المسجد وفائدة للمسلمين ينطوى على إسراف في التعليل يبرر للحكومة مصادرة حقوق إدارة الأملاك الخاصة وانتهاكها لحرمتها الدستورية المكفولة بالمادة 34 من الدستور فقد سبق بيان أن المسجد ليس ملكاً لأحد وأنه بمجرد تخصيص المكان بالقول أو الفعل ليكون مسجداً تثبيت له المسجدية ويصبح وقفاً لازماً لا يجوز الرجوع فيه وقد اتفق جمهور الفقهاء على أن وقف المسجد يخرج به الموقوف عن ملك الواقف لأن المساجد خالصة لله تعالى فلا تبقى على ملك الواقف ولا تدخل في ملك أحد من العباد (مؤلف الوقف سالف الذكر ص8) وبناء عليه فإن تولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد ليس فيه مصادرة أو اعتداد على ملكية خاصة لأن المساجد ليست ملكاً لأحد بل هى خالصة لله تعالى ولا ينطوى ذلك على مخالفة لنص المادة 34 من الدستور.

ومن حيث أنه ترتيباً على ذلك فلا سند لما جاء بالسبب الخامس من أسباب الطعن من أن الحكم لم يسند ما ذهب اليه من عدم قياس المسجد على الملكية الخاصة إلى نص في قانون أو عقد ذلك أن أساس ما ذهب اليه الحكم ما هو مقرر شرعاً من أن المسجد ليس ملكاً لأحد وأنه خالص لله تعالى. اما ما جاء بهذا السبب من أن الجمعية لا تملك وقف أملاكها أو التصرف فيها في غير أغراضها المخصصة لها في نظامها الأساسى وفى القانون 32 لسنة 1964 فمردود بأنه فضلاً عن أن انشاء المساجد من أهم أغراض الجمعية باعتبارها جمعية اسلامية دون حاجة إلى نص وباعتبار أن اقامة المساجد من أفضل أعمال البر والخير فإن نظام الجمعية الأساسى قد نص في البند ثانياً منه على أن الغرض من الجمعية العمل في ميدان: 1- الخدمات الثقافية والصحية والدينية. 2- المساعدات الاجتماعية.

3- الاسرة والطفولة وذلك على الوجه الآتى:

(1) ……………  (2) ……………. (3) إنشاء المساجد وإدارتها.

ومن حيث أنه بالنسبة لما ذكره الطاعن في مذكرته المقدمة بجلسة 19/7/1992 منأن اتفاقاً تم بتاريخ 28/1/1987 بين جمعية الهداية الإسلامية بالسويس وبين شركة “المقاولون العرب” قضت المادة الرابعة منه بإطلاق يد الجمعية في إدارة شئون المركز الاسلامى ومنه مسجد النور وإنهاء مسئولية وزارة الأوقاف مالياً وإدارياً واعتبار ما أنفقته الوزارة تبرعاً منها للجمعية لا يرد وقد وافقت وزارة الأوقاف على هذا الاتفاق بخطاب السيد / وزير الأوقاف الموجه الى السيد / وزير الاسكان في 23/3/1978 وهذا يدل على ما أدركته وزارة الأوقاف من أن هذا المشروع الضخم ينبغى أن تقوم بإدارته التى صممته وقامت بإنشائه، فإنه يبين من الاطلاع على صورة خطاب السيد/ وزير الأوقاف المشار اليه أنه تضمن ما يلى : الأخ الفاضل المهندس/ وزير الاسكان – بالإشارة إلى قرار سيادتكم رقم 67 لسنة 1985 الصادر بتاريخ 17/7/1985 بتكليف شركة المقاولون العرب بتنفيذ أعمال استكمال مبنى “مسجد النور” الكائن بميدان العباسية بالقاهرة على أن يتم تمويل هذه الاعمال على نفقة وزارة الأوقاف.

أود التفضل بالإحاطة بأن جمعية الهداية الإسلامية التى كانت تتولى أعمال بناء المسجد المذكور قبل صدور قرار التكليف المشار اليه – قدمت طلباً للوزارة أبدت فيه استعدادها لاستكمال الأعمال المطلوبة للمسجد على نفقتها الخاصة.

كما تم الاتفاق بين السيد المهندس/ ……………. بصفته ممثلاً لشركة المقاولون العرب والجمعية المذكورة على استمرار الشركة في استكمال تنفيذ الاعمال الخرسانية الخاصة بالقباب والمآذن فقط للمسجد.

وقد وافق الوزارة على هذا الاتفاق.

لذا نرجو من سيادتكم باستصدار قرار بتعديل القرار رقم 67 لسنة 1985 وقصره على قيام شركة المقاولون العرب باستكمال تنفيذ الاعمال الخرسانية الخاصة بالقباب والمآذن فقط.

ويتضح من ذلك أن موافقة وزارة الأوقاف وردت على ما تم الاتفاق عليه بين الجمعية وشركة المقاولون العرب بقيام الشركة بتنفيذ أعمال الخرسانة الخاصة بالقباب والمآذن فقط بعد أن كانت الشركة مكلفة بتنفيذ كافة أعمال المسجد ولم يرد بهذا الخطاب أى اشارة إلى باقى بنود الاتفاق الذى ذكر الطاعن أنه تضمن إطلاق يد الجمعية في إدارة المسجد وإنهاء مسئولية وزارة الأوقاف مالياً وإدارياً، ومن ثم فلا يمكن أن ينسب إلى الوزارة أنها وافقت على إدارة الجمعية للمسجد المذكور.

ومن حيث أنه بناء على ما تقدم يكون الطعن على غير أساس من القانون متعيناً رفضه وإلزام الطاعن بالمصروفات.

 

* فلهذه الأسباب

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.

 

 

 

قرار وزير الأوقاف رقم 26 لسنة 1989 – القرارات الصادرة من وزير الأوقاف بضم المساجد الأهلية إلى وزارة الأوقاف هى قرارات صادرة من الوزير باعتباره سلطة عامة مخولة ضم المساجد إلى الوزارة – لا تصدر هذه القرارات من وزير الأوقاف بوصفه ناظراً للوقف يقوم على شئون الأموال الموقوفة – أثر ذلك : اختصاص القضاء الإدارى بنظر الطعن على قرارات وزير الأوقاف بضم المساجد الأهلية إلى الوزارة – تطبيق

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: محمد عبد الرحمن سلامة وسامى أحمد محمد الصباغ ومحمود إسماعيل رسلان مبارك وأحمد عبد العزيز أبو العزم.(نواب رئيس مجلس الدولة)

 

* الإجـــــراءات

 

فى يوم الأربعاء الموافق 21/4/1993 أودعت هيئة قضايا الدولة باعتبارها نائبة عن وزير الأوقاف بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 2390 لسنة 39 ق عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى – دائرة العقود والتعويضات – بجلسة 21/2/1993 فى الدعوى رقم 2527 لسنة 43 ق والقاضى بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى محكمة الجيزة الابتدائية للاختصاص، وانتهى تقرير الطعن لما قام عليه من أسباب إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم مجدداً باختصاص محكمة القضاء الإدارى بنظر الدعوى وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى بهيئة أخرى لتقضى برفض الدعوى وبإلزام المطعون ضده بصفته بالمصروفات والأتعاب عن الدرجتين.

وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص مجلس الدولة بنظر الدعوى وبإعادتها إلى محكمة القضاء الإدارى للفصل فيها بهيئة مغايرة مع إبقاء الفصل فى المصروفات.

ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة والتى قررت بجلسة 21/6/1999 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى موضوع لنظره بجلسة 1/8/1999 حيث نظر الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

 

* المحكمـــة

 

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.

ومن حيث إن عناصر المنازعة الماثلة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن المدعى بصفته أقام الدعوى رقم 2527 لسنة 43ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 19/4/1989 طالباً فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 26 لسنة 1986 فيما تضمنه من ضم المسجد وملحقاته والأرض الفضاء لبطلانه وعدم خروج الجمعية على قرار التخصيص الخاص بقطعة الأرض المقام عليها مقر الجمعية وما يترتب على ذلك من آثار، وقالت الجمعية شرحاً لدعواها إنه بتاريخ    /   /    19 وافق مجلس مدينة الجيزة على تخصيص قطعة أرض مساحتها 5000م2 تقع فى النصف الغربى من أرض الميدان الواقع فى المنطقة (م) لمدينة الأوقاف بالدقى وهى تابعة لوقف محمد سعيد الخيرى لتكون مقرا لجمعية الشبان المسلمين بالجيزة وأن تلك الأرض مسلمة من الأوقاف إلى المجلس المحلى بالجيزة تنفيذاً لأحكام القانون رقم 44 لسنة 1962 بتسليم الأعيان التى تديرها الأوقاف إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعى أو المجالس المحلية وذلك لإدارتها واستغلالها لحساب الوزارة، وأضافت الجمعية أن الأرض استغلت طبقاً لأهداف الجمعية إلا أنه نظراً لمرور الجمعية بصعوبات مالية قامت ببناء بعض المحلات حول سور الجمعية بما لا يؤثر على أنشطتها وهذه المحلات مملوكة للجمعية وتتقاضى عنها قيمة إيجارية، وبتاريخ 16/3/1989 ورد للجمعية خطاب هيئة الأوقاف المصرية والذى يفيد صدور قرار وزير الأوقاف رقم 26 لسنة 1989 ضم مسجد جمعية الشبان المسلمين بالدقى و ملحقاته ومن ضمنها الأرض الفضاء المذكورة بمحضر الضم بدعوى الخروج على قرار التخصيص.

وبجلسة 21/2/1993 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وأسست هذا الحكم على أن من المقرر أن هيئة الأوقاف المصرية تنوب قانوناً عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية فى إدارتها حسبما نص على ذلك القانون رقم 80 لسنة 1971 وأن نشاط وزير الأوقاف ومن بعده هيئة الأوقاف فى قيامها على شئون الأموال الموقوفة إنما هو نشاط ناظر الوقف وكان من المسلم أن الأوقاف من أشخاص القانون الخاص فإن النزاع لا يتصل بقرار إدارى أو منازعة إدارية وتخرج عن اختصاص القضاء الإدارى، كما أن المنازعة تنحصر فى إلغاء قرار فسخ إيجار قطعة الأرض محل التداعى وأن هيئة الأوقاف ووزير الأوقاف اتخذ القرار المطعون فيه بصفته ناظراً على الوقف وليس بوصفه سلطة عامة الأمر الذى يخرج المنازعة من اختصاص مجلس الدولة وينعقد الاختصاص بنظرها لمحكمة الجيزة الابتدائية.

ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم الطعين قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله حين أسس قضائه على أن المنازعة تنحصر فى إلغاء قرار فسخ إيجار قطعة الأرض محل الدعوى وأن وزير الأوقاف اتخذ القرار المطعون فيه بصفته ناظراً على الوقف وليس بوصفه سلطة عامة و وجه الخطأ فى هذا أن قرار وزير الأوقاف رقم 26 لسنة 1989 صدر بناء على أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 والقانون رقم 157 لسنة 1960 ومن ثم فالقرار المطعون فيه من قبيل القرارات الإدارية الصادرة تنفيذاً للقانون ومن وزير الأوقاف بصفته سلطة عامة وبالتالى فليس صحيحاً أنه صدر من الوزير بصفته ناظراً للوقف أو فى نزاع يتصل بالنظارة على الوقف فهو قرار إدارى توافرت له جميع أركان القرار الإدارى ومن ثم فلا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من عدم اختصاص القضاء الإدارى فى نظر النزاع الذى يثور بشأنه.

ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه إعمالاً للقانون رقم 44 لسنة 1962 قرر مجلس مدينة الجيزة بجلسته المنعقدة بتاريخ 30/1/1964 الموافقة على تخصيص النصف الغربى من الميدان الواقع بالمنطقة (م) بمدينة الأوقاف بالدقى وتبلغ مساحته 5000 متراً مربعاً والتابع لوقف محمد سعيد وسنان الخيرى لجمعية الشبان المسلمين بنصف أجرة المثل لإقامة نادى للجمعية عليها واعتمد محافظ الجيزة هذا القرار فى 15/3/1964، ونظراً لما أثير بشأن المخالفة لأغراض التخصيص والتأجير من الباطن لقطعة الأرض المذكورة قامت الإدارة العامة للملكية العقارية بهيئة الأوقاف فى 27/2/1979 بإجراء معاينة للأرض المخصصة للجمعية فتبين لها أنه أقيم عليها مبنى من دورين وفناء ومبنى آخر من دور واحد ومبنى ثالث من دورين ومشغولة بمحلات تجارية ومصانع ومعارض ومخزن، وقد تم رفع مذكرة من رئيس هيئة الأوقاف المصرية لوزير الأوقاف بعرض الأمر على لجنة شئون الأوقاف للنظر فى فسخ عقد الإيجار المبرم مع الجمعية فوافق سيادته على ذلك ووافقت اللجنة المذكورة بقرارها رقم 70 فى 23/10/1979 على فسخ العقد واعتمد هذا القرار من السيد الدكتور وزير الأوقاف.

كما أن الثابت من الأوراق أن الأرض المخصصة للجمعية قد أقيم على جزء منها مسجد افتتح عام 1969 وأنه نظراً لازدياد عدد السكان أصبح غير كاف لاستيعاب المصلين وأن دورة المياه لا تتناسب مع رواد المسجد فقد تقدم بعض الأهالى بطلب ضم جزء من أرض فضاء ملاصقة له لإقامة دورة مياه أكبر عليها وضم المسجد وحرمه (ما حوله من أرض فضاء) لوزارة الأوقاف حتى يمكن للأهالى توسيع المسجد وإقامة دورة مياه ودار للمناسبات، وقد تبين للجهة الإدارية أن مساحة المسجد 521 متراً مربعاً والمساحة المجاورة له 127.25 متر مربع وأن السيد وكيل وزارة الأوقاف لشئون الملكية والزراعة للعرض على لجنة الاستبدال لتحديد قيمة الأرض والعرض على لجنة شئون الأوقاف لتأجيرها اسمياً ورفعها من المساحة الكلية، وبتاريخ 29/7/1985 تقدم السيد/ رئيس مجلس إدارة جمعية الشبان المسلمين بمحافظة الجيزة بطلب لوزير الأوقاف بإلحاق مسجد الجمعية بالوزارة.

وفى 18/1/1989 صدر القرار المطعون فيه رقم 26 لسنة 1989 ناصاً فى مادته الأولى على أن يضم إلى وزارة الأوقاف مسجد الشبان المسلمين بالدقى ونص فى مادته الثانية على أن تضع مديرية أوقاف الجيزة يدها على ما يكون موقوفاً على المسجد المذكور من أعيان وملحقاته وخلافه، وتنفيذاً لهذا القرار قامت مديرية أوقاف الجيزة باستلام المسجد بموجب محضر قامت فيه بإثبات وصف المسجد لوجوده وملحقاته واثبت فى محضر الضم والاستلام أن المساحة الكلية بالفراغات 5000م2.

ومن حيث إن القرار رقم 26 لسنة 1989 بضم مسجد الشبان المسلمين بالدقى بمحافظة الجيزة هو قرار صادر من وزير الأوقاف باعتباره سلطة عامة مخولة ضم المساجد الأهلية إلى وزارة الأوقاف وليس صادراً عنه باعتباره ناظراً للوقف يقوم على شئون الأموال الموقوفة و يعد تصرفه بهذه المثابة فى شأن من شئون شخص من أشخاص القانون الخاص، ومن ثم فإن القرار الصادر بضم المسجد هو بلا جدال قرار إدارى مستكمل لأركانه وصادر عن وزير الأوقاف باعتباره ممثلاً للسلطة العامة ومفصحاً عن إرادتها بما لها من سلطة بمقتضى القانون بقصد إحداث مركز قانونى مما تختص بنظره محكمة القضاء الإدارى.

 

* فلهذه الأسباب

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص محكمة القضاء الإدارى بنظر الدعوى وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة للفصل فيها مجدداً بهيئة مغايرة وأبقت الفصل فى المصروفات.

 

 

 

المادة (1) من القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف معدلاً بالقانون رقم 157 لسنة 1960 – المذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه تتولى الدولة ممثلة فى وزارة الأوقاف إدارة جميع المساجد سواء صدر بوقفها إشهاد أو لم يصدر – أيا كان تاريخ انشاء المسجد سواء كان قائما فى تاريخ العمل بالقانون رقم 272 لسنة 1959 وما يقام منها بعد ذلك – أساس ذلك: أن المساجد متى أقيم وأذن للناس فيه بالصلاة يخرج من ملكية العباد إلى ملكية الله سبحانه وتعالى ويقوم بالإشراف عليه الحاكم الشرعى للبلاد – يهدف ذلك إلى تحقيق رسالة الدولة فى دعم التوجيه الدينى فى البلاد على وجه محكم وتأكيد مسئولياتها فى التعليم والإرشاد وما يتطلبه ذلك من وضع سياسة عامة لجميع المساجد والزوايا فى المدن والقرى بما يحفظ للتوجيه الدينى أثره ويبقى للمساجد الثقة فى رسالتها – مقتضى تنفيذ وزارة الأوقاف لهذه المهمة أن تبادر باستلام جميع المساجد القائمة – تنفيذ هذه المهمة يحتاج إلى توفير المال اللازم لذلك خاصة وأن معظمها لم تكن له موارد ينفق منها – مؤدى ذلك : عدم التقيد بمدة العشر سنوات المنصوص عليها فى المادة (1) من القانون رقم 272 لسنة 1959 التى تم تسليم المساجد خلالها للوزارة المذكورة – لا تثريب على الوزارة ان هى قامت فى أى وقت باستلام أى عدد من المساجد فى اطار ما توافر لديها من اعتمادات مالية – تطبيق.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار / على فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد معروف محمد وعادل محمود فرغلى والسيد محمد السيد الطحان وأحمد عبد العزيز أبو العزم نواب رئيس مجلس الدولة

 

* اجراءات الطعن

 

فى يوم الخميس الموافق 27/4/1989 أودع الأستاذ/ …………. المحامى نائبا عن الأستاذ/ …………. المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدول المحكمة برقم 1946لسنة 35ق عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى “دائرة منازعات الأفراد والهيئات” بجلسة 28/2/1989 فى الدعوى رقم 6175 لسنة 38ق والذى قضى بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعا وإلزام المدعى المصروفات، وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلغاء القرار المطعون فيه.

وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى مسببا ارتأت فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعن المصروفات.

ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التى قررت بجلسة 4/7/1994 احالته إلى المحكمة الإدارية العليا “الدائرة الاولى” لنظره بجلسة 9/10/1994، ونظر الطعن أمام المحكمة وبعد ان استمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوى الشأن على النحو المبين بمحضر الجلسة قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

 

* المحكمة

 

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات والمداولة.

ومن حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.

ومن حيث ان عناصر المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – فى أنه بتاريخ 7/7/1984 أقام ………………. رئيس جمعية التربية الاسلامية بمحافظة المنوفية الدعوى رقم 6175 لسنة 38 ق ضد : 1) وزير الدولة للأوقاف 2) محافظة المنوفية طالبا فى ختام عريضتها الحكم بالغاء القرار رقم 6 للسنة 1982 الصادر من المدعى عليه الأول فيما تضمنه من ضم مسجد الزناتى بشبين الكوم إلى وزارة الأوقاف وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ، وقال شرحا للدعوى أن المواطن ……………….. كان قد أقام على نفقته الخاصة مسجدا بالدور الأرضى بالعقار المملوك له بشارع مصطفى كامل بالبر الشرقى بمدينة شبين الكوم أطلق عليه مسجد الزناتى وبموجب اتفاق مؤرخ 12/4/1980 عهد إلى جمعية التربية الاسلامية التى يتولى المدعى رئاستها بإدارة هذا المسجد والإشراف عليها وتسلمت الجمعية المسجد بالفعل واتخذت منه مقرا لها. وأضاف المدعى أن وزير الدولة للأوقاف أصدر القرار رقم 6 لسنة 1984 متضمنا ضم المسجد المشار إليه مع مساجد أخرى إلى وزارة الأوقاف فتظلم من هذا القرار بتاريخ 20/3/1984 غير أن مديرية أوقاف المنوفية أخطرته بتاريخ 27/5/1984 بأنها لم ترشح هذا المسجد للضم وأن ضمه تم بترشيح من المحافظ واستطرد المدعى قائلا أن الفقرة الاخيرة من المادة الأولى من القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف وتعديل لائحة إجراءاتها والمعدلة بالقانون رقم 157 لسنة 1960 قد حددت مهلة أقصاها عشر سنوات تبدأ من تاريخ العمل به يتعين على الوزارة خلالها تسلم المساجد وإدارتها وقد صدر القرار المطعون فيه بعد انقضاء هذه المهلة، كما أن هذا القرار قد خلا من أية أسباب تحمله وتبرر إصداره وفضلا عن ذلك فإن الثابت من رد مديرية أوقاف المنوفية على التظلم المقدم  منه أن وزارة الأوقاف لم تكن لديها أسباب تبرر ترشيح ذلك المسجد لضمه إلى وزارة الأوقاف وأن الضم تم بناء على طلب محافظ المنوفية مما يكشف بجلاء عن  أأنه لم تتوافر لدى مصدر القرار حالة واقعية أو قانونية تبرر إصداره، وقدم المدعى حافظة مستندات ومذكرتين بدفاعه صمم فيهما على الطلبات، كما قدمت الجهة الإدارية حافظة مستندات ومذكرة بردها على الدعوى.

وبجلسة 28/2/1989 قضت محكمة القضاء الإدارى بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعا وإلزام المدعى المصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها على أن القرار المطعون فيه صدر استنادا إلى أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959معدلا بالقانون رقم 157 لسنة 1960 والذى تقضى أحكامه بضم جميع المساجد الأهلية إلى وزارة الأوقاف وذلك بالنظر إلى أهمية الدور الذى تؤديه تلك المساجد فى توجيه المسلمين وهذه الأهمية اقتضت من الدولة أن تكون متبصرة وواعية لخطورة المساجد فى حياة المسلمين فحرصت على عدم تركها للارتجال ونظرا إلى أن ضم المساجد الأهلية إلى وزارة الأوقاف يقتضى وجود مبالغ مالية كبيرة لذلك حرص المشرع على النص على أن تتولى وزارة الأوقاف الاشراف على جميع المساجد على أن ذلك يغنى عن ضرورة ضم المساجد إلى الوزارة حتى لا يقتصر الأمر على مجرد الإشراف عليها وإنما يمتد إلى الهيمنة عليها بما للوزارة المذكورة من سلطة فى هذا الشأن فحرص المشرع على وضع برنامج زمنى يرتبط بإمكانيات الدولة المادية مقتضاه العمل تدريجيا على أيلولة جميع المساجد الأهلية إلى  وزارة الأوقاف خلال مدة عشر سنوات اعتبارا من تاريخ العمل بالقانون رقم 157 لسنة 1960 المشار إليه وأن انقضاء المدة المذكورة لا يحول دون سعى الوزارة نحو تحقيق هذا الضم كلما توافرت لديها الاعتمادات المالية اللازمة لما لهذا الضم من مصلحة لجمهور المسلمين، وبذلك يكون القرار المطعون فيه قد بنى على أساس سليم من القانون وصدر محمولا على الأسباب المبررة له..

ومن حيث ان الطعن يقوم على أسباب حاصلها أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ تطبيقه وتأويله ذلك لأن القانون رقم 272 لسنة 1959 معدلا بالقانون رقم 157 لسنة 1960 وقد نص على تحديد مدة زمنية لضم المساجد هى عشر سنوات اعتبارا من تاريخ العمل بهذا القانون هو تحديد صريح وحازم لا يجوز الخروج عليه، وإن ما جاء بالمذكرة الإيضاحية من أن الكثير من المساجد يخضع للارتجال ويترك شأنها للظروف ولا يوجد بها من يحسن مسئولية النصح والأرشاد فذلك لا ينطبق على المسجد محل النزاع  إذ أن القائم عليه هو جمعية التربية الإسلامية بالمنصورة المشهرة من قبل مديرية الشئون الاجتماعية بالمنوفية والمعتمدة لديها والتى تقوم بدورها على أكمل وجه وليس أدل على ذلك من أن وزارة الأوقاف ذاتها لم تطلب ضم هذا المسجد وإنما تم ضمه بناء على طلب محافظ المنوفية، يضاف إلى ذلك أن القائمين على الجمعية سالفة الذكر وبالتالى المسجد من المتخصصين فى مجال الدعوة والمشهود لهم بالكفاءة وأصبح هذا المسجد بتوفيق من الله مركز إشعاع إسلامى وتربوى فى البيئة التى يقع بها إلى أن صدر قرار ضمه إلى وزارة الأوقاف التى تعانى من نقص شديد فى الدعاة والإمكانيات المادية اللازمة للقيام بالدور المنوط بها وبذلك فليس من الصالح العام هذا المسجد إلى وزارة الأوقاف، وقدم المطعون ضده مذكرة بدفاعه طلب فى ختامها الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات.

ومن حيث إنه صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 157 لسنة 1960 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف ولائحة إجراءاتها وينص فى المادة (1) منه على أن يضاف إلى المادة (1) من القانون رقم 272 لسنة 1958 المشار إليه فقرة أخيرة نصها الآتى “كما تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد سواء صدر بوقفها إشهاد أم لم يصدر على أن يتم تسليم هذه المساجد خلال مدة أقصاها عشر سنوات تبدأ من تاريخ العمل بهذا القانون، ويكون للوزارة الإشراف على إدارة هذه المساجد إلى أن يتم تسليمها، وتتولى أيضا الإشراف على إدارة الزوايا التى يصدر بتحديدها قرار من وزير الأوقاف وتوجيه القائمين عليها لتؤدى رسالتها الدينية على الوجه الصحيح “وجاء فى المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أنه لكى يتم التوجيه الدينى فى البلاد على وجه محكم فإن الأمر يقتضى وضع سياسة عامة لجميع المساجد والزوايا فى المدن والقرى تستهدف نقاء المادة العلمية وسلامة الوجهة التى يعمل لها الخطباء والمدرسون، وقد لوحظ أن عددا كبيرا من المساجد لا يخضع لإشراف وزارة الأوقاف وهذه المساجد يسيطر عليها الارتجال ويترك شأنها للظروف ولا يوجد بها من يحمل مسئولية التعليم والإرشاد، ولما كان بقاء هذه الحال قد ينقص من قيمة التوجيه الدينى ويضعف الثقة برسالة المساجد ويفسح الطريق لشتى البدع والخرافات خصوصا وأن ما يقال فوق منابر المساجد إنما يقال باسم الله، لذلك فإن الأمر يقضى بوضع نظام للإشراف على هذه المساجد بحيث يكفل تحقيق الأغراض العليا من التعليم الدينى العام وتوجيه النشئ وحمايتهم من كل تفكير دخيل. لذلك فقد رؤى أن تتولى وزارة الأوقاف إدارة جميع المساجد سواء صدر بوقفها إشهاد أم لا حتى مع مساجد الوزارة فى أداء واجبها الدينى على نحو سليم ………… وتحقيقا لهذا الغرض أعدت وزارة الاوقاف مشروع القانون بأن تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد سواء صدر بوقفها إشهاد أم لا على أن يتم استلام هذه المساجد فى مدة أقصاها عشر سنوات وإلى أن يتم هذا الاستلام يكون للوزارة الإشراف على المساجد لتؤدى رسالتها الدينية على الوجه الصحيح، ولما كانت هذه المساجد لا يوجد لها موارد ينفق عليها منها وأن الصرف عليها سيكون مما يمنح لوزارة الأوقاف من الميزانية العامة للدولة فقد روعى النص على أن يتم تسليم المساجد خلال عشر سنوات حتى تتمكن الوزارة من توفير المال اللازم الذى يتطلبه تنفيذ القانون ………. والبين مما تقدم أن الدولة إدراكا لرسالتها فى دعم التوجيه الدينى فى البلاد على وجه محكم وتأكيدا لمسئوليتها فى التعليم والإرشاد وما يتطلبه ذلك من وضع سياسة عامة لجميع المساجد والزوايا فى المدن والقرى تستهدف نقاء المادة العلمية وسلامة الوجهة التى يعمل لها الخطباء والمدرسون بما يحفظ للتوجيه الدينى أثره ويبقى للمساجد الثقة فى رسالتها، ويكفل تحقيق الاغراض – العليا للتعليم الدينى العام وتوجيه النشء وحمايتهم من كل تفكير دخيل ويقضى على البدع والخرافات وكل ذلك اقتضى أن تتولى الدولة ممثلة فى وزارة الأوقاف إدارة المساجد ومن ثم كان النص فى الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من القانون رقم 272 لسنة 1959 المضافة بالقانون رقم 157 لسنة 1960 المشار إليها بأن تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد سواء صدر بوقفها إشهاد أم لم يصدر وقد جاءت عبارة النص عامة شاملة وبموجبه فإن إدارة المساجد سواء صدر بوقفها إشهاد أم لم يصدر وأيا كان تاريخ إنشائها أو الجهة التى أنشأتها أصبحت منوط بوزارة الأوقاف وتدخل ضمن مسئولياتها وواجباتها سواء فى ذلك ما كان قائما منها فى تاريخ العمل بهذا القانون وما يقام منها بعد ذلك بحسبان أن المسجد متى أقيم وأذن للناس فيه بالصلاة يخرج من ملكية العباد إلى ملكية الله سبحانه وتعالى ويقوم بالاشراف عليه الحاكم الشرعى للبلاد، وإذ كان مقتضى تنفيذ وزارة الأوقاف للمهمة الملقاة على عاتقها بموجب القانون المشار إليه أن تبادر الوزارة باستلام جميع المساجد القائمة آنذاك وكان تنفيذ هذه المهمة يقتضى توافر المال اللازم لذلك وأن جل هذه المساجد إن لم يكن كلها لم يكن له موارد ينفق عليها منها وأن الصرف عليها سيكون مما يمنح لوزارة الأوقاف وتمن ثم فقد راعى القانون النص على أن يتم تسليم المساجد خلال عشر سنوات وهذا الميعاد هو ميعاد تنظيمى قصد به إفساح المجال حتى تتمكن الوزارة من توفير المال اللازم الذى يتطلبه تنفيذ القانون وبناء على ذلك فلا تثريب على وزارة الأوقاف فى القيام فى أى وقت بتسلم أى عدد من المساجد سواء ما كان منها قائما وقت العمل بالقانون وما يقام منها بعد ذلك طبقا لما يتوفر لديها  من اعتمادات مالي لإدارتها حسبما يمليه عليها القانون ودون أن تقيد فى هذا الشأن بمدة العشر سنوات سالفة الذكر، ويكون تصرف الوزارة فى هذا الشأن مشروعا ومتفقا مع أحكام القانون.

ومن حيث إنه كان ذلك كذلك وكان المسجد محل النزاع هو أحد المساجد الأهلية وقد صدر قرار وزير الدولة للأوقاف رقم 6 لسنة 1984 متضمنا ضمه مع مجموعة من المساجد الأهلية بمحافظة المنوفية إلى وزارة الأوقاف وقد صدر هذا القرار استناداً إلى أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 157 لسنة 1960 المشار إليها فان هذا القرار يكون قد صدر صحيحا مطابقا لحكم القانون ويكون الطعن عليه مفتقرا لسنده الصحيح خليقا بالرفض.

ومن حيث إنه ترتيبا على ما تقدم وإذ قضى الحكم المطعون فيه بذات النظر المتقدم فانه يكون قد أصاب الحق فيما قضى الأمر الذى يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا وإلزام الطاعن المصروفات.

 

* فلهذه الأسباب

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الطاعن المصروفات.

 

 

 

 

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى