موسوعة المحكمه الاداريه العليا

فى الطعن رقم 4461  لسنة 44 القضائية عليا

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

الدائرة الأولى – موضوع

********************

 

بالجلسة المنعقدة علناً يوم السبت الموافق 10/11/2003

برئاسة السيد الأستاذ المستشار / د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز

                     رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / السيد محمد السيد الطحان ويحيى خضرى نوبى محمد و أحمد عبد الحميد حسن عبود و محمد أحمد محمود محمد.                                                                              نواب رئيس مجلس الدولة

وبحضور السيد الأستاذ المستشار / رضا عثمان                             مفوض الدولة

وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس

                                                 سكرتير المحكمة

 

أصدرت الحكم الآتي

فى الطعن رقم 4461  لسنة 44 القضائية عليا

 

المقام من :

  • أسامة صالح السعداوى
  • سعاد محمود السعداوى

 

   ضـــــــد

        1 – رئيس الجمهورية                          ” بصفته “

         2- وزير الداخلية                                       ” بصفته “

         3- وزير الدفاع                                           ” بصفته “

 

    فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود والتعويضات)      

        فى الدعويين رقمي 2586 و 4968 لسنة 46 ق بجلسة 22/2/1998

 

 

——————————————–

الإجـــراءات  :

————–

 

        في يوم الثلاثاء الموافق 21/4/1998 أودع الأستاذ / أحمد أبو العلا خليل المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 4461 لسنة 44 قضائية عليا في الحكم الصادر مـن محكمة القـضاء الإداري ” دائرة العقود والتعويضات ” في الدعويين رقمي 2586 و 4968 لسنة 46 ق. بجلسة 22/2/1998 والقاضي منطوقه أولاً :…………….

ثانياً: في الدعوى رقم 2586 لسنة 46ق : (أ) بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة بالنسبة لطلب التعويض عن قرار الاعتقال, وألزمت المدعية المصروفات.

        (ب) بعدم اختصاصها ولائياً بنظر طلب التعويض عن التعذيب وأمرت بإحالته بحالته إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية للاختصاص.

ثالثاً: الدعوى رقم 4968 لسنة 46ق : بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وإلزام رافعها المصروفات.

 

        وطلـب الطاعــنان – للأسبــاب الـواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً للطاعنين بطلباتهم بالتعويض الأدبي من جراء اعتقال مورثهم / صالح إبراهيم السعداوي , وبما يخصهم من تعويض مورثهم نفسه من جراء صدور الاعتقال مع تحمل المطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.

 

وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو الثابت بالأوراق.

وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه  الحكم بعدم قبول الطعن على الحكم الصادر في الدعوى رقم 2586 لسنة 46 ق. وبقبول الطعن شكلاً بالنسبة للدعوى رقم 4968 لسنة 46ق. وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدى للطاعنين التعويض المناسب عما لحق بمورثهم من أضرار أدبية ومادية من جراء اعتقاله لمدة ثلاث سنوات اعتباراً من 10/10/1968 وحتى 24/8/1971, والتعويض عن الأضرار الأدبية التي لحقت بهم أنفسهم من جراء القرار المذكور مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.

 

وعـين لنظر الطعـن أمـام دائـرة فحـص الطعون بهذه المحكمة جـلسة 3/3/2003  وبجـلسـة 5/5/2003 قــررت تلك الـدائـرة إحـالـة الـطعـن إلى المحكمة الإداريـة العـليا ( الدائرة الأولى – موضوع ) وحددت لنظره أمامها جلسة 17/5/2003 وبعد تداولـه بالجلسات علــى النحــو الثابت بمحـاضـرها – قررت المحكمة بجلسة 18/10/2003 إصدار الحكم بجلسة 20/12/2003 مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء فى شهر وبالجلسة الأخيرة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 27/12/2003 لاتمام المداولة, وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.

 

المـحـــــكمــة

***********

 

        بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.

من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – في أنه أقيمت أمام محكمة القضاء الإداري الدعاوى المضمومة رقم 72 لسنة 46ق المقامة من صالح إبراهيم السعداوي ورقم 2586 لسنة 46 المقامة من أسماء إبراهيم صالح إبراهيم السعداوي و 4968 لسنة 46ق المقامة من الطاعنين وآخرين وقد أقيمت هذه الدعوى الأخيرة ابتداء برقم 8615 لسنة 1987 م. ك.ج./ القاهرة – أمام محكمة جنوب القاهرة بموجب صحيفة مودعة قلم كتابها بتاريخ 28/6/1987 مختصمين كل من : (1) رئيس الجمهورية ” بصفته ” (2) وزير الدفاع ” بصفته ” (3) وزير الداخلية ” بصفته ” طالبين الحكم بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا لهم مبلغ ثلاثين ألف جنيه على سبيل التعويض جبراً للأضرار المادية والأدبية التي لحقت بهم من جراء اعتقال وتعذيب المدعى الأول (مورث الطاعنين) والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة على سند من القول بأنه في فجر يوم 22/8/1965 فوجئ المدعي بالشرطة تهاجم مسكنه دون توجيه أي اتهام إليه ونقله إلى السجن الحربي حيث قام المدعي عليهم وتابعوهم بتعذيبه بالضرب بالسياط وحرمانه من الطعام والشراب وحبسه في زنزانة ضيقة دون ذنب جناه ثم قدم للمحاكمة في سبتمبر سنة 1966 وحكم عليه بالسجن لمدة سنتين إلا أنه مكث في السجن – حتى بعد انتهاء مدة العقوبة في عام 1968 – بدون سبب حتى أفرج عنه في 25/8/1971 – أي أنه ظل في السجن بين اعتقاله وتنفيذ العقوبة ما يزيد على ستة أعوام وقد ترتب على ذلك إصابته بأضرار مادية وأدبية جسيمة من جراء ذلك ، كما أن ورثته المدعين المذكورين أصابتهم أضرار مادية تمثلت في حرمانهم من دخل عائلهم ، علاوة على ما أصابهم من أضرار نفسية ، وذلك على النحو الموضح تفصيلاً بصحيفة الدعوى .

 

وبجلسة 25/12/1988 حكمت المحكمة المذكورة حكماً طعن فيه طرفا الخصومة بالاستئنافين رقمي 1471 و 10431 لسنة 106ق أمام محكمة استئناف القاهرة فقضت بجلستها المنعقدة في 13/2/1991 :

أولاً  : بقبول الاستئنافين الأصلي والفرعي شكلاً .

ثانياً : بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الشق الخاص بالتعويض عن الاعتقال والفصل من الوظيفة وإحالة الأوراق بشأنه إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيه وعلى قلم كتاب تلك المحكمة تحديد جلسة لنظر الموضوع وإخطار الخصوم بها .

ثالثاً : بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للسيد / رئيس الجمهورية رابعاً: بالنسبة لموضوع الاستئناف الأصلي والفرعي تصويب الحكم المستأنف إلى إلزام المستأنف ضدهما الثاني والثالث بصفتهيما بأن يدفعا للمستأنف الأول بالتضامن مبلغ خمسة عشر ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته من جراء تعذيبه على أيدي تابعيهما وألزمتهما المصروفات و 20 جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة .

        ونفاذاً لهذا الحكم أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري وقيدت بجدولها برقم 4968 لسنة 46ق .

 

        وأثناء تحضير الدعوى أمام هيئة مفوضي الدولة لدى محكمة القضاء الإداري أودع الحاضر عن المدعين بجلسة 13/7/1995 حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية من إعلام وراثة شرعي يفيد وفاة المدعي الأول صالح إبراهيم السعداوي وأن ارثه الشرعي انحصر في ورثته المذكورين بإعلام الوراثة ومنهم زوجته ( سعاد محمود السعداوي (المدعية الثانية) وابنه / أسامه صالح إبراهيم السعداوي ( المدعي الثالث ) وبصحيفة معلنة قانوناً في 11- 9 و 17 – 9 لسنة 1995 تم تصحيح شكل الدعوى في مواجهة ورثة المدعي الأول .

 

        وبجلسة 22/2/1998 قضت محكمة القضاء الإداري ” دائرة العقود الإدارية والتعويضات ” في الدعوى رقم 4968 لسنة 46 ق بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وإلزام رافعها المصروفات .

 

وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن عدم ثبوت صفة الوكيل بالخصومة رافع الدعوى عن المدعين بعدم إيداع التوكيل إن كان خاصاً أو تقديمه للمحكمة وإثبات رقمه وتاريخه بمحضر الجلسة إن كان عاماً يترتب عليه الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة ، وكان الثابت أن الدعوى رقم 4968 لسنة 46ق قد أقيمت من المعتقل / صالح إبراهيم السعداوي وابنته وزوجته ، وعقب وفاته تدخل ورثته في الدعوى وهم زوجته وابنه وابنته حسبما ثبت بصحيفة تصحيح شكل الدعوى وإعلام الوراثة المقدمين حال تحضيرها لدى هيئة مفوضي الدولة – ولم يقدم الحاضر عنهم سند وكالته عنهم وخلت محاضر جلسات المرافعة مما يثبت تلك الوكالة وكانت الأوراق قد خلت مما يثبت صفة المحامي رافع الدعوى عن الورثة المتدخلين في الدعوى .

 

        ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفه الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله للأسباب الموضحة تفصيلاً بتقرير الطعن وتوجز في أن وكيل المدعين في الـدعـوى رقـم 4968 لـسنة 46 ق – والتي أقيمـت مـن المعـتقـل / صالح إبراهيم السعداوي – رحمه الله وابنه أسامة وزوجته سعاد – وقد تم تصحيح شكل هذه الدعوى في مواجهة ورثته المذكورين وهما زوجته و ابنه أسامة – قد حضر عنهما – بتوكيل عام رسمي رقم 1920 لسنة 1995 عام إلا أن الحكم الطعين قد التفت عن ذلك التوكيل رغم ثبوته بالأوراق المنضمة في الدعاوى الثلاث الصادر فيها الحكم المطعون فيه ، فإنه بذلك يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ، طالبين لذلك الحكم بإلغائه والقضاء للورثة بما يستحقون من تعويض أدبي .

 

          من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر على نحو ما سبق بيانه في معرض تحصيل لوقائع الدعاوى المضمومة رقم 72 لسنة 46ق ورقـــم 2586 لسنـــة 46 ورقم 4968 لسنة 46 .

 

          ومن حيث إن الطعن الماثل أقيم من أسامة صالح السعداوى وسعاد محمود السعداوى وهما من المدعين في الدعوى رقم 4968 لسنة 46 ومن ثم يتحدد نطاق الطعن فيما قضى به الحكم المطعون فيه في الدعوى رقم 4968 دون سواها .

 

          ومن حيث إنه من المقرر أن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يطرح المنازعة في الحكم المطعون فيه برمتها ويفتح الباب أمامها لتزن هذا الحكم بميزان القانون وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التي تعيبه وذلك دون التقيد بالأسباب الواردة بتقرير الطعن بحسبان أن الأمر في المنازعات الإدارية مرده إلي مبدأ المشروعية نزولاً علي سيادة القانون ، وإن أثر ذلك أن يكون للمحكمة سلطة تعديل الحكم المطعون فيه وإلغائه ، وإذا ما انتهت إلي إلغائه أمامها لغير مخالفة لقواعد الاختصاص فعليها إذا كان موضوعه صالحاً للفصل فيه أن تفصل فيه مباشراً ولا تعيده إلي المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ولا يختلف إلغاء الحكم لبطلانه عن إلغائه لغير ذلك من الأسباب .

 

          ومن حيث إنه متي ثبت من مطالعة الأوراق أن الدعوى موضوع الطعن الماثل أقيمت ابتداء أمام القضاء العادي بموجب صحيفة موقعة من المحامي / فايز جاد محمد وهو الذي أودعها قلم كتاب المحكمة بموجب توكيل رسمي عام عن المعتقل / صالح إبراهيم السعداوي مورث الطاعنين و توكيلين خاصين عن الطاعنين المذكورين سلفاً وهذه التوكيلات سابقة علي رفع الدعوى ومودعة ضمن أوراق الدعوى ، وعلي ذلك تكون هذه الدعوى مقامة من ذي صفة ومن ثم تكون الخصومة قد انعقدت صحيحة أمام المحكمة المدنية .

 

        ومـن حيث إنـه متى ثبـت ذلك ، فإنـه لا يترتب على الحكـم بعــدم الاختصاص والإحالة إلى محكمة القضاء الإداري سالف الذكر انقضاء الخصومة بل تمتد وتظل قائمة أمام المحكمة المحالة إليها الدعوى ، ويعتد أمامها بما تم من إجراءات في هذه الدعوى قبل الإحالة ، بحيث تبقى تلك الإجراءات صحيحة و منتجة لآثارها في ظل تتابع سير الدعوى أمام المحكمة التي أحيلت إليها وأية إجراءات جديدة في الدعوى تبدأ من حيث انتهت تلك الإجراءات فيها أمام المحكمة التي أحالتها.

 

          ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك وكان الثابت أن التوكيلات الصادرة للمحامى المذكور لم تلغ من الموكلين، وظلت قائمة، فمن ثم يكون له تمثيل موكليه بمراحل سير الدعوى حتى يفصل في موضوعها نهائياً.

 

          وإذ ثبت أن المحامى المذكور هو الذي باشر إجراءات تصحيح شكل الدعوى في مواجهة الطاعنين بعد وفاة مورثهم ( المدعى  الأول ) أمام محكمة القضاء الإداري طبقاً لما سلف بيانه ومن ثم يكون هذا الإجراء قد صدر من ذي صفة، فضلاً عن أن المحامى المذكور أودع توكيلاً رسمياً عاماً صادراً إليه من الطاعنين برقم 1920/ب – 1995 مكتب توثيق شربين النموذجي في 10/10/1995 في الدعوى وبذلك يكون قد ثبتت صفة الوكيل بالخصومة رافع الدعوى نيابة عن الطاعنين وبالتالي تكون الدعوى موضوع الطعن الماثل مرفوعة من ذي صفة.

 

          وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى غير هذه النتيجة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون الطعن عليه في محله مما يتعين معه القضاء بإلغائه.

 

          ومن حيث إن الطعن مهيأ للفصل في موضوعه.

          ومن حيث إن الطلبات الختامية للطاعنين اقتصرت على المطالبة بتعويض عن الأضرار الأدبية التي أصابتهما نفسيهما من جراء اعتقال مورثهما / صالح إبراهيم السعداوي وبما يخصهما من تعويض مورثهما المذكور نفسه من جراء صدور قرار الاعتقال .

 

          ومن حيث إن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية الصادرة منها هو وجود خطأ من جانبها يتمثل في عدم مشروعية القرار الإداري وأن يلحق ضرر بصاحب الشأن من جراء هذا الخطأ وتقوم علاقة السببية المباشرة بين هذا الخطأ وذلك الضرر.

 

          ومن حيث إنه بالنسبة لركني الخطأ فإن الثابت من مطالعة الأوراق أن جهة الإدارة نسبت إلى مورث الطاعنين أنه انتمى لجماعة الإخوان المسلمين المنحلة ومارس نشاطاً لصالح نشر أفكارها ومبادئها في أوساط الجماهير بهدف استقطاب العناصر الصالحة منهم وضمها لصفوف الجماعة – كما شارك في دفع الاشتراكات التي تسهم في دعم أنشطة الجماعة المناهضة والتي تهدف إلى تغيير الشكل الاجتماعي للبلاد وقلب نظام الحكم بالقوة وأنه تم اعتقال المذكور بالقرار الجمهوري رقم 2607 لسنة 1965 بتاريخ 22/8/1965 وقدم للمحاكمة وصدر الحكم بالقرار بسجنه لمدة ثلاث سنوات واستمر اعتقاله بالقرار الجمهوري رقم 4/15 لسنة 1968 بتاريخ 10/10/1968، وأفرج عنه بالقرار الجمهوري رقم 2167 لسنة 1971 بتاريخ 24/8/1971.

 

          ومن حيث إنه متى ثبت مما تقدم أن مورث الطاعنين كان مسجوناً خلال الفترة من 22/8/1965 حتى 10/10/1968م، تنفيذاً لحكم قضائي، ولما كان من المقرر أن الحكومة لا تسأل عن الأضرار الناشئة عن الأعمال القضائية، ومن ثم فإنه لا وجه للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي حاقت بالطاعنين و بمورثهما خلال تلك الفترة لعدم تكامل أركان المسئولية الإدارية بسبب انتفاء الخطأ في جانب جهة الإدارة، ومن ثم يتعين القضاء برفض هذا الطلب.

 

          ومن حيث إنه لما كان الثابت من مطالعة ديباجة القرار الجمهوري رقم 1514لسنه1968 الصادر بتاريخ 10/10/1968 ، باعتقال  مورث الطاعنين أنه صدر استناداً إلى القانون رقم 199لسنه1964م ، بشأن بعض التدابير الخاصة بأمن الدولة وكان قد سبق أن قضت المحكمة العليا في الدعوى رقم5 لسنه 7ق دستورية بجلسة 1/4/1978م بعدم دستورية المادة الأولى من القانون رقم119 لسنة 1964م سالف الذكــر قبل تــعديله بالقانون رقم59 لسنة1968 – والذي عمل به اعتباراً من 7/11/1968 – ومتى كان ذلك، وكان الثابت أن قرار الاعتقال سالف الذكر قد صدر خلال سريان المادة الأولى من القانون رقم 119 لسنة1964 قبل تعديلها  بالقانون رقم 59 لسنة 1968، ومن ثم فإنه بالترتيب على ما نشأ من واقع قانوني كشف عنه حكم المحكمة العليا ( الدستورية ) المشار إليه يكون القرار الجمهوري باعتقال مورث الطاعنين المشار إليه قد افتقد سنده القانوني الذي مصدره نص تشريعي قضى بعدم دستوريته، الأمر الذي يضحى معه قرار الاعتقال المذكور باطلاً مما يشكل ركن الخطأ المستوجب لمسئولية الإدارة.

 

          ومن حيث إنه من جهة أخرى فإنه لما كان الثابت أن الجهة الإدارية قد عادت واعتقلت مورث الطاعنين بالقرار الجمهوري رقم 1514 لسنة 1968 اعتباراً من 10/10/1968 حتى تم الإفراج عنه بتاريخ 24/8/1971 بموجب القرار الجمهوري رقم 2167 لسنة 1971م.

 

          ومن حيث إن جهة الإدارة لم تنسب إلى مورث الطاعنين ما يبرر معاودة اعتقاله مرة أخرى ولم تكشف عن أي واقعة مادية يستفاد منها معاودة المعتقل المذكور لنشاطه أو يستدل منها على مظاهر نشاطه المناهض لنظام الحكم على النحو الذي يؤدى إلى القول بخطورته على الأمن والنظام العام، ولما كانت الخطورة على الأمن حالة موقوتة غير ملازمة لصاحبها، ومن ثم يتعين أن تتوافر الدلائل الجدية على استمرار تلك الحالة مقرونة بوقائع جديدة تكشف عنها كسبب مشروع للاعتقال وهو ما خلت منه أوراق الطعن، وبذلك لم يثبت بأدلة جديدة توافر سبب لاعتقاله، ومن ثم يكون قد امتنعت أسباب الاعتقال وموجباته، ويغدو قرار الاعتقال غير مشروع.

 

          ومن حيث إنه بالنسبة للأضرار الأدبية المطالب بالتعويض عنها، فإنه لما كان مؤدى نصوص المواد 163و 17و 171 من القانون المدني أن الضرر ركن من أركان المسئولية وثبوته شرطٌ لازمٌ لقيامها والقضاء بالتعويض تبعاً لذلك، يستوي في إيجاب  التعويض عن الضرر أن يكون هذا الضرر مادياً يصيب المضرور في جسمه أو ماله أي  في كيانه المادي أو أدبيا يصيب المضرور في كيانه المعنوي أي إيذائه في أي معنى من المعاني التي يحرص الناس على المحافظة عليها0

 

        ومن حيث إن الضرر الأدبي هو الضرر الذي يقع على مصلحة غير مالية، فيصيب الشرف والاعتبار أو يؤذى السمعة ويحط من الكرامة أو ينال من العواطف والمشاعر والأحاسيس الإنسانية، فهي كلها أعمال تصيب المضرور ولا شك وتدخل إلى قلبه الغم والأسى والحزن وتهز من كيانه ووجدانه، وتحط من قدره بين أقرانه وبالتالي يحق لمن وقع عليه مثل هذا الضرر الأدبي أن يطالب بتعويض عما لحقه من أضرار0

 

        ومن حيث إنه عن مطالبة الطاعنين بحق مورثهم في التعويض عن الضرر الأدبي الذي أصابه من جراء قرار الاعتقال فإنه لما كان الثابت من مطالعة الأوراق – أن هذا القرار قد أصاب المعتقل نفسه بأضرار أدبية في مقدمتها حرمانه من حريته الشخصية كأغلى ما يعتز به الإنسان كما ترتب عليه المساس بكرامته واعتباره والآلام النفسية التي صاحبت ذلك والمعاناة النفسية التي اعتصرته من جراء التدابير والإجراءات التي اتخذت ضده , وحسبه أن تجرع مرارة الظلم والإحساس بالألم والمرارة , وألقى به في غياهب الاعتقال دون ما ذنب جناه , مهدر للكرامة , سليب الحرية , مبعداً عن المجتمع , محالاً بينه وبين ذويه , فضلاً عما بذله من ذات نفسه لدرء ما حاق بها من هوان إذ صنف في عداد المشتبه فيهم والخطرين على الأمن العام , وهذه الإيذاءات دون ما ريب أضرار ناجمة مباشرة عن القرار الباطل باعتقاله – ما كان أغناه عنها لو لم يعتقل ظلماً واعتسافاً – وذلك على نحو يقيم رابطة السببية بين الخطأ والضرر بما مؤداه تكامل أركان المسئولية الموجبة للحكم بالتعويض .

 

        ومن حيث إن الثابت أن مورث الطاعنين حال حياته قد أقام عن نفسه الدعوى المنوه بها سلفاً مطالباً بحقه في التعويض عن الضرر الأدبي الذي لحقه من جراء قرار اعتقاله , ثم توفى أثناء سير الدعوى , فإن هذا الحق ينتقل إلى ورثته عملاً بحكم المادة 222 من القانون المدني .

 

        ومن حيث إنه من المقرر أن التعويض يشمل كل ضرر مباشر – متوقعاً كان هذا الضرر أو غير متوقع , وعلى ذلك يقدر التعويض بمقدار الضرر المباشر الذي أحدثه الخطأ , ويدور معه وجوداً أو عدماً , وهو من الأمور الموضوعية التي تخضع لتقدير قاضى الموضوع , وإذ ثبت من مطالعة الإعلام الشرعي الخاص بمورث الطــــــــاعنين المرحوم / صالح إبراهيم السعــــداوي أن من ورثته زوجته ( الطاعنة الثانية ) وتستحق  ثمن تركته فرضاً , وابنه / أسامه ( الطاعن الأول ) ويستحقان باقي التركة تعصيباً للذكر مثل حظ الأنثيين .

 

        ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم , فإنه يتعين القضاء بإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها بما يستحقه مورث الطاعنين من تعويض عما أصابه من ضرر أدبي تقدره المحكمة بمبلغ ( 3000 جنيه ) ثلاثة آلاف جنيه , يوزع بين الطاعنين من ورثته حسب أنصبتهم الشرعية .

 

        ومن حيث إنه بالنسبة لمطالبة الطاعنين بتعويضهما عن الأضرار الأدبية التي لحقتهما من جراء اعتقال مورثهما , فإنه لا ريب أن قرار الاعتقال – كما أصاب المعتقل نفسه بأضرار أدبية, فإنه حتماً قد أصاب الطاعنين أيضاً بصفتهما من ذويه – زوجته وابنه – بأضرار أدبية شخصية مباشرة نتيجة الحرمان من عائل الأسرة – الأب والزوج – وشعورهم بالمذلة والهوان بسلب حرية مورثهم وحرمان الجميع من عواطف وحنان ورعاية الأب والزوج – إلى جانب ما رتبه اعتقال مورثهم في نفوسهم من قلق ومرارة وحزن وآسى , فضلاً عن الآلام النفسية الأخرى نتيجة نظرة أقرانهم وذويهم إليهم كأقارب المعتقل والإساءة إلى سمعتهم وكرامتهم وتدنى وصفهم الاجتماعى بين ذويهم  ومعارفهم,  وهى كلها أضرار أدبية يتعين تعويض الطاعنين عنها تعويضاً رمزياً تقدره المحكمة بألفي جنيه ( 2000 جنيه ) توزع بين الطاعنين بالتساوي .

 

        ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات .

 

 

” فلهذه الأسبـــــــــــاب “

******************

حكمت المحكمة :

***************

بقبول الطعن شكلاً , وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى في الدعوى رقم 4968 لسنة 46 ق وبإلزام المطعون ضده الثاني بأن يؤدى للطاعنين عن نفسيهما وبصفتيهما وريثين مبلغ خمسة آلاف جنيه مصري تعويضاً عن الضرر الأدبي الذي لحق بمورثهما وأصابهما من جراء اعتقاله على النحو المبين بالأسباب وألزمت جهة الإدارة المصروفات .

 

 

 

سكرتيــــر المـحـكمـة                                               رئيـــس المحـكمـة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

———-

… منى …

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى