موسوعة المحكمه الاداريه العليا

في الدعوى رقم 251 لسنة 56 ق

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

محكمة القضاء الإداري

عقود إدارية وتعويضات

الدائـــــرة الخامسة

بالجلسة المنعقدة علناً يوم الثلاثاء الموافق 28/2/2006 .

برئاسة السيـــــد الأستاذ المستشار                  / أحمــــــد مرســــــى حلمـــــــي                   نائب رئيس مجلس الدولة

رئـــــــيس المحكمـــــــــة

وعضوية السيد الأستاذ المستشار                             / أحمد عبد الراضــــــــي محمـــد        نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السيد الأستاذ المستشار                             / محسن إبراهــــــيم أحمـــــــــــد          مستــشار مجلــس الدولة

وحضور السيد الأستاذ المستشار                    / خــــــــــالد عتريـــــــــــــــــــس        مفـــوض الدولــــــــــــــة

وسكرتارية السيد                                      / رأفـــــــــــــت إبراهيــــــــــــــم         سكرتيــــــــــر المحكمــة

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى رقم 251 لسنة 56 ق

المقامة من

ياسر محمد عباس سيد

ضــــــــــــــــــــــد

وزير الداخلية ………. ” بصفته ”

الوقـــــــــائع

أقام المدعي دعواه الماثلة بعريضة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 7/10/2001 طلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدي له التعويض الذي تقدره المحكمة جبراً للأضرار المادية والأدبية التي أصابته من جراء اعتقاله خلال المدة من 5/5/1993 وحتي تاريخ رفع هذه الدعوى مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة .

وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه قد تم اعتقاله بتاريخ 5/5/1993 وأنه مازال معتقلا حتي تاريخ رفع هذه الدعوى رغم أنه لم يتوافر في شأنه ثمة حالة من الحالات المنصوص عليها في المادة الثالثة من القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ، الأمر الذي يصم قرارات اعتقاله بعيب مخالفة القانون وتخلف ركن السبب.

واستطرد المدعي قائلاً أنه قد ترتب على اعتقاله أصابته بأضرار مادية تمثلت فيما لحقه من خسارة وما فاته من كسب بحرمانه من مصدر رزقه طوال مدة اعتقاله وذلك بخلاف ما أصابه من أضرار أدبية تمثلت في أحساسة بالحزن والأسى لتقييد حريته وإهدار كرامته والإساءة إلى سمعته بين أهله وذويه، الأمر الذي حدا به إلى عرض النزاع بشأن طلب التعويض عنها على لجنة التوفيق في بعض المنازعات بوزارة الداخلية بالطلب رقم 4932 لسنة 2001.

وأختتم المدعي صحيفة دعواه بطلب الحكم له بالطلبات سالفة البيان.

وتم تحضير الدعوى لدي هيئة مفوضي الدولة على النحو الوارد بمحاضر جلساتها حيث قدم الحاضر عن المدعى حافظتي مستندات طويتا على إيصال باستلام الطلب الذي قدم من المدعى إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات وشهادة رسمية صادرة من مكتب النائب العام باعتقال المدعى على النحو الثابت بها .

وأودعت الهيئة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الدعوى ارتأت في ختامه الحكم بقبول الدعوى شكلا ، وفي الموضوع بإلزام المدعى عليه “بصفته ” بأن يؤدي للمدعى التعويض الذي تراه المحكمة جابراً لمال حقه من أضرار مادية وأدبية من جراء اعتقاله في الفترة من 13/12/1993 حتي 10/12/2001 وإلزامه بالمصروفات.

وقد نظرت المحكمة الدعوى على النحو الثابت بمحاضرها حيث قدم الحاضر عن الدولة حافظة مستندات طويت على مذكرة جهة الإدارة بأسباب اعتقال المدعى ، وصورة طبق الأصل من قراري اعتقال المدعى بتاريخ 13/12/1993 و4/4/1998 كما قدم مذكرة دفاع طلب في ختامها الحكم برفض الدعوى مع إلزام المدعى المصروفات . وقدم الحاضر عن المدعى حافظة مستندات صوت شهادة رسمية صادرة من مكتب النائب العام تفيد اعتقاله على النحو الموضح بها .

تابع الحكم في الدعوى رقم 251 لسنة 56 ق

وبجلسة 25/10/2005 قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

” المحكمــــة “

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.

حيث إن المدعي يطلب الحكم بقبول الدعوى شكلا ، وفي الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدي له التعويض المناسب جبرا للإضرار المادية والأدبية التي أصابته من جراء اعتقاله خلال الم\ة من 5/5/1993 وحتي تاريخ رفع هذه الدعوى مع إلزامه ” بصفته ” المصروفات.

وحيث أن الدعوى قد استوفت سائر أوضاعها الشكلية المقررة قانوناً، ومن ثم فإنها تكون مقبولة شكلاً.

وحيث إنه عن الموضوع فإنه من المقرر قضاءً أن مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية الصادرة منها هو وجود خطأ من جانبها بأن يكون القرار الصادر منها غير مشروع لصدوره مشوباً بعيب أو أكثر من العيوب المقررة قانوناً، وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر وأنه تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر.

وحيث أن المادة الثالثة من القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ تنص على أنه “لرئيس الجمهورية متى أعلنت حالة الطوارئ أن يتخذ بأمر كتابي أو شفوي التدابير الآتية:

  • وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور في أماكن أو أوقات معينة والقبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام واعتقالهم والترخيص في تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات.

ومفاد هذا النص أنه ولئن كان لرئيس الجمهورية في حالة الطوارئ سلطة إصدار أوامر شفهية أو مكتوبة بالقبض على بعض الأشخاص واعتقالهم إلا أن تلك السلطة مشروطة ومقيدة قانوناً في نطاقها ومداها بحيث لا تتناوله سوى المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام، ومن ثم يتعين أن يستند قراره إلى وقائع حقيقية منتجه في الدلالة على هذا المعنى، بأن يرتكب الشخص فعلاً في الواقع ينطوي على خطورة خاصة على الأمن والنظام العام، وفيما عدا هاتين الحالتين لا يجوز التعدي على الحقوق والحريات العامة التي كفلها الدستور للمواطنين أو المساس بها، إذ أن نظام الطوارئ هو نظام استثنائي  في أصل مشروعيته يستهد غايات محدده وليس فيه ما يولد سلطات مطلقة، ولا مناص من التزام ضوابطه والتقيد بموجباته، فلا يجوز التوسع في أحكامه أو القياس عليه، بل يجب أن يظل هذا النظام في دائرة المشروعية بأن يدور في فلك القانون وسيادته ويتقيد بحدوده وضوابطه المرسومة.

ومتى كان ذلك فإن رقابة القضاء الإداري تمتد للتحقق من مدى صحة الحالة الواقعية و القانونية التي تكون ركن السبب في قرار الاعتقال وتجد حدها الطبيعي في التحقق عما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها القرار مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول ثابتة في الأوراق تنتجها مادياً أو قانونياً (في هذا المعنى حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2894 لسنة 45ق عليا جلسة 9/2/2002)

وحيث إنه على هدى ما تقدم وكان الثابت من مطالعة الأوراق المودعة بملف الدعوى أنه بتاريخ 13/12/1993 تم اعتقال المدعى وتكررت قرارات اعتقاله على النحو الثابت تفصيلا بالشهادة الرسمية الصادرة من مكتب التظلم من أوامر الاعتقال بمكتب النائب العام وأنه ما زال معتقلا حتي ورود كتاب وزارة الداخلية إلى  مكتب النائب العام بتاريخ 10/12/2001 وذلك لكونه سببا أفصحت جهة الإدارة في معرض ردها على الدعوى – ينتمي إلى جماعة سرية مسلحة تقوم على اعتناق الفكر المتطرف واستخدام العنف بغرض زعزعة الأمن والاستقرار .

بيد أنه هذا السبب الذي ساقته الجهة الإدارية لا يعدو أن يكون قولاً مرسلا خلت الأوراق من أي دليل مادي يسانده ويدعمه، خاصة وأن وصم الشخص بالخطورة على الأمن والعام والنظام العام، وما يؤدي إليه ذلك من تأثير على حريته وسمعته يجب أن يكون مرتكناً على أسباب مستنده من أصول صحيحة تنتجها مادياً وقانونياً وهو ما يفتقده قرارات الاعتقال التي صدرت في شأن المدعي مما يجعلها بعيده عن المشروعية ويتوافر بذلك ركن الخطأ في حق الجهة الإدارية مصدرة قرارات الاعتقال، وليس من شك في أن أضراراً عديدة لحقت بالمدعي من جراء اعتقاله تمثلت في غل يده فجأة عن إدارة شئونه وترتيب مقتضيات حياته، وما تكبده من نفقات في سبيل العمل على دفع ما حق به من الجور والحيف وتدبير أمر الدفاع عنه والسعي إلى إنهاء اعتقاله كل ذلك من شأنه حتماً الأضرار مادياً به وأثقاله بمصروفات ما كان أغناه عنها لولا اعتقاله، فضلا عن الضرر الأدبي الذي أصاب شخصه من جراء اعتقاله والمساس بكرامته واعتباره

 

تابع الحكم في الدعوى رقم 251 لسنة 56 ق

والألام النفسية التي صاحبت ذلك، ووطأة الإحساس بالظلم والمعاناة، وما ترتب على ذلك من إهدار للحرية والمساس بها كأعظم ما يعتبر به الإنسان.

وحيث أن تلك الأضرار إنما هي نتيجة مباشرة الاعتقال المدعى مما يتوافر معه علاقة السببية بين خطأ جهة الإدارة وما لحق بالمدعى من أضرار الأرم الذي تكتمل معه عناصر مسئولية جهة الإدارة .

وحيث إن التعويض إنما شرع لجبر الضرر ويدور معه وجودا وعدما ويقدر بقدره ، فمن ثم تقدره المحكمة تعويضا جابراً لما أصاب المدعى من أضرار مادية وأدبية من جراء اعتقاله في الفترة من 13/12/1993 وحتي 7/10/2001 بمبلغ أربعة وعشرون ألف جنيه .

وحيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة 184/1 من قانون المرافعات.

” فلهـــــذه الأسبــــــاب “

حكمت المحكمة: بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلزام المدعى عليه ” بصفته ” بأن يؤدي للمدعي تعويضاً مقداره أربعة وعشرون ألف جنيه وألزمته بصفته  المصروفات.

              سكرتير المحكمة                                                         رئيس المحكمة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ناسخ / ياسر عبد الحميد

 

 

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى